المانيا تاريخيا Germany - اصل الشعب الالماني الي شعوب شمالية نورديك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المانيا تاريخيا Germany - اصل الشعب الالماني الي شعوب شمالية نورديك

    المانيا(تاريخ)

    Germany - Allemagne

    ألمانية تاريخياً

    يرجع أصل الشعب الألماني (الجرماني) إلى الشعوب الشمالية المعروفة باسم «نورديك» وموطنها الأصلي البلاد المحيطة ببحر البلطيق. وقد اشتق اسم «الألمان» من كلمة ألِماني Alemanni أو ألَمانيّ Alamanni التي أطلقت على حلف من مجموعات القبائل السوابية Suebian أو السويفية Suevian ذات الأصول الجرمانية التي زاحمت الكلتيين Celts؛ واستوطنت المناطق الواقعة بين نهري الماين والدانوب في وسط أوربة. وقد ورد ذكر هذه القبائل أول مرة في القرن الثالث الميلادي، ويتحدر منها اليوم الناطقون بالألمانية من سكان الألزاس وسويسرة وجنوب غربي ألمانية الحالية. وقد عاشت هذه القبائل مراحل من التغيرات والتحولات الكبيرة، اتسعت فيها حدودها ثم انكمشت، وازداد تعدادها حتى اتخذت ملامح شعب متكامل تكوّن من اتحاد عدد من السلالات والقبائل الجرمانية التي يصعب جداً إيجاد تعريف دقيق محدد لها، لاختلاط الأخبار المتواترة بالأساطير والملاحم، ولشدة تشابك العلاقات فيما بينها. فمنذ القرن السابع قبل الميلاد وصلت مجموعات محاربة شمالية إلى مناطق الراين السفلى بحثاً عن أراضٍ تستوطنها، وفي القرن الخامس قبل الميلاد تسللت قبائل أخرى إلى أقصى الغرب حتى بلغت إقليمي الأيفل Eifel والآردِن Ardennes.
    وفيما بين عامي 120 و102ق.م قاد الكمبريون وحلفاؤهم جيوش الجرمان حتى سواحل البحر المتوسط في صراعهم مع الرومان. لكن القوات الرومانية حالت دون إقامة مستوطنات جرمانية دائمة في أي جزء من الأجزاء الجنوبية فيما يعرف بألمانية اليوم. وفي عام 58ق.م واجه القائد الروماني يوليوس قيصر حشداً هائلاً من الجرمان يغزون الكلتيين في شرقي فرنسة. ويبدو أن مثل هذه التحركات كانت تحدث باستمرار في الماضي. إلا أن الموقف بدأ يميل إلى الاستقرار في المدة بين القرنين الأول والثالث الميلاديين بسبب سيطرة الرومان على أوربة الغربية، وتبع ذلك هجرة كبيرة في القرنين الرابع والخامس الميلاديين حولت الامبراطورية الرومانية الغربية إلى مجموعة من الممالك الجرمانية. وقد برز عدد من بين تلك القبائل والمجموعات السكانية الكثيرة أهمها: الفريزيون Frisi والتشوكيون Chauki في المناطق الساحلية، والكمبريون Cimberi والأنغليون Anglii والشارود Charudes في شبه جزيرة غوتلاند، وسكن ألمانية الغربية والوسطى اللانغوبارد (اللومبارديون) Langobardi والشيروسكيون Cherusci والبروكتريون Bructeri والشاتيون Chatii والهلفتيون Helvetii والماركومانيون Marcomanni والسويفيون Suevi (السوابيون أو الأَلَماني Alamanni) والسمنونيون Semnones، وفي شرقي ألمانية سكن الفندال Vandali والبرغنديون Burgandiones. واستقر بعض القبائل الجرمانية في القرب من الراين مثل الأوبيون Ubii والتونغريون Tungri في حين امتزجت القبائل الأخرى بمن سبقها لتؤلف شعوباً مختلطة الأصول هجينة مثل التريفريون Treveri.
    وفي القرن الثالث الميلادي حدثت تبدلات مهمة في توزع القبائل وتجانسها، وذابت وحدات قديمة كثيرة في اتحادات جديدة فظهر السكسون Saxones في شمالي ألمانية. وفي القرن الخامس استوطن هؤلاء السكسون مع غيرهم من الشعوب الشمالية كالأنغلز والفريزيين الأجزاء الجنوبية الشرقية من بريطانية. واتخذ الفرانك Franci (الفرنجة) موطنهم شرقي الحوض الأدنى لنهر الراين؛ على طول الحدود مع الامبراطورية الرومانية التي كانت تعدهم «حلفاء محاربين» وسرعان ما احتلوا أكثر بلاد الغال، واستقروا في المناطق المتاخمة للمجرى الأعلى للراين في المناطق الحدودية الرومانية بين الراين والدانوب (259- 260م). وهاجرت مجموعات قبلية أخرى إلى مناطق شاسعة في أحوال تاريخية معروفة. فتحرك القوط الشرقيون Ostrogothi غرباً واحتلوا إيطالية، وعبروا منها إلى جنوبي بلاد الغال ثم إلى إسبانية. وغزا الفاندال Vandali بلاد الغال وإسبانية وعبروا من هناك إلى شمالي إفريقية. وفي نهاية عام 476م كان هناك ست ممالك جرمانية في غربي أوربة، وهي ممالك أدواكر والفاندال والقوط الغربيين والبرغنديين والفرنجة والسويفي.
