فيدال (فرنان -)
(1862-1929)
ولد جورج فرنان إيزيدور فيدال Georges Fernand Isidore Widal في بلدة دليس التي تقع على الشاطئ الجزائري قرب مدينة تيزي أوزو، حيث كان يعمل والده جراحاً في الجيش الفرنسي. أتمَّ فيدال تعليمه الابتدائي والثانوي في الجزائر ثمَّ ذهب إلى باريس لدراسة الطب. كانت فرنسا حينما وصلها تتحدث عن المكتشفات الطبية الحديثة والآفاق التشخيصية والعلاجية التي أتاحتها، كما كان التسابق العلمي بين فرنسا وألمانيا على أشده، وثورة المكتشفات الجرثومية في أوجها.
اجتاز فيدال المسابقات التي تلي دراسة الطب لصعود سلم المراتب العلمية بسرعة فائقة، فكان طبيباً معاوداً في المستشفيات في الثانية والعشرين من عمره، وحصل على الوسام الذهبي لأطروحة تخرجه عام 1889، ثمَّ شغل منصب طبيب في مستشفيات باريس عام 1893، وبعدها اجتاز مسابقة الأستاذية وسمّي أستاذ أكريجي agrégé عام 1895، فخلف أستاذه ديولافوا Dieulafoy في كرسي الأمراض الباطنة عام 1911، ثمّ عين بعدها في كرسي السريريات الطبية في مستشفى كوشان Cochin. سمي عضواً في الأكاديمية الطبية عام 1908، ثم انتُخب عضواً في أكاديمية العلوم 1918. كان لفيدال صفات متميزة فاتصف بفكر تركيبي وثقافة واسعة، واندفاع شديد نحو التعليم، فكان محاضراً مرموقاً وخطيباً مفوهاً مما جعل منه صاحب مدرسة ومنهج في أسلوب التعليم الطبي.
شغف فيدال بالجرثوميات فكان تلميذاً ثم صديقاً لإميل رو E.Roux الذي عمل مساعداً لباستور، فاهتم عام 1886 بأسباب الحمى التيفيَّة فأكدَّ اكتشاف إيبرت Eberth وبرهن على انتقال هذا المرض بالماء، وفَرَّق بين هذا الجرثوم وبين العصيات القولونية. كما برهن مع شانتمس Chantemesse أستاذه في السابق، على أنه يمكن تمنيع الحيوان ضد هذا الخمج بزرقه مزروعاً من العصيات التيفيّة المعطّلة (أي قتلت بتعريضها للحرارة)، ثم اكتشفا معاً عام 1888 عصية الزحار الوبائي الذي أكد وجودها شيغا Shiga فيما بعد وأطلق عليها اسمه. وقد برهن في أطروحته التي قدَّمها عام 1889 والتي نال عليها الوسام الذهبي، على أن سبب الخمج النفاسي والتهاب الوريد الأبيض والحمرة erysipelas جرثوم واحد على الرغم من عدم تشابه هذه الآفات الثلاثة ظاهرياً، وأن العامل الممرض لها كلها هو المكورات العقدية streptococcus، واختلاف نوعيتها يسبب آفات متعددة الأشكال. واكتشف في عام 1896 التشخيص المصلي للحمى التيفية الذي أكسبه شهرة كبيرة وأُطلق عليه اسـم «تفاعل فيدال»، وكان عمـره 34 عاماً، وهو تفاعل تراص يصبح إيجابياً بعد اليوم السابع من الإصابة بالمرض. وكان اكتشافاً على جانب كبير من الأهمية، إذ كان تشخيص الإصابة بالحمى التيفية لا يتم إلا بزرع قطرة دم تؤخذ من الطحال عن طريق البزل. وتابع مع شانتمس بحوثه عن المناعة التي تكتسبها الحيوانات بإعطائها عصيات تيفية معطلة (مقتولة بالحرارة). وفي عام 1915 اقترح لقاحاً ثلاثياً يضم التيفيّة ونظيرتيها آ و ب، وقد طبقت فيما بعد هذه الطريقة على الجنود في الحرب العالمية الأولى.
واهتمَّ فيدال في عام 1900 بالتشخيص الخلوي للانصبابات، ودرس على نحو خاص انصبابات الجنب والسائل الدماغي الشوكي، وبرهن على أن زيادة اللمفاويات فيه صفة مميزة لالتهاب السحايا الدرني. وانصرف بين عامي 1903 و1911 لدراسة أعراض أمراض الكلية وتحليلها. وتعدُّ النتائج التي توصَّل إليها كشفاً كبيراً، فقد وضع فحص الاضطرابات الوظيفية في المقام الأول، واستفرد أربع متلازمات كبيرة لا تزال مقبولة حتى اليوم مع تعديلات بسيطة طرأت عليها وهي: البيلة الألبومينية albuminuria، والوذمات، والبولة الآزوتيمية azotémie، وارتفاع الضغط الشرياني. وقد برهن على التأثير السيئ لكلور الصوديوم (ملح الطعام) في عضوية المصابين بالتهابات كلوية. ونصح بالقوت الخالي منه لإزالة الوذمات. يضاف إلى كل ما سبق أنه في سنة 1903 أسند إنذار التهابات الكلية المزمنة إلى مقدار البولة الدموية uremia وأنها مشعر لحالة الكلية. وقد عرف نوبة انحلال الدم في القصور الكبدي وبرهن عن وجودها على عدد من الآفات الناجمة عن التحسس كالربو. ومن بين أعماله الأخرى يذكر وصفه للأعراض الناجمة عن الانحباس الصفراوي واليرقانات الخمجية.
