الفاشية
الفاشية Fascism مفهوم سياسي يعّبر عن نظام ديكتاتوري. ويتجسد في شكل من أشكال أنظمة الحكم التي يرأسها دكتاتور يسيطر على مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها للمجتمع سيطرة تامة.
والفاشية شبيهة بالشيوعية، من حيث امتلاكها أو إشرافها على جميع الموارد العامة. ولكنها - بخلاف الشيوعية - تبيح للصناعة أن تبقى ملكية خاصة ولكن تحت سيطرة الحكومة. وتشمل الفاشية التطرف الوطني والسياسات النازعة للروح العسكرية، والفرد، والتوسع والعنصرية[ر].
يأتي الفاشيون إلى السلطة في إثر حدوث انهيار اقتصادي في البلاد أو هزيمة عسكرية أو أي كارثة أخرى. ويكسب الحزب الفاشي، عادة، تأييداً شعبياً لما يبذله من وعود بأنه سينعش الاقتصاد، وسيسترد كرامة البلاد. وقد يستغل الحزب الفاشي خشية الناس من الشيوعية أو من تسلط الأقليات على نظام الحكم.
تشجع الفاشية النشاط الاقتصادي الخاص ما دام يخدم أهداف الحزب الحاكم، بيد أن الفاشية تسيطر سيطرة تامة على الصناعة لتتأكد من أنها تنتج ما تحتاجه البلاد، في حين أنها تفرض رسوماً على الواردات، ذلك أنها لا تريد الاعتماد على بلاد أخرى في المنتجات الحيوية.
تحظر الفاشية، بعد استلامها الحكم في بلد ما، الإضراب والتظاهر. وتقيد الحريات الشخصية، وخاصة السفر إلى بلاد أخرى. وتهيمن على أجهزة الإعلام، وتروج سياساتها، وتراقب المطبوعات، وتقمع الآراء المناوئة لها، وتمنع تشكيل الأحزاب، وتعلي شأن عرق معين، في حين أن الحزب ينظر إلى غير ذلك العرق نظرة التفوق.
وتتصل كلمة الفاشية بما كان في عهد الامبراطورية الرومانية القديمة من رموز منها «الحزيمة الرومانية». لذلك كان منبعها التاريخي من روما، حيث أعاد بنيتو موسوليني[ر] إحياء الفاشية في العام 1919م، بالرغم من أن بداية الفاشية قد تعود إلى عهد نابليون بونابرت الأول (1769-1821م) الذي أوحى للفاشيين كثيراً من أساليب الحكم الدكتاتوري المطلق.
أسس الفاشية في القرن العشرين بينيتو موسوليني (1883-1945م)، فاغتنم الحالة الاقتصادية السيئة التي أدت إليها الحرب العالمية الأولى، فوعد الشعب الإيطالي بالرفاهية واستعادة أمجاد روما القديمة. وبعد أن أسس الحزب الفاشي زحف على روما، بعد أن كسب مساندة كثير من ملاك الأراضي وأصحاب الأعمال، والعسكريين وأناس الطبقة الوسطى، في العام 1924م، وأرغم ملك إيطاليا فكتور إيمانويل الثالث على دعوة موسوليني إلى رئاسة الحكومة. فحظر موسوليني جميع الأحزاب السياسية باستثناء حزبه الفاشي وسيطر على الصناعات والصحف والشرطة والمدارس والجيش. وفي العام 1940م قاد موسوليني إيطاليا إلى الحرب العالمية الثانية، ثم أعدم في العام 1945م.
وكان موسوليني، في إطار استعادة أمجاد الامبراطورية الرومانية القديمة، قد غزا ليبيا والحبشة، وألبس حزبه القمصان السود، فعرفوا بها.
ظهر في ألمانيا نظام فاشي آخر، في إثر هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وانهيار اقتصادها في عشرينيات القرن العشرين، بسبب العقوبات وخسائر الحرب وضياع كثير من أراضي الامبراطورية الألمانية. وبحلول العام 1933 أضحى الحزب الألماني الوطني الاشتراكي أقوى حزب في ألمانيا، فاستدعي زعيمه أدولف هتلر[ر] إلى منصب المستشار (رئيس الوزراء)، فحول هذا ألمانيا إلى دولة فاشية، وقضى على أي معارضة له.
نادى هتلر - وكان يلقب بالقائد - بأن الشعب الألماني، الآري، متفوق على غيره من الشعوب. وعبّر عن آرائه وعنصريته هذه بكتابه «كفاحي». وقتل حزبه النازي أعداداً كبيرة من الأقليات العرقية.
