فخنر (غوستاف تيودور -)
(1801-1887)
غوستاف تيودور فخنر Gustav Theodor Fechner فيلسوف وفيزيائي وعالم نفس ألماني، ولد في بلدة غروس سيرشن Gross-Sérchen بألمانيا، وتوفي في لايبزيغ Leipzig. درس الطب في جامعة لايبزيغ، وبعد تخرجه بدأ يهتم بدراسة الفيزياء، والرياضيات، وترجم إلى الألمانية كثيراً من المراجع الفرنسية ذات العلاقة، كما قام بتدريس مادة الفيزياء ثم الفلسفة في جامعة لايبزيغ.
عُرف فخنر أولاً بمذهب فلسفي امتد تأثيره إلى بعض المفكرين الأمريكيين ومنهم وليم جيمس. فقد ذهب في كتابه «زندأفستا أو في أمور السماء وما بعد الموت» Zendavesta oder über die Dinge des Himmels und des Jenseits إلى أن الميتافيزيقيا (علم ما وراء الطبيعة) علم حق يقوم على حاجة فينا للإيمان بمبدأ العدل والخير، وأن الدليل الأقوى على وجود هذا المبدأ هو كوننا نبحث عنه ولا يسعنا إلا أن نبحث عنه. ومنهج الميتافيزيقيا هو تصور العالم على مثال وجداننا فكما أن موضوع العلم الطبيعة المنظورة المعلومة بالملاحظة والاستقراء، فكذلك موضوع الميتافيزيقيا باطن الطبيعة يدرك بالحدس الباطن. هذا الحدس يظهر على أن الوجدان تقدم أفعال من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل، وأنه كثرة أفعال في وحدة غير متجزئة، فالعالم من ثمة وحدة حاصلة على الخصائص نفسها، إلا أنه غير محدود. العالم وجدان واحد هو وجدان الله، وكل وجدان - مع تميزه من غيره في الظاهر، فهو مظهر من الوجدان الكلي. والكواكب ملائكة السماء والأرض متنفسة لأنها كل منظم بفصولها المطردة، وأجزاؤها نفوس الموجودات الأرضية من نبات وحيوان وإنسان، وهذه النفوس إضافة إلى الأرض كأفكارنا إضافة إلى أنفسنا.
لكن شهرة فخنر تقوم على أنه مؤسس علم النفس الفيزيقي Psychophysik، وهو يعرّف هذا العلم بأنه: «مذهب مضبوط في العلاقات بين النفس والجسم، وعموماً بين العالم الفيزيقي والعالم النفسي» فهو إذن علم تجريبي بحت يتناول الظواهر وقوانينها من دون أن يعرض لجوهر النفس ولا لجوهر الجسم. ولما كانت الفرضية مشروعة في العلم الواقعي، افترض فخنر أن التقابل بين النفس والجسم يرجع إلى أن ما يبدو أنه النفس من الداخل يبدو أنه الجسم من الخارج، وهذا ما سمي «التوازي Parallelism النفسي الفيزيقي» من تأثير متبادل، وقد اتخذ فخنر من قياس الظواهر الخارجية وما تحدثه في الإنسان من ظواهر عصبية قياساً للظواهر النفسية التي لا تقاس مباشرة.
في عام 1850 أعلن فخنر القانون المعروف بقانون فخنر وهو: «إن الزيادة في قوة المنبه Stimulus الضرورية لإحداث أقل زيادة مدركة في الإحساس، تتعلق طرداً بنمو المنبه». وهذا القانون صحيح على وجه التقريب في الإحساسات متوسطة القوة، ولكنه لا يعني أن القياس واقع على الإحساسات بما هي ظواهر وجدانية. فشرع فخنر يجري التجارب، وكان كتابه «عناصر علم النفس الفيزيائي» Elemente der Psychophysik عام 1860 أول كتاب منظَّم في علم النفس مبني على الرياضيات.
