اكنسوس (محمد احمد)
Akinsus (Mohammad ibn Ahmad-) - Akinsus (Mohammad ibn Ahmad-)
أَكَنْسوس (محمد بن أحمد ـ )
(1211ـ 1294هـ/1796 ـ 1877م)
أَكَنْسُوس (أَو كَنْسُوس ـ أو الكَنْسُوسي) أبو عبد الله محمد بن أحمد. أديب مغربي، ومؤرخ ورجل دولة. ينتسب إلى القبيلة البربرية «إيداوـ أكَنْسوس"، في «بلاد السوس» من جنوبي المغرب. وقد ولد في ديار قبيلته، ودرس في جامع القرويين في «فاس» على أشهر علماء عصره. وأظهر تفوقاً في عدد من العلوم، كالحساب، والمواقيت، والنحو، وانقادت له اللغة العربية وآدابها، وبرع في النظم والنثر، واستهواه التاريخ. وانتظم في سلك الوظائف الإدارية كاتباً في الديوان. ولم يلبث أن ارتقى، وفي سن مبكرة إلى مرتبة وزير (عام 1236هـ/1820م). وقرّبه السلطان مولاي سليمان (1206- 1238هـ/1791- 1822م)، وكلّفه مهمات عدة في تطوان، وسلا، والقصر الكبير، هدفها وضع حد للثورات والفتن التي اندلعت في عهده. وعند وفاة هذا السلطان، عزل من الوزارة، فانتقل إلى مراكش حيث انصرف إلى العبادة، والتصوف، والتأليف ولاسيما في ميدان التاريخ، وإلى نظم الشعر. وأصبح واحداً من شيوخ الطريقة التيجانية المشار إليهم بالبنان. وقد عمّر طويلاً، وأصيب بالعمى في أخريات حياته، وتوفي في مراكش. وقبره قائم اليوم، خارج باب الرب، ويزوره مريدو طريقته، ويتبركون به.
وقد خلّف وراءه إنتاجاً نثرياً وشعرياً، أهمه مؤلَّفه التاريخي المسمى «الجيش العَرَمْرَم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي»، وهو تاريخ عام للإسلام منذ انبثاقه حتى عصر مؤلِّفه. إلا أنه في الواقع، خصَّ بلاده المغرب بجانب كبير من عنايته ولاسيما تاريخ الأسرة الحاكمة آنذاك فيها، وهي أسرة الشرفاء العلويين، منذ نشأتها حتى 1282هـ/1865م، كما هو واضح من عنوان الكتاب نفسه. وقد ألَّفه بإيعاز من السلطان المغربي محمد بن عبد الرحمن (1276- 1290هـ/1859- 1873م). وطبع على الحجر في فاس، في مجلدين عام 1336هـ/1918م.
وقد نظر الكَنْسُوسي في كتابه هذا إلى مجموع التاريخ الإسلامي على أنه أشبه بالتعبئة الخماسية للجيش الإسلامي، التي كانت تتألف من: المقدمة، والميمنة، والميسرة، والقلب، والساقة. ففي «المقدمة» درس الإمامة العظمى وأحكامها الشرعية، والفرق بينها وبين الخلافة والملك. واستعرض في «الجناح الأيمن» (الميمنة) تاريخ الشرق الإسلامي بإيجاز، فأتى على ذكر الرسول محمدr، والخلفاء الراشدين، والأمويين، والعباسيين، والفاطميين، ثم الأتراك العثمانيين. أما في «الجناح الأيسر» (الميسرة) فقد ذكر دول المغرب الإسلامي، وأمويي الأندلس، والمرابطين، والموحدين، والحفصيين، والمرينيين، والسعديين. وعندما وصل إلى «القلب» حيث يكون عادة القائد الأعلى للجيش، فإنه تحدث فيه عن دولة الشرفاء العلويين. وختم الكتاب بـ «الساقة»، وكانت في سياسة الملك وأعوانه، من وزراء وكتّاب وغيرهم. وتراجم بعض وزراء السلطان ورجال البلاط في عصره. وفي الجناحين والقلب، أقسام تضم ألوية كباراً، ورايات صغاراً. ويقصد باللواء الدولة، وبالراية الملك، وخصّ كلاًّ من الاثنين بلون يلائم حال من دلّ عليه. فاللون الأسود مثلاً لمن عرف بعزته وسيادته، والأخضر للمعتدل في سلوكه مع غلبة الخير والصلاح عليه، أما الأزرق فلمن كان سيئاً مسيئاً، والأغبر لمن لم يعرف له حال.
