طارق عابد
3 نوفمبر 2015
حقائق هامّة ومفيدة عن عالمنا المُصغّر .. عالم الذرّة
عالم الإبداع
كل الأشياء التي تراها في هذا الكون تشترك في حقيقة هامة وهي أنها تتكون جميعاً من ذرّات؛ فالذرّات هي جزيئات المادة ووحداتها الأصغر حجماً والتي تعتبر اللبنة الأساسية لعناصر المادة ونظائرها، كل مادة سواء كانت سائلة أو صلبة أو غازية تتكون من ذرّات، الذرّات صغيرة جداً وتُقاس بوحدة البيكومتر (متر مقسوم على تريليون) وهو حجم صغير جداً لدرجة أن عرض شعرة واحدة فقط من شعر الإنسان يتكون من مليون ذرّة كربون. لهذه الأسباب من الجيد أن نعرف المزيد عن الذرّات .. ذلك العالم الغامض، عالمنا المُصغّر، إليكم عدة حقائق هامّة ومفيدة عنها.
فكرة أن المادة تتكون من وحدات أصغر هي فكرة قديمة نسبياً وقد ظهرت في ثقافات وحضارات عدة أشهرها اليونانية والهندية فكلمة ذرّة كما سنبيّن في الأصل كلمة يونانية، ولكن تلك الأفكار كانت مبنية على استنتاجات فلسفية ولاهوتية وليست مبنية على استدلالات علمية وتجريبية لذلك كانت فكرتهم عما تبدو عليه الذرّة وسلوكها خاطئة تماماً، ولم يذعن أحد لتلك الفكرة حتّى بداية القرن التاسع عشر وتحديداً على يد العالم جون دالتون والذي رأى أن النظرية الذرّية يمكن أن تفسر العديد من الظواهر مثل سبب امتصاص الماء للغازات المختلفة بنسب مختلفة حيث يمتص الماء غاز أول أكسيد الكربون بكميات أكبر من غاز النتروجين افترض دالتون أن السبب يرجع إلى كتلة وتركيب جزيئات تلك الغازات (ذرّات أول أكسيد الكربون أثقل وأكبر من ذرّات النتروجين).
ذرّات وجزيئات مختلفة كما ظهرت في كتاب جون دالتون الذي نشره عام 1808
تلا ذلك الاكتشاف العديدُ من الاكتشافات الأخرى منها اكتشاف الإلكترون والنظائر وصولاً إلى نموذج نيلز بور في عام 1913 حيث اقترح بور أن:
الإلكترونات تدور حول الذرّات في مسارات مقيدة ومكمّمة ويمكنها الانتقال من مسار لآخر ولكن لا يمكنها أن تتحرك بحرية للداخل أو الخارج ويجب على الإلكترون أن يمتص أو يُشع مقداراً معيناً من الطاقة لينتقل بين تلك المدارات الثابتة (لكل مدار طاقة معينة ولكي ينتقل الإلكترون من مدار أقل إلى آخر أعلى لابد أن يمتص طاقة تكافئ الفرق بين طاقة المداريين وعند حدوث العكس يفقد الإلكترون مقدار الطاقة نفسه).
تتكون الذرة من ثلاثة أجزاء رئيسية، البروتون والذي يتميّز بشحنة كهربائية موجبة ونجده دائماً مرتبطاً داخل نواة الذرّة بالنيوترون الذي يمثل الجزء الثاني ولا يمتلك شحنة كهربائية والجزء الثالث والأخير يتمثل في الإلكترونات ذات الشحنة السالبة والتي تدور باستمرار حول النواة.
شكل توضيحي لفكرة مدارات الإلكترونات حول النواة وكيفية انتقالها من مستوى لآخر
الذرّات هي أصغر الجزيئات التي يمكن أن تتكون منها العناصر وهي وحدة بناء المادة الأساسية، كل عنصر يحتوي عدداً مختلفاً من البروتونات، على سبيل المثال كل ذرّات الهيدروجين تملك بروتوناً واحداً بينما تمتلك أي ذرّة كربون ستة بروتونات، بعض المواد تتكون من نوع واحد فقط من الذرّات مثل الذهب بينما هناك مواد أخرى تتكون من ذرات مختلفة مرتبطة ببعضها لتشكل مركبات، كلوريد الصوديوم كمثال يتكون من ذرات الكلور والصوديوم.
