ڤوولييوكي (هِلاّ ماريا -)
(1886-1954)
هِلاّ ماريا ڤوولييوكي Hella Maria Wuolijoki أشهر كاتبة مسرحية فنلندية في القرن العشرين، تتحدر من أصول إستونيّة، فوالدها إرنست مورِّيك Ernst Murrik كان معلّم مدرسة وصاحب متجر كتب في مدينة ڤالغا Valga في إستونيا Estonia على بحر البلطيق، ووالدتها كادري كوغامِغي Kadri Kogamägi كانت ابنة صاحب مزرعة. وكانت اللغة السائدة في وطنها آنئذٍ هي الألمانية، إلا أنَّ نمو الوعي القومي الإستوني استعاد اللغة الأم التي تنتمي إلى الأسرة اللغوية الـ «فينو - أُغرية» Finno-Ugric، فهي إذاً قريبة جداً من اللغة الفنلندية Finnish.
أنهت ڤوولييوكي الثانوية في مدينة تارتو Tartu، وتابعت دراستها في جامعة هلسنكي Helsinki حتى حصلت على الماجستير عام 1908، وفي أثناء ذلك كانت تنشر بعض كتاباتها الأدبية في الصحافة الإستونيّة. وفي عام 1907 تزوجت النائب في البرلمان الفنلندي سولو Sulo ڤوولييوكي وحصلت على الجنسية الفنلندية، وفي عام 1923 انفصلا بالطلاق نتيجة الخلافات الفكرية الجذرية بينهما، ولاسيما أن الإضراب العام سنة 1905 قد أيقظ وعيها السياسي ودفعها نحو الاشتراكية على صعيد التفكير السياسي - الاجتماعي. أما على صعيد الواقع المعيش فقد صارت منذ عام 1910 امرأة أعمال ناجحة، فأدارت شركات تجارية عدة حتى عام 1931. ومنذ ما بعد الحرب الأهلية الفنلندية (1917-1918) صار منزلها في هلسنكي وكذلك مزرعتها الشهيرة في مارليبِك Marlebäck مركزاً لاجتماعات المثقفين والسياسيين اليساريين. وفي الوقت نفسه شغلت بين 1931-1938 منصب رئيس مجلس إدارة شركة النفط الفنلندية Suomen Nofta.
كتبت ڤوولييوكي أولى مسرحياتها عام 1912 بعنوان «أطفال البيت» Talulapset باللهجة الإستونية، وقدَّمتها إلى المسرحين البلديين في العاصمتين تالّين Tallin وهلسنكي، لكنَّ السلطات القيصرية منعت كلا العرضين. وعندما بلغت الخامسة والأربعين من عمرها خصصت جلَّ وقتها للتأليف المسرحي باللغة الفنلندية، وبالاسم المستعار يوهاني تِرڤابا Juhani Tervapää. وكان من أبرز أصدقائها من الكتَّاب العالميين كلّ من بريشت Brecht وغوركي Gorki. وما يلفت النظر في مسرحياتها الست عشرة هو أنها لم تولِ كبير اهتمام بالقيمة الأدبية للغة، بقدر تركيزها على التأثير النابع من العرض، وعلى رشاقة وواقعية الحوار الذي يمنح الأدوار مصداقيتها الحياتية ويعمق التواصل بين المنصة والصالة. وفي أثناء الثلاثينيات عرضت المسارح الفنلندية من مسرحياتها: «الوزير والشيوعي» Ministeri ja Kommunist عام (1932)، و«القانون والنظام» Laki ja Järjestys عام (1933) اللتين تناولتا موضوع الحرب الأهلية في هلسنكي عام 1918. وفي عام 1937 ظهرت مسرحيتها المعروفة «ابنة صاحب المزرعة» Juurakon Hulda التي حققت شهرة عالمية عندما حولتها هوليوود إلى فيلم كوميدي رومنسي فاز بجائزة الأوسكار عام 1947.
أما أبرز أعمالها التي منحتها السمعة والتأثير في الواقع السياسي فهي سلسلة من خمس مسرحيات بعنوانٍ رئيسٍ هو «نيسكاڤووري» Niskavuori الذي يشير إلى اسم المزرعة وإلى اسم مؤسِسِتها الأولى في الوقت نفسه. ويحمل كل جزء من الخماسية عنواناً فرعياً يحدد موضوعها. تعالج الخماسية دور المرأة الفعال في الحفاظ على القيم الفلاحية وعلى تماسك العائلة وتنمية الثروة الزراعية في الحقبة الممتدة بين 1880-1940 في وسط شرقي فنلندا. ويبزر في هذه الأعمال أيضاً تأثير زواج المال (أي الدوطة أو المهر الذي تدفعه عائلة العروس للعريس) في البنية الاجتماعية والأخلاقية للعائلة الفلاحية الفنلندية.
