الأفطس (بنو)
افطس (بن)
Al-Aftas (Banu-) - Al-Aftas (Banou-)
الأفطس (بنو ـ)
(418ـ 487هـ/ 1027ـ 1094م)
بنو الأفطس سلالة حاكمة من دول الطوائف في الأندلس، وحاضرتها بَطلْيوس. تنسب إلى مؤسسها عبد الله بن محمد بن مسلمة المعروف بابن الأفطس، من قبيلة مكناسة الأمازيغية النازلة بفحص البلوط شماليّ قرطبة، على أن أبناءه ادّعوا الانتساب إلى قبيلة تجيب العربية.
عمل ابن الأفطس في خدمة سابور العامري أحد صبيان فائق الخادم، فتى الخليفة الأموي المستنصر بالله الحَكَم الثاني (350- 366هـ)، وقت انحلال الدولة. وكان سابور قد استبد سنة 400هـ بالجزء الغربي من الدولة، الذي يشمل أرض الثغر الأدنى وحاضرته بطليوس وأسفل وادي التاجه حيث مدينتا شنترين والأشبونة (لشبونة اليوم). وتمتد أراضيه شمالاً إلى حوض المنديغو Al mondego حيث مدينة قُلُمرية (اليوم Coimbra) وإلى مابعده حتى أسفل وادي دويره. واتخذ سابور لنفسه لقب «حاجب»، كما اعتاد معاصروه من ملوك الطوائف أن يصنعوا، واعتمد في إدارة دولته على وزيره عبد الله بن محمد بن مسلمة بن الأفطس الذي اشتهر بأنه من أهل المعرفة والحكمة، وزوج ابنته أحد أبناء ابن الأفطس.
توفي سابور في سنة 413هـ/ 1022م، تاركاً ولدين قاصرين وأوصى أن يستمر وزيره بالوصاية عليهما، ولكن ابن الأفطس استبد بالحكم فهرب ولدا سابور إلى أشبونة حيث استبد بها عبد العزيز بن سابور، وخلفه أخوه عبد الملك إثر وفاته. ولكن ابن الأفطس تمكن من انتزاعها، وغادرها إلى قرطبة ونزل بدار لأبيه فيها. واتخذ عبد الله بن مسلمة لنفسه لقباً خلافياً فتسمى بالمنصور، واستمر في حكم المنطقة الغربية من الأندلس، من عاصمته بطليوس حتى وفاته (437هـ/ 1045م). ونشب بينه وبين بني عبّاد في إشبيلية نزاع دام إلى الجيل التالي، وكان من أسبابه محاولة ابن الأفطس بسط سلطانه جنوباً على وادي آنة. فأرسل ابن الأفطس جيشاً بقيادة ابنه محمد لإعمار مدينة باجة المخربة منذ القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، وضمها إليه بعد أن تحالف مع ابن طيفور صاحب ميرتُلة، فعارضه القاضي محمد بن عبّاد صاحب إشبيلية، وتحالف من أجل ذلك مع محمد بن عبد الله البرزالي صاحب قرمونة. ووجه المتحالفان جيشاً بقيادة إسماعيل بن محمد بن عباد إلى باجة حاصر محمد بن عبد الله بن الأفطس فيها. وأغارت قوات لهما في الوقت نفسه على بطليوس وما حولها لمنع ابن الأفطس من إمداد المحاصَرين، حتى اضطر هؤلاء إلى التسليم، وسيقوا إلى إشبيلية حيث صلب أخ لابن طيفور، ووُضع محمد بن عبدالله بن الأفطس في أسر صاحب قرمونة الذي منّ عليه بالإطلاق سنة 421هـ/ 1030م.
تركت هذه الهزيمة في نفس ابن الأفطس أثراً كبيراً، حتى إنه غدر بجيش بني عباد بقيادة إسماعيل بن محمد بن عباد، وقتل الكثير من أفراده في كمين نصبه لهم وهم في شعب ضيق على طريق عودتهم من غزو جليقية وكانوا قد عبروا أرضه بإذنه وأمانه.
توفي المنصور بن الأفطس فخلفه ابنه المظفر أبو بكر محمد بن عبد الله وظل يحكم حتى وفاته سنة 460هـ/ 1068م. وقد تجدد في عهده الصراع مع بني عباد حول ميرتُلة التي كان يحكمها بنو يحيى، إذ هاجم المعتضد العبادي المدينة فاستنصر أصحابها ابن الأفطس، الذي بادر إلى نجدتهم وتدعيم دفاعهم، وحقق انتصاراً على المعتضد العبادي وصده عنها.
