قصة قصيرة
ألذ طبق معقودة على الإطلاق
حوالي ثماني كيلوميترات تفصل قرية كرمة بن سالم عن مدينة مولاي إدريس زرهون، كان يوما من أيام الربيع على ما أظن، و كنت في عطلة عند إحدى قريباتي من جهة الوالد، صادفت صديقي عبد الوهاب هناك، و حين انتهت العطلة و جاء وقت العودة إلى زرهون، قررنا أن نقطع الطريق مشيا على الأقدام لتوفير ثمن التنقل. بدأت الرحلة من جنان السقلي. ككل البدايات أخذنا الحماس أكثر من أي شيء آخر. شخصيا كنت أحلم بقطع هذا الطريق، و أنا طفل كنت أسمع شباب القرية يتباهون بقطعه، فلم يكن ممكنا للجميع فعل ذلك. الصراعات الدائرة دوما بين شباب القرى و خصوصا بين شباب كرمة بن سالم و بني مرعاز كانت تجعل التجربة محفوفة بالخطر. صحيح أن الوضع حاليا ليس هو الوضع في السنوات الماضية لكن على الأقل سيكتب في تاريخنا أيضا أننا قطعنا هذا الطريق. سيمكننا في المستقبل أن نروي نحن أيضا لأطفالنا هذه التجربة.
بدأنا الرحلة في الصباح حيث الجو لا زال ملائما، بعد جنان السقلي بأشجار الزيتون المحيطة به من اليمين و من اليسار، انفتح الفضاء أمامنا كاشفا جهة اليمين عن وادي عين جعفر الذي يجمع بين قريتي كرمة بن سالم و بني مرعاز و كأنه قدرهما المشترك . الوادي الذي يسقي القريتين، و يزرع الروح في بساتينهما المشتركة. فضاء جميل لا تمل العين من النظر إليه . بعدها دخلنا بني مرعاز و هي قرية تتواجد على جانب الوادي، يحيط بها الجبل من الجهتين و تخترقها الطريق الموصلة إلى زرهون، و نحن نقطع القرية حرصنا أن نلقي التحية على كل مجموعة نصادفها في الطريق:
- السلام عليكم
- و عليكم السلام و رحمة الله
كانت بالنسبة لنا أصعب مرحلة، سوء تقدير من هنا، كلمة غير محسوبة من هناك، تجاهل للجماعة منا أو قراءة خاطئة لشاب هناك قد تقلب تجربتنا من متعة إلى كابوس. لحسن الحظ أن الأمور مرت بسلام. بعدها أصبح الطريق متعة أطفال مراهقين أكثر من تعب. كان المسار جميلا و نحن نترك خلفنا المصامدة من هنا و بومندارة من هناك. كنا نشعر بالفخر و نحن نقطع الجعادنة لتفتح أمامنا الطريق نحو زرهون. لم نكن نحتاج لا إلا ماء و لا إلا طعام، وحدها الرغبة في التحدي و توفير مصاريف النقل كانت كافية لإذكاء الحماس فينا. حين وصلنا إلى عين الزيتونة كانت التعب قد بدأ يتسلل إلى أجسادنا الصغيرة. لكن عزاءنا كان في كوننا على مرمى حجر من الوصول. شجع أحدنا الآخر و قطعنا آخر مرتفع لندخل مدينة مولاي إدريس من جهة واد الميت. أي فرح هذا و أي شعور كان ينتابنا. ها نحن أيضا فعلنا ما يفعله الكبار و أتينا من كرمت إلى زرهون مشيا على الأقدام. في غمرة النشوة و الفرحة تذكرنا أننا استطعنا أيضا أن نوفر ثمن النقل. نظر كل منا إلى الآخر متسائلا عما يمكن فعله؟ كانت أحلى وجبة بالمعقودة و الفاصولية عند المعلم "الكتكوت" أكلناها على الإطلاق.
صحيح أنه لم تكن لذينا لا آلة تصوير و لا هاتف ذكي، لكن صورة المسار لا زالت محفورة في أذهاننا مننذ ذلك التاريخ.
