تصوير المجهر (الميكروسكوب)…
توقفت عن الكتابة في هذه المدونة لوقت طويل كنت خلالها باحثا عن مواضيع جيدة للنشر. وحيث إنني كنت مشغولا في الآونة الأخيرة ببعض الأعمال والمشاريع (الفنية) فقد أحببت أن أشارك بهواية جديدة ولكنها متعلقة بهواية أقدم، وهي التصوير. تتعلق هذه الهواية بتصوير المجهر باستخدام تقنية التصوير المجهري مع المجهر. وبالرغم من الإمكانات المحدودة حاليا ولكنه عمل لا يخلو من المتعة (والتعب) مع مجهر قديم كالذي لدي. على أنه يجب ألّا يؤخذ هذا المقال في مقام العمل الاحترافي، فتصوير ما تحت المجهر له فنه الخاص وتقنيته وطريقته الخاصتان، كل هذا مما يوفر للقائم على العمل مع المجهر الصور الصالحة للنشر في شتى مجالات العلوم. لكنّي في هذا المقام سوف أحاول النظر إلى الموضوع من باب الهواية لا أكثر، وسوف أحاول التحدث عن بعض الأمور المتعلقة بنسبة التكبير وما إلى ذلك. والحقيقة أن ما حثني على هذا العمل كان البحث عن مواضيع تجريدية بحتة للتصوير.
المجهر (الميكروسكوب)
عند الحديث عن المجاهر، قد يتبادر إلى الذهن المجاهر الحديثة والتي تكون مزودة بأنابيب خاصة بالتصوير بجانب عدسات العينية (التي يُنظر من خلالها)، بل إن بعضها يأتي مزودا بكاميرته الخاصة كذلك للأغراض البحثية. بالطبع لن تلزمنا كل تلك التجهيزات، فكل ما لدي هو مجهر بسيط اكتنزته منذ أن كنت في الرابعة عشرة من العمر، وهو يفي بالغرض لولا حاجته الماسّة للتنظيف من الداخل.
هذا المجهر البسيط مزود بثلاث عدسات شيئية معنونة بنسب التكبير لكل واحدة منهن: 4× و10× و40×. هذا بجانب عدسة العينية ذاتها التي ينظر من خلالها المشاهد والمعنونة بنسبة تكبير 10×. لحساب نسبة التكبير الكلية عند النظر إلى موضوع ما نقوم بضرب هذه النسب، وبما أن تكبير العينية ثابت لا يتغير، يمكننا القول بأن هذا المجهر يقوم بالتكبير بنسبة: 40× و100× و400× على التوالي. كنت قد أسهبت الحديث في مقالة سابقة عن التصوير المجهري عن طرق التكبير بالعدسات في التصوير وما إلى ذلك وماذا يعني ذلك، ولا ضير أن نشرح بشكل سريع ماذا يعني أن نقول: نسبة التكبير هي 100×. المعنى المراد من هذا بسيط، وهو أن الأبعاد الحقيقية للموضوع محل التصوير (أو الرؤية تحت المجهر) قد تم تكبيرها إلى 100 ضعف؛ فلو كان الجسم بطول 1مم فإننا سنراه كما لو كان حجمه الحقيقي هو 100مم (أي 10سم). قد تنفع معرفة بعض هذه الحسابات في تقدير أبعاد الأشياء متناهية الصغر لاحقا أو لأمور تقنية أخرى. في حالة مجهري البسيط كان من الصعب التكبير إلى نسبة 400× حيث أنها تتطلب الإضاءة القوية والموجهة بشكل صحيح للنفاذ ما بين العدسة الشيئية والموضوع. على أية حال، كانت أغلب أعمالي في نطاق نسبة 100×، حيث أنها نسبة توفر بعض الوضوح في التفاصيل وبإضاءة مقبولة.
على أن نسب التكبير هذه ليست النهاية؛ فهناك نسبة أخرى يجب إضافتها وسنتحدث عنها بشكل وافٍ لاحقا، وهي نسبة التكبير الحادثة من آلة التصوير ذاتها. يمكننا القول إذا بأن الصورة تمر بثلاث مراحل تكبير: الشيئية، ثم العينية، ثم عدسة الكاميرا. لتصوير العينية يفضل الكثير من العاملين في هذا المجال استخدام الكاميرات الصغيرة (كالهواتف الذكية والكاميرات الخفيفة وكاميرات الشبكة) لخفتها وسهولة حملها، ولكن قد تصعب معرفة نسبة التكبير لبعض هذه الكاميرات (إلا بتطبيق طريقة بسيطة سنشرحها لاحقا). هناك أمور أخرى تتعلق بالخيارات المتاحة للمصور عند استخدام الكاميرات البسيطة من هذا النوع سنأتي عليها لاحقا، ولكن يمكن القول الآن بأن هذه الكاميرات قد تقيد من إمكانات المصور ولكنها تفيد في التصوير السريع والعملي. في هذه الحالة والتي أنا بصدد التحدث عنها، كنت قد استعملت كاميرتي «كانون 7د»: عادية، ومعدلة. أما الكاميرا العادية فهي للتصوير الطبيعي بالألوان الطبيعية، وأما المعدلة فهي لاستخدام بعض المرشحات الخاصة، كمرشح الأشعة تحت الحمراء مثلا. وبسبب ثقل هذا النوع من الكاميرات فقد تطلب الأمر بعض الترتيبات (المضنية أحيانا).
مشاكل العمل
إحدى أولى المشاكل التي قد تواجه العامل على هذا النوع من التصوير، لا سيما مع مجهر قديم من هذا النوع، هي مشكلة الإضاءة المناسبة؛ حيث أن هذا النوع من المجاهر القديمة لا تتوفر فيها مصادر إضاءة بذاتها، بل مرآة عاكسة فقط وهي لا تكفي للرؤية الجيدة ولا للتصوير. لهذا قمت بالاستعانة بإضاءتي مكتب مزودتان بمصابيح الصمام المشع (LED) بقدرة 13 واط. لهذا النوع من المصابيح بعض المميزات ولذا أفضل استخدامها على استخدام مصابيح التنجستين الاعتيادية ومصابيح توفير الطاقة:
1- لا تنتج حرارة عالية كمصابيح التنجستين.
2- إضاءتها شديدة مقارنة بمصابيح التوفير (CFL).
3- قدرتها منخفضة ولا تستهلك الكثير من الطاقة.
4- غالبا ما يكون رأس هذا النوع من المصابيح مصنوعا من البلاستيك ولهذا فهو ليس سهل الكسر كما هو الحال بالنسبة للزجاج في أنواع المصابيح الأخرى.
والحقيقة إن العمل مع مصدر ضوء خارجي (حتى لو توفر مصدر ضوء في المجهر نفسه) له مميزاته أيضا، حيث سيوفر هذا الضوء البيئة الملائمة لاستكشاف الأجسام المعتمة والتي لا تسمح للضوء بالنفاذ من خلالها، وبهذه الطريقة يمكن تفحص أسطحها تحت المجهر من الضوء المنعكس عليها. بل وتفيد هذه الطريقة كذلك على استكشاف أسطح الأجسام الشفافة التي تنفذ الضوء بعد غلق البؤبؤ أسفل المنصة أو الرف، حيث سيكون الضوء منعكسا من الجانب الأعلى للموضوع فقط ولا ينفذ الضوء من خلال الموضوع الشفاف.
المشكلة الأخرى التي قد تواجه المصور هي تسرب الضوء (من مصدر الضوء الخارجي) إلى عدسة الكاميرا أثناء تصوير العينية بشكل مباشر مما يتسبب في بهتان الصورة وعدم وضوحها. لا يعني هذا أن علينا العمل في الظلام الدامس، ولكن الضوء الشديد والقريب من منطقة العمل سيؤثر سلبا حتما على وضوح الصورة، وخاصة عند دخول هذا الضوء بزاوية محددة غير عمودية إلى العدسة. حل هذه المشكلة بسيط جدا، وهو بتمرير العينية بقطعة ورقية كبيرة نسبيا أو ما شابه ذلك، ويفضل أن تكون سوداء لحجب الضوء القادم من الأسفل عن عدسة الكاميرا في الأعلى. هذا، وقد قمت بتغطية منطقة العمل بكاملها بقطعة كبيرة من الورق الأسود، وهذه فائدة أخرى لمصابيح الصمام المشع والتي لا تنتج حرارة عالية، وعليه سيكون الوضع آمنا من الحريق (بشرط التهوية طبعا).
بالنسبة لي، فقد كانت المشكلة الأكثر صعوبة هي توجيه الكاميرا وخفضها إلى مستوى العينية. ولا يوجد هناك طريقة محددة لفعل ذلك فالأمر رهن ما لدى المصور من أدوات متاحة. ولكن لسهولة الخفض والرفع إلى حد ما، يفضل أن تُثبت الكاميرا على «مسطرة متحركة» (Rail Head) ثم إيجاد طريقة ما لتثبيت الكاميرا فوق العينية لتصوير العينية عن قرب (وهذا بالطبع سيستدعي تقنيات التصوير المجهري). مما يزيد من صعوبة التثبيت هو اتجاه العينية للمجهر إلى الأعلى عموديا بدلا من الميلان بزاوية، مما يستدعي تثبيت الكاميرا عموديا فوق العينية بشكل مباشر. تيسر الأمر بالنسبة لي مع وجود ذراع جانبية يمكن تثبيتها على الحامل الاعتيادي للكاميرا وهكذا تكون الكاميرا موجهة إلى الأسفل ويمكن خفضها ورفعها بتحريك المسطرة المتحركة. ولا يخلو الأمر من بعض المخاطر كذلك لفرضية اختلال التوازن، لذا يجب الحذر والتأكد من موازنة الحامل.
كانت هذه أهم المشاكل عند بداية العمل وهناك مشاكل أخرى أثناء العمل وبعد العمل ولكنّي سأذكرها حين يحل موعدها، فقد اكتفيت هنا بذكر المشاكل العامة عند البداية بتصوير المجهر بالكاميرات الثقيلة.
