ارتباطاً عالياً بالقابليات المفرقة. ولعلنا نذكر من فصول سابقة ان هدين العالمين وجدا ان المجمعين بصورة عامة يكون لهم آباء ذوو مهن وخريجو جامعة ( بيروقراطيون ) في حين ان المفرقين يكون لهم آباء من رجال الأعمال ( مقاولون ) . وبالرغم من ان جميع البحوث لم تؤيد هذا الاكتشاف فإن اكتشاف ( ويسبرغ و سبرنغر ) من أن درجة استقلال الأب على صلة بقابلية الأطفال في التفكير المفرق ينسجم مع ( ماككينون ) . إن الأسرة التي لا تكون منخرطة في البيروقراطية ولا تخضع للتتابع والتسلسل الوظيفي أقدر على خلق مناخ يكون فيه إمكان المخاطرة جزءاً من روتين الحياة ويكون الاستقلال أقرب الى خلق الآباء والأبناء . هذا وقد لوحظ مراراً وتكراراً ان مشاهير الأشخاص يكونون في المعتاد الولد الأول في الأسرة وبمقدار ما تسمح به الصدفة المجردة كما لاحظ ( ماككينون ) عام ١٩٦٢ ان أسر أكثر المهندسين المعماريين إبداعاً أسر كثيرة التنقل. إن كثرة التنقل تغني الخبرة والإثارة عند الأطفال وهي تعني اقتلاع الطفل من بيئة وغرسه في بيئة غير مألوفة ولعل في هذا تعليلاً لميل المبدعين الى التوحد والانعزال . .
والخلاصة، ما هي الصورة العامة لأسر أولئك الذين يكونون مبدعين أو على الأقل يتمتعون بمواهب مفرقة ؟ يبدو ان هذه الأسر تنتمي الى الطبقة المتوسطة ويكون الأب متمتعاً باستقلال ذي بال في مهنته وعمله وهكذا فإن الأب يقدم مثلاً على الاستقلال ومن ثم فإن الأهل يمنحون طفلهم قدراً معقولاً من الاستقلال . ثم ان الوالدين يكونان متحمسين للفاعليات المبدعة ويحاولان تشجيع فضول الولد وميله الى البحث ويثيرانه من أجل الإنجاز المستقل. ومع ذلك فإن الوالدين لا يضغطان على الطفل بل يسمحان له بالنمو والتكون معدله الخاص وفي الاتجاه الذي يرغب فيه، وغالباً ما يكون الوالدان متسامحين . هذا وتكون العلاقات في الأسرة دافئة ، وليس من الضروري أن تكون العائلة منسجمة كل الانسجام إن التعبير الصريح عن المشاعر ، بل وشيء من الخلاف، أمران سويان وهما جزء من حياة الأسرة. .
هذا ويجب أن لا يغيب عن البال ان الأسرة لا تستطيع أن تعمل إلا ضمن حدود الحضارة التي تجد نفسها ضمنها ، وان الفرد يتأثر تأثراً عميقاً باحتكاكاته بالآخرين وبالمحيط الواسع الذي يحيط به تأثره بأسرته . وها هنا يقوم سؤال : الى أي مدى تسمح الحضارة بالانحراف عن التقاليد ؟ والى أي مدى تسمح للفرد بفرص للخبرة المبدعة ؟ هل تتمسك الحضارة بالقيم التي تتشدد بالالتزام بالمعايير الموضوعة ؟ كل هذه الأسئلـة وسواها تؤثر في ازدهار الانتاج المبدع ضمن الجماعة : يقول ( ستين Stein ) عام ١٩٦٣ ما يلي :
ان المدى الذي يصل اليه ازدهار النتاجات المبدعة يتوقف على المدى الذي تسمح به التأثيرات الحضارية فيما يخص الحرية بين الفرد وبيئته والحرية ضمن الفرد ، كما يتوقف على المدى الذي تشجع اليه الاختلاف والتنوع وتتسامح بالغموض الظاهر الذي يوحي به مثل هذا التنوع .
