اكوادور
Ecuador - Equateur
الإكوادور
الإكوادور Eçuador واحدة من جمهوريات جبال الأنديز التي تطل على المحيط الهادئ، وإحدى دول أمريكة الجنوبية التي يرجع إعمارها الحديث وتطورها إلى المهاجرين الإسبان الذين وصلت طلائع مغامريهم إلى هذه البقعة منذ عام 1534م. أخذت الإكوادور اسمها من خط الاستواء (eçaudor بالإسبانية) الذي يمر بها، حتى إن عاصمتها كيتو Quito تقع قريبة جداً من خط الاستواء نفسه.
تقع الإكوادور في شمال غربي أمريكة الجنوبية، مطلة على المحيط الهادئ الذي يحدها من الغرب بساحل يبلغ طوله نحو 960كم. يحدها من الشمال كولومبية [ر]، ومن الشرق والجنوب البيرو[ر] وتمتد بين خطي عرض 1 درجة مئوية و30 دقيقة شمال خط الاستواء، و5 درجات جنوب خط الاستواء كما تمتد بين خطي طول 75 درجة مئوية و40 دقيقة و81 درجة مئوية و30 دقيقة غرب غرينتش، وهي بذلك تمتد من الشمال إلى الجنوب مسافة 720كم، ومن الغرب إلى الشرق مسافة 640كم. وتشغل أراضي هذه الدولة مساحة تقدر بنحو 283561كم2، تشمل جزر غالاباغوس التابعة لها.
المظاهر الطبيعية
يتباين المظهر الطبيعي تبايناً واضحاً في أجزاء دولة الإكوادور، لاختلاف مظاهر السطح التضريسية فيها، ويتباين المناخ كذلك وانعكاسه على البيئة الطبيعية برمتها. يمكن تقسيم أراضي الإكوادور من حيث تضاريسها ثلاثة أقاليم رئيسية هي:
إقليم السهول والتلال الساحلية: يمتد بين خط الساحل والسفوح الغربية من جبال الأنديز، ويبدو هذا الإقليم سهلاً ساحلياً شاسعاً، يتجاوز عرضه في بعض أجزائه نحو 125كم، ويشغل قرابة ربع مساحة البلاد. وباستثناء النطاق التلي الساحلي الماثل بوضوح إلى الشمال من خليج غواياكيل ويبلغ ارتفاعه الأقصى نحو 825م في الشمال الغربي من مدينة غواياكيل، فإن معظم أراضي هذا الإقليم منخفضة ويقل ارتفاعها على العموم عن 300م. ويضيق السهل الساحلي جنوب مدينة غواياكيل حتى 30كم في بعض الأماكن.
أما الأراضي المنخفضة الواقعة إلى الشمال والشرق من غواياكيل، والممتدة إلى الجنوب من خط الاستواء، فيما بين النطاق التلي الساحلي ومقدمات جبال الأنديز الغربية فتعرف باسم سهل غوايا الذي تخدّده أودية نهرية كثيرة تؤلف عند اجتماعها نهر غوايا. وإلى الشمال من خط الاستواء يمتد سهل إسميرالداس Esmeraldas الخصب الذي تشرف عليه بعض التلال الساحلية وتجري فيه عدة أنهار ينبع أكثرها من السفوح الغربية لسلاسل جبال الأنديز الغربية وأهمها أنهار؛ تومبيز، وجيوبونيز، وبالدو، وبعض روافد نهر غوايا، ونهري تواشي، وإسميرالداس. وينبع بعضها الآخر من التلال الساحلية، كنهر شوني.