    دولة الفرنجة (481- 919م)
    كان أهم حدث في تاريخ الغزوات الجرمانية قيام دولة الفرنجة، وهي الدولة الجرمانية الوحيدة التي استطاعت البقاء والاستمرار داخل حدود الامبراطورية. وتألفت من مملكتين متعاقبتين هما الميروفنجيون والكارولنجيون.
    1ـ مملكة الميروفنجيين (481-751م) Merovingi: احتدم الصراع بين قبائل الألماني وقبيلة الفرنجة، لكن قبيلة الفرنجة برزت أقوى القبائل، وسيطر الميروفنجيون على تلك القبيلة، التي تمكنت في منتصف القرن الخامس من احتلال غالية حتى نهر السوم. وكان أقدم ملوك الميروفنجيين كلوديون وبعده ميروفتش ثم شيلدريك وبعده كلوفيس (481- 511م) Clovis الذي أسس دولة قوية، ومدّ نفوذ الفرنجة على الجهات الشمالية من غالية. توفي كلوفيس بعد أن قسّم مملكته بين أبنائه الأربعة، واستطاع ابنه لوثار الأول (كلوثار Chlothar) توحيد مملكة الفرنجة عام 558م بعد وفاة أخوته الثلاثة، أي أنه حكم جميع مملكة كلوفيس ومناطق أخرى. توفي لوثار الأول سنة 561م. وانقسمت مملكة الفرنجة مجدداً إلى ثلاث ممالك بين أبنائه. ونتيجة لضعف ملوك الفرنجة في الممالك الثلاث أضحت الدولة المفككة تحت رحمة رجال البلاط، الذين زاد نفوذهم زيادة كبيرة حتى أصبحت كلمتهم هي الأولى في الدولة.
    2ـ مملكة الكارولنجيين (751- 919م) Karolingi : وبرز من بين رجال البلاط في ممالك الفرنجة بيت الكارولنجيين، الذين جعلوا وظائف البلاط وراثية. وبرز من أسرة الكارولنجيين بيبان الأول (622م) Pippin وخلفه بيبان الثاني ثم ابنه شارل مارتل Charles Martel أي شارل المطرقة (681- 741م)، الذي أصبح رئيساً للبلاط في الممالك الثلاث وإليه ينسب الكارولنجيون. واستطاع أن يدعم نفوذه، حتى أصبحت السلطة الفعلية في يديه سنة 719م فشنَّ سلسلة من الحروب على السكسون والفريزيين والألِماني والبافاريين وأوقف تقدم المسلمين عند بواتيه (بلاط الشهداء) عام 114هـ/732م.
    وكان شارل مارتل قبل موته قد قسّم المملكة بين ولديه كارلومان Karloman وبيبان القصير (741- 768م) Pippin ، ولكن كارلومان دخل الدير، مما أفسح في المجال لبيبان القصير أن يصبح رئيس البلاط، ثم اعتلى عرش الفرنجة، بعد أن خلع آخر ملوك الميروفينجيين ونادى بنفسه ملكاً، وبذلك انتهت الأسرة الميروفنجية من سلالة كلوفيس وبدأ عهد الأسرة الكارولنجية. وعند وفاة بيبان القصير قسمت مملكته بين ولديه شارلمان وكارلومان، ونشب صراع بينهما انتهى بوفاة كارلومان سنة 771م، مما أتاح لشارلمان[ر] (768-814م) Charlemagne فرصة توحيد مملكة الفرنجة تحت سيادته. وبعد وفاته خلفه ابنه لويس Louis التقي (814- 840م)، ولم يكن الشخص الذي يستطيع حكم الامبراطورية بسبب ضعفه وتزايد الخطر الخارجي، فقام بتقسيم الامبراطورية بين أبنائه الثلاثة، إلا أن حرباً أهلية نشبت بينهم انتهت باتفاقية فردان الشهيرة سنة 843م. ومع ذلك استمرت الخلافات بين الأبناء الثلاثة. وقد حكم لويس الألماني ابن لويس التقي مملكة ألمانية منذ سنة 843 حتى سنة 876م. وبعد موته اقتسم أبناؤه الثلاثة (كارلومان، لويس الشاب، شارل السمين) حكم المملكة الألمانية. وعندما مات لويس الشاب وكارلومان غدا شارل السمين Karl III ملكاً وحيداً على ألمانية. وقد قام بضم فرنسة وإيطالية وعادت وحدة الممالك الكارولنجية بعد التجزئة الطويلة.
    ومنذ نهاية القرن التاسع الميلادي، انتقلت السلطة الحقيقية إلى أيدي الدوقات كما كان الحال أيام القبائل الجرمانية. وكان أهم حكام ألمانية من البيت الكارولنجي في أواخر القرن التاسع الملك أرنولف (887- 899م) Arnulf، ثم خلفه لويس الطفل (899- 911م)، الذي اتَّسم حكمه باستمرار الحروب والمنازعات. وبعد وفاته اختير كونراد الأول (911- 919م) Konrad I ملكاً وفي عهده قويت النزعة الانفصالية.


  • #2
    الدولة الألمانية (919 ـ 1268م)
    قامت هذه الدولة في أعقاب سقوط الكارولينجيين وشملت الأسرة السكسونية والأسرة الفرانكونية وأسرة هوهنشتاوفن.
