(1879-1970)
ولد الكاتب الإنكليزي إدوارد مورغان فورستر Edward Morgan Forster المعروف بالحروف الأولى من اسمه «إ.م» E.M في لندن لأب توفي بعد ولادته بوقت قصير، فسيطرت النساء على طفولته. أقام مع والدته في بلدة تنبرِدج Tonbridge ودرس في مدرستها وفي جامعة كمبردج، وانساق مع حلقة بلومزبري Bloomsbury التي ضمت عدداً من الفنانين والأدباء المتمردين على القيم الفكتورية ومنهم فرجينيا وولف. سافر إلى إيطاليا واليونان وتكونت هناك مادة رواياته الأولى التي تحكي قصص السائحين الإنكليز في الخارج وتنتقد تصرفاتهم. كتب أيضاً في الصحافة حيث نشر قصصه القصيرة الأولى، وعمل في المكتبة الوطنية وشارك في نشاطات ثقافية كثيرة وكان أول رئيس لجمعية الكتاب الإنكليزية. منح وسام الاستحقاق الإنكليزي قبل وفاته بوقت قصير في مدينة كوڤنتري Coventry.
نشر فورستر أولى رواياته «مكان لا تطؤه الملائكة» Where Angels Fear to Tread عام 1905، وتلتها روايات «الـرحلة الأطـول» The Longest Journey عام (1907)، و«غرفة ذات إطلالة»A Room With A View عام (1908). أما «هواردز إند»Howards End عام (1910) فقد ثبتت مكانته الأدبية روائياً مهماً. وتبحث هذه الرواية في العلاقات العائلية والإنسانية، وأيضاً في تعارض القيم، والخيارات المتاحة أمام الإنسان، من خلال شخصيتي الأختين شليغل Schlegel، وزواج إحداهـن التي تقطن مع زوجـها في هواردز إند وهو اسم بيتهما الذي يرمز إلى الكرامة الإنسانية والصمود في وجـه التحديات. كتب فورستر أيضاً «موريس»Maurice عام (1913) وهي رواية ذات موضوع شائك هو الشذوذ الجنسي، تم تداولها بين معارفه ولم تنشر إلا عام 1971، كما كانت حال رواية أخرى حول ذات الموضوع «الحياة القادمة»The Life to Come عام (1927).
مع نشوب الحرب العالمية الأولى عمل فورستر في الصليب الأحمر وسافر عام 1915 إلى الإسكندرية حيث تعرف الشاعر المصري اليوناني الأصل قسطنطين كڤافي C.Cavafy وساعده على نشر مؤلفاته في بريطانيا. وعن الإسكندرية كتب «الإسكندرية: تاريـخ ودلـيل» Alexandria: A History and a Guide عـام (1922) الذي أُعيد طبعه معدلاً عام 1938. قام فورستر أيضاً بعدة رحـلات إلى الـهند، وكتب بعد إحـداها روايته الأهـم «رحلة إلى الهند»Passage to India عام (1924) التي كان قد بدأها قبل نشوب الحرب العالمية الأولى وكانت آخر رواياته. تجري أحداث الرواية في الهند في الحقبة التي سبقت الاستقلال عن المستعمر الإنكليزي، وتعالج موضوع العلاقة بين الشرق والغرب داخلة بذلك في صلب معضلة الاستشراق. وتمثل شخصيات الرواية الرئيسة مواقف متأصلة من هذه العلاقة، فالطبيب الهندي عزيز Aziz يمثل الإنسان الشرقي الذي تسوقه طيبته، بل ربما سذاجته وشعوره الدوني تجاه الإنسان الغربي، إلى التورط مع شخصيات إنكليزية مثل فيلدنغ Fielding المتنور وآديلا Adela المتخبطة في عالم الهند العجيب الغريب عنها، والسيدة مور Mrs. Moore الوسيط بين هذين العالمين المتناقضين. ومع إدراك طرفي النقيض شراكتهما في الشرط (الوضع) الإنساني، ومع ما يضفيه سمو الفكرة المطروحة وسحر المكان ومشهدية الحدث، تظل المفارقة أن سعي الكاتب، على صعيد أدبه وحياته الخاصة، للتوفيق بين الشرق والغرب قد رسخ الاختلاف؛ فقيم الشرق الروحية المتفوقة، وفوقية الغرب المادية لا يمكن أن تلتقيا، فلا بصيص أمل في ردم الهوة بينهما على المدى المنظور.
ألقى فورستر عام 1927 عدداً من المحاضرات في جامعة كمبردج نشرت بعنوان «سمات الرواية»Aspects of the Novel عام (1927) لم تحظ برضا كثيرين ممن حوله، إلا أنها أضحت من أبرز المراجع في النقد الأدبي، وارتبط مع الجامعة لسنوات عديدة تلت. كتب أيضاً في السيرة وفي القصة القصيرة «اللحظة الأبدية»The Eternal Moment عام (1928) وفي المقالة «حصاد آبنجر»Abinger Harvest عام (1936) و«تهليلتان للديمقراطية»Two Cheers for Democracy عام (1951)، واشترك مع إريك كروزير Eric Crozier بكتابة ليبريتو Libretto لأوبرا «بيلي بَد» Billy Budd للموسيقار الإنكليزي بنجامين بريتن Benjamin Britten.
