الأشرف موسى بن الملك العادل محمد الأيوبي (الملك-)
اشرف موسي ملك عادل محمد ايوبي (ملك)
Al-Ashraf Moussa bin Mohammad - Al-Achraf Moussa ben Mohammad
الأشرف موسى بن الملك العادل محمد الأيوبي (الملك ـ)
(578ـ635/1182ـ1237م)
الملك الأشرف أبو الفتح مظفَّر الدين وقيل شرف الدين موسى بن الملك العادل محمد بن أيوب، من ملوك الأيوبيين ولد في القاهرة وقيل في الكرك سنة 578هـ/1182م .
بدأ حياته السياسية في عهد أبيه الذي ولاَّه سنة 598هـ/1202م حكم الرها ثم أضيفت إليه حرَّان التي انطلق منها سنة 600هـ لمساعدة صاحب سنجار قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود في حربه صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود الزنكي، ثم اصطلحوا وتزوج الأشرف أخت نور الدين، وفي سنة 606هـ/1210م ضم الملك العادل إلى الأشرف حكم الخابور ونصيبين بعد أن استخلصهما من صاحب سنجار، وضم الأشرف خلاط وميافارقين سنة 609هـ/1213م بعد وفاة أخيه الملك الأوحد نجم الدين أيوب، وحينما توفي والده الملك العادل سنة 615هـ كان القسم الأكبر من الجزيرة الفراتية تحت سيطرته فكان يتنقل بين حواضرها وأكثر إقامته بالرقة لكونها على الفرات.
ولما احتل الفرنج الصليبيون دمياط سنة 616هـ/1219م وقعت مهمة رد الغزو الصليبي عن مصر واسترداد دمياط على الملك الكامل بن الملك العادل الذي تولى السلطنة في مصر بعد وفاة والده، فكتب الكامل إلى أخويه المعظم صاحب دمشق والملك الأشرف صاحب ديار الجزيرة وخلاط يستنجدهما ويحثهما على الحضور أو إرسال النجدات إليه. فسار المعظم إلى أخيه الأشرف فوجده مشغولاً عن إنجاد الكامل بما دهمه من اختلاف الكلمة عليه، فلما استقامت للأشرف الأمور توجه الاثنان إلى مصر وبقيا فيها حتى تمَّ للأخوة طرد الفرنج منها واسترداد دمياط سنة 618هـ/1221م.
وبعد زوال خطر الأعداء عاد التنافر بين أبناء الملك العادل لمطامع إقليمية، ودب النزاع بينهم سنة 620هـ/1223م بسبب رغبة المعظم في التوسع في بلاد الشام على حساب أقاربه، واستغل فرصة استنجاد أخيه الأشرف به لصد هجمات الخوارزمية القادمين من الشرق، فأبقاه في دمشق حتى سنة 623هـ/1226م، ولم يسمح له بمغادرتها إلا بعد أن تعهد بمساعدته في الاستيلاء على حمص وحماة، ومواجهة الكامل في مصر، ولما خرج الأشرف من دمشق لجأ إلى أخيه الكامل، ناقضاً اتفاقه مع المعظم. وانقسم البيت الأيوبي على نفسه، وعمل كل فريق على الاستعانة بقوة خارجية، فاتفق المعظم مع الخوارزمية على قتال أخيه الأشرف، وراسل الكامل الامبراطور فردريك الثاني النرماني يغريه على أخيه ووعده بالمساعدة في حال قدومه إلى المشرق، ولكن المعظم توفي سنة 624هـ/1227م وخلفه ابنه الملك الناصر داود، فاستغل الكامل الفرصة لضم دمشق إلى أملاكه، فاستنجد داود بعمه الأشرف موسى الذي عجّل في القدوم إلى دمشق لمساعدته، ولكنه ما لبث أن اتفق مع الكامل على أن تكون دمشق للملك الأشرف، وأن يعطى الناصر الكرك والشوبك ونابلس وبيسان، وأن ينزل الأشرف لأخيه الكامل عن حرَّان والرُّها وسروج والرقة ورأس العين، وتسلم الأشرف دمشق في رجب سنة 626هـ واتخذها دار إقامته.
استغل جلال الدين منكبرتي الخوارزمي وجود الأشرف في دمشق فحاصر خلاط واحتلها، فتحالف الأشرف مع علاء الدين كيقباذ سلطان سلاجقة الروم، واستعاد خلاط خراباً في 12 رجب سنة 627هـ/27 أيار 1230م، فرممها وأصلح ماكان فسد منها. ولم تمض سنوات حتى تعرضت منطقة الجزيرة لهجمات حليف الأمس علاء الدين كيقباذ (سنة 631هـ)، فتعاون الكامل مع أخيه الأشرف على إخراجه من الجزيرة سنة 633هـ/1236م. وكان الكامل قد استولى على آمِد وقلاعها وعلى حصن كيفا سنة 630هـ/1233م من ركن الدين مودود بن محمود المسعود الأرتقي منهياً بذلك إمارة كيفا وآمد الأرتقية.
