العاب الكترونيه
Electronic Games - Jeux électroniques
الألعاب الإلكترونية
تعد الألعاب الإلكترونية electronic games من أهم الظواهر التي رافقت ظهور الحاسوب [ر] وتطوره، وهي في المفهوم المعلوماتي برمجيات تحاكي واقعاً حقيقياً أو افتراضياً بالاعتماد على إمكانات الحاسوب في التعامل مع الوسائل المتنوعة multi media وعرض الصور وتحريكها وإصدار الصوت، أما في المفهوم الاجتماعي فهي تفاعل بين الإنسان والآلة للإفادة من إمكاناتها في التعليم [ر] والتسلية والترفيه، ومن الناحية العملية تمثل الألعاب الإلكترونية أداة تحد لقدرات المستثمر إذ تضعه أمام صعوبات وعقبات تتدرج من البساطة إلى التعقيد، ومن البطء إلى السرعة، وأداة تطوير لثقافته وقدراته إذ تشد انتباهه وتنقل إليه المعلومة بيسر ومتعة.
منذ نشوء الدارات المنطقية والإلكترونية الذكية وظهور لغات البرمجة البدائية سارع المهتمون في هذا المجال إلى تطوير الألعاب الإلكترونية التي سرعان ما شدت الانتباه ولاقت قبولاً ونجاحاً لدى معظم فئات المجتمع، مما دفع المبرمجين والشركات إلى بذل كثير من الجهد في تطوير كل من الأجهزة والبرامج الخاصة بها حتى باتت هذه الألعاب وسيلة بمتناول الجميع تفيد في الترفيه والتعليم.
تاريخ الألعاب الإلكترونية
ترجع بداية الألعاب الإلكترونية إلى عام 1953 عندما تمكن بعض المختصين من إظهار «قملة» على شاشة كبيرة من المصابيح وتحريكها باستخدام حاسوب ضخم بلغت كلفته حينذاك ملايين الدولارات، تلتها بعد ذلك محاكاة مبسطة لألعاب مثل الضامة والشطرنج.
وفي عام 1960 لاقت لعبة حرب الفضاء space-War التي صممها ثلاثة طلاب من معهد مساشوستس التقني MIT نجاحاً جعل الشركات المنتجة تقدمها هدية قيمة مع الحاسوب، وفي هذه الأثناء صمم رالف باير Ralf Baer أول جهاز بيتي لألعاب الفيديو أسماه مانيافوكس أوديسي Magnavox Odyssey وكان يحوي ثلاثة عشر لعبة محملة على ستة أشرطة.
وشهد عام 1972 حدثاً بارزاً في تاريخ الألعاب الإلكترونية الحافل الذي ما يزال في تطور وتقدم مطردين حتى اليوم، فقد أسس كل من نولان بشنيل Nolan Bushnell وتيد دابني Ted Dabney شركة ألعاب إلكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية وطرحا لعبة «بونغ» Pong التي سرعان ما لاقت نجاحاً منقطع النظير. وكانت لعبة «بونغ» محاكاة مبسطة لرياضة كرة الطاولة يمثل فيها المضربان بمستطيلين يتحركان على طرفي الشاشة عن طريق مقبضين في الجهاز تتحرك بينهما كرة مربعة الشكل. أقبل العامة على هذه اللعبة لدى اختبارها لأول مرة في مقهى، واستطاعت الشركة في مدة وجيزة تحقيق نجاح كبير بتسويق أكثر من مئة ألف نسخة من هذا الجهاز.
وأمام هذا النجاح سارع كل من ستيف جوبس Steve Jobs وستيف فوزنياك Steve Wazniak، إلى طرح لعبة «تهديم الجدار» Breakout، وتمثل جداراً من قطع الآجر في أعلى الشاشة يجب هدمه بكرة ومضرب أفقي متوضع في أسفل الشاشة، وقد لاقت هذه اللعبة إقبالاً كبيراً ونجاحاً باهراً.
وتعددت الشركات التي بدأت تستثمر في تطوير ألعاب متنوعة جديدة وطرحها، فحققت أرباحاً كبيرة سمحت لها شيئاً فشيئاً بتطوير الأجهزة الإلكترونية والحواسيب، فلم تعد ألعاب الفيديو حصراً على طبقات معينة من المجتمع، وساعد على شعبيتها ظهور ألعاب ممتعة تركت أثراً حتى اليوم، مثل لعبة باك مان (كرة صفراء تلتهم الأهداف وتهرب من الكرات المعادية) ولعبة غزاة الفضاء Space Invaders الشهيرة.
