امرؤ القيس
» ألا عم صباحاً أيها الطلل البالي
أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الطَلَلُ البالي
وَهَل يَعِمَن مَن كانَ في العُصُرِ الخالي
وَهَل يَعِمَن إِلّا سَعيدٌ مُخَلَّدٌ
قَليلُ الهُمومِ ما يَبيتُ بِأَوجالِ
وَهَل يَعِمَن مَن كانَ أَحدَثُ عَهدِهِ
ثَلاثينَ شَهراً في ثَلاثَةِ أَحوالِ
دِيارٌ لِسَلمى عافِياتٌ بِذي خالٍ
أَلَحَّ عَلَيها كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ
وَتَحسِبُ سَلمى لا تَزالُ تَرى طَلّاً
مِنَ الوَحشِ أَو بيضًا بِمَيثاءِ مِحلالِ
وَتَحسِبُ سَلمى لا نَزالُ كَعَهدِنا
بِوادي الخُزامى أَو عَلى رَسِ أَوعالِ
لَيالِيَ سَلمى إِذ تُريكَ مُنَصَّباً
وَجيداً كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِمِعطالِ
أَلا زَعَمَت بَسباسَةُ اليَومَ أَنَّني
كَبِرتُ وَأَن لا يُحسِنُ اللَهوَ أَمثالي
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ
وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي
وَيا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ وَلَيلَةٍ
بِآنِسَةٍ كَأَنَّها خَطُّ تِمثالِ
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِها
كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ
كَأَنَّ عَلى لَبّاتِها جَمرَ مُصطَلٍ
أَصابَ غَضاً جَزلاً وَكَفَّ بِأَجزالِ
وَهَبَّت لَهُ ريحٌ بِمُختَلَفِ الصَوا
صَباً وَشِمالٌ في مَنازِلِ قَفّالِ
وَمِثلُكِ بَيضاءَ العَوارِضِ طِفلَةٍ
لَعوبٍ تُنَسّيني إِذا قُمتُ سِربالي
إِذا ما الضَجيعُ اِبتَزَّها مِن ثِيابِها
تَميلُ عَلَيهِ هَونَةً غَيرَ مِجبالِ
كَحَقفِ النَقا يَمشي الوَليدانِ فَوقَهُ
بِما اِحتَسَبا مِن لينِ مَسٍّ وَتَسهالِ
لَطيفَةُ طَيِّ الكَشحِ غَيرُ مُفاضَةٍ
إِذا اِنفَلَتَت مُرتَجَّةً غَيرَ مِتفالِ
تَنَوَّرتُها مِن أَذرُعاتٍ وَأَهلُها
بِيَثرِبَ أَدنى دارَها نَظَرٌ عالِ
نَظَرتُ إِلَيها وَالنُجومُ كَأَنَّها
مَصابيحُ رُهبانٍ تَشُبُّ لِقَفّالِ
سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُها
سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ
فَقالَت سَباكَ اللَهُ إِنَّكَ فاضِحي
أَلَستَ تَرى السُمّارَ وَالناسَ أَحوالي
فَقُلتُ يَمينَ اللَهِ أَبرَحُ قاعِداً
وَلَو قَطَعوا رَأسي لَدَيكِ وَأَوصالي
حَلَفتُ لَها بِاللَهِ حِلفَةَ فاجِرٍ
لَناموا فَما إِن مِن حَديثٍ وَلا صالِ
فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت
هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ
وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُنا
وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ
فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُها
عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ
يَغُطُّ غَطيطَ البَكرِ شُدَّ خِناقُهُ
لِيَقتُلَني وَالمَرءُ لَيسَ بِقَتّالِ
أَيَقتُلُني وَالمَشرَفِيُّ مُضاجِعي
وَمَسنونَةٌ زُرقٌ كَأَنيابِ أَغوالِ
وَلَيسَ بِذي رُمحٍ فَيَطعَنُني بِهِ
وَلَيسَ بِذي سَيفٍ وَلَيسَ بِنَبّالِ
أَيَقتُلَني وَقَد شَغَفتُ فُؤادَها
كَما شَغَفَ المَهنوءَةَ الرَجُلُ الطالي
وَقَد عَلِمَت سَلمى وَإِن كانَ بَعلُها
بِأَنَّ الفَتى يَهذي وَلَيسَ بِفَعّالِ
وَماذا عَلَيهِ إِن ذَكَرتُ أَوانِساً
كَغِزلانِ رَملٍ في مَحاريبِ أَقيالِ
وَبَيتِ عَذارى يَومَ دَجنٍ وَلَجتُهُ
يَطُفنَ بِجَبّاءِ المَرافِقِ مِكسالِ
سِباطُ البَنانِ وَالعَرانينِ وَالقَنا
لِطافَ الخُصورِ في تَمامٍ وَإِكمالِ
نَواعِمُ يُتبِعنَ الهَوى سُبُلَ الرَدى
يَقُلنَ لِأَهلِ الحِلمِ ضُلَّ بِتِضلالِ
صَرَفتُ الهَوى عَنهُنَّ مِن خَشيَةِ الرَدى
وَلَستُ بِمُقليِّ الخِلالِ وَلا قالِ
كَأَنِّيَ لَم أَركَب جَواداً لِلَذَّةٍ
وَلَم أَتَبَطَّن كاعِباً ذاتَ خِلخالِ
وَلَم أَسبَإِ الزِقَّ الرَويَّ وَلَم أَقُل
لِخَيلِيَ كُرّي كَرَّةً بَعدَ إِجفالِ
وَلَم أَشهَدِ الخَيلَ المُغيرَةَ بِالضُحى
عَلى هَيكَلٍ عَبلِ الجُزارَةِ جَوّالِ
سَليمَ الشَظى عَبلَ الشَوى شَنَجَ النَسا
لَهُ حَجَباتٌ مُشرِفاتٌ عَلى الفالِ
وَصُمٌّ صِلابٌ ما يَقينَ مِنَ الوَجى
كَأَنَّ مَكانَ الرِدفِ مِنهُ عَلى رَألِ
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها
لِغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ رائِدُهُ خالِ
تَحاماهُ أَطرافُ الرِماحِ تَحامِياً
وَجادَ عَلَيهِ كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ
بِعَجلَزَةٍ قَد أَترَزَ الجَريُ لَحمَها
كَميتٍ كَأَنَّها هِراوَةُ مِنوالِ
ذَعَرتُ بِها سِرباً نَقِيّاً جُلودُهُ
وَأَكرُعُهُ وَشيُ البُرودِ مِنَ الخالِ
كَأَنَّ الصُوارَ إِذ تَجَهَّدَ عَدوُهُ
عَلى جَمَزى خَيلٍ تَجولُ بِأَجلالِ
فَجالَ الصُوارُ وَاِتَّقَينَ بِقَرهَبٍ
طَويلِ الفِرا وَالرَوقِ أَخنَسَ ذَيّالِ
فَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍ وَنَعجَةٍ
وَكانَ عِداءُ الوَحشِ مِنّي عَلى بالِ
كَأَنّي بِفَتخاءِ الجَناحَينِ لَقوَةٍ
صَيودٍ مِنَ العِقبانِ طَأطَأتُ شِملالي
تَخَطَّفُ خَزّانَ الشُرَيَّةِ بِالضُحى
وَقَد حَجَرَت مِنها ثَعالِبُ أَورالِ
كَأَنَّ قُلوبَ الطَيرِ رَطباً وَيابِساً
لَدى وَكرِها العُنّابُ وَالحَشَفُ البالي
فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ
كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ
وَلَكِنَّما أَسعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ
وَقَد يُدرِكُ المَجدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي
وَما المَرءُ ما دامَت حُشاشَةُ نَفسِهِ
بِمُدرِكِ أَطرافِ الخُطوبِ وَلا آلي
» ألا عم صباحاً أيها الطلل البالي
أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الطَلَلُ البالي
وَهَل يَعِمَن مَن كانَ في العُصُرِ الخالي
وَهَل يَعِمَن إِلّا سَعيدٌ مُخَلَّدٌ
قَليلُ الهُمومِ ما يَبيتُ بِأَوجالِ
وَهَل يَعِمَن مَن كانَ أَحدَثُ عَهدِهِ
ثَلاثينَ شَهراً في ثَلاثَةِ أَحوالِ
دِيارٌ لِسَلمى عافِياتٌ بِذي خالٍ
أَلَحَّ عَلَيها كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ
وَتَحسِبُ سَلمى لا تَزالُ تَرى طَلّاً
مِنَ الوَحشِ أَو بيضًا بِمَيثاءِ مِحلالِ
وَتَحسِبُ سَلمى لا نَزالُ كَعَهدِنا
بِوادي الخُزامى أَو عَلى رَسِ أَوعالِ
لَيالِيَ سَلمى إِذ تُريكَ مُنَصَّباً
وَجيداً كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِمِعطالِ
أَلا زَعَمَت بَسباسَةُ اليَومَ أَنَّني
كَبِرتُ وَأَن لا يُحسِنُ اللَهوَ أَمثالي
كَذَبتِ لَقَد أَصبى عَلى المَرءِ عِرسُهُ
وَأَمنَعُ عِرسي أَن يُزَنَّ بِها الخالي
وَيا رُبَّ يَومٍ قَد لَهَوتُ وَلَيلَةٍ
بِآنِسَةٍ كَأَنَّها خَطُّ تِمثالِ
يُضيءُ الفِراشُ وَجهَها لِضَجيعِها
كَمِصباحِ زَيتٍ في قَناديلِ ذَبّالِ
كَأَنَّ عَلى لَبّاتِها جَمرَ مُصطَلٍ
أَصابَ غَضاً جَزلاً وَكَفَّ بِأَجزالِ
وَهَبَّت لَهُ ريحٌ بِمُختَلَفِ الصَوا
صَباً وَشِمالٌ في مَنازِلِ قَفّالِ
وَمِثلُكِ بَيضاءَ العَوارِضِ طِفلَةٍ
لَعوبٍ تُنَسّيني إِذا قُمتُ سِربالي
إِذا ما الضَجيعُ اِبتَزَّها مِن ثِيابِها
تَميلُ عَلَيهِ هَونَةً غَيرَ مِجبالِ
كَحَقفِ النَقا يَمشي الوَليدانِ فَوقَهُ
بِما اِحتَسَبا مِن لينِ مَسٍّ وَتَسهالِ
لَطيفَةُ طَيِّ الكَشحِ غَيرُ مُفاضَةٍ
إِذا اِنفَلَتَت مُرتَجَّةً غَيرَ مِتفالِ
تَنَوَّرتُها مِن أَذرُعاتٍ وَأَهلُها
بِيَثرِبَ أَدنى دارَها نَظَرٌ عالِ
نَظَرتُ إِلَيها وَالنُجومُ كَأَنَّها
مَصابيحُ رُهبانٍ تَشُبُّ لِقَفّالِ
سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُها
سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ
فَقالَت سَباكَ اللَهُ إِنَّكَ فاضِحي
أَلَستَ تَرى السُمّارَ وَالناسَ أَحوالي
فَقُلتُ يَمينَ اللَهِ أَبرَحُ قاعِداً
وَلَو قَطَعوا رَأسي لَدَيكِ وَأَوصالي
حَلَفتُ لَها بِاللَهِ حِلفَةَ فاجِرٍ
لَناموا فَما إِن مِن حَديثٍ وَلا صالِ
فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت
هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ
وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُنا
وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ
فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُها
عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ
يَغُطُّ غَطيطَ البَكرِ شُدَّ خِناقُهُ
لِيَقتُلَني وَالمَرءُ لَيسَ بِقَتّالِ
أَيَقتُلُني وَالمَشرَفِيُّ مُضاجِعي
وَمَسنونَةٌ زُرقٌ كَأَنيابِ أَغوالِ
وَلَيسَ بِذي رُمحٍ فَيَطعَنُني بِهِ
وَلَيسَ بِذي سَيفٍ وَلَيسَ بِنَبّالِ
أَيَقتُلَني وَقَد شَغَفتُ فُؤادَها
كَما شَغَفَ المَهنوءَةَ الرَجُلُ الطالي
وَقَد عَلِمَت سَلمى وَإِن كانَ بَعلُها
بِأَنَّ الفَتى يَهذي وَلَيسَ بِفَعّالِ
وَماذا عَلَيهِ إِن ذَكَرتُ أَوانِساً
كَغِزلانِ رَملٍ في مَحاريبِ أَقيالِ
وَبَيتِ عَذارى يَومَ دَجنٍ وَلَجتُهُ
يَطُفنَ بِجَبّاءِ المَرافِقِ مِكسالِ
سِباطُ البَنانِ وَالعَرانينِ وَالقَنا
لِطافَ الخُصورِ في تَمامٍ وَإِكمالِ
نَواعِمُ يُتبِعنَ الهَوى سُبُلَ الرَدى
يَقُلنَ لِأَهلِ الحِلمِ ضُلَّ بِتِضلالِ
صَرَفتُ الهَوى عَنهُنَّ مِن خَشيَةِ الرَدى
وَلَستُ بِمُقليِّ الخِلالِ وَلا قالِ
كَأَنِّيَ لَم أَركَب جَواداً لِلَذَّةٍ
وَلَم أَتَبَطَّن كاعِباً ذاتَ خِلخالِ
وَلَم أَسبَإِ الزِقَّ الرَويَّ وَلَم أَقُل
لِخَيلِيَ كُرّي كَرَّةً بَعدَ إِجفالِ
وَلَم أَشهَدِ الخَيلَ المُغيرَةَ بِالضُحى
عَلى هَيكَلٍ عَبلِ الجُزارَةِ جَوّالِ
سَليمَ الشَظى عَبلَ الشَوى شَنَجَ النَسا
لَهُ حَجَباتٌ مُشرِفاتٌ عَلى الفالِ
وَصُمٌّ صِلابٌ ما يَقينَ مِنَ الوَجى
كَأَنَّ مَكانَ الرِدفِ مِنهُ عَلى رَألِ
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها
لِغَيثٍ مِنَ الوَسمِيِّ رائِدُهُ خالِ
تَحاماهُ أَطرافُ الرِماحِ تَحامِياً
وَجادَ عَلَيهِ كُلُّ أَسحَمَ هَطّالِ
بِعَجلَزَةٍ قَد أَترَزَ الجَريُ لَحمَها
كَميتٍ كَأَنَّها هِراوَةُ مِنوالِ
ذَعَرتُ بِها سِرباً نَقِيّاً جُلودُهُ
وَأَكرُعُهُ وَشيُ البُرودِ مِنَ الخالِ
كَأَنَّ الصُوارَ إِذ تَجَهَّدَ عَدوُهُ
عَلى جَمَزى خَيلٍ تَجولُ بِأَجلالِ
فَجالَ الصُوارُ وَاِتَّقَينَ بِقَرهَبٍ
طَويلِ الفِرا وَالرَوقِ أَخنَسَ ذَيّالِ
فَعادى عِداءً بَينَ ثَورٍ وَنَعجَةٍ
وَكانَ عِداءُ الوَحشِ مِنّي عَلى بالِ
كَأَنّي بِفَتخاءِ الجَناحَينِ لَقوَةٍ
صَيودٍ مِنَ العِقبانِ طَأطَأتُ شِملالي
تَخَطَّفُ خَزّانَ الشُرَيَّةِ بِالضُحى
وَقَد حَجَرَت مِنها ثَعالِبُ أَورالِ
كَأَنَّ قُلوبَ الطَيرِ رَطباً وَيابِساً
لَدى وَكرِها العُنّابُ وَالحَشَفُ البالي
فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ
كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ
وَلَكِنَّما أَسعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ
وَقَد يُدرِكُ المَجدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي
وَما المَرءُ ما دامَت حُشاشَةُ نَفسِهِ
بِمُدرِكِ أَطرافِ الخُطوبِ وَلا آلي