الانطباع بأن فيها حجارة. بيد أنها حجارة صغيرة . وإذا كان بعضها يبدو وكأنه مغروز غرزاً في طبقات جيلوجية ، فإن البعض الآخر يذكرنا بكسوة الجدران أكثر مما يذكرنا بالجدران ذاتها . والتأليف لدى هذا المصور خال من مثل الخفة التي نجدها عند هو سياسون ، فالعناصر المختلفة المتنوعة تتراص . والمادة التصويرية التي أغنتها عناية الفنان بلمسات متتالية أكتسبت طابعاً مينائياً. وغالباً ما توحي بكثافة المعادن اللماعة والألوان عادة صماء ، يكثر فيها الأسمر والأسود الفحمي تحييهما هنا وهناك ، صفحة صغيرة بنفسجية أو حمراء . وانه لفن أنيق ، شعري ورغم كونه فناً شخصياً ، فهو ينتمي إلى تقاليد الرقة التي أبرزتها اليابان بشكل رائع طوال تاريخها .
وبينما نرى أن كي ساتو يعمد ، بصورة عامة إلى تكثيف عجينته بواسطة وسائل التصوير الزيتي دون غيرها ، نجد أن « فيلليري Villeri يدأب منذ بضع سنوات على أن يدخل إلى لوحاته عناصر غريبة كالخرق وقطع من شباك الصيد وقطع الخشب ، والصفيح وبرادة الحديد . وهو لا يكتفي بأن يضيفها إلى الألوان ، إضافة بسيطة ومجردة ، بل يمزجها بالألوان مزجاً كاملاً ، فينتج بهذه الطريقة أعمالاً فنية تجمع بين التصوير والنقش . وهي افضل بكثير الأعمال الفنية التي تصنع في هذه الأيام والتي ليس فيها في الغالب إلا تجميعات متنافرة سخيفة كما أنها ليست ناجمة عن الرغبة في إدهاش الناس ولا عن الحاجة إلى مواراة نواحي الضعف ، والتستر على العجز عن الاتيان بلوحات تصويرية محضة . والواقع أن وراء فيلليري عملاً تصويرياً أصيلاً ولذيذاً . وهو منذ زمن طويل واحد من غير التشبيهيين ولكنه ليس من بين أتباع هذا المنحى الأكثر صخباً والأكثر بروزاً . إنما هو من أكثرهم تحمساً واقناعاً . ولذلك ، فهو عندما يمزج في تأليفه العناصر التي يختارها ، نراه يوازن بين الكتل ، ويجعل الايقاعات تنتشر ، ويعد ذرى يتلأ لأ عليها النور ويحفر كهوفاً تتراص فيها الظلال ، وبعبارة وجيزة ، نراه يخلع على أعماله الفنية بنفس الوقت ضرباً من الحساسية والخشونة ومسحة من البسيط ومن المدروس . ويبرز اللون القائم غالباً ما في هذا التصوير من شدة وجفوة ، وما فيه أيضاً من رصانة وأحياناً من جلال .
وهكذا ففي خلال الخمس عشرة سنة أو العشرين سنة الأخيرة تجسد التجريد الشعري في أعمال فنية متنوعة ذات مزايا لاشك فيها وبالطبع من الممكن أن نضيف فنانين آخرين إلى من ذكرنا ، که «فرنسیس بت ، Francis Bott ، والكوري «كوان نام Kwan Nam ، وجماعة من الفنانين الشبان الذين يختلف بعضهم عن بعض اختلافاً كبيراً ، من أمثال کاراد، ديمترينكو ، سام فرنسيس ، غويته ، لوتر ، مارفينغ ، بيلايو . بيد أن من الواجب أن نقول أيضاً أن هذا الاتجاه نفسه قد أوجد عدداً من اللوحات التفاهة والابتذال بدرجة مؤسفة . وسبب ذلك أن كثيرين من المصورين ظنوا أن هذا يسمح لهم ، برفض كل نظام ، وكل تفكير ، بل كل بحث تصويري . فبحجة أن المصور حري بأن يعبر عن وعيه الغامض ، مع ، قرر البعض أن على الفنان أن وبضراوة . فلا مكان إذن ( للحرفية ) في هذا الفن، والشيء الوحيد الذي له أهمية ، انما هو العبقرية ، وكلما أصبحت الصفات التشكيلية أقل وضوحاً ، كلما أتيح للعبقرية أن تظهر للعيان . .... هذا ما يقولون .
