الصلاحي (مصطفى عبدالوهاب ـ)
(…ـ 1228هـ/… ـ1813م)
مصطفى بن عبد الوهاب بن سعيد الصلاحي الدمشقي الحنفي الصالحي، أحد علماء دمشق في القرن الثالث عشر الهجري، ومن أدبائها وشعرائها المذكورين؛ وإن كانت المصادر حول نشأته وأخباره شحيحة، جاء في حلية البشر: «العالم الأديب والشاعر اللبيب، ولد في صالحية دمشق، وتعلم حتى برع في العلوم منطوقها والمفهوم، ومات رحمه الله ثالث ربيع الثاني، سنة 1265، ودفن في مقبرة قاسيون»، إلا أن مصادر أخرى أجمعت على أن وفاته سنة 1228هـ، ولم تُذكَر سنة ولادته.
وعلى الرغم من قلة أخباره؛ واحتباس مؤلفاته في مخازن المخطوطات، فإننا نستطيع أن ندرك منزلته ومكانته العلمية وتنوع معارفه، وسَعة اطلاعه، ومدى محفوظه من التراث، من خلال شرحه على بديعية البربير. فقد نظم الأديب الشاعر العالم أحمد بن عبد اللطيف البربير البيروتي (ت1226) بديعية مطلعها:
من العُذَيب وذكرِ البانِ والعَلَم
تحلو براعَةُ شِعري دائماً بفمي
ووقف الصلاحي على هذه البديعية فأعجبته، وانبرى لشرحها، وقال في مقدمة شرحه: «اطلعت على قصيدةٍ بديعية من نظم فريد الأدب في عصره، وملك البلاغة في شامه ومصره … السيد أحمد البربير… فوجدتها قصيدة بديعة، أنواعها لأبياتها مطيعة، أخذتْ من اللطافة رونقا، وجعلت فلك الشام لمطلع نجوم أبياتها مشرقا»، وسمّى شرحه (نخبة البديع في مدح الشفيع)، وهو شرح مطولٌ كشف غوامض بديعية البربير، وأبان عمّا فيها من محاسن وفوائد، وفصّل في الحديث عن الأنواع البلاغية فيها، وأكثر من الشواهد والأمثلة شعراً ونثراً من العصر الجاهلي حتى زمنه، مما أكسب هذا الشرح مزية على غيره من شروح البديعيات. ومازال هذا الشرح مخطوطاً منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة برلين.
ولم يكتف الصلاحي بشرح تلك البديعية، بل قام بنظم بديعية على غرارها جعلها في الشرح، وأشار إلى ذلك بقوله: «ثم بدا لي أن أنظم في ضمن هذا الشرح قصيدة بديعية أرتّب أبياتها على ترتيب أبيات السيد المشار إليه، وأذكر كلَّ بيت منها بعد ذكر بيته، وأطابقه عليه، مع عدم تسمية النوع في ضمن البيت»، ومطلع هذه البديعية:
عَلّلْتُ قلبي بذكر البان والعلَمِ
ولُمَّ كَلْمُ فؤادي منكَ بالكَلِمِ
وتقع هذه القصيدة في مئة وواحد وستين بيتاً، ضمّت مئة وخمسة وستين نوعاً بديعياً. ومن أبياتها قوله:
مَن مثلُهم ورسولُ الله شرّفهم
في شَرعِه حيث لم يُنسَخ ولم يُضَم
وفيه من البلاغة نوع التعريض، وهو شاهد عليه.
والبديعيات فنٌّ شعري خاص نشأ في القرن الثامن الهجري، واستمر حتى الرابع عشر، والبديعية: قصيدة طويلة في مدح النبيr على البحر البسيط ورويِّ الميم المكسورة، يتضمن كل بيت نوعاً من أنواع البديع يكون البيت شاهداً عليه، وربما قام الناظم بالتورية باسم النوع البلاغي في البيت.