مزايا
قلت آنفا بأن العمل مع الكاميرات الرقمية المتخصصة (ذوات المرايا العاكسة والعدسة الأحادية، DSLR) له مزاياه بالرغم من ثقل هذه الكاميرات وحجمها وبطء العمل بها بعكس الكاميرات الخفيفة الأخرى (لا سيما التي في الهواتف الذكية). سأذكر هنا بعض هذه المزايا التي استشعرتها بنفسي عند العمل:
أ- توفر نسبة تكبير إضافية معلومة القيمة (يمكن حسابها قبل العمل) مع تغيير تقنية التكبير.
ب- غالبا ما يكون المستشعر في هذا النوع من الكاميرات أكبر حجما منه في الكاميرات الخفيفة، وعليه يكون مستوى الدقة أكبر.
ج- يمكن التقاط الصور باستخدام المرشحات المختلفة، كمرشح الأشعة تحت الحمراء على سبيل المثال. والحقيقة لا أعلم ما إذا كانت هذه الخاصية مهمة أم لا ولكنها قد تكون مثيرة لاهتمام البعض.
د- الخواص المتقدمة التي غالبا ما تُوفرها هذه الكاميرات تتيح الكثير من الأمور كالثبات (عن طريق استخدام خاصية قفل المرآة، Mirror Lock-Up، والمؤقِّت) والمشاهدة الآنية في شاشة الكاميرا بالإضافة إلى التحكم في التعريض والتقاط مقاطع الفيديو إذا تطلب الأمر ذلك. هناك الكثير من الخيارات العملية المتاحة للمصور.
هـ- بالإضافة إلى المؤقت، فإنه يمكن العمل بجهاز التحكم عن بعد بدلا من جهاز التحكم السلكي أو لمس الكاميرا (ويفضل عدم لمس الكاميرا بعد الضبط النهائي).
و- إمكانية التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي والذي سيتيح للمصور لاحقا العمل على تعديل بعض الأمور وتحسينها، بل أن هذا الأمر متطلب أساسي عند إنجاز التصوير ببعض المرشحات الخاصة.
هذا وقد يجد المصور بعض الخصائص المفيدة التي لم أذكرها هنا، فكل ما ذكر من قبل هو من ملاحظاتي الشخصية فقط لا غير. أما فيما يتعلق بالجوانب السلبية لاستخدام هذه الكاميرات في العمل فقد ذكرناه مسبقا، وغالبا ما يتعلق الأمر بثقل حجم الكاميرا وطريقة تثبيتها التي قد تكون خطرة تباعا لوزنها الثقيل، حيث يتطلب الأمر تأكيد التوازن، فأقل اختلال قد يؤدي إلى خدش عدسة الكاميرا عند احتكاكها بعينية المجهر.
العمل
كما أسلفنا، فإن العمل يتلخص في تصوير عينية المجهر، ومتى ما تم تثبيت الكاميرا بالارتفاع المناسب فإنه يمكننا البدء بالتقاط الصور. يفضل ترتيب الأمور ووضع المنضدة والمجهر وحامل الكاميرا على سطح ماص للاهتزازات، كالسجاد أو أرضيات مطاطية بدلا من تركها على الأرض مباشرة حيث أن الأسطح الصلبة ناقل جيد للاهتزازات.
ولكن قبل المباشرة في التصوير فإنه يجب العمل على تجهيز العينة طبعا. قد لا يكون الأمر مهما لو كان عزيزي القارئ ممن يعمل في هذا المجال مسبقا، ولكنه أمر لا بد من شرحه ولو قليلا لغير المتخصصين (أمثالي).
كانت قد توفرت لي بعض الشرائح والأغطية الزجاجية لصنع العينات، ولكن قبل هذا كنت قد لجأت لصنع شريحة بلاستيكية (من أغطية الأقراص المدمجة) واستخدامها لوضع العينة عليها. يمكن وضع العينة على أي سطح شفاف نظيف يمكّن من تمرير الضوء من خلال العينة، على أن الوضع قد لا يتطلب هذا الأمر لو كانت العينة مصمتة (كقطعة نقود معدنية مثلا). ولكن في جميع الأحوال يفضل وجود حامل ما للعينة حتى يمكن تحريك العينة تحت العدسة الشيئية دون لمس العينة بذاتها (بالإضافة إلى إمكانية تغطية العينات الصغيرة بأغطية زجاجية لمنع تحركها). هناك بعض الأساليب لتثبيت الأغطية الزجاجية على العينة ولكن في حالتي هذه كنت قد قمت بتثبيتها بشريط لاصق على الجانبين، بينما في حالة بعض العينات كقطع النقود فلا يمكن تثبيت عينة من هذا النوع.
يفضل كذلك أن تكون العينة المطلوبة رقيقة قدر المستطاع للحصول على تفاصيل افضل من داخلها (لا سيما العينات الأحيائية)، ولكن يجب العلم أن هذا عمل هواة ما نحن بصدده، فيجوز لنا التجاوز قليلا في السمك لعدم وجود الأجهزة المختصة لصنع عينات بهذه الدقة والرقة. بيد أن الإضاءة الخارجية المستخدمة ستتمكن من إضاءة السطح حتى لو كانت هذه العينة مصمتة وغير منفذة للضوء. عند استكشاف السوائل يفضل أن تكون القطرة من السائل محط الكشف صغيرة جدا قدر المستطاع حتى لا تنتشر وتبلل أجزاء المجهر المختلفة (بعض الشرائح الزجاجية المختصة يتم توفير تقعر على سطحها لتثبيت العينات، كما في الصور أعلاه، لا سيما السوائل، بشكل أفضل). بعد إتمام التجهيز، نقوم الآن بالمعاينة الأولية على مراحل:
1- نبدأ بالعدسة الشيئية الأقل تكبيرا (ذات الأربعة أضعاف، 4×) ونحاول الحصول على صورة جيدة من خلال تحريك العينة و«الضابط الكبير» دون «الضابط الدقيق». في هذه المرحلة يفضل إرجاع الضابط الدقيق إلى الخلف تماما والاعتماد على الضابط الكبير فقط للحصول على صورة مقبولة.
2- قد تكون الصورة جيدة عند تكبير 4× إذا أراد المصور ذلك، ومن هنا يمكن البدء بتصوير العينة (بطريقة خاصة سنذكرها لاحقا) أو يتم التحويل إلى مستوى التكبير التالي، وهو 10×، ونقوم بضبط الصورة بالضابط الدقيق هذه المرة.
3- عند هذه المرحلة، وبعد الضبط بشيئية 10×، لدينا الخياران السابقان، إما المتابعة إلى مستوى التكبير التالي (40×) أو البدء بالتصوير. غالبا ما ستكون هذه هي المرحلة الأخيرة حيث سيكون تمييز التفاصيل صعبا عند مستوى 40× بالإضافة إلى صعوبة الإضاءة كذلك. ولكن لا مانع من التجربة.
لا يوجد هناك هدف محدد للوصول إليه سوى الحصول على التفاصيل المثيرة للاهتمام، مما يعني أنه يمكن الوقوف عند نسبة تكبير 4× أو 10× أو 40× (والتي بدورها سيتم تكبيرها إلى 10 أضعاف عن طريق العينية). جدير بالذكر هنا بأن ضبط التركيز سيزداد صعوبة كلما زاد مستوى التكبير، حيث أن «عمق الميدان» للصورة المتكونة سيقل تدريجيا مع ازدياد التكبير (كما هو الحال فعليا في حالات التصوير المجهري)، وعليه فإنه يمكن القول بأن العينة لن يكون لها تركيز واضح عند مستوٍ واحد، بل عند عدة مستويات. سيكون الأمر جليا عند النظر في مستوى تكبير 10×. لهذا السبب، يتطلب الأمر عادة عينة رقيقة جدا للحصول على صورة جيدة، والتصوير المتتابع مع تغيير ضبط التركيز للعينة ثم دمج جميع هذه الصور للحصول على صورة واحدة مقبولة الحدة الوضوح. والآن، وبعد الحصول على الصورة المطلوبة بالنظر من خلال العينية، نقوم بتنصيب الكاميرا فوق العينية لالتقاط الصور، بحذر.
عند تنصيب الكاميرا فوق العينية، سوف يكون العمل بنظام المشاهدة الآنية وستكون بمثابة العين البشرية هنا. تباعا لذلك، فإن التركيز المحقق مسبقا من خلال العينية لن يفي بالغرض ولكنه كان بمثابة نقطة البداية. من المهم في هذه المرحلة تقريب طرف العدسة قدر المستطاع من العينية حتى تملأ الصورة من العينية الشاشة قدر الإمكان بغض النظر عن وضوحها. قد يستغرق الأمر بضع دقائق اعتمادا على سهولة الحركة (في حالتي قد يستغرق الأمر 15 دقيقة أحيانا!). عند إتمام العمل وملء الشاشة من صورة العينية (قد يمكن التغاضي عن بعض الزوايا السوداء أحيانا)، نقوم بلف الضابط الدقيق مرة أخرى حتى تتضح الصورة على الشاشة هذه المرة. بسبب التقريب الشديد هنا، سوف تتعرض الصورة للاهتزاز بشكل كبير عند لمس المجهر، وهذا أمر طبيعي، ولكن يجب ضبط التركيز بخفة قدر الإمكان. في هذه المرحلة، يمكننا التقاط صورة واحدة لتفي بالغرض، أو يجب العمل على التقاط عدة صور لتركيب صورة واحدة لاحقا، وسنتطرق لاحقا إلى الإعدادات المناسبة للكاميرا عند التصوير في هذه المرحلة. إذا تم التخطيط مسبقا للعمل على التقاط عدة صور ودمجها فيجب على المصور معاينة نقاط البداية والنهاية عن طريق تحريك الضابط الدقيق حتى يتسنى له التقاط الصور من بداية أول نقطة واضحة التركيز على الشاشة إلى آخر نقطة واضحة التركيز. عند تعيين نقطة البداية والبدء بالتقاط الصور، يجب أن يُلف الضابط الدقيق بخفة وبمقدار ضئيل جدا إن أمكن لتلافي مشاكل الدمج لاحقا، والحقيقة أن التقاط أكثر من 100 صورة لموضوع واحد لغرض الدمج ليس بالأمر المستغرب وهو شائع جدا حتى في التصوير المجهري العادي (وقد يتطلب الأمر أحيانا أكثر من 300 صورة لموضوع واحد).