أعلن هتلر - ثم انضم إليه موسوليني واليابان - الحرب العالمية الثانية في العام 1939م، بعد أن ضم إلى ألمانيا منطقة السوديت. ثم اجتاحت قواته معظم البلدان الأوربية. وتقدمت في أعماق الاتحاد السوڤييتي السابق، لكنها ارتدت مندحرة فيما بعد. وكان مسار الحرب العالمية الثانية قد تبدل لمصلحة الحلفاء الذين هزموا ألمانيا واقتسموها. وهكذا هزمت ألمانيا العام 1945 وسقطت الحكومة النازية.
ظهرت في اليابان في ثلاثينيات القرن العشرين مجموعة فاشية هدفت إلى توسيع حدود اليابان لتؤلف امبراطورية لها في جنوب شرقي آسيا، ثم هزمت هذه المجموعة ومعها اليابان في الحرب العالمية الثانية، بعد انهزام ألمانيا، ثم بعد إلقاء أول قنبلتين ذريتين أمريكيتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في شهر آب 1945م.
وانتشرت النازية في عدد من الدول الأوربية مثل النمسا وفي ألمانيا وهنغاريا ورومانيا، إلاّ أن هذه الأحزاب، اختفت بعد هزيمة ألمانيا في العام 1945م.
وفي الأرجنتين أسس خوان بيرون دكتاتورية في العام 1946م. وحينما ثار الشعب الأرجنتيني على هذا النظام الدكتاتوري استقال بيرون، ثم عاد إلى الحكم في العام 1973 حتى وفاته. وفي إسبانيا أسس فرانسيسكو فرانكو «الكتائب الإسبانية»، وساعده هتلر وموسوليني، وحكم إسبانيا من العام 1939 حتى وفاته 1975م. وينظر إلى حكم فرانكو على أنه فاشي، وإن خلا حكمه من بعض السمات الفاشية الجوهرية.
وهناك بعض الحركات والأحزاب في العديد من الدول النامية تتبنى بعض الخصائص والسمات الفاشية في أفكارها وأساليب عملها.
هيثم الكيلاني
الفاشية Fascism مفهوم سياسي يعّبر عن نظام ديكتاتوري. ويتجسد في شكل من أشكال أنظمة الحكم التي يرأسها دكتاتور يسيطر على مختلف الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها للمجتمع سيطرة تامة.
والفاشية شبيهة بالشيوعية، من حيث امتلاكها أو إشرافها على جميع الموارد العامة. ولكنها - بخلاف الشيوعية - تبيح للصناعة أن تبقى ملكية خاصة ولكن تحت سيطرة الحكومة. وتشمل الفاشية التطرف الوطني والسياسات النازعة للروح العسكرية، والفرد، والتوسع والعنصرية[ر].
يأتي الفاشيون إلى السلطة في إثر حدوث انهيار اقتصادي في البلاد أو هزيمة عسكرية أو أي كارثة أخرى. ويكسب الحزب الفاشي، عادة، تأييداً شعبياً لما يبذله من وعود بأنه سينعش الاقتصاد، وسيسترد كرامة البلاد. وقد يستغل الحزب الفاشي خشية الناس من الشيوعية أو من تسلط الأقليات على نظام الحكم.
تشجع الفاشية النشاط الاقتصادي الخاص ما دام يخدم أهداف الحزب الحاكم، بيد أن الفاشية تسيطر سيطرة تامة على الصناعة لتتأكد من أنها تنتج ما تحتاجه البلاد، في حين أنها تفرض رسوماً على الواردات، ذلك أنها لا تريد الاعتماد على بلاد أخرى في المنتجات الحيوية.
تحظر الفاشية، بعد استلامها الحكم في بلد ما، الإضراب والتظاهر. وتقيد الحريات الشخصية، وخاصة السفر إلى بلاد أخرى. وتهيمن على أجهزة الإعلام، وتروج سياساتها، وتراقب المطبوعات، وتقمع الآراء المناوئة لها، وتمنع تشكيل الأحزاب، وتعلي شأن عرق معين، في حين أن الحزب ينظر إلى غير ذلك العرق نظرة التفوق.