توفي فيدال في باريس إثر إصابته بنزيف دماغي.
عدنان تكريتي
(1862-1929)
|
اجتاز فيدال المسابقات التي تلي دراسة الطب لصعود سلم المراتب العلمية بسرعة فائقة، فكان طبيباً معاوداً في المستشفيات في الثانية والعشرين من عمره، وحصل على الوسام الذهبي لأطروحة تخرجه عام 1889، ثمَّ شغل منصب طبيب في مستشفيات باريس عام 1893، وبعدها اجتاز مسابقة الأستاذية وسمّي أستاذ أكريجي agrégé عام 1895، فخلف أستاذه ديولافوا Dieulafoy في كرسي الأمراض الباطنة عام 1911، ثمّ عين بعدها في كرسي السريريات الطبية في مستشفى كوشان Cochin. سمي عضواً في الأكاديمية الطبية عام 1908، ثم انتُخب عضواً في أكاديمية العلوم 1918. كان لفيدال صفات متميزة فاتصف بفكر تركيبي وثقافة واسعة، واندفاع شديد نحو التعليم، فكان محاضراً مرموقاً وخطيباً مفوهاً مما جعل منه صاحب مدرسة ومنهج في أسلوب التعليم الطبي.
شغف فيدال بالجرثوميات فكان تلميذاً ثم صديقاً لإميل رو E.Roux الذي عمل مساعداً لباستور، فاهتم عام 1886 بأسباب الحمى التيفيَّة فأكدَّ اكتشاف إيبرت Eberth وبرهن على انتقال هذا المرض بالماء، وفَرَّق بين هذا الجرثوم وبين العصيات القولونية. كما برهن مع شانتمس Chantemesse أستاذه في السابق، على أنه يمكن تمنيع الحيوان ضد هذا الخمج بزرقه مزروعاً من العصيات التيفيّة المعطّلة (أي قتلت بتعريضها للحرارة)، ثم اكتشفا معاً عام 1888 عصية الزحار الوبائي الذي أكد وجودها شيغا Shiga فيما بعد وأطلق عليها اسمه. وقد برهن في أطروحته التي قدَّمها عام 1889 والتي نال عليها الوسام الذهبي، على أن سبب الخمج النفاسي والتهاب الوريد الأبيض والحمرة erysipelas جرثوم واحد على الرغم من عدم تشابه هذه الآفات الثلاثة ظاهرياً، وأن العامل الممرض لها كلها هو المكورات العقدية streptococcus، واختلاف نوعيتها يسبب آفات متعددة الأشكال. واكتشف في عام 1896 التشخيص المصلي للحمى التيفية الذي أكسبه شهرة كبيرة وأُطلق عليه اسـم «تفاعل فيدال»، وكان عمـره 34 عاماً، وهو تفاعل تراص يصبح إيجابياً بعد اليوم السابع من الإصابة بالمرض. وكان اكتشافاً على جانب كبير من الأهمية، إذ كان تشخيص الإصابة بالحمى التيفية لا يتم إلا بزرع قطرة دم تؤخذ من الطحال عن طريق البزل. وتابع مع شانتمس بحوثه عن المناعة التي تكتسبها الحيوانات بإعطائها عصيات تيفية معطلة (مقتولة بالحرارة). وفي عام 1915 اقترح لقاحاً ثلاثياً يضم التيفيّة ونظيرتيها آ و ب، وقد طبقت فيما بعد هذه الطريقة على الجنود في الحرب العالمية الأولى.
واهتمَّ فيدال في عام 1900 بالتشخيص الخلوي للانصبابات، ودرس على نحو خاص انصبابات الجنب والسائل الدماغي الشوكي، وبرهن على أن زيادة اللمفاويات فيه صفة مميزة لالتهاب السحايا الدرني. وانصرف بين عامي 1903 و1911 لدراسة أعراض أمراض الكلية وتحليلها. وتعدُّ النتائج التي توصَّل إليها كشفاً كبيراً، فقد وضع فحص الاضطرابات الوظيفية في المقام الأول، واستفرد أربع متلازمات كبيرة لا تزال مقبولة حتى اليوم مع تعديلات بسيطة طرأت عليها وهي: البيلة الألبومينية albuminuria، والوذمات، والبولة الآزوتيمية azotémie، وارتفاع الضغط الشرياني. وقد برهن على التأثير السيئ لكلور الصوديوم (ملح الطعام) في عضوية المصابين بالتهابات كلوية. ونصح بالقوت الخالي منه لإزالة الوذمات. يضاف إلى كل ما سبق أنه في سنة 1903 أسند إنذار التهابات الكلية المزمنة إلى مقدار البولة الدموية uremia وأنها مشعر لحالة الكلية. وقد عرف نوبة انحلال الدم في القصور الكبدي وبرهن عن وجودها على عدد من الآفات الناجمة عن التحسس كالربو. ومن بين أعماله الأخرى يذكر وصفه للأعراض الناجمة عن الانحباس الصفراوي واليرقانات الخمجية.
توفي فيدال في باريس إثر إصابته بنزيف دماغي.
عدنان تكريتي