رخوة ، وخالية من الحزم . وهي تلد تحت ريشة عريضة تجر وراءها بدون أكتراث ألواناً سائلة ثم تزحف ، ثم تصعد بصعوبة، ثم تتهالك على نفسها باعياء ، على أن التلوين لا يخلو من ابتكار ، إلا أن فيه شيئاً مفسداً لاندري كنهه . فهو يخلق جواً يتنفس فيه المرء بصعوبة ، ويتعثر كل لحظة بمادة رخوة وبنفس الوقت لا ينفذ إليها ، وإن برام يختلف عن أخيه " جير Geer . فبقدر ما يحب » جير » الترتيب والدقة ، يحب برام الاهمال والعمل التقريبي ... وكما أن يحرص برام على أن ينقل إلينا كآبته وقلقه وانهياره . وبالاختصار فإن الأول كلاسيكي والثاني باروكي وتعبيري ، أما الرسم الذي نراه في اللوحات التي صنعها جيزا سزوبل بين ١٩٥٧ - ١٩٦١ فليس فيه عيب من تصلب مفرط أو من مرونة مبالغ فيهما . الخطوط السوداء ترسم حركات خفيفة منسابة أو متعرجة وتبرز أمام خلفيات ضاربة إلى الرمادي أو الزهري أو إلى الزرقاوي. على أن من الأصح القول ، في الغالب ، أن هذه الخطوط تتحرك في مجال يغزوه نور حنون . وهذا النور يغمرها بفيضه فكأنها تغطس فيه ، ومن حين إلى حين ، يغشيها ويحجبها . والنور يخفف وقع الألوان التي تحبسها الخطوط ، فينزع منها كل فجاجة ، حتى من الأحمر والأصفر . أما الصور الأكثر حداثة فترينا شبكة من الخطوط أكثر ثقلاً وأكثر تشعباً، كما ترينا أشكالاً أكبر حجماً ، وتلويناً أقل نوراً ، بيد ليس أقل ارتعاشاً . وقد يخيل إلينا أحياناً أننا أمام كتل من الأحجار الضاربة إلى الرمادي ، تتجمع بعضاً فوق بعض وتتراص ، وهي حبيسة في سواد الأرض الكثيف ولكن ، قد يكون موضوع اللوحة « كآبة » ، فنرى أن هذا الأسم له مبرره بمجرد أن نكف عن المقارنة مابين اللوحة وبين العالم الخارجي فنقتصر على النظر إلى المعنى الروحي لهذه الألوان المخففة ولهذه الشرايين السوداء التي تجمدت فيها كل الاندفاعات .
أما ( ليون زاك Leon Zack ) فالرسم لا يلعب عنده إلا دوراً ضئيلاً . حتى في ۱۹٥٥ ، عندما كانت الأشكال لديه لاتزال ذات منحى هندسي ، نجد أن حدود هذه الأشكال قلما تبين بواسطة خط ما ، بل يبدو لنا أننا نراها من خلال ضباب عذب ذلك بمدة ما ، أصبح الضباب نفسه بحيث تكون هذه الأشكال ، في جملتها باهتة سحابية . ويستعمل زاك التضاد في النور ، بيد أنه يتحاشى التضادات المتوترة . فيستعمل مثلاً لونا بنفسجياً يضيء ثم يقتم ، وألوانا زرقاء تتدرج في خفتها وفي شفافتها ، وألواناً رمادية خافتة ، وألواناً بيضاء كتومة تنتعش بفعل بضع بقع رمادية ، أو زرقاوية أو سمراوية. وإذا كانت هذه البقع غير واضحة المعالم فإن كلا منها تجيء في موضعها المناسب ، كما أن كلا منها تتميز بالوزن والنبرة اللازمين لادخال الرعشة في ما يحيط بها . وأن فن زاك ليس شاحباً ، وهو فن روحي بيد أن فيه مايشهد بحساسية رقيقة. ولذلك بعد هذا الفن واحداً من الفنون التي تبرز وجود المذهب اللاشكلي ومذهب البقعية ، فليس الغبش في أعماله ناجماً عن يد عاجزة ، وإنما هي تعبير عن فكر يتجرد من دنيا الأشياء ويقف نفسه على تأمل اللاملموس . ولذلك نجد أن هذه الأعمال الفنية تظل مستغلقة إلا على من ينظر إليها في سكون ، مستعداً لأن . يستسلم إلى التأمل .