محي الدين الوكيلي
ألذ طبق معقودة على الإطلاق
حوالي ثماني كيلوميترات تفصل قرية كرمة بن سالم عن مدينة مولاي إدريس زرهون، كان يوما من أيام الربيع على ما أظن، و كنت في عطلة عند إحدى قريباتي من جهة الوالد، صادفت صديقي عبد الوهاب هناك، و حين انتهت العطلة و جاء وقت العودة إلى زرهون، قررنا أن نقطع الطريق مشيا على الأقدام لتوفير ثمن التنقل. بدأت الرحلة من جنان السقلي. ككل البدايات أخذنا الحماس أكثر من أي شيء آخر. شخصيا كنت أحلم بقطع هذا الطريق، و أنا طفل كنت أسمع شباب القرية يتباهون بقطعه، فلم يكن ممكنا للجميع فعل ذلك. الصراعات الدائرة دوما بين شباب القرى و خصوصا بين شباب كرمة بن سالم و بني مرعاز كانت تجعل التجربة محفوفة بالخطر. صحيح أن الوضع حاليا ليس هو الوضع في السنوات الماضية لكن على الأقل سيكتب في تاريخنا أيضا أننا قطعنا هذا الطريق. سيمكننا في المستقبل أن نروي نحن أيضا لأطفالنا هذه التجربة.
بدأنا الرحلة في الصباح حيث الجو لا زال ملائما، بعد جنان السقلي بأشجار الزيتون المحيطة به من اليمين و من اليسار، انفتح الفضاء أمامنا كاشفا جهة اليمين عن وادي عين جعفر الذي يجمع بين قريتي كرمة بن سالم و بني مرعاز و كأنه قدرهما المشترك . الوادي الذي يسقي القريتين، و يزرع الروح في بساتينهما المشتركة. فضاء جميل لا تمل العين من النظر إليه . بعدها دخلنا بني مرعاز و هي قرية تتواجد على جانب الوادي، يحيط بها الجبل من الجهتين و تخترقها الطريق الموصلة إلى زرهون، و نحن نقطع القرية حرصنا أن نلقي التحية على كل مجموعة نصادفها في الطريق:
- السلام عليكم
- و عليكم السلام و رحمة الله
كانت بالنسبة لنا أصعب مرحلة، سوء تقدير من هنا، كلمة غير محسوبة من هناك، تجاهل للجماعة منا أو قراءة خاطئة لشاب هناك قد تقلب تجربتنا من متعة إلى كابوس. لحسن الحظ أن الأمور مرت بسلام. بعدها أصبح الطريق متعة أطفال مراهقين أكثر من تعب. كان المسار جميلا و نحن نترك خلفنا المصامدة من هنا و بومندارة من هناك. كنا نشعر بالفخر و نحن نقطع الجعادنة لتفتح أمامنا الطريق نحو زرهون. لم نكن نحتاج لا إلا ماء و لا إلا طعام، وحدها الرغبة في التحدي و توفير مصاريف النقل كانت كافية لإذكاء الحماس فينا. حين وصلنا إلى عين الزيتونة كانت التعب قد بدأ يتسلل إلى أجسادنا الصغيرة. لكن عزاءنا كان في كوننا على مرمى حجر من الوصول. شجع أحدنا الآخر و قطعنا آخر مرتفع لندخل مدينة مولاي إدريس من جهة واد الميت. أي فرح هذا و أي شعور كان ينتابنا. ها نحن أيضا فعلنا ما يفعله الكبار و أتينا من كرمت إلى زرهون مشيا على الأقدام. في غمرة النشوة و الفرحة تذكرنا أننا استطعنا أيضا أن نوفر ثمن النقل. نظر كل منا إلى الآخر متسائلا عما يمكن فعله؟ كانت أحلى وجبة بالمعقودة و الفاصولية عند المعلم "الكتكوت" أكلناها على الإطلاق.
صحيح أنه لم تكن لذينا لا آلة تصوير و لا هاتف ذكي، لكن صورة المسار لا زالت محفورة في أذهاننا مننذ ذلك التاريخ.
محي الدين الوكيلي