وفي سنة 634هـ استوحش الأشرف من أخيه الكامل ونقض طاعته، لأن الكامل رفض أن يعطيه الرقة لتكون قاعدة له ويتزود منها علفاً لدوابه إذا جاز الفرات في صحبته، ومالأه على نقض الطاعة جميع ملوك الشام من الأيوبيين غير الملك الناصر داود صاحب الكرك، فإنه ظل على طاعة الكامل والتحق به بمصر فتلقاه بالمبرة والتكرمة، وقبل أن تبدأ الحرب بين الأخوين توفي الأشرف في دمشق في المحرم سنة 635هـ/ آب 1237م بعد أن أوصى بولاية دمشق لأخيه الملك الصالح إسماعيل، ودفن بالقلعة ثم نقل إلى تربته التي بنيت له شمالي الكلاَّسة.
كان الأشرف محبوباً من رعاياه، مسعوداً مؤيداً في الحروب، بسط العدل وأعتق المماليك، وكان حليماً واسع الصدر، عفيفاً عن المحارم، كريماً كثير العطاء لا يترك في خزانته شيئاً من المال مع اتساع مملكته، ومات وفي ذمته بعض الديون للتجار وغيرهم، وكان يميل إلى أهل الخير والصلاح ويحسن الاعتقاد بهم، ويحضر مجالس الوعظ. بنى في دمشق دار حديث في سفح قاسيون عرفت بالأشرفية، وفوَّض التدريس فيها إلى ابن الصلاح، كما اشترى دار قايماز النجمي وجعلها دار حديث ونقل إليها الكتب الثمينة، وبنى عدة مساجد منها مسجد أبي الدرداء بقلعة دمشق، ومسجد عند باب النصر وآخر خارج الباب الصغير، وحوّل خان الزنجاري بالعقيبة إلى جامع يعرف اليوم بجامع التوبة، لما كان يحدث في الخان قبل بنائه من أنواع المنكرات.
وقد مدحه كثير من الشعراء وعلى رأسهم كمال الدين بن النبيه صاحب الأشرفيات، وابن عُنَين، وابن مطروح.
أمينة بيطار
اشرف موسي ملك عادل محمد ايوبي (ملك)
Al-Ashraf Moussa bin Mohammad - Al-Achraf Moussa ben Mohammad
الأشرف موسى بن الملك العادل محمد الأيوبي (الملك ـ)
(578ـ635/1182ـ1237م)
الملك الأشرف أبو الفتح مظفَّر الدين وقيل شرف الدين موسى بن الملك العادل محمد بن أيوب، من ملوك الأيوبيين ولد في القاهرة وقيل في الكرك سنة 578هـ/1182م .
بدأ حياته السياسية في عهد أبيه الذي ولاَّه سنة 598هـ/1202م حكم الرها ثم أضيفت إليه حرَّان التي انطلق منها سنة 600هـ لمساعدة صاحب سنجار قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود في حربه صاحب الموصل نور الدين أرسلان شاه بن مسعود الزنكي، ثم اصطلحوا وتزوج الأشرف أخت نور الدين، وفي سنة 606هـ/1210م ضم الملك العادل إلى الأشرف حكم الخابور ونصيبين بعد أن استخلصهما من صاحب سنجار، وضم الأشرف خلاط وميافارقين سنة 609هـ/1213م بعد وفاة أخيه الملك الأوحد نجم الدين أيوب، وحينما توفي والده الملك العادل سنة 615هـ كان القسم الأكبر من الجزيرة الفراتية تحت سيطرته فكان يتنقل بين حواضرها وأكثر إقامته بالرقة لكونها على الفرات.
ولما احتل الفرنج الصليبيون دمياط سنة 616هـ/1219م وقعت مهمة رد الغزو الصليبي عن مصر واسترداد دمياط على الملك الكامل بن الملك العادل الذي تولى السلطنة في مصر بعد وفاة والده، فكتب الكامل إلى أخويه المعظم صاحب دمشق والملك الأشرف صاحب ديار الجزيرة وخلاط يستنجدهما ويحثهما على الحضور أو إرسال النجدات إليه. فسار المعظم إلى أخيه الأشرف فوجده مشغولاً عن إنجاد الكامل بما دهمه من اختلاف الكلمة عليه، فلما استقامت للأشرف الأمور توجه الاثنان إلى مصر وبقيا فيها حتى تمَّ للأخوة طرد الفرنج منها واسترداد دمياط سنة 618هـ/1221م.