    1ـ الأسرة السكسونية (919- 1024م): بعد وفاة كونراد الأول، اجتمع كبار الأمراء والأساقفة، واختاروا دوق سكسونية ملكاً على ألمانية وهو هنري الأول Henri I الصياد (919-936م). ويعد انتقال الملكية إلى البيت السكسوني تحولاً مهماً في تاريخ الأمة الألمانية، لأن الملكية أخذت تبدو في طابع ألماني بحت، ذلك أن السكسون كانوا أقل العناصر تأثراً بتقاليد الكارولنجيين. وبعد وفاة هنري تم اختيار أوتو الأول الكبير[ر] (936- 973م) Otto I، الذي مد حدود دولته إلى نهر الأودر، وسيطر على البابوية. كما عمل على إصلاح الكنيسة، فشهد عصره نهضة فكرية. وبعد وفاته خلفه ابنه أوتو الثاني (973-983)، ملكاً مدّ سلطته خارج حدود ألمانية، وقضى على النزعات الانفصالية، واستغل فرصة وجوده في إيطالية فقام بحملة على الأجزاء الجنوبية من شبه الجزيرة الإيطالية لتحقيق هدفين الأول طرد المسلمين، والثاني تأكيد حقوق زوجته الأميرة البيزنطية تيوفانو Theophano. وحقق نجاحاً في حربه بجنوبي إيطالية (981- 982م) فاستولى على كثير من المدن البيزنطية، لكن المسلمين أنزلوا به عند قطرون خسارة فادحة، على الرغم من مقتل أبي القاسم أمير صقلية في تلك المعركة. وفي عهده بدأت الاستعدادات لتنفيذ فكرة حرب صليبية على المسلمين.
    وعند وفاته انتقل العرش إلى ابنه أوتو الثالث (983 -1002م)، الذي حارب السلاف وأراد أن يجعل من رومة قاعدة الحكم وحاضرة العالم. وبعد وفاته انتقل الحكم إلى هنري الثاني (1002-1024م) دوق بافارية، الذي كان له سلطان واسع على الكنيسة لتقواه، وقام بمؤازرة حركة الإصلاح الكلونية التي سعت إلى إصلاح اقتصاد الأديرة ووضعها تحت حماية البابا. وبوفاته انتهى البيت السكسوني الذي حكم ألمانية مدة قرن من الزمن.
    2ـ الأسرة الفرانكونية (1024- 1125م): انتَخَب الدوقات وكبار رجال الدين كونراد الثاني دوق فرانكونية ملكاً على ألمانية (1024-1039م)، وكان كونراد من الفرانكيين الساليين لذلك تسمى تلك الأسرة الملكية أيضاً باسم الأسرة السالية. أصلح كونراد الثاني الكثير من الخلل في الدولة، وأعاد الاستقرار إلى ألمانية. وعند وفاته خلفه ابنه هنري الثالث (1039-1056م)، الذي يمثل عهد الازدهار للأسرة الفرانكونية. وعند وفاة هذا خلفه ابنه هنري الرابع (1056- 1105م) الذي لم يتجاوز السادسة من عمره، وأخذت أمه الوصاية عليه. وباشر الحكم فعلياً سنة 1072م، فحكم البلاد حكماً استبدادياً، وأكثر من تشييد القلاع، ودخل مع البابا غريغوريوس السابع في منازعات عرفت باسم نزاع التنصيب. غير أن هنري الرابع اضطر إلى الخضوع للبابا وسار على الأقدام إلى كانوسّا 1077م للتكفير والتوبة، وهذا يعني خسارة كبيرة في مرتبة القيصرية وقيمتها. نزل هنري الرابع عن الحكم لابنه هنري الخامس (1105- 1125م)، الذي استمر في الصراع مع البابوية داخل ألمانية وخارجها. وبعد مفاوضات طويلة انتهى الصراع بعقد اتفاقية فورمز Worms سنة 1122م، التي نظمت طريقة انتخاب الأساقفة بحضور الامبراطور.
    3ـ أسرة هوهنشتاوفن (Hohenstaufen (1125- 1268: بوفاة هنري الخامس انتهى مُلك الأسرة الفرانكونية. فاختير لوثار الثاني (1125- 1138م)، دوق سكسونية ملكاً، وهذا ما أثار غضب أسرة هوهنشتاوفن. وعندما توفي لوثار الثاني أوصى بانتخاب زوج ابنته هنري المتكبر من أسرة الفولفيين ملكاً. ولكن أسرة هوهنشتاوفن لم ترض به ونجحت في انتخاب كونراد الثالث (1138- 1152م) من بيت هوهنشتاوفن، مما جعل البلاد مسرحاً لحرب أهلية بين أنصار الأسرتين. وقبل وفاة كونراد اختار ابن أخيه فريدريك الأول بربروسة (1152- 1190م) Friederich I Barbarossa ليخلفه في الملك. وكانت أم فريدريك شقيقة لهنري المتكبر أي أنها من أسرة الفولفيين وبذلك انتهى الصراع بين الأسرتين.
    انتعشت الملكية في عهد فريدريك الأول هذا، ولاحق السادة الإقطاعيين، واتفق مع ملكي إنكلترة وفرنسة، إثر تحرير صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس، على القيام بالحملة الصليبية الثالثة (1189-1192م)، ولكن فريدريك لم يصل إلى بيت المقدس، لأنه مات غرقاً في الطريق بآسيا الصغرى. وبوفاته انتقل الحكم إلى ابنه هنري السادس (1190- 1197م)، الذي عمل على تثبيت سيطرته على إيطالية الجنوبية. وبوفاته انقسمت البلاد قسمين أحدهما لابنه أوتو والآخر لعمه فيليب. ونشبت حرب أهلية قتل فيها فيليب عام 1208م. ولكن الحرب بين أوتو والبابا إنوسنت الثالث أدت إلى الحكم عليه بالحرمان الكنسي فاختار الأشراف والبابا فريدريك الثاني ابن هنري السادس.
