يعود الفضل إلى عمليتي الرصد المباشرتين لموجتي الجاذبية الأولى والثانية المنبثقتين مما يعتقد العلماء أنه نتاج عملية اندماج للثقوب السوداء، الأمر الذي يعزز حصولنا على أول دليل مادي يثبت وجود الثقوب السوداء في الحقيقة، لا على المستوى النظري فقط!
فقد تمكن العلماء من إيجاد طريقة جديدة للـتنبؤ بما يوجد بعد أفق الحدث الخاصّ بأي ثقب أسود؛ والذي من شأنه أن يعطينا فكرة أكثر دقة عن ماهية التكوين الدقيق لما يوجد بداخل الثقب الأسود.
ولكن حتى وإن أثبتنا وجود هذه الثقوب السوداء تظل المشكلة قائمة في الحقيقة، فـنحن لن نتمكن من الاقتراب منها بفضل جاذبيتها المهولة التي تبتلع كل ما يقترب منها.
ولا نستثني من ذلك الضوء؛ فالضوء أيضًا لا يمكنه الهروب من الثقوب السوداء، مما يعني أنه ما من أجهزة أو معدات على سطح الأرض، مهما بلغت درجة تعقيدها، ستتمكن من رؤية ما يحدث تحديدًا داخلها.
يمكن اعتبار دراسة الثقوب السوداء عمليةً لدراسة العلم بطريقة عكسية، كما لو أننا نعود إلى الوراء، وليس كأننا نتقدم إلى الأمام.
فـالعملية الطبيعية تكون أولاً عن طريق رصد شيء أو جسم غريب، ثم تحليل ما رُصد وأخذ النتائج منه، ثم إيجاد نظرية لتفسيره وترتيبه، وكل ذلك يتم باستخدام عمليات وفرضيات معقدة من الرياضيات بالطبع.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالثقوب السوداء؛ فإننا نقوم بفرض النظريات والرياضيات التي سنتعامل بها مع الأمر أيضًا، ثم نشرع باستكشاف كيفية رصد ما نعتقد أنه ينطبق منها.
بيد أنّ هناك مشكلة كبيرة تواجهنا مع هذه الطريقة، وهي أن الفيزيائيين بنوا وجهة نظرهم عما يشكل التكوين الداخلي للثقب الأسود بناءً على كيفية ملاءمة الإحداثيات الرياضية المختلفة مع بعضها البعض، وبناءً عليه؛ فإن ما سيحصل عليه راصد ما في أبعاد معينة سيكون مختلفًا تمامًا عما يحصل عليه راصد آخر في أبعاد أخرى.
والطريقة الأكثر واقعية لحل هذه المشكلة هي بوصف الثقب الأسود عن طريق الكميات الثابتة، والتي لا تعتمد على الإحداثيات، هو ما قاله فريق من العلماء من جامعة جون هوبكينز وطوسون، ويقول الباحثون بقيادة الفيزيائية كيلين ويلكوم إننا إذا أردنا معرفة ما بداخل أي ثقب أسود؛ فلا بد من التركز على تلك الكميات التي تعتبر ثابتة، كما ذُكر سابقًا.
وكان الفريق قد كتب تقريرًا قُـدِم خلال الاجتماع 228 للجمعية الأمريكية للفلك هذا الأسبوع بمدينة سان دييجو؛ ينص على أنّ هناك حوالي 17 كمّية من هذه الكميات مرتبطة بانحناء الزمكان، ومن الممكن استخدامها لدراسة ما بداخل الثقب الأسود.
وبناءً على علاقات رياضية محددة بين هذه الكميات؛ يقول الفريق إن خمسة كميات فقط من بين هذه الكمّيات تعدّ مستقلّة وتعتبر كافية لوصف انحناء الزمكان وصفًا تامًا داخل الثقوب السوداء.
نشر الفريق ما وجدوه على موقع arXiv.org ليتمكن الفيزيائيون الآخرون من استخدام هذه الكميات في محاولة بناء وتكوين دواخل أحد الثقوب السوداء نظريًا.
وبالطبع؛ فإننا لن نتمكن من معرفة مدى صحة هذه الطريقة إلى أن يتم تأكيدها بواسطة نتائج العلماء الآخرين.
وجدت كيلين برفقة الفريق شيئًا مذهلًا عند اختبارهم لهذه الكميات وتجربتها، فقد وجدوا عند قيامنا بحساب هذه الكميات المستقلة ورسمها وعرضها أن الثقوب السوداء تشي عن صورة أكثر جمالًا وتعقيدًا عن تصوّرنا لما تحويه داخلها.
أما الآن فكل ما علينا فعله هو انتظار الإجابة عن السؤال المطروح حول ما إذا كان الثقب الأسود بوابة إلى عالم آخر أم لا، علّنا نتمكن بذلك من التخطيط لإجازتنا القادمة في الكون الموازي!