امريكة الشمالية North America - تتخذ شكل مثلثي قاعدته باتجاه الشمال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • امريكة الشمالية North America - تتخذ شكل مثلثي قاعدته باتجاه الشمال



    امريكهشماليه

    North America - Amérique du Nord

    أمريكة الشمالية

    تتخذ أمريكة الشمالية شكلاً مثلثياً قاعدته باتجاه الشمال، ويصل أقصى اتساع لها من الغرب إلى الشرق إلى نحو 6500كم وذلك بين أقصى غرب ألاسكة وأقصى جنوب شرقي الأرض الجديدة المطