انتيغونيون
Antigonides - Antigonides
الأنتيغونيون
(306 - 168ق.م)
الأنتيغونيون The Antigonides أسرة ملكية مقدونية حكمت مقدونية وبعض بلاد الإغريق بين عامي 306 و168ق.م، وتنتسب هذه الأسرة إلى أنتيغونوس «الأعور» (382 - 301ق.م) أحد كبار قادة الاسكندر الكبير الذين اصطرعوا بعد موته، وآل إليه حكم عدد من ولايات آسيا الصغرى وقيادة الجيش الملكي في آسيا نتيجة الصراع الذي حسمه مؤتمر تريباراديسوس Triparadeisos. وهو أمر وفر له، نظرياً، من الأموال والرجال ما هيأ له الفرص لتحقيق أطماعه الواسعة؛ وأهمها توحيد امبراطورية الاسكندر تحت زعامته. ومع أن أنتيغونوس لم ينتظر طويلاً بعد المؤتمر لشنّ عدد من الحملات على معظم القادة، إلا أنه لم يحقق نجاحات تذكر في هذا السبيل، في الوقت الذي تمكن فيه ابنه ديمتريوس بوليوركيتس Demetrios Poliorcetes من تدعيم سيطرة والده على البحر الإيجي وبلاد اليونان بعد نجاحه في طرد ديمتريوس حاكم أثينة من قبل القائد كاساندر Cassander وفي الاستيلاء على قبرص من البطالمة سنة 306ق.م. إثر هذا النصر اتخذ أنتيغونوس لنفسه لقب ملك، وخلع هذا اللقب على ابنه بصفتهما ملكي الامبراطورية المقدونية. على أن هذه الصفة لم تدم طويلاً إذ سرعان ما أعلن بقية القادة أنفسهم ملوكاً، واتحد كل من سلوقس Seleucos وبطلميوس Ptolemaios ولوسيماخوس Lysimachos وكاساندر في حلف هدفه وضع حد لطموحات أنتيغونوس. وتمكن هذا الحلف سنة 301ق.م من القضاء على أنتيغونوس في موقعة إبسوس Ipsos وإكراه ابنه على الفرار إلى مقدونية.
الأسرة الأنتيغونية
حكم ديمتريوس بوليوركيتس مقدونية ما بين 301 و283ق.م من دون أي حوادث سياسية بارزة، باستثناء مصاهرته الملك سلوقس الأول[ر]، ومحالفته لمواجهة الأطماع البطلمية في البحر الإيجي وقبرص وجنوبي سورية. على أنه لم يهنأ كثيراً بثمار هذا التحالف، إذ تعارضت مصالح الحليفين، ونشبت بينهما عدة معارك انتهت بأسر ديمتريوس وموته في بلاط سلوقس.
خلف ديمتريوس ابنه أنتيغونوس الثاني ولقبه غوناتاس (320- 239ق.م) Gonatas وقد استهل حكمه بمصاهرة تم بموجبها تزويج ابنه ديمتريوس باستراتونيقي Stratonice ابنة أنطيوخس الثاني، وتزويج أحد أفراد الأسرة المالكة المقدونية ابنة ماغاس حاكم قورينة (برقة)، وبهذه المصاهرة توحدت بلاطات مقدونية وسورية وقورينة، وهو أمر كان له بالغ الأثر في تمكين غوناتاس من صد غزوات خطيرة قامت بها قبائل من الغال قدمت من الشرق، وفي تحقيق انتصار كبير على بيرهوس Pyrrhos ملك مملكة إبيروس[ر] Epiros المجاورة الذي كان يرغب في ضم مقدونية إلى مملكته. ولم يتوقف غوناتاس عند هذا الانتصار، بل تابع حملته معززاً سيطرة مقدونية على بلاد اليونان حتى أوسطها في كورنثة، ومع هذا فقد حفلت سنوات حكمه الأخيرة بحوادث نزاعه البحري مع البطالمة الذين كانوا يدعمون أثينة وإسبرطة في بلاد اليونان ويحرضونهما عليه.
حكم بعد غوناتاس ابنه ديمتريوس الثاني (239 - 229ق.م) الذي تورط في حرب مع الاتحادين الآخي والإيتولي، استمرت حتى موته، واستنزفت معظم موارد مقدونية العسكرية والاقتصادية. وخلفه على العرش ابنه الطفل فيليب (238- 179ق.م) Philippos الذي حكم باسمه الوصي على العرش والأخ غير الشقيق لأنتيغونوس غوناتاس، وهو أنتيغونوس الثالث ولقبه دوسون (263- 221ق.م) Doson. ويعد عهده عهد إحياء المملكة المقدونية، فقد تمكن من هزيمة إسبرطة المدعومة من بلاط الاسكندرية، ومن تحرير أواسط بلاد اليونان من سيطرتها، ومن توحيد هذه المدن في عصبة هلينية بزعامته.
