أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَنزَلَ مُزنَة
وَعُفرُ الظِباءِ في الكِناسِ تَقَمَّعُ
فَخُلِّيَ لِلأَذوادِ بَينَ عُوارِضٍ
وَبَينَ عَرانينِ اليَمامَةِ مَرتَعُ
تَكَنَّفَنا الأَعداءُ مِن كُلِّ جانِبٍ
لِيَنتَزِعوا عَرقاتِنا ثُمَّ يَرتَعوا
فَما جَبُنوا أَنّا نَسُدُّ عَلَيهِمُ
وَلَكِن لَقوا ناراً تَحُسُّ وَتَسفَعُ
وَجاءَت سُلَيمٌ قَضُّها وَقَضيضُها
بِأَكثَرِ ما كانوا عَديداً وَأَوكَعوا
وَجِئنا بِها شَهباءَ ذاتَ أَشِلَّةٍ
لَها عارِضٌ فيهِ المَنِيَّةُ تَلمَعُ
فَوَدَّ أَبو لَيلى طُفَيلُ بنُ مالِكٍ
بِمُنعَرَجِ السُؤبانِ لَو يَتَقَصَّعُ
يُلاعِبُ أَطرافَ الأَسِنَّةِ عامِرٌ
وَصارَ لَهُ حَظُّ الكَتيبَةِ أَجمَعُ
كَأَنَّهُمُ بَينَ الشُمَيطِ وَصارَةٍ
وَجُرثُمَ وَالسُؤبانِ خُشبٌ مُصَرَّعُ
فَما فَتِئَت خَيلٌ تَثوبُ وَتَدَّعي
وَيَلحَقُ مِنها لاحِقٌ وَتَقَطَّعُ
لَدى كُلِّ أُخدودٍ يُغادِرنَ دارِعاً
يُجَرُّ كَما جُرَّ الفَصيلُ المُقَرَّعُ
فَما فَتِئَت حَتّى كَأَنَّ غُبارَها
سُرادِقُ يَومٍ ذي رِياحٍ تَرَفَّعُ
تَثوبُ عَلَيهِم مِن أَبانٍ وَشُرمَةٍ
وَتَركَبُ مِن أَهلِ القَنانِ وَتَفزَعُ
لَدُن غُدوَةٍ حَتّى أَغاثَ شَريدَهُم
طَويلُ النَباتِ وَالعُيونُ وَضَلفَعُ
فَفارَت لَهُم يَوماً إِلى اللَيلِ قِدرُنا
تَصُكُّ حَرابِيَّ الظُهورِ وَتَدسَعُ
وَكُنتُم كَعَظمِ الريمِ لَم يَدرِ جازِرٌ
عَلى أَيِّ بَدأَي مُقسِمُ اللَحمِ يوضَعُ
وَجاءَت عَلى وَحشِيِّها أُمُّ جابِرٍ
عَلى حينِ سَنّوا في الرَبيعِ وَأَمرَعوا