ذي قار (وقعه)
Dhi Qar - Dhi Qar
ذي قار (وقعة -)
ذو قار ماء لقبيلة بكر بن وائل قريب من الكوفة بينها وبين واسط، وفيه كانت الوقعة المشهورة بين بكر بن وائل والفرس، وانتصر فيها العرب انتصاراً عظيماً وانتصفت فيها العرب من العجم.
ويوم ذي قار لم يكن يوماً واحداً أي معركة واحدة وقعت في ذي قار وانتهي أمرها، بانتصار العرب على الفرس بل هو جملة معارك وقعت قبلها وحول ذي قار ثم ختمت بها حيث كانت المعركة الفاصلة فنسبت المعارك إلى ذاك المكان.
اختلف المؤرخون في السنة التي حدثت فيها هذه الوقعة، ولكن أكثر أهل الأخبار يجعلون وقوعها بعد المبعث أي بعد سنة 610م. ورووا في ذلك حديثاً قالوا إنه لما بلغ الرسول r هزيمة جيش كسرى قال: «هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا».
تتحدث الروايات أنه لمّا ساءت العلاقات بين كسرى أبرويز والنعمان ابن المنذر ملك الحيرة[ر] (583-605م) كتب كسرى إلى النعمان بن المنذر يأمره بالقدوم إليه، فأدرك النعمان سوء المصير، فحمل سلاحه وما يقوى عليه ومضى لبني طيء لصهر كان له فيهم، وعرض عليهم أن يمنعوه، ولكنهم أبوا خوفاً من كسرى، فأخذ يطوف بقبائل العرب يطلب المنعة إلى أن نزل بذي قار في بني شيبان فلقي هانئ بن مسعود ابن عامر سيد بني شيبان فاستودعه سلاحه وأهله، فلما قُتل النعمان، طالب كسرى بتركة النعمان، فأخبره إياس بن قبيصة والي الحيرة بعد النعمان أنها وديعة عند بني شيبان من قبيلة بكر ابن وائل، فأمره كسرى بضمها إليه، فامتنع هانئ وأبى أن يسلم ما استودعه النعمان، وبلغ الخبر كسرى فغضب وهدد باستئصال بكر بن وائل، وجرت بين كسرى وبين بكر بن وائل مفاوضات وعرض عليهم كسرى إحدى خصال ثلاث: الاستسلام لكسرى يفعل بهم ما يشاء، أو الرحيل من الديار أو الحرب.
اجتمعت كلمة بني بكر على الحرب وعدم الاستسلام، فأرسل إليهم كسرى جيشاً من الفرس على رأسه الهامرز التستري القائد الأعظم لكسرى في ألف فارس من العجم، والقائد جلايزين في ألف فارس آخرين، وإياس بن قبيصة في كتيبتين، هذا فضلاً عن عدد من الزعماء العرب الموالين لفارس: وجمع عرب العراق شتاتهم ورصوا صفوفهم وشعروا أنها المعركة التي ستقرر مصير العرب في المنطقة، فخاضوها ببسالة انتهت بانتصارهم.
والذي يستنتج من روايات أهل الأخبار عن معركة ذي قار، أن هانئ بن مسعود الشيباني لم يكن قائد بني شيبان يوم ذي قار، لأنه كان قد هلك قبله وأن قائد بني شيبان كان هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود، وأن حنظلة بن ثعلبة بن سيّار العجلي كان صاحب الرأي والمشورة، وأن كتيبة بني عجل قامت بأمر عظيم في هذه المعركة التي انتهت بهزيمة الفرس. وكان من العوامل المساعدة على هزيمة الفرس كذلك، أن قبيلة إياد وهي في الحرب إلى جانب الفرس اتفقت سراً مع بني بكر على الهرب في أثناء القتال الدائر بين الفرس والعرب، واضطرب صف العجم وولوا الأدبار، فقتل منهم من قتل، وأسر عدد كبير، وأسر النعمان بن زُرعة التغلبي الذي كان أشار على كسرى بمهاجمة بني شيبان في ذي قار لأنه كان يحب هلاك بني بكر بن وائل.
إن الروايات عن معركة ذي قار هي على شاكلة الروايات عن أيام العرب وحروب القبائل وغزو بعضها بعضاً من حيث تأثرها بالعواطف القبلية، وأخذها بالتحيز، فيرى الباحث فيها تحيزاً لبني شيبان يظهر في شعر الأعشى (أعشى قيس ت 629م) لهم إذ يمدحهم خاصة، ولقد تعرض في قصيدة له إلى يوم ذي قار وإلى مقام عشيرته لقبائل معد فقال:
لو أن كُلَّ معدٍ شاركنا
في يومِ ذي قارٍ ما أخطاهمُ الشَرَفُ
وللعديل بن فرخ العجلي شعر يفتخر فيه بقومه بني عجل ويتباهى بانتصارهم على الفرس.
ما أوقد الناس من نار مكرمة
إلا اصطلينا وكنا موقدي النار
وما يعدون من يوم سمعت به
للناس أفضل من يوم بذي قار
جئنا بأسلابهم والخيل عابسة
يوم استلبنا لكسرى كل أسوار
لقد أعطت وقعة ذي قار للعرب ثقة كبيرة بأنفسهم، وتجرأت القبائل الأخرى على الهجوم المباشر على بلاد الساسانيين الغنية، وكانت بمنزلة حركة استطلاعية ومقدمة للفتوح الإسلامية، التي اكتسحت إمبراطورية الساسانيين وقضت عليها.
