تُمثل ما نُطلق عليها تسمية “المادة المظلمة” ما يقارب 22% من كوننا، ونلاحظها من خلال تأثير جاذبيتها، ولكن هذه التسمية غير دقيقة؛ لأن المواد المظلمة يجب أن تمتص الضوء، بينما لا تقوم هذه المادة التي نلحظ تأثيراتها بذلك، كما أنها لا تتفاعل بأيّ شكل من الأشكال مع الضوء، وهذا حقيقةً ما يسمح لنا ملاحظتها.
وقبل خوض هذا الحديث، علينا أن نعرف اولًا كيف اكتشفنا الطاقة المظلمة وعلمنا بوجودها.
كيف اكتشفنا الطاقة المظلمة
في البداية ظن العالم تسفيكي أنّ تماسك وترابط العناقيد المجرّيّة التي هي عبارة عن مجموعات من المجرات المتقاربة؛ يرجع إلى جاذبية المواد المرئية الموجودة في المجرات، والتي تتمثل في النجوم والغاز والغبار، ولكن بعد إجراء العديد من الحسابات، وجد أن الجاذبية الناتجة عن المادة المرئية قليلة جدًا مقارنةً بالجاذبية التي تربط المجرات ببعضها، لدرجة أن المادة الخفية المسؤولة عن هذا المقدار من الجاذبية كانت أكثر من المادة المنظورة بمئات الأضعاف، واعتبر أنها المادة المسيطرة على المجرات.
بعد فترة طويلة عاد العلماء للبحث عن هذه المادة، وبدأوا في جمع الأدلة التي سوف تدعم موقفهم ورأيهم بشكل كامل، وبالفعل توصلوا للعديد من الأدلة الواضحة التي تؤكّد على وجود هذه المادة، من خلال حركة ودوران النجوم في مجرتنا، مثل الشمس التي تستغرق 250 مليون سنة في دورتها حول مركز المجرة، تعدّ هذه سرعة كبيرة يصعب على جاذبية المادة المرئية الموجودة في مجرتنا التحكم فيها، الأمر الذي يدلّ على وجود قدر كبير من المادة المظلمة التي تخضع الشمس لجاذبيتها، وإذا افترضنا من جهة أخرى وجود المادة المرئية وحدها في مجرتنا، ستكون النتيجة تفكك المجرة وتتناثر النجوم، هذا ما وصل إلية العلماء من خلال توزيع الكتلة في المجرة، واتخاذها شكلًا دائريًا ذا نواة مركزية تغلفها أذرع كالدوامات، واتضح أن هذا الشكل يساعد في استقرار توزيع المادة ضمنه، ويحقق استقرارًا تامًّا للنجوم والمجرة، وحركةً متناسقة بشكلٍ تام.
الفرضيات الأساسية حول طبيعة المادة المظلمة
وبالرغم من الأدلة التي لا تقبل الدحض والتي تشير إلى وجود هذه المادة، إلّا أنّ العلماء لا يعرفون ماهيتها، ولكن لديهم افتراضين حولها:
الافتراض الأول
هذه المادة هي كتلة المواد الهائلة المضغوطة ولا يمكن رؤيتها، مثل الثقوب السوداء المظلمة التي لا نستطيع رؤيتها إلّا لو كانت بجوار غازات أو نجوم وتقوم بابتلاعها نظرًا لشدة جاذبيتها، أو النجوم القزمة، أو الكواكب العملاقة المظلمة التي لا نستطيع رصدها بالطرق العادية، ومع أننا لا نستطيع رؤية هذه الكواكب إلّا أنها موجودة بوفرة، بالإضافة إلى الأجسام الصغيرة مثل الكويكبات والمذنبات، التي لا نستطيع رؤيتها بوضوح؛ لأنها تقع خارج نظامنا الشمسي مع أنها موجودة بوفرة أيضًا، ورغم أنّ كلّ هذه المواد متواجدة بشكل كبير إلا أنها لا تساوي قدر المادة المظلمة الموجودة، وبعض العلماء حاول تفسيرها على أنها ترجع إلى مخزون الدويتيريوم، ويمكن أن تكون مكونة من أنواع غير معروفة من المادة، أي مادة غير نووية ولذلك اتجه العلماء إلى تفسير آخر.
