فريد الدين العطّار
(القرن السادس الهجري)
محمد بن إبراهيم بن مصطفى بن شعبان، أبو حامد وأبو طالب المعروف بـ «خواجه عطار» و«فريد الدين»، شاعر أديب متصوف طبيب صيدلاني زاهد. ولد في نيسابور من بلاد فارس، وكان أبوه عطّاراً من كبار المتصوفة، مشهوراً بين الناس، فورث ابنه محمد عنه ذلك، وصار أحد كبار المتصوفة في القرن السادس الهجري، «وكان طبيباً حاذقاً، وصيدلانياً ماهراً، تولى إدارة مستشفى يؤمها في كل يوم مئات المرضى».
كان حريصاً على اكتساب العلم والمعرفة، وتنمية خبرته وتجاربه، فقام برحلات إلى مختلف الأقطار والبلدان ليرد مناهل العلم والحكمة، وأقام في بداية حياته سبعة عشر عاماً في مدينة «مشهد»، ووصل غرباً إلى الري والكوفة ومصر ودمشق ومكة، وشرقاً إلى الهند وتركستان، وهو في ذلك كله يقرأ ويلتقي العلماء ويأخذ عنهم. وكان لشهرته في الطب والصيدلة أثر في غناه، فجمع مالاً وفيراً وأنشأ مشفى درّ عليه أرباحاً، ويروى أنه جرت له حادثة في المشفى جعلته يوزّع كل ما فيه مع أمواله على الناس ويميل إلى الزهد. وقد تعرّض إلى المضايقات من الناس والعلماء، فاتُّهم في «سمرقند» بالرفض والمروق عن الدين، وأُحرق كتابه «مظهر العجائب» أمام الناس، وصادر الحاكم ممتلكاته فهرب ووصل إلى مكة حيث أقام فيها، وصنّف هناك كتابه «لسان الغيب»، وفصّل فيه جملة من تاريخ نضاله وحوادث كفاحه، وبدأت حياته تضيق بالمجتمعات فاعتزل الناس.
وقد اختلف الرواة في تحديد سنة ولادته فقيل 517هـ أو 540هـ، وفي سنة وفاته، فقيل كانت سنة 589هـ أو 597 أو 619 أو 627هـ، ويُروى أنه أُسِر فيمن أسره جنود جنكيز خان في نيسابور، ثم قتله أحد الجنود.
له أشعار كثيرة بلغت أزيد من مئتي ألف بيت، تضمنت غزلاً عرفانياً، وابتعد فيها عن مدح الملوك والأمراء وغيرهم من أولي الأمر، وجعل مدائحه كلها في الأئمة ولاسيما علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه. ومن شعره :
أقام بملكـه قصراً مجيـداً
تُحيط به الجلالةُ والبهـاء
وأنفق فيه مثلَ كنوز كسرى
وجاز لما يشح به العطـاء
فأشرق بهجـةً وأضاء نوراً
تمنتـه لمشرقهـا ذُكـاء
وله تصانيف كثيرة قيل إنها تجاوزت المئة، ونال بعضها شهرة كبيرة بين الناس، منها: «منطق الطير» و«إلهي نامه» و«أسرار نامه» و«جواهر الذات» و«حيدر نامه» و«شرح القلب» و«مظهر العجائب» و«لسان الغيب» و«تذكرة الأولياء»؛ الذي يحتوي على سوانح من حياة المتصوفين، و«هفت وادي» و«ديوان القصائد».
ويُعد كتاب «منطق الطير» من أشهر كتبه، بل من أشهر الكتب التي تضمنت مصادر التصوف في الأدب الفارسي، بُني الكتاب على الرمز، وتقوم فكرته على طيور العالم التي اجتمعت في مكان لتختار ملكاً لها، فجاء الهدهد يخبر الطيور ببلاغةٍ عظيمة عن ملِك في مكان بعيد، له صفاتٌ جليلة، ولكن الطريق إليه محفوف بالمخاطر، فتشوقت الطيور إلى الذهاب إليه، ولكن أهوال الطريق للوصول إليه جعلتها تتردد في ذلك، وبدأت الطيور تلتمس الأعذار التي تمنعها من السفر وتتقدم بها، ويقوم الهدهد بالرد عليها وإقناعها، فقررت الطيور الذهاب إلى ذلك الملك، واختير الهدهد قائداً للرحلة، ولكن كثيراً من الطيور تراجع أو مات، واستمر الهدهد يعبر بهم الوديان السبعة إلى الملك، وهي: وادي الأنس والحكمة والانقطاع والاتحاد والحيرة والتجريد والفناء، ولكن لم يصل من هذه الطيور سوى ثلاثين طيراً استقبلها نقيب الملك، «ولكنه لم يكد يراها حتى بدت أمامه أشبه ببقايا الحتام، وبعد أن عبرت الطيور وادي الفناء ظفرت باللقاء».