نجدة خماش
Dhi Qar - Dhi Qar
ذي قار (وقعة -)
ذو قار ماء لقبيلة بكر بن وائل قريب من الكوفة بينها وبين واسط، وفيه كانت الوقعة المشهورة بين بكر بن وائل والفرس، وانتصر فيها العرب انتصاراً عظيماً وانتصفت فيها العرب من العجم.
ويوم ذي قار لم يكن يوماً واحداً أي معركة واحدة وقعت في ذي قار وانتهي أمرها، بانتصار العرب على الفرس بل هو جملة معارك وقعت قبلها وحول ذي قار ثم ختمت بها حيث كانت المعركة الفاصلة فنسبت المعارك إلى ذاك المكان.
اختلف المؤرخون في السنة التي حدثت فيها هذه الوقعة، ولكن أكثر أهل الأخبار يجعلون وقوعها بعد المبعث أي بعد سنة 610م. ورووا في ذلك حديثاً قالوا إنه لما بلغ الرسول r هزيمة جيش كسرى قال: «هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا».
تتحدث الروايات أنه لمّا ساءت العلاقات بين كسرى أبرويز والنعمان ابن المنذر ملك الحيرة[ر] (583-605م) كتب كسرى إلى النعمان بن المنذر يأمره بالقدوم إليه، فأدرك النعمان سوء المصير، فحمل سلاحه وما يقوى عليه ومضى لبني طيء لصهر كان له فيهم، وعرض عليهم أن يمنعوه، ولكنهم أبوا خوفاً من كسرى، فأخذ يطوف بقبائل العرب يطلب المنعة إلى أن نزل بذي قار في بني شيبان فلقي هانئ بن مسعود ابن عامر سيد بني شيبان فاستودعه سلاحه وأهله، فلما قُتل النعمان، طالب كسرى بتركة النعمان، فأخبره إياس بن قبيصة والي الحيرة بعد النعمان أنها وديعة عند بني شيبان من قبيلة بكر ابن وائل، فأمره كسرى بضمها إليه، فامتنع هانئ وأبى أن يسلم ما استودعه النعمان، وبلغ الخبر كسرى فغضب وهدد باستئصال بكر بن وائل، وجرت بين كسرى وبين بكر بن وائل مفاوضات وعرض عليهم كسرى إحدى خصال ثلاث: الاستسلام لكسرى يفعل بهم ما يشاء، أو الرحيل من الديار أو الحرب.
اجتمعت كلمة بني بكر على الحرب وعدم الاستسلام، فأرسل إليهم كسرى جيشاً من الفرس على رأسه الهامرز التستري القائد الأعظم لكسرى في ألف فارس من العجم، والقائد جلايزين في ألف فارس آخرين، وإياس بن قبيصة في كتيبتين، هذا فضلاً عن عدد من الزعماء العرب الموالين لفارس: وجمع عرب العراق شتاتهم ورصوا صفوفهم وشعروا أنها المعركة التي ستقرر مصير العرب في المنطقة، فخاضوها ببسالة انتهت بانتصارهم.
والذي يستنتج من روايات أهل الأخبار عن معركة ذي قار، أن هانئ بن مسعود الشيباني لم يكن قائد بني شيبان يوم ذي قار، لأنه كان قد هلك قبله وأن قائد بني شيبان كان هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود، وأن حنظلة بن ثعلبة بن سيّار العجلي كان صاحب الرأي والمشورة، وأن كتيبة بني عجل قامت بأمر عظيم في هذه المعركة التي انتهت بهزيمة الفرس. وكان من العوامل المساعدة على هزيمة الفرس كذلك، أن قبيلة إياد وهي في الحرب إلى جانب الفرس اتفقت سراً مع بني بكر على الهرب في أثناء القتال الدائر بين الفرس والعرب، واضطرب صف العجم وولوا الأدبار، فقتل منهم من قتل، وأسر عدد كبير، وأسر النعمان بن زُرعة التغلبي الذي كان أشار على كسرى بمهاجمة بني شيبان في ذي قار لأنه كان يحب هلاك بني بكر بن وائل.
إن الروايات عن معركة ذي قار هي على شاكلة الروايات عن أيام العرب وحروب القبائل وغزو بعضها بعضاً من حيث تأثرها بالعواطف القبلية، وأخذها بالتحيز، فيرى الباحث فيها تحيزاً لبني شيبان يظهر في شعر الأعشى (أعشى قيس ت 629م) لهم إذ يمدحهم خاصة، ولقد تعرض في قصيدة له إلى يوم ذي قار وإلى مقام عشيرته لقبائل معد فقال:
لو أن كُلَّ معدٍ شاركنا
في يومِ ذي قارٍ ما أخطاهمُ الشَرَفُ
وللعديل بن فرخ العجلي شعر يفتخر فيه بقومه بني عجل ويتباهى بانتصارهم على الفرس.
ما أوقد الناس من نار مكرمة
إلا اصطلينا وكنا موقدي النار
وما يعدون من يوم سمعت به
للناس أفضل من يوم بذي قار
جئنا بأسلابهم والخيل عابسة
يوم استلبنا لكسرى كل أسوار
لقد أعطت وقعة ذي قار للعرب ثقة كبيرة بأنفسهم، وتجرأت القبائل الأخرى على الهجوم المباشر على بلاد الساسانيين الغنية، وكانت بمنزلة حركة استطلاعية ومقدمة للفتوح الإسلامية، التي اكتسحت إمبراطورية الساسانيين وقضت عليها.
نجدة خماش