صفوان بن إدريس
(561 ـ 598 هـ/1165 ــ 1201م)
صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التُّجيبي المرسي أبو بحر. أديبٌ شاعرٌ وناثرٌ، جمع بين النَّظم و النَّثر وأحسن فيهما، ولد في مُرْسية ومات فيها.
من شـيوخه: ابن مُغَاور (عبد الرحمن بن محمد ت:587هـ)، وابن مضاء (أحمد بن عبد الرحمن القرطبي ت:592هـ)، وابن حوط الله، وابن بَشْـكُوَال (خلف بن عبد الملك ت:578هـ)، وابن رشد (محمد بن أحمد الأندلسي القرطبي ت:595هـ). ومن تلامذته الذين رووا عنه أبو إسحاق بن اليابري، وأبو الربيع بن سالم، وابن عيشون.
له رسائل بديعة، وقصائد جليلة في الغزل والوصف ومدح الرسولr. وله رثاء أكثره في آل البيت. امتاز بحسن الارتجال، وسرعة البديهة.
له تآليف أدبية منها: (زاد المسافر وغُرّة محيَّا الأدب السَّافر) وهو تتمَّة لقلائد العقيان لابن خاقان، وله (عجالة المتحفز و بداهة المستوفز) ويُعرف اختصاراً بالعجالة، ويقع في مجلدين يتضمَّنان طرفاً من شعره و نثره، وله (الرِّحلة) وتضم بعض شعره.
يتَّصف شعره بسهولة اللَّفظ، وسلاسة التَّعبيرات، مشوبٌ بالطَّرافة، كثير الاتِّكاء على الطَّبيعة، بارعٌ في الأخذ منها، من غزله قوله:
ياحٌسنًه والحسنُ بعضُ صفاته
والسِّحر مقصورٌ على حركاته
بدرٌ لو انَّ البدر قيل له اقترح
أملاً لقال: أكون من هالاته
والخال ينقُطُ في صحيفة خدِّه
ما خطَّ حبر الصُّدغ من نوناته
وإذا هلال الأفق قابل وجهه
أبصرته كالشَّكل في مرآته
مازلت أخطب للزمان وصاله
حتى دنا والبعد من عاداته
فغفرت ذنب الدَّهر منه بليلة
غطَّت على ما كان من زلاَّته
وله في الوصف:
والسرحةُ الغنَّاء قد قبضت بها
كفُّ النَّسيم على لواءٍ أخضرِ
وكأنَّ شكل الغيم مِنْجَلُ فضَّةٍ
يرمي على الآفاق رطب الجوهر
ومن شعره همزيَّة مشهورة بين الأدباء، من مطلعها:
جاد الرُّبا من بانة الجرعاء
نَوْءان من دمعي وغيم سماءِ
فالدَّمع يقضي عندها حقَّ الهوى
والغيم حقَّ البانة الغنَّاءِ
يا منزلاً نَشِطَتْ إليه عَبْرتي
حتَّى تبسَّم زهرُه لبكائي
هل نلتقي من روضةٍ موشيَّةٍ
خفًَّاقة الأغصان والأفياءِ
وأكثرُ كتبِ الأدبِ روايةً لشعره كتاب «نفح الطِّيب» للمقّري، و«تحفة القادم» لابن الأبَّار و «الإحاطة في أخبار غرناطة» للسان الدِّين بن الخطيب.
أمَّا نثره فيمتاز بجودة السَّبك، وقصر الجمل غالباً، وينأى عن الغريب، بيدَ أنَّه لا يجافي التكلف في السَّجع، ولا يخلو من طرافة الفكرة، فمن ذلك ما نســجه من مفاخرة بين مدن الأندلس في بعض منثوره، ومنها: «فقالت غرناطة: لي المعقِلُ الَّذي يمتنع ساكنه من النُّجوم، ولاتجري تحته إلا جياد الغيث السَّجوم، فلايلحقني من معاند ضررٌ ولاحَيف، ولايهتدي إليَّ خيالُ طارقٍ أو طيف، فاستسلموا قولاً وفعلاً، فقد أفلح من استعلى... ».
ذكره ياقوت الحموي، فقال: «كان شاعراً سريع الخاطر... وهو أحد أفاضل الأدباء بالأندلس» و ذكر له ديوان شعر، ويتَّضح من (زاد المسافر) من كلام ابن سعيد «أنَّ ديوان أبي بحر كان موجوداً في المغرب في عصره» على أنَّه لم يصل إلينا من شعره إلا ما نقلته أمهات كتب الأدب الأندلسي.
