ذوويه توحد
Autism - Autisme
الذَوَوية - التوحد
الذوَوية autism هي الاسترسال في التخيل هرباً من الواقع، لا يلبث أن يتحول إلى رغبة تجعل صاحبها ميالاً لترك أقرانه وزملائه، والانفراد بنفسه إذ يقل نشاطه الاجتماعي والانفعالي والأدبي ويغدو متشبثاً بعبارات وأمثلة تتمحور حول فائدة العزلة والانطواء والابتعاد عن الناس.
والطفل الذَوَوي أو التوحدي autism child، يبدأ حياته وهو في حالة انطواء ذاتي تام، وقد تمر به الساعات منصرفاً عن عالمه الواقعي، منكفئاً على ذاته يعيش عبر تخيلاته ويغدو عاجزاً عن إقامة علاقات مع الآخرين، وبذلك تصبح قدرته على الكلام - التي هي أداة الاتصال الرئيسة - محدودة، كما يتزعزع شعوره بمفهوم الزمن، ويتناقص إحساسه بالصيرورة.
لم تتوصل البحوث العلمية التي أجريت حول هذا النوع من الاضطراب إلى نتائج قطعية حول أسبابه المباشرة، إلا أنها ترجح وجود عامل جيني ذي تأثير مباشر يؤدي إلى الإصابة به، حيث تزداد نسبة الإصابة بين التوائم المتطابقة (من بيضة واحدة)، وذلك بالمقارنة مع التوائم الإخوة، أو الإخوة العاديين كما أظهرت بعض صور الأشعة الحديثة، مثل التصوير بالمرنان، وجود بعض العلامات غير الطبيعية في تركيبة المخ، مع وجود اختلافات واضحة في المخيخ، وفي بعض الخلايا المسماة خلايا بيركنجي Purkinje.
إن هذا الاضطراب الذي يمكن أن يصل إلى درجة التوحد ليس مرضاً عقلياً بالمعنى الدقيق، لكنه عجز نمائي معقد يظهر في السنوات الثلاث الأولى من العمر، وينجم عن اضطراب عصبي يؤثر في وظيفة الدماغ، ولاسيما المراكز العصبية الخاصة بالتفاعل الاجتماعي ومهارات الاتصال.
ليست هناك عوامل مادية سلالية أو اجتماعية يمكن أن تؤدي إلى الإصابة به، إلا أنه يزداد انتشاراً في أوساط العصابيين، وشبه الفصاميين، لكنه لا يقتصر عليهم بل يمكن أن يصيب الأسوياء أيضاً. والفرق بين هؤلاء وأولئك هو فرق في الدرجة، وهو الأمر الملاحظ لدى الانطوائيين عامة، وإن لم يصل الأمر بهم إلى حالة مرضية مستفحلة، فهم ينشغلون بذاتهم، أكثر من انشغالهم بالعالم الخارجي، حيث تتمحور بأنشطتهم وفعالياتهم حول إدراكاتهم وأفكارهم الخاصة، غير آبهين بإدراكات وأفكار الآخرين ممن حولهم، إذ يبنون عالماً خاصاً بهم يخبرونه وحدهم ويبغونه لأنفسهم فقط.
إن هذا النوع من الاضطراب آخذ في الازدياد، فقد توصلت مجموعة من الباحثين في كلية «كينج» ومعهد ستانفورد في بريطانيا، في دراسة لخمسة عشر ألف طفل تراوح أعمارهم بين الثانية والسادسة، إلى أن نسبة الإصابة لدى أطفال المجموعة بلغت نحو سبع عشرة إصابة في كل عشرة آلاف طفل. وفي دراسة أخرى قام بها مركز المراقبة والوقاية من الأمراض في أمريكا عام 1997 تبين أن التوحد والسلوكات المرتبطة به يظهر لدى واحد من كل 500 فرد، كما أن ظهوره لدى الذكور أكثر من ظهوره لدى الإناث بأربع مرات.