وأن هذا التمجيد للوعي الغامض ، وهذه الهجمات الغاضبة على السدود التي أقامها العقل ، هي في الجملة أمور كان من الممكن توقعها . فمنذ أكثر من مائة سنة الحروب الكبرى تجر في أعقابها ، في أوروبا ، انفجار اللاعقلانية . فبعد حروب نابليون جاءت الرومانطيقية و بعد ۱۸۷۰ جاءت الانطباعية كما جاءت السيريالية بعد ۱۹۱۸ أما الجديد هذه المرة ، فهو الضجيج الذي تطلقه اللاعقلانية في تصرفاتها . أيضاً سعة الحركة. فسواء نظرنا إلى الانطباعيين أو الدادائيين أو السرياليين ، وجدنا أن عددهم لم يكن كبيراً وعلى العكس من ذلك في حوالي ١٩٦٠ ، كان أنصار التجريد الشعري ولا سيما أنصار المنحى اللاشكلي جمعاً غفيراً . ومما زاد في سرعة تكاثرهم الاقدام على فتح أبواب الصالونات وقاعات العرض لهم على مصاريعها ، واستقبالهم الفوري بتصفيق العديد من هواة الفن . ويبدو أن هؤلاء الهواة قد أسعدهم أن يجدوا أخيراً تصويراً ذا مظهر حديث . لا ينصرف فيه هم الفنان إلى تلك الأشياء التي يصعب فهمها ، المزايا . ألا وهي التصويرية .
وقد تدعم التيار اللاشكلي بظهور الفن الأميركي الجديد في أوروبا ، خاصة بالفنانين « بولوك Pollock » و « دي كونينغ W - De Kooning و ( کلین Kline ) و ( روتكو Rothko ) و توبي Tobey . والحقيقة أن الأنظار تتطلع صوب بولوك بصورة . فتعبيريته الجامحة ، واحتقاره لوسائل التصوير التقليدية ، واعتقاده الجازم بأن اللوحة ينبغي ألا تكون الا تسجيلاً مباشراً على مسند للحركات السريعة التي تصدر عن الفنان ، والطابع الخام للوحاته ، وما فيها من تشابك مستعص ، ولزوجة ، ولا منطق . كل ذلك يثير الحيرة ، ويبهر ، وينظر إليه كقدرة تحتذى . ومما يزيد في اهتمام الناس بالمصور الأميركي أنه قضى نحبه عام ١٩٥٦ في حادث سيارة. وقيل وقتئذ أنه مات ضحية تصويره المنهك والمؤثر . ومنذ ذلك الحين أصبح التصوير الحركي محاطاً بهالة من الاعجاب ، وأصبح بولوك ممجداً على أنه مخترع فن جديد .
والحقيقة أننا إذا وضعنا جانباً تقنيته الخاصة المسماة " درينغ dripping والتي تقوم على أن يحمل الفنان علب الألوان بعد أن يثقبها ، ثم يمررها فوق اللوحة ، ويهزها ، مما يذكرنا بما فعله ماسون في صوره على الرمل ، إذا وضعنا جانباً هذه التقنية ، وجدنا أن بولوك ليس إلا تعبيرياً تجريدياً عنيفاً بشكل خاص .