تصوير العينية
كما أشرنا سابقا، إن تصوير العينية في هذا الوضع يتطلب اللجوء إلى تقنية التصوير المجهري وأساليبه للاقتراب قدر المستطاع من العينية وملء الشاشة أو المشهد مما تحتويه العينية. كنت قد سردت بعض أساليب التصوير المجهري في مقالات سابقة ولكنّي سأتحدث عن بعض التفاصيل الأخرى المتعلقة بطريقتين فقط، هما: التصوير بالتمديدات المفرغة، والتصوير بالعدسة المقلوبة؛ حيث أنهما الأنسب لهذا العمل. أما التصوير بعدسة مخصصة للتصوير المجهري فإنه لن يناسب العمل في هذا الحقل غالبا لأن مسافة التركيز محط العمل هنا ستكون أقل من السنتيمتر الواحد في كثير من الأحيان، وهذه العدسات لن تستطيع ضبط التركيز بهذا البعد الضيق. أما تقنية دمج العدسات فإنها لا تصلح بتاتا للمشاكل المصاحبة معها، بالإضافة إلى مجال الكبير المطلوب للعدستين.
أ- التمديدات المفرغة (Extension Tubes):
التصوير بهذه الطريقة يتطلب وضع تمديدات مفرغة بين الكاميرا والعدسة وبهذا يكون مجال إسقاط الصورة أكبر، كما هو الحال مع المسلاط (Projector)، حيث أن الصورة الساقطة منه ستكون أكبر مساحة كلما أبعدناه عن شاشة العرض (كما هو الحال في دور العرض التقليدية). تكون هذه التمديدات معنونة بأطوالها وعند شرائها تكون في مجموعات من 3 إلى 5 تمديدات (والغالب هو 3 تمديدات بطول: 12مم، 21مم، 35مم على التوالي). تحتسب نسبة التكبير بالعلاقة:
تك = تم ÷ بب؛
حيث تكون (تك) هي نسبة التكبير المطلوب حسابها، و(تم) هي طول التمديدات بالمليمتر، و(بب) هي البعد البؤري للعدسة. وهكذا نرى بأن نسبة التكبير تزداد كلما طالت التمديدات وقصر البعد البؤري للعدسة. هناك بعض المصورين الذين يقومون بصنع تمديداتهم أو القيام بعمل مشابه، وسنتكلم لاحقا عن كيفية معرفة نسبة التكبير عمليا إذا تعذر الحساب. لهذه الطريقة مساوئها كذلك (ولهذه الأسباب لا استخدمها كثيرا في تصوير العينية):
1- تزيد من ثقل الكاميرا بشكل ملحوظ مع ازدياد عدد التمديدات المضافة ما بين الكاميرا والعدسة، وهو أمر يفضل تجنبه.
2- قد يتطلب الأمر التمديدات الطويلة للوصول إلى تكبير بمقدار 1× على الأقل مما قد يسبب مشاكل في سلاسة الحركة للكاميرا عند وضعها فوق العينية.
3- قد لا يوفق المصور في الحصول على التركيز المطلوب حيث أن مسافة التركيز قد تقع (حسابيا) خلف مقدمة العدسة (وهو أمر قد طرحته مسبقا في مقالة التصويرالمجهري).
لهذه الأسباب فإنني لم أركن ولم أمِل إلى استخدام هذه الطريقة في تصوير العينية كثيرا. يعتمد الأمر على أنواع العدسات المتوفرة لدى المصور، ولكن أحيانا قد يتطلب الأمر استخدام جميع التمديدات للوصول إلى نسبة تكبير 1× أو أكثر قليلا (1,36× مع عدسة 50مم). المشكلة لا تكمن هنا في نسبة التكبير ولكن في التعامل مع منظومة العدسة والتمديدات ومقدار فقدان الضوء المار بالمنظومة. فنسبة 1× جيدة تماما لتصوير العينية والحفاظ على التفاصيل كما تُرى في العينية، ولا يتطلب الأمر الزيادة كثيرا على هذا الحد حتى لا تضيع الكثير من التفاصيل في العينة، إلا إذا ارتأى المصور أو العامل على المجهر المصلحة في ذلك طبعا.
ب- العدسة المقلوبة (Reversed Lens):
ويقصد بها وصل العدسة بالكاميرا مقلوبةً إلى الكاميرا باستخدام بعض الوسائط أو الحلقات المخصصة لذلك. وقد وجدت في هذه الطريقة كفايتي لتصوير العينية لأنها لا تضع ثقلا كبيرا على الكاميرا ولا تحتاج إلى مجال واسع للعمل كما هو الحال مع التمديدات. هذا، مع توفير معامل تكبير جيد قد يفوق نسبة 1× في كثير من الأحيان بمجرد قلب العدسة وإمكانية التركيز من مسافات قريبة.
كنت قد ذكرت في مقالة التصوير المجهري طريقة لحساب نسبة التكبير لهذه الطريقة ولكن بعد التمحيص والاختبار العملي تبيّن بأنها خاطئة وإن كانت تفيد التقريب. ولكن يمكن القول بشكل عام بأن الطريقة تعتمد أساسا على حساب المسافة ما بين المستشعر ومقدمة العدسة (المقلوبة) والقسمة على البعد البؤري للعدسة ذاتها:
تك = مم ÷ بب؛
حيث تكون (تك) هي نسبة التكبير المطلوبة، و(مم) هي المسافة ما بين المستشعر والعدسة، و(بب) هي البعد البؤري للعدسة ذاتها. المسافة ما بين المستشعر والعدسة قد تُقسم لعدة أقسام تباعا للأدوات المستخدمة في هذه التقنية، ولكنها تُجمع جميعها ويكون الناتج المسافة الكلية بين المستشعر والعدسة. إذا ما تم استخدام الحلقات العادية لقلب العدسات، فإن المسافة بين المستشعر والعدسة هي ذاتها المسافة ما بين المستشعر وحافة المنصة (أي منصة تثبيت العدسة)؛ مع اختلاف بسيط لبضع مليمترات. يمكن معرفة المسافة ما بين المستشعر إلى حافة المنصة بالبحث في الشبكة عن خصائص الكاميرا محط السؤال، كما في هذا الرابط. هناك أدوات أخرى قد يستخدمها المصورون لقلب العدسة، منها حلقة «ڤيلو» (Vello) والتي تتيح للمصور التحكم بفتحة العدسة لدى القلب بعكس الحلقات التقليدية (وهي متوفرة لمستخدمي كانون فقط حتى هذه اللحظة). إن ما يهمنا هنا هو ليس التحكم في فتحة العدسة، بل السُمك المضاف إلى المسافة ما بين المستشعر والعدسة؛ فهذه المسافة البسيطة (والتي تساوي تقريبا 20مم) يجب أن تضاف إلى المسافة المعلومة مسبقا (من الرابط أعلاه) ما بين المستشعر والعدسة. زيادة على ذلك، يمكن إضافة بعض المرشحات على مقدمة العدسة عند قلبها وهذا أيضا سيزيد من المسافة (وستزيد معها نسبة التكبير ولو بشكل طفيف).
لنضرب مثالا حيا مع كاميرا «كانون إيوس 7د» والمسافة ما بين المستشعر والمنصة فيها هي 44مم كما هو مبين في الرابط المذكور أعلاه، فكم ستكون نسبة التكبير عند قلب عدسة ذات بعد بؤري بمقدار 20مم وباستخدام حلقة القلب من ڤيلو، بالإضافة إلى تثبيت مرشحين على مقدمة العدسة سمكهما يقارب 5مم مجتمعين؟
تك = مم ÷ بب
= [44مم من المستشعر إلى المنصة
+ 20مم سمك حلقة ڤيلو
+ 5مم سمك المرشحين] ÷ 20مم
= 69مم ÷ 20مم
= 3,45×
بالإضافة إلى هذه الأدوات يمكن زيادة التكبير أكثر من ذلك بوضع التمديدات المفرغة لزيادة البعد ما بين المستشعر والعدسة ولكنها طريقة لم اختبرها بعد. كما نرى من المثال السابق فقد تم الوصول إلى تكبير بمقدار 3,45× بمجرد قلب العدسة (مع إضافة مرشحين)، ولو كان الأمر منوطا بالتمديدات المفرغة لكان الوصول إلى ذات النسبة يتطلب حيزا واسعا للتمديدات والعدسة، مع العلم بأن نقطة التركيز غالبا ما ستكون خلف مقدمة العدسة ولن يمكن رؤية شيء بوضوح، بعكس قلب العدسة هنا.
قد يعيب البعض – ممن يستخدمون الحلقات التقليدية لقلب العدسة – قد يعيبون على هذه الطريقة عدم القدرة على التحكم بفتحة العدسة، والحقيقة أن في هذا المقام وهذا العمل لن نحتاج إلى التحكم في فتحة العدسة، بل يجب أن تظل فتحة العدسة أكبر ما تكون (أي في وضعها الطبيعي). وهكذا يمكن القول بأن عند تصوير العينية للمجهر، لا يهم ما إذا كان المصور يمتلك الحلقات التقليدية أو أداة كـ «مكبر ڤيلو» (Vello Macrofier) والتي تتيح التحكم بفتحة العدسة المقلوبة.
ج- الحساب العملي:
قد يتعذر حساب نسبة التكبير لأي تقنية من تقنيات التصوير المجهري لأسباب مختلفة، أو قد يساور الشك المصور في تقديراته لنسبة التكبير عند استخدام التقنيات المختلفة للتصوير المجهري. يمكن عندئذ حساب ومعرفة التكبير الفعلي للتقنية المعنية بالتصوير بشكل عملي، وتتطلب هذه العملية معرفة شيء واحد على الأقل: عرض المستشعر. تقوم هذه الطريقة على المقارنة بين عرض شيء معلوم القياس وعرض صورته المُسقطة على المستشعر. كل ما يلزمنا هو التقاط صورة لمسطرة اعتيادية، ويجب أن تحتوي على تقاسيم للمليمترات للدقة.