    وقد ترك فريدريك الثاني (1212-1250م) Friederich II بلاده تحت رحمة الإقطاعيين والأمراء واختار الإقامة في صقلية. وتجدر الإشارة إلى أن فريدريك هذا نشأ وترعرع في بلاط بلرمو، التي كانت ما تزال تحتضن الحضارة العربية بفضل ملوكها النورمان، وكان يعشق الحياة العربية ويجيد اللغة العربية. وقد شجعه البابا على الزواج من الأميرة يولاند وريثة مملكة بيت المقدس (1225م) على أمل القيام بحملة صليبية لاسترداد بيت المقدس. ولكن فريدريك ماطل في تنفيذ وعوده فأصدر البابا قراراً بحرمانه الكنسي عام 1227م. ثم انطلق فريدريك على رأس قوة بحرية ووصل عكا في أيلول 1228م ثم بدأ مفاوضاته مع السلطان الكامل الأيوبي التي انتهت بعقد معاهدة عام 1229م تسلم بمقتضاها أجزاء من بيت المقدس محققاً بذلك نصراً عجزت عنه الحملات الصليبية التي حاولت استرداد القدس بعد تحريرها من قبل صلاح الدين الأيوبي عام 1187م.
    أزمة الامبراطورية وتفتح حضارة المدن (1254- 1517م)
    خلف فريدريك ابنه كونراد الرابع (1250- 1254م)، وفي عهده استمر النزاع مع البابا. وتولى الملك من بعده ابنه كونرادين (1254- 1268م)، وكان طفلاً في الثانية من عمره. وعندما بلغ كونرادين سن السادسة عشرة، خرج بجيش إلى صقلية، ولكنه هزم وقتل وانتهت بذلك مملكة هوهنشتاوفن، التي أسسها فريدريك بربروسا.
    والواقع أن حكم أسرة الهوهنشتاوفن كان قد تداعى قبل مقتل كونرادين ببضع سنوات، حين اعترف البابا بهنري التورنجي قيصراً على ألمانية منافساً لفريدريك الثاني.
    ولما توفي هنري التورنجي 1247، عين البابا فلهلم الهولندي، الذي توفّي سنة 1256م. وبعد انهيار أسرة الهوهنشتاوفن، ظلت ألمانية بلا قيصر. إلا أن ذلك لم يدم طويلاً. ففي عام 1273 اتفق على تعيين سبعة من كبار الأمراء يحق لهم انتخاب الملك، عرفوا باسم الأمراء المنتخِبين، واجتمع السبعة وانتخبوا رودلف Rudolf الهابسبورغي من سوابية (1273-1291م). وفي عهده نعمت البلاد بالهدوء والاستقرار. وخلفه أدولف Adolf ناسو (1291-1298م)، وفي زمنه جرت حرب أهلية مع ألبرخت بن رودلف وانتهت بانتصار ألبرخت الأول Albrecht I، الذي حكم من عام 1298 حتى عام 1308م. ولما توفي اختار المنتخبون هنري السابع (1308- 1313م)، الذي استطاع أن يعيد النظام إلى ألمانية. وعند وفاته تم تعيين لويس هابسبورغ امبراطوراً (1314- 1347م). وخلفه شارل الرابع من لوكسمبورغ (1347- 1378م). وتولى الحكم من بعده فنتسل (1378-1400م) Wenzel، وكان سكّيراً لا يهتم بشؤون المملكة، ولذلك عزل ونصب بدلاً منه روبرت Robert البلاتيني (1400- 1410م). وبعد وفاته تم انتخاب سيغموند (1410-1437م) Sigmund، وفي عهده برزت بوادر الإصلاح الديني بزعامة هس. وبعد وفاة سيغموند انتقل العرش إلى ألبرخت الثاني (1438- 1439م)، وبعدها إلى فريدريك الثالث (1440- 1493م)، وهو آخر عاهل ألماني يذهب إلى رومة ليباركه البابا.
    ثم انتقل العرش إلى ابنه ماكسيميليان (1493- 1519م) Maximilian، وهو أول من حمل لقب القيصرية من دون أن يتوِّجه البابا.