وتسارع تطوير الأجهزة والألعاب المتنوعة وتسويقها ووصلت في عام 1982 إلى قمة مبيعاتها، ليبدأ بعد ذلك التراجع الذي أسهم فيه إلى حد بعيد ظهور الحواسيب المخصصة للألعاب، حتى باتت مبيعات أجهزة ألعاب الفيديو في العام 1985 أقل منها بثلاثين مرة من مبيعات عام 1982، في حين لم يستطع الحاسوب الشخصي لدى ظهوره عام 1980 منافسة أجهزة الألعاب بسبب عمليات التعامل المعقدة التي كانت مستخدمة في ذلك الحين.
ومع تزايد الحاجة إلى أجهزة يسهل استخدامها والتعامل معها، طرحت شركة يابانية جهاز ألعاب بمواصفات بيانية ورسومية عالية الدقة تعتمد فكرة الألعاب فيه على مغامرات عامل تمديدات صحية اسمه ماريو Mario همه البحث عن أميرته. وحقق هذا الجهاز شهرة واسعة ومبيعات خيالية، حتى تجاوزت مبيعات أشرطة الألعاب عليه الخمسين مليون شريط، مما دفع شركة يابانية أخرى في عام 1968، لطرح منتج شبيه به يعتمد شخصية قنفذ سريع اسمه سونيك Sonic يبحث عن أميرته «القنفذة».
وطورت الشركات عدة ألعاب على أجهزتها محققة مبيعات تجاوزت كل التوقعات، وكان من هذه الألعاب على سبيل المثال سباق موناكو للسيارات ولعبة زيلدا أو مقاتل الشوارع.
وتطورت الحواسب الشخصية في عام 1988 إذ ظهرت المعالجات 386 و486، وسرعان ما استعيض عن نبضات الصوت ببطاقات الصوت، كما سمح ظهور برنامج النوافذ Windows 3-11 في عام 1990 بتفاعل مبسط مع الحاسوب بات بمتناول الكثيرين، فغدت الألعاب أكثر متعة وسميت ألعاب المحاكاة مثل محاكاة الطيران، ومحاكاة ألعاب التفكير وألعاب الشطرنج.
وفي عام 1993 ظهرت معالجات البنتيوم وقارئات الأقراص المدمجة CD-ROM وطرحت شركة مايكروسوفت برنامج النوافذ Window 95 مما جعل من الحاسوب الشخصي أداة قوية لتطوير ألعاب تعتمد على الوسائط المتعددة في الإفادة من الصور والرسوم والأصوات، فغدت إمكاناتها أكبر وباتت أكثر قرباً من الواقع.
ومع تطور الحاسوب الشخصي بات تراجع أجهزة ألعاب الفيديو سريعاً لدرجة جعلت بعضهم يصرح بأن نهاية هذه الأجهزة أصبحت وشيكة، وأخذت الشركات الكبيرة تتخلى واحدة تلو الأخرى عن برامجها التطويرية في هذا المجال، إلا أنه في عام 1995 طرحت شركة يابانية عملاقة جهاز محطة الألعاب Play Station المزود بمكتبة واسعة من الألعاب بإمكانات عالية من حيث الصوت والصورة والسرعة، وسرعان ما حذت حذوها شركات يابانية أخرى مما بعث من جديد السباق على تطوير أجهزة الألعاب وبرامجها وتسويقها. وظهرت ألعاب إلكترونية مستقلة عن الحاسوب، أو متصلة به يتحكم بها المتعلم وفق أوامره ضمن برامج الذكاء الصنعي، والروبوت (الإنسان الآلة)، التي تقلد أعمال الإنسان في حياته اليومية، مما أكسب هذه الأجهزة والألعاب الملحقة بها تنوعاً واسعاً في التقنيات، وسمح بإشغال حواس عدة كالبصر والسمع واللمس بإتقان أكثر.
