الوحشية
في الوقت الذي انحل فيه تماسك فئة الأنبياء حيث راح كل منهم يسلك ، على الصعيد الجمالي طريقاً تبعده أكثر فأكثر عن رفاقه ، كانت ركة أخرى على وشك الظهور ، لم يكن طابعها المميز الاعتدال بل على العكس كان روادها يتذوقون اللون الصافي المشرق ، وفي صالة الخريف في عام ۱۹۰٥ عبر بعضهم عن هذا الاتجاه الجديد بصراحة واندفاع بالغين إلى درجة أن الناقد الفني « لوي فوكسل : Vauxcelles شبههم بوحوش تزأر . وقد أثير هذا التشبيه من جراء تجمع أعمال الفنانين الآتية أسماؤهم في نفس القاعة ماتيس ( Louis Friesz فرییش » کاموان ) Valtat Manguin ، ماركيه Marquet ، جان بوي Jean puy ، فالتات » الخ . واذا اضفنا الى هؤلاء أعمال دوفي » و « براك والهولاندي فان دونغن » نكون قد ذكرنا تقريبا الفنانين الذين تدين لهم الوحشية بوجهها وبحيويتها . جميع Matisse ، فلامينك laminck ، دوران » Derain ، Camoin ، مانغان أن ماتيس هل نحن أمام فئة منسجمة ؟ قطعاً لا . فعلى الرغم من أ و ( ماركيه ) و « کاموان » و « مانغان » تلامذة قدامى في مرسم
( غوستاف مورو ) Gustave Moreeu وتجمعهم رابطة الصداقة ، الا أن مشاغلهم مختلفة وبحوثهم لا تتسم بنفس الجرأة . ولا يكفي أيضاً أن يسكن دوران » و « فلامينك » في بلدة « شاتو » بمقاطعة السين والواز ، وأن يصورا غالبا جنبا الى جنب ، حتى نستطيع أن نجد ملامح كثيرة مشتركة في أعمالهما على أن أكبر اختلاف يوجد بين ماتيس فلامينك ، اذ لا يتبعان فقط أهدافاً مختلفة بل أن طبيعتيهما بالذات متناقضتان . فبقدر ما يظهر الأول منهما متبصراً ، يبدو الثاني تلقائياً وقليل الأناة ، لا يحب ( فلامينك ) اللون الصافي الا لقوته الانفجارية التي تسمح له بالمجاهرة ببغضه للتقاليد وبثورته ضد عادات المدرسة ، كما أنها بالنسبة اليه وسيلة للتعبير بالشكل المباشر عن اضطرابات روحه المغرمة بالحرية والمعادية بشغف لكل حقيقة غير تلك التي يدين بها، وعلى العكس یری » ماتيس » في اللون مجموعة من الامكانات التصويرية اختبرت قليلاً ، ونذر نفسه هو لسبر غورها .
لقد تأثر « فلامينك » في اتجاهاته بـ « فان غوغ و كان زار معرضا له في عام ۱۹۰۱ وتأثر به الى حد أنه كتب فيما بعد ذلك اليوم أحببت ( فان غوغ» اكثر من أبي ) . على أنه اذا ماتبنى في عام ١٩٠٤ ألوان ( معلم آرل ) ( فان غوغ ) المشرقة فقد عبر بشدة أكثر من تلك التي عبر بها هذا الأخير. فهو يكدس ألواناً أشد عنفاً ويجعلها أكثر . ومن هنا تنشأ مظاهر حادة وتنافرات تجنبها فان غوغ وعبر بها ( فلامينك ) عما في نفسه من شراسة ومن شغب ومن سوقية يعبر عن ذلك باستخدامه لمسة عريضة وقاسية وهذا النمط يؤدي الى ارتجاج في الشكل يجب الاشارة الى أهميته والى حدوده . وبالفعل لا يذهب « فلامينك » الى أبعد من هذا الارتجاج ولا يبذل جهده لكشف شكل جديد ولذا لم يتطور تصويره قط في عصر الوحشية ، وحين شرع في التطور كان ذلك في سبيل التوقف عن كونه وحشياً .