    من الإصلاح البروتستنتي إلى حرب الثلاثين عاماً (1517- 1648م)
    في أيام ماكسيميليان انفجر الضيق والغضب على الكنيسة البابوية، وبدأ بوجه خاص بظهور مارتن لوثر[ر] Martin Luther منذ عام 1517م، الذي قاد حركة الإصلاح التي انتشرت سريعاً، وتعدت آثارها ونتائجها حدود العقيدة. وفي عام 1522-1523م قامت ثورة فرسان الرايخ ثم ثورة الفلاحين عام 1525م، وهي أكبر حركة ثورية في التاريخ الألماني. وقد قمعت الثورتان، وكان أكبر المستفيدين من الإصلاح أمراء الإقطاع الذين حصلوا على حق تقرير عقيدة رعاياهم بموجب سلام آوغسبورغ عام 1555م. وعندما توفي ماكسيميليان وخلفه حفيده شارلكان (1519- 1556م) Karl V ، خاض الأخير حروباً طويلة مع فرنسة، لم تنته إلا عام 1554م. كما حقق انتصاراً كبيراً على الجيوش العثمانية التي وصلت حتى أبواب فيينة. وبعد موت لوثر عام 1546م تفرغ شارلكان لمحاربة الأمراء البروتستنت، ولكن جهوده لم تكلل بالنجاح. وفي عام 1556م نزل شارلكان عن العرش لولديه، فخص ابنه فيليب بإسبانية ومستعمراتها ونابولي والأراضي المنخفضة، وخص فرديناند بألمانية وبوهيمية وهنغارية، وحكم فرديناند الأول Ferdinand من سنة 1556 إلى 1564م، ثم خلفه ابنه ماكسيميليان الثاني (1564-1576م). وعندما توفي خلفه ابنه رودلف الثاني (1576- 1612م) وحصل البروتستنت منه على التسامح والحرية، إذ سمح لهم ببناء دور العبادة وممارسة العقيدة. وبعد موته خلفه ابنه ماتياس (1612-1619م) Mathias، وفي عهده ازدادت حدة التناقضات الدينية، وأدى نزاع ديني محلي قام في منطقة بوهيمية إلى نشوب حرب الثلاثين عاماً[ر]، التي أصبحت في الواقع حرباً على السلطة في أوربة، ودارت رحاها على الأراضي الألمانية (1618- 1648م). وبعد وفاة ماتياس خلفه على العرش فرديناند الثاني (1619- 1637م) الذي كان طوال مدة حكمه بطل الإصلاح المضاد. فعمل على تقوية سلطته بالانتصار على التشيك (1620م)، وأوقع الهزائم بالدنمارك (1621- 1622م). وقد أدى التدخل السّويدي والفرنسي دبلوماسياً وعسكرياً في حرب الثلاثين عاماً إلى قلب الوضع لغير مصلحة فرديناند الثاني وفرديناند الثالث (1637- 1657م)، الذي اضطر إلى قبول الشروط القاسية لمعاهدة فستفالية.

    تعليق


    • #3
      سيطرة بروسية على الحكم (1648 ـ 1740م)
      ينتمي جميع الأباطرة المتأخرين الذين اعتلوا عرش الرايخ الأول ما عدا شارل السابع (1742- 1745م) من بافارية، إلى آل هابسبورغ Habsburg، وهم على التوالي: ليوبولد الأول (1658- 1705م) Leopold I وجوزيف الأول (1705- 1711م) Joseph I وشارل السادس (1711- 1740م) وفرانز الأول (1745- 1765م) Franz I وجوزيف الثاني (1765-1790م) وليوبولد الثاني (1790-1792م) وفرانز الثاني (1792- 1806م). وقد تقلص اهتمام الأباطرة بألمانية ووجهوا اهتمامهم إلى إيطالية وأوربة البلقانية والدانوبية. كما عجز مجلس النواب الألماني (الدايت) عن تنفيذ سياسة ألمانية واحدة. وبذا نشأت دويلات مستقلة جديدة. وتمكن بعض هذه الدويلات مثل بافارية وبراندنبورغ (بروسية) وسكسونية وهانوفر من أن تصبح مراكز قوة مستقلة. ونمت النمسة لتصبح قوة عظمى، ولكن في القرن الثامن عشر ظهرت بروسية منافسة قوية للنمسة. وكانت بروسية حين تولى حكمها الأمير فريدريك فلهلم Friedrich Wilhelm أول حكام بيت الهوهنتسولرن (1640- 1688م)، تتألف من ثلاثة أجزاء براندنبورغ ودوقية بروسية ودوقيات صغيرة مثل كليف ومارك ورافنزبرغ. وقد قام الأمير فريدريك فلهلم بكثير من الإصلاحات وبتأسيس جيش نظامي، وعندما توفي خلفه ابنه الأمير فريدريك الثالث (1688- 1713م)، الذي بذل كل جهده لدى القيصر لكي يتوج ملكاً على بروسية، ونجح في مسعاه وأصبح الأمير منذ أن توج نفسه يسمى الملك فريدريك الأول ملك بروسية. وبعد وفاته خلفه ابنه فريدريك فلهلم الأول (1713- 1740م) المشهور بجهوده الضخمة لتأسيس مملكة بروسية على أساس اقتصادي وعسكري.
      ألمانية وفريدريك الثاني والتنوير (1740- 1786م)
      بعد وفاة فريدريك فلهلم الأول خلفه على العرش ابنه فريدريك الثاني أو الكبير (1740-1786م) وفي السنة التي ارتقى فيها فريدريك العرش، مات القيصر شارل السادس وخلفته ابنته ماريا تيريزا، وطالب فريدريك الأكبر ماريا تيريزا بسيليزية، وطالب شارل ألبرت دوق بافارية بالعرش، ولذا نشبت حرب الوراثة النمسوية (1740- 1748م)، وانتصر الدوق البافاري أول الأمر، واختير قيصراً باسم شارل السابع (1742- 1745م). ولكن شارل السابع مات وخلفه زوج ماريا تيريزا باسم فرانز الأول (1745- 1765م). وأراد ملك بروسية فريدريك الثاني أن يفيد من ذلك الصراع لمصلحة بروسية فطالب بسيليزية ووعد بمساعدة ماريا تيريزا. ولكن ماريا رفضت مطلبه فهاجمها واستولى على سيليزية بالقوة. ولم تغفر له ماريا ذلك فكونت حلفاً ضم فرنسة وروسية والسويد وسكسونية. وعلم فريدريك بالتحالف فأسرع عام 1756م إلى مهاجمة سكسونية ثم بوهيمية. وهكذا بدأت حرب السنوات السّبع (1756- 1763م)، التي انتهت بمعاهدة باريس عام 1763م واعترفت ماريا لفريدريك بسيليزية. وعقب ذلك ساد السلام وأخذ فريدريك يعمل بكل قواه لإصلاح مملكته.
