صَرَّدُرّ (علي بن الحسن ـ)
(…ـ 465 هـ/ … ـ 1073م)
أبو منصور علي بن الحسن بن الفضل البغدادي الكاتب والشاعر المشهور، المعروف بصَرَّ بَعْر، وكان نظام الملك يقول له: أنت صَرَّ دُر لاصرَّ بعر، وإنما قيل له: «صُرّدر» لأن أباه كان يلقب «صرّ بَعْر» لبخله، فلما نبغ ولده المذكور وأجاد في الشعر، قيل له:صردر، وقد هجاه البياضي، أحد شعراء عصره فقال:
لئن لَقَّبَ الناس قِدْماً أباكَ
وَسَمَّوْهُ من شُحِّه صَرَّ بَعْرا
فإنكَ تنثر ما صَرَّه
عُقُوقاً له وتسميّه شعرا
ويقول ابن خلكان: ولعمري ما أنصفه هذا الهاجي فإن شعره نادر، وإنما العدوّ لايبالي بما يقوله. ويذكر ابن الجوزي أنه قرأ بخط ابن عقيل أن صَرّدر كان يُنبز بالإلحاد، والله أعلم بحاله.
حفظ أبو منصور القرآن، وسمع الحديث من ابن شيران وغيره، وحدَّث كثيراً، ومدح الخليفة العباسي القائم بأمر الله ووزيره ابن مسلمة. ولصرّ دُر ديوان طُبع بدار الكتب المصرية في القاهرة سنة 1934م، شرحه أحمد نسيم، وقدّم له بتعريف موجز.
وكان صَرَّدُرّ أحد نجباء شعراء عصره، جمع بين جودة السبك وحسن المعنى. وعلى شعره طلاوة رائعة، وبهجة فائقة. ولم يكن في المتأخرين أرقّ طبعاً منه، مع جزالة وبلاغة، كما يقول الذهبي. أما ابن الجوزي فقد رأى أن شعره في غاية الحسن، وأورد له أبياتاً حِساناً، منها قوله:
إيهٍ أحاديث نعمان وساكنه
إن الحديث عن الأحباب أسمار
أفتّش الريحَ عنكم كلما نَفَحَتْ
من نحو أرضكم نكباء مِعْطار
وله في الشيب:
لم أبكِ أنْ رحل الشبابُ وإنما
أبكي لأن يتقاربَ الميعادُ
شَعْرُ الفتى أوراقه فإذا ذوى
جَفَّت على آثاره الأعواد
وله مدائح في عدد من الولاة وأولي الأمر، كمدحه ابن مسلمة وزير الخليفة القائم بأمر الله. وقد مدح العباسيين، ورأى أنهم جاؤوا بقدر من الله إلى الأمة، وأن معاركهم تشبه معركة بدر التي نصر الله بها المسلمين، ورآهم أيضاً سادة نجباء أتقياء لأنهم بَضعة من جسم النبوة، وهم بمنزلة القلب من الصدر والعين من الرأس.
وتميزت مدائحه بإحكام البناء الفني وجزالة الألفاظ وقوة التراكيب والمبالغة في المديح. أما غزله فرقيق آسر تحدّث فيه عن صباباته وجفاء الحبيب. وفي هجائه يتناول المهجو من حيث شخصه أو موقعه السياسي، وربما هجا زمانه كقوله:
زمانٌ فاسد النظر
مُصاحبه على خطر
وقومٌ إن عددتهم
فليس القومُ من نفري
سمعت بهم فغرّوني
وليس الخُبْرُ كالخَبَرِ
وجاء في آخر ديوانه المطبوع أن أكثر شعره ضاعت مسوداته لأسباب كثيرة.
أحمد دهمان
(…ـ 465 هـ/ … ـ 1073م)
أبو منصور علي بن الحسن بن الفضل البغدادي الكاتب والشاعر المشهور، المعروف بصَرَّ بَعْر، وكان نظام الملك يقول له: أنت صَرَّ دُر لاصرَّ بعر، وإنما قيل له: «صُرّدر» لأن أباه كان يلقب «صرّ بَعْر» لبخله، فلما نبغ ولده المذكور وأجاد في الشعر، قيل له:صردر، وقد هجاه البياضي، أحد شعراء عصره فقال:
لئن لَقَّبَ الناس قِدْماً أباكَ
وَسَمَّوْهُ من شُحِّه صَرَّ بَعْرا
فإنكَ تنثر ما صَرَّه
عُقُوقاً له وتسميّه شعرا
ويقول ابن خلكان: ولعمري ما أنصفه هذا الهاجي فإن شعره نادر، وإنما العدوّ لايبالي بما يقوله. ويذكر ابن الجوزي أنه قرأ بخط ابن عقيل أن صَرّدر كان يُنبز بالإلحاد، والله أعلم بحاله.
حفظ أبو منصور القرآن، وسمع الحديث من ابن شيران وغيره، وحدَّث كثيراً، ومدح الخليفة العباسي القائم بأمر الله ووزيره ابن مسلمة. ولصرّ دُر ديوان طُبع بدار الكتب المصرية في القاهرة سنة 1934م، شرحه أحمد نسيم، وقدّم له بتعريف موجز.
وكان صَرَّدُرّ أحد نجباء شعراء عصره، جمع بين جودة السبك وحسن المعنى. وعلى شعره طلاوة رائعة، وبهجة فائقة. ولم يكن في المتأخرين أرقّ طبعاً منه، مع جزالة وبلاغة، كما يقول الذهبي. أما ابن الجوزي فقد رأى أن شعره في غاية الحسن، وأورد له أبياتاً حِساناً، منها قوله:
إيهٍ أحاديث نعمان وساكنه
إن الحديث عن الأحباب أسمار
أفتّش الريحَ عنكم كلما نَفَحَتْ
من نحو أرضكم نكباء مِعْطار
وله في الشيب:
لم أبكِ أنْ رحل الشبابُ وإنما
أبكي لأن يتقاربَ الميعادُ
شَعْرُ الفتى أوراقه فإذا ذوى
جَفَّت على آثاره الأعواد
وله مدائح في عدد من الولاة وأولي الأمر، كمدحه ابن مسلمة وزير الخليفة القائم بأمر الله. وقد مدح العباسيين، ورأى أنهم جاؤوا بقدر من الله إلى الأمة، وأن معاركهم تشبه معركة بدر التي نصر الله بها المسلمين، ورآهم أيضاً سادة نجباء أتقياء لأنهم بَضعة من جسم النبوة، وهم بمنزلة القلب من الصدر والعين من الرأس.
وتميزت مدائحه بإحكام البناء الفني وجزالة الألفاظ وقوة التراكيب والمبالغة في المديح. أما غزله فرقيق آسر تحدّث فيه عن صباباته وجفاء الحبيب. وفي هجائه يتناول المهجو من حيث شخصه أو موقعه السياسي، وربما هجا زمانه كقوله:
زمانٌ فاسد النظر
مُصاحبه على خطر
وقومٌ إن عددتهم
فليس القومُ من نفري
سمعت بهم فغرّوني
وليس الخُبْرُ كالخَبَرِ
وجاء في آخر ديوانه المطبوع أن أكثر شعره ضاعت مسوداته لأسباب كثيرة.
أحمد دهمان