وبعد زوال خطر الأعداء عاد التنافر بين أبناء الملك العادل لمطامع إقليمية، ودب النزاع بينهم سنة 620هـ/1223م بسبب رغبة المعظم في التوسع في بلاد الشام على حساب أقاربه، واستغل فرصة استنجاد أخيه الأشرف به لصد هجمات الخوارزمية القادمين من الشرق، فأبقاه في دمشق حتى سنة 623هـ/1226م، ولم يسمح له بمغادرتها إلا بعد أن تعهد بمساعدته في الاستيلاء على حمص وحماة، ومواجهة الكامل في مصر، ولما خرج الأشرف من دمشق لجأ إلى أخيه الكامل، ناقضاً اتفاقه مع المعظم. وانقسم البيت الأيوبي على نفسه، وعمل كل فريق على الاستعانة بقوة خارجية، فاتفق المعظم مع الخوارزمية على قتال أخيه الأشرف، وراسل الكامل الامبراطور فردريك الثاني النرماني يغريه على أخيه ووعده بالمساعدة في حال قدومه إلى المشرق، ولكن المعظم توفي سنة 624هـ/1227م وخلفه ابنه الملك الناصر داود، فاستغل الكامل الفرصة لضم دمشق إلى أملاكه، فاستنجد داود بعمه الأشرف موسى الذي عجّل في القدوم إلى دمشق لمساعدته، ولكنه ما لبث أن اتفق مع الكامل على أن تكون دمشق للملك الأشرف، وأن يعطى الناصر الكرك والشوبك ونابلس وبيسان، وأن ينزل الأشرف لأخيه الكامل عن حرَّان والرُّها وسروج والرقة ورأس العين، وتسلم الأشرف دمشق في رجب سنة 626هـ واتخذها دار إقامته.
استغل جلال الدين منكبرتي الخوارزمي وجود الأشرف في دمشق فحاصر خلاط واحتلها، فتحالف الأشرف مع علاء الدين كيقباذ سلطان سلاجقة الروم، واستعاد خلاط خراباً في 12 رجب سنة 627هـ/27 أيار 1230م، فرممها وأصلح ماكان فسد منها. ولم تمض سنوات حتى تعرضت منطقة الجزيرة لهجمات حليف الأمس علاء الدين كيقباذ (سنة 631هـ)، فتعاون الكامل مع أخيه الأشرف على إخراجه من الجزيرة سنة 633هـ/1236م. وكان الكامل قد استولى على آمِد وقلاعها وعلى حصن كيفا سنة 630هـ/1233م من ركن الدين مودود بن محمود المسعود الأرتقي منهياً بذلك إمارة كيفا وآمد الأرتقية.
وفي سنة 634هـ استوحش الأشرف من أخيه الكامل ونقض طاعته، لأن الكامل رفض أن يعطيه الرقة لتكون قاعدة له ويتزود منها علفاً لدوابه إذا جاز الفرات في صحبته، ومالأه على نقض الطاعة جميع ملوك الشام من الأيوبيين غير الملك الناصر داود صاحب الكرك، فإنه ظل على طاعة الكامل والتحق به بمصر فتلقاه بالمبرة والتكرمة، وقبل أن تبدأ الحرب بين الأخوين توفي الأشرف في دمشق في المحرم سنة 635هـ/ آب 1237م بعد أن أوصى بولاية دمشق لأخيه الملك الصالح إسماعيل، ودفن بالقلعة ثم نقل إلى تربته التي بنيت له شمالي الكلاَّسة.
كان الأشرف محبوباً من رعاياه، مسعوداً مؤيداً في الحروب، بسط العدل وأعتق المماليك، وكان حليماً واسع الصدر، عفيفاً عن المحارم، كريماً كثير العطاء لا يترك في خزانته شيئاً من المال مع اتساع مملكته، ومات وفي ذمته بعض الديون للتجار وغيرهم، وكان يميل إلى أهل الخير والصلاح ويحسن الاعتقاد بهم، ويحضر مجالس الوعظ. بنى في دمشق دار حديث في سفح قاسيون عرفت بالأشرفية، وفوَّض التدريس فيها إلى ابن الصلاح، كما اشترى دار قايماز النجمي وجعلها دار حديث ونقل إليها الكتب الثمينة، وبنى عدة مساجد منها مسجد أبي الدرداء بقلعة دمشق، ومسجد عند باب النصر وآخر خارج الباب الصغير، وحوّل خان الزنجاري بالعقيبة إلى جامع يعرف اليوم بجامع التوبة، لما كان يحدث في الخان قبل بنائه من أنواع المنكرات.
وقد مدحه كثير من الشعراء وعلى رأسهم كمال الدين بن النبيه صاحب الأشرفيات، وابن عُنَين، وابن مطروح.
أمينة بيطار