ووضع بناء على ذلك جدولين للزيادات: أحدهما للمنبهات والآخر للإحساسات، ولما كانت زيادة المؤثرات مقيسة تبعاً لنسبة مطردة، اعتقد أنه يكفي الافتراض أن كل زيادة مدركة في الإحساس تمثل (وحدة هي هي دائماً)، مما يؤدي إلى سلسلتين متزايدتين يمكن المقارنة بينهما مقارنة رياضية، ووضع هذا القانون: «حين تزداد كثافة المنبه بنسبة هندسية يزداد الإحساس بنسبة حسابية فقط» أو «إن حساب الإحساس ينمو طرداً مع لوغاريتم كثافة المنبه».
وضع فخنر ثلاثة أساليب سيكوفيزيقية مستقلة لقياس العتبات الحسية وهي:
ـ طريقة التغيرات الصغرى (الحدود)، وفيها قدم عدداً من المنبهات (المثيرات) في سلسلة تتغير صعوداً وهبوطاً.
ـ طريقة الخطأ المتوسط، وفيها يعدل المفحوص من المنبهات المقدمة إليه وفقاً للتعليمات.
ـ طريقة حالات الخطأ والصواب، وفيها تقدم إلى المفحوص سلسلة من المنبهات من دون ترتيب.
أثارت أبحاث فخنر اهتماماً بالغاً ومناقشات حادة وحركة واسعة في ميدان علم النفس التجريبي وعلم النفس الفيزيقي والتحليل النفسي. وفي المرحلة الأخيرة من حياته تحول إلى دراسة علم الجمال، وأصدر عديداً من الكتب في هذا المجال ومن أهمها: «المدخل إلى علم الجمال» Vorschule der Ästhetik عام 1876.
إضافة إلى ذلك نـشر فخنر كثيراً من الكتابات الأدبية الساخرة، ولكن دائماً بالاسـم المستعار الدكتور ميزِس Dr.Mises. ومن مؤلفاته المهمة الأخرى: «في مـسألـة الروح» Über die Seelenfrage عـام (1861)، و«الدوافع أو الأسباب الثلاثة للإيمان» Die drei Motive oder Gründe des Glaubens عام (1863)، و«في علم الجمال التجريبي» Zur Experimentalen Ästhetik عام (1873)، و«قضايا علم النفس الفيزيقي»In Sachen der Psychophsik عام (1877).
خالد طه الأحمد
(1801-1887)
عُرف فخنر أولاً بمذهب فلسفي امتد تأثيره إلى بعض المفكرين الأمريكيين ومنهم وليم جيمس. فقد ذهب في كتابه «زندأفستا أو في أمور السماء وما بعد الموت» Zendavesta oder über die Dinge des Himmels und des Jenseits إلى أن الميتافيزيقيا (علم ما وراء الطبيعة) علم حق يقوم على حاجة فينا للإيمان بمبدأ العدل والخير، وأن الدليل الأقوى على وجود هذا المبدأ هو كوننا نبحث عنه ولا يسعنا إلا أن نبحث عنه. ومنهج الميتافيزيقيا هو تصور العالم على مثال وجداننا فكما أن موضوع العلم الطبيعة المنظورة المعلومة بالملاحظة والاستقراء، فكذلك موضوع الميتافيزيقيا باطن الطبيعة يدرك بالحدس الباطن. هذا الحدس يظهر على أن الوجدان تقدم أفعال من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل، وأنه كثرة أفعال في وحدة غير متجزئة، فالعالم من ثمة وحدة حاصلة على الخصائص نفسها، إلا أنه غير محدود. العالم وجدان واحد هو وجدان الله، وكل وجدان - مع تميزه من غيره في الظاهر، فهو مظهر من الوجدان الكلي. والكواكب ملائكة السماء والأرض متنفسة لأنها كل منظم بفصولها المطردة، وأجزاؤها نفوس الموجودات الأرضية من نبات وحيوان وإنسان، وهذه النفوس إضافة إلى الأرض كأفكارنا إضافة إلى أنفسنا.