آمن فورستر بحرية الكلمة وكان مناهضاً للرقابة بأشكالها كافة، فشارك عام 1960 في الدفاع عن ناشري رواية ديفيد هربرت لورنس D.H.Laurence «عشيق الليدي تشاترلي» Lady Chatterley’s Lover المحظورة. وأولى في رواياته الأهمية للحدث وأبقى الحبكة في المكان الثاني، كما اهتم بالتطور النفسي للشخصيات، وكان له فضل كبير في تطوير البناء الروائي.
طارق علوش
نشر فورستر أولى رواياته «مكان لا تطؤه الملائكة» Where Angels Fear to Tread عام 1905، وتلتها روايات «الـرحلة الأطـول» The Longest Journey عام (1907)، و«غرفة ذات إطلالة»A Room With A View عام (1908). أما «هواردز إند»Howards End عام (1910) فقد ثبتت مكانته الأدبية روائياً مهماً. وتبحث هذه الرواية في العلاقات العائلية والإنسانية، وأيضاً في تعارض القيم، والخيارات المتاحة أمام الإنسان، من خلال شخصيتي الأختين شليغل Schlegel، وزواج إحداهـن التي تقطن مع زوجـها في هواردز إند وهو اسم بيتهما الذي يرمز إلى الكرامة الإنسانية والصمود في وجـه التحديات. كتب فورستر أيضاً «موريس»Maurice عام (1913) وهي رواية ذات موضوع شائك هو الشذوذ الجنسي، تم تداولها بين معارفه ولم تنشر إلا عام 1971، كما كانت حال رواية أخرى حول ذات الموضوع «الحياة القادمة»The Life to Come عام (1927).
مع نشوب الحرب العالمية الأولى عمل فورستر في الصليب الأحمر وسافر عام 1915 إلى الإسكندرية حيث تعرف الشاعر المصري اليوناني الأصل قسطنطين كڤافي C.Cavafy وساعده على نشر مؤلفاته في بريطانيا. وعن الإسكندرية كتب «الإسكندرية: تاريـخ ودلـيل» Alexandria: A History and a Guide عـام (1922) الذي أُعيد طبعه معدلاً عام 1938. قام فورستر أيضاً بعدة رحـلات إلى الـهند، وكتب بعد إحـداها روايته الأهـم «رحلة إلى الهند»Passage to India عام (1924) التي كان قد بدأها قبل نشوب الحرب العالمية الأولى وكانت آخر رواياته. تجري أحداث الرواية في الهند في الحقبة التي سبقت الاستقلال عن المستعمر الإنكليزي، وتعالج موضوع العلاقة بين الشرق والغرب داخلة بذلك في صلب معضلة الاستشراق. وتمثل شخصيات الرواية الرئيسة مواقف متأصلة من هذه العلاقة، فالطبيب الهندي عزيز Aziz يمثل الإنسان الشرقي الذي تسوقه طيبته، بل ربما سذاجته وشعوره الدوني تجاه الإنسان الغربي، إلى التورط مع شخصيات إنكليزية مثل فيلدنغ Fielding المتنور وآديلا Adela المتخبطة في عالم الهند العجيب الغريب عنها، والسيدة مور Mrs. Moore الوسيط بين هذين العالمين المتناقضين. ومع إدراك طرفي النقيض شراكتهما في الشرط (الوضع) الإنساني، ومع ما يضفيه سمو الفكرة المطروحة وسحر المكان ومشهدية الحدث، تظل المفارقة أن سعي الكاتب، على صعيد أدبه وحياته الخاصة، للتوفيق بين الشرق والغرب قد رسخ الاختلاف؛ فقيم الشرق الروحية المتفوقة، وفوقية الغرب المادية لا يمكن أن تلتقيا، فلا بصيص أمل في ردم الهوة بينهما على المدى المنظور.
ألقى فورستر عام 1927 عدداً من المحاضرات في جامعة كمبردج نشرت بعنوان «سمات الرواية»Aspects of the Novel عام (1927) لم تحظ برضا كثيرين ممن حوله، إلا أنها أضحت من أبرز المراجع في النقد الأدبي، وارتبط مع الجامعة لسنوات عديدة تلت. كتب أيضاً في السيرة وفي القصة القصيرة «اللحظة الأبدية»The Eternal Moment عام (1928) وفي المقالة «حصاد آبنجر»Abinger Harvest عام (1936) و«تهليلتان للديمقراطية»Two Cheers for Democracy عام (1951)، واشترك مع إريك كروزير Eric Crozier بكتابة ليبريتو Libretto لأوبرا «بيلي بَد» Billy Budd للموسيقار الإنكليزي بنجامين بريتن Benjamin Britten.
آمن فورستر بحرية الكلمة وكان مناهضاً للرقابة بأشكالها كافة، فشارك عام 1960 في الدفاع عن ناشري رواية ديفيد هربرت لورنس D.H.Laurence «عشيق الليدي تشاترلي» Lady Chatterley’s Lover المحظورة. وأولى في رواياته الأهمية للحدث وأبقى الحبكة في المكان الثاني، كما اهتم بالتطور النفسي للشخصيات، وكان له فضل كبير في تطوير البناء الروائي.
طارق علوش