ولد في مثل هذا اليوم منذ 90 سنة
الفنان أبو بكر عزت.. نجم الكوميديا والتراجيديا وأدوار الشر
كتب/خطاب معوض خطاب
الفنان أبو بكر عزت والد الصديقة الإعلامية أمل أبو بكر Amal Abo Bakr والذي ولد في مثل هذا اليوم منذ 90 سنة وتحديدا في يوم 8 أغسطس سنة 1933، يعد واحدا من الفنانين أصحاب الأداء السهل الممتنع وتمتع بخفة الدم المصرية الخالصة وجدعنة وشهامة أولاد البلد بشهادة عدد كبير من المقربين منه، وكان فنانا حقيقيا موهوبا ومثقفا وعبقريا في أدائه وزاهدا في الشهرة رغم موهبته الكبيرة وتنوع أدواره ما بين الكوميديا والتراجيديا والشر سواء في المسرح أو السينما والتليفزيون، ورغم أعماله الكثيرة التي برز من خلالها إلا أنه كان واحدا من الفنانين القليلين الذين لم يحصروا أنفسهم في قالب واحد، حيث كان يطور من أدائه وينوع أدواره كلما تقدم به العمر فبعدما كان معروفا كفنان كوميدي في المسرح والسينما في بداياته أصبح يقدم الدراما بمختلف أشكالها وألوانها بتمكن واقتدار.
فمن يراه في شخصية الأسطى عمارة الصنايعي في مسلسل "أرابيسك" لا يصدق أنه الذي جسد شخصية المحامي الدكتور عبد النور في فيلم "ضد الحكومة" الذي قدم فيه مشهدا من أروع المشاهد في تاريخ السينما المصرية مع الفنان أحمد زكي وحوارهما الشهير في المسجد، حيث ظهرا معا في أفضل حالاتهما متقمصين دوريهما وكأنهما لا يمثلان بل في صراع حقيقي، ولم يكن هذا هو الفيلم الوحيد الذي جمع بينهما، حيث التقيا قبله في أفلام كثيرة منها "الإحتياط واجب" و"الإمبراطور" و"الهروب".
والفنان أبو بكر عزت تعود جذوره إلى مركز المراغة بمحافظة سوهاج وقد ولد في حي من الأحياء الشعبية العريقة وهو حي السيدة زينب، فنشأ وسط شخصيات متعددة من الواقع المصري الأصيل مما كان له الأثر الكبير عليه في صدق وإثراء أدائه، ودرس بالمدرسة الخديوية حيث اكتشفه المخرج المسرحي الفنان كمال ياسين، وتخرج في كلية الأداب جامعة القاهرة قسم اجتماع، ولأنه كان هاويا للفن فقد التحق بمعهد التمثيل حتى يدرس الفن ليصقل موهبته ويشبع هوايته، وعمل مدرسا لمادة علم النفس لفترة بسيطة ثم ترك الوظيفة ليتفرغ للفن حيث كان قد التحق بفرقة المسرح الحر، وبالفعل برز في عدد من الأعمال المسرحية التي صنعت نجوميته وشهرته الكبيرة كفنان ونجم كوميدي له طابعه الخاص والمتفرد الذي لم يقلد من خلاله أحدا ممن سبقوه مثل "الدبور" و"سنة مع الشغل اللذيذ" و"المفتش العام" و"البيجاما الحمرا" و"الدخول بالملابس الرسمية" و"العالمة باشا".
أما في السينما فقد ظهرت موهبته الكوميدية من خلال عدد من الأفلام التي أدى فيها أدوارا مساعدة مثل "معبودة الجماهير" و"30 يوم في السجن" و"ميرامار" وغيرها قبل أن ينتقل إلى بطولة عدد من الأفلام التي غير خلالها من طبيعة أدائه مثل "ضد الحكومة" و"الإمبراطور" و"الهروب" و"المرأة والساطور"، وقد حصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي عن دوره في فيلم "المرأة والساطور" الذي يعتبر أول وآخر بطولة مطلقة لهذا الفنان الكبير، ورغم أنه كان يستحق هذه الجائزة لكنها تعتبر قد جاءته متأخرة حيث كان يستحق التكريم عن عدد كبير من أدواره في أفلام عديدة قبل هذا الفيلم خاصة في فيلم "ضد الحكومة"، وفي التليفزيون قدم الفنان أبو بكر عزت عددا كبيرا من الأعمال التي ما زالت عالقة بأذهان عشاق الدراما وأشاد النقاد والمشاهدون بأدواره في هذه الأعمال مثل "أرابيسك" و"علي الزيبق" و"زيزينيا" و"الزوجة أول من يعلم" و"رأفت الهجان" و"السقوط في بئر سبع" وغيرها.
وعرف الفنان أبو بكر عزت بأنه يدقق في اختار الشخصيات التي يجسدها في أعماله ولم يكن ممن ينشغلون بمساحة الدور أو كثرة الأعمال، بل كان همه الأكبر أن تكون أعماله إضافة قوية لتاريخه الفني الكبير، وهذا لأنه كان فنانا يحترم تاريخه ويحترم نفسه ويحترم مشاهديه وعشاقه فاحترمه الجميع سواء المشاهدون أو النقاد، ومع أنه لم يتم تكريمه على قدر موهبته وعطائه إلا أنه ظل يعمل لأواخر عمره بنفس طريقته التي اعتاد عليها ولم يتغير مثلما تغير الكثيرون في عالم الفن الذي ابتلي بالدخلاء من تجار الخيش والخردة واللحوم الذين سيطروا على سوق الفن.
وقد تزوج الفنان أبو بكر عزت في يوم 27 فبراير سنة 1965 من الكاتبة الشهيرة كوثر هيكل، وأنجب منها ابنتين عملتا بالإعلام هما الدكتورة سماح وشقيقتها أمل، والجدير بالذكر أن زوجته كانت زميلة له في نفس الكلية وأنه تزوجها بعد قصة حب طويلة وعاش طوال حياته محبا مخلصا لها حتى جاء يوم 27 فبراير سنة 2006 حيث كان يستكمل تصوير مسلسل "ومضى عمري الأول" وبينما هو يستعد للاحتفال بعيد زواجه 41 وأرسل إليها باقة من الزهور إذ فاجئته أزمة قلبية حادة انتقل على إثرها إلى مستشفى الصفا بالمهندسين ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله، وهكذا ودع الحياة وهو في أشد حالات إقباله عليها، حيث تروي زوجته أنه قال لها في يوم وفاته: "أنا حاسس إني عريس جديد"، وبالفعل كان في هذا اليوم عريسا تم زفافه للسماء.
#إعادة_نشر