تصنيف الألعاب الإلكترونية
يمكن تصنيف الألعاب الإلكترونية من حيث الهدف منها وشريحة مستثمريها تحت ثلاثة أنواع رئيسة:
ألعاب المتعة والإثارة
وهي تهدف عموماً للتسلية وشغل الفراغ، وتعتمد أساساً على تفاعل المستثمر مع اللعبة في أوضاع وحالات تبدأ بمستويات بسيطة يسهل التعامل معها لتصبح معقدة وسريعة غالباً ما تتجاوز سقف قدرات المستثمر مهما أتقن تدريبه. وتتميز هذه الألعاب بأنها مثيرة وجذابة وتشد الانتباه لكثرة تتالي المواقف فيها واستخدامها للصور والأصوات القريبة من الواقع، وهي بهذا تستهوي كثيراً من الصغار والشبان الذين يؤلفون الشريحة العريضة من مستثمريها أو تسبب لهم إدمان اللعب بها. ويستخدم اللاعب أدوات إلكترونية تابعة تمكنه من رؤية البعد الثالث، أو الاستفادة من حواس أخرى غير السمع والبصر مثل اللمس والشم، إلا أن جاذبيتها وإثارتها تتلاشى مع الزمن أمام الملل الذي يسببه التكرار فيها. ويندرج تحت هذا النوع طيف واسع من ألعاب سباق السيارات والدراجات النارية وألعاب القتال ومحاكاة المعارك والحروب وغزو الفضاء.
ألعاب الذكاء
تعتمد هذه الألعاب على المحاكمات المنطقية في اتخاذ القرار، وتتطلب إعمال الفكر للتعامل معها، ولعل الشطرنج من أشهر الألعاب في هذا المجال، إذ بات التعامل مع أجهزة الشطرنج الإلكترونية أو برامج الشطرنج الحاسوبية تحدياً كبيراً يتجاوز في بعض الأحيان كبار اللاعبين، وتكمن قوة الألعاب الإلكترونية والبرامج الحاسوبية في هذا المجال في إمكانية معالجة كم هائل من الاحتمالات واختيار الحلول المثلى تبعاً لمعايير محددة مشتقة من قوانين اللعبة وخبرة المحترفين سواء من اللاعبين أو المبرمجين، وذلك في وقت قصير تصعب مجاراته.
الألعاب التربوية والتعليمية
تسهم ألعاب المتعة والذكاء في التعلم، إلا أن الألعاب التربوية والتعليمية تهدف إلى التوازن بين اللعب والمتعة، وتنقل المعلومة للمستثمر بطريقة مسلية، وطيف هذه الألعاب عريض جداً يغطي جل المراحل الدراسية حتى الجامعات، فمن الألعاب البسيطة التي تعلم الطفل قراءة الأرقام والحروف وكتابتها، والألعاب الأكثر تعقيداً التي تعلمه تركيب الكلمات والجمل وتشكيلها والتعامل مع المسائل العلمية والحسابية، وهناك الألعاب والبرامج التي تهتم بالتثقيف العام ونقل المعلومات في مجالات عدة كالرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافية وتعليم اللغات وتعليم مبادئ الحاسوب وغيرها من العلوم.
وتشهد البرامج في هذا المجال تطورا ًوتوسعاً كبيرين باتا يستفيدان من الإمكانات الحاسوبية المتاحة باستخدام الوسائط المتعددة في العرض والتفاعل مع المستثمر في أثناء اللعب والتعلم، كما أنها تقدم إمكانية إجراء اختبارات لتقويم مستوى المتعلم وتزويده بإحصائيات غنية عن نتائجه في كل مرحلة من مراحل اللعب، ولذلك أصبح التعليم بالحاسوب ميسراً وبديلاً لمعظم تقنيات التعليم الشائعة.
وعلى الرغم من اعتماد معظم الألعاب الإلكترونية على اللغات الأجنبية، الإنكليزية تحديداً، فقد بدأت بعض الشركات تتطلع لأسواق أوسع لتصريف منتجاتها وتطرح ألعاباً بعدة لغات منها العربية، كما بدأت بعض الشركات العربية تطرح ألعاباً تعتمد اللغة العربية في التعامل، يمس أهمها تعليم اللغة العربية والتدرب على قواعدها النحوية والصرفية، ونظم الشعر بالاستعانة بالقواعد العروضية واختيار القوافي المناسبة.
ودخلت الألعاب التربوية والتعليمية إجمالاً في معظم البرامج التعليمية إما جزءاً من القواميس الإلكترونية مثل ألعاب الكلمات والحروف، أو بتخصيص فقرات وتمرينات لها بعد تعلم الحقائق والمفاهيم والمبادئ، وتستخدم هذه الألعاب للتأكد من التعلم وجعله أكثر جاذبية، والتدريب على المستويات العليا من التعلم والتفكير.
