الصرف
الصرف exchange هو عملية استبدال عملة ما بمعادلها من عملة أخرى، كاستبدال الدولار[ر] بالليرات السورية أو استبدال اليورو[ر] بالدولار. وصرف العملة أو استبدالها قد يكون يدويّاً كأن يأتي حامل الليرات السورية إلى المصرف أو أحد محلات الصرافة فيستبدل الليرات بها دولارات أو العكس، وقد يكون الصرف عن طريق الحسابات المصرفية: كأن يكون لأحدهم حساب مفتوح بالدولار في بلد آسيوي ويرغب في السفر إلى أحد بلدان الاتحاد الأوربي حيث له حساب باليورو، فيطلب من مصرفه تحويل مبلغ معين من حسابه بالدولار إلى حسابه المفتوح باليورو، فيكون بذلك قد صرف كمية معينة من الدولارات بمكافئها من اليورو، وتم تحويلها عبر المصرف.
والصرف عملية حديثة النشأة نسبياً ترجع أساساً إلى أوائل القرن العشرين. في الماضي غير البعيد كان الناس يتعاملون داخليّاً وخارجيّاً بالمعادن الثمينة المصكوكة نقوداً وكان التعامل يتم على أساس وزن القطع النقدية ومحتواها من المعدن الثمين، الذهب أو الفضة، وبالقيمة التجارية لهذين المعدنين. وفي تلك المرحلة لم يكن الأمر يتعلق بعملية صرف الذهب بالفضة أو العكس وإنما مجرد مبادلة أحدهما بالآخر مثل مبادلة أي سلعة بأخرى.
ولكن بعد استخدام النقود الورقية في التداول على نحو منفصل عن معادلها المعدني، أصبحت كل دولة تحدد قيمة وحدتها النقدية بمعادل ذهبي أو فضي وتعطيها قوة إبرائية محددة داخل حدود ترابها الوطني، ولا تلتزم في كل الحالات استبدال الذهب أو الفضة بها. وهكذا فإن قيمة الوحدات النقدية لم تعد ثابتة، وغير ملزمة لأحد خارج التراب الوطني. ولهذا كانت المعاملات تتم بين الشعوب إما بالمعادن الثمينة أو بعملة البلد البائع، مما كان يقتضي اللجوء إلى صرف العملات الوطنية بالذهب أو بالعملات الأجنبية لدفع أثمان البضائع التي يجري شراؤها خارج حدود الوطن.
الصرف والتجارة الدولية
حتى الحرب العالمية الأولى كانت المبادلات الداخلية والخارجية تجري بنقود ذات قيمة ثابتة على قاعدة الذهب، أما خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها، وفي ضوء ما أحدثه الإنفاق الحربي الواسع من إصدار نقود ورقية كثيرة دون تغطية معدنية لها، لم تعد أي من الدول قادرة على استبدال الذهب بأوراقها المصرفية.ومع تزايد عمليات الإصدار النقدي الورقي لتمويل متطلبات الحرب فقدت عملات الدول كثيراً من قيمتها وبنسب متفاوتة مما كان له أثر كبير في استقرار المعاملات الدولية.
فعند ارتفاع مكافئ العملة الوطنية في بلد ما قياساً بعملات الدول الأخرى تصبح تكلفة إنتاج السلع في هذا البلد مرتفعة بالمقارنة مع تكاليف إنتاج السلع المماثلة في باقي الدول. ويؤدي ذلك إلى تدني صادرات هذا البلد وزيادة وارداته، فيحصل عجز في ميزانه التجاري مع العالم الخارجي. ومن شأن هذا العجز أن يزيد في عرض عملته الوطنية وزيادة الطلب على العملات الأجنبية لتمويل المستوردات مما يقود إلى تغير معاكس في اتجاه مكافئ العملة الوطنية، وميل سعر صرفها إلى الانخفاض، فيعود اتجاه الصادرات إلى الارتفاع والواردات إلى الانخفاض. يتضح من ذلك أن التغيّر في مكافئ العملات بعضها مع بعض يكون سبباً في عدم استقرار التجارة الدولية، ويؤدي إلى اختلالات في الموازين التجارية وموازين المدفوعات في دول العالم، مما يحدث اختلالات في المعاملات الدولية. ولكن إذا حدث هذا التغير بصورة عفوية ودون تدخل من الدول فإنه يتحول إلى وسيلة لتحقيق التوازن العفوي بين أسعار صرف العملات تبعاً للقوى الاقتصادية لهذه الدول، وقدراتها التصديرية التنافسية.
