الثقافة الصحية أوالتثقيف الصحي أوالتربيةالصحيةhealth education _ Education à la santé

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الثقافة الصحية أوالتثقيف الصحي أوالتربيةالصحيةhealth education _ Education à la santé

    الصحية (الثَقافة ـ)

    الثقافة الصحية أو التثقيف الصحي أو التربية الصحيةhealth education، هي العملية التي يتعلم منها الأفراد أو الجماعات كيفية السلوك وتنفيذ طريقة التصرف بهدف تعزيز الصحة والمحافظة عليها أو استعادتها. أما تعزيز الصحة health promotion فهو عملية تتيح للأفراد زيادة المقاومة والمكافحة وتحسين صحتهم. وهي تتعلق بالناس كلهم، في سياق حياتهم اليومية دون التركيز على المعرضين لخطر من مرض معين، وهذه العملية، وحسب منظمة الصحة العالمية، موجهة نحو العمل المتعلق بأسباب الصحة أو محدداتها. ومن الأمثلة المعروفة على محددات الصحة العوامل الحيوية والفيزيائية والتغذوية والبيئية والنفسية والسلوكية والاجتماعية وما يتصل بذلك.
    ما زال العديد من الأفراد يعتقد أن الصحة والتربية الصحية تتعلقان بالحفاظ على النظافة وعدم الإصابة بالمرض، إلا أن منظمة الصحة العالمية ذكرت أن فكرة الصحة هي حالة أبعد من التصحح hygieneأو غياب المرض absence of disease فهي تشمل الصحة بأبعادها الثلاثة وهي: الصحة البدنية كغياب المرض والشعور بالصحة، والصحة العقلية والانفعالية كغياب المشكلات النفسية والشعور بالتوازن والقدرة على التأقلم، والصحة الاجتماعية والتي تعني التعايش بين الأفراد وفي المجتمعات على نحو صحيح، وفي بيئة سليمة.
    ارتبطت التربية الصحية ارتباطاً وثيقاً بالطب الوقائي، وللوقاية مستويات أربعة: وهي الوقاية البدئية غير النوعية والوقاية الأولية النوعية وكلتاهما تعملان قبل حدوث المرض، والوقاية الثانوية لكشف الأمراض ومعالجتها، وأخيراً الوقاية للحد من العجز والمضاعفات. وتهدف التربية الصحية أيضاً إلى تحقيق الاستخدام الأفضل للخدمات الصحية واتخاذ القرار الأمثل لحفظ الصحة وتعزيزها.
    لقد أثبتت تجارب الدول الصناعية فيما يفوق المئة والخمسين سنة الماضية أنه كان للتربية الصحية دور مهم في تحسين صحة العموم، وإن لم يكن الدور رئيساً فهو على الأقل دور داعم. ودخلت في الوقت الحاضر برامج هدفها تقييم أثر التثقيف الصحي، أو برامج غايتها تعزيز الصحة للارتقاء بصحة العموم.
    ولابد من الإشارة إلى أن السلوك الصحي health behaviour، هو تشارك المعرفة والممارسة للإسهام في حفز الأنشطة المتخذة في سياق الصحة، وهو سلوك يعزز الصحة ويحافظ عليها، ويختلف عن السلوك الضار كتدخين التبغ الذي قد يحدد هو الآخر المرض. وقد وصف هذا التشارك بين المعرفة والممارسة والموقف من قبل العديد من المؤلفين في مجال الصحة. ومن المهم القول: إن نشر الدعوة إلى ما ينبغي أن يفعله الناس ليكونوا أصحاء أمر ضروري، ولكنه ليس بكاف؛ إذ لايكون الفرد في كثير من الأوضاع هو وحده الذي يحتاج إلى تغيير فهناك أمور أخرى تؤثر في سلوك الأفراد وهي عديدة.
    وهناك أسباب كثيرة تجعل الناس يتصرفون على النحو الذي يتخذونه، فإذا أُريد استخدام الثقافة أو التربية الصحية للتشجيع على اتباع أساليب المعيشة الصحية، فلابد من معرفة الأسباب التي تحمل الناس على اتباع السلوك الذي يسبب المرض أو يقي منه، ومن شأن هذه المعرفة أن تساعد على انتقاء الطرائق التعليمية الصحية لمعالجة المشكلة الصحية القائمة.
    إن أسباب السلوك تأتي في عنوانات أربعة رئيسة هي: المعرفة knowledge التي تكتسب عن طريق المعلومات، والمعرفة قابلة للقياس ويمكن التحقق منها، وهناك المعتقدات beliefs وهي التي تُستمد من الآباء والأجداد ومن غيرهم ممن الذين هم موضع احترام. والسبب الثالث هو الموقف attitudeوهو يظهر ما يحبه المرء أو يكرهه، وغالباً ما تستمد المواقف من الخبرات الخاصة أو من خبرات القريبين، أما القيم فهي جملة المعتقدات والمعايير ذات الأهمية العظمى لدى البشر، ويشترك أفراد المجتمع في الكثير منها.