وقد بحث ( تورانس ) عام ١٩٦٥ آراء المعلمين في خمس حضارات مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية والمانيا والهند واليونان والفلبين فيما يخص السلوك المتصل بالإبداع. فوجد ان المعلمين في كل هذه الحضارات - لا يوافقون على السلوك من نوع : طرح الأسئلة والتخمين والحرية في المحاكمة والتفكير والحدسية والمخاطرة وعدم تقبل .
الآراء لمجرد كونها صادرة عن سلطة علمية . ومن جهة أخرى فقد وافق - وما شابهها . هذا هؤلاء المعلمون وبدرجات متباينة على قيم من مثل الطاعة واللطف ويجب أن نلاحظ ان المعلمين المدروسين لم يكونوا متفقين جميعهم على ما يعتبرونه السلوك الأنسب وان معلمي الولايات المتحدة كانوا أقرب الى تشجيع الإبداع في حين كان معلمو الفلبين أبعد ما يكون عن تشجيعه .
وقد قام ( فرنون Vernon ) بدراسة عام ١٩٦٧ طبق فيها الاختبارات المفرقة على الأطفال الانكليز والهبريديين والأسكيمو والهنود الكنديين بصورة عامة - أن الأطفال الهبريديين يشبهون الأطفال الانكليز مع شيء من المنع للتخيل الإبداعي . وقبل قراءة ما كتبه (فرنون) الأطفال الاسكيمو والهنود يجب أن نذكر ان (الطلاقة الفكرية ) هي مقياس لنوعية الانتاج في حين ان (الأصالة) هي عامل يدل على ذكاء الفكرة أو وحدانيتها . يقول فرنون :
إن كلا من الأطفال الاسكيمو والهنود ، وبالرغم من فقر خلفيتها الاقتصادية والحضارية المدقعة وبالرغم من ضعفها باللغة الانكليزية ، كانوا لا يقلون ارتفاعاً في الطلاقة الفكرية عن الأطفال الانكليز ، بل كانوا . أحياناً يفوقونهم وذلك بالرغم من ان نوعية ترابطانهم أو قصصهم كانت أفقر . ولقد أظهر الهنود بصورة خاصة دأباً شديداً ونقصاً في الأصالة تمكن نسبته الى النقص في إثارتهم الحضارية والمبالغة في المحافظة وعدم : التعاون حضارة البيض .
أما الاسكيمو فقد حصلوا على تسجيلات في كثير من المتحولات الأصلية مشابهة لما حصل عليه الانكليز. وهذا يناسب ما هو معروف عن الاسكيمو من قدرة على التكيف وروح المبادرة بالمقارنة مع الأطفال الهنود ) .
وهكذا يتضح لنا مرة أخرى اثر التقاليد الحضارية والمواقف الحضارية. ما هي النظرية التي تفسر العلاقات التي تبينت مما سبق ذكره ؟ إن ( هارفي Harvey ) عام ١٩٦٦ يقدم نظرية تفسر التأثيرات النمائية على الإبداع . انه يبدأ بالقول بأن جميع الأنظمة والعضويات الطبيعية تتطور بواسطة عمليتي التفريق والتوحيد بحيث ان الأجزاء غير المميزة أصلاً في النظام تصبح بالتدريج أكثر تميزاً وتكيفاً بالنسبة لغرضها، وهي في الوقت مترابطة بعضها البعض كأجزاء من منظومة أعلى مستوى . إن عمليتي التميز والتوحد توجد مستويات مختلفة من التنظيم في المنظومات يمكن أن ترتب على مقياس يتراوح بين الحسية والتجريد وقد عزل ( هارفي ) أربع مستويات يتصرف الفرد بحسبها ، ويمثل المستوى الأول الصيغة الأكثر حسية في التفسير والاستجابة الى العالم ويفترض انه ينجم عن تاريخ تدريبي ينحصر الفرد النامي ضمنه في ريادة العالم من حوله . أما المستوى الرابع وهو الأكثر تجريداً والواقع في النهاية المقابلة ، فيعتبر نتيجة للحرية الممنوحة في أثناء الطفولة حرية ريادة النواحي الاجتماعية. والمادية من العالم ، حرية حل المشكلات وتطوير الحلول دون خوف من القصاص بسبب الخروج على الحقائق الموضوعة . ونستطيع القول على أساس نظري وأساس البحوث الخبرية ان الشخص الموجود على هذا المستوى المجرد أقرب الى الانخراط في البحث وانتاج حلول مرنة وجديدة للمشكلات من الشخص الموجود على المستوى المقابل ( المستوى الأول ) وبالتالي فإنه يكون أكثر إبداعاً .
