صبراتة
مدينة صبراتة Sabratha هي إحدى المدن الليبية الساحلية، أسسها الفينيقيون محطةً تجارية منذ القرن السادس قبل الميلاد. ويحمل اسم صبراتة، الذي يعني سوق الحبوب، في ذاته الطابع التجاري الذي لا يصدر إلا عن أقوام لها اهتمامات تجارية بحتة كالفينيقيين.
حظيت صبراتة بموقع جغرافي مهم، إذ كانت، إضافة إلى مكانتها التجارية المهمة واعتبارها بوابة من البوابات الإفريقية للاتصال بالعالم الغربي والإفريقي، كانت أراضيها خصبة، وعليه فإن وجود ظهير زراعي وتجاري على نحوٍ ما،إلى جانب جمال شاطئ المدينة وسهولة الملاحة فيه،ساعد على نشوء حياة متنوعة الأنشطة والاهتمامات.
استخدم الفينيقيون في بناء منشآتهم الدينية والمدنية في صبراتة مواد رخيصة وسهلة، مما عرض آثارهم للخراب السريع، فلم يبق منها سوى المباني المتينة التي تأثرت بأسلوب الإغريق في البناء بألواح المرمر أو الصوان، مثل «الضريح البونيقي» الذي كشفت عنه الحفريات في صبراتة.
وقد عُثر في مقبرة غربي المدينة على جرار فخارية من النوع البونيقي، تعود إلى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، وعثر في داخلها على صحون من النوع الكمباني (الإيطالي). أما الربّة عشتار فقد أخلت مكانها ـ أو اندمجت أحياناً ـ في الربة تانيت التي ظهرت في قرطاج كربّة للخصوبة، ويرمز لها في المعابد بسيدة ترضع طفلها، أو بمثلث يمثل الجسد ودائرة تمثل الرأس، أو بيد مرفوعة إلى أعلى. وقد كشفت حفريات صبراتة عن جميع هذه الرموز.
ومن بين أهم الآثار المكتشفة في صبراتة ضريحان، هما حُجرتان محفورتان تحت الأرض، يرجع تاريخهما إلى القرن الثالث قبل الميلاد. و كشفت الحفريات في أرضية إحداهما عن رأس عمود من الطراز الإيوني، يبدو أنه سقط من المعبد الذي كان مقاماً فوقهما. وإضافة إلى المعبدين المهمين: معبد الكابيتول (الثالوث الإلهي) جوبيتر وجونو ومينرفا والمعبد الإنطوني يوجد حي معاصر الزيتون الذي يحتوي على كنيسة بيزنطية يعود عهدها إلى زمن حكم الامبراطور جستينيان (527ـ565م)Justinianus ، فرشت أرضها بالفسيفساء الجميلة التي أصبحت تزين اليوم أرضية المتحف الملحق بآثار المدينة، وإلى الشرق من كنيسة جستينيان يقع حي حمامات شاطئ البحر، التي يعود عهدها إلى القرن الثاني الميلادي.
يعد مسرح صبراتة من أكمل النماذج في العالم لمسرح نصف دائري. وقد بُني في مكان بارز وسط المدينة في الربع الأخير من القرن الثاني للميلاد، وجاء توقيت بنائه في مرحلة عُرفت بالاستقرار الذي تمتعت به المدينة في أثناء حكم الامبراطور أنطونينوس بيوس (138ـ161م) Antoninus Pius. وقد شهدت تلك الفترة من عهده تطبيق الحقوق المدنية الرومانية على مدينة صبراتة، كما تم في هذا الوقت تحويلها إلى مستوطنة رومانية. ولاشك في أن قرار إدخال مرافق الترفيه إلى صبراتة نابع من هذا المفهوم الذي يُدخل المدينة ضمن أنظمة المدن الرومانية، فكان نصيبها من الرفاهية ما لغيرها من المدن الرومانية الأخرى. ويعد مسرح صبراتة من بين أكثر المسارح الأثرية صلاحية للاستعمال، ويعود هذا بالدرجة الأولى إلى جهود الترميم الإيطالية الموفقة التي تمت بين عامي 1927ـ 1935م.
وهناك لون آخر من الترفيه الشائع في العصور الرومانية، يقوم على الاستمتاع بمناظر العنف، إذ بُنيت الملاعب المدرجةAmphitheatre لإشباع رغبة الرومان بسفك الدماء وإراقتها، حيث كان الجمهور يتلذذ برؤية ألوان من المصارعة بين قوتين غير متكافئتين غالباً ما تنتهي بموت أحد المتصارعين. وكثيراً ما كانت تتم المصارعة بين إنسان حكم عليه بالإعدام وحيوان مفترس،وقد يربط الإنسان ويرمى أمام حيوان متوحش مُنع من الطعام عدة أيام. وقد انتقلت هذه المظاهر إلى مختلف المدن التي خضعت للسيطرة الرومانية، ومن بينها طبعاً صبراتة، التي يعد ملعبها المدرج أحد أوابدها المهمة.
تعدّ الحمامات أيضاً من مراكز الترفيه التي كان لها أهمية كبرى في حياة الرومان، إذ كانت مركزاً لتجمع مختلف الفعاليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وحمامات أوقيانوس Oceanus إله المحيطات، خير مثال عن ذلك، إذ تتميز بأن تقسيماتها الهندسية ما تزال بحالة جيدة، وهي تعطي انطباعاً حياً عن الأساليب التي كانت تتبع في عملية البناء. وعلى مقربة من هذه الحمامات يقع معبد إيزيس الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي بأعمدته الكلسية الضخمة التي قامت إدارة الآثار بترميمها منذ عام 1970م، وهو من أكثر المعالم بروزاً بين المكتشفات الأثرية المجاورة لشاطئ البحر.