عندما أقام بريشت عام 1940 في مزرعة ڤوولييوكي لفت نظره نص مسرحيتها «أميرة نشارة الخشب» Sahanpuruprinsessa، فعملا معاً على إعادة صياغتها من منظور ماركسي، فظهر نتيجة لذلك صيغتان، فنلندية باسم ڤوولييوكي بعنوان «الإقطاعي إسو هَيكيلا وتابعه كالِّه» Iso-Heikkilän isäntä ja hänen renkisä Kalle عام (1940)، وصيغة ألمانية باسم بريشت بعنوان «السيد بونتيلا وتابعه ماتّي» Herr Puntila und sein Knecht Matti؛ التي عرضت لأول مرة في زوريخ Zürich عام 1948، وانتقلت منها إلى مسارح العالم، بما فيها المسرح القومي في دمشق عام 1980.
في أثناء الحرب العالمية الثانية أسهمت ڤوولييوكي في مباحثات سلام سرية بين فنلندا والاتحاد السوڤييتي السابق، فاعتُقِلَت واتُهِمَت بالخيانة العظمى وحُكم عليها بالإعدام، ثمَّ خُفف الحكم إلى السجن المؤبد، حيث كتبت مذكرات حياتها. وعندما أفرج عنها بعد انتهاء الحرب، انتسبت إلى الحزب الشيوعي الفنلندي وصارت عضواً في البرلمان عام 1946 ومديرة الإذاعة الفنلندية بين 1945-1949 حيث عملت على نشر الثقافة الإنسانية التقدمية العالمية، فعرَّفت الجمهور الفنلندي أعمالَ غوغول Gogol وإبسن Ibsen وغوركي وأونيل O’Neill وبريشت، باقتباس أعمالهم للإذاعة.
توفيت ڤوولييوكي في هلسنكي عن عمر يناهز الثانية والسبعين.
نبيل الحفار
(1886-1954)
هِلاّ ماريا ڤوولييوكي Hella Maria Wuolijoki أشهر كاتبة مسرحية فنلندية في القرن العشرين، تتحدر من أصول إستونيّة، فوالدها إرنست مورِّيك Ernst Murrik كان معلّم مدرسة وصاحب متجر كتب في مدينة ڤالغا Valga في إستونيا Estonia على بحر البلطيق، ووالدتها كادري كوغامِغي Kadri Kogamägi كانت ابنة صاحب مزرعة. وكانت اللغة السائدة في وطنها آنئذٍ هي الألمانية، إلا أنَّ نمو الوعي القومي الإستوني استعاد اللغة الأم التي تنتمي إلى الأسرة اللغوية الـ «فينو - أُغرية» Finno-Ugric، فهي إذاً قريبة جداً من اللغة الفنلندية Finnish.
أنهت ڤوولييوكي الثانوية في مدينة تارتو Tartu، وتابعت دراستها في جامعة هلسنكي Helsinki حتى حصلت على الماجستير عام 1908، وفي أثناء ذلك كانت تنشر بعض كتاباتها الأدبية في الصحافة الإستونيّة. وفي عام 1907 تزوجت النائب في البرلمان الفنلندي سولو Sulo ڤوولييوكي وحصلت على الجنسية الفنلندية، وفي عام 1923 انفصلا بالطلاق نتيجة الخلافات الفكرية الجذرية بينهما، ولاسيما أن الإضراب العام سنة 1905 قد أيقظ وعيها السياسي ودفعها نحو الاشتراكية على صعيد التفكير السياسي - الاجتماعي. أما على صعيد الواقع المعيش فقد صارت منذ عام 1910 امرأة أعمال ناجحة، فأدارت شركات تجارية عدة حتى عام 1931. ومنذ ما بعد الحرب الأهلية الفنلندية (1917-1918) صار منزلها في هلسنكي وكذلك مزرعتها الشهيرة في مارليبِك Marlebäck مركزاً لاجتماعات المثقفين والسياسيين اليساريين. وفي الوقت نفسه شغلت بين 1931-1938 منصب رئيس مجلس إدارة شركة النفط الفنلندية Suomen Nofta.