والخلاصة، ما هي الصورة العامة لأسر أولئك الذين يكونون مبدعين أو على الأقل يتمتعون بمواهب مفرقة ؟ يبدو ان هذه الأسر تنتمي الى الطبقة المتوسطة ويكون الأب متمتعاً باستقلال ذي بال في مهنته وعمله وهكذا فإن الأب يقدم مثلاً على الاستقلال ومن ثم فإن الأهل يمنحون طفلهم قدراً معقولاً من الاستقلال . ثم ان الوالدين يكونان متحمسين للفاعليات المبدعة ويحاولان تشجيع فضول الولد وميله الى البحث ويثيرانه من أجل الإنجاز المستقل. ومع ذلك فإن الوالدين لا يضغطان على الطفل بل يسمحان له بالنمو والتكون معدله الخاص وفي الاتجاه الذي يرغب فيه، وغالباً ما يكون الوالدان متسامحين . هذا وتكون العلاقات في الأسرة دافئة ، وليس من الضروري أن تكون العائلة منسجمة كل الانسجام إن التعبير الصريح عن المشاعر ، بل وشيء من الخلاف، أمران سويان وهما جزء من حياة الأسرة. .
هذا ويجب أن لا يغيب عن البال ان الأسرة لا تستطيع أن تعمل إلا ضمن حدود الحضارة التي تجد نفسها ضمنها ، وان الفرد يتأثر تأثراً عميقاً باحتكاكاته بالآخرين وبالمحيط الواسع الذي يحيط به تأثره بأسرته . وها هنا يقوم سؤال : الى أي مدى تسمح الحضارة بالانحراف عن التقاليد ؟ والى أي مدى تسمح للفرد بفرص للخبرة المبدعة ؟ هل تتمسك الحضارة بالقيم التي تتشدد بالالتزام بالمعايير الموضوعة ؟ كل هذه الأسئلـة وسواها تؤثر في ازدهار الانتاج المبدع ضمن الجماعة : يقول ( ستين Stein ) عام ١٩٦٣ ما يلي :
ان المدى الذي يصل اليه ازدهار النتاجات المبدعة يتوقف على المدى الذي تسمح به التأثيرات الحضارية فيما يخص الحرية بين الفرد وبيئته والحرية ضمن الفرد ، كما يتوقف على المدى الذي تشجع اليه الاختلاف والتنوع وتتسامح بالغموض الظاهر الذي يوحي به مثل هذا التنوع .
وقد بحث ( تورانس ) عام ١٩٦٥ آراء المعلمين في خمس حضارات مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية والمانيا والهند واليونان والفلبين فيما يخص السلوك المتصل بالإبداع. فوجد ان المعلمين في كل هذه الحضارات - لا يوافقون على السلوك من نوع : طرح الأسئلة والتخمين والحرية في المحاكمة والتفكير والحدسية والمخاطرة وعدم تقبل .
الآراء لمجرد كونها صادرة عن سلطة علمية . ومن جهة أخرى فقد وافق - وما شابهها . هذا هؤلاء المعلمون وبدرجات متباينة على قيم من مثل الطاعة واللطف ويجب أن نلاحظ ان المعلمين المدروسين لم يكونوا متفقين جميعهم على ما يعتبرونه السلوك الأنسب وان معلمي الولايات المتحدة كانوا أقرب الى تشجيع الإبداع في حين كان معلمو الفلبين أبعد ما يكون عن تشجيعه .
