فراشري (نعيم -)
(1846-1900)
نعيم فراشري Naim Frasheri شاعر ألباني المولد والانتماء. ولد في قرية تقع في الجنوب الألباني قريبة من مدينة «بيرات» لأسرة محدودة الموارد تعمل في التجارة، أمضى طفولته في قريته الريفية التي تتمتع بجمال طبيعي ساحر، وأنهى دراسته الأولية فيها، ثم تتلمذ لأحد شيوخها «البكتاشيين» (المثقفين المسلمين)، فتعلم العربية والفارسية والتركية، واطّلع على آداب تلك اللغات من مصادرها الأصلية، فاهتم بثقافتها واتسع أفقه الأدبي. انتقلت أسرته في عام 1865 إلى مدينة يانينا Janina المركز الإداري للمنطقة آنذاك، فعكف على المطالعة، واطلع على آثار هوميروس[ر] وفرجيليوس[ر]، وشحذت آداب اليونان والرومان قريحته ووسعّت خياله، كما تابع نتاج الكتّاب الفرنسيين الذين مهّدوا للثورة الفرنسية مثل فولتير[ر] وجان جاك روسو[ر]، فتشبّع بروح الحرية التي فجّرتها كتاباتهم، وما أفضت إليه من انقلاب تاريخي على الملكية المستبدة والإقطاع، وعبّر عن إعجابه بأدبهم التحرري. امتزجت ثقافته الغربية بمؤثرات شرقية فقرأ باللغة الفارسية آثار أعلام الشعراء مثل جلال الدين الرومي[ر]، فكانت محاولاته الشعرية الأولى في ديوانه «تخيلات» Tehajylat عام (1884) لوناً من التقليد والاتباع قبل أن يتوصل إلى صوته الشعري الخاص.
دخل فراشري السلك الوظيفي في عام 1874، لكنه سافر إلى اصطنبول للاستشفاء ثم عاد إلى وطنه وكانت الدولة العثمانية قد تردت حالتها، وانتشرت الحركات الاستقلالية لدى الشعوب الخاضعة لها، ومنها الشعوب البلقانية والعربية، وتجسدت المقاومة الألبانية في صورة روابط وجمعيات سياسية تطالب بالاستقلال والتحرر. وكان من أبرز هذه الروابط السياسية، «رابطة بريزرن» Lidhja Prezernit التي تزعمها شقيقه عبدول وتبوأ منصباً قيادياً فيها.
اشتهرت أسرة «فراشري» في هذه المرحلة أيضاً بعطائها الفكري، فكان أخوه «سامي فراشري Sami Frasheri» أحد أعلام الأدب واللغة، وهو مؤلف «معجم الأعلام» باللغة التركية في أربعة أجزاء.
انتقل فراشري في عام 1882 مع أسرته إلى اصطنبول، وانضم فيها إلى جماعة الألبان المنادين بالتحرر والاستقلال، وآثر أن يخدم قضية وطنه بشعره وبنشر الوعي القومي للجماهير التي استكانت لواقعها عبر حكم طويل امتد أربعة قرون ونيفاً. فقدّ كان من روّاد النهضة الألبانية وأعلامها، وأسعفه عمله موظفاً في وزارة التعليم بالسماح له بنشر آثاره باللغة الألبانية، فكانت هذه الأعمال حجر الأساس في النهضة الوطنية الألبانية.
كان الشعر لدى فراشري تعبيراً عن الواقع بكل تجلياته. وعلى الرغم من اطّلاعه الواسع على الثقافات الشرقية والغربية، ومعايشته مرحلة الثورة الإبداعية[ر] (الرومنسية)، ظل شاعراً ألبانياً في صميمه، بعيداً عن المؤثرات الوافدة. فهو في شعره الغنائي قريب من الشعراء الإبداعيين في تمجيده الألم، وتغنيه بجمال الطبيعة في وطنه، وحنينه إلى ترابها في غربته.
تابع الشاعر رسالته الوطنية والقومية في العاصمة اصطنبول حتى أرهقه المرض فمنعه من متابعة الإبداع، وتوفي قبل أن تكتحل عيناه برؤية وطنه محرراً، غير أن ألبانيا آثرت تكريمه، فنقلت رفاته إلى وطنه عام 1972م باحتفال مهيب، ودُفن في الرابية الخضراء المطلة على مدينة تيرانا ليعانق جسده ثرى وطنه الذي أحب.
من مؤلفات فراشري الأخرى «أزهار الصيف» Lulet e veres عام (1890) وهو مجموعة قصائد غزلية وسياسية وفلسفية، وملحمة شعرية كتبها بالألبانية بعنوان «كربلاء»Qerbelaja عام (1894) جسّد فيها بطولة الإمام «الحسين بن علي» وأشاد بشجاعته ونهايته المأساوية، و«تاريخ إسكندر» Histori e skender beut عام (1898) صور فيه شخصية بطل ألبانيا الكبير «إسكندر بك» وأمجاده الخالدة في مناهضة العثمانيين وتوحيد ألبانيا، و«إلياذة عمر الخيام» (أي الربـاعيـات) Iljadh e Omerit عـام (1899) التي نقلها عن الفارسـية إلى الألبانية بلغة شـعرية متألقة، و«تاريخ ألبانيا»Histori e Shqiprise عـام (1899) عرّف فيه الشعب الألباني ماضيه العريق.