إقليم الجبال: تمتد جبال الأنديز في منتصف أراضي الإكوادور طولياً في سلسلتين من الجبال العالية، هما: السلسلة الغربية الأكثر ضيقاً والأشد ارتفاعاً، إذ تصل في أواسطها قمة جبل شمبورازو إلى 6270م، وهو مخروط بركاني ثائر، يقذف حممه البركانية بين الحين والآخر. والسلسلة الشرقية، هي أكثر اتساعاً، وأقل ارتفاعاً من نظيرتها الغربية، وتبرز فيها قمم مخروطية بركانية كثيرة ماتزال نشطة وقد يزيد ارتفاعها على 5000م، كما في مخروط كوتوبكسي 5897م وكايمبي 5790م، وانتيسانا 5705م وسانغاي 5230م، وتحصر هاتان السلسلتان الجبليتان بينهما الكثير من الأحواض الجبلية والأودية البنائية التي يراوح ارتفاعها فوق مستوى سطح البحر بين 2000 و3000م تقريباً، وتشهد المنطقة برمتها نشاطاً بنائياً مستمراً إذ تتعدد فيها البراكين الثائرة والزلازل التي تعصف بها بين وقت وآخر، مدمرة ما يقع في طريقها، كما حدث في زلزال عام 1949 الذي دمر مدينة آمباتو الواقعة في الطرف الجنوبي من حوض لاتاكونغا البنيوي. إذ إن الإكوادور بإقليمها الجبلي تقع ضمن دائرة النار المحيطة بالمحيط الهادئ والشهيرة باضطرابها. ومن أهم الأحواض الجبلية: أحواض تولكان، وإيبرا، وكيتو في الشمال، وأحواض لاتاكونغا، وريوبامبا، وألاوسي في الوسط، وأحواض كوينكا وأونا وزاروما ولوخا في الجنوب. ويعد حوض كوينكا أكبر هذه الأحواض. وكان لعامل الحت النهري أثر بارز في تكون بعض الأحواض وتطورها، كما في حوض ألاوسي، وأحواض الجنوب (أونا وزاروما ولوخا). وتتميز الأحواض وسفوح الأنديز الغربية في السلسلتين الجبليتين التي تحمل إليها الرياح الشرقية المنشأ الرماد البركاني، بخصوبة التربة، ومن ثم كانت من أهم مراكز اجتذاب السكان. و ينبع من هذه الجبال عدد كبير من الأنهار، التي يتجه بعضها غرباً لينتهي في المحيط الهادئ، وقد ينبع بعضها من السفوح الغربية للسلسلة الشرقية ويجري في المنطقة الحوضية البينية مسافة طويلة قبل أن يجد ثغرة للنفاذ غرباً إلى السهل الساحلي فالمحيط الهادئ، كما في نهر إسميرالداس الذي ينبع من السفوح الشمالية الغربية لجبل كوتابكسي، ويتجه شمالاً ليمر بمدينة كيتو، ويمر بعدها في فتحة من المرتفعات، ويتابع سيره شمالاً ثم ينعطف غرباً إلى المحيط عبر السهل الساحلي. ومن الأنهار ما يتجه شرقاً منتهياً في نهر الأمازون وروافده. ويشغل إقليم الجبال أكثر من ثلث مساحة البلاد.
إقليم الشرق: تمتد إلى الشرق من سلسلة جبال الأنديز الشرقية منطقة منخفضة نسبياً تنحدر باتجاه الشرق والجنوب الشرقي نحو وادي الأمازون، وتؤلف ما يعرف بإقليم مونتانا، أو إقليم السهول الشرقية، التي هي استمرار لسهول الأمازون العليا التي تحدها شرقاً ويبلغ متوسط ارتفاعها 250م، وتشغل قرابة ثلث مساحة الإكوادور. ويعبر هذا الإقليم الكثير من الأنهار التي تكوّن الروافد العليا للأمازون، ويصل الإقليم إلى أقصى اتساعه في الجزء الشمالي الشرقي، ليضيق كثيراً باتجاه الجنوب.
تعدُّ الأحوال المناخية السائدة في الإكوادور نتيجة مباشرة لأوضاعها الجغرافية وموقعها من درجات العرض فهي تحتوي ضمن حدودها على نماذج من المناخ غاية في التطرف، إذ يتم الانتقال بسرعة من مناخ مرتفع الحرارة وفير الرطوبة تكسوه الغابات إلى مناخ جاف قاحل، أو إلى مناخ غاية في البرودة تغطي بقاعه الثلوج طوال العام، كما في قمم الجبال الشامخة. فنظراً لموقع الإكوادور الذي لا يبتعد أكثر من خمس درجات عرضية إلى الجنوب من خط الاستواء، ولا يتجاوز الدرجة العرضية الثانية شمال خط الاستواء، فإن المناخ السائد يجب أن يكون استوائياً، متميزاً بحرارته المرتفعة دوماً، وأمطاره الغزيرة التي تهطل على مدار السنة، غير أن ارتفاع جزء كبير من الأراضي ارتفاعاً بارزاً عن مستوى سطح البحر، ومجاورة بعض الأجزاء الساحلية لمياه تيار همبولدت (البيرو) المحيطية الباردة، أدى إلى تنوع ملحوظ في المناخ. وهذا ما يجعل من السهولة بمكان التفريق بين ثلاثة أقاليم مناخية:
ـ إقليم المناخ الاستوائي النموذجي؛ الذي يتمثل في السهول الشرقية، وفي الأجزاء الوسطى والشمالية من السهول الساحلية وتلالها، حيث لا تنخفض درجة الحرارة المتوسطة في أي شهر من السنة عن 25 درجة مئوية، ولا يزيد المدى السنوي للحرارة عن ثلاث درجات مئوية. أما الأمطار فهي من طبيعة تصاعدية (حملانية) مرتبطة بالارتفاع الحراري الدائم، ولذا فهي متواصلة طوال السنة، مع وجود مُدَّتين في أعقاب الاعتدالين الربيعي والخريفي يشتد فيهما هطل الأمطار. ولا يقل معدل كمية الأمطار السنوية عن 1500 مم، وقد يزيد على 2500 مم في بعض الأماكن، لما تجلبه الرياح التجارية الجنوبية الشرقية من أمطار إلى الأجزاء الغربية من السهول الشرقية، ولما يسهم به أيضاً التيار المائي الاستوائي المعاكس في زيادة نسبة أمطار الأجزاء الساحلية الشمالية من الإكوادور.