أما « سيما Sima ) فالنور عنده ينحل في جو بخاري . ورغم ما يحيط بهذا النور من حجب تخففه يظل ملحاً وشبه ساطع ( بالنسبة للنفس أكبر مما هو بالنسبة للعين ) . وهو يؤثر فينا بفضل مافيه من رقة وبعد عن الواقع ، إن لم نقل من خيال. هذا ، وإن التأليفات لدى سيما تكون تارة تجريدية، في حين تدخلنا طوراً في ضرب من المشاهد الطبيعية يخلق فيها الرسم المختصر أشكالاً غريبة كالألغاز ، شفافة ، تبعث فينا الشعور بالوجود والغياب في الوقت نفسه .
أما ( فوتريه Fautrier ) فيقول : ( أن الرغبة في التعبير تأتينا في الأصل من الشيء الذي نراه ) . ومع ذلك فكثيراً مانجد من غير السهل أن نتعرف على هوية الأشياء في لوحاته . ومنذ ما يقرب من عشرين ، صارت لوحاته تحوي في وسطها كتلة صغيرة من العجينة الضاربة إلى البياض تشبه المصطكى أو السمن النباتي أو القشدة المخفوقة أو حلوى الميرانغ. وهذه الكتلة من العجينة تشكل بروزاً غير متساو ، ذا نطاق غير واضح وغير منتظم . ثم تأتي طبقة خفيفة من اللون المائي أو من الغواش ، وبضعة خطوط محفورة أو مرسومة بريشة عريضة ، فتكسب كلها هذه العجينة لوناً ، ونبرات ، وتجعل لها ، في بعض أجزائها ، ملامح أكثر وضوحاً . يضاف إلى ذلك مسحوق الباستيل – مما يزيد في نعومة التلوين ويبرز طابعه اللذيذ . وبالطبع ، فإن الألوان لاتظل دائماً. هي نفسها . وإذا كنا نجد في بعض الأعمال الفنية التي أنتجها فوتريه ، وبخاصة في العلب » . أن في الخطوط شيء من التصلب ، فإن هذه الخطوط تصبح متلوية ، جامحة هائجة » في اللوحات المسماة الأشجار وتلك المسماة الأشواك مع العلم أن فوتريه لا يطيل البحث في التفريق بين مواضيعه بل إنه يسعى ينزع منها مافيها من مميز وخاص ، ولوحة ( المرأة الناعمة ) تعرض علينا مادة كثيفة، خشنة ذات نتوءات، أقرب إلى قشور الأشجار والفلين منها إلى الجسد البشري . أما الألوان فهي ألوان الخشب الرطب والطحلب المجفف الرهائن ، التي صورها أثناء الحرب تذكرنا طبعاً بالمخ المهروس، ولكنها تذكرنا أيضاً بقطع من الجبس المتآكلة ، غطتها الرطوبة بالبقع، وكساها الغبار . بيد أنه غبار فيه جلال وجمال لونه زهري ذابل ، وأخضر ضارب إلى الرمادي . ولذلك نجد أن الصفة المسيطرة على هذه الأعمال الفنية ليست صفة المأساة . وعلى كل حال فالطابع المأسوي ليس ظاهراً فيها ظهوره في لوحة ( الأرانب المسلوخة ) أو لوحة ( الخنزير البري ) .