على كل حال فرغبته في اطلاق العنان لشاعريته العنيفة أدت بين عام ١٩٠٤ و ۱۹۰۷ الى تنفيذ لوحات يشترك فيها رسم مختصر قاس وأحياناً ركيك مع لون لماع . ولا تتجلى الناحية الثورية التعبيرية للوحشية في أي مكان كما تتجلى فيما صنعه من صور للاشخاص ووجوه ومناظر طبيعية . وعلى الرغم من أن هذه الأخيرة قد أوحاها له ريف باريس وبصورة خاصة منطقة ( شاتو ) فهو يطبعها بكل طيبة خاطر باندفاع بركان .
وماتيس ، هو أيضاً يميل للألوان المشرقة ، ولكنه لا يعتقد أن تكديس الألوان يكفي لولادة لغة جديدة. ويهدف إلى ايجاد اسلوب ينقل به معطيات العالم الخارجي والمشاعر التي تثيرها بالتخلي عن كل الشروط التي أدخلت في عصر النهضة ألا التجسيم ، والتظليل ، والمنظورات الخطية والهوائية . ولا شك أن الطريق في هذا المجال قد مهدها « غوغان » و « فان غوغ » و « سيزان » . ولا يجهل « ماتيس ذلك وهو يعترف باعجابه بهؤلاء الفنانين كما أنه يقر بأنه مدين للرسم الياباني وللمنمنمات وهي الفارسية .
لقد أغراه اللون النقي منذ عام ۱۸۹۹ ولم يشغله تماماً الا بدءاً من عام وحمسه الانطباعيان الجديدان سينياك وا كروس ( Cross وكان يصور إلى جانبهما ، خلال تلك السنة في مدينة سان تروبيز حمساه ليتبنى أسلوبهما في فصل تدرج الألوان ووضعهما بلمسات خفيفة. وهل أقتصر هو أيضاً مثلهما على التعبير عن الظواهر الضوئية ؟ على كل حال يهتم ( ماتيس ) بتنمية انارة لوحته وبتحرير اللون أكثر من انصرافه إلى نقل علمي للنور ، وتشهد بذلك بوضوح لوحته الكبيرة ( التنقيطية ( ١٩٠٤ - ١٩٠٥ المسماة و ترف - هدوء - وشهوة ) ( لوكس - كالم - فولوبته) ، وتظهر اللوحة المذكورة بنفس الوقت القيمة التي يعطيها للرقش العربي الآرابسك وللتوازن في التأليف : فهو يضع العراة على الشاطئ بطريقة تجعل أشكالهم أشكال المنظر الطبيعي .
و اقامته الجديدة في جنوب فرنسا في عام ١٩٠٥ في بلدة «كيوليور» تكسبه التحرر الكامل. ومنذ ذلك الوقت ، يزداد استقلال الألوان على حساب الموضوع ، وتتسع النقاط لتشكل بقعاً وسطوحاً . وبنفس الوقت تزيد الانغام اشراقاً وتصبح رناتها أغنى وأندر وينصرف مائيس خلال فترة من الزمن بلذة بالغة إلى تمجيد اللون ، بحيث يكتفي باعطاء الشكل مظهر رسم أولي . ولكنه لا يلبث أن يتراجع وقبل نهاية عام ١٩٠٥ ، يصبح تعبيره من جديد أقل مباشرة وشكله أكثر تأكيداً . وكما صرح فيما بعد في مقال نشره عام ۱۹۰۸ في مجلة لاغراند روفو » انه لن يكتفي من الآن فصاعداً بتسجيل مشاعر نضرة وسطحية » بيد انه يريد « أن يصل إلى هذه الحالة، حالة تكثيف المشاعر التي تصنع اللوحة . الجملة توجز مفهومه للجمال طوال مدة انتاجه .
ولبلوغ هذا الهدف ، شرع ( ماتيس ) منذ عام ١٩٠٥ ، يستخدم وسائل مختلفة وأحياناً متضادة تارة يوحي الشكل بتضاد بين الألوان الدافئة والباردة ، وطورا يحده بخط ملون ، لأنه مهما كان للخط من أهمية فان اللون يبقى ظاهراً. واذا ما وجدنا اللون مستعملاً في الظلال ، فإن هذا طبيعي منذ وجود الأنطباعيين. وما هو جديد هو أن لا يقتصر الظل على الأزرق والأخضر أو البنفسجي بل باستطاعته أن يكون وردياً أو برتقالياً أو أحمر ، بتعبير آخر ، يبرهن ماتيس » في اختيار الألوان على حرية لم يعرفها لا فان غوغ » ولا « غوغان » .