كتبت ڤوولييوكي أولى مسرحياتها عام 1912 بعنوان «أطفال البيت» Talulapset باللهجة الإستونية، وقدَّمتها إلى المسرحين البلديين في العاصمتين تالّين Tallin وهلسنكي، لكنَّ السلطات القيصرية منعت كلا العرضين. وعندما بلغت الخامسة والأربعين من عمرها خصصت جلَّ وقتها للتأليف المسرحي باللغة الفنلندية، وبالاسم المستعار يوهاني تِرڤابا Juhani Tervapää. وكان من أبرز أصدقائها من الكتَّاب العالميين كلّ من بريشت Brecht وغوركي Gorki. وما يلفت النظر في مسرحياتها الست عشرة هو أنها لم تولِ كبير اهتمام بالقيمة الأدبية للغة، بقدر تركيزها على التأثير النابع من العرض، وعلى رشاقة وواقعية الحوار الذي يمنح الأدوار مصداقيتها الحياتية ويعمق التواصل بين المنصة والصالة. وفي أثناء الثلاثينيات عرضت المسارح الفنلندية من مسرحياتها: «الوزير والشيوعي» Ministeri ja Kommunist عام (1932)، و«القانون والنظام» Laki ja Järjestys عام (1933) اللتين تناولتا موضوع الحرب الأهلية في هلسنكي عام 1918. وفي عام 1937 ظهرت مسرحيتها المعروفة «ابنة صاحب المزرعة» Juurakon Hulda التي حققت شهرة عالمية عندما حولتها هوليوود إلى فيلم كوميدي رومنسي فاز بجائزة الأوسكار عام 1947.
أما أبرز أعمالها التي منحتها السمعة والتأثير في الواقع السياسي فهي سلسلة من خمس مسرحيات بعنوانٍ رئيسٍ هو «نيسكاڤووري» Niskavuori الذي يشير إلى اسم المزرعة وإلى اسم مؤسِسِتها الأولى في الوقت نفسه. ويحمل كل جزء من الخماسية عنواناً فرعياً يحدد موضوعها. تعالج الخماسية دور المرأة الفعال في الحفاظ على القيم الفلاحية وعلى تماسك العائلة وتنمية الثروة الزراعية في الحقبة الممتدة بين 1880-1940 في وسط شرقي فنلندا. ويبزر في هذه الأعمال أيضاً تأثير زواج المال (أي الدوطة أو المهر الذي تدفعه عائلة العروس للعريس) في البنية الاجتماعية والأخلاقية للعائلة الفلاحية الفنلندية.
عندما أقام بريشت عام 1940 في مزرعة ڤوولييوكي لفت نظره نص مسرحيتها «أميرة نشارة الخشب» Sahanpuruprinsessa، فعملا معاً على إعادة صياغتها من منظور ماركسي، فظهر نتيجة لذلك صيغتان، فنلندية باسم ڤوولييوكي بعنوان «الإقطاعي إسو هَيكيلا وتابعه كالِّه» Iso-Heikkilän isäntä ja hänen renkisä Kalle عام (1940)، وصيغة ألمانية باسم بريشت بعنوان «السيد بونتيلا وتابعه ماتّي» Herr Puntila und sein Knecht Matti؛ التي عرضت لأول مرة في زوريخ Zürich عام 1948، وانتقلت منها إلى مسارح العالم، بما فيها المسرح القومي في دمشق عام 1980.
في أثناء الحرب العالمية الثانية أسهمت ڤوولييوكي في مباحثات سلام سرية بين فنلندا والاتحاد السوڤييتي السابق، فاعتُقِلَت واتُهِمَت بالخيانة العظمى وحُكم عليها بالإعدام، ثمَّ خُفف الحكم إلى السجن المؤبد، حيث كتبت مذكرات حياتها. وعندما أفرج عنها بعد انتهاء الحرب، انتسبت إلى الحزب الشيوعي الفنلندي وصارت عضواً في البرلمان عام 1946 ومديرة الإذاعة الفنلندية بين 1945-1949 حيث عملت على نشر الثقافة الإنسانية التقدمية العالمية، فعرَّفت الجمهور الفنلندي أعمالَ غوغول Gogol وإبسن Ibsen وغوركي وأونيل O’Neill وبريشت، باقتباس أعمالهم للإذاعة.
توفيت ڤوولييوكي في هلسنكي عن عمر يناهز الثانية والسبعين.
نبيل الحفار