الوسي (اسره)
Al-Aloosi family - Al-Aloussi (famille d’ -)
الآلوسي (أسرة ـ(
أسرة بغدادية ضمت عدداً من كبار العلماء في الفقه والتفسير والأدب، ظهرت في أواسط القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي. ويقال إن نسبهم يرتقي إلى آل البيت. تنتسب الأسرة إلى بلدة «آلوس» على الضفة الغربية لنهر الفرات، وكانوا قد نزحوا من بغداد إلى هذه المنطقة في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي عند سقوط بغداد في يد هولاكو، ولم يعودوا إليها إلا في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي. أما أشهر أفراد أسرة الآلوسي بحسب تاريخ وفاتهم فهم:
شهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي
(1217 ـ 1270هـ/1802 ـ 1854م)
أبو الثناء، جد الأسرة الآلوسية وأبرز رجالها، كان فقيها ومفسرا وأديباً ومفتياً، ولد في بغداد ودرس الأدب منذ صغره عند أبيه العلامة عبد الله، وجمع من أساتذة الأدب، وتقدم بسرعة لذكائه إلى درجة أنه كتب شرحاً لقطر الندى وهو في سن الثالثة عشرة من عمره. نال إجازة الرواية من كثير من علماء بغداد المشهورين، وأصبح من الأساتذة الكبار، ولقّب بالعلاّمة، وتولى المدرسة المرجانية ببغداد وأوقافها. وفي عام 1248هـ/1832م عين مفتياً للمذهب الحنفي، مع أنه كان شافعي المذهب، وذلك لسعة اطلاعه على فقه المذاهب الأخرى، وقد بقي في هذا المنصب حتى أقصي عنه للخلاف الذي نشأ بينه وبين والي بغداد العثماني.
وفي عام 1262هـ/1845م قصد شهاب الدين اصطنبول في عهد السلطان عبد المجيد (1839- 1861م) وعرض عليه تفسيره للقرآن الكريم، فنال إعجاب السلطان ومنحه وسام شرف، وعاد بالمنح السَّنيّة، واختلف في تاريخ عودته بين عامي 1264هـ و1267هـ، وقد أودع تفصيل رحلته، ذهاباً وإياباً ثلاثة أسفار تغلب عليها المسحة الأدبية، وهي «نشوة الشمول» و«نشوة المُدام» و«غرائب الاغتراب»، وقد كتب وأملى الكثير من الفتاوى والخطب والرسائل التي ضاع أكثرها. ويعد كتابه «روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني»، المعروف بتفسير الآلوسي، أوسع مؤلفاته وبه نال شهرة بعيدة، وهو موسوعة تفسيرية قيّمة جمعت أقوال علماء التفسير، وشرحا مستفيضا لآيات الأحكام والآيات الكونية، مع العناية بالمسائل اللغوية والنحوية والنقد الحر النزيه، والترجيح القوي لما يراه صواباً، وقد طبع في بولاق في ثمانية أجزاء كبار ما بين 1301 و1310هـ/1883 و1892م.
اكتسب شهاب الدين الآلوسي شهرة عظيمة في حياته، وجمعت الأشعار التي نظمت في مدحه ورثائه في كتاب يدعى «حديقة الورد»، كما ألفت كتب قيمة في ترجمة حياته منها «أريج النّد والعود» ألفه أحد تلامذته. توفي في بغداد.
خير الدين، نعمان بن محمود الآلوسي
(1252 ـ 1317هـ/1836 ـ 1899م)
أبو البركات، ابن أبي الثناء شهاب الدين، واعظ وفقيه ومدرس وقاض، من أعلام الأسرة الآلوسية، ولد في بغداد ودرس فيها اللغة العربية والفقه والحديث والمنطق عند والده شهاب الدين محمود، ثم اتجه إلى دراسة الرياضيات والعلوم العقلية، وتولى منصب القضاء في عدد من المدن العراقية.
زار مكة، ومصر، واصطنبول، والشام واتصل بكثير من العلماء، ثم عاد إلى مسقط رأسه بعد حصوله على عدد من الإجازات العلمية. واشتغل بالتدريس في المدرسة المرجانية بمنصب رئيس المدرسين.
كان خير الدين محباً للعلم والعلماء، سار سيرة أبيه شهاب الدين في البحث والتأليف والتدريس، وقد أوجد في سنوات عدة مكتبة قيمة أوقفها للمدرسة المرجانية، ثم انتقلت فيما بعد إلى خزانة الأوقاف العامة في بغداد. توفي في بغداد ودفن تحت قبة المدرسة المرجانية.
ومن أهم آثاره: «جلاء العينين في محاكمة الأحمدين» يقصد أحمد بن تيمية وأحمد بن حجر الهيتمي، وفيه انتصر لابن تيمية، و«غالية المواعظ» و«سلس الغانيات في ذوات الطرفين من الكلمات» و«صادق الفجرين» (مخطوطة).
محمود شكري بن عبد الله الآلوسي
(1273 ـ 1342هـ/ 1856 ـ 1924م)
أبو المعاني، حفيد شهاب الدين محمود بن عبد الله، مؤرخ وأديب ولغوي، من الدعاة إلى الإصلاح، ولد في بغداد، درس علوم الدين واللغة على أبيه، ودرس التاريخ والسيرة على عمه خير الدين نعمان، وأشهر أئمة عصره.
نال درجة الأستاذية ومارس التدريس، وحمل على أهل البدع، فعاداه كثيرون وسعوا به إلى والي بغداد عبد الوهاب باشا فكتب هذا إلى السلطان عبد الحميد الثاني، فصدر الأمر بنفيه إلى بلاد الأناضول، فلما بلغ الموصل سنة 1320هـ/1902م أبرق وجهاء من أهلها، إلى السلطان العثماني يلتمسون العفو عنه، فأجابهم إلى طلبهم، فعاد الآلوسي إلى موطنه بغداد.
ولما نشبت الحرب العالمية الأولى، وهاجم البريطانيون العراق، انتدبته الحكومة العثمانية للسفر إلى نجد والسعي لدى الأمير عبد العزيز آل سعود لمناصرتها، فقصده الآلوسي سنة 1333هـ/1914م وعرض عليه ما جاء من أجله فلم يستجب له وآب محمود شكري مخفقاً، فلزم بيته عاكفاً على التأليف والتدريس. ولما احتل البريطانيون بغداد سنة 1335هـ/1916م عرضوا عليه قضاءها فزهد فيه انقباضاً عن مخالطتهم. ولم يقبل أي عمل حتى وفاته، توفي في بغداد، ودفن بجانب مقبرة جنيد البغدادي.
يعد محمود شكري من أعلم علماء الأسرة الآلوسية، وأبعدهم صيتاً، وأكثرهم تأليفاً، ففي عام1889م شارك في المسابقة التي دعا إليها مؤتمر المستشرقين في استكهولم، وموضوعها «حضارة العرب قبل الإسلام»، ونال كتابه «بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب» جائزة ملك السويد أوسكار. والكتاب في ثلاثة مجلدات، بحث فيه تعريف العرب وطبقاتهم، وعاداتهم، وأيامهم، وأديانهم، ومعارفهم، وعلومهم في الجاهلية، وطبع أول مرة في بغداد عام 1314هـ/1896م، وله أيضاً من الكتب: «تاريخ نجد» و«تاريخ مساجد بغداد وآثـارها» و«المسك الأذفر في تراجم علماء بغداد في القرن الثاني عشر والثالث عشر» و«الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر».
منى الحسن