      ألمانية والثورة الفرنسية (1789- 1815م)
      في عام 1789 قامت الثورة الفرنسية، وأخفقت روسية والنمسة في محاولة إعادة النظام القديم إلى فرنسة بقوة السلاح. وتحت وطأة جيوش الثورة ثم جيش نابليون، انهار الرايخ الأول نهائياً. وضمت فرنسة إلى أراضيها الضفة الشرقية من الراين. وأصدر نابليون تنظيماً جديداً للبلاد، منع وحدة ألمانية وقوّى بروسية وأضعف النمسة. وقد ألغى هذا التنظيم الكيانات السياسية المستقلة لخمس وأربعين مدينة ألمانية و1500 إقطاعية للفرسان، ولم يبق مستقلاً من المدن الألمانية إلا بعضها. واستطاع نابليون أن يغري 16 إمارة ألمانية بالانسلاخ عن الرايخ الألماني، والدخول في اتحاد الراين الذي أنشأه. ونتيجة لذلك اضطر القيصر الألماني فرانز الثاني أن يتخلى عن تاجه، واكتفى بتاج النمسة، وسمى نفسه فرانز الأول، وبذلك انتهت الامبراطورية الرومانية المقدسة ذات القومية الألمانية. ومع أن فريدريك فلهلم الثالث ملك بروسية (1797- 1840م)، اتبع سياسة الحياد مع نابليون، إلا أن ذلك لم يمنع نشوب الحرب بين فرنسة وبروسية سنة 1806، تلك الحرب التي أدت إلى تحطيم بروسية وإجبارها على عقد صلح تلسيت عام 1807م. وحين نشب الصراع بين فرنسة وروسية، وانتهى بهزيمة نابليون 1812م، انتهزت بروسية الفرصة لإعلان الحرب على فرنسة. وأنزل التحالف بين كل من بروسية وروسية وإنكلترة والنمسة والسويد هزيمة كبرى بجيوش نابليون عند لايبزغ عام 1813م. وعند عودة نابليون إلى فرنسة مرة ثانية استطاعت دول التحالف أن تنزل به هزيمة نهائية في واترلو عام 1815م. وبذلك خرجت بروسية منتصرة، لتشارك في مؤتمر فيينة.
      ألمانية من مؤتمر فيينة إلى الوحدة الألمانية (1815- 1871م)
      وضع مؤتمر فيينة (1814- 1815م) بعد الانتصار على نابليون نظاماً جديداً لأوربة، وهو النظام الذي لم يحقق أمل الألمان في قيام دولتهم القومية. فقد كان الاتحاد الألماني اتحاداً مفككاً إلى عدة دول مستقلة. وكان الجهاز الوحيد القائم لهذا الاتحاد هو مجلس النواب بفرانكفورت، ولم يكن برلماناً منتخباً، بل مؤتمراً للمبعوثين المفوضين. وأسهم هذا الاتحاد في إحباط كل الجهود الرامية إلى الوحدة. وفي تلك المرحلة ارتقى فريدريك فلهلم الرابع (1795-1861م) عرش بروسية سنة 1840م، وبدأ بسلسلة من الإجراءات التحررية. وفي آذار 1848م وعد الملك الشعب بالدستور والحياة النيابية وإلغاء الرقابة على الصحف. ولكن سوء التفاهم الذي وقع بين الجنود والعامة، أدى إلى اشتباكات دموية. وإزاء ذلك، خطب الملك في الشعب معلناً أن هدفه هو وحدة ألمانية. وفي 18 أيار سنة 1849 اجتمع المجلس الوطني لأول مرة في فرانكفورت، وقرر أن تقوم في ألمانية دولة اتحادية ماعدا النمسة، وأن يسمى ملك بروسية قيصراً. ولكن فريدريك الرابع رفض أن يتسلم التاج من ممثلي الشعب واضطر إلى النزول عن العرش عام 1858م بسبب مرض عقلي، وانتزع أخوه فلهلم الوصاية. كانت سنوات الخمسينات من القرن التاسع عشر سنوات انتعاش اقتصادي كبير، وأصبحت ألمانية دولة صناعية. وبنشوء حزب التقدم الألماني عام 1861م، نشأ أول حزب سياسي حديث. وقد أصبح هذا الحزب أقوى حزب سياسي في البرلمان البروسي، حتى إنه امتنع عن تقديم الأموال اللازمة للحكومة، وعندما أرادت تغيير البناء العام للجيش، تأزم الموقف بين المجلس والوصي ووزير حربيته. ومات فريدريك فلهلم الرابع وأصبح فلهلم الوصي ملكاً باسم فلهلم الأول Wilhelm I عام 1861م، وسارع إلى حل مجلس النواب. ولكن مجلس النواب الجديد لم يكن أقل صلابة من المجلس القديم في موضوع الجيش ومدة الخدمة. ولم يجد الملك أمامه وسيلة لحل ذلك الخلاف إلا بتعيين أوتو فون بسمارك[ر] Otto V.Bismarck مستشاراً للرايخ (رئيساً للوزراء) عام 1862م، فحكم عدة سنوات من دون موافقة البرلمان، وعمل على إصلاح الجيش. واستطاع أن يدعم موقفه الداخلي بالانتصارات الخارجية. ففي الحرب الألمانية الدنماركية 1864م أجبرت بروسية والنمسة الدنمارك على النزول عن دوقيتي شلزفيغ Schleswig وهولشتاين Hollstein، وتولتا إدارتهما معاً أول الأمر. غير أن بسمارك الذي كان يعمل على ضم الدوقيتين، اصطدم بالنمسة وهزمها بعد تحطيم الجيش النمسوي عند كونيغ غرانز عام 1866م. وقد جعل بسمارك من الإمارات الألمانية الواقعة شمالي ماينتس دولة اتحادية، ووضع لها دستوراً. وبحركة سياسية بارعة دفع بسمارك فرنسة إلى إعلان الحرب على بروسية، فاستغل بسمارك المناسبة لتحطيم المقاومة الفرنسية وإجبار الجيش الفرنسي على التسليم في 1871م.