ـ إقليم المناخ الاستوائي الجبلي؛ ففي الأجزاء الوسطى المرتفعة من الإكوادور تتعدل صفات المناخ الاستوائي السائد في الأراضي المنخفضة، فتنخفض درجة الحرارة مع تزايد الارتفاع حتى تصل إلى درجة التجمد عند ارتفاعات تزيد على 4000م، فتتساقط الثلوج بوفرة فوق هذه الارتفاعات، لتصبح قمم الجبال العالية التي يزيد ارتفاعها على 5000م مكللة بالثلوج، ومصدراً لتكوّن الجليديات، كما في جبل شمبورازو. غير أن المناخ يصبح معتدلاً حرارياً في الارتفاعات بين 1500- 3500م، فالمتوسط الشهري للحرارة في مدينة كيتو الواقعة على ارتفاع 3000م يراوح بين 12- 13 درجة مئوية. ولذا فهي تعيش ربيعاً دائماً، وأمطارها الدائمة الهطل أقل مما هي عليه في السهول، فهي بحدود 1200 مم موزعة على شهور السنة كافة مع زيادة كبيرة في شهري نيسان وتشرين الأول. غير أن السفوح الشرقية من الجبال ترتفع فيها كمية الأمطار إلى أكثر من 2000مم، نتيجة تعرضها للرياح الشمالية الشرقية في فصل الصيف.
ـ إقليم المناخ شبه الصحراوي: الذي يسود في الزاوية الجنوبية الغربية السهلية المجاورة للبيرو من الجنوب، وللطرف الجنوبي من خليج غواياكيل من الغرب، حيث تسود أحوال مناخية شبه صحراوية، هي انعكاس لتأثير تيار همبولدت المحيطي البارد القادم من الجنوب. فإذا كانت كمية الأمطار السنوية في غواياكيل تزيد قليلاً على 1000مم، فإنها لا تتجاوز 250مم في هذا الإقليم، مع فصل مطر واحد يمتد من كانون الأول حتى حزيران. والمتوسط السنوي للحرارة، أقل بنحو خمس درجات مما هو عليه في الإقليم الاستوائي الرطب الواقع إلى الشمال.
ويعكس الغطاء النباتي الطبيعي السائد التباينات المناخية المكانية مابين أجزاء الإكوادور. ففي الأجزاء السهلية والتلية الرطبة والمرتفعة الحرارة تسود الغابات الاستوائية المشهورة ـ كالتي في حوض الأمازون ـ المعروفة بغابات السلفا. غير أن هذه الغابات التي تغطي السهل الساحلي الشمالي تتحول جنوباً مع قلة الأمطار إلى غابات شبه نفضية (متساقطة الأوراق) ثم إلى أحراج ذات أشجار شوكية الأوراق وإلى حشائش، ثم نباتات صحراوية. وفوق ارتفاع 2000م حتى 3500م يسود نطاق النباتات الحشائشية الجبلية الطويلة والأشجار الغابية، وخلف ذلك تسود النباتات الألبية حتى نطاق الثلج الدائم.
السكان
بلغ عدد سكان الإكوادور 11.937.000 نسمة 1997 ولذا فإن الكثافة العامة لا تزيد على 44 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وإن كانت هناك مناطق تقل فيها الكثافة عن ثلاثة أشخاص في الكم2، كما هي الحال في السهول الشرقية، والمنطقة شبه الصحراوية، والمرتفعات التي تتجاوز 4000 م، على أن الكثافة تصل إلى أكثر من 200نسمة/كم2 في الأحواض الجبلية التي هي أهم مراكز الاستقرار البشري، بجانب السهول الساحلية الوسطى والشمالية التي تراوح فيها الكثافة مابين 30 -100نسمة/كم2. وفي العشرينات من القرن التاسع عشر لم يكن يقطن في السهل الساحلي أكثر من 10% من سكان الإكوادور لصعوبة الحياة هناك، وكثرة الأمراض والأوبئة. أما في الوقت الحاضر فإن الذين يقطنون في السهول الساحلية لا يقلون عن سكان إقليم الجبال. ونسبة التزايد السكاني في الإكوادور مرتفعة، إذ تصل إلى 22 بالألف بين 1990- 1996نتيجة لارتفاع معدل الولادات، وانخفاض نسبة الوفيات، لتحسن المستوى الصحي، وازدياد الوعي الاجتماعي.
تعليق