لقاء مع رجل مشهور
ركبنا القطار، لم نكن في المقصورة سوى نحن. أنا من جهة اليمين و هو في الجهة المقابلة جهة اليسار. كنت أعرفه جيدا فصوره لا تخلو من فضاء ، يتساوى الافتراضي منه و الواقعي. تحرك القطار دون أن ينطق أحدنا بكلمة ما عدا التحية التي ألقيتها و أنا أدخل بعده للمقصورة. و للحقيقة فقد كان رده أكثر حرارة من حرارة التحية.
ساعة سوف تجمعنا في هذه المقصورة، هي الفترة التي يقضيها القطار بين الرباط و الدار البيضاء، سألته:
- أنت من كازا؟
نظر إلي بنوع من التعجب، و أجاب:
- لا
أردفت:
- آه، خدام في كازا؟
قلتها بنبرة تطبعها السداجة المفرطة، في هذه اللحظة، و للمرة الأولى كانت نظرات صاحبي تستكشفني نقطة نقطة. من ما تبقى من شعيرات رأسي حتى أخمص قدماي و أجاب:
- بحال داكشي
كنت أعرف أن سؤالي بالنسبة له ليس بسؤال. كنت أعرف أنه كان يود أن يعرف إن كنت أعيش فوق أم تحت الأرض. من لا يعرفه و صوره تملأ الكتب و المجلات، من لا يعرفه و صوره يتناقلها الشباب قبل الفتيات لكن أظن أن رزانته غلبت و أسر غضبه في صدره. تماديت:
- منين أنت؟
- من الجديدة؟
- الجديدة ، الجديدة أو النواحي؟
- النواحي
- قولها، لعروبية ماشي مشكل، حتى خوك عروبي من زرهون ، ...نواحي زرهون
نظر إلي و لم يعلق. زدت في التمادي:
- الخدمة قليلة في الجديدة، أحسن ما فعلت أن انتقلت للدار البيضاء.
في هذا اللحظة كنت أرى علامات الإنزعاج بادية على صاحبي، توقفت لحظة متظاهرا بقراءة شيء على شاشة هاتفي. كنت أراقبه و هو يسترق النظر إلي تارة و يسرح بنظره بعيدا في أخرى. هو يعلم أنه شخصية عمومية يعرفه القاصي و الداني، هو يعيش حياة الشهرة صباح مساء إلا في هذه اللحظة. كان صعبا أن يعيش نكرة.
تابع القطار المسير، و تابعت مسلسل الاستفزاز. تحدثت معه في الفن و في السياسة و في العلوم و الرياضة دون أن أتحدث عنه. كانت غرابته تزيد كلما تحدثت عن أشياء من محيطه، كنت في مرات عديدة أكاد استحضار شخصيات من عالمه القريب في معرض الحديث ثم استدرك في الأخير لأهرب بالحوار بعيدا. كنت في بعض اللحظات ألعب لعبة المشهور و أعتبره نكرة لعبة العارف و أعتبره جاهلا . بالقدر الذي استمتعت، بالقدر الذي رق قلبي لحاله و الحق أنني أعجبت بصبره. و القطار يهم بالوقوف في محطة عين السبع، حملت حقائبي و قبل أن أخرج من المقصورة خاطبت صاحبي:
- تعجبني أعمالك، شاهدت عملك الأخير و أعجبت بأدائك. أتمنى لك التوفيق للمساهمه في تطوير القطاع.
على الاستغراب وجهه، أراد أن يقول شيئا و تداخلت الكلمات لديه، قبل أن يستعيد توازنه كنت قد غادرت المقصورة و لسان حالي يقول:
- حتى نحن نعرف التمثيل
محي الدين الوكيلي
ركبنا القطار، لم نكن في المقصورة سوى نحن. أنا من جهة اليمين و هو في الجهة المقابلة جهة اليسار. كنت أعرفه جيدا فصوره لا تخلو من فضاء ، يتساوى الافتراضي منه و الواقعي. تحرك القطار دون أن ينطق أحدنا بكلمة ما عدا التحية التي ألقيتها و أنا أدخل بعده للمقصورة. و للحقيقة فقد كان رده أكثر حرارة من حرارة التحية.
ساعة سوف تجمعنا في هذه المقصورة، هي الفترة التي يقضيها القطار بين الرباط و الدار البيضاء، سألته:
- أنت من كازا؟
نظر إلي بنوع من التعجب، و أجاب:
- لا
أردفت:
- آه، خدام في كازا؟
قلتها بنبرة تطبعها السداجة المفرطة، في هذه اللحظة، و للمرة الأولى كانت نظرات صاحبي تستكشفني نقطة نقطة. من ما تبقى من شعيرات رأسي حتى أخمص قدماي و أجاب:
- بحال داكشي
كنت أعرف أن سؤالي بالنسبة له ليس بسؤال. كنت أعرف أنه كان يود أن يعرف إن كنت أعيش فوق أم تحت الأرض. من لا يعرفه و صوره تملأ الكتب و المجلات، من لا يعرفه و صوره يتناقلها الشباب قبل الفتيات لكن أظن أن رزانته غلبت و أسر غضبه في صدره. تماديت:
- منين أنت؟
- من الجديدة؟
- الجديدة ، الجديدة أو النواحي؟
- النواحي
- قولها، لعروبية ماشي مشكل، حتى خوك عروبي من زرهون ، ...نواحي زرهون
نظر إلي و لم يعلق. زدت في التمادي:
- الخدمة قليلة في الجديدة، أحسن ما فعلت أن انتقلت للدار البيضاء.
في هذا اللحظة كنت أرى علامات الإنزعاج بادية على صاحبي، توقفت لحظة متظاهرا بقراءة شيء على شاشة هاتفي. كنت أراقبه و هو يسترق النظر إلي تارة و يسرح بنظره بعيدا في أخرى. هو يعلم أنه شخصية عمومية يعرفه القاصي و الداني، هو يعيش حياة الشهرة صباح مساء إلا في هذه اللحظة. كان صعبا أن يعيش نكرة.
تابع القطار المسير، و تابعت مسلسل الاستفزاز. تحدثت معه في الفن و في السياسة و في العلوم و الرياضة دون أن أتحدث عنه. كانت غرابته تزيد كلما تحدثت عن أشياء من محيطه، كنت في مرات عديدة أكاد استحضار شخصيات من عالمه القريب في معرض الحديث ثم استدرك في الأخير لأهرب بالحوار بعيدا. كنت في بعض اللحظات ألعب لعبة المشهور و أعتبره نكرة لعبة العارف و أعتبره جاهلا . بالقدر الذي استمتعت، بالقدر الذي رق قلبي لحاله و الحق أنني أعجبت بصبره. و القطار يهم بالوقوف في محطة عين السبع، حملت حقائبي و قبل أن أخرج من المقصورة خاطبت صاحبي:
- تعجبني أعمالك، شاهدت عملك الأخير و أعجبت بأدائك. أتمنى لك التوفيق للمساهمه في تطوير القطاع.
على الاستغراب وجهه، أراد أن يقول شيئا و تداخلت الكلمات لديه، قبل أن يستعيد توازنه كنت قد غادرت المقصورة و لسان حالي يقول:
- حتى نحن نعرف التمثيل
محي الدين الوكيلي