لكن ابن يحيى صاحب ميرتلة غيّر بعد أَمَد ولاءه، ومال إلى ابن عباد فعاداه المظفر بن الأفطس واحتجز أمواله، ثم أرسل خيله للإغارة على أملاكه. واستعان ابن يحيى بابن عباد الذي خاض حرباً مع ابن الأفطس بلغت ذروتها عام 442هـ/ 1050ـ 1051م، وانتزع فيها منه عدة حصون، وراح يغير على أرباض عاصمته بطليوس، حتى قطع كل الطرق إليها، واحتجز صاحبها في داخلها، إلى أن عقد الصلح بينهما (443هـ/ 1051م) بمسعى ابن جَهْوَر صاحب قرطبة.
لم يكد المظفر يستريح من تلك الخصومة حتى داهمه في شمال مملكته توسع الملك الإسباني فرناندو الأول الذي انتزع منه كل المنطقة الواقعة بين نهري دويرة والمنديغو، فاحتل فيسيو Viseo ولاميغو Lamego (449هـ/ 1057م) ثم قُلمريّة (456هـ/ 1063م)، بعد حصار، بسبب خيانة حاكمها راندو أحد عبيد ابن الأفطس. وتابع الملك الإسباني توسعه جنوباً حتى مصب وادي التاجه، وحاصر مدينة شنترين التي همّ سكانها بالاستسلام، لولا أن أدركهم المظفر، وأرضى الملك الإسباني بعد مشقة بجزية قدرها 5000 دينار سنوياً.
حكم بطليوس بعد وفاة المظفر ابنه الحاجب يحيى الذي اتخذ لقب المنصور كذلك. وفي العام التالي لولايته (461هـ/ 1068- 1069م) تمرد عليه أخوه عمر صاحب يابُرة، وعقد حلفاً مع المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية، فتمسّك المنصور بحلف أبيه مع المأمون بن ذي النون، وتوسط المأمون بينه وبين الملك الإسباني الذي حاول زيادة الجزية التي كان يدفعها أبوه. ولكن الأزمة الداخلية انتهت بموت المنصور، فورث الملك الأخ المتمرد عمر وتلقّب بالمتوكل.
اهتم المتوكل بأوضاع المناطق الشمالية من دولته، حيث استطاع ألفونسو السادس احتلال حصن قورية (471هـ/ 1079م)، الواقع بين مملكتي طليطلة وبطليوس. لكن وضع المتوكل تحسن في العام التالي، عندما فرّ القادر بن ذي النون من حاضرة دولته طليطلة، وتولى يوسف ابن القلاّس البطليوسي إقناع مشيختها بدعوة المتوكل لحكمها. ولبى المتوكل الطلب، ونزل في طليطلة عشرة شهور، لم تذكر له المصادر في أثنائها من عمل له سوى سلب الكثير من نفائس الملك الأسبق وذخائره، ثم عاد من حيث أتى.
كان المتوكل من أسبق ملوك الطوائف إلى دعوة أمير المرابطين يوسف بن تاشفين في المغرب لدخول الأندلس والجهاد دفاعاً عن الإسلام المهدّد فيها. فقد دعاه منفرداً مرتين: قبل سقوط طليطلة وبعد سقوطها. وشارك قاضيه أبو إسحاق بن مقانا في الوفد الذي وجهه ملوك الطوائف للأمير المرابطي يوسف بن تاشفين للتفاوض معه حول شروط دخوله الأندلس. وكان المتوكل بن الأفطس في استقبال جموع القوى المرابطية والأندلسية التي توجهت لصدّ ألفونسو السادس في الزلاّقة في سنة 479هـ/ 1086م.
وبعد الأحداث التي تلت معركة الزلاّقة، قرّر يوسف بن تاشفين توحيد الأندلس وإنهاء حكم ملوك الطوائف بادئاً بملك غرناطة من بني زيري، وأتبعه بابن عباد صاحب إشبيلية لتصبح قواته على حدود مملكة بني الأفطس، لكنه لم يوجه لهذه المملكة الضربة القاضية إلا بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ. وربما كان مرد ذلك خشيته من قيام ابن الأفطس بتسليمها إلى ملك قشتالة، إذ إنه عقد بعد سقوط غرناطة اتفاقاً مع ألفونسو السادس تنازل له بموجبه عن مدن دولته الواقعة على وادي التاجُه الأدنى وأهمها شنترين مقابل قيام الأخير بمعونته في صد الهجوم المرابطي على دولته إذا وقع، مع أنه ظل يظهر الود للمرابطين كسابق عهده.