      ألمانية الامبراطورية (1871- 1918م)
      وفي 18 كانون الثاني 1871م وفي قاعة المرايا بقصر فرساي، أعلن قيام الامبراطورية الألمانية وأصبح فلهلم الأول ملك بروسية قيصراً. وبعد موت القيصر فلهلم الأول 1888 خلفه ابنه المريض فريدريك الثالث، لكنه مات بعد مدة حكم دامت 99 يوماً. وخلفه القيصر فلهلم الثاني (غليوم الثاني) (1888- 1918م). وتتابع على منصب المستشارية في عهده أربعة مستشارين وهم على التوالي: كابريفي (1890- 1894م) وهوهنلوه (1894-1900م) وبولو (1900- 1909م) وبثمان هولفغ (1909- 1917م). وعندما أراد فلهلم الثاني أن يحكم بنفسه، وكانت تنقصه الخبرة والمعرفة، اتبع سياسة مخالفة لسياسة بسمارك، إذ رأى أن على ألمانية أن تمارس سياسة عالمية هدفها المشاركة في توزيع المستعمرات لكي تنال نصيبها وتأخذ مكاناً تحت الشمس. لكن هذه السياسة أدت إلى عزل ألمانية. أما في السياسة الداخلية فقد سلك فلهلم الثاني طريقاً رجعياً واعتمد مستشاروه على ائتلافات تعتمد على معسكر المحافظين والطبقة الوسطى. وظل الحزب الاشتراكي الديمقراطي مبعداً عن كل مشاركة في الحكم مع أنه كان واحداً من أقوى الأحزاب. ونتيجة لسياسة غليوم الثاني الخارجية تورطت ألمانية في الحرب العالمية الأولى مما أدى إلى انهيارها عسكرياً وسياسياً. وتخلى القيصر والأمراء في تشرين الثاني عام 1918 عن مناصبهم، وأصبحت ألمانية جمهورية بعد توقيع شروط الهدنة والصلح.
      جمهورية فايمار (1919- 1933م)
      بعد تنحي القيصر فلهلم الثاني، أجريت الانتخابات يوم 19 كانون الثاني 1919م. واجتمع المجلس الوطني في فايمار يوم 6 شباط 1919م، وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة إيبرت Elbert أقوى أحزاب المجلس، ودخل في تحالف مع حزب الوسط والحزب الألماني الديمقراطي سمي بتحالف فايمار، وأصبح الحزب الاشتراكي الديمقراطي المستقل وحزب الشعب الألماني وحزب الألمان الوطنيين في المعارضة. وتم تأليف الحكومة واختير إيبرت رئيساً للجمهورية. واجهت الجمهورية ضغط فرنسة ومطالبها بتنفيذ شروط فرساي، واحتلت فرنسة في 11 كانون الثاني 1923 منطقة الرور الألمانية. وترتب على ذلك انهيار الاقتصاد الألماني. وفي عام 1923م وصل الاضطراب والفوضى في ألمانية إلى الذروة. ومع حدوث بعض التحسن الاقتصادي والسياسي الذي تلا ذلك فإن الأزمة المالية العنيفة التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1929م تركت أثراً كبيراً في ألمانية.
      ألمانية الهتلرية (1933- 1945م)
      منذ عام 1930م بدأت حركة الاشتراكية القومية بزعامة أدولف هتلر[ر] Adolf Hitler تنمو ويزداد ضغطها بسرعة. وفي30 كانون الثاني 1933م عين رئيس الدولة هندنبورغ Hindenburg قائد الحزب النازي أدولف هتلر مستشاراً لألمانية. ومنذ ذلك التاريخ بدأت النازية بلا رحمة وبلا هوادة تضطهد الحركات السياسية والتقدمية، ولاسيما الحركة العمالية. وبعد أن توصل النازيون إلى تقوية مواقع سلطتهم الداخلية قوّت النازية فعالياتها السياسية والخارجية وذلك باستعادة منطقة السار 1935م، وإصدار قانون الخدمة الإلزامية عام 1935م، وإبرام المعاهدة البحرية مع إنكلترة 1935م، وقيام النازيين بمساعدة الجنرال فرانكو في إسبانية (1936م) وضم النمسة إلى ألمانية (1938م)، واقتطاع منطقة السوديت والزحف في بوهيمية وبوميرانية واقتطاع منطقة ميمل. ولم يقنع هتلر بهذا كله، لأنه خطط منذ البداية للحرب الشاملة، التي تفرض سيادته على العالم. وبهجومه على بولندة في اليوم الأول من أيلول 1939م، أشعل هتلر شرارة الحرب العالمية الثانية. وفي 30 نيسان 1945م انتصر الحلفاء، واحتلوا جميع أراضي الرايخ، وقام الجنرال دونيتس Dönitz قائد البحرية الألمانية بإعلان الاستسلام الكامل بلا قيد أو شرط.