علاوة على ذلك ، يقدم لنا ( ماتيس ) من حين لآخر إلى جانب اللوحات التي يظهر فيها الاشراق تشكيلات فيها ايقاعات صماء ودقيقة. دائماً وأبداً إلى التنويع في توافقاته وإلى جعل مذاقها أكثر مباغتة وأكثر نشوة . وينوع أيضاً شكلها فاذا ما وضع اللون على شكل بقع أو في مجالات لاحدود واضحة لها ، يصبح عمل الريشة ظاهرياً ، في حين أن السطوح المحاطة باطار دقيق تكون متدرجة عادة بألوان خفيفة . وقد يعالج الموضوع الواحد بالاسلوبين المذكورين ( لوحة ) البحار الصغير في عام ۱۹۰٦ مثلا ، ولوحة ( الترف » لعام ١٩٠٧ ) كما لو كان شعر بالحاجة إلى قياس قيمة كل منهما بشكل دقيق . كل ذلك يحمل على الاعتقاد أنه مأخوذ بالاسلوب الثاني أكثر من الأول . صفاء اللون إلى وضوح الخط . بيد أنه يحوي خطر الخروج عن التبسيط في التصوير. وينحرف «ماتيس» عنه من جديد ليعود دائماً اليه بعد أن يكون قد داعب الطبيعة بشغف . وبالفعل مهما تمكن من الابتعاد بشكل جذري عن الطبيعة في المظاهر التي يعطيها للوحاته فانه لا يزدريها قط ولا يتنكر لها أبداً. فهي تبقى دائماً نقطة انطلاقه ومعينه وهي أيضاً مرشدته في بعض الأحيان. وبالنسبة اليه « هؤلاء الذين يتبعون اسلوب الانحياز ويبتعدون عمداً عن الطبيعة ، هم إلى جانب الحقيقة »
في الوقت الذي انحل فيه تماسك فئة الأنبياء حيث راح كل منهم يسلك ، على الصعيد الجمالي طريقاً تبعده أكثر فأكثر عن رفاقه ، كانت ركة أخرى على وشك الظهور ، لم يكن طابعها المميز الاعتدال بل على العكس كان روادها يتذوقون اللون الصافي المشرق ، وفي صالة الخريف في عام ۱۹۰٥ عبر بعضهم عن هذا الاتجاه الجديد بصراحة واندفاع بالغين إلى درجة أن الناقد الفني « لوي فوكسل : Vauxcelles شبههم بوحوش تزأر . وقد أثير هذا التشبيه من جراء تجمع أعمال الفنانين الآتية أسماؤهم في نفس القاعة ماتيس ( Louis Friesz فرییش » کاموان ) Valtat Manguin ، ماركيه Marquet ، جان بوي Jean puy ، فالتات » الخ . واذا اضفنا الى هؤلاء أعمال دوفي » و « براك والهولاندي فان دونغن » نكون قد ذكرنا تقريبا الفنانين الذين تدين لهم الوحشية بوجهها وبحيويتها . جميع Matisse ، فلامينك laminck ، دوران » Derain ، Camoin ، مانغان أن ماتيس هل نحن أمام فئة منسجمة ؟ قطعاً لا . فعلى الرغم من أ و ( ماركيه ) و « کاموان » و « مانغان » تلامذة قدامى في مرسم
( غوستاف مورو ) Gustave Moreeu وتجمعهم رابطة الصداقة ، الا أن مشاغلهم مختلفة وبحوثهم لا تتسم بنفس الجرأة . ولا يكفي أيضاً أن يسكن دوران » و « فلامينك » في بلدة « شاتو » بمقاطعة السين والواز ، وأن يصورا غالبا جنبا الى جنب ، حتى نستطيع أن نجد ملامح كثيرة مشتركة في أعمالهما على أن أكبر اختلاف يوجد بين ماتيس فلامينك ، اذ لا يتبعان فقط أهدافاً مختلفة بل أن طبيعتيهما بالذات متناقضتان . فبقدر ما يظهر الأول منهما متبصراً ، يبدو الثاني تلقائياً وقليل الأناة ، لا يحب ( فلامينك ) اللون الصافي الا لقوته الانفجارية التي تسمح له بالمجاهرة ببغضه للتقاليد وبثورته ضد عادات المدرسة ، كما أنها بالنسبة اليه وسيلة للتعبير بالشكل المباشر عن اضطرابات روحه المغرمة بالحرية والمعادية بشغف لكل حقيقة غير تلك التي يدين بها، وعلى العكس یری » ماتيس » في اللون مجموعة من الامكانات التصويرية اختبرت قليلاً ، ونذر نفسه هو لسبر غورها .