معظم مساحة الذرة من الداخل ما هي إلا فراغ (99.9% تحديداً)، ونلاحظ أن النواة كثيفة جداً وتشكل تقريباً كل كتلة الذرة، وتبقى الإلكترونات التي لا تشكل كتلتها شيئاً مقارنة بالنواة إذ نحتاج 1836 إلكتروناً لنصل لحجم بروتون واحد فقط من البروتونات الموجودة في النواة كما إن المدارات التي تدور فيها الإلكترونات بعيدة جداً عن النواة. لو تخيلنا الذرة بحجم ملعب رياضي ستكون النواة بحجم حبة البازلاء، وبالرغم من أن النواة أكثر أجزاء الذرة كثافة وكتلة مقارنة بباقي الأجزاء إلا أنها أيضاً تتكون في الغالب من فراغ.
يوجد الآن ما يزيد عن 100 نوع مختلف من الذرّات، 92 منها تحدث طبيعياً أي نجدها في الطبيعة بينما يتم إنتاج الأنواع الأخرى في المعامل لأغراض مختلفة، أول ذرّة من صنع الإنسان كانت ذرة التيكنيتيوم technetium والتي تمتلك 43 بروتوناً. تعتمد فكرة صنع ذرّات جديدة على إضافة المزيد من البروتونات إلى نواة الذرّة، تجدر الإشارة إلى أن هذه الذرّات (العناصر) الجديدة غير مستقرة وتتلاشى (تنحل) إلى ذرّات أصغر حجماً بشكل آني وفي الغالب نتمكن من معرفة ما إذا كنا قد خلقنا ذرّة جديدة أم لا من خلال الذرات الصغيرة التي تبقى بعد الانحلال.
بالرغم من أن الذرّات هي أصغر الوحدات التي تتكون منها المادة إلا أنها تتكون من وحدات أخرى أصغر حجماً تسمى كواركات وليبتون، يعتبر الالكترون ليبتون بينما تتكون كل من البروتونات والنيوترونات من ثلاثة كواركات لكل منهما.
الذرة
تتماسك مكونات الذرة بفضل ثلاث ثوى مختلفة، البروتونات والنيوترونات تتماسك مع بعضها بواسطة القوى النووية الضعيفة والقوية، أمّا الإلكترونات والبروتونات فتتماسك مع بعضها بفضل قوى الجذب الكهربي (شحنات كهربية مختلفة). وبالطبع لتكدس البروتونات داخل النواة ولأنها تحمل الشحنة نفسها تعمل قوى التنافر الكهربائية على دفع البروتونات بعيداً عن بعضها البعض ولكن قوى جذب النواة أكبر من قوى التنافر الكهربي لذلك تبقى النيوترونات مستقرة في موضعها، القوى النووية التي تربط البروتونات والنيوترونات ببعضها البعض أقوى من قوى الجاذبية المألوفة لنا بـ 1038 مرة ولكن يظهر تأثيرها فقط عندما تكون المسافة بين الأجسام قصيرة لذلك لا بد أن تبقى الجزيئات بالقرب من بعضها لتشعر بتلك القوى وتبقى متماسكة.
كلمة ذرّة Atom مصدرها هو الكلمة اليونانية “uncuttable” أو “undivided” بمعنى الغير قابل للانقسام، إذ اعتقد الفلاسفة اليونانيون أن المادة تتكون من جزيئات أساسية لا يمكن أن تنقسم لأجزاء أصغر ولفترة طويلة اعتقد الناس أن الذرّة هي ذلك الجزء الذي لا يمكن أن يتجزأ أكثر من ذلك، بالرغم من أن الذرّات بالفعل هي الوحدة الأساسية لبناء المادة إلا أنه يمكن لها أن تنقسم إلى أجزاء أصغر، كما يحدث في حالات الانشطار النووي وانحلال المادة عندما تنقسم الذرات إلى ذرّات أخرى أصغر.