ولعل تحسن طرائق التشخيص وتطورها في الآونة الأخيرة هو واحد من الأسباب التي أدت إلى هذه الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات. إلا أن الشيء المؤكد أن هذا الاضطراب آخذ في الازدياد.
إن الأطفال والراشدين المصابين بهذا الاضطراب، يعانون صعوبات في الاتصال اللفظي وغير اللفظي، وفي العلاقات الاجتماعية وأنشطة اللعب وأوقات الفراغ.
ويمكن أن تظهر لدى المصابين في بعض الحالات سلوكات عدوانية ضارة إذ يلحقون الأذى بأنفسهم ويقومون بحركات جسدية متكررة مثل اهتزاز أو ضرب الأيدي بعضها ببعض (تصفيق)، كما يبدون استجابات غير عادية نحو الناس، ويتعلقون بموضوعات معينة، ويقاومون تغيير الروتين، إلا أن خبراتهم الحسية (البصرية، والسمعية، والشمية، واللمسية، والذوقية) يمكن أن تكون عادية شأنهم في ذلك شأن الناس العاديين.
وهناك جملة من المؤشرات أو المقدمات التمهيدية تشير إلى إمكانية حدوث الذاتية أو التوحد لاحقاً عند الأطفال مثل مظاهر: الخجل، والانطواء واللامبالاة، والشرود الذهني، والاجترار وسواها من المؤشرات الأخرى التي يجب أن يوليها الأهل، والمربون عموماً، الاهتمام الكافي، ويأخذوها على محمل الجد. فهناك تفاصيل قد تبدو بسيطة وغير ذات قيمة، عليهم الانتباه إليها، والعمل على تشخيصها ومعالجتها بصورة مبكرة، وبطرائق أقل كلفة، وأكثر جدوى وذلك بالتعاون مع فريق من الاختصاصيين في الطب العصبي والعلاج النفسي.
أمل الأحمد
Autism - Autisme
الذَوَوية - التوحد
الذوَوية autism هي الاسترسال في التخيل هرباً من الواقع، لا يلبث أن يتحول إلى رغبة تجعل صاحبها ميالاً لترك أقرانه وزملائه، والانفراد بنفسه إذ يقل نشاطه الاجتماعي والانفعالي والأدبي ويغدو متشبثاً بعبارات وأمثلة تتمحور حول فائدة العزلة والانطواء والابتعاد عن الناس.
والطفل الذَوَوي أو التوحدي autism child، يبدأ حياته وهو في حالة انطواء ذاتي تام، وقد تمر به الساعات منصرفاً عن عالمه الواقعي، منكفئاً على ذاته يعيش عبر تخيلاته ويغدو عاجزاً عن إقامة علاقات مع الآخرين، وبذلك تصبح قدرته على الكلام - التي هي أداة الاتصال الرئيسة - محدودة، كما يتزعزع شعوره بمفهوم الزمن، ويتناقص إحساسه بالصيرورة.
لم تتوصل البحوث العلمية التي أجريت حول هذا النوع من الاضطراب إلى نتائج قطعية حول أسبابه المباشرة، إلا أنها ترجح وجود عامل جيني ذي تأثير مباشر يؤدي إلى الإصابة به، حيث تزداد نسبة الإصابة بين التوائم المتطابقة (من بيضة واحدة)، وذلك بالمقارنة مع التوائم الإخوة، أو الإخوة العاديين كما أظهرت بعض صور الأشعة الحديثة، مثل التصوير بالمرنان، وجود بعض العلامات غير الطبيعية في تركيبة المخ، مع وجود اختلافات واضحة في المخيخ، وفي بعض الخلايا المسماة خلايا بيركنجي Purkinje.