تدل الوقائع على أن المرابطين نهجوا منهجاً ملائماً للسيطرة على هذا الثغر وتلافي وقوع المحاذير السابقة، فدخل بطليوس الفقيه السجلماسي ابن الأحسن مجاهداً، وكان أمير المرابطين قد استخدمه من قبل في سفارة إلى بعض ملوك الطوائف، كما حلّ بها السياسي الأندلسي ابن رشيق مدّعياً الهرب من سجن المرابطين بتدبير من القائد المرابطي سير بن أبي بكر. وتمكن الاثنان من تهيئة تسليم قصبة بطليوس حال وصول الجيش المرابطي، ونجحا في ذلك، واستسلم المتوكل بعد المفاجأة، فأرسل ولديه الفضل وسعداً إلى إشبيلية، ولكنهما قتلا في الطريق. ونجا المنصور الابن الثالث الذي توجه قبل الموقعة إلى حصن شانْجَش Montanchez، ولما علم بماحلّ بأهله دخل أرض الملك القشتالي وتنصّر، واتهم بأنه رافقه في غزواته يدله على عورات المسلمين. وقد خُلِّد مصير بني الأفطس بقصيدة رثاء نظمها شاعر المتوكل عبد المجيد بن عبدون.
اهتم بنو الأفطس بالحرب، ولم ينسهم ذلك العناية بالحضارة، ولا سيما في عهد المظفر الذي أحاط نفسه ببلاط غني بمظاهر البذخ والترف والتسلية. فاقتنى الجواري، وأنشأ في قصره مكتبة عامرة، جلب لها الكتب المهمة من مراكز العلم في المشرق، ولاسيما من بغداد. كما كان عالماً باللغة والأدب، وقد اختصر ما في مكتبته بكتاب سُمي «المظفري» نسبة إليه، يحوي أصنافاً شتى من العلوم والمعارف. وأعانه في عمله هذا كاتبه أبو عثمان سعيد بن خيرة، وقد بلغ حجم الكتاب خمسين مجلداً، لذلك قلّ عدد من اقتنوه، وندرت المقتبسات عنه، مع أنه ظلّ متداولاً أجزاء متفرقة حتى أوائل القرن السابع الهجري على الأقل عندما اطَّلع على بعضها عبد الواحد المراكشي.
بنو الأفطس (في بطليوس)
1 ـ عبد الله المنصور بن محمد بن الأفطس 418- 437هـ/ 1027- 1045م.
2 ـ أبو بكر محمد المظفر بن عبد الله 437- 460هـ/ 1045- 1068م
3 ـ المنصور يحيى بن المظفر 460- 473هـ/1068- 1081م.
4 ـ أبو حفص عمر المتوكل بن محمد 461- 487هـ/ 1069- 1094م.
أحمد بدر
افطس (بن)
Al-Aftas (Banu-) - Al-Aftas (Banou-)
الأفطس (بنو ـ)
(418ـ 487هـ/ 1027ـ 1094م)
بنو الأفطس سلالة حاكمة من دول الطوائف في الأندلس، وحاضرتها بَطلْيوس. تنسب إلى مؤسسها عبد الله بن محمد بن مسلمة المعروف بابن الأفطس، من قبيلة مكناسة الأمازيغية النازلة بفحص البلوط شماليّ قرطبة، على أن أبناءه ادّعوا الانتساب إلى قبيلة تجيب العربية.
عمل ابن الأفطس في خدمة سابور العامري أحد صبيان فائق الخادم، فتى الخليفة الأموي المستنصر بالله الحَكَم الثاني (350- 366هـ)، وقت انحلال الدولة. وكان سابور قد استبد سنة 400هـ بالجزء الغربي من الدولة، الذي يشمل أرض الثغر الأدنى وحاضرته بطليوس وأسفل وادي التاجه حيث مدينتا شنترين والأشبونة (لشبونة اليوم). وتمتد أراضيه شمالاً إلى حوض المنديغو Al mondego حيث مدينة قُلُمرية (اليوم Coimbra) وإلى مابعده حتى أسفل وادي دويره. واتخذ سابور لنفسه لقب «حاجب»، كما اعتاد معاصروه من ملوك الطوائف أن يصنعوا، واعتمد في إدارة دولته على وزيره عبد الله بن محمد بن مسلمة بن الأفطس الذي اشتهر بأنه من أهل المعرفة والحكمة، وزوج ابنته أحد أبناء ابن الأفطس.