إن أثمن ما في الكتاب هو أخبار المرحلة التي عاصرها الكنسوسي؛ ولاسيما عهد السلطان عبد الرحمن بن هشام (1238-1276هـ/1790- 1859م) وابنه محمد بن عبد الرحمن، فهو أول من أرّخ لهما، أما ما يتصل بأخبار السلاطين السابقين، فقد استمد معلوماته من كتابي «نزهة الحادي بأخبار القرن الحادي» للإفراني (1080-1156هـ/1669- 1744م)، و«البستان الظريف في دولة أولاد مولاي علي الشريف» لأبي القاسم الزياني (1147- 1249هـ/1734- 1838م)، على الرغم من أنه يدّعي في مطلع كتابه بأنه أول مؤرخ يخصص للعلويين تاريخاً يستحقونه، أي إنه غمط حق الزيّاني الذي سبقه في هذا المضمار.
والأكنسوسي في معالجته للمرحلة التي عاصرها، لا يأتي في الحقيقة بطريقة جديدة في عرض معلوماته، كما فعل في طريقة تنسيق كتابه، وإنما كان أشبه ما يكون بكاتب للحوليات، فعل ما فعله الزيّاني وغيره قبله. إلا أن أسلوبه يتميز بعدم التكلف، وبمتانة العبارة، وغنى المفردات. وهو يطرح معلومات متنوعة، شأنه في ذلك شأن كتاب الحوليات، ولكنه يهتم بالأحداث السياسية كأخبار الثورات والفتن، والحملات المرسلة لإخمادها. ولا ينسى في الواقع، الحديث عن أهم المدن في المغرب، وخططها وعمائرها. وفيه أخبار قيّمة ومفيدة، ولاسيما عندما يعرّف بوظائف «المخزن المغربي» من وزير، وناظر للقصر، وكاتب. ويؤخذ عليه، أنه ملأ كتابه بإنتاجه الشعري، وبالقصائد التي أنشدها في سلاطين دولة الشرفاء العلويين وغيرهم من أعضاء الهيئة الحاكمة.
ومن مؤلفات محمد بن أحمد أكنسوس أيضاً: «الحلل الزنجفورية في أجوبة الأسئلة الطيفورية»، و«حسام الانتصار في وزارة بني عشرين الأنصار»، و«خمائل الورد والنسرين في وزارة بني عشرين»، وديوان شعر.
ليلى صباغ
Akinsus (Mohammad ibn Ahmad-) - Akinsus (Mohammad ibn Ahmad-)
أَكَنْسوس (محمد بن أحمد ـ )
(1211ـ 1294هـ/1796 ـ 1877م)
أَكَنْسُوس (أَو كَنْسُوس ـ أو الكَنْسُوسي) أبو عبد الله محمد بن أحمد. أديب مغربي، ومؤرخ ورجل دولة. ينتسب إلى القبيلة البربرية «إيداوـ أكَنْسوس"، في «بلاد السوس» من جنوبي المغرب. وقد ولد في ديار قبيلته، ودرس في جامع القرويين في «فاس» على أشهر علماء عصره. وأظهر تفوقاً في عدد من العلوم، كالحساب، والمواقيت، والنحو، وانقادت له اللغة العربية وآدابها، وبرع في النظم والنثر، واستهواه التاريخ. وانتظم في سلك الوظائف الإدارية كاتباً في الديوان. ولم يلبث أن ارتقى، وفي سن مبكرة إلى مرتبة وزير (عام 1236هـ/1820م). وقرّبه السلطان مولاي سليمان (1206- 1238هـ/1791- 1822م)، وكلّفه مهمات عدة في تطوان، وسلا، والقصر الكبير، هدفها وضع حد للثورات والفتن التي اندلعت في عهده. وعند وفاة هذا السلطان، عزل من الوزارة، فانتقل إلى مراكش حيث انصرف إلى العبادة، والتصوف، والتأليف ولاسيما في ميدان التاريخ، وإلى نظم الشعر. وأصبح واحداً من شيوخ الطريقة التيجانية المشار إليهم بالبنان. وقد عمّر طويلاً، وأصيب بالعمى في أخريات حياته، وتوفي في مراكش. وقبره قائم اليوم، خارج باب الرب، ويزوره مريدو طريقته، ويتبركون به.