كما ذكرنا آنفا أنه يجب علينا معرفة الحجم الفعلي للمستشعر، وهذه المعلومات متوفرة بشكل يسير على الشبكة عند البحث عن الكاميرا المعنية. عرض مستشعر كاميرات كانون إيوس 7د هو (22.3مم)، ويمكن الحصول على هذه المعلومات من الكثير من المواقع كما في هذا الرابط، وقد تختلف عن بعضها البعض في تعيين القيمة بشيء طفيف من الفواصل العشرية ولن يؤثر ذلك بشكل كبير على الحسابات اللاحقة.
نقوم بوضع المسطرة على سطح مستوٍ كالمنضدة (ويمكن وضعها بشكل عمودي إذا أمكن) ونقوم بتصويرها مع مواءمة الحافة اليسرى أو اليمنى لأحد خطوط التقسيم للمليمترات، وأنا شخصيا أفضل مواءمة خط الصفر على إحدى الحافتين. سيكون من الأفضل لو أمكن وضع الكاميرا بشكل عمودي مباشر أمام المسطرة، حيث يكون المستشعر والمسطرة بهذه الطريقة متوازيان، وبحسب تقنية التصوير المستخدمة سيتطلب الأمر الاقتراب الشديد من المسطرة، ولعل هذا الأمر يستدعي التصوير بنظام المشاهدة الآنية بدلا من النظر من خلال العينية، ولكن هذا الأمر لن يؤثر كثيرا على أية حال. أما إعدادات الكاميرا فليس لها أهمية كذلك ولكن يفضل استخدام أكبر فتحة عدسة ممكنة ورفع حساسية المستشعر للتغلب على اهتزاز اليد (إذا كانت الكاميرا محمولة باليد طبعا)، وقد يفضل تفعيل خاصية التصوير المتتابع لالتقاط أكثر من صورة بالتتابع واختيار أفضلها وأوضحها للحساب. بعد المواءمة مع إحدى الحافتين، نقوم بالتقاط الصورة.
بعد التقاط الصورة، لن نحتاج إلى معاينة الصورة على الحاسوب، بل كل ما يلزمنا هنا هو عد عدد المليمترات في الصورة على شاشة الكاميرا فقط. كما نعلم، الصورة الملتقطة تم إسقاطها على المستشعر وهكذا يمكننا حساب نسبة التكبير بقسمة عرض الصورة (التي هو بذاته عرض المستشعر) على عرض الجزء الذي تم تصويره؛ أو بعبارة أخرى:
التكبير = عرض المستشعر ÷ المقدار الذي تم تصويره.
لنضرب مثالا على ذلك للتوضيح: قمت بقلب عدسة «ڤويغتلاندر 20مم» باستخدام مكبر «ڤيلو»، وعند تصوير المسطرة كان هناك ما يقارب 7 مليمترات في الصورة، فكم تكون نسبة التكبير؟
التكبير = عرض المستشعر ÷ الجزء المُصوّر
= 22,3مم ÷ 7مم
= 3,18 ≈ 3,2×
وبهذا نعلم بأن هذه العدسة عند قلبها سوف توفر لنا تكبيرا بمقدار 3,2×. تعتبر هذه الطريقة من أنجع الطرق لمعرفة نسبة التكبير لأي طريقة في التصوير المجهري وهي لا تحتاج إلى شيء سوى العد والمقارنة (الحساب) ما بين الصورة والأصل، ولا تتطلب معرفة بأي أبعاد في الكاميرا ما عدا عرض المستشعر (المدون في مواقع عدة).
بعد معرفة نسبة التكبير لتقنية التصوير المجهري، يمكننا الآن حساب نسبة التكبير الكلي الشامل لتكبير المجهر وتكبير العدسة على الكاميرا:
التكبير الكلي = تكبير الشيئية × تكبير العينية × تكبير الكاميرا
هكذا، وتحت ضوء المثال السابق والذي أوجدنا فيه نسبة التكبير لعدسة 20مم مقلوبة، وهي 3,2×، ومع استخدام شيئية بتكبير 10× (والعينية بتكبير 10× ثابت) – وتلك في الغالب النسب التي استخدمها في معظم أعمالي مع المجهر – فإننا سنجد أن نسبة التكبير الكلية هي: 10×10×3,2 = 320×.
إعدادات الكاميرا
يفضل غالبا أن تكون الإعدادات في الكاميرا عند تصوير العينية يدوية (غير آلية) تماما؛ أي باستخدام النظام اليدوي (M) في الكاميرا وبغلق خاصية التركيز الآلي (AF) إذا ما تطلب الأمر ذلك. في النظام اليدوي سيكون المصور مسيطرا على فتحة العدسة وسرعة الغالق كل على حدة. نذكّر في هذا المقام بأننا نعمل بنظام المشاهدة الآنية، أي شاشة الكاميرا ذاتها (والأمر صعب بالنسبة للكاميرات القديمة حيث يتطلب ذلك النظر من خلال عينية الكاميرا طوال الوقت)، وفي نظام المشاهدة الآنية سيعمل المربع الأبيض مقام مقياس الضوء بغض النظر عما تم اختياره مسبقا لعملية قياس الضوء. ولهذا، فمن الضروري تحريك هذا المربع إلى منطقة ما في الصورة تكون إضاءتها متوسطة إن أمكن، لا شديدة ولا مظلمة. إذا لم يمكن ذلك، فالأنسب هو التقاط بضع صور مع تغيير سرعة الغالق تباعا حتى الحصول على الإضاءة المناسبة (ومن المناسب جدا الاستعانة بالمخطط الضوئي عند العمل). في حالة ما إذا كان التحكم بفتحة العدسة ممكنا، فيجب ضبطها على أقل عدد بؤري (أي أكبر فتحة عدسة) ممكنة.
قد يستغرق التعريض للصورة الواحدة عدة ثوان (قد تصل إلى 30 ثانية وأكثر) وهذا يعتمد على الموضوع محل الاختبار، وعلى حساسية المستشعر. دائما ما يفضل العمل بالحساسية المنخفضة للمستشعر للتقليل من نسبة الضوضاء الرقمية في الصورة، ولكن في هذا المقام الأمر رهن الاختيار الشخصي للمصور. إذا ما تم رفع الحساسية، قل وقت التعريض تباعا لذلك. اختياري الشخصي هو خفض حساسية المستشعر لأدنى مستوى دائما (ISO 100 في كاميرات الكانون)، ومع ذلك لا تزال الضوضاء الرقمية مصدر إزعاج عند العمل لاحقا لأسباب عديدة منها حجم المستشعر الصغير الذي يجعله يتأثر بالحرارة بسهولة.
من المهم جدا استخدام جهاز التحكم، سواء السلكي أو اللاسلكي لالتقاط الصور دون الحاجة للمس الكاميرا مباشرة مع تفعيل المؤقّت الخاص للكاميرا. في كاميرا كانون إيوس 7د هناك مؤقتان: لمدة ثانيتين و10 ثوان، ولكن عند استخدام جهاز التحكم اللاسلكي فإن المؤقت سيتحول إلى ثانيتين تلقائيا. لذلك من الضروري معرفة هذه الأمور في الكاميرا محل العمل. كما أسلفنا، فإن جهاز التحكم يفيد في التقاط الصور من بعد بغير لمس للكاميرا مما يساعد في تقليل الاهتزاز، وكذلك هو الأمر بالنسبة للمؤقت الذي يتيح الفرصة للكاميرا بالاستقرار قبل التقاط الصورة. هناك بعض الاهتزازات الطفيفة التي قد لا تلحظها العين البشرية ولهذا يجب عدم التهاون في أي عمل ممكن لزيادة الاستقرار خاصة أن العمل هنا على مستوى تكبير عالٍ والاهتزازات الطفيفة ستظهر كأنها شديدة على شاشة الكاميرا وفي الصورة الملتقطة. سيستغرق الأمر بعض الوقت إذا ما كان المصور يريد تحقيق عمق ميدان أفضل بالتقاط عدة صور، حيث أن العمل بهذه الطريقة سيستغرق وقتا طويلا (أحيانا لساعة!) وقد يفوق عدد الصور المئة. من الضروري جدا التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي (RAW) لسلاسة التعديل لاحقا.
كانت هذه أهم إعدادات الكاميرا المطلوبة عند تصوير العينية، وأما ما يتعلق بالإعدادات الأخرى (كالمستوى الأبيض، White Balance) فهي من الأمور الثانوية واختيارها رهن بما يراه المصور مناسبا. يجب ملاحظة أن في هذا العمل لا يتم تغيير موقع الكاميرا (بالمسطرة المتحركة) أو تحريك حلقة ضبط التركيز على العدسة، بل لالتقاط عدة صور، نقوم بلف الضابط الدقيق للمجهر بزوايا صغيرة جدا ومتقاربة جدا؛ هذا إذا ما تطلب الأمر الحصول على عمق ميدان أفضل. أما حلقة التركيز فليس لها تأثير كبير في وضوح الصورة في هذا المقام ويمكن ركنها عند أية قيمة (وأنا أفضل اللانهاية، ∞)، ولكن يجب عدم تحريكها أثناء العمل وإبقائها كما هي طيلة فترة التقاط الصور(ة).
العمل مع الصور
مع افتراض أن المصور قد انتهى من العمل وحمّل الصور على الحاسوب مع ترتيب الملفات وما إلى ذلك من متطلبات، نقوم الآن بمعاينة الصور. كما أسلفنا، فإنه يفضل التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي لتسهيل التعديل، ولكن هذا ليس شرطا أساسيا؛ يمكن التقاط الصور بصيغة الج.ب.ج (JPG) مباشرة، ولكن هذا سيحرم المصور من بعض الصلاحيات.
سيكون برنامج المعاينة هو، كالمعتاد، الفوتوشوب. بافتراض أن الصور بصيغة السالب الرقمي (RAW)، فإنه يمكن فتحها دفعة واحد بمحرر السالب الرقمي (أو ما يسمى ACR) عن طريق اختيار جميع الملفات دفعة واحدة (بالنقر على ملف واحد ثم اختيار الكل باستخدام تحكم+A). بالاعتماد على سرعة الحاسوب، فإن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تُفتح جميع الملفات. كنت قد ذكرت الكثير عن طرق التعديل في محرر السالب الرقمي الملحق ببرنامج الفوتوشوب في مقالات سابقة ولهذا لن أتطرق إلى الكثير هنا. كل ما يهمنا هنا هو عمل التعديلات اللازمة في واحدة من الصور وتعميم هذا التعديل على الكل. في حال ما تم تصوير صورة واحدة أو التصوير بصيغة الـج.ب.ج فإن الخطوات التالية ليست مهمة:
1- نقوم باختيار واحدة من الصور المفتوحة في القائمة اليسرى. يفترض أن تكون ذات تفاصيل واضحة بعض الشيء ولكن هذا ليس شرطا. قد تكون الصورة الأولى من القائمة أو من المنتصف أو من نهاية القائمة.