وعندما آل الحكم إلى فيليب الخامس سنة 221ق.م أخطأ هذا الملك الشاب في حساب قوة رومة، وناصر عدداً من أعدائها داخل بلاد اليونان وخارجها، كان أبرزها تحالفه مع هانيبال سنة 215ق.م. وقد أغضب هذا التحالف رومة، فأرسلت بعد انتصارها في معركة زاما (شمالي أفريقية) سنة 202ق.م حملة تمكنت من هزيمة فيليب في موقعة كينوسكيفالاي Cynoscephales (Kunoskephalai) سنة 197ق.م وأرغمته أن يوقع على صلح حدد مملكته بالأراضي المقدونية فقط، وعلى الاعتراف بالسيادة الرومانية في بلاد اليونان.
ولم يتعظ ابن فيليب وخليفته برسيوس (179- 168ق.م) Perseos بما حصل لوالده فنادى بحرية بلاد اليونان، وعدته معظم المدن - الدول فيها بطل تحريرها. ومع أنه أجرى عدداً من التحالفات كان أبرزها حلفه مع سلوقس الرابع بعد زواجه بابنته لاوديكي Laodice، إلا أنه لم يتمكن من الصمود في وجه القوات الرومانية التي ألحقت به هزيمة منكرة في موقعة بودنا Pydna سنة 168ق.م، واضعة نهاية تعسة لهذه الأسرة المالكة.
من الناحية الحضارية كانت مقدونية في الدرجة الثانية بعد الاسكندرية وأنطاكية، وباستثناء ما تذكره المصادر عن غوناتاس من أنه كان يشجع المؤرخين والفلاسفة والفنانين، لا يكاد يوجد من يماثله في الأسرة المالكة المقدونية في هذا المجال؛ ويبدو أن قرب العاصمة المقدونية النسبي من أثينة، مركز الإشعاع الحضاري، دفع عن ملوك مقدونية فكرة الحاجة إلى مركز فكري وحضاري في عاصمتهم.
مفيد رائف العابد
Antigonides - Antigonides
الأنتيغونيون
(306 - 168ق.م)
الأنتيغونيون The Antigonides أسرة ملكية مقدونية حكمت مقدونية وبعض بلاد الإغريق بين عامي 306 و168ق.م، وتنتسب هذه الأسرة إلى أنتيغونوس «الأعور» (382 - 301ق.م) أحد كبار قادة الاسكندر الكبير الذين اصطرعوا بعد موته، وآل إليه حكم عدد من ولايات آسيا الصغرى وقيادة الجيش الملكي في آسيا نتيجة الصراع الذي حسمه مؤتمر تريباراديسوس Triparadeisos. وهو أمر وفر له، نظرياً، من الأموال والرجال ما هيأ له الفرص لتحقيق أطماعه الواسعة؛ وأهمها توحيد امبراطورية الاسكندر تحت زعامته. ومع أن أنتيغونوس لم ينتظر طويلاً بعد المؤتمر لشنّ عدد من الحملات على معظم القادة، إلا أنه لم يحقق نجاحات تذكر في هذا السبيل، في الوقت الذي تمكن فيه ابنه ديمتريوس بوليوركيتس Demetrios Poliorcetes من تدعيم سيطرة والده على البحر الإيجي وبلاد اليونان بعد نجاحه في طرد ديمتريوس حاكم أثينة من قبل القائد كاساندر Cassander وفي الاستيلاء على قبرص من البطالمة سنة 306ق.م. إثر هذا النصر اتخذ أنتيغونوس لنفسه لقب ملك، وخلع هذا اللقب على ابنه بصفتهما ملكي الامبراطورية المقدونية. على أن هذه الصفة لم تدم طويلاً إذ سرعان ما أعلن بقية القادة أنفسهم ملوكاً، واتحد كل من سلوقس Seleucos وبطلميوس Ptolemaios ولوسيماخوس Lysimachos وكاساندر في حلف هدفه وضع حد لطموحات أنتيغونوس. وتمكن هذا الحلف سنة 301ق.م من القضاء على أنتيغونوس في موقعة إبسوس Ipsos وإكراه ابنه على الفرار إلى مقدونية.