أما توبي فإنه على العكس ، يخلو من أي عنف . وهو رجل كثير التأمل ، أنيس . وألوانه لطيفة ناعمة ، وترسم خطوطه الرفيعة ، البيضاء غالباً ، حركات خفيفة ، سريعة ، ذات خفقان رقيق . وليس لدى توبي شيء من القسوة ، حتى وهو يصور الجماهير والحركة في المدن الكبرى ، كما كان يفعل في أوائل عهده بالفن . وأن مايشبه البرقع وكأنه يغلف الدنيا ليصمم ألوانها ، ويخفف من ضوضائها وضجتها . ومن جهة أخرى فالأشياء والكائنات تصغر وتتخذ مظاهر الأشباح. اللهم إلا عندما ينفذ صورا شخصية . فمهما كان لدى توبي من ميل إلى استعمال الألوان والاشارات غير التشبيهية ، نجد أنه لا يكره أن ينتج ، من آن إلى آخر ( صوراً شبيهة )
وبينما نرى أن كي ساتو يعمد ، بصورة عامة إلى تكثيف عجينته بواسطة وسائل التصوير الزيتي دون غيرها ، نجد أن « فيلليري Villeri يدأب منذ بضع سنوات على أن يدخل إلى لوحاته عناصر غريبة كالخرق وقطع من شباك الصيد وقطع الخشب ، والصفيح وبرادة الحديد . وهو لا يكتفي بأن يضيفها إلى الألوان ، إضافة بسيطة ومجردة ، بل يمزجها بالألوان مزجاً كاملاً ، فينتج بهذه الطريقة أعمالاً فنية تجمع بين التصوير والنقش . وهي افضل بكثير الأعمال الفنية التي تصنع في هذه الأيام والتي ليس فيها في الغالب إلا تجميعات متنافرة سخيفة كما أنها ليست ناجمة عن الرغبة في إدهاش الناس ولا عن الحاجة إلى مواراة نواحي الضعف ، والتستر على العجز عن الاتيان بلوحات تصويرية محضة . والواقع أن وراء فيلليري عملاً تصويرياً أصيلاً ولذيذاً . وهو منذ زمن طويل واحد من غير التشبيهيين ولكنه ليس من بين أتباع هذا المنحى الأكثر صخباً والأكثر بروزاً . إنما هو من أكثرهم تحمساً واقناعاً . ولذلك ، فهو عندما يمزج في تأليفه العناصر التي يختارها ، نراه يوازن بين الكتل ، ويجعل الايقاعات تنتشر ، ويعد ذرى يتلأ لأ عليها النور ويحفر كهوفاً تتراص فيها الظلال ، وبعبارة وجيزة ، نراه يخلع على أعماله الفنية بنفس الوقت ضرباً من الحساسية والخشونة ومسحة من البسيط ومن المدروس . ويبرز اللون القائم غالباً ما في هذا التصوير من شدة وجفوة ، وما فيه أيضاً من رصانة وأحياناً من جلال .
وهكذا ففي خلال الخمس عشرة سنة أو العشرين سنة الأخيرة تجسد التجريد الشعري في أعمال فنية متنوعة ذات مزايا لاشك فيها وبالطبع من الممكن أن نضيف فنانين آخرين إلى من ذكرنا ، که «فرنسیس بت ، Francis Bott ، والكوري «كوان نام Kwan Nam ، وجماعة من الفنانين الشبان الذين يختلف بعضهم عن بعض اختلافاً كبيراً ، من أمثال کاراد، ديمترينكو ، سام فرنسيس ، غويته ، لوتر ، مارفينغ ، بيلايو . بيد أن من الواجب أن نقول أيضاً أن هذا الاتجاه نفسه قد أوجد عدداً من اللوحات التفاهة والابتذال بدرجة مؤسفة . وسبب ذلك أن كثيرين من المصورين ظنوا أن هذا يسمح لهم ، برفض كل نظام ، وكل تفكير ، بل كل بحث تصويري . فبحجة أن المصور حري بأن يعبر عن وعيه الغامض ، مع ، قرر البعض أن على الفنان أن وبضراوة . فلا مكان إذن ( للحرفية ) في هذا الفن، والشيء الوحيد الذي له أهمية ، انما هو العبقرية ، وكلما أصبحت الصفات التشكيلية أقل وضوحاً ، كلما أتيح للعبقرية أن تظهر للعيان . .... هذا ما يقولون .