2- نقوم بإجراء التعديلات المطلوبة (تباين،ضبط المستوى الأبيض، ضبط تعريض… الخ).
3- بعد الانتهاء النهائي من التعديلات المطلوبة، نقوم باختيار الصور الأخرى في القائمة اليسرى بالنقر على «اختيار الكل» (Select All).
4- نقوم بتعميم هذه التعديلات على جميع الصور، بالنقر على «مواءمة» (Synchronize). تظهر قائمة في أول صندوق الخيارات، نقوم باختيار «كل شيء» (Everything) في بداية القائمة، ثم الموافقة. ستظهر آثار التعديلات على الصور الأخرى (مع علامة مميزة تدل على التعديل في الركن الأيمن السفلي لكل واحدة منهن).
5- نقوم الآن بحفظ جميع هذه الصور بصيغة الج.ب.ج. أو أي صيغة أخرى، ولكن مع هذا العدد الكبير من الصور يفضل استخدام هذه الصيغة لتقليل حجمها (الرقمي). للحفظ، نقوم بالنقر على «حفظ الصور» (Save Images) بالأسفل من قائمة الصور اليسرى، ثم ضبط الخيارات كما هو موضح (الخيارات هنا لأقصى نقاوة ممكنة عند حفظ الملف مع عدم تغيير اسم الملف الأصلي.
6- عند الانتهاء من عملية حفظ الملفات يمكننا الآن النقر على زر «انتهاء» للخروج من محرر السالب الرقمي (ACR) وبهذا نكون قد انتهينا من التعديلات وتأتي المرحلة الأصعب، وهي دمج الصور.
توقفت عن الكتابة في هذه المدونة لوقت طويل كنت خلالها باحثا عن مواضيع جيدة للنشر. وحيث إنني كنت مشغولا في الآونة الأخيرة ببعض الأعمال والمشاريع (الفنية) فقد أحببت أن أشارك بهواية جديدة ولكنها متعلقة بهواية أقدم، وهي التصوير. تتعلق هذه الهواية بتصوير المجهر باستخدام تقنية التصوير المجهري مع المجهر. وبالرغم من الإمكانات المحدودة حاليا ولكنه عمل لا يخلو من المتعة (والتعب) مع مجهر قديم كالذي لدي. على أنه يجب ألّا يؤخذ هذا المقال في مقام العمل الاحترافي، فتصوير ما تحت المجهر له فنه الخاص وتقنيته وطريقته الخاصتان، كل هذا مما يوفر للقائم على العمل مع المجهر الصور الصالحة للنشر في شتى مجالات العلوم. لكنّي في هذا المقام سوف أحاول النظر إلى الموضوع من باب الهواية لا أكثر، وسوف أحاول التحدث عن بعض الأمور المتعلقة بنسبة التكبير وما إلى ذلك. والحقيقة أن ما حثني على هذا العمل كان البحث عن مواضيع تجريدية بحتة للتصوير.
المجهر (الميكروسكوب)
عند الحديث عن المجاهر، قد يتبادر إلى الذهن المجاهر الحديثة والتي تكون مزودة بأنابيب خاصة بالتصوير بجانب عدسات العينية (التي يُنظر من خلالها)، بل إن بعضها يأتي مزودا بكاميرته الخاصة كذلك للأغراض البحثية. بالطبع لن تلزمنا كل تلك التجهيزات، فكل ما لدي هو مجهر بسيط اكتنزته منذ أن كنت في الرابعة عشرة من العمر، وهو يفي بالغرض لولا حاجته الماسّة للتنظيف من الداخل.
هذا المجهر البسيط مزود بثلاث عدسات شيئية معنونة بنسب التكبير لكل واحدة منهن: 4× و10× و40×. هذا بجانب عدسة العينية ذاتها التي ينظر من خلالها المشاهد والمعنونة بنسبة تكبير 10×. لحساب نسبة التكبير الكلية عند النظر إلى موضوع ما نقوم بضرب هذه النسب، وبما أن تكبير العينية ثابت لا يتغير، يمكننا القول بأن هذا المجهر يقوم بالتكبير بنسبة: 40× و100× و400× على التوالي. كنت قد أسهبت الحديث في مقالة سابقة عن التصوير المجهري عن طرق التكبير بالعدسات في التصوير وما إلى ذلك وماذا يعني ذلك، ولا ضير أن نشرح بشكل سريع ماذا يعني أن نقول: نسبة التكبير هي 100×. المعنى المراد من هذا بسيط، وهو أن الأبعاد الحقيقية للموضوع محل التصوير (أو الرؤية تحت المجهر) قد تم تكبيرها إلى 100 ضعف؛ فلو كان الجسم بطول 1مم فإننا سنراه كما لو كان حجمه الحقيقي هو 100مم (أي 10سم). قد تنفع معرفة بعض هذه الحسابات في تقدير أبعاد الأشياء متناهية الصغر لاحقا أو لأمور تقنية أخرى. في حالة مجهري البسيط كان من الصعب التكبير إلى نسبة 400× حيث أنها تتطلب الإضاءة القوية والموجهة بشكل صحيح للنفاذ ما بين العدسة الشيئية والموضوع. على أية حال، كانت أغلب أعمالي في نطاق نسبة 100×، حيث أنها نسبة توفر بعض الوضوح في التفاصيل وبإضاءة مقبولة.
على أن نسب التكبير هذه ليست النهاية؛ فهناك نسبة أخرى يجب إضافتها وسنتحدث عنها بشكل وافٍ لاحقا، وهي نسبة التكبير الحادثة من آلة التصوير ذاتها. يمكننا القول إذا بأن الصورة تمر بثلاث مراحل تكبير: الشيئية، ثم العينية، ثم عدسة الكاميرا. لتصوير العينية يفضل الكثير من العاملين في هذا المجال استخدام الكاميرات الصغيرة (كالهواتف الذكية والكاميرات الخفيفة وكاميرات الشبكة) لخفتها وسهولة حملها، ولكن قد تصعب معرفة نسبة التكبير لبعض هذه الكاميرات (إلا بتطبيق طريقة بسيطة سنشرحها لاحقا). هناك أمور أخرى تتعلق بالخيارات المتاحة للمصور عند استخدام الكاميرات البسيطة من هذا النوع سنأتي عليها لاحقا، ولكن يمكن القول الآن بأن هذه الكاميرات قد تقيد من إمكانات المصور ولكنها تفيد في التصوير السريع والعملي. في هذه الحالة والتي أنا بصدد التحدث عنها، كنت قد استعملت كاميرتي «كانون 7د»: عادية، ومعدلة. أما الكاميرا العادية فهي للتصوير الطبيعي بالألوان الطبيعية، وأما المعدلة فهي لاستخدام بعض المرشحات الخاصة، كمرشح الأشعة تحت الحمراء مثلا. وبسبب ثقل هذا النوع من الكاميرات فقد تطلب الأمر بعض الترتيبات (المضنية أحيانا).
مشاكل العمل
إحدى أولى المشاكل التي قد تواجه العامل على هذا النوع من التصوير، لا سيما مع مجهر قديم من هذا النوع، هي مشكلة الإضاءة المناسبة؛ حيث أن هذا النوع من المجاهر القديمة لا تتوفر فيها مصادر إضاءة بذاتها، بل مرآة عاكسة فقط وهي لا تكفي للرؤية الجيدة ولا للتصوير. لهذا قمت بالاستعانة بإضاءتي مكتب مزودتان بمصابيح الصمام المشع (LED) بقدرة 13 واط. لهذا النوع من المصابيح بعض المميزات ولذا أفضل استخدامها على استخدام مصابيح التنجستين الاعتيادية ومصابيح توفير الطاقة:
1- لا تنتج حرارة عالية كمصابيح التنجستين.
2- إضاءتها شديدة مقارنة بمصابيح التوفير (CFL).
3- قدرتها منخفضة ولا تستهلك الكثير من الطاقة.
4- غالبا ما يكون رأس هذا النوع من المصابيح مصنوعا من البلاستيك ولهذا فهو ليس سهل الكسر كما هو الحال بالنسبة للزجاج في أنواع المصابيح الأخرى.
والحقيقة إن العمل مع مصدر ضوء خارجي (حتى لو توفر مصدر ضوء في المجهر نفسه) له مميزاته أيضا، حيث سيوفر هذا الضوء البيئة الملائمة لاستكشاف الأجسام المعتمة والتي لا تسمح للضوء بالنفاذ من خلالها، وبهذه الطريقة يمكن تفحص أسطحها تحت المجهر من الضوء المنعكس عليها. بل وتفيد هذه الطريقة كذلك على استكشاف أسطح الأجسام الشفافة التي تنفذ الضوء بعد غلق البؤبؤ أسفل المنصة أو الرف، حيث سيكون الضوء منعكسا من الجانب الأعلى للموضوع فقط ولا ينفذ الضوء من خلال الموضوع الشفاف.
المشكلة الأخرى التي قد تواجه المصور هي تسرب الضوء (من مصدر الضوء الخارجي) إلى عدسة الكاميرا أثناء تصوير العينية بشكل مباشر مما يتسبب في بهتان الصورة وعدم وضوحها. لا يعني هذا أن علينا العمل في الظلام الدامس، ولكن الضوء الشديد والقريب من منطقة العمل سيؤثر سلبا حتما على وضوح الصورة، وخاصة عند دخول هذا الضوء بزاوية محددة غير عمودية إلى العدسة. حل هذه المشكلة بسيط جدا، وهو بتمرير العينية بقطعة ورقية كبيرة نسبيا أو ما شابه ذلك، ويفضل أن تكون سوداء لحجب الضوء القادم من الأسفل عن عدسة الكاميرا في الأعلى. هذا، وقد قمت بتغطية منطقة العمل بكاملها بقطعة كبيرة من الورق الأسود، وهذه فائدة أخرى لمصابيح الصمام المشع والتي لا تنتج حرارة عالية، وعليه سيكون الوضع آمنا من الحريق (بشرط التهوية طبعا).