وقد صممت هذه الألعاب التعليمية، بحيث يشعر المتعلم بأنه يلعب، ولكن بقياس التعلم وجد أنه يتعلم الإبداع والابتكار ومستويات عليا من الأهداف التعليمية. ولذلك فإن التعلم الذي يتطلب التشويق يستخدم كثيراً من أنماط البرمجة التعليمية المنوعة والمسماة الألعاب التعليمية، أو ألعاب المحاكاة، ويسرت التطورات الجارية في الحاسوب وتوابعه وبرامجه تحسين البرامج التعليمية السابقة، وجعل التعليم أكثر تشويقاً، مما دفع كثيراً من المتعلمين الصغار والكبار إلى مواصلة التعلم بغض النظر عن المكان والزمان وعمر المتعلم.
مستقبل الألعاب الإلكترونية
ما تزال الألعاب الإلكترونية في تطور وتقدم مطردين، ويتبلور ذلك وفق منحيين متكاملين أولهما تطور الحواسيب الإلكترونية وتوابعها، إذ بات بمتناول الحواسيب العادية تخزين كم هائل من المعلومات وتحصيله ومعالجته بسرعات عالية مما يسمح باستخدام متزايد للصور والأصوات من جهة وتعقيد الألعاب باحتوائها على كم كبير من الاحتمالات التي لم يكن يتصور معالجتها من قبل من جهة أخرى، وتتناقص أثمان الأقراص المدمجة والأقراص الرقمية المتنوعة Digital Versatile Disk (DVD) التي يسرت الخزن الواسع للصور والتفاعل السريع والمستمر مع الوسائط المتعددة.
أما المنحى الثاني فيخص تطور البرمجيات، حيث ساعدت وسائل البرمجة الحديثة والخوارزميات المتطورة على تحقيق تنوع في الألعاب وتطوير إمكانات العرض والمعالجة، مما سمح بنقل كثير من الأفكار التي تتماشى مع الحياة المعاصرة إلى حيز الواقع بعد أن كانت حتى أمد قريب مستعصية على الحل، فظهرت ألعاب مبرمجة تسمح بمحاكاة واقع افتراضي virtual reality وتفاعل المستثمر مع هذا الواقع، كما تهيئ له استخدام عدد من حواسه كالبصر والسمع واللمس.
ويستمر تطور الألعاب الإلكترونية وفق فاعليتها في زيادة التشويق والتعليم والتعلم، وفي الوقت نفسه نقصت الكلفة والثمن مما جعل الألعاب الإلكترونية تحل محل كثير من الكتب المطبوعة.
معاذ الحمصي
Electronic Games - Jeux électroniques
الألعاب الإلكترونية
تعد الألعاب الإلكترونية electronic games من أهم الظواهر التي رافقت ظهور الحاسوب [ر] وتطوره، وهي في المفهوم المعلوماتي برمجيات تحاكي واقعاً حقيقياً أو افتراضياً بالاعتماد على إمكانات الحاسوب في التعامل مع الوسائل المتنوعة multi media وعرض الصور وتحريكها وإصدار الصوت، أما في المفهوم الاجتماعي فهي تفاعل بين الإنسان والآلة للإفادة من إمكاناتها في التعليم [ر] والتسلية والترفيه، ومن الناحية العملية تمثل الألعاب الإلكترونية أداة تحد لقدرات المستثمر إذ تضعه أمام صعوبات وعقبات تتدرج من البساطة إلى التعقيد، ومن البطء إلى السرعة، وأداة تطوير لثقافته وقدراته إذ تشد انتباهه وتنقل إليه المعلومة بيسر ومتعة.
منذ نشوء الدارات المنطقية والإلكترونية الذكية وظهور لغات البرمجة البدائية سارع المهتمون في هذا المجال إلى تطوير الألعاب الإلكترونية التي سرعان ما شدت الانتباه ولاقت قبولاً ونجاحاً لدى معظم فئات المجتمع، مما دفع المبرمجين والشركات إلى بذل كثير من الجهد في تطوير كل من الأجهزة والبرامج الخاصة بها حتى باتت هذه الألعاب وسيلة بمتناول الجميع تفيد في الترفيه والتعليم.