تركت هذه الهزيمة في نفس ابن الأفطس أثراً كبيراً، حتى إنه غدر بجيش بني عباد بقيادة إسماعيل بن محمد بن عباد، وقتل الكثير من أفراده في كمين نصبه لهم وهم في شعب ضيق على طريق عودتهم من غزو جليقية وكانوا قد عبروا أرضه بإذنه وأمانه.
توفي المنصور بن الأفطس فخلفه ابنه المظفر أبو بكر محمد بن عبد الله وظل يحكم حتى وفاته سنة 460هـ/ 1068م. وقد تجدد في عهده الصراع مع بني عباد حول ميرتُلة التي كان يحكمها بنو يحيى، إذ هاجم المعتضد العبادي المدينة فاستنصر أصحابها ابن الأفطس، الذي بادر إلى نجدتهم وتدعيم دفاعهم، وحقق انتصاراً على المعتضد العبادي وصده عنها.
لكن ابن يحيى صاحب ميرتلة غيّر بعد أَمَد ولاءه، ومال إلى ابن عباد فعاداه المظفر بن الأفطس واحتجز أمواله، ثم أرسل خيله للإغارة على أملاكه. واستعان ابن يحيى بابن عباد الذي خاض حرباً مع ابن الأفطس بلغت ذروتها عام 442هـ/ 1050ـ 1051م، وانتزع فيها منه عدة حصون، وراح يغير على أرباض عاصمته بطليوس، حتى قطع كل الطرق إليها، واحتجز صاحبها في داخلها، إلى أن عقد الصلح بينهما (443هـ/ 1051م) بمسعى ابن جَهْوَر صاحب قرطبة.
لم يكد المظفر يستريح من تلك الخصومة حتى داهمه في شمال مملكته توسع الملك الإسباني فرناندو الأول الذي انتزع منه كل المنطقة الواقعة بين نهري دويرة والمنديغو، فاحتل فيسيو Viseo ولاميغو Lamego (449هـ/ 1057م) ثم قُلمريّة (456هـ/ 1063م)، بعد حصار، بسبب خيانة حاكمها راندو أحد عبيد ابن الأفطس. وتابع الملك الإسباني توسعه جنوباً حتى مصب وادي التاجه، وحاصر مدينة شنترين التي همّ سكانها بالاستسلام، لولا أن أدركهم المظفر، وأرضى الملك الإسباني بعد مشقة بجزية قدرها 5000 دينار سنوياً.
حكم بطليوس بعد وفاة المظفر ابنه الحاجب يحيى الذي اتخذ لقب المنصور كذلك. وفي العام التالي لولايته (461هـ/ 1068- 1069م) تمرد عليه أخوه عمر صاحب يابُرة، وعقد حلفاً مع المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية، فتمسّك المنصور بحلف أبيه مع المأمون بن ذي النون، وتوسط المأمون بينه وبين الملك الإسباني الذي حاول زيادة الجزية التي كان يدفعها أبوه. ولكن الأزمة الداخلية انتهت بموت المنصور، فورث الملك الأخ المتمرد عمر وتلقّب بالمتوكل.
اهتم المتوكل بأوضاع المناطق الشمالية من دولته، حيث استطاع ألفونسو السادس احتلال حصن قورية (471هـ/ 1079م)، الواقع بين مملكتي طليطلة وبطليوس. لكن وضع المتوكل تحسن في العام التالي، عندما فرّ القادر بن ذي النون من حاضرة دولته طليطلة، وتولى يوسف ابن القلاّس البطليوسي إقناع مشيختها بدعوة المتوكل لحكمها. ولبى المتوكل الطلب، ونزل في طليطلة عشرة شهور، لم تذكر له المصادر في أثنائها من عمل له سوى سلب الكثير من نفائس الملك الأسبق وذخائره، ثم عاد من حيث أتى.