الافتراض الثاني
السيناريو الآخر وهو الجُسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل، فهناك عدد كبير من الجُسيمات المرشحة لتكون المُكونة للمادة المظلمة، لدرجة تجعل العلماء عاجزين عن معرفة ما الذي يبحثون عنه بشكل محدد، ومن ضمن الجُسيمات المرشحة جُسيمات النيوترينو الضخم ضعيفة التفاعل، وهي جُسيمات تنفذ من المادة العادية وعلى قدر كبير غير مرئي، وتوجد بوفرة في الكون لدرجة أنها تفوق عدد الجُسيمات النووية بمراحل، ولكن وزنها ضئيل يصل إلى جزء من المليون من وزن الإلكترون، ورغم كثرة أعدادها إلّا أنها ذات وزن صغير إذا ما قورن بأوزان النجوم، كما أن جُسيمات مثل النيوترينوات تستطيع المرور خلال أجسادنا دون الشعور بها، لذلك نحن بحاجة إلى عدد ضخم مثل عدد النيوترينوات، ولكن بشرط أن تكون كتلتها كبيرة، تقريبًا مثل كتلة البروتون أو أكبر.
إذا ما توفرت لدينا جُسيمات بهذا الشكل ستكون متوافقة مع شكل المادة المظلمة المسيطرة على المادة المنظورة.
حتى الآن لم نعلم ماهية تلك المادة، وما هي الجُسيمات التي تتكون منها، وماهي كتلتها، والأمل الآن يقبع على عاتق مصادم الهادرونات الكبير، لعله يكشف لنا عن ماهية تلك الجُسيمات، فالمعيار الأساسي لتلك المادة، هو أن الكون يحتوي على قدر كافٍ منها لإحداث تلك التأثيرات الجاذبة، فالأبحاث الحالية تُخبرنا أن تفاعل المادة المظلمة مع المادة المألوفة ضعيف للغاية.
طرق اكتشاف المادة المظلمة
وهناك ثلاث طرق تُستخدم في مصادم الهادرونات للكشف عن طبيعة المادة المظلمة، وهي تجارب الكشف المباشر، وتجارب الكشف غير المباشر، ويعتمد الكشف المباشر على استخدام كواشف ضخمة على سطح الأرض أو في الفضاء، بجانب كواشف ضخمة بالغة الحساسية، تبحث عن نواتج تفاعل المادة مع المادة المظلمة، بالرغم من أن فرص التفاعل قليلة للغاية، إلّا أنّ المهمة الأكثر صعوبة هي الكشف عن جُسيمات المادة المظلمة المتعادلة التي لا تحمل شحنة، وحتّى الآن فإن الأثر الوحيد الذي استطاع هذا المصادم أن يستدل منه على جُسيمات المادة المظلمة، هو حدوث تغير ضئيل في طاقة الكاشف نتيجة ارتطام النوى الخاصة لجُسيمات المادة المظلمة به، ومن الجدير ذكره أن هذه الكواشف مُصَممة لتكون حساسة جدًا وباردة للغاية؛ حتى يسهل رصد التغيرات الضئيلة في الطاقة.
أمّا الطريقة الأخرى للكشف المباشر فتتم باستخدام كواشف السوائل النبيلة أو الخاملة، والتي تعتمد على ظهور وميض أو لمعان عند ارتطام جُسيم المادة المظلمة بذرة الأرجون أو الزينون مثل تجربة (زينون100) وتجربة (لوكس) وتجربة (زيبلين) بجانب تجربة البحث البارد التي تحتوي على أقراص بحجم أقراص الهوكي مكوّنة من الجرمانيوم أو السليكون، يعلوها جهاز تسجيل دقيق وهو مجس فوتونات، ويحتوي أيضًا على جهاز التداخل الكمي فائق التوصيل، فهو يعمل بدقة عالية للغاية.
أما الكشف غير المباشر فيعتمد على فناء المادة المظلمة مع نفسها، أو مع الجُسيم المضاد لها، الأمر الذي لا يحدث بمعدل كافٍ للتأثير على الكثافة الكلية للمادة المظلمة حتى يمكننا ملاحظة هذا التغيير، ولكنه يصدر إشارة قابله للقياس؛ لأن فناءها يُنتج جُسيمات جديدة تحمل الطاقة إلى البعيد، أو إنتاج جُسيمات تنتمي للنموذج القياسي مثل الإلكترونات والبوزيترونات، كما في تجربة (باميلا) التي تبحث عن البوزيترونات.