وقد قام ( فرنون Vernon ) بدراسة عام ١٩٦٧ طبق فيها الاختبارات المفرقة على الأطفال الانكليز والهبريديين والأسكيمو والهنود الكنديين بصورة عامة - أن الأطفال الهبريديين يشبهون الأطفال الانكليز مع شيء من المنع للتخيل الإبداعي . وقبل قراءة ما كتبه (فرنون) الأطفال الاسكيمو والهنود يجب أن نذكر ان (الطلاقة الفكرية ) هي مقياس لنوعية الانتاج في حين ان (الأصالة) هي عامل يدل على ذكاء الفكرة أو وحدانيتها . يقول فرنون :
إن كلا من الأطفال الاسكيمو والهنود ، وبالرغم من فقر خلفيتها الاقتصادية والحضارية المدقعة وبالرغم من ضعفها باللغة الانكليزية ، كانوا لا يقلون ارتفاعاً في الطلاقة الفكرية عن الأطفال الانكليز ، بل كانوا . أحياناً يفوقونهم وذلك بالرغم من ان نوعية ترابطانهم أو قصصهم كانت أفقر . ولقد أظهر الهنود بصورة خاصة دأباً شديداً ونقصاً في الأصالة تمكن نسبته الى النقص في إثارتهم الحضارية والمبالغة في المحافظة وعدم : التعاون حضارة البيض .
أما الاسكيمو فقد حصلوا على تسجيلات في كثير من المتحولات الأصلية مشابهة لما حصل عليه الانكليز. وهذا يناسب ما هو معروف عن الاسكيمو من قدرة على التكيف وروح المبادرة بالمقارنة مع الأطفال الهنود ) .
وهكذا يتضح لنا مرة أخرى اثر التقاليد الحضارية والمواقف الحضارية. ما هي النظرية التي تفسر العلاقات التي تبينت مما سبق ذكره ؟ إن ( هارفي Harvey ) عام ١٩٦٦ يقدم نظرية تفسر التأثيرات النمائية على الإبداع . انه يبدأ بالقول بأن جميع الأنظمة والعضويات الطبيعية تتطور بواسطة عمليتي التفريق والتوحيد بحيث ان الأجزاء غير المميزة أصلاً في النظام تصبح بالتدريج أكثر تميزاً وتكيفاً بالنسبة لغرضها، وهي في الوقت مترابطة بعضها البعض كأجزاء من منظومة أعلى مستوى . إن عمليتي التميز والتوحد توجد مستويات مختلفة من التنظيم في المنظومات يمكن أن ترتب على مقياس يتراوح بين الحسية والتجريد وقد عزل ( هارفي ) أربع مستويات يتصرف الفرد بحسبها ، ويمثل المستوى الأول الصيغة الأكثر حسية في التفسير والاستجابة الى العالم ويفترض انه ينجم عن تاريخ تدريبي ينحصر الفرد النامي ضمنه في ريادة العالم من حوله . أما المستوى الرابع وهو الأكثر تجريداً والواقع في النهاية المقابلة ، فيعتبر نتيجة للحرية الممنوحة في أثناء الطفولة حرية ريادة النواحي الاجتماعية. والمادية من العالم ، حرية حل المشكلات وتطوير الحلول دون خوف من القصاص بسبب الخروج على الحقائق الموضوعة . ونستطيع القول على أساس نظري وأساس البحوث الخبرية ان الشخص الموجود على هذا المستوى المجرد أقرب الى الانخراط في البحث وانتاج حلول مرنة وجديدة للمشكلات من الشخص الموجود على المستوى المقابل ( المستوى الأول ) وبالتالي فإنه يكون أكثر إبداعاً .
تعليق