خمس دقائق مضت وهو ما زال متسمّراً في مكانه يصوّب مقلتيه عالياً نحو النجوم.
بسبّابته اليمنى شرعَ يعدّها. واحد. اثنان. ثلاث.
يتنهّد. يشدّه الحلم من ياقةِ أفكاره ويسحبه نحو السماء.
يرى نفسه طيراً يرفرف مع الأثير ويحلّق.
ويرتفع ويسمو، حتى يكاد يصل إليها.
يقترب منها بفرحٍ. يمدّ يده ويلامسها. يا لسحرها.
يا لتلألئها الجميل.
يضحك من كل قلبه. يقرّبها من شفتيه ويقبّلها.
يضمّها بحنانٍ إلى صدره. يغمض عينيه.
ويشرع في تحريك ذراعيه يميناً شمالاً كأنه يراقصها.
ما أجمل!
ما أجمل الرقص مع النجوم في ليلةِ حلم.
يفتح عينيه. ثمة صفير مصدره الجهة المقابلة.
يستدير. يحدّق. ويا لدهشته!
نسرٌ يفتحُ جناحيه الكبيرتين فيسحره.
يبتسم. يفرك يديه بشغفٍ ويمتطي النسرَ ويطير.
لم تسع الفرحة قلبه فتنساب الضحكة إلى أنفاسه وعينيه.
ماذا تراه يفعل ونجوم الكونِ بين يديه؟
ويفتح يديه. يخاف أن تفلت منهما النجوم.
نجمة. نجمتان ... ثلا...
ويقطع العدَّ صراخٌ ينتشله من هدهدة الأمنيات ويرميه قشرة موزٍ
ذليلة في سلّةِ العتابات.
"عيسى! ماذا تفعل هناك يا عيسى؟
كم مرةٍ قلتُ لك إياك والنجوم!
ألا تشبع من تكرار ذاك الهراء؟ ألا يزعجك ما في عقلك من غباء؟".
وينتشل عيسى بقاياه المذعورة، ويلملمها.
يحملها على كتفيه حتى يكاد يسقط من ثقلها الكبير.
ثقيلةٌ حمولة السلبيّات على قلبه الصغير.
يحزن عيسى ويتّجه إلى غرفته هو. يصفع الباب وراءه.
يرمي خيباته على الأريكة، يركلها. يدوس عليها.
ثم يقفز غاضباً إلى سريره. يلتحف الغطاء ويبكي.
ويبكي...ويبكي...
يسمع خطوات هادرة تقترب. يُفتح بابُ الغرفة.
وإذ بصوت أبيه يسحبه من تحت اللحافِ ليبدأ معه جولة تعنيفٍ جديدة.
" لماذا لا تكون مثل أخيك؟
لماذا يجب أن يكون لي ابناً عاقاً؟
كفاك! كفاك حلماً يا عيسى!
فاشل وأنت جالس على مقاعد الدراسة.
ومن يفشل وهو جالسٌ كيف سينجح في التحليق؟".
يقول هذا ويخرج والده من الغرفة صافعاً الباب وراءه.
تهتزُّ أثر الصفعة الجدران. تهتز الثريا الكريستال.
وتهتزُّ معهما ثقةُ عيسى في نفسه.
ويبقى عيسى جالساً هكذا. مصلوباً على حافة سريره.
يخاف أن يحكي. يخاف أن يشكي. بل وأخطر من كل هذا، يخاف...
يخاف أن يحلم بعد اليوم.
كلُّ...كلُّ ما تمناه عيسى ... أن يكون عميداً في الجيش مثل أبيه.
(عيسى الذي حلم / ربيع دهام)
بسبّابته اليمنى شرعَ يعدّها. واحد. اثنان. ثلاث.
يتنهّد. يشدّه الحلم من ياقةِ أفكاره ويسحبه نحو السماء.
يرى نفسه طيراً يرفرف مع الأثير ويحلّق.
ويرتفع ويسمو، حتى يكاد يصل إليها.
يقترب منها بفرحٍ. يمدّ يده ويلامسها. يا لسحرها.
يا لتلألئها الجميل.
يضحك من كل قلبه. يقرّبها من شفتيه ويقبّلها.
يضمّها بحنانٍ إلى صدره. يغمض عينيه.
ويشرع في تحريك ذراعيه يميناً شمالاً كأنه يراقصها.
ما أجمل!
ما أجمل الرقص مع النجوم في ليلةِ حلم.
يفتح عينيه. ثمة صفير مصدره الجهة المقابلة.
يستدير. يحدّق. ويا لدهشته!
نسرٌ يفتحُ جناحيه الكبيرتين فيسحره.
يبتسم. يفرك يديه بشغفٍ ويمتطي النسرَ ويطير.
لم تسع الفرحة قلبه فتنساب الضحكة إلى أنفاسه وعينيه.
ماذا تراه يفعل ونجوم الكونِ بين يديه؟
ويفتح يديه. يخاف أن تفلت منهما النجوم.
نجمة. نجمتان ... ثلا...
ويقطع العدَّ صراخٌ ينتشله من هدهدة الأمنيات ويرميه قشرة موزٍ
ذليلة في سلّةِ العتابات.
"عيسى! ماذا تفعل هناك يا عيسى؟
كم مرةٍ قلتُ لك إياك والنجوم!
ألا تشبع من تكرار ذاك الهراء؟ ألا يزعجك ما في عقلك من غباء؟".
وينتشل عيسى بقاياه المذعورة، ويلملمها.
يحملها على كتفيه حتى يكاد يسقط من ثقلها الكبير.
ثقيلةٌ حمولة السلبيّات على قلبه الصغير.
يحزن عيسى ويتّجه إلى غرفته هو. يصفع الباب وراءه.
يرمي خيباته على الأريكة، يركلها. يدوس عليها.
ثم يقفز غاضباً إلى سريره. يلتحف الغطاء ويبكي.
ويبكي...ويبكي...
يسمع خطوات هادرة تقترب. يُفتح بابُ الغرفة.
وإذ بصوت أبيه يسحبه من تحت اللحافِ ليبدأ معه جولة تعنيفٍ جديدة.
" لماذا لا تكون مثل أخيك؟
لماذا يجب أن يكون لي ابناً عاقاً؟
كفاك! كفاك حلماً يا عيسى!
فاشل وأنت جالس على مقاعد الدراسة.
ومن يفشل وهو جالسٌ كيف سينجح في التحليق؟".
يقول هذا ويخرج والده من الغرفة صافعاً الباب وراءه.
تهتزُّ أثر الصفعة الجدران. تهتز الثريا الكريستال.
وتهتزُّ معهما ثقةُ عيسى في نفسه.
ويبقى عيسى جالساً هكذا. مصلوباً على حافة سريره.
يخاف أن يحكي. يخاف أن يشكي. بل وأخطر من كل هذا، يخاف...
يخاف أن يحلم بعد اليوم.
كلُّ...كلُّ ما تمناه عيسى ... أن يكون عميداً في الجيش مثل أبيه.
(عيسى الذي حلم / ربيع دهام)