بالنسبة لي، فقد كانت المشكلة الأكثر صعوبة هي توجيه الكاميرا وخفضها إلى مستوى العينية. ولا يوجد هناك طريقة محددة لفعل ذلك فالأمر رهن ما لدى المصور من أدوات متاحة. ولكن لسهولة الخفض والرفع إلى حد ما، يفضل أن تُثبت الكاميرا على «مسطرة متحركة» (Rail Head) ثم إيجاد طريقة ما لتثبيت الكاميرا فوق العينية لتصوير العينية عن قرب (وهذا بالطبع سيستدعي تقنيات التصوير المجهري). مما يزيد من صعوبة التثبيت هو اتجاه العينية للمجهر إلى الأعلى عموديا بدلا من الميلان بزاوية، مما يستدعي تثبيت الكاميرا عموديا فوق العينية بشكل مباشر. تيسر الأمر بالنسبة لي مع وجود ذراع جانبية يمكن تثبيتها على الحامل الاعتيادي للكاميرا وهكذا تكون الكاميرا موجهة إلى الأسفل ويمكن خفضها ورفعها بتحريك المسطرة المتحركة. ولا يخلو الأمر من بعض المخاطر كذلك لفرضية اختلال التوازن، لذا يجب الحذر والتأكد من موازنة الحامل.
كانت هذه أهم المشاكل عند بداية العمل وهناك مشاكل أخرى أثناء العمل وبعد العمل ولكنّي سأذكرها حين يحل موعدها، فقد اكتفيت هنا بذكر المشاكل العامة عند البداية بتصوير المجهر بالكاميرات الثقيلة.
مزايا
قلت آنفا بأن العمل مع الكاميرات الرقمية المتخصصة (ذوات المرايا العاكسة والعدسة الأحادية، DSLR) له مزاياه بالرغم من ثقل هذه الكاميرات وحجمها وبطء العمل بها بعكس الكاميرات الخفيفة الأخرى (لا سيما التي في الهواتف الذكية). سأذكر هنا بعض هذه المزايا التي استشعرتها بنفسي عند العمل:
أ- توفر نسبة تكبير إضافية معلومة القيمة (يمكن حسابها قبل العمل) مع تغيير تقنية التكبير.
ب- غالبا ما يكون المستشعر في هذا النوع من الكاميرات أكبر حجما منه في الكاميرات الخفيفة، وعليه يكون مستوى الدقة أكبر.
ج- يمكن التقاط الصور باستخدام المرشحات المختلفة، كمرشح الأشعة تحت الحمراء على سبيل المثال. والحقيقة لا أعلم ما إذا كانت هذه الخاصية مهمة أم لا ولكنها قد تكون مثيرة لاهتمام البعض.
د- الخواص المتقدمة التي غالبا ما تُوفرها هذه الكاميرات تتيح الكثير من الأمور كالثبات (عن طريق استخدام خاصية قفل المرآة، Mirror Lock-Up، والمؤقِّت) والمشاهدة الآنية في شاشة الكاميرا بالإضافة إلى التحكم في التعريض والتقاط مقاطع الفيديو إذا تطلب الأمر ذلك. هناك الكثير من الخيارات العملية المتاحة للمصور.
هـ- بالإضافة إلى المؤقت، فإنه يمكن العمل بجهاز التحكم عن بعد بدلا من جهاز التحكم السلكي أو لمس الكاميرا (ويفضل عدم لمس الكاميرا بعد الضبط النهائي).
و- إمكانية التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي والذي سيتيح للمصور لاحقا العمل على تعديل بعض الأمور وتحسينها، بل أن هذا الأمر متطلب أساسي عند إنجاز التصوير ببعض المرشحات الخاصة.
هذا وقد يجد المصور بعض الخصائص المفيدة التي لم أذكرها هنا، فكل ما ذكر من قبل هو من ملاحظاتي الشخصية فقط لا غير. أما فيما يتعلق بالجوانب السلبية لاستخدام هذه الكاميرات في العمل فقد ذكرناه مسبقا، وغالبا ما يتعلق الأمر بثقل حجم الكاميرا وطريقة تثبيتها التي قد تكون خطرة تباعا لوزنها الثقيل، حيث يتطلب الأمر تأكيد التوازن، فأقل اختلال قد يؤدي إلى خدش عدسة الكاميرا عند احتكاكها بعينية المجهر.
العمل
كما أسلفنا، فإن العمل يتلخص في تصوير عينية المجهر، ومتى ما تم تثبيت الكاميرا بالارتفاع المناسب فإنه يمكننا البدء بالتقاط الصور. يفضل ترتيب الأمور ووضع المنضدة والمجهر وحامل الكاميرا على سطح ماص للاهتزازات، كالسجاد أو أرضيات مطاطية بدلا من تركها على الأرض مباشرة حيث أن الأسطح الصلبة ناقل جيد للاهتزازات.
ولكن قبل المباشرة في التصوير فإنه يجب العمل على تجهيز العينة طبعا. قد لا يكون الأمر مهما لو كان عزيزي القارئ ممن يعمل في هذا المجال مسبقا، ولكنه أمر لا بد من شرحه ولو قليلا لغير المتخصصين (أمثالي).
كانت قد توفرت لي بعض الشرائح والأغطية الزجاجية لصنع العينات، ولكن قبل هذا كنت قد لجأت لصنع شريحة بلاستيكية (من أغطية الأقراص المدمجة) واستخدامها لوضع العينة عليها. يمكن وضع العينة على أي سطح شفاف نظيف يمكّن من تمرير الضوء من خلال العينة، على أن الوضع قد لا يتطلب هذا الأمر لو كانت العينة مصمتة (كقطعة نقود معدنية مثلا). ولكن في جميع الأحوال يفضل وجود حامل ما للعينة حتى يمكن تحريك العينة تحت العدسة الشيئية دون لمس العينة بذاتها (بالإضافة إلى إمكانية تغطية العينات الصغيرة بأغطية زجاجية لمنع تحركها). هناك بعض الأساليب لتثبيت الأغطية الزجاجية على العينة ولكن في حالتي هذه كنت قد قمت بتثبيتها بشريط لاصق على الجانبين، بينما في حالة بعض العينات كقطع النقود فلا يمكن تثبيت عينة من هذا النوع.
شريحة زجاجية (يمين) لحمل العينة، وعلبة للأغطية الزجاجية (يسار) لتغطية العينة. لاحظ التقعر في الشريحة لتثبيت العينة. |
1- نبدأ بالعدسة الشيئية الأقل تكبيرا (ذات الأربعة أضعاف، 4×) ونحاول الحصول على صورة جيدة من خلال تحريك العينة و«الضابط الكبير» دون «الضابط الدقيق». في هذه المرحلة يفضل إرجاع الضابط الدقيق إلى الخلف تماما والاعتماد على الضابط الكبير فقط للحصول على صورة مقبولة.
2- قد تكون الصورة جيدة عند تكبير 4× إذا أراد المصور ذلك، ومن هنا يمكن البدء بتصوير العينة (بطريقة خاصة سنذكرها لاحقا) أو يتم التحويل إلى مستوى التكبير التالي، وهو 10×، ونقوم بضبط الصورة بالضابط الدقيق هذه المرة.
3- عند هذه المرحلة، وبعد الضبط بشيئية 10×، لدينا الخياران السابقان، إما المتابعة إلى مستوى التكبير التالي (40×) أو البدء بالتصوير. غالبا ما ستكون هذه هي المرحلة الأخيرة حيث سيكون تمييز التفاصيل صعبا عند مستوى 40× بالإضافة إلى صعوبة الإضاءة كذلك. ولكن لا مانع من التجربة.
لا يوجد هناك هدف محدد للوصول إليه سوى الحصول على التفاصيل المثيرة للاهتمام، مما يعني أنه يمكن الوقوف عند نسبة تكبير 4× أو 10× أو 40× (والتي بدورها سيتم تكبيرها إلى 10 أضعاف عن طريق العينية). جدير بالذكر هنا بأن ضبط التركيز سيزداد صعوبة كلما زاد مستوى التكبير، حيث أن «عمق الميدان» للصورة المتكونة سيقل تدريجيا مع ازدياد التكبير (كما هو الحال فعليا في حالات التصوير المجهري)، وعليه فإنه يمكن القول بأن العينة لن يكون لها تركيز واضح عند مستوٍ واحد، بل عند عدة مستويات. سيكون الأمر جليا عند النظر في مستوى تكبير 10×. لهذا السبب، يتطلب الأمر عادة عينة رقيقة جدا للحصول على صورة جيدة، والتصوير المتتابع مع تغيير ضبط التركيز للعينة ثم دمج جميع هذه الصور للحصول على صورة واحدة مقبولة الحدة الوضوح. والآن، وبعد الحصول على الصورة المطلوبة بالنظر من خلال العينية، نقوم بتنصيب الكاميرا فوق العينية لالتقاط الصور، بحذر.
ذرات من مسحوق القهوة بشيئية 10×. لاحظ كيف يكون التركيز واضحا في الصورة عند نقطة ما بينما يغيب عن أكثر أجزاء الصورة. |
تصوير العينية
كما أشرنا سابقا، إن تصوير العينية في هذا الوضع يتطلب اللجوء إلى تقنية التصوير المجهري وأساليبه للاقتراب قدر المستطاع من العينية وملء الشاشة أو المشهد مما تحتويه العينية. كنت قد سردت بعض أساليب التصوير المجهري في مقالات سابقة ولكنّي سأتحدث عن بعض التفاصيل الأخرى المتعلقة بطريقتين فقط، هما: التصوير بالتمديدات المفرغة، والتصوير بالعدسة المقلوبة؛ حيث أنهما الأنسب لهذا العمل. أما التصوير بعدسة مخصصة للتصوير المجهري فإنه لن يناسب العمل في هذا الحقل غالبا لأن مسافة التركيز محط العمل هنا ستكون أقل من السنتيمتر الواحد في كثير من الأحيان، وهذه العدسات لن تستطيع ضبط التركيز بهذا البعد الضيق. أما تقنية دمج العدسات فإنها لا تصلح بتاتا للمشاكل المصاحبة معها، بالإضافة إلى مجال الكبير المطلوب للعدستين.