عوامل تحديد أسعار الصرف
يتحدد مكافئ عملة أي بلد أو سعر صرفها في ضوء الوضع الاقتصادي للبلد وطاقاته الإنتاجية العاملة، كما يؤدي وضع الميزان التجاري دوراً فاعلاً في تحديد مكافئ النقد الوطني. فكلما كان الميزان التجاري رابحاً يرتفع سعر صرف العملة الوطنية، والعكس صحيح.
ولسياسة الإصدار النقدي، من حيث الاتجاه نحو التوسع (زيادة الإصدار) أو الاتجاه نحو الانكماش (نقص الكتلة النقدية قياساً بقيم الإنتاج) دور حاسم في تحديد مكافئ القدرة الشرائية للنقد الوطني، ومن ثمَّ في سعر صرف الوحدة النقدية معبراً عنه بوحدات النقد الأجنبي أو بأجزاء منها. تتحدد القدرة الشرائية للنقد بالعلاقة بين قيم السلع والخدمات المنتجة في الاقتصاد الوطني من جهة، والكتلة النقدية الموضوعة في التداول من جهة أخرى، ومن أجل تلافي حدوث تقلبات كبيرة في تكافؤ أسعار صرف العملات المختلفة فيما بينها بما يهدد استقرار التجارة الدولية، تم الاتفاق في مؤتمر «بريتون وودز[ر]» المنعقد في نهاية الحرب العالمية الثانية، على إقرار نظام نقد دولي يسمح بتحديد أسعار صرف ثابتة لعملات الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي [ر].
نظام الصرف الثابت
في مؤتمر بريتون وودز تمَّ إقرار نظام صرف ثابت، وتحديد مستوى تكافؤ أسعار صرف العملات فيما بينها، وأوكل إلى صندوق النقد الدولي مراقبة ذلك، فقد التزمت الدول الأعضاء في الصندوق تحديد سعر تكافؤ عملاتها الوطنية بالذهب والدولار. كما تم تحديد سعر تكافؤ الدولار بالذهب أيضاً، كما التزمت الدول بأن تتولى مصارفها المركزية ضمان استقرار سعر تكافؤ عملاتها الوطنية مقابل الذهب والدولار بتدخلها في أسواق الصرف عند الضرورة. فنظام الصرف الثابت يعني تحديد أسعار تكافؤ مستقرة بين كل من العملات الوطنية والذهب والدولار، وتثبيت أسعار التكافؤ بين هذه العملات على نحو غير مباشر.
في ظل نظام الصرف الثابت يمكن لسعر صرف أي عملة أن يتغير ضمن هامش (+ آو -2.25%) وفي حال تجاوز التغير هذه النسبة يتوجب على المصرف المركزي التدخل لتصحيح الوضع. كما سمح نظام صندوق النقد الدولي لأي دولة تحريك سعر صرف عملتها المحدد سابقاً في حدود (+ أو -10%) على أن تعلم صندوق النقد الدولي بذلك لاحقاً. أما إذا كانت الضرورة تقتضي أن يتجاوز التغيير حدود 10% فيجب على الدولة أخذ موافقة الصندوق مسبقاً بعد دراسة أوضاع الدولة الاقتصادية، ويقوم صندوق النقد الدولي بإبلاغ أي تغيير في سعر الصرف إلى جميع الدول الأعضاء.
غير أن نظام الصرف الثابت لم يصمد أمام الواقع، فمنذ 15 آب 1971، عندما ألغى الرئيس الأمريكي استبدال الذهب بالدولار توقف فعلياً العمل بنظام الصرف الثابت. وأصبحت أسعار تكافؤ العملات فيما بينها تتحدد على قاعدة العرض والطلب[ر] أو ما يسمى بأسعار الصرف العائمة.
وبموجب نظام الصرف العائم تتغير أسعار صرف العملات بحرية تامة حتى يتحقق التوازن بين عرض العملة والطلب عليها نظرياً، ولاتتدخل المصارف المركزية للتأثير على سعر الصرف. ويتحقق التوازن بين أسعار الصرف عفوياً في ضوء أوضاع الموازين التجارية وموازين المدفوعات للدول المشاركة في التبادل الدولي. فالعجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري يؤدي إلى انخفاض في سعر تكافؤ العملة، وهذا بدوره يشجع على زيادة الصادرات وتخفيض الواردات حتى إعادة التوازن.
غير أن تعويم صرف العملات على نحو تام غير موجود في الواقع العملي، لأن من شأن ذلك أن يعرقل المبادلات الدولية ويخلق إرباكاً في النشاط الاقتصادي للدول. لهذا فإن المصارف المركزية تتدخل في مراقبة تغيير أسعار الصرف لتلافي حدوث اختلالات كبيرة في مستويات تكافؤ العملات مما قد يؤدي إلى إلحاق الأذى في العلاقات التجارية الدولية.