تاريخ الألعاب الإلكترونية
ترجع بداية الألعاب الإلكترونية إلى عام 1953 عندما تمكن بعض المختصين من إظهار «قملة» على شاشة كبيرة من المصابيح وتحريكها باستخدام حاسوب ضخم بلغت كلفته حينذاك ملايين الدولارات، تلتها بعد ذلك محاكاة مبسطة لألعاب مثل الضامة والشطرنج.
وفي عام 1960 لاقت لعبة حرب الفضاء space-War التي صممها ثلاثة طلاب من معهد مساشوستس التقني MIT نجاحاً جعل الشركات المنتجة تقدمها هدية قيمة مع الحاسوب، وفي هذه الأثناء صمم رالف باير Ralf Baer أول جهاز بيتي لألعاب الفيديو أسماه مانيافوكس أوديسي Magnavox Odyssey وكان يحوي ثلاثة عشر لعبة محملة على ستة أشرطة.
وأمام هذا النجاح سارع كل من ستيف جوبس Steve Jobs وستيف فوزنياك Steve Wazniak، إلى طرح لعبة «تهديم الجدار» Breakout، وتمثل جداراً من قطع الآجر في أعلى الشاشة يجب هدمه بكرة ومضرب أفقي متوضع في أسفل الشاشة، وقد لاقت هذه اللعبة إقبالاً كبيراً ونجاحاً باهراً.
وتعددت الشركات التي بدأت تستثمر في تطوير ألعاب متنوعة جديدة وطرحها، فحققت أرباحاً كبيرة سمحت لها شيئاً فشيئاً بتطوير الأجهزة الإلكترونية والحواسيب، فلم تعد ألعاب الفيديو حصراً على طبقات معينة من المجتمع، وساعد على شعبيتها ظهور ألعاب ممتعة تركت أثراً حتى اليوم، مثل لعبة باك مان (كرة صفراء تلتهم الأهداف وتهرب من الكرات المعادية) ولعبة غزاة الفضاء Space Invaders الشهيرة.
وتسارع تطوير الأجهزة والألعاب المتنوعة وتسويقها ووصلت في عام 1982 إلى قمة مبيعاتها، ليبدأ بعد ذلك التراجع الذي أسهم فيه إلى حد بعيد ظهور الحواسيب المخصصة للألعاب، حتى باتت مبيعات أجهزة ألعاب الفيديو في العام 1985 أقل منها بثلاثين مرة من مبيعات عام 1982، في حين لم يستطع الحاسوب الشخصي لدى ظهوره عام 1980 منافسة أجهزة الألعاب بسبب عمليات التعامل المعقدة التي كانت مستخدمة في ذلك الحين.
ومع تزايد الحاجة إلى أجهزة يسهل استخدامها والتعامل معها، طرحت شركة يابانية جهاز ألعاب بمواصفات بيانية ورسومية عالية الدقة تعتمد فكرة الألعاب فيه على مغامرات عامل تمديدات صحية اسمه ماريو Mario همه البحث عن أميرته. وحقق هذا الجهاز شهرة واسعة ومبيعات خيالية، حتى تجاوزت مبيعات أشرطة الألعاب عليه الخمسين مليون شريط، مما دفع شركة يابانية أخرى في عام 1968، لطرح منتج شبيه به يعتمد شخصية قنفذ سريع اسمه سونيك Sonic يبحث عن أميرته «القنفذة».
وطورت الشركات عدة ألعاب على أجهزتها محققة مبيعات تجاوزت كل التوقعات، وكان من هذه الألعاب على سبيل المثال سباق موناكو للسيارات ولعبة زيلدا أو مقاتل الشوارع.
وتطورت الحواسب الشخصية في عام 1988 إذ ظهرت المعالجات 386 و486، وسرعان ما استعيض عن نبضات الصوت ببطاقات الصوت، كما سمح ظهور برنامج النوافذ Windows 3-11 في عام 1990 بتفاعل مبسط مع الحاسوب بات بمتناول الكثيرين، فغدت الألعاب أكثر متعة وسميت ألعاب المحاكاة مثل محاكاة الطيران، ومحاكاة ألعاب التفكير وألعاب الشطرنج.
وفي عام 1993 ظهرت معالجات البنتيوم وقارئات الأقراص المدمجة CD-ROM وطرحت شركة مايكروسوفت برنامج النوافذ Window 95 مما جعل من الحاسوب الشخصي أداة قوية لتطوير ألعاب تعتمد على الوسائط المتعددة في الإفادة من الصور والرسوم والأصوات، فغدت إمكاناتها أكبر وباتت أكثر قرباً من الواقع.