علي أبو زيد
(…ـ 1228هـ/… ـ1813م)
مصطفى بن عبد الوهاب بن سعيد الصلاحي الدمشقي الحنفي الصالحي، أحد علماء دمشق في القرن الثالث عشر الهجري، ومن أدبائها وشعرائها المذكورين؛ وإن كانت المصادر حول نشأته وأخباره شحيحة، جاء في حلية البشر: «العالم الأديب والشاعر اللبيب، ولد في صالحية دمشق، وتعلم حتى برع في العلوم منطوقها والمفهوم، ومات رحمه الله ثالث ربيع الثاني، سنة 1265، ودفن في مقبرة قاسيون»، إلا أن مصادر أخرى أجمعت على أن وفاته سنة 1228هـ، ولم تُذكَر سنة ولادته.
وعلى الرغم من قلة أخباره؛ واحتباس مؤلفاته في مخازن المخطوطات، فإننا نستطيع أن ندرك منزلته ومكانته العلمية وتنوع معارفه، وسَعة اطلاعه، ومدى محفوظه من التراث، من خلال شرحه على بديعية البربير. فقد نظم الأديب الشاعر العالم أحمد بن عبد اللطيف البربير البيروتي (ت1226) بديعية مطلعها:
من العُذَيب وذكرِ البانِ والعَلَم
تحلو براعَةُ شِعري دائماً بفمي
ووقف الصلاحي على هذه البديعية فأعجبته، وانبرى لشرحها، وقال في مقدمة شرحه: «اطلعت على قصيدةٍ بديعية من نظم فريد الأدب في عصره، وملك البلاغة في شامه ومصره … السيد أحمد البربير… فوجدتها قصيدة بديعة، أنواعها لأبياتها مطيعة، أخذتْ من اللطافة رونقا، وجعلت فلك الشام لمطلع نجوم أبياتها مشرقا»، وسمّى شرحه (نخبة البديع في مدح الشفيع)، وهو شرح مطولٌ كشف غوامض بديعية البربير، وأبان عمّا فيها من محاسن وفوائد، وفصّل في الحديث عن الأنواع البلاغية فيها، وأكثر من الشواهد والأمثلة شعراً ونثراً من العصر الجاهلي حتى زمنه، مما أكسب هذا الشرح مزية على غيره من شروح البديعيات. ومازال هذا الشرح مخطوطاً منه نسخة بخط المؤلف في مكتبة برلين.
ولم يكتف الصلاحي بشرح تلك البديعية، بل قام بنظم بديعية على غرارها جعلها في الشرح، وأشار إلى ذلك بقوله: «ثم بدا لي أن أنظم في ضمن هذا الشرح قصيدة بديعية أرتّب أبياتها على ترتيب أبيات السيد المشار إليه، وأذكر كلَّ بيت منها بعد ذكر بيته، وأطابقه عليه، مع عدم تسمية النوع في ضمن البيت»، ومطلع هذه البديعية:
عَلّلْتُ قلبي بذكر البان والعلَمِ
ولُمَّ كَلْمُ فؤادي منكَ بالكَلِمِ
وتقع هذه القصيدة في مئة وواحد وستين بيتاً، ضمّت مئة وخمسة وستين نوعاً بديعياً. ومن أبياتها قوله:
مَن مثلُهم ورسولُ الله شرّفهم
في شَرعِه حيث لم يُنسَخ ولم يُضَم
وفيه من البلاغة نوع التعريض، وهو شاهد عليه.
والبديعيات فنٌّ شعري خاص نشأ في القرن الثامن الهجري، واستمر حتى الرابع عشر، والبديعية: قصيدة طويلة في مدح النبيr على البحر البسيط ورويِّ الميم المكسورة، يتضمن كل بيت نوعاً من أنواع البديع يكون البيت شاهداً عليه، وربما قام الناظم بالتورية باسم النوع البلاغي في البيت.
علي أبو زيد