    تطبق التربية الصحية باستخدام أساليب عدة، فمنها: ما هو موجه للفرد ومنها ما هو موجه للمجموعات، ومنها ما هو موجه للمجتمع بأكمله. ويعد التشاور counseling من أكثر أساليب التربية الصحية استخداماً لمساعدة الأفراد والعائلات؛ ففي أثناء عملية التشاور يلتقي الشخص صاحب الحاجة مع الشخص الذي يقدم المساندة والتشجيع (أي المشاور) بطريقة تمكن صاحب الحاجة من اكتساب الثقة في قدرته على إيجاد الحلول للمشكلات القائمة، ويعتمد أسلوب التشاور اعتماداً كبيراً على مهارات التواصلcommunication skills وإقامة العلاقات. ومن الأمثلة على التشاور، هناك التشاور بين الطبيب ومريضه المصاب بالداء السكري، أو التشاور بين المثقف الصحي الذي يعمل في عيادة تنظيم الأسرة والزوجين اللذين يرغبان باستخدام وسيلة ما لتنظيم الأسرة.
    تستهدف التربية الصحية أيضاً جماعات من الأفراد، وهذه الجماعات قد تكون منظمة، كتجمع الطلاب في صف مدرسي، أو غير منظمة كتجمع الناس في السوق. ومن اللافت للنظر أن سلوك مجموع أفراد الجماعة هو الذي يؤدي إلى النجاح أو الفشل، وعليه تطبق التربية الصحية بقصد تعديل السلوك لدى أفراد الجماعة، ومن ميزات التربية الصحية عندما تستخدم الأسلوب الجماعي أنها توفر الدعم والتشجيع؛ وتسمح بتبادل الخبرات بين أفراد المجموعة، كما تمكن من الاستفادة من تجميع الإمكانات بين أفراد المجموعة كلها. ومن الطرق المستخدمة في تثقيف الجماعات استخدام الملصقات والقصص وأسلوب المشاركة الفعالة وأسلوب المناقشة والعروض الإيضاحية وتمثيل الأدوار ودراسات الحالة وجماعات المناقشة أو جماعات العون الذاتي إلى غير ذلك.
    إن تمكين المجتمعات من اكتساب المهارات اللازمة للحفاظ على الصحة وتحسينها هدف أساسي من أهداف التثقيف الصحي، فمن خلال مشاركة المجتمع يقوم المتخصصون وغير المتخصصين على السواء بدراسة المشكلات الصحية وتجميع معارفهم وخبراتهم وإيجاد الطرق والوسائل الكفيلة بحل تلك المشكلات. ويبقى دور التربية الصحية في مساعدة المجتمع على تنظيم نفسه حتى يتحقق التعلم (المعرفة والموقف) ومن ثم العمل (ممارسة السلوك الصحي القويم)، ومن أساليب التربية الصحية للمجتمعات العمل مع أصحاب الرأي في المجتمع ومشاركة المجتمع الفاعل والتنسيق بين الجهات المختلفة واستنفار موارد المجتمع ومن ثم تنظيم المجتمع.
    من الجدير، الانتباه إلى أن لتوصيل الرسائل الصحية طرائق وأساليب مختلفة، فالتواصل الجيد هو حجر الزاوية في التربية الصحية، فهو الذي يساعد على تزويد الناس بالحقائق والأفكار والمواقف التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات تتسم بالوعي فيما يتعلق بصحتهم، ومن أهم مقتضيات التواصل الفعال وجود شخص مدرب وكفء قادر على توصيل الرسالة الصحية.
    ومن المبادرات المهمة في التربية الصحية والتي بدأت تأخذ انتشاراً عالميا،ً هناك مبادرة المدارس المعززة للصحة health promoting schools، أو ما يطلق عليه في الجمهورية العربية السورية اسم المدرسة المجتمعية، وهناك أيضاً المشفى المعززة للصحة ومكان العمل المعزز للصحة، وغيرها. ومن الأمثلة الأخرى على موضوع تعزيز الصحة بمشاركة المجتمع، تنمية المجتمع الذي يقوم به برنامج القرى الصحية محلياً.
    تقتضي التربية الصحية من الإنسان تغيير سلوكه في الحياة على مقتضى ما علم، شأنها في ذلك شأن العلوم التربوية، أي إن الشخص المتعلم يتعلم شيئاً يؤثر في سلوكه وحياته من منطلق افعل! ولا تفعل!، مما يؤدي إلى تصادم مع هوى النفس ورغباتها، والنفس البشرية لا تقبل أبداً ما يقيدها حتى في مجالات المنفعة والضرر أو الفائدة والأذى. وقد يؤدي التصادم إلى نتاج نقيض ما هو مرتجى في بعض الأحيان؛ ولهذا السبب، يفضل دعم إجراءات التربية الصحية بإجراءات أخرى مهمة كالإلزام من خلال الأنظمة والتشريعات وتقنين الخيارات الشخصية وتغيير البيئة بجعلها آمنة ومعززة للصحة.
    هيام بشور
يعمل...
X