علي أبو زيد
(القرن السادس الهجري)
محمد بن إبراهيم بن مصطفى بن شعبان، أبو حامد وأبو طالب المعروف بـ «خواجه عطار» و«فريد الدين»، شاعر أديب متصوف طبيب صيدلاني زاهد. ولد في نيسابور من بلاد فارس، وكان أبوه عطّاراً من كبار المتصوفة، مشهوراً بين الناس، فورث ابنه محمد عنه ذلك، وصار أحد كبار المتصوفة في القرن السادس الهجري، «وكان طبيباً حاذقاً، وصيدلانياً ماهراً، تولى إدارة مستشفى يؤمها في كل يوم مئات المرضى».
كان حريصاً على اكتساب العلم والمعرفة، وتنمية خبرته وتجاربه، فقام برحلات إلى مختلف الأقطار والبلدان ليرد مناهل العلم والحكمة، وأقام في بداية حياته سبعة عشر عاماً في مدينة «مشهد»، ووصل غرباً إلى الري والكوفة ومصر ودمشق ومكة، وشرقاً إلى الهند وتركستان، وهو في ذلك كله يقرأ ويلتقي العلماء ويأخذ عنهم. وكان لشهرته في الطب والصيدلة أثر في غناه، فجمع مالاً وفيراً وأنشأ مشفى درّ عليه أرباحاً، ويروى أنه جرت له حادثة في المشفى جعلته يوزّع كل ما فيه مع أمواله على الناس ويميل إلى الزهد. وقد تعرّض إلى المضايقات من الناس والعلماء، فاتُّهم في «سمرقند» بالرفض والمروق عن الدين، وأُحرق كتابه «مظهر العجائب» أمام الناس، وصادر الحاكم ممتلكاته فهرب ووصل إلى مكة حيث أقام فيها، وصنّف هناك كتابه «لسان الغيب»، وفصّل فيه جملة من تاريخ نضاله وحوادث كفاحه، وبدأت حياته تضيق بالمجتمعات فاعتزل الناس.
وقد اختلف الرواة في تحديد سنة ولادته فقيل 517هـ أو 540هـ، وفي سنة وفاته، فقيل كانت سنة 589هـ أو 597 أو 619 أو 627هـ، ويُروى أنه أُسِر فيمن أسره جنود جنكيز خان في نيسابور، ثم قتله أحد الجنود.
له أشعار كثيرة بلغت أزيد من مئتي ألف بيت، تضمنت غزلاً عرفانياً، وابتعد فيها عن مدح الملوك والأمراء وغيرهم من أولي الأمر، وجعل مدائحه كلها في الأئمة ولاسيما علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه. ومن شعره :
أقام بملكـه قصراً مجيـداً
تُحيط به الجلالةُ والبهـاء
وأنفق فيه مثلَ كنوز كسرى
وجاز لما يشح به العطـاء
فأشرق بهجـةً وأضاء نوراً
تمنتـه لمشرقهـا ذُكـاء
وله تصانيف كثيرة قيل إنها تجاوزت المئة، ونال بعضها شهرة كبيرة بين الناس، منها: «منطق الطير» و«إلهي نامه» و«أسرار نامه» و«جواهر الذات» و«حيدر نامه» و«شرح القلب» و«مظهر العجائب» و«لسان الغيب» و«تذكرة الأولياء»؛ الذي يحتوي على سوانح من حياة المتصوفين، و«هفت وادي» و«ديوان القصائد».
ويُعد كتاب «منطق الطير» من أشهر كتبه، بل من أشهر الكتب التي تضمنت مصادر التصوف في الأدب الفارسي، بُني الكتاب على الرمز، وتقوم فكرته على طيور العالم التي اجتمعت في مكان لتختار ملكاً لها، فجاء الهدهد يخبر الطيور ببلاغةٍ عظيمة عن ملِك في مكان بعيد، له صفاتٌ جليلة، ولكن الطريق إليه محفوف بالمخاطر، فتشوقت الطيور إلى الذهاب إليه، ولكن أهوال الطريق للوصول إليه جعلتها تتردد في ذلك، وبدأت الطيور تلتمس الأعذار التي تمنعها من السفر وتتقدم بها، ويقوم الهدهد بالرد عليها وإقناعها، فقررت الطيور الذهاب إلى ذلك الملك، واختير الهدهد قائداً للرحلة، ولكن كثيراً من الطيور تراجع أو مات، واستمر الهدهد يعبر بهم الوديان السبعة إلى الملك، وهي: وادي الأنس والحكمة والانقطاع والاتحاد والحيرة والتجريد والفناء، ولكن لم يصل من هذه الطيور سوى ثلاثين طيراً استقبلها نقيب الملك، «ولكنه لم يكد يراها حتى بدت أمامه أشبه ببقايا الحتام، وبعد أن عبرت الطيور وادي الفناء ظفرت باللقاء».
علي أبو زيد