الأسرة الأنتيغونية
حكم ديمتريوس بوليوركيتس مقدونية ما بين 301 و283ق.م من دون أي حوادث سياسية بارزة، باستثناء مصاهرته الملك سلوقس الأول[ر]، ومحالفته لمواجهة الأطماع البطلمية في البحر الإيجي وقبرص وجنوبي سورية. على أنه لم يهنأ كثيراً بثمار هذا التحالف، إذ تعارضت مصالح الحليفين، ونشبت بينهما عدة معارك انتهت بأسر ديمتريوس وموته في بلاط سلوقس.
خلف ديمتريوس ابنه أنتيغونوس الثاني ولقبه غوناتاس (320- 239ق.م) Gonatas وقد استهل حكمه بمصاهرة تم بموجبها تزويج ابنه ديمتريوس باستراتونيقي Stratonice ابنة أنطيوخس الثاني، وتزويج أحد أفراد الأسرة المالكة المقدونية ابنة ماغاس حاكم قورينة (برقة)، وبهذه المصاهرة توحدت بلاطات مقدونية وسورية وقورينة، وهو أمر كان له بالغ الأثر في تمكين غوناتاس من صد غزوات خطيرة قامت بها قبائل من الغال قدمت من الشرق، وفي تحقيق انتصار كبير على بيرهوس Pyrrhos ملك مملكة إبيروس[ر] Epiros المجاورة الذي كان يرغب في ضم مقدونية إلى مملكته. ولم يتوقف غوناتاس عند هذا الانتصار، بل تابع حملته معززاً سيطرة مقدونية على بلاد اليونان حتى أوسطها في كورنثة، ومع هذا فقد حفلت سنوات حكمه الأخيرة بحوادث نزاعه البحري مع البطالمة الذين كانوا يدعمون أثينة وإسبرطة في بلاد اليونان ويحرضونهما عليه.
حكم بعد غوناتاس ابنه ديمتريوس الثاني (239 - 229ق.م) الذي تورط في حرب مع الاتحادين الآخي والإيتولي، استمرت حتى موته، واستنزفت معظم موارد مقدونية العسكرية والاقتصادية. وخلفه على العرش ابنه الطفل فيليب (238- 179ق.م) Philippos الذي حكم باسمه الوصي على العرش والأخ غير الشقيق لأنتيغونوس غوناتاس، وهو أنتيغونوس الثالث ولقبه دوسون (263- 221ق.م) Doson. ويعد عهده عهد إحياء المملكة المقدونية، فقد تمكن من هزيمة إسبرطة المدعومة من بلاط الاسكندرية، ومن تحرير أواسط بلاد اليونان من سيطرتها، ومن توحيد هذه المدن في عصبة هلينية بزعامته.
وعندما آل الحكم إلى فيليب الخامس سنة 221ق.م أخطأ هذا الملك الشاب في حساب قوة رومة، وناصر عدداً من أعدائها داخل بلاد اليونان وخارجها، كان أبرزها تحالفه مع هانيبال سنة 215ق.م. وقد أغضب هذا التحالف رومة، فأرسلت بعد انتصارها في معركة زاما (شمالي أفريقية) سنة 202ق.م حملة تمكنت من هزيمة فيليب في موقعة كينوسكيفالاي Cynoscephales (Kunoskephalai) سنة 197ق.م وأرغمته أن يوقع على صلح حدد مملكته بالأراضي المقدونية فقط، وعلى الاعتراف بالسيادة الرومانية في بلاد اليونان.
ولم يتعظ ابن فيليب وخليفته برسيوس (179- 168ق.م) Perseos بما حصل لوالده فنادى بحرية بلاد اليونان، وعدته معظم المدن - الدول فيها بطل تحريرها. ومع أنه أجرى عدداً من التحالفات كان أبرزها حلفه مع سلوقس الرابع بعد زواجه بابنته لاوديكي Laodice، إلا أنه لم يتمكن من الصمود في وجه القوات الرومانية التي ألحقت به هزيمة منكرة في موقعة بودنا Pydna سنة 168ق.م، واضعة نهاية تعسة لهذه الأسرة المالكة.
من الناحية الحضارية كانت مقدونية في الدرجة الثانية بعد الاسكندرية وأنطاكية، وباستثناء ما تذكره المصادر عن غوناتاس من أنه كان يشجع المؤرخين والفلاسفة والفنانين، لا يكاد يوجد من يماثله في الأسرة المالكة المقدونية في هذا المجال؛ ويبدو أن قرب العاصمة المقدونية النسبي من أثينة، مركز الإشعاع الحضاري، دفع عن ملوك مقدونية فكرة الحاجة إلى مركز فكري وحضاري في عاصمتهم.
مفيد رائف العابد