تلعب المادة المظلمة دورًا أساسيًا في تحديد شكل الكون، عن طريق توفير قدر كبير من الجاذبية المطلوبة لنمو المجرات، وربما كان من المستحيل تكوّن المجرات دون وجود هذه المادة، وبالتالي استحالة ظهور الحياة نفسها.
وقبل خوض هذا الحديث، علينا أن نعرف اولًا كيف اكتشفنا الطاقة المظلمة وعلمنا بوجودها.
كيف اكتشفنا الطاقة المظلمة
في البداية ظن العالم تسفيكي أنّ تماسك وترابط العناقيد المجرّيّة التي هي عبارة عن مجموعات من المجرات المتقاربة؛ يرجع إلى جاذبية المواد المرئية الموجودة في المجرات، والتي تتمثل في النجوم والغاز والغبار، ولكن بعد إجراء العديد من الحسابات، وجد أن الجاذبية الناتجة عن المادة المرئية قليلة جدًا مقارنةً بالجاذبية التي تربط المجرات ببعضها، لدرجة أن المادة الخفية المسؤولة عن هذا المقدار من الجاذبية كانت أكثر من المادة المنظورة بمئات الأضعاف، واعتبر أنها المادة المسيطرة على المجرات.
بعد فترة طويلة عاد العلماء للبحث عن هذه المادة، وبدأوا في جمع الأدلة التي سوف تدعم موقفهم ورأيهم بشكل كامل، وبالفعل توصلوا للعديد من الأدلة الواضحة التي تؤكّد على وجود هذه المادة، من خلال حركة ودوران النجوم في مجرتنا، مثل الشمس التي تستغرق 250 مليون سنة في دورتها حول مركز المجرة، تعدّ هذه سرعة كبيرة يصعب على جاذبية المادة المرئية الموجودة في مجرتنا التحكم فيها، الأمر الذي يدلّ على وجود قدر كبير من المادة المظلمة التي تخضع الشمس لجاذبيتها، وإذا افترضنا من جهة أخرى وجود المادة المرئية وحدها في مجرتنا، ستكون النتيجة تفكك المجرة وتتناثر النجوم، هذا ما وصل إلية العلماء من خلال توزيع الكتلة في المجرة، واتخاذها شكلًا دائريًا ذا نواة مركزية تغلفها أذرع كالدوامات، واتضح أن هذا الشكل يساعد في استقرار توزيع المادة ضمنه، ويحقق استقرارًا تامًّا للنجوم والمجرة، وحركةً متناسقة بشكلٍ تام.
الفرضيات الأساسية حول طبيعة المادة المظلمة
وبالرغم من الأدلة التي لا تقبل الدحض والتي تشير إلى وجود هذه المادة، إلّا أنّ العلماء لا يعرفون ماهيتها، ولكن لديهم افتراضين حولها:
الافتراض الأول
هذه المادة هي كتلة المواد الهائلة المضغوطة ولا يمكن رؤيتها، مثل الثقوب السوداء المظلمة التي لا نستطيع رؤيتها إلّا لو كانت بجوار غازات أو نجوم وتقوم بابتلاعها نظرًا لشدة جاذبيتها، أو النجوم القزمة، أو الكواكب العملاقة المظلمة التي لا نستطيع رصدها بالطرق العادية، ومع أننا لا نستطيع رؤية هذه الكواكب إلّا أنها موجودة بوفرة، بالإضافة إلى الأجسام الصغيرة مثل الكويكبات والمذنبات، التي لا نستطيع رؤيتها بوضوح؛ لأنها تقع خارج نظامنا الشمسي مع أنها موجودة بوفرة أيضًا، ورغم أنّ كلّ هذه المواد متواجدة بشكل كبير إلا أنها لا تساوي قدر المادة المظلمة الموجودة، وبعض العلماء حاول تفسيرها على أنها ترجع إلى مخزون الدويتيريوم، ويمكن أن تكون مكونة من أنواع غير معروفة من المادة، أي مادة غير نووية ولذلك اتجه العلماء إلى تفسير آخر.