مطانيوس حبيب
الصرف exchange هو عملية استبدال عملة ما بمعادلها من عملة أخرى، كاستبدال الدولار[ر] بالليرات السورية أو استبدال اليورو[ر] بالدولار. وصرف العملة أو استبدالها قد يكون يدويّاً كأن يأتي حامل الليرات السورية إلى المصرف أو أحد محلات الصرافة فيستبدل الليرات بها دولارات أو العكس، وقد يكون الصرف عن طريق الحسابات المصرفية: كأن يكون لأحدهم حساب مفتوح بالدولار في بلد آسيوي ويرغب في السفر إلى أحد بلدان الاتحاد الأوربي حيث له حساب باليورو، فيطلب من مصرفه تحويل مبلغ معين من حسابه بالدولار إلى حسابه المفتوح باليورو، فيكون بذلك قد صرف كمية معينة من الدولارات بمكافئها من اليورو، وتم تحويلها عبر المصرف.
والصرف عملية حديثة النشأة نسبياً ترجع أساساً إلى أوائل القرن العشرين. في الماضي غير البعيد كان الناس يتعاملون داخليّاً وخارجيّاً بالمعادن الثمينة المصكوكة نقوداً وكان التعامل يتم على أساس وزن القطع النقدية ومحتواها من المعدن الثمين، الذهب أو الفضة، وبالقيمة التجارية لهذين المعدنين. وفي تلك المرحلة لم يكن الأمر يتعلق بعملية صرف الذهب بالفضة أو العكس وإنما مجرد مبادلة أحدهما بالآخر مثل مبادلة أي سلعة بأخرى.
ولكن بعد استخدام النقود الورقية في التداول على نحو منفصل عن معادلها المعدني، أصبحت كل دولة تحدد قيمة وحدتها النقدية بمعادل ذهبي أو فضي وتعطيها قوة إبرائية محددة داخل حدود ترابها الوطني، ولا تلتزم في كل الحالات استبدال الذهب أو الفضة بها. وهكذا فإن قيمة الوحدات النقدية لم تعد ثابتة، وغير ملزمة لأحد خارج التراب الوطني. ولهذا كانت المعاملات تتم بين الشعوب إما بالمعادن الثمينة أو بعملة البلد البائع، مما كان يقتضي اللجوء إلى صرف العملات الوطنية بالذهب أو بالعملات الأجنبية لدفع أثمان البضائع التي يجري شراؤها خارج حدود الوطن.
الصرف والتجارة الدولية
حتى الحرب العالمية الأولى كانت المبادلات الداخلية والخارجية تجري بنقود ذات قيمة ثابتة على قاعدة الذهب، أما خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها، وفي ضوء ما أحدثه الإنفاق الحربي الواسع من إصدار نقود ورقية كثيرة دون تغطية معدنية لها، لم تعد أي من الدول قادرة على استبدال الذهب بأوراقها المصرفية.ومع تزايد عمليات الإصدار النقدي الورقي لتمويل متطلبات الحرب فقدت عملات الدول كثيراً من قيمتها وبنسب متفاوتة مما كان له أثر كبير في استقرار المعاملات الدولية.
فعند ارتفاع مكافئ العملة الوطنية في بلد ما قياساً بعملات الدول الأخرى تصبح تكلفة إنتاج السلع في هذا البلد مرتفعة بالمقارنة مع تكاليف إنتاج السلع المماثلة في باقي الدول. ويؤدي ذلك إلى تدني صادرات هذا البلد وزيادة وارداته، فيحصل عجز في ميزانه التجاري مع العالم الخارجي. ومن شأن هذا العجز أن يزيد في عرض عملته الوطنية وزيادة الطلب على العملات الأجنبية لتمويل المستوردات مما يقود إلى تغير معاكس في اتجاه مكافئ العملة الوطنية، وميل سعر صرفها إلى الانخفاض، فيعود اتجاه الصادرات إلى الارتفاع والواردات إلى الانخفاض. يتضح من ذلك أن التغيّر في مكافئ العملات بعضها مع بعض يكون سبباً في عدم استقرار التجارة الدولية، ويؤدي إلى اختلالات في الموازين التجارية وموازين المدفوعات في دول العالم، مما يحدث اختلالات في المعاملات الدولية. ولكن إذا حدث هذا التغير بصورة عفوية ودون تدخل من الدول فإنه يتحول إلى وسيلة لتحقيق التوازن العفوي بين أسعار صرف العملات تبعاً للقوى الاقتصادية لهذه الدول، وقدراتها التصديرية التنافسية.