ومع تطور الحاسوب الشخصي بات تراجع أجهزة ألعاب الفيديو سريعاً لدرجة جعلت بعضهم يصرح بأن نهاية هذه الأجهزة أصبحت وشيكة، وأخذت الشركات الكبيرة تتخلى واحدة تلو الأخرى عن برامجها التطويرية في هذا المجال، إلا أنه في عام 1995 طرحت شركة يابانية عملاقة جهاز محطة الألعاب Play Station المزود بمكتبة واسعة من الألعاب بإمكانات عالية من حيث الصوت والصورة والسرعة، وسرعان ما حذت حذوها شركات يابانية أخرى مما بعث من جديد السباق على تطوير أجهزة الألعاب وبرامجها وتسويقها. وظهرت ألعاب إلكترونية مستقلة عن الحاسوب، أو متصلة به يتحكم بها المتعلم وفق أوامره ضمن برامج الذكاء الصنعي، والروبوت (الإنسان الآلة)، التي تقلد أعمال الإنسان في حياته اليومية، مما أكسب هذه الأجهزة والألعاب الملحقة بها تنوعاً واسعاً في التقنيات، وسمح بإشغال حواس عدة كالبصر والسمع واللمس بإتقان أكثر.
تصنيف الألعاب الإلكترونية
يمكن تصنيف الألعاب الإلكترونية من حيث الهدف منها وشريحة مستثمريها تحت ثلاثة أنواع رئيسة:
ألعاب المتعة والإثارة
وهي تهدف عموماً للتسلية وشغل الفراغ، وتعتمد أساساً على تفاعل المستثمر مع اللعبة في أوضاع وحالات تبدأ بمستويات بسيطة يسهل التعامل معها لتصبح معقدة وسريعة غالباً ما تتجاوز سقف قدرات المستثمر مهما أتقن تدريبه. وتتميز هذه الألعاب بأنها مثيرة وجذابة وتشد الانتباه لكثرة تتالي المواقف فيها واستخدامها للصور والأصوات القريبة من الواقع، وهي بهذا تستهوي كثيراً من الصغار والشبان الذين يؤلفون الشريحة العريضة من مستثمريها أو تسبب لهم إدمان اللعب بها. ويستخدم اللاعب أدوات إلكترونية تابعة تمكنه من رؤية البعد الثالث، أو الاستفادة من حواس أخرى غير السمع والبصر مثل اللمس والشم، إلا أن جاذبيتها وإثارتها تتلاشى مع الزمن أمام الملل الذي يسببه التكرار فيها. ويندرج تحت هذا النوع طيف واسع من ألعاب سباق السيارات والدراجات النارية وألعاب القتال ومحاكاة المعارك والحروب وغزو الفضاء.
تعتمد هذه الألعاب على المحاكمات المنطقية في اتخاذ القرار، وتتطلب إعمال الفكر للتعامل معها، ولعل الشطرنج من أشهر الألعاب في هذا المجال، إذ بات التعامل مع أجهزة الشطرنج الإلكترونية أو برامج الشطرنج الحاسوبية تحدياً كبيراً يتجاوز في بعض الأحيان كبار اللاعبين، وتكمن قوة الألعاب الإلكترونية والبرامج الحاسوبية في هذا المجال في إمكانية معالجة كم هائل من الاحتمالات واختيار الحلول المثلى تبعاً لمعايير محددة مشتقة من قوانين اللعبة وخبرة المحترفين سواء من اللاعبين أو المبرمجين، وذلك في وقت قصير تصعب مجاراته.
الألعاب التربوية والتعليمية
تسهم ألعاب المتعة والذكاء في التعلم، إلا أن الألعاب التربوية والتعليمية تهدف إلى التوازن بين اللعب والمتعة، وتنقل المعلومة للمستثمر بطريقة مسلية، وطيف هذه الألعاب عريض جداً يغطي جل المراحل الدراسية حتى الجامعات، فمن الألعاب البسيطة التي تعلم الطفل قراءة الأرقام والحروف وكتابتها، والألعاب الأكثر تعقيداً التي تعلمه تركيب الكلمات والجمل وتشكيلها والتعامل مع المسائل العلمية والحسابية، وهناك الألعاب والبرامج التي تهتم بالتثقيف العام ونقل المعلومات في مجالات عدة كالرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافية وتعليم اللغات وتعليم مبادئ الحاسوب وغيرها من العلوم.