أما ( ليون زاك Leon Zack ) فالرسم لا يلعب عنده إلا دوراً ضئيلاً . حتى في ۱۹٥٥ ، عندما كانت الأشكال لديه لاتزال ذات منحى هندسي ، نجد أن حدود هذه الأشكال قلما تبين بواسطة خط ما ، بل يبدو لنا أننا نراها من خلال ضباب عذب ذلك بمدة ما ، أصبح الضباب نفسه بحيث تكون هذه الأشكال ، في جملتها باهتة سحابية . ويستعمل زاك التضاد في النور ، بيد أنه يتحاشى التضادات المتوترة . فيستعمل مثلاً لونا بنفسجياً يضيء ثم يقتم ، وألوانا زرقاء تتدرج في خفتها وفي شفافتها ، وألواناً رمادية خافتة ، وألواناً بيضاء كتومة تنتعش بفعل بضع بقع رمادية ، أو زرقاوية أو سمراوية. وإذا كانت هذه البقع غير واضحة المعالم فإن كلا منها تجيء في موضعها المناسب ، كما أن كلا منها تتميز بالوزن والنبرة اللازمين لادخال الرعشة في ما يحيط بها . وأن فن زاك ليس شاحباً ، وهو فن روحي بيد أن فيه مايشهد بحساسية رقيقة. ولذلك بعد هذا الفن واحداً من الفنون التي تبرز وجود المذهب اللاشكلي ومذهب البقعية ، فليس الغبش في أعماله ناجماً عن يد عاجزة ، وإنما هي تعبير عن فكر يتجرد من دنيا الأشياء ويقف نفسه على تأمل اللاملموس . ولذلك نجد أن هذه الأعمال الفنية تظل مستغلقة إلا على من ينظر إليها في سكون ، مستعداً لأن . يستسلم إلى التأمل .
أما « سيما Sima ) فالنور عنده ينحل في جو بخاري . ورغم ما يحيط بهذا النور من حجب تخففه يظل ملحاً وشبه ساطع ( بالنسبة للنفس أكبر مما هو بالنسبة للعين ) . وهو يؤثر فينا بفضل مافيه من رقة وبعد عن الواقع ، إن لم نقل من خيال. هذا ، وإن التأليفات لدى سيما تكون تارة تجريدية، في حين تدخلنا طوراً في ضرب من المشاهد الطبيعية يخلق فيها الرسم المختصر أشكالاً غريبة كالألغاز ، شفافة ، تبعث فينا الشعور بالوجود والغياب في الوقت نفسه .
أما ( فوتريه Fautrier ) فيقول : ( أن الرغبة في التعبير تأتينا في الأصل من الشيء الذي نراه ) . ومع ذلك فكثيراً مانجد من غير السهل أن نتعرف على هوية الأشياء في لوحاته . ومنذ ما يقرب من عشرين ، صارت لوحاته تحوي في وسطها كتلة صغيرة من العجينة الضاربة إلى البياض تشبه المصطكى أو السمن النباتي أو القشدة المخفوقة أو حلوى الميرانغ. وهذه الكتلة من العجينة تشكل بروزاً غير متساو ، ذا نطاق غير واضح وغير منتظم . ثم تأتي طبقة خفيفة من اللون المائي أو من الغواش ، وبضعة خطوط محفورة أو مرسومة بريشة عريضة ، فتكسب كلها هذه العجينة لوناً ، ونبرات ، وتجعل لها ، في بعض أجزائها ، ملامح أكثر وضوحاً . يضاف إلى ذلك مسحوق الباستيل – مما يزيد في نعومة التلوين ويبرز طابعه اللذيذ . وبالطبع ، فإن الألوان لاتظل دائماً. هي نفسها . وإذا كنا نجد في بعض الأعمال الفنية التي أنتجها فوتريه ، وبخاصة في العلب » . أن في الخطوط شيء من التصلب ، فإن هذه الخطوط تصبح متلوية ، جامحة هائجة » في اللوحات المسماة الأشجار وتلك المسماة الأشواك مع العلم أن فوتريه لا يطيل البحث في التفريق بين مواضيعه بل إنه يسعى ينزع منها مافيها من مميز وخاص ، ولوحة ( المرأة الناعمة ) تعرض علينا مادة كثيفة، خشنة ذات نتوءات، أقرب إلى قشور الأشجار والفلين منها إلى الجسد البشري . أما الألوان فهي ألوان الخشب الرطب والطحلب المجفف الرهائن ، التي صورها أثناء الحرب تذكرنا طبعاً بالمخ المهروس، ولكنها تذكرنا أيضاً بقطع من الجبس المتآكلة ، غطتها الرطوبة بالبقع، وكساها الغبار . بيد أنه غبار فيه جلال وجمال لونه زهري ذابل ، وأخضر ضارب إلى الرمادي . ولذلك نجد أن الصفة المسيطرة على هذه الأعمال الفنية ليست صفة المأساة . وعلى كل حال فالطابع المأسوي ليس ظاهراً فيها ظهوره في لوحة ( الأرانب المسلوخة ) أو لوحة ( الخنزير البري ) .
تعليق