الافتراض الثاني
السيناريو الآخر وهو الجُسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل، فهناك عدد كبير من الجُسيمات المرشحة لتكون المُكونة للمادة المظلمة، لدرجة تجعل العلماء عاجزين عن معرفة ما الذي يبحثون عنه بشكل محدد، ومن ضمن الجُسيمات المرشحة جُسيمات النيوترينو الضخم ضعيفة التفاعل، وهي جُسيمات تنفذ من المادة العادية وعلى قدر كبير غير مرئي، وتوجد بوفرة في الكون لدرجة أنها تفوق عدد الجُسيمات النووية بمراحل، ولكن وزنها ضئيل يصل إلى جزء من المليون من وزن الإلكترون، ورغم كثرة أعدادها إلّا أنها ذات وزن صغير إذا ما قورن بأوزان النجوم، كما أن جُسيمات مثل النيوترينوات تستطيع المرور خلال أجسادنا دون الشعور بها، لذلك نحن بحاجة إلى عدد ضخم مثل عدد النيوترينوات، ولكن بشرط أن تكون كتلتها كبيرة، تقريبًا مثل كتلة البروتون أو أكبر.
إذا ما توفرت لدينا جُسيمات بهذا الشكل ستكون متوافقة مع شكل المادة المظلمة المسيطرة على المادة المنظورة.
حتى الآن لم نعلم ماهية تلك المادة، وما هي الجُسيمات التي تتكون منها، وماهي كتلتها، والأمل الآن يقبع على عاتق مصادم الهادرونات الكبير، لعله يكشف لنا عن ماهية تلك الجُسيمات، فالمعيار الأساسي لتلك المادة، هو أن الكون يحتوي على قدر كافٍ منها لإحداث تلك التأثيرات الجاذبة، فالأبحاث الحالية تُخبرنا أن تفاعل المادة المظلمة مع المادة المألوفة ضعيف للغاية.
طرق اكتشاف المادة المظلمة
وهناك ثلاث طرق تُستخدم في مصادم الهادرونات للكشف عن طبيعة المادة المظلمة، وهي تجارب الكشف المباشر، وتجارب الكشف غير المباشر، ويعتمد الكشف المباشر على استخدام كواشف ضخمة على سطح الأرض أو في الفضاء، بجانب كواشف ضخمة بالغة الحساسية، تبحث عن نواتج تفاعل المادة مع المادة المظلمة، بالرغم من أن فرص التفاعل قليلة للغاية، إلّا أنّ المهمة الأكثر صعوبة هي الكشف عن جُسيمات المادة المظلمة المتعادلة التي لا تحمل شحنة، وحتّى الآن فإن الأثر الوحيد الذي استطاع هذا المصادم أن يستدل منه على جُسيمات المادة المظلمة، هو حدوث تغير ضئيل في طاقة الكاشف نتيجة ارتطام النوى الخاصة لجُسيمات المادة المظلمة به، ومن الجدير ذكره أن هذه الكواشف مُصَممة لتكون حساسة جدًا وباردة للغاية؛ حتى يسهل رصد التغيرات الضئيلة في الطاقة.
أمّا الطريقة الأخرى للكشف المباشر فتتم باستخدام كواشف السوائل النبيلة أو الخاملة، والتي تعتمد على ظهور وميض أو لمعان عند ارتطام جُسيم المادة المظلمة بذرة الأرجون أو الزينون مثل تجربة (زينون100) وتجربة (لوكس) وتجربة (زيبلين) بجانب تجربة البحث البارد التي تحتوي على أقراص بحجم أقراص الهوكي مكوّنة من الجرمانيوم أو السليكون، يعلوها جهاز تسجيل دقيق وهو مجس فوتونات، ويحتوي أيضًا على جهاز التداخل الكمي فائق التوصيل، فهو يعمل بدقة عالية للغاية.
أما الكشف غير المباشر فيعتمد على فناء المادة المظلمة مع نفسها، أو مع الجُسيم المضاد لها، الأمر الذي لا يحدث بمعدل كافٍ للتأثير على الكثافة الكلية للمادة المظلمة حتى يمكننا ملاحظة هذا التغيير، ولكنه يصدر إشارة قابله للقياس؛ لأن فناءها يُنتج جُسيمات جديدة تحمل الطاقة إلى البعيد، أو إنتاج جُسيمات تنتمي للنموذج القياسي مثل الإلكترونات والبوزيترونات، كما في تجربة (باميلا) التي تبحث عن البوزيترونات.
تلعب المادة المظلمة دورًا أساسيًا في تحديد شكل الكون، عن طريق توفير قدر كبير من الجاذبية المطلوبة لنمو المجرات، وربما كان من المستحيل تكوّن المجرات دون وجود هذه المادة، وبالتالي استحالة ظهور الحياة نفسها.