وبذلك فإن صبراتة التي بنيت كمركز تجاري متقدم نحو الغرب، تحولت إلى مدينة مهمة تجارياً وزراعياً وثقافياً، وكانت لها مكانتها عبر العصور المختلفة. وقد أمدّت الباحثين بكثير من الوثائق والأوابد التي كانت خير معين لهم في التعرف على تلك الفترة وحضارة من عاش فيها.
تغريد شعبان
حظيت صبراتة بموقع جغرافي مهم، إذ كانت، إضافة إلى مكانتها التجارية المهمة واعتبارها بوابة من البوابات الإفريقية للاتصال بالعالم الغربي والإفريقي، كانت أراضيها خصبة، وعليه فإن وجود ظهير زراعي وتجاري على نحوٍ ما،إلى جانب جمال شاطئ المدينة وسهولة الملاحة فيه،ساعد على نشوء حياة متنوعة الأنشطة والاهتمامات.
استخدم الفينيقيون في بناء منشآتهم الدينية والمدنية في صبراتة مواد رخيصة وسهلة، مما عرض آثارهم للخراب السريع، فلم يبق منها سوى المباني المتينة التي تأثرت بأسلوب الإغريق في البناء بألواح المرمر أو الصوان، مثل «الضريح البونيقي» الذي كشفت عنه الحفريات في صبراتة.
وقد عُثر في مقبرة غربي المدينة على جرار فخارية من النوع البونيقي، تعود إلى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد، وعثر في داخلها على صحون من النوع الكمباني (الإيطالي). أما الربّة عشتار فقد أخلت مكانها ـ أو اندمجت أحياناً ـ في الربة تانيت التي ظهرت في قرطاج كربّة للخصوبة، ويرمز لها في المعابد بسيدة ترضع طفلها، أو بمثلث يمثل الجسد ودائرة تمثل الرأس، أو بيد مرفوعة إلى أعلى. وقد كشفت حفريات صبراتة عن جميع هذه الرموز.
ومن بين أهم الآثار المكتشفة في صبراتة ضريحان، هما حُجرتان محفورتان تحت الأرض، يرجع تاريخهما إلى القرن الثالث قبل الميلاد. و كشفت الحفريات في أرضية إحداهما عن رأس عمود من الطراز الإيوني، يبدو أنه سقط من المعبد الذي كان مقاماً فوقهما. وإضافة إلى المعبدين المهمين: معبد الكابيتول (الثالوث الإلهي) جوبيتر وجونو ومينرفا والمعبد الإنطوني يوجد حي معاصر الزيتون الذي يحتوي على كنيسة بيزنطية يعود عهدها إلى زمن حكم الامبراطور جستينيان (527ـ565م)Justinianus ، فرشت أرضها بالفسيفساء الجميلة التي أصبحت تزين اليوم أرضية المتحف الملحق بآثار المدينة، وإلى الشرق من كنيسة جستينيان يقع حي حمامات شاطئ البحر، التي يعود عهدها إلى القرن الثاني الميلادي.
مسرح صبراتة (بني في الربع الأخير من القرن الثاني للميلاد) |
وهناك لون آخر من الترفيه الشائع في العصور الرومانية، يقوم على الاستمتاع بمناظر العنف، إذ بُنيت الملاعب المدرجةAmphitheatre لإشباع رغبة الرومان بسفك الدماء وإراقتها، حيث كان الجمهور يتلذذ برؤية ألوان من المصارعة بين قوتين غير متكافئتين غالباً ما تنتهي بموت أحد المتصارعين. وكثيراً ما كانت تتم المصارعة بين إنسان حكم عليه بالإعدام وحيوان مفترس،وقد يربط الإنسان ويرمى أمام حيوان متوحش مُنع من الطعام عدة أيام. وقد انتقلت هذه المظاهر إلى مختلف المدن التي خضعت للسيطرة الرومانية، ومن بينها طبعاً صبراتة، التي يعد ملعبها المدرج أحد أوابدها المهمة.
تعدّ الحمامات أيضاً من مراكز الترفيه التي كان لها أهمية كبرى في حياة الرومان، إذ كانت مركزاً لتجمع مختلف الفعاليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وحمامات أوقيانوس Oceanus إله المحيطات، خير مثال عن ذلك، إذ تتميز بأن تقسيماتها الهندسية ما تزال بحالة جيدة، وهي تعطي انطباعاً حياً عن الأساليب التي كانت تتبع في عملية البناء. وعلى مقربة من هذه الحمامات يقع معبد إيزيس الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي بأعمدته الكلسية الضخمة التي قامت إدارة الآثار بترميمها منذ عام 1970م، وهو من أكثر المعالم بروزاً بين المكتشفات الأثرية المجاورة لشاطئ البحر.
وبذلك فإن صبراتة التي بنيت كمركز تجاري متقدم نحو الغرب، تحولت إلى مدينة مهمة تجارياً وزراعياً وثقافياً، وكانت لها مكانتها عبر العصور المختلفة. وقد أمدّت الباحثين بكثير من الوثائق والأوابد التي كانت خير معين لهم في التعرف على تلك الفترة وحضارة من عاش فيها.
تغريد شعبان