سنسلط الضوء في هذا المقال على البطالة الدورية ، وقبل الحديث عنها، علينا معرفة المصادر التي تؤدي إلى البطالة الكلية. توجد أربعة مصادر رئيسية للبطالة:
- البطالة الدورية: هي البطالة الناجمة مباشرةً عن تقلبات الدورات الاقتصادية.
- البطالة الموسمية.
- البطالة الاحتكاكية: هي نتيجة انتقالات العمل الطوعية في الاقتصاد، وهي موجودة دائمًا وتحدث طبيعيًا في أي اقتصاد، وتشمل العمال الذين يتركون وظائفهم بحثًا عن وظائف أخرى والعمال الجدد الذين لم يجدوا وظيفة بعد.
- البطالة الهيكلية: تتصف بأنها طويلة الأمد، وتنجم عن تغييرات أساسية في بنية الاقتصاد، وتتفاقم بازدياد العوامل الدخيلة المؤثرة في الاقتصاد، مثل التكنولوجيا والمنافسة والسياسة الحكومية، أي إنها نتيجة افتقار العمال إلى الشروط المطلوبة للعمل أو سكنهم بعيدًا عن موقع العمل وعدم إمكانية تغيير السكن، ما يعني أن الشواغر الوظيفية موجودة لكن لا يوجد تطابق بين ظروف العمال واحتياجات الشركات.
البطالة الدورية هي نتيجة الانخفاض العام الذي يصيب النشاط الاقتصادي الكلي في فترة انكماش دورة الأعمال.
توجد سياستان رئيسيتان لتخفيض البطالة: سياسات متعلقة بالعرض، وسياسات متعلقة بالطلب.
إذا كانت البطالة الدورية ناجمة عن فترة ركود اقتصادي، نعدّها بطالة ناجمة عن ضعف في جانب الطلب ونتعامل معها بسياسات ملائمة. الطلب الكلي هو مقياس اقتصادي لإجمالي الطلب على جميع السلع والخدمات النهائية المنتجة في الاقتصاد، أي أنه مجموع الأموال المنفقة لشراء السلع والخدمات في مستوى أسعار وفترة زمنية محددين.
ينخفض الطلب الكلي في فترة الركود أو الانكماش، ما يعني انخفاض كمية السلع والخدمات التي يشتريها المستهلكون والحكومة والشركات المحلية والأجنبية، ما يؤدي إلى تخفيض الإنتاج. ويؤدي تخفيض الإنتاج -المُخرَجات- إلى تخفيض عدد العمال والموارد -المُدخَلات- بسبب عدم الحاجة إليهم، ولا شك أن ذلك يرفع معدل البطالة. ثم تواجه الأعمال انخفاضًا في الإيرادات ما يدفعها إلى تقليل التكاليف، والنتيجة هي تسريح العمال.
تختلف البطالة الدورية عن أنواع البطالة الأخرى، التي تتصف بأنها جزء أصيل من نوع العمل أو من اقتصاد جيد متنامي. ويمكن تجنب البطالة الدورية بزيادة استقرار دورة الأعمال والتقليل من تقلباتها.
أحد أهم أهداف علم الاقتصاد الكلي هو تخفيض أو إنهاء البطالة الدورية، ويجب على أصحاب القرار زيادة المخرجات الاقتصادية بهدف تجنب البطالة الدورية، وأفضل طريقة لزيادة المخرجات هي تحفيز الطلب.
إن أحد أهداف السياسات المالية والنقدية التوسعية هو زيادة الطلب الكلي بواسطة تخفيض الضرائب وأسعار الفائدة، وقد يلجأ صناع القرار إلى تخفيض سعر صرف العملة الوطنية بهدف زيادة الطلب على الصادرات في السوق الخارجية، وقد يعمدون أيضًا إلى إضافة قوانين ومبادرات خاصة تستهدف مجالات محددة من الاقتصاد.
تخفيض البطالة الدورية باستخدام السياسة المالية
من أهداف السياسة المالية التوسعية التحكم بالمخرجات الاقتصادية بزيادة الإنفاق الحكومي وتخفيض الضرائب.
تؤدي مستويات الضرائب المنخفضة إلى زيادة الدخل المتاح للإنفاق وزيادة الاستهلاك، وتؤدي زيادة الاستهلاك إلى زيادة الطلب الكلي والناتج المحلي الإجمالي، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج، ما يتطلب عددًا أكبر من العمال، فتنخفض البطالة الدورية.
لا شك أنه حال كان النمو الاقتصادي قويًّا والطلب الكلي مرتفعًا، ستقلّ خسارة الوظائف -تسريح العمال- نتيجة استقرار الشركات وأعمالها.
كان الاقتصادي جون كينز من أنصار السياسة المالية التوسعية في فترات الركود. وفقًا لكينز، توجد ثروات غير مُسخّرة في فترات الركود (رأس المال والعمل)، لذلك يجب على الحكومة التدخل لتخفيض البطالة بخلق المزيد من الطلب.
السياسة النقدية التوسعية لتخفيض البطالة
من أهداف السياسة النقدية التوسعية زيادة الطلب الكلي والنمو الاقتصادي بتخفيض معدلات الفائدة. وتعني معدلات الفائدة المنخفضة أن كلفة اقتراض النقود من المصارف منخفضة.
وعندما يسهل اقتراض النقود، يزيد الناس إنفاقهم واستثماراتهم، ولا شك أن ذلك يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي والناتج المحلي الإجمالي وتخفيض البطالة الدورية.
معلومة مهمة: إضافةً إلى ما ذكرناه سابقًا، عندما تنخفض أسعار الفائدة، ينخفض سعر صرف العملة الوطنية، ما يزيد من القدرة التنافسية للصادرات.
أحيانًا، قد يطلق أصحاب القرار مبادرات حكومية تستهدف مجالات محددة من الاقتصاد لزيادة المخرجات وتخفيض البطالة، مثلًا، قد تكون هذه المبادرات بصيغة تسهيل الحصول على موافقات للمشاريع الحكومية التي تخلق الوظائف، وتحفيز الشركات ماليًا لتوظيف العمال، أو تمويل الشركات مقابل تدريب العمال.