الذرّات صغيرة جداً ولا يمكن أن تُرى إلا عبر المايكروسكوب الإلكتروني، يصل متوسط قطر الذرّة إلى أقل من متر واحد مقسوماً على مليار، الذرّة الأكبر حجماً على الإطلاق هي ذرّة السيزيوم ويصل حجمها الى تسعة أضعاف حجم أصغر ذرة على الإطلاق وهي ذرّة الهيليوم.
شكل حقيقي لذرة الهيليوم، تظهر النواة باللون الوردي والمحيط الأسود حولها يمثل السحابة الإلكترونية للذرّة، وفي الجزء العلوي تقريب لما بداخل النواه.
الذرّة الأكثر وفرة في الكون هي ذرّة الهيدروجين، ما يقرب من 76% من الذرّات الموجودة في مجرة درب التبانة عبارة عن ذرّات هيدروجين. في جسدك ما يقرب من 7 مليار مليار مليار ذرّة ومع ذلك فإن جسدك يستبدل 98% من هذه الذرّات سنوياً.
تتواجد الذرّات إمّا في حالة متعادلة كهربياً أو متأينة، في حالتها المتعادلة يكون عدد البروتونات مساو لعدد الإلكترونات وبالتالي يزيل كل منهما تأثير الآخر، وفي حالتها المتأينة يكون عدد أحدهما أكبر من الآخر وبالتالي تكون الذرّة إمّا موجبة او سالبة الشحنة.
تُصنف الذرّات وفقاً لعدد البروتونات والنيوترونات الموجودة بها، من خلال عدد البروتونات يتم تحديد أي العناصر الكيميائية التي تنتمي إليها الذرّة (جميع ذرّات النحاس مثلاً تحتوي 29 بروتوناً) بينما يتم تحديد نظير العنصر الذي تنتمي له الذرّة من خلال عدد النيوترونات، لكل عنصر هناك على الأقل نظير واحد وقد يكون للعنصر أكثر من نظير. أمّا الخصائص الكيميائية والمغناطيسية للذرّة فيتم تحديدها وفقاً لعدد الإلكترونات.
الذرة
من غرائب عالم الذرّات ما يعرف بالقفز الكمّي، عندما ينتقل إلكترون من مستوى طاقة إلى آخر فهو لا ينتقل من خلال الفراغ الموجود بين مستويات الطاقة وإنما يختفي من المستوى الأول ليظهر فجأة في المستوى الثاني.
تتصرف الذرّات والجزيئات دون الذرية بطرق غريبة وخاصة لا يمكن تفسيرها في ظل قوانين الفيزياء الكلاسيكية لهذا السبب ظهر علم ميكانيكا الكمّ او فيزياء الكمّ لتفسير بُنية وتركيب وسلوك الذرّات.
لا يمكننا الجزم بأن كل المواد في الكون تتكون من ذرّات بالرغم من أن كل العناصر التي تمت ملاحظتها إلى الآن تتكون بالفعل من ذرّات ولكن بعض الملاحظات الفلكية والفضائية تفيد بأن معظم المادة الموجودة في الكون هي المادة السوداء والتي تتكون من جزيئات لا نعرف نوعها إلى الآن.
كل ذرّة من ذرّات العناصر المختلفة لها ذرّات مضادة تتميز بشحنات مختلفة عن الأصلية، البوزيترون مثلاً ذو الشحنة الموجبة هو مضاد الإلكترون، عندما تتقابل ذرّة مع ذرّة مضادة يلاشي وتدمر كل منهما الأخرى ولهذا السبب بالإضافة لعدم التوازن بين عدد الذرّات والذرّات المضادة نجد أن الذرّات المضادة نادرة في الكون ولا يوجد تفسير واضح لعدم التوازن ذاك حتّى اليوم سوى بعض النظريات التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة وكنتيجة لكل ما سبق لم يتم اكتشاف أي مادة مضادة في الطبيعة ولكن تمكن العلماء في مختبر سيرن بجنيف عام 1996 من إنتاج ذرّة هيدروجين مضادة صناعياً.