وقد خلّف وراءه إنتاجاً نثرياً وشعرياً، أهمه مؤلَّفه التاريخي المسمى «الجيش العَرَمْرَم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي»، وهو تاريخ عام للإسلام منذ انبثاقه حتى عصر مؤلِّفه. إلا أنه في الواقع، خصَّ بلاده المغرب بجانب كبير من عنايته ولاسيما تاريخ الأسرة الحاكمة آنذاك فيها، وهي أسرة الشرفاء العلويين، منذ نشأتها حتى 1282هـ/1865م، كما هو واضح من عنوان الكتاب نفسه. وقد ألَّفه بإيعاز من السلطان المغربي محمد بن عبد الرحمن (1276- 1290هـ/1859- 1873م). وطبع على الحجر في فاس، في مجلدين عام 1336هـ/1918م.
وقد نظر الكَنْسُوسي في كتابه هذا إلى مجموع التاريخ الإسلامي على أنه أشبه بالتعبئة الخماسية للجيش الإسلامي، التي كانت تتألف من: المقدمة، والميمنة، والميسرة، والقلب، والساقة. ففي «المقدمة» درس الإمامة العظمى وأحكامها الشرعية، والفرق بينها وبين الخلافة والملك. واستعرض في «الجناح الأيمن» (الميمنة) تاريخ الشرق الإسلامي بإيجاز، فأتى على ذكر الرسول محمدr، والخلفاء الراشدين، والأمويين، والعباسيين، والفاطميين، ثم الأتراك العثمانيين. أما في «الجناح الأيسر» (الميسرة) فقد ذكر دول المغرب الإسلامي، وأمويي الأندلس، والمرابطين، والموحدين، والحفصيين، والمرينيين، والسعديين. وعندما وصل إلى «القلب» حيث يكون عادة القائد الأعلى للجيش، فإنه تحدث فيه عن دولة الشرفاء العلويين. وختم الكتاب بـ «الساقة»، وكانت في سياسة الملك وأعوانه، من وزراء وكتّاب وغيرهم. وتراجم بعض وزراء السلطان ورجال البلاط في عصره. وفي الجناحين والقلب، أقسام تضم ألوية كباراً، ورايات صغاراً. ويقصد باللواء الدولة، وبالراية الملك، وخصّ كلاًّ من الاثنين بلون يلائم حال من دلّ عليه. فاللون الأسود مثلاً لمن عرف بعزته وسيادته، والأخضر للمعتدل في سلوكه مع غلبة الخير والصلاح عليه، أما الأزرق فلمن كان سيئاً مسيئاً، والأغبر لمن لم يعرف له حال.
إن أثمن ما في الكتاب هو أخبار المرحلة التي عاصرها الكنسوسي؛ ولاسيما عهد السلطان عبد الرحمن بن هشام (1238-1276هـ/1790- 1859م) وابنه محمد بن عبد الرحمن، فهو أول من أرّخ لهما، أما ما يتصل بأخبار السلاطين السابقين، فقد استمد معلوماته من كتابي «نزهة الحادي بأخبار القرن الحادي» للإفراني (1080-1156هـ/1669- 1744م)، و«البستان الظريف في دولة أولاد مولاي علي الشريف» لأبي القاسم الزياني (1147- 1249هـ/1734- 1838م)، على الرغم من أنه يدّعي في مطلع كتابه بأنه أول مؤرخ يخصص للعلويين تاريخاً يستحقونه، أي إنه غمط حق الزيّاني الذي سبقه في هذا المضمار.
والأكنسوسي في معالجته للمرحلة التي عاصرها، لا يأتي في الحقيقة بطريقة جديدة في عرض معلوماته، كما فعل في طريقة تنسيق كتابه، وإنما كان أشبه ما يكون بكاتب للحوليات، فعل ما فعله الزيّاني وغيره قبله. إلا أن أسلوبه يتميز بعدم التكلف، وبمتانة العبارة، وغنى المفردات. وهو يطرح معلومات متنوعة، شأنه في ذلك شأن كتاب الحوليات، ولكنه يهتم بالأحداث السياسية كأخبار الثورات والفتن، والحملات المرسلة لإخمادها. ولا ينسى في الواقع، الحديث عن أهم المدن في المغرب، وخططها وعمائرها. وفيه أخبار قيّمة ومفيدة، ولاسيما عندما يعرّف بوظائف «المخزن المغربي» من وزير، وناظر للقصر، وكاتب. ويؤخذ عليه، أنه ملأ كتابه بإنتاجه الشعري، وبالقصائد التي أنشدها في سلاطين دولة الشرفاء العلويين وغيرهم من أعضاء الهيئة الحاكمة.
ومن مؤلفات محمد بن أحمد أكنسوس أيضاً: «الحلل الزنجفورية في أجوبة الأسئلة الطيفورية»، و«حسام الانتصار في وزارة بني عشرين الأنصار»، و«خمائل الورد والنسرين في وزارة بني عشرين»، وديوان شعر.
ليلى صباغ