إن هذا الاضطراب الذي يمكن أن يصل إلى درجة التوحد ليس مرضاً عقلياً بالمعنى الدقيق، لكنه عجز نمائي معقد يظهر في السنوات الثلاث الأولى من العمر، وينجم عن اضطراب عصبي يؤثر في وظيفة الدماغ، ولاسيما المراكز العصبية الخاصة بالتفاعل الاجتماعي ومهارات الاتصال.
ليست هناك عوامل مادية سلالية أو اجتماعية يمكن أن تؤدي إلى الإصابة به، إلا أنه يزداد انتشاراً في أوساط العصابيين، وشبه الفصاميين، لكنه لا يقتصر عليهم بل يمكن أن يصيب الأسوياء أيضاً. والفرق بين هؤلاء وأولئك هو فرق في الدرجة، وهو الأمر الملاحظ لدى الانطوائيين عامة، وإن لم يصل الأمر بهم إلى حالة مرضية مستفحلة، فهم ينشغلون بذاتهم، أكثر من انشغالهم بالعالم الخارجي، حيث تتمحور بأنشطتهم وفعالياتهم حول إدراكاتهم وأفكارهم الخاصة، غير آبهين بإدراكات وأفكار الآخرين ممن حولهم، إذ يبنون عالماً خاصاً بهم يخبرونه وحدهم ويبغونه لأنفسهم فقط.
إن هذا النوع من الاضطراب آخذ في الازدياد، فقد توصلت مجموعة من الباحثين في كلية «كينج» ومعهد ستانفورد في بريطانيا، في دراسة لخمسة عشر ألف طفل تراوح أعمارهم بين الثانية والسادسة، إلى أن نسبة الإصابة لدى أطفال المجموعة بلغت نحو سبع عشرة إصابة في كل عشرة آلاف طفل. وفي دراسة أخرى قام بها مركز المراقبة والوقاية من الأمراض في أمريكا عام 1997 تبين أن التوحد والسلوكات المرتبطة به يظهر لدى واحد من كل 500 فرد، كما أن ظهوره لدى الذكور أكثر من ظهوره لدى الإناث بأربع مرات.
ولعل تحسن طرائق التشخيص وتطورها في الآونة الأخيرة هو واحد من الأسباب التي أدت إلى هذه الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات. إلا أن الشيء المؤكد أن هذا الاضطراب آخذ في الازدياد.
إن الأطفال والراشدين المصابين بهذا الاضطراب، يعانون صعوبات في الاتصال اللفظي وغير اللفظي، وفي العلاقات الاجتماعية وأنشطة اللعب وأوقات الفراغ.
ويمكن أن تظهر لدى المصابين في بعض الحالات سلوكات عدوانية ضارة إذ يلحقون الأذى بأنفسهم ويقومون بحركات جسدية متكررة مثل اهتزاز أو ضرب الأيدي بعضها ببعض (تصفيق)، كما يبدون استجابات غير عادية نحو الناس، ويتعلقون بموضوعات معينة، ويقاومون تغيير الروتين، إلا أن خبراتهم الحسية (البصرية، والسمعية، والشمية، واللمسية، والذوقية) يمكن أن تكون عادية شأنهم في ذلك شأن الناس العاديين.
وهناك جملة من المؤشرات أو المقدمات التمهيدية تشير إلى إمكانية حدوث الذاتية أو التوحد لاحقاً عند الأطفال مثل مظاهر: الخجل، والانطواء واللامبالاة، والشرود الذهني، والاجترار وسواها من المؤشرات الأخرى التي يجب أن يوليها الأهل، والمربون عموماً، الاهتمام الكافي، ويأخذوها على محمل الجد. فهناك تفاصيل قد تبدو بسيطة وغير ذات قيمة، عليهم الانتباه إليها، والعمل على تشخيصها ومعالجتها بصورة مبكرة، وبطرائق أقل كلفة، وأكثر جدوى وذلك بالتعاون مع فريق من الاختصاصيين في الطب العصبي والعلاج النفسي.
أمل الأحمد