      الدولتان الألمانيتان (1945- 1989م)
      قسمت الدول المنتصرة ألمانية بعد استسلامها إلى أربع مناطق محتلة. وألف الحكام العسكريون للمناطق الأربع مجلس رقابة الحلفاء، الذي تولى السلطة العليا في ألمانية. أما برلين فلم تقسم، وتولت الدول الأربع إدارتها معاً. لكن الاختلافات برزت بين الدول الكبرى حول تفسير مقررات مؤتمر بوتسدام، وتحولت هذه الخلافات إلى حرب باردة بين الدول الغربية والاتحاد السوفييتي السابق. فقامت الدول الغربية بتأسيس دولة ألمانية الاتحادية التي عرفت باسم ألمانية الغربية. واقترحت أن يقوم مجلس وطني بإعداد دستور لهذه الدولة. وفي 11 أيلول 1948م اجتمع المجلس البرلماني في بون، وفي سبعة أشهر وضع المجلس القانون الأساسي لجمهورية ألمانية الاتحادية، التي لم تكن في البداية دولة مستقلة، فقد احتفظت الدول الكبرى الثلاث لنفسها بسلطة اتخاذ القرارات. ولكن بدخول ألمانية الاتحادية في حلف شمالي الأطلسي[ر] عام 1954م انتهت سيادة الاحتلال، وتحولت قوات الاحتلال إلى قوات مرابطة. وأصبحت ألمانية الاتحادية مستقلة، وتوالى على المستشارية كل من كونراد آديناور[ر] K.Adenauer ولودفيج إرهارد L.Erhard وكورت جيورج كيسنغر K.G.Kissinger وفيلي برانت W.Brandt وهلموت شميت H.Schmitt وهلموت كول H.Kohl والمستشار غيرهارد شرودر. أما الأحزاب الممثلة في مجلس النواب ومجالس الولايات النيابية فكانت الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والمسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي، والديمقراطي الحر، وعدد من الأحزاب الصغيرة التي تهتم بالبيئة بوجه خاص. وفي المقابل أعلن في القطاع الشرقي في برلين يوم 7 تشرين الأول 1949م عن تأسيس جمهورية ألمانية الديمقراطية التي عرفت على الصعيد الإعلامي باسم ألمانية الشرقية، وهي وفقاً لدستورها دولة ديمقراطية برلمانية. غير أن الحزب الاشتراكي الألماني الموحد سيطر على الحياة السياسية فيها. وتألفت الرئاسة الجماعية للدولة من مجلس دولة ضم 25 شخصاً. أما البرلمان فكان ينتخب مدة خمس سنوات ويضم 500 نائب. وقد انضمت ألمانية الديمقراطية إلى مجلس الكوميكون عام 1950م وإلى حلف وارسو[ر] عام 1955. وواجهت الحكومة مصاعب اقتصادية أدت إلى ثورة في 17 حزيران 1953، ولكن الثورة أُخمدت بمساعدة القوات السوفييتية. وقامت حكومة ألمانية الديمقراطية بإنشاء خطوط حراسة ذات منشآت ضخمة من الأسلاك الشائكة وحقول الألغام على طول الخط الفاصل بينها وبين ألمانية الاتحادية عام 1952. وفي عام 1961 أنشأت ألمانية الديمقراطية جداراً من الإسمنت المسلح مدعم بالحراسة المشددة يشق برلين إلى قسمين واشتهر باسم جدار برلين. وبذا قامت على الأرض الألمانية منذ عام 1949م دولتان ألمانيتان بقيتا متعاديتين ومنفصلتين إلى عام 1990، مع أن هدف كل منهما كان إعادة الوحدة الألمانية، ولهذا الغرض جرت بينهما عدة لقاءات واتفاقيات قبل توحيدهما مجدداً.
      العودة إلى الوحدة الألمانية (1990م)
      في عام 1989م قامت حركة سلمية في جمهورية ألمانية الديمقراطية أدت إلى إثارة عملية توحيد ألمانية من جديد ودفعها قدماً نحو التحقيق. ولجأ الآلاف من المواطنين من جمهورية ألمانية الديمقراطية إلى سفارتي ألمانية الاتحادية في براغ ووارسو. وجرت تظاهرات كبيرة في كل المدن الألمانية الديمقراطية لمناهضة الحكومة وأجبرتها في 9 تشرين الثاني 1989م على فتح بوابات جدار برلين، وعلى فتح الحدود القائمة داخل ألمانية. وفي 18 آذار 1990م جرت انتخابات حرة في ألمانية الديمقراطية. وقرر مجلس الشعب المنبثق عن الانتخابات انضمام ألمانية الديمقراطية إلى ألمانية الاتحادية. وفي 20 أيلول صدّق برلمانا الدولتين على اتفاقية الوحدة. وأصبح الثالث من تشرين الأول يوم الوحدة الألمانية، أي العيد الوطني للألمان.
      راغب العلي

      تعليق

      يعمل...
      X