ثقافة التشاؤم والتطيّر عند العرب ثقافة التشاؤم والتطيّر عند العرب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثقافة التشاؤم والتطيّر عند العرب ثقافة التشاؤم والتطيّر عند العرب

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	IMG_٢٠٢٣٠٨٠٥_٢٠١٦٠٦.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	53.2 كيلوبايت  الهوية:	142134 فراس حمية
    تخبرنا كتب التراث الشعري عند العرب عن حالة تاريخية نافرة في التطير وهي حالة الشاعر ابن الرومي، الذي اقترب من الانغلاق. فكانت حياته مضطربة، وخضع للوهم والخوف بسبب ما أصابه من نكبات وويلات وحوادث مأسوية في حياته. فأصبح يتوقع السوء دوماً، ويعتقد أن الحياة وجود خاطئ. كان يتشاءم من الأسماء والأشخاص وغيرهما، ويشعر بأنه "منحوس" قليل الحظ.

    وفي إحدى قصائده يقول: "قرَبت رجلاً رغبةً في رغيبةٍ وأخرَت رجلاً رهبةً للمعاطب”. وينذر بيت الشعر بالتردد والخوف من الإقدام على عمل ما. فهو كان حالماً يخرج من منزله ويرى امرأة "غير محجبة" يعود أدراجه. وأمضى كل حياته متطيّراً متشائماً.

    وبحسب نبيل خوري، الاختصاصي في علم النفس العيادي، "التطير موروث شعبي بدأ قبل الأديان السماوية الثلاث. حين مضى البشر يتفاعلون مع الطبيعة، فكان هناك إله للحب وإله للمطر وإله للبرق، وإله للشمس والقمر، وإله للعشق وغيرها بحسب حاجات الإنسان آنذاك". وأضاف: "أصبح هناك نوع من الترابط بين هذه الموروثات وبين الديانات السماوية، وعملت الأديان على نفي العديد من هذه الموروثات وتحريمها وعلى تشريع بعضها".

    ومع تكرار هذا النوع من الثقافة الشعبية، أصبح هناك اقتران بين موقف تشاؤمي ما وخطر معين، وتوصف هذه الحالة بـ"العزو"، أي أننا نعزو وقوع أشياء مسبباتها واقعية إلى مبررات مفترضة. يقوم التطير على تغليب التشاؤم وربطه بحالات أو بأشخاص بصورة افتراضية، كأن نقول إن صباح اليوم لم يكن جيداً بسبب مصادفتي لشخص أو حيوان أو حصول حدث أو حادث"، بحسب خوري. ويشار إلى أن العرب كانوا يتشاءمون من الطير، لذلك أخذ التشاؤم اسم التطيّر.

    فأل الشر
    يرى خوري أن الإنسان بحاجة إلى الإيمان، لأنه يعطيه شعوراً بالطمأنينة والراحة النفسية، ويفرز هرمونات السعادة الإندورفيون والسيروتونين، وهذه الموروثات تؤدي هذا الدور للإنسان، لأنها تعزو كل سبب إلى مسبب، وبالتالي تعطيه تبريراً لكل ما حصل ويمكن أن يحصل من حوادث في حياته.

    ويعتقد خوري أن الإنسان كان يصلي لإله الخصب إذا كانت زوجته عاقراً مثلاً، ومع الوقت أصبح التقصير في الصلاة يعطي الإنسان شعوراً بأن أمراً سلبياً سيحدث بفعل غضب الآلهة. واختلط مفهوم التشاؤم مع التفاؤل، وغلب الطابع التشاؤمي للتطير لأن "الرياح لا تجري كما تشتهي السفن" في غالبية الأحيان.

    فإذا شعرت بحكة في أنفك فستحزن، ولتجنب ذلك عليك أن تحك أنفك بواسطة حذائك. وإذا شعرت بحكة في يدك اليمنى، ستدفع مبلغاً من المال. ويعتقد البعض أن الرجوع إلى المنزل حال الخروج منه بسبب نسيان شيء ما فأل سيئ. وأنه يجب الدخول إلى الحمام بالقدم اليمنى لإبعاد الشياطين. وأن الاستحمام ليلاً خصوصاً بالمياه الساخنة غير محبب، خوفاً من أن يتعرض الجن للإنس بالأذية، كذلك الصراخ في الحمام غير محبب لأنه يحرك العفاريت.

    ويظن البعض أن صور الأشخاص "البورتريه" المعلقة على الجدران داخل المنازل تبعد الرزق عن أهل الدار. وعند الزواج أو شراء منزل أو سيارة جديدة تلصق عجينة على خلفية السيارة، أو عند مدخل المنزل منعاً للحسد. والبعض ينثر الملح أمام عتبة المنزل لتجنب المصائب. أما إذا وضعت الزوجة المكنسة بشكل مقلوب فإن زوجها سوف يهرب من المنزل. وعندما ترف عيني اليسرى فهذا يعني بأنني سوف أسمع خبر وفاة أحدهم.

    الفأل الحسن
    تكاد لا تجد منزلاً من العائلات التقليدية في أميركا وكندا ليس فيه حدوة حصان معلقة على باب المنزل، باعتبارها وسيلة لجلب الخير ودفع الشر. وفي بعض المجتمعات الأوروبية مثل سكوتلندا، يضعون شعر ذنب الحصان لطرد الأرواح الشريرة. التطيَر بشقيه موجود بنسب مختلفة في مجتمعات العالم، وعبر الأزمنة المختلفة.

    وعند العرب إذا شعرت بحكة في يدك اليسرى يعني أنك ستتلقى مبلغاً من المال. وحين ترف العين اليمنى، فهذه دلالة على أنك سوف تقابل شخصاً غائباً منذ مدة. وطنين الأذن اليمنى يدل على الخير، وتجري العادة عند الكثيرين بتوزيع الخبز والملح والسكر على الجيران، كنوع من النذور لجلب الخير.

    الحيوانات
    يقبل المجتمع الظواهر والموروثات الشعبية رغم هشاشتها المنطقية، وافتقارها للثبوت والحدوث بشكل قاطع. فثمة من يعتبر مشاهدة البومة نذير شؤم، ما دفع بالكاتبة السورية غادة السمان لاتخاذ البوم شعاراً لدار نشرها، لتثبت أن الأقاويل المنتشرة بين الناس ليست حقائق علمية.
يعمل...
X