عبد اللطيف الأرناؤوط
(1846-1900)
نعيم فراشري Naim Frasheri شاعر ألباني المولد والانتماء. ولد في قرية تقع في الجنوب الألباني قريبة من مدينة «بيرات» لأسرة محدودة الموارد تعمل في التجارة، أمضى طفولته في قريته الريفية التي تتمتع بجمال طبيعي ساحر، وأنهى دراسته الأولية فيها، ثم تتلمذ لأحد شيوخها «البكتاشيين» (المثقفين المسلمين)، فتعلم العربية والفارسية والتركية، واطّلع على آداب تلك اللغات من مصادرها الأصلية، فاهتم بثقافتها واتسع أفقه الأدبي. انتقلت أسرته في عام 1865 إلى مدينة يانينا Janina المركز الإداري للمنطقة آنذاك، فعكف على المطالعة، واطلع على آثار هوميروس[ر] وفرجيليوس[ر]، وشحذت آداب اليونان والرومان قريحته ووسعّت خياله، كما تابع نتاج الكتّاب الفرنسيين الذين مهّدوا للثورة الفرنسية مثل فولتير[ر] وجان جاك روسو[ر]، فتشبّع بروح الحرية التي فجّرتها كتاباتهم، وما أفضت إليه من انقلاب تاريخي على الملكية المستبدة والإقطاع، وعبّر عن إعجابه بأدبهم التحرري. امتزجت ثقافته الغربية بمؤثرات شرقية فقرأ باللغة الفارسية آثار أعلام الشعراء مثل جلال الدين الرومي[ر]، فكانت محاولاته الشعرية الأولى في ديوانه «تخيلات» Tehajylat عام (1884) لوناً من التقليد والاتباع قبل أن يتوصل إلى صوته الشعري الخاص.
دخل فراشري السلك الوظيفي في عام 1874، لكنه سافر إلى اصطنبول للاستشفاء ثم عاد إلى وطنه وكانت الدولة العثمانية قد تردت حالتها، وانتشرت الحركات الاستقلالية لدى الشعوب الخاضعة لها، ومنها الشعوب البلقانية والعربية، وتجسدت المقاومة الألبانية في صورة روابط وجمعيات سياسية تطالب بالاستقلال والتحرر. وكان من أبرز هذه الروابط السياسية، «رابطة بريزرن» Lidhja Prezernit التي تزعمها شقيقه عبدول وتبوأ منصباً قيادياً فيها.
اشتهرت أسرة «فراشري» في هذه المرحلة أيضاً بعطائها الفكري، فكان أخوه «سامي فراشري Sami Frasheri» أحد أعلام الأدب واللغة، وهو مؤلف «معجم الأعلام» باللغة التركية في أربعة أجزاء.
انتقل فراشري في عام 1882 مع أسرته إلى اصطنبول، وانضم فيها إلى جماعة الألبان المنادين بالتحرر والاستقلال، وآثر أن يخدم قضية وطنه بشعره وبنشر الوعي القومي للجماهير التي استكانت لواقعها عبر حكم طويل امتد أربعة قرون ونيفاً. فقدّ كان من روّاد النهضة الألبانية وأعلامها، وأسعفه عمله موظفاً في وزارة التعليم بالسماح له بنشر آثاره باللغة الألبانية، فكانت هذه الأعمال حجر الأساس في النهضة الوطنية الألبانية.
كان الشعر لدى فراشري تعبيراً عن الواقع بكل تجلياته. وعلى الرغم من اطّلاعه الواسع على الثقافات الشرقية والغربية، ومعايشته مرحلة الثورة الإبداعية[ر] (الرومنسية)، ظل شاعراً ألبانياً في صميمه، بعيداً عن المؤثرات الوافدة. فهو في شعره الغنائي قريب من الشعراء الإبداعيين في تمجيده الألم، وتغنيه بجمال الطبيعة في وطنه، وحنينه إلى ترابها في غربته.
تابع الشاعر رسالته الوطنية والقومية في العاصمة اصطنبول حتى أرهقه المرض فمنعه من متابعة الإبداع، وتوفي قبل أن تكتحل عيناه برؤية وطنه محرراً، غير أن ألبانيا آثرت تكريمه، فنقلت رفاته إلى وطنه عام 1972م باحتفال مهيب، ودُفن في الرابية الخضراء المطلة على مدينة تيرانا ليعانق جسده ثرى وطنه الذي أحب.
من مؤلفات فراشري الأخرى «أزهار الصيف» Lulet e veres عام (1890) وهو مجموعة قصائد غزلية وسياسية وفلسفية، وملحمة شعرية كتبها بالألبانية بعنوان «كربلاء»Qerbelaja عام (1894) جسّد فيها بطولة الإمام «الحسين بن علي» وأشاد بشجاعته ونهايته المأساوية، و«تاريخ إسكندر» Histori e skender beut عام (1898) صور فيه شخصية بطل ألبانيا الكبير «إسكندر بك» وأمجاده الخالدة في مناهضة العثمانيين وتوحيد ألبانيا، و«إلياذة عمر الخيام» (أي الربـاعيـات) Iljadh e Omerit عـام (1899) التي نقلها عن الفارسـية إلى الألبانية بلغة شـعرية متألقة، و«تاريخ ألبانيا»Histori e Shqiprise عـام (1899) عرّف فيه الشعب الألباني ماضيه العريق.
عبد اللطيف الأرناؤوط