أ- التمديدات المفرغة (Extension Tubes):
مجموعة من التمديدات المفرغة وطريقة وصلها بين الكاميرا والعدسة. المصدر |
تك = تم ÷ بب؛
حيث تكون (تك) هي نسبة التكبير المطلوب حسابها، و(تم) هي طول التمديدات بالمليمتر، و(بب) هي البعد البؤري للعدسة. وهكذا نرى بأن نسبة التكبير تزداد كلما طالت التمديدات وقصر البعد البؤري للعدسة. هناك بعض المصورين الذين يقومون بصنع تمديداتهم أو القيام بعمل مشابه، وسنتكلم لاحقا عن كيفية معرفة نسبة التكبير عمليا إذا تعذر الحساب. لهذه الطريقة مساوئها كذلك (ولهذه الأسباب لا استخدمها كثيرا في تصوير العينية):
1- تزيد من ثقل الكاميرا بشكل ملحوظ مع ازدياد عدد التمديدات المضافة ما بين الكاميرا والعدسة، وهو أمر يفضل تجنبه.
2- قد يتطلب الأمر التمديدات الطويلة للوصول إلى تكبير بمقدار 1× على الأقل مما قد يسبب مشاكل في سلاسة الحركة للكاميرا عند وضعها فوق العينية.
3- قد لا يوفق المصور في الحصول على التركيز المطلوب حيث أن مسافة التركيز قد تقع (حسابيا) خلف مقدمة العدسة (وهو أمر قد طرحته مسبقا في مقالة التصويرالمجهري).
لهذه الأسباب فإنني لم أركن ولم أمِل إلى استخدام هذه الطريقة في تصوير العينية كثيرا. يعتمد الأمر على أنواع العدسات المتوفرة لدى المصور، ولكن أحيانا قد يتطلب الأمر استخدام جميع التمديدات للوصول إلى نسبة تكبير 1× أو أكثر قليلا (1,36× مع عدسة 50مم). المشكلة لا تكمن هنا في نسبة التكبير ولكن في التعامل مع منظومة العدسة والتمديدات ومقدار فقدان الضوء المار بالمنظومة. فنسبة 1× جيدة تماما لتصوير العينية والحفاظ على التفاصيل كما تُرى في العينية، ولا يتطلب الأمر الزيادة كثيرا على هذا الحد حتى لا تضيع الكثير من التفاصيل في العينة، إلا إذا ارتأى المصور أو العامل على المجهر المصلحة في ذلك طبعا.
ب- العدسة المقلوبة (Reversed Lens):
ويقصد بها وصل العدسة بالكاميرا مقلوبةً إلى الكاميرا باستخدام بعض الوسائط أو الحلقات المخصصة لذلك. وقد وجدت في هذه الطريقة كفايتي لتصوير العينية لأنها لا تضع ثقلا كبيرا على الكاميرا ولا تحتاج إلى مجال واسع للعمل كما هو الحال مع التمديدات. هذا، مع توفير معامل تكبير جيد قد يفوق نسبة 1× في كثير من الأحيان بمجرد قلب العدسة وإمكانية التركيز من مسافات قريبة.
Vello Macrofier (مكبر ڤيلو). أحد الأدوات لوصل العدسة عكسيا مع الكاميرا، وهو متوفر لكاميرات كانون فقط حتى لحظة كتابة هذه المقالة. |
تك = مم ÷ بب؛
حيث تكون (تك) هي نسبة التكبير المطلوبة، و(مم) هي المسافة ما بين المستشعر والعدسة، و(بب) هي البعد البؤري للعدسة ذاتها. المسافة ما بين المستشعر والعدسة قد تُقسم لعدة أقسام تباعا للأدوات المستخدمة في هذه التقنية، ولكنها تُجمع جميعها ويكون الناتج المسافة الكلية بين المستشعر والعدسة. إذا ما تم استخدام الحلقات العادية لقلب العدسات، فإن المسافة بين المستشعر والعدسة هي ذاتها المسافة ما بين المستشعر وحافة المنصة (أي منصة تثبيت العدسة)؛ مع اختلاف بسيط لبضع مليمترات. يمكن معرفة المسافة ما بين المستشعر إلى حافة المنصة بالبحث في الشبكة عن خصائص الكاميرا محط السؤال، كما في هذا الرابط. هناك أدوات أخرى قد يستخدمها المصورون لقلب العدسة، منها حلقة «ڤيلو» (Vello) والتي تتيح للمصور التحكم بفتحة العدسة لدى القلب بعكس الحلقات التقليدية (وهي متوفرة لمستخدمي كانون فقط حتى هذه اللحظة). إن ما يهمنا هنا هو ليس التحكم في فتحة العدسة، بل السُمك المضاف إلى المسافة ما بين المستشعر والعدسة؛ فهذه المسافة البسيطة (والتي تساوي تقريبا 20مم) يجب أن تضاف إلى المسافة المعلومة مسبقا (من الرابط أعلاه) ما بين المستشعر والعدسة. زيادة على ذلك، يمكن إضافة بعض المرشحات على مقدمة العدسة عند قلبها وهذا أيضا سيزيد من المسافة (وستزيد معها نسبة التكبير ولو بشكل طفيف).
رسم توضيحي للمسافة بين المستشعر وحافة منصة التثبيت للعدسة. (أعلى) كاميرا ذات مرآة عاكسة. (أسفل) كاميرا عديمة المرآة. المصدر |
تك = مم ÷ بب
= [44مم من المستشعر إلى المنصة
+ 20مم سمك حلقة ڤيلو
+ 5مم سمك المرشحين] ÷ 20مم
= 69مم ÷ 20مم
= 3,45×
بالإضافة إلى هذه الأدوات يمكن زيادة التكبير أكثر من ذلك بوضع التمديدات المفرغة لزيادة البعد ما بين المستشعر والعدسة ولكنها طريقة لم اختبرها بعد. كما نرى من المثال السابق فقد تم الوصول إلى تكبير بمقدار 3,45× بمجرد قلب العدسة (مع إضافة مرشحين)، ولو كان الأمر منوطا بالتمديدات المفرغة لكان الوصول إلى ذات النسبة يتطلب حيزا واسعا للتمديدات والعدسة، مع العلم بأن نقطة التركيز غالبا ما ستكون خلف مقدمة العدسة ولن يمكن رؤية شيء بوضوح، بعكس قلب العدسة هنا.
قد يعيب البعض – ممن يستخدمون الحلقات التقليدية لقلب العدسة – قد يعيبون على هذه الطريقة عدم القدرة على التحكم بفتحة العدسة، والحقيقة أن في هذا المقام وهذا العمل لن نحتاج إلى التحكم في فتحة العدسة، بل يجب أن تظل فتحة العدسة أكبر ما تكون (أي في وضعها الطبيعي). وهكذا يمكن القول بأن عند تصوير العينية للمجهر، لا يهم ما إذا كان المصور يمتلك الحلقات التقليدية أو أداة كـ «مكبر ڤيلو» (Vello Macrofier) والتي تتيح التحكم بفتحة العدسة المقلوبة.
ج- الحساب العملي:
قد يتعذر حساب نسبة التكبير لأي تقنية من تقنيات التصوير المجهري لأسباب مختلفة، أو قد يساور الشك المصور في تقديراته لنسبة التكبير عند استخدام التقنيات المختلفة للتصوير المجهري. يمكن عندئذ حساب ومعرفة التكبير الفعلي للتقنية المعنية بالتصوير بشكل عملي، وتتطلب هذه العملية معرفة شيء واحد على الأقل: عرض المستشعر. تقوم هذه الطريقة على المقارنة بين عرض شيء معلوم القياس وعرض صورته المُسقطة على المستشعر. كل ما يلزمنا هو التقاط صورة لمسطرة اعتيادية، ويجب أن تحتوي على تقاسيم للمليمترات للدقة.
كما ذكرنا آنفا أنه يجب علينا معرفة الحجم الفعلي للمستشعر، وهذه المعلومات متوفرة بشكل يسير على الشبكة عند البحث عن الكاميرا المعنية. عرض مستشعر كاميرات كانون إيوس 7د هو (22.3مم)، ويمكن الحصول على هذه المعلومات من الكثير من المواقع كما في هذا الرابط، وقد تختلف عن بعضها البعض في تعيين القيمة بشيء طفيف من الفواصل العشرية ولن يؤثر ذلك بشكل كبير على الحسابات اللاحقة.
نقوم بوضع المسطرة على سطح مستوٍ كالمنضدة (ويمكن وضعها بشكل عمودي إذا أمكن) ونقوم بتصويرها مع مواءمة الحافة اليسرى أو اليمنى لأحد خطوط التقسيم للمليمترات، وأنا شخصيا أفضل مواءمة خط الصفر على إحدى الحافتين. سيكون من الأفضل لو أمكن وضع الكاميرا بشكل عمودي مباشر أمام المسطرة، حيث يكون المستشعر والمسطرة بهذه الطريقة متوازيان، وبحسب تقنية التصوير المستخدمة سيتطلب الأمر الاقتراب الشديد من المسطرة، ولعل هذا الأمر يستدعي التصوير بنظام المشاهدة الآنية بدلا من النظر من خلال العينية، ولكن هذا الأمر لن يؤثر كثيرا على أية حال. أما إعدادات الكاميرا فليس لها أهمية كذلك ولكن يفضل استخدام أكبر فتحة عدسة ممكنة ورفع حساسية المستشعر للتغلب على اهتزاز اليد (إذا كانت الكاميرا محمولة باليد طبعا)، وقد يفضل تفعيل خاصية التصوير المتتابع لالتقاط أكثر من صورة بالتتابع واختيار أفضلها وأوضحها للحساب. بعد المواءمة مع إحدى الحافتين، نقوم بالتقاط الصورة.
صورة المسطرة بعد التقاطها ونلاحظ أنها لأنصاف المليمترات. عند عد الفراغات نجد أنها 14 فراغا، أي ما يمثل 7 مليمترات. |
التكبير = عرض المستشعر ÷ المقدار الذي تم تصويره.