كان المتوكل من أسبق ملوك الطوائف إلى دعوة أمير المرابطين يوسف بن تاشفين في المغرب لدخول الأندلس والجهاد دفاعاً عن الإسلام المهدّد فيها. فقد دعاه منفرداً مرتين: قبل سقوط طليطلة وبعد سقوطها. وشارك قاضيه أبو إسحاق بن مقانا في الوفد الذي وجهه ملوك الطوائف للأمير المرابطي يوسف بن تاشفين للتفاوض معه حول شروط دخوله الأندلس. وكان المتوكل بن الأفطس في استقبال جموع القوى المرابطية والأندلسية التي توجهت لصدّ ألفونسو السادس في الزلاّقة في سنة 479هـ/ 1086م.
وبعد الأحداث التي تلت معركة الزلاّقة، قرّر يوسف بن تاشفين توحيد الأندلس وإنهاء حكم ملوك الطوائف بادئاً بملك غرناطة من بني زيري، وأتبعه بابن عباد صاحب إشبيلية لتصبح قواته على حدود مملكة بني الأفطس، لكنه لم يوجه لهذه المملكة الضربة القاضية إلا بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ. وربما كان مرد ذلك خشيته من قيام ابن الأفطس بتسليمها إلى ملك قشتالة، إذ إنه عقد بعد سقوط غرناطة اتفاقاً مع ألفونسو السادس تنازل له بموجبه عن مدن دولته الواقعة على وادي التاجُه الأدنى وأهمها شنترين مقابل قيام الأخير بمعونته في صد الهجوم المرابطي على دولته إذا وقع، مع أنه ظل يظهر الود للمرابطين كسابق عهده.
تدل الوقائع على أن المرابطين نهجوا منهجاً ملائماً للسيطرة على هذا الثغر وتلافي وقوع المحاذير السابقة، فدخل بطليوس الفقيه السجلماسي ابن الأحسن مجاهداً، وكان أمير المرابطين قد استخدمه من قبل في سفارة إلى بعض ملوك الطوائف، كما حلّ بها السياسي الأندلسي ابن رشيق مدّعياً الهرب من سجن المرابطين بتدبير من القائد المرابطي سير بن أبي بكر. وتمكن الاثنان من تهيئة تسليم قصبة بطليوس حال وصول الجيش المرابطي، ونجحا في ذلك، واستسلم المتوكل بعد المفاجأة، فأرسل ولديه الفضل وسعداً إلى إشبيلية، ولكنهما قتلا في الطريق. ونجا المنصور الابن الثالث الذي توجه قبل الموقعة إلى حصن شانْجَش Montanchez، ولما علم بماحلّ بأهله دخل أرض الملك القشتالي وتنصّر، واتهم بأنه رافقه في غزواته يدله على عورات المسلمين. وقد خُلِّد مصير بني الأفطس بقصيدة رثاء نظمها شاعر المتوكل عبد المجيد بن عبدون.
اهتم بنو الأفطس بالحرب، ولم ينسهم ذلك العناية بالحضارة، ولا سيما في عهد المظفر الذي أحاط نفسه ببلاط غني بمظاهر البذخ والترف والتسلية. فاقتنى الجواري، وأنشأ في قصره مكتبة عامرة، جلب لها الكتب المهمة من مراكز العلم في المشرق، ولاسيما من بغداد. كما كان عالماً باللغة والأدب، وقد اختصر ما في مكتبته بكتاب سُمي «المظفري» نسبة إليه، يحوي أصنافاً شتى من العلوم والمعارف. وأعانه في عمله هذا كاتبه أبو عثمان سعيد بن خيرة، وقد بلغ حجم الكتاب خمسين مجلداً، لذلك قلّ عدد من اقتنوه، وندرت المقتبسات عنه، مع أنه ظلّ متداولاً أجزاء متفرقة حتى أوائل القرن السابع الهجري على الأقل عندما اطَّلع على بعضها عبد الواحد المراكشي.
بنو الأفطس (في بطليوس)
1 ـ عبد الله المنصور بن محمد بن الأفطس 418- 437هـ/ 1027- 1045م.
2 ـ أبو بكر محمد المظفر بن عبد الله 437- 460هـ/ 1045- 1068م
3 ـ المنصور يحيى بن المظفر 460- 473هـ/1068- 1081م.
4 ـ أبو حفص عمر المتوكل بن محمد 461- 487هـ/ 1069- 1094م.
أحمد بدر