وتشهد البرامج في هذا المجال تطورا ًوتوسعاً كبيرين باتا يستفيدان من الإمكانات الحاسوبية المتاحة باستخدام الوسائط المتعددة في العرض والتفاعل مع المستثمر في أثناء اللعب والتعلم، كما أنها تقدم إمكانية إجراء اختبارات لتقويم مستوى المتعلم وتزويده بإحصائيات غنية عن نتائجه في كل مرحلة من مراحل اللعب، ولذلك أصبح التعليم بالحاسوب ميسراً وبديلاً لمعظم تقنيات التعليم الشائعة.
وعلى الرغم من اعتماد معظم الألعاب الإلكترونية على اللغات الأجنبية، الإنكليزية تحديداً، فقد بدأت بعض الشركات تتطلع لأسواق أوسع لتصريف منتجاتها وتطرح ألعاباً بعدة لغات منها العربية، كما بدأت بعض الشركات العربية تطرح ألعاباً تعتمد اللغة العربية في التعامل، يمس أهمها تعليم اللغة العربية والتدرب على قواعدها النحوية والصرفية، ونظم الشعر بالاستعانة بالقواعد العروضية واختيار القوافي المناسبة.
ودخلت الألعاب التربوية والتعليمية إجمالاً في معظم البرامج التعليمية إما جزءاً من القواميس الإلكترونية مثل ألعاب الكلمات والحروف، أو بتخصيص فقرات وتمرينات لها بعد تعلم الحقائق والمفاهيم والمبادئ، وتستخدم هذه الألعاب للتأكد من التعلم وجعله أكثر جاذبية، والتدريب على المستويات العليا من التعلم والتفكير.
وقد صممت هذه الألعاب التعليمية، بحيث يشعر المتعلم بأنه يلعب، ولكن بقياس التعلم وجد أنه يتعلم الإبداع والابتكار ومستويات عليا من الأهداف التعليمية. ولذلك فإن التعلم الذي يتطلب التشويق يستخدم كثيراً من أنماط البرمجة التعليمية المنوعة والمسماة الألعاب التعليمية، أو ألعاب المحاكاة، ويسرت التطورات الجارية في الحاسوب وتوابعه وبرامجه تحسين البرامج التعليمية السابقة، وجعل التعليم أكثر تشويقاً، مما دفع كثيراً من المتعلمين الصغار والكبار إلى مواصلة التعلم بغض النظر عن المكان والزمان وعمر المتعلم.
مستقبل الألعاب الإلكترونية
ما تزال الألعاب الإلكترونية في تطور وتقدم مطردين، ويتبلور ذلك وفق منحيين متكاملين أولهما تطور الحواسيب الإلكترونية وتوابعها، إذ بات بمتناول الحواسيب العادية تخزين كم هائل من المعلومات وتحصيله ومعالجته بسرعات عالية مما يسمح باستخدام متزايد للصور والأصوات من جهة وتعقيد الألعاب باحتوائها على كم كبير من الاحتمالات التي لم يكن يتصور معالجتها من قبل من جهة أخرى، وتتناقص أثمان الأقراص المدمجة والأقراص الرقمية المتنوعة Digital Versatile Disk (DVD) التي يسرت الخزن الواسع للصور والتفاعل السريع والمستمر مع الوسائط المتعددة.
أما المنحى الثاني فيخص تطور البرمجيات، حيث ساعدت وسائل البرمجة الحديثة والخوارزميات المتطورة على تحقيق تنوع في الألعاب وتطوير إمكانات العرض والمعالجة، مما سمح بنقل كثير من الأفكار التي تتماشى مع الحياة المعاصرة إلى حيز الواقع بعد أن كانت حتى أمد قريب مستعصية على الحل، فظهرت ألعاب مبرمجة تسمح بمحاكاة واقع افتراضي virtual reality وتفاعل المستثمر مع هذا الواقع، كما تهيئ له استخدام عدد من حواسه كالبصر والسمع واللمس.
ويستمر تطور الألعاب الإلكترونية وفق فاعليتها في زيادة التشويق والتعليم والتعلم، وفي الوقت نفسه نقصت الكلفة والثمن مما جعل الألعاب الإلكترونية تحل محل كثير من الكتب المطبوعة.
معاذ الحمصي