ذو صلة
3 نوفمبر 2015
حقائق هامّة ومفيدة عن عالمنا المُصغّر .. عالم الذرّة
عالم الإبداع
كل الأشياء التي تراها في هذا الكون تشترك في حقيقة هامة وهي أنها تتكون جميعاً من ذرّات؛ فالذرّات هي جزيئات المادة ووحداتها الأصغر حجماً والتي تعتبر اللبنة الأساسية لعناصر المادة ونظائرها، كل مادة سواء كانت سائلة أو صلبة أو غازية تتكون من ذرّات، الذرّات صغيرة جداً وتُقاس بوحدة البيكومتر (متر مقسوم على تريليون) وهو حجم صغير جداً لدرجة أن عرض شعرة واحدة فقط من شعر الإنسان يتكون من مليون ذرّة كربون. لهذه الأسباب من الجيد أن نعرف المزيد عن الذرّات .. ذلك العالم الغامض، عالمنا المُصغّر، إليكم عدة حقائق هامّة ومفيدة عنها.
فكرة أن المادة تتكون من وحدات أصغر هي فكرة قديمة نسبياً وقد ظهرت في ثقافات وحضارات عدة أشهرها اليونانية والهندية فكلمة ذرّة كما سنبيّن في الأصل كلمة يونانية، ولكن تلك الأفكار كانت مبنية على استنتاجات فلسفية ولاهوتية وليست مبنية على استدلالات علمية وتجريبية لذلك كانت فكرتهم عما تبدو عليه الذرّة وسلوكها خاطئة تماماً، ولم يذعن أحد لتلك الفكرة حتّى بداية القرن التاسع عشر وتحديداً على يد العالم جون دالتون والذي رأى أن النظرية الذرّية يمكن أن تفسر العديد من الظواهر مثل سبب امتصاص الماء للغازات المختلفة بنسب مختلفة حيث يمتص الماء غاز أول أكسيد الكربون بكميات أكبر من غاز النتروجين افترض دالتون أن السبب يرجع إلى كتلة وتركيب جزيئات تلك الغازات (ذرّات أول أكسيد الكربون أثقل وأكبر من ذرّات النتروجين).
ذرّات وجزيئات مختلفة كما ظهرت في كتاب جون دالتون الذي نشره عام 1808
تلا ذلك الاكتشاف العديدُ من الاكتشافات الأخرى منها اكتشاف الإلكترون والنظائر وصولاً إلى نموذج نيلز بور في عام 1913 حيث اقترح بور أن:
الإلكترونات تدور حول الذرّات في مسارات مقيدة ومكمّمة ويمكنها الانتقال من مسار لآخر ولكن لا يمكنها أن تتحرك بحرية للداخل أو الخارج ويجب على الإلكترون أن يمتص أو يُشع مقداراً معيناً من الطاقة لينتقل بين تلك المدارات الثابتة (لكل مدار طاقة معينة ولكي ينتقل الإلكترون من مدار أقل إلى آخر أعلى لابد أن يمتص طاقة تكافئ الفرق بين طاقة المداريين وعند حدوث العكس يفقد الإلكترون مقدار الطاقة نفسه).
تتكون الذرة من ثلاثة أجزاء رئيسية، البروتون والذي يتميّز بشحنة كهربائية موجبة ونجده دائماً مرتبطاً داخل نواة الذرّة بالنيوترون الذي يمثل الجزء الثاني ولا يمتلك شحنة كهربائية والجزء الثالث والأخير يتمثل في الإلكترونات ذات الشحنة السالبة والتي تدور باستمرار حول النواة.
شكل توضيحي لفكرة مدارات الإلكترونات حول النواة وكيفية انتقالها من مستوى لآخر
الذرّات هي أصغر الجزيئات التي يمكن أن تتكون منها العناصر وهي وحدة بناء المادة الأساسية، كل عنصر يحتوي عدداً مختلفاً من البروتونات، على سبيل المثال كل ذرّات الهيدروجين تملك بروتوناً واحداً بينما تمتلك أي ذرّة كربون ستة بروتونات، بعض المواد تتكون من نوع واحد فقط من الذرّات مثل الذهب بينما هناك مواد أخرى تتكون من ذرات مختلفة مرتبطة ببعضها لتشكل مركبات، كلوريد الصوديوم كمثال يتكون من ذرات الكلور والصوديوم.