لقد تأثر « فلامينك » في اتجاهاته بـ « فان غوغ و كان زار معرضا له في عام ۱۹۰۱ وتأثر به الى حد أنه كتب فيما بعد ذلك اليوم أحببت ( فان غوغ» اكثر من أبي ) . على أنه اذا ماتبنى في عام ١٩٠٤ ألوان ( معلم آرل ) ( فان غوغ ) المشرقة فقد عبر بشدة أكثر من تلك التي عبر بها هذا الأخير. فهو يكدس ألواناً أشد عنفاً ويجعلها أكثر . ومن هنا تنشأ مظاهر حادة وتنافرات تجنبها فان غوغ وعبر بها ( فلامينك ) عما في نفسه من شراسة ومن شغب ومن سوقية يعبر عن ذلك باستخدامه لمسة عريضة وقاسية وهذا النمط يؤدي الى ارتجاج في الشكل يجب الاشارة الى أهميته والى حدوده . وبالفعل لا يذهب « فلامينك » الى أبعد من هذا الارتجاج ولا يبذل جهده لكشف شكل جديد ولذا لم يتطور تصويره قط في عصر الوحشية ، وحين شرع في التطور كان ذلك في سبيل التوقف عن كونه وحشياً .
على كل حال فرغبته في اطلاق العنان لشاعريته العنيفة أدت بين عام ١٩٠٤ و ۱۹۰۷ الى تنفيذ لوحات يشترك فيها رسم مختصر قاس وأحياناً ركيك مع لون لماع . ولا تتجلى الناحية الثورية التعبيرية للوحشية في أي مكان كما تتجلى فيما صنعه من صور للاشخاص ووجوه ومناظر طبيعية . وعلى الرغم من أن هذه الأخيرة قد أوحاها له ريف باريس وبصورة خاصة منطقة ( شاتو ) فهو يطبعها بكل طيبة خاطر باندفاع بركان .
وماتيس ، هو أيضاً يميل للألوان المشرقة ، ولكنه لا يعتقد أن تكديس الألوان يكفي لولادة لغة جديدة. ويهدف إلى ايجاد اسلوب ينقل به معطيات العالم الخارجي والمشاعر التي تثيرها بالتخلي عن كل الشروط التي أدخلت في عصر النهضة ألا التجسيم ، والتظليل ، والمنظورات الخطية والهوائية . ولا شك أن الطريق في هذا المجال قد مهدها « غوغان » و « فان غوغ » و « سيزان » . ولا يجهل « ماتيس ذلك وهو يعترف باعجابه بهؤلاء الفنانين كما أنه يقر بأنه مدين للرسم الياباني وللمنمنمات وهي الفارسية .
لقد أغراه اللون النقي منذ عام ۱۸۹۹ ولم يشغله تماماً الا بدءاً من عام وحمسه الانطباعيان الجديدان سينياك وا كروس ( Cross وكان يصور إلى جانبهما ، خلال تلك السنة في مدينة سان تروبيز حمساه ليتبنى أسلوبهما في فصل تدرج الألوان ووضعهما بلمسات خفيفة. وهل أقتصر هو أيضاً مثلهما على التعبير عن الظواهر الضوئية ؟ على كل حال يهتم ( ماتيس ) بتنمية انارة لوحته وبتحرير اللون أكثر من انصرافه إلى نقل علمي للنور ، وتشهد بذلك بوضوح لوحته الكبيرة ( التنقيطية ( ١٩٠٤ - ١٩٠٥ المسماة و ترف - هدوء - وشهوة ) ( لوكس - كالم - فولوبته) ، وتظهر اللوحة المذكورة بنفس الوقت القيمة التي يعطيها للرقش العربي الآرابسك وللتوازن في التأليف : فهو يضع العراة على الشاطئ بطريقة تجعل أشكالهم أشكال المنظر الطبيعي .