عوامل تحديد أسعار الصرف
يتحدد مكافئ عملة أي بلد أو سعر صرفها في ضوء الوضع الاقتصادي للبلد وطاقاته الإنتاجية العاملة، كما يؤدي وضع الميزان التجاري دوراً فاعلاً في تحديد مكافئ النقد الوطني. فكلما كان الميزان التجاري رابحاً يرتفع سعر صرف العملة الوطنية، والعكس صحيح.
ولسياسة الإصدار النقدي، من حيث الاتجاه نحو التوسع (زيادة الإصدار) أو الاتجاه نحو الانكماش (نقص الكتلة النقدية قياساً بقيم الإنتاج) دور حاسم في تحديد مكافئ القدرة الشرائية للنقد الوطني، ومن ثمَّ في سعر صرف الوحدة النقدية معبراً عنه بوحدات النقد الأجنبي أو بأجزاء منها. تتحدد القدرة الشرائية للنقد بالعلاقة بين قيم السلع والخدمات المنتجة في الاقتصاد الوطني من جهة، والكتلة النقدية الموضوعة في التداول من جهة أخرى، ومن أجل تلافي حدوث تقلبات كبيرة في تكافؤ أسعار صرف العملات المختلفة فيما بينها بما يهدد استقرار التجارة الدولية، تم الاتفاق في مؤتمر «بريتون وودز[ر]» المنعقد في نهاية الحرب العالمية الثانية، على إقرار نظام نقد دولي يسمح بتحديد أسعار صرف ثابتة لعملات الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي [ر].
نظام الصرف الثابت
في مؤتمر بريتون وودز تمَّ إقرار نظام صرف ثابت، وتحديد مستوى تكافؤ أسعار صرف العملات فيما بينها، وأوكل إلى صندوق النقد الدولي مراقبة ذلك، فقد التزمت الدول الأعضاء في الصندوق تحديد سعر تكافؤ عملاتها الوطنية بالذهب والدولار. كما تم تحديد سعر تكافؤ الدولار بالذهب أيضاً، كما التزمت الدول بأن تتولى مصارفها المركزية ضمان استقرار سعر تكافؤ عملاتها الوطنية مقابل الذهب والدولار بتدخلها في أسواق الصرف عند الضرورة. فنظام الصرف الثابت يعني تحديد أسعار تكافؤ مستقرة بين كل من العملات الوطنية والذهب والدولار، وتثبيت أسعار التكافؤ بين هذه العملات على نحو غير مباشر.
في ظل نظام الصرف الثابت يمكن لسعر صرف أي عملة أن يتغير ضمن هامش (+ آو -2.25%) وفي حال تجاوز التغير هذه النسبة يتوجب على المصرف المركزي التدخل لتصحيح الوضع. كما سمح نظام صندوق النقد الدولي لأي دولة تحريك سعر صرف عملتها المحدد سابقاً في حدود (+ أو -10%) على أن تعلم صندوق النقد الدولي بذلك لاحقاً. أما إذا كانت الضرورة تقتضي أن يتجاوز التغيير حدود 10% فيجب على الدولة أخذ موافقة الصندوق مسبقاً بعد دراسة أوضاع الدولة الاقتصادية، ويقوم صندوق النقد الدولي بإبلاغ أي تغيير في سعر الصرف إلى جميع الدول الأعضاء.
غير أن نظام الصرف الثابت لم يصمد أمام الواقع، فمنذ 15 آب 1971، عندما ألغى الرئيس الأمريكي استبدال الذهب بالدولار توقف فعلياً العمل بنظام الصرف الثابت. وأصبحت أسعار تكافؤ العملات فيما بينها تتحدد على قاعدة العرض والطلب[ر] أو ما يسمى بأسعار الصرف العائمة.
وبموجب نظام الصرف العائم تتغير أسعار صرف العملات بحرية تامة حتى يتحقق التوازن بين عرض العملة والطلب عليها نظرياً، ولاتتدخل المصارف المركزية للتأثير على سعر الصرف. ويتحقق التوازن بين أسعار الصرف عفوياً في ضوء أوضاع الموازين التجارية وموازين المدفوعات للدول المشاركة في التبادل الدولي. فالعجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري يؤدي إلى انخفاض في سعر تكافؤ العملة، وهذا بدوره يشجع على زيادة الصادرات وتخفيض الواردات حتى إعادة التوازن.
غير أن تعويم صرف العملات على نحو تام غير موجود في الواقع العملي، لأن من شأن ذلك أن يعرقل المبادلات الدولية ويخلق إرباكاً في النشاط الاقتصادي للدول. لهذا فإن المصارف المركزية تتدخل في مراقبة تغيير أسعار الصرف لتلافي حدوث اختلالات كبيرة في مستويات تكافؤ العملات مما قد يؤدي إلى إلحاق الأذى في العلاقات التجارية الدولية.
مطانيوس حبيب