معظم مساحة الذرة من الداخل ما هي إلا فراغ (99.9% تحديداً)، ونلاحظ أن النواة كثيفة جداً وتشكل تقريباً كل كتلة الذرة، وتبقى الإلكترونات التي لا تشكل كتلتها شيئاً مقارنة بالنواة إذ نحتاج 1836 إلكتروناً لنصل لحجم بروتون واحد فقط من البروتونات الموجودة في النواة كما إن المدارات التي تدور فيها الإلكترونات بعيدة جداً عن النواة. لو تخيلنا الذرة بحجم ملعب رياضي ستكون النواة بحجم حبة البازلاء، وبالرغم من أن النواة أكثر أجزاء الذرة كثافة وكتلة مقارنة بباقي الأجزاء إلا أنها أيضاً تتكون في الغالب من فراغ.
يوجد الآن ما يزيد عن 100 نوع مختلف من الذرّات، 92 منها تحدث طبيعياً أي نجدها في الطبيعة بينما يتم إنتاج الأنواع الأخرى في المعامل لأغراض مختلفة، أول ذرّة من صنع الإنسان كانت ذرة التيكنيتيوم technetium والتي تمتلك 43 بروتوناً. تعتمد فكرة صنع ذرّات جديدة على إضافة المزيد من البروتونات إلى نواة الذرّة، تجدر الإشارة إلى أن هذه الذرّات (العناصر) الجديدة غير مستقرة وتتلاشى (تنحل) إلى ذرّات أصغر حجماً بشكل آني وفي الغالب نتمكن من معرفة ما إذا كنا قد خلقنا ذرّة جديدة أم لا من خلال الذرات الصغيرة التي تبقى بعد الانحلال.
بالرغم من أن الذرّات هي أصغر الوحدات التي تتكون منها المادة إلا أنها تتكون من وحدات أخرى أصغر حجماً تسمى كواركات وليبتون، يعتبر الالكترون ليبتون بينما تتكون كل من البروتونات والنيوترونات من ثلاثة كواركات لكل منهما.
الذرة
تتماسك مكونات الذرة بفضل ثلاث ثوى مختلفة، البروتونات والنيوترونات تتماسك مع بعضها بواسطة القوى النووية الضعيفة والقوية، أمّا الإلكترونات والبروتونات فتتماسك مع بعضها بفضل قوى الجذب الكهربي (شحنات كهربية مختلفة). وبالطبع لتكدس البروتونات داخل النواة ولأنها تحمل الشحنة نفسها تعمل قوى التنافر الكهربائية على دفع البروتونات بعيداً عن بعضها البعض ولكن قوى جذب النواة أكبر من قوى التنافر الكهربي لذلك تبقى النيوترونات مستقرة في موضعها، القوى النووية التي تربط البروتونات والنيوترونات ببعضها البعض أقوى من قوى الجاذبية المألوفة لنا بـ 1038 مرة ولكن يظهر تأثيرها فقط عندما تكون المسافة بين الأجسام قصيرة لذلك لا بد أن تبقى الجزيئات بالقرب من بعضها لتشعر بتلك القوى وتبقى متماسكة.
كلمة ذرّة Atom مصدرها هو الكلمة اليونانية “uncuttable” أو “undivided” بمعنى الغير قابل للانقسام، إذ اعتقد الفلاسفة اليونانيون أن المادة تتكون من جزيئات أساسية لا يمكن أن تنقسم لأجزاء أصغر ولفترة طويلة اعتقد الناس أن الذرّة هي ذلك الجزء الذي لا يمكن أن يتجزأ أكثر من ذلك، بالرغم من أن الذرّات بالفعل هي الوحدة الأساسية لبناء المادة إلا أنه يمكن لها أن تنقسم إلى أجزاء أصغر، كما يحدث في حالات الانشطار النووي وانحلال المادة عندما تنقسم الذرات إلى ذرّات أخرى أصغر.
