نزار قباني
*مروة صلاح متولي
** نزار قباني: من هوامش النكسة إلى آخر الأنبياء
31 - يوليو - 2023م
لم يكن نزار قباني شاعر سوريا وحدها، بل كان شاعر كل بلد عربي، وكل قلب عربي، ومن الصعب أن نجد شعراً، قديماً أو حديثاً، تحفظه الأذهان وتردده الألسن، كما تحفظ وتردد شعر نزار قباني. لا ينطبق هذا على شعره العاطفي فقط، وإنما يسري أيضاً على شعره السياسي، إذ كان نزار قباني يمسك قلمين، قلماً يسيل عذوبة على الأوراق، ويخط أجمل وأرق معاني الحب والغرام والغزل، وقلماً آخر أشبه بالسكين يفتح الجروح، ويُسيل قيحها وصديدها، حسب وصف الشاعر نفسه «يا وطني الحزين.. حولتني بلحظة.. من شاعر يكتب شعر الحب والحنين.. لشاعر يكتب بالسكين». من القلم الأول، تفوح رائحة الورود والياسمين الدمشقي، ومن القلم الثاني، تفوح رائحة المرض العربي والعفن السياسي. وقد استطاع نزار قباني، أن يتسيّد الشعر العاطفي والشعر السياسي، على الدرجة ذاتها من القوة والفرادة، وله الكثير من القصائد المتمردة، على الأوضاع والنظم القمعية القميئة، التي كان يسعى من خلالها، إلى تحطيم القيود الثقيلة والسلاسل والأغلال، بل إن قصائده تلك تعد من أفضل ما كتب في هذا الميدان. ولكل نوع قراؤه ومحبوه بطبيعة الحال، الذين يفضلونه على النوع الآخر. وهناك من يرى نزار قباني، شاعراً عاطفياً في الأساس، وهناك من يراه شاعراً سياسياً أصيلاً، لا ينفصل عن السياسة حتى في شعره العاطفي. والغناء أيضاً، كان للشعر السياسي نصيب منه، وإن كان قليلاً، فقد تم تلحين وغناء بعض القصائد السياسية، منها قصيدة «قمعستان» على سبيل المثال.
ويجب القول إن نزار قباني شاعر لم يصنعه الغناء، ولم يستمد شهرته من الملحنين، والمطربين الذين تغنوا بشعره، بل كان ولا يزال مطمحاً للكثير من المطربين، وغاية يسعون إليها، ومصدراً للفخر والزهو بالنفس، إذا غنى أحدهم قصيدة أو قصيدتين، من أشعار نزار قباني، حيث يرفع ذلك من شأنه، وينقله إلى مستوى آخر. ربما ساعد الغناء على انتشار أكبر لشعر نزار قباني، خصوصاً في مرحلة البدايات، وعلى يد الرواد من كبار الملحنين والمطربين، لكن ذلك لم يصنع الشاعر نفسه أو مكانته الشعرية، وما ذهب إليه هؤلاء الرواد، إلا لأنه كان شاعراً كبيراً. وليست قصائد نزار قباني المغناة، هي وحدها المحفوظة في أذهان الناس، فهناك الكثير من القصائد غير المغناة، يظل كلها أو بعضها عالقاً في الذهن، بعد أن ينتهي القارئ من المطالعة.
ويجب القول إن نزار قباني شاعر لم يصنعه الغناء، ولم يستمد شهرته من الملحنين، والمطربين الذين تغنوا بشعره، بل كان ولا يزال مطمحاً للكثير من المطربين، وغاية يسعون إليها، ومصدراً للفخر والزهو بالنفس، إذا غنى أحدهم قصيدة أو قصيدتين، من أشعار نزار قباني، حيث يرفع ذلك من شأنه، وينقله إلى مستوى آخر.
تعليق