أسامة اختيار
(561 ـ 598 هـ/1165 ــ 1201م)
صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التُّجيبي المرسي أبو بحر. أديبٌ شاعرٌ وناثرٌ، جمع بين النَّظم و النَّثر وأحسن فيهما، ولد في مُرْسية ومات فيها.
من شـيوخه: ابن مُغَاور (عبد الرحمن بن محمد ت:587هـ)، وابن مضاء (أحمد بن عبد الرحمن القرطبي ت:592هـ)، وابن حوط الله، وابن بَشْـكُوَال (خلف بن عبد الملك ت:578هـ)، وابن رشد (محمد بن أحمد الأندلسي القرطبي ت:595هـ). ومن تلامذته الذين رووا عنه أبو إسحاق بن اليابري، وأبو الربيع بن سالم، وابن عيشون.
له رسائل بديعة، وقصائد جليلة في الغزل والوصف ومدح الرسولr. وله رثاء أكثره في آل البيت. امتاز بحسن الارتجال، وسرعة البديهة.
له تآليف أدبية منها: (زاد المسافر وغُرّة محيَّا الأدب السَّافر) وهو تتمَّة لقلائد العقيان لابن خاقان، وله (عجالة المتحفز و بداهة المستوفز) ويُعرف اختصاراً بالعجالة، ويقع في مجلدين يتضمَّنان طرفاً من شعره و نثره، وله (الرِّحلة) وتضم بعض شعره.
يتَّصف شعره بسهولة اللَّفظ، وسلاسة التَّعبيرات، مشوبٌ بالطَّرافة، كثير الاتِّكاء على الطَّبيعة، بارعٌ في الأخذ منها، من غزله قوله:
ياحٌسنًه والحسنُ بعضُ صفاته
والسِّحر مقصورٌ على حركاته
بدرٌ لو انَّ البدر قيل له اقترح
أملاً لقال: أكون من هالاته
والخال ينقُطُ في صحيفة خدِّه
ما خطَّ حبر الصُّدغ من نوناته
وإذا هلال الأفق قابل وجهه
أبصرته كالشَّكل في مرآته
مازلت أخطب للزمان وصاله
حتى دنا والبعد من عاداته
فغفرت ذنب الدَّهر منه بليلة
غطَّت على ما كان من زلاَّته
وله في الوصف:
والسرحةُ الغنَّاء قد قبضت بها
كفُّ النَّسيم على لواءٍ أخضرِ
وكأنَّ شكل الغيم مِنْجَلُ فضَّةٍ
يرمي على الآفاق رطب الجوهر
ومن شعره همزيَّة مشهورة بين الأدباء، من مطلعها:
جاد الرُّبا من بانة الجرعاء
نَوْءان من دمعي وغيم سماءِ
فالدَّمع يقضي عندها حقَّ الهوى
والغيم حقَّ البانة الغنَّاءِ
يا منزلاً نَشِطَتْ إليه عَبْرتي
حتَّى تبسَّم زهرُه لبكائي
هل نلتقي من روضةٍ موشيَّةٍ
خفًَّاقة الأغصان والأفياءِ
وأكثرُ كتبِ الأدبِ روايةً لشعره كتاب «نفح الطِّيب» للمقّري، و«تحفة القادم» لابن الأبَّار و «الإحاطة في أخبار غرناطة» للسان الدِّين بن الخطيب.
أمَّا نثره فيمتاز بجودة السَّبك، وقصر الجمل غالباً، وينأى عن الغريب، بيدَ أنَّه لا يجافي التكلف في السَّجع، ولا يخلو من طرافة الفكرة، فمن ذلك ما نســجه من مفاخرة بين مدن الأندلس في بعض منثوره، ومنها: «فقالت غرناطة: لي المعقِلُ الَّذي يمتنع ساكنه من النُّجوم، ولاتجري تحته إلا جياد الغيث السَّجوم، فلايلحقني من معاند ضررٌ ولاحَيف، ولايهتدي إليَّ خيالُ طارقٍ أو طيف، فاستسلموا قولاً وفعلاً، فقد أفلح من استعلى... ».
ذكره ياقوت الحموي، فقال: «كان شاعراً سريع الخاطر... وهو أحد أفاضل الأدباء بالأندلس» و ذكر له ديوان شعر، ويتَّضح من (زاد المسافر) من كلام ابن سعيد «أنَّ ديوان أبي بحر كان موجوداً في المغرب في عصره» على أنَّه لم يصل إلينا من شعره إلا ما نقلته أمهات كتب الأدب الأندلسي.
أسامة اختيار