الذرّات صغيرة جداً ولا يمكن أن تُرى إلا عبر المايكروسكوب الإلكتروني، يصل متوسط قطر الذرّة إلى أقل من متر واحد مقسوماً على مليار، الذرّة الأكبر حجماً على الإطلاق هي ذرّة السيزيوم ويصل حجمها الى تسعة أضعاف حجم أصغر ذرة على الإطلاق وهي ذرّة الهيليوم.
شكل حقيقي لذرة الهيليوم، تظهر النواة باللون الوردي والمحيط الأسود حولها يمثل السحابة الإلكترونية للذرّة، وفي الجزء العلوي تقريب لما بداخل النواه.
الذرّة الأكثر وفرة في الكون هي ذرّة الهيدروجين، ما يقرب من 76% من الذرّات الموجودة في مجرة درب التبانة عبارة عن ذرّات هيدروجين. في جسدك ما يقرب من 7 مليار مليار مليار ذرّة ومع ذلك فإن جسدك يستبدل 98% من هذه الذرّات سنوياً.
تتواجد الذرّات إمّا في حالة متعادلة كهربياً أو متأينة، في حالتها المتعادلة يكون عدد البروتونات مساو لعدد الإلكترونات وبالتالي يزيل كل منهما تأثير الآخر، وفي حالتها المتأينة يكون عدد أحدهما أكبر من الآخر وبالتالي تكون الذرّة إمّا موجبة او سالبة الشحنة.
تُصنف الذرّات وفقاً لعدد البروتونات والنيوترونات الموجودة بها، من خلال عدد البروتونات يتم تحديد أي العناصر الكيميائية التي تنتمي إليها الذرّة (جميع ذرّات النحاس مثلاً تحتوي 29 بروتوناً) بينما يتم تحديد نظير العنصر الذي تنتمي له الذرّة من خلال عدد النيوترونات، لكل عنصر هناك على الأقل نظير واحد وقد يكون للعنصر أكثر من نظير. أمّا الخصائص الكيميائية والمغناطيسية للذرّة فيتم تحديدها وفقاً لعدد الإلكترونات.
الذرة
من غرائب عالم الذرّات ما يعرف بالقفز الكمّي، عندما ينتقل إلكترون من مستوى طاقة إلى آخر فهو لا ينتقل من خلال الفراغ الموجود بين مستويات الطاقة وإنما يختفي من المستوى الأول ليظهر فجأة في المستوى الثاني.
تتصرف الذرّات والجزيئات دون الذرية بطرق غريبة وخاصة لا يمكن تفسيرها في ظل قوانين الفيزياء الكلاسيكية لهذا السبب ظهر علم ميكانيكا الكمّ او فيزياء الكمّ لتفسير بُنية وتركيب وسلوك الذرّات.
لا يمكننا الجزم بأن كل المواد في الكون تتكون من ذرّات بالرغم من أن كل العناصر التي تمت ملاحظتها إلى الآن تتكون بالفعل من ذرّات ولكن بعض الملاحظات الفلكية والفضائية تفيد بأن معظم المادة الموجودة في الكون هي المادة السوداء والتي تتكون من جزيئات لا نعرف نوعها إلى الآن.
كل ذرّة من ذرّات العناصر المختلفة لها ذرّات مضادة تتميز بشحنات مختلفة عن الأصلية، البوزيترون مثلاً ذو الشحنة الموجبة هو مضاد الإلكترون، عندما تتقابل ذرّة مع ذرّة مضادة يلاشي وتدمر كل منهما الأخرى ولهذا السبب بالإضافة لعدم التوازن بين عدد الذرّات والذرّات المضادة نجد أن الذرّات المضادة نادرة في الكون ولا يوجد تفسير واضح لعدم التوازن ذاك حتّى اليوم سوى بعض النظريات التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة وكنتيجة لكل ما سبق لم يتم اكتشاف أي مادة مضادة في الطبيعة ولكن تمكن العلماء في مختبر سيرن بجنيف عام 1996 من إنتاج ذرّة هيدروجين مضادة صناعياً.
ذو صلة