و اقامته الجديدة في جنوب فرنسا في عام ١٩٠٥ في بلدة «كيوليور» تكسبه التحرر الكامل. ومنذ ذلك الوقت ، يزداد استقلال الألوان على حساب الموضوع ، وتتسع النقاط لتشكل بقعاً وسطوحاً . وبنفس الوقت تزيد الانغام اشراقاً وتصبح رناتها أغنى وأندر وينصرف مائيس خلال فترة من الزمن بلذة بالغة إلى تمجيد اللون ، بحيث يكتفي باعطاء الشكل مظهر رسم أولي . ولكنه لا يلبث أن يتراجع وقبل نهاية عام ١٩٠٥ ، يصبح تعبيره من جديد أقل مباشرة وشكله أكثر تأكيداً . وكما صرح فيما بعد في مقال نشره عام ۱۹۰۸ في مجلة لاغراند روفو » انه لن يكتفي من الآن فصاعداً بتسجيل مشاعر نضرة وسطحية » بيد انه يريد « أن يصل إلى هذه الحالة، حالة تكثيف المشاعر التي تصنع اللوحة . الجملة توجز مفهومه للجمال طوال مدة انتاجه .
ولبلوغ هذا الهدف ، شرع ( ماتيس ) منذ عام ١٩٠٥ ، يستخدم وسائل مختلفة وأحياناً متضادة تارة يوحي الشكل بتضاد بين الألوان الدافئة والباردة ، وطورا يحده بخط ملون ، لأنه مهما كان للخط من أهمية فان اللون يبقى ظاهراً. واذا ما وجدنا اللون مستعملاً في الظلال ، فإن هذا طبيعي منذ وجود الأنطباعيين. وما هو جديد هو أن لا يقتصر الظل على الأزرق والأخضر أو البنفسجي بل باستطاعته أن يكون وردياً أو برتقالياً أو أحمر ، بتعبير آخر ، يبرهن ماتيس » في اختيار الألوان على حرية لم يعرفها لا فان غوغ » ولا « غوغان » .
علاوة على ذلك ، يقدم لنا ( ماتيس ) من حين لآخر إلى جانب اللوحات التي يظهر فيها الاشراق تشكيلات فيها ايقاعات صماء ودقيقة. دائماً وأبداً إلى التنويع في توافقاته وإلى جعل مذاقها أكثر مباغتة وأكثر نشوة . وينوع أيضاً شكلها فاذا ما وضع اللون على شكل بقع أو في مجالات لاحدود واضحة لها ، يصبح عمل الريشة ظاهرياً ، في حين أن السطوح المحاطة باطار دقيق تكون متدرجة عادة بألوان خفيفة . وقد يعالج الموضوع الواحد بالاسلوبين المذكورين ( لوحة ) البحار الصغير في عام ۱۹۰٦ مثلا ، ولوحة ( الترف » لعام ١٩٠٧ ) كما لو كان شعر بالحاجة إلى قياس قيمة كل منهما بشكل دقيق . كل ذلك يحمل على الاعتقاد أنه مأخوذ بالاسلوب الثاني أكثر من الأول . صفاء اللون إلى وضوح الخط . بيد أنه يحوي خطر الخروج عن التبسيط في التصوير. وينحرف «ماتيس» عنه من جديد ليعود دائماً اليه بعد أن يكون قد داعب الطبيعة بشغف . وبالفعل مهما تمكن من الابتعاد بشكل جذري عن الطبيعة في المظاهر التي يعطيها للوحاته فانه لا يزدريها قط ولا يتنكر لها أبداً. فهي تبقى دائماً نقطة انطلاقه ومعينه وهي أيضاً مرشدته في بعض الأحيان. وبالنسبة اليه « هؤلاء الذين يتبعون اسلوب الانحياز ويبتعدون عمداً عن الطبيعة ، هم إلى جانب الحقيقة »
تعليق