لنضرب مثالا على ذلك للتوضيح: قمت بقلب عدسة «ڤويغتلاندر 20مم» باستخدام مكبر «ڤيلو»، وعند تصوير المسطرة كان هناك ما يقارب 7 مليمترات في الصورة، فكم تكون نسبة التكبير؟
التكبير = عرض المستشعر ÷ الجزء المُصوّر
= 22,3مم ÷ 7مم
= 3,18 ≈ 3,2×
وبهذا نعلم بأن هذه العدسة عند قلبها سوف توفر لنا تكبيرا بمقدار 3,2×. تعتبر هذه الطريقة من أنجع الطرق لمعرفة نسبة التكبير لأي طريقة في التصوير المجهري وهي لا تحتاج إلى شيء سوى العد والمقارنة (الحساب) ما بين الصورة والأصل، ولا تتطلب معرفة بأي أبعاد في الكاميرا ما عدا عرض المستشعر (المدون في مواقع عدة).
بعد معرفة نسبة التكبير لتقنية التصوير المجهري، يمكننا الآن حساب نسبة التكبير الكلي الشامل لتكبير المجهر وتكبير العدسة على الكاميرا:
التكبير الكلي = تكبير الشيئية × تكبير العينية × تكبير الكاميرا
هكذا، وتحت ضوء المثال السابق والذي أوجدنا فيه نسبة التكبير لعدسة 20مم مقلوبة، وهي 3,2×، ومع استخدام شيئية بتكبير 10× (والعينية بتكبير 10× ثابت) – وتلك في الغالب النسب التي استخدمها في معظم أعمالي مع المجهر – فإننا سنجد أن نسبة التكبير الكلية هي: 10×10×3,2 = 320×.
إعدادات الكاميرا
يفضل غالبا أن تكون الإعدادات في الكاميرا عند تصوير العينية يدوية (غير آلية) تماما؛ أي باستخدام النظام اليدوي (M) في الكاميرا وبغلق خاصية التركيز الآلي (AF) إذا ما تطلب الأمر ذلك. في النظام اليدوي سيكون المصور مسيطرا على فتحة العدسة وسرعة الغالق كل على حدة. نذكّر في هذا المقام بأننا نعمل بنظام المشاهدة الآنية، أي شاشة الكاميرا ذاتها (والأمر صعب بالنسبة للكاميرات القديمة حيث يتطلب ذلك النظر من خلال عينية الكاميرا طوال الوقت)، وفي نظام المشاهدة الآنية سيعمل المربع الأبيض مقام مقياس الضوء بغض النظر عما تم اختياره مسبقا لعملية قياس الضوء. ولهذا، فمن الضروري تحريك هذا المربع إلى منطقة ما في الصورة تكون إضاءتها متوسطة إن أمكن، لا شديدة ولا مظلمة. إذا لم يمكن ذلك، فالأنسب هو التقاط بضع صور مع تغيير سرعة الغالق تباعا حتى الحصول على الإضاءة المناسبة (ومن المناسب جدا الاستعانة بالمخطط الضوئي عند العمل). في حالة ما إذا كان التحكم بفتحة العدسة ممكنا، فيجب ضبطها على أقل عدد بؤري (أي أكبر فتحة عدسة) ممكنة.
قد يستغرق التعريض للصورة الواحدة عدة ثوان (قد تصل إلى 30 ثانية وأكثر) وهذا يعتمد على الموضوع محل الاختبار، وعلى حساسية المستشعر. دائما ما يفضل العمل بالحساسية المنخفضة للمستشعر للتقليل من نسبة الضوضاء الرقمية في الصورة، ولكن في هذا المقام الأمر رهن الاختيار الشخصي للمصور. إذا ما تم رفع الحساسية، قل وقت التعريض تباعا لذلك. اختياري الشخصي هو خفض حساسية المستشعر لأدنى مستوى دائما (ISO 100 في كاميرات الكانون)، ومع ذلك لا تزال الضوضاء الرقمية مصدر إزعاج عند العمل لاحقا لأسباب عديدة منها حجم المستشعر الصغير الذي يجعله يتأثر بالحرارة بسهولة.
من المهم جدا استخدام جهاز التحكم، سواء السلكي أو اللاسلكي لالتقاط الصور دون الحاجة للمس الكاميرا مباشرة مع تفعيل المؤقّت الخاص للكاميرا. في كاميرا كانون إيوس 7د هناك مؤقتان: لمدة ثانيتين و10 ثوان، ولكن عند استخدام جهاز التحكم اللاسلكي فإن المؤقت سيتحول إلى ثانيتين تلقائيا. لذلك من الضروري معرفة هذه الأمور في الكاميرا محل العمل. كما أسلفنا، فإن جهاز التحكم يفيد في التقاط الصور من بعد بغير لمس للكاميرا مما يساعد في تقليل الاهتزاز، وكذلك هو الأمر بالنسبة للمؤقت الذي يتيح الفرصة للكاميرا بالاستقرار قبل التقاط الصورة. هناك بعض الاهتزازات الطفيفة التي قد لا تلحظها العين البشرية ولهذا يجب عدم التهاون في أي عمل ممكن لزيادة الاستقرار خاصة أن العمل هنا على مستوى تكبير عالٍ والاهتزازات الطفيفة ستظهر كأنها شديدة على شاشة الكاميرا وفي الصورة الملتقطة. سيستغرق الأمر بعض الوقت إذا ما كان المصور يريد تحقيق عمق ميدان أفضل بالتقاط عدة صور، حيث أن العمل بهذه الطريقة سيستغرق وقتا طويلا (أحيانا لساعة!) وقد يفوق عدد الصور المئة. من الضروري جدا التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي (RAW) لسلاسة التعديل لاحقا.
كانت هذه أهم إعدادات الكاميرا المطلوبة عند تصوير العينية، وأما ما يتعلق بالإعدادات الأخرى (كالمستوى الأبيض، White Balance) فهي من الأمور الثانوية واختيارها رهن بما يراه المصور مناسبا. يجب ملاحظة أن في هذا العمل لا يتم تغيير موقع الكاميرا (بالمسطرة المتحركة) أو تحريك حلقة ضبط التركيز على العدسة، بل لالتقاط عدة صور، نقوم بلف الضابط الدقيق للمجهر بزوايا صغيرة جدا ومتقاربة جدا؛ هذا إذا ما تطلب الأمر الحصول على عمق ميدان أفضل. أما حلقة التركيز فليس لها تأثير كبير في وضوح الصورة في هذا المقام ويمكن ركنها عند أية قيمة (وأنا أفضل اللانهاية، ∞)، ولكن يجب عدم تحريكها أثناء العمل وإبقائها كما هي طيلة فترة التقاط الصور(ة).
العمل مع الصور
مع افتراض أن المصور قد انتهى من العمل وحمّل الصور على الحاسوب مع ترتيب الملفات وما إلى ذلك من متطلبات، نقوم الآن بمعاينة الصور. كما أسلفنا، فإنه يفضل التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي لتسهيل التعديل، ولكن هذا ليس شرطا أساسيا؛ يمكن التقاط الصور بصيغة الج.ب.ج (JPG) مباشرة، ولكن هذا سيحرم المصور من بعض الصلاحيات.
سيكون برنامج المعاينة هو، كالمعتاد، الفوتوشوب. بافتراض أن الصور بصيغة السالب الرقمي (RAW)، فإنه يمكن فتحها دفعة واحد بمحرر السالب الرقمي (أو ما يسمى ACR) عن طريق اختيار جميع الملفات دفعة واحدة (بالنقر على ملف واحد ثم اختيار الكل باستخدام تحكم+A). بالاعتماد على سرعة الحاسوب، فإن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تُفتح جميع الملفات. كنت قد ذكرت الكثير عن طرق التعديل في محرر السالب الرقمي الملحق ببرنامج الفوتوشوب في مقالات سابقة ولهذا لن أتطرق إلى الكثير هنا. كل ما يهمنا هنا هو عمل التعديلات اللازمة في واحدة من الصور وتعميم هذا التعديل على الكل. في حال ما تم تصوير صورة واحدة أو التصوير بصيغة الـج.ب.ج فإن الخطوات التالية ليست مهمة:
نافذة العمل في محرر السالب الرقمي (ACR) حيث سيكون العمل فيها على تعميم التعديلات على كافة الملفات. أنقر للتكبير. |
1- نقوم باختيار واحدة من الصور المفتوحة في القائمة اليسرى. يفترض أن تكون ذات تفاصيل واضحة بعض الشيء ولكن هذا ليس شرطا. قد تكون الصورة الأولى من القائمة أو من المنتصف أو من نهاية القائمة.
2- نقوم بإجراء التعديلات المطلوبة (تباين،ضبط المستوى الأبيض، ضبط تعريض… الخ).
3- بعد الانتهاء النهائي من التعديلات المطلوبة، نقوم باختيار الصور الأخرى في القائمة اليسرى بالنقر على «اختيار الكل» (Select All).
4- نقوم بتعميم هذه التعديلات على جميع الصور، بالنقر على «مواءمة» (Synchronize). تظهر قائمة في أول صندوق الخيارات، نقوم باختيار «كل شيء» (Everything) في بداية القائمة، ثم الموافقة. ستظهر آثار التعديلات على الصور الأخرى (مع علامة مميزة تدل على التعديل في الركن الأيمن السفلي لكل واحدة منهن).
5- نقوم الآن بحفظ جميع هذه الصور بصيغة الج.ب.ج. أو أي صيغة أخرى، ولكن مع هذا العدد الكبير من الصور يفضل استخدام هذه الصيغة لتقليل حجمها (الرقمي). للحفظ، نقوم بالنقر على «حفظ الصور» (Save Images) بالأسفل من قائمة الصور اليسرى، ثم ضبط الخيارات كما هو موضح (الخيارات هنا لأقصى نقاوة ممكنة عند حفظ الملف مع عدم تغيير اسم الملف الأصلي.
6- عند الانتهاء من عملية حفظ الملفات يمكننا الآن النقر على زر «انتهاء» للخروج من محرر السالب الرقمي (ACR) وبهذا نكون قد انتهينا من التعديلات وتأتي المرحلة الأصعب، وهي دمج الصور.
تعليق