وتتصل كلمة الفاشية بما كان في عهد الامبراطورية الرومانية القديمة من رموز منها «الحزيمة الرومانية». لذلك كان منبعها التاريخي من روما، حيث أعاد بنيتو موسوليني[ر] إحياء الفاشية في العام 1919م، بالرغم من أن بداية الفاشية قد تعود إلى عهد نابليون بونابرت الأول (1769-1821م) الذي أوحى للفاشيين كثيراً من أساليب الحكم الدكتاتوري المطلق.
أسس الفاشية في القرن العشرين بينيتو موسوليني (1883-1945م)، فاغتنم الحالة الاقتصادية السيئة التي أدت إليها الحرب العالمية الأولى، فوعد الشعب الإيطالي بالرفاهية واستعادة أمجاد روما القديمة. وبعد أن أسس الحزب الفاشي زحف على روما، بعد أن كسب مساندة كثير من ملاك الأراضي وأصحاب الأعمال، والعسكريين وأناس الطبقة الوسطى، في العام 1924م، وأرغم ملك إيطاليا فكتور إيمانويل الثالث على دعوة موسوليني إلى رئاسة الحكومة. فحظر موسوليني جميع الأحزاب السياسية باستثناء حزبه الفاشي وسيطر على الصناعات والصحف والشرطة والمدارس والجيش. وفي العام 1940م قاد موسوليني إيطاليا إلى الحرب العالمية الثانية، ثم أعدم في العام 1945م.
وكان موسوليني، في إطار استعادة أمجاد الامبراطورية الرومانية القديمة، قد غزا ليبيا والحبشة، وألبس حزبه القمصان السود، فعرفوا بها.
ظهر في ألمانيا نظام فاشي آخر، في إثر هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وانهيار اقتصادها في عشرينيات القرن العشرين، بسبب العقوبات وخسائر الحرب وضياع كثير من أراضي الامبراطورية الألمانية. وبحلول العام 1933 أضحى الحزب الألماني الوطني الاشتراكي أقوى حزب في ألمانيا، فاستدعي زعيمه أدولف هتلر[ر] إلى منصب المستشار (رئيس الوزراء)، فحول هذا ألمانيا إلى دولة فاشية، وقضى على أي معارضة له.
نادى هتلر - وكان يلقب بالقائد - بأن الشعب الألماني، الآري، متفوق على غيره من الشعوب. وعبّر عن آرائه وعنصريته هذه بكتابه «كفاحي». وقتل حزبه النازي أعداداً كبيرة من الأقليات العرقية.
أعلن هتلر - ثم انضم إليه موسوليني واليابان - الحرب العالمية الثانية في العام 1939م، بعد أن ضم إلى ألمانيا منطقة السوديت. ثم اجتاحت قواته معظم البلدان الأوربية. وتقدمت في أعماق الاتحاد السوڤييتي السابق، لكنها ارتدت مندحرة فيما بعد. وكان مسار الحرب العالمية الثانية قد تبدل لمصلحة الحلفاء الذين هزموا ألمانيا واقتسموها. وهكذا هزمت ألمانيا العام 1945 وسقطت الحكومة النازية.
ظهرت في اليابان في ثلاثينيات القرن العشرين مجموعة فاشية هدفت إلى توسيع حدود اليابان لتؤلف امبراطورية لها في جنوب شرقي آسيا، ثم هزمت هذه المجموعة ومعها اليابان في الحرب العالمية الثانية، بعد انهزام ألمانيا، ثم بعد إلقاء أول قنبلتين ذريتين أمريكيتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في شهر آب 1945م.
وانتشرت النازية في عدد من الدول الأوربية مثل النمسا وفي ألمانيا وهنغاريا ورومانيا، إلاّ أن هذه الأحزاب، اختفت بعد هزيمة ألمانيا في العام 1945م.
وفي الأرجنتين أسس خوان بيرون دكتاتورية في العام 1946م. وحينما ثار الشعب الأرجنتيني على هذا النظام الدكتاتوري استقال بيرون، ثم عاد إلى الحكم في العام 1973 حتى وفاته. وفي إسبانيا أسس فرانسيسكو فرانكو «الكتائب الإسبانية»، وساعده هتلر وموسوليني، وحكم إسبانيا من العام 1939 حتى وفاته 1975م. وينظر إلى حكم فرانكو على أنه فاشي، وإن خلا حكمه من بعض السمات الفاشية الجوهرية.
وهناك بعض الحركات والأحزاب في العديد من الدول النامية تتبنى بعض الخصائص والسمات الفاشية في أفكارها وأساليب عملها.
هيثم الكيلاني