لكن شهرة فخنر تقوم على أنه مؤسس علم النفس الفيزيقي Psychophysik، وهو يعرّف هذا العلم بأنه: «مذهب مضبوط في العلاقات بين النفس والجسم، وعموماً بين العالم الفيزيقي والعالم النفسي» فهو إذن علم تجريبي بحت يتناول الظواهر وقوانينها من دون أن يعرض لجوهر النفس ولا لجوهر الجسم. ولما كانت الفرضية مشروعة في العلم الواقعي، افترض فخنر أن التقابل بين النفس والجسم يرجع إلى أن ما يبدو أنه النفس من الداخل يبدو أنه الجسم من الخارج، وهذا ما سمي «التوازي Parallelism النفسي الفيزيقي» من تأثير متبادل، وقد اتخذ فخنر من قياس الظواهر الخارجية وما تحدثه في الإنسان من ظواهر عصبية قياساً للظواهر النفسية التي لا تقاس مباشرة.
في عام 1850 أعلن فخنر القانون المعروف بقانون فخنر وهو: «إن الزيادة في قوة المنبه Stimulus الضرورية لإحداث أقل زيادة مدركة في الإحساس، تتعلق طرداً بنمو المنبه». وهذا القانون صحيح على وجه التقريب في الإحساسات متوسطة القوة، ولكنه لا يعني أن القياس واقع على الإحساسات بما هي ظواهر وجدانية. فشرع فخنر يجري التجارب، وكان كتابه «عناصر علم النفس الفيزيائي» Elemente der Psychophysik عام 1860 أول كتاب منظَّم في علم النفس مبني على الرياضيات.
ووضع بناء على ذلك جدولين للزيادات: أحدهما للمنبهات والآخر للإحساسات، ولما كانت زيادة المؤثرات مقيسة تبعاً لنسبة مطردة، اعتقد أنه يكفي الافتراض أن كل زيادة مدركة في الإحساس تمثل (وحدة هي هي دائماً)، مما يؤدي إلى سلسلتين متزايدتين يمكن المقارنة بينهما مقارنة رياضية، ووضع هذا القانون: «حين تزداد كثافة المنبه بنسبة هندسية يزداد الإحساس بنسبة حسابية فقط» أو «إن حساب الإحساس ينمو طرداً مع لوغاريتم كثافة المنبه».
وضع فخنر ثلاثة أساليب سيكوفيزيقية مستقلة لقياس العتبات الحسية وهي:
ـ طريقة التغيرات الصغرى (الحدود)، وفيها قدم عدداً من المنبهات (المثيرات) في سلسلة تتغير صعوداً وهبوطاً.
ـ طريقة الخطأ المتوسط، وفيها يعدل المفحوص من المنبهات المقدمة إليه وفقاً للتعليمات.
ـ طريقة حالات الخطأ والصواب، وفيها تقدم إلى المفحوص سلسلة من المنبهات من دون ترتيب.
أثارت أبحاث فخنر اهتماماً بالغاً ومناقشات حادة وحركة واسعة في ميدان علم النفس التجريبي وعلم النفس الفيزيقي والتحليل النفسي. وفي المرحلة الأخيرة من حياته تحول إلى دراسة علم الجمال، وأصدر عديداً من الكتب في هذا المجال ومن أهمها: «المدخل إلى علم الجمال» Vorschule der Ästhetik عام 1876.
إضافة إلى ذلك نـشر فخنر كثيراً من الكتابات الأدبية الساخرة، ولكن دائماً بالاسـم المستعار الدكتور ميزِس Dr.Mises. ومن مؤلفاته المهمة الأخرى: «في مـسألـة الروح» Über die Seelenfrage عـام (1861)، و«الدوافع أو الأسباب الثلاثة للإيمان» Die drei Motive oder Gründe des Glaubens عام (1863)، و«في علم الجمال التجريبي» Zur Experimentalen Ästhetik عام (1873)، و«قضايا علم النفس الفيزيقي»In Sachen der Psychophsik عام (1877).
خالد طه الأحمد