وأن هذا التمجيد للوعي الغامض ، وهذه الهجمات الغاضبة على السدود التي أقامها العقل ، هي في الجملة أمور كان من الممكن توقعها . فمنذ أكثر من مائة سنة الحروب الكبرى تجر في أعقابها ، في أوروبا ، انفجار اللاعقلانية . فبعد حروب نابليون جاءت الرومانطيقية و بعد ۱۸۷۰ جاءت الانطباعية كما جاءت السيريالية بعد ۱۹۱۸ أما الجديد هذه المرة ، فهو الضجيج الذي تطلقه اللاعقلانية في تصرفاتها . أيضاً سعة الحركة. فسواء نظرنا إلى الانطباعيين أو الدادائيين أو السرياليين ، وجدنا أن عددهم لم يكن كبيراً وعلى العكس من ذلك في حوالي ١٩٦٠ ، كان أنصار التجريد الشعري ولا سيما أنصار المنحى اللاشكلي جمعاً غفيراً . ومما زاد في سرعة تكاثرهم الاقدام على فتح أبواب الصالونات وقاعات العرض لهم على مصاريعها ، واستقبالهم الفوري بتصفيق العديد من هواة الفن . ويبدو أن هؤلاء الهواة قد أسعدهم أن يجدوا أخيراً تصويراً ذا مظهر حديث . لا ينصرف فيه هم الفنان إلى تلك الأشياء التي يصعب فهمها ، المزايا . ألا وهي التصويرية .
وقد تدعم التيار اللاشكلي بظهور الفن الأميركي الجديد في أوروبا ، خاصة بالفنانين « بولوك Pollock » و « دي كونينغ W - De Kooning و ( کلین Kline ) و ( روتكو Rothko ) و توبي Tobey . والحقيقة أن الأنظار تتطلع صوب بولوك بصورة . فتعبيريته الجامحة ، واحتقاره لوسائل التصوير التقليدية ، واعتقاده الجازم بأن اللوحة ينبغي ألا تكون الا تسجيلاً مباشراً على مسند للحركات السريعة التي تصدر عن الفنان ، والطابع الخام للوحاته ، وما فيها من تشابك مستعص ، ولزوجة ، ولا منطق . كل ذلك يثير الحيرة ، ويبهر ، وينظر إليه كقدرة تحتذى . ومما يزيد في اهتمام الناس بالمصور الأميركي أنه قضى نحبه عام ١٩٥٦ في حادث سيارة. وقيل وقتئذ أنه مات ضحية تصويره المنهك والمؤثر . ومنذ ذلك الحين أصبح التصوير الحركي محاطاً بهالة من الاعجاب ، وأصبح بولوك ممجداً على أنه مخترع فن جديد .
والحقيقة أننا إذا وضعنا جانباً تقنيته الخاصة المسماة " درينغ dripping والتي تقوم على أن يحمل الفنان علب الألوان بعد أن يثقبها ، ثم يمررها فوق اللوحة ، ويهزها ، مما يذكرنا بما فعله ماسون في صوره على الرمل ، إذا وضعنا جانباً هذه التقنية ، وجدنا أن بولوك ليس إلا تعبيرياً تجريدياً عنيفاً بشكل خاص .
أما توبي فإنه على العكس ، يخلو من أي عنف . وهو رجل كثير التأمل ، أنيس . وألوانه لطيفة ناعمة ، وترسم خطوطه الرفيعة ، البيضاء غالباً ، حركات خفيفة ، سريعة ، ذات خفقان رقيق . وليس لدى توبي شيء من القسوة ، حتى وهو يصور الجماهير والحركة في المدن الكبرى ، كما كان يفعل في أوائل عهده بالفن . وأن مايشبه البرقع وكأنه يغلف الدنيا ليصمم ألوانها ، ويخفف من ضوضائها وضجتها . ومن جهة أخرى فالأشياء والكائنات تصغر وتتخذ مظاهر الأشباح. اللهم إلا عندما ينفذ صورا شخصية . فمهما كان لدى توبي من ميل إلى استعمال الألوان والاشارات غير التشبيهية ، نجد أنه لا يكره أن ينتج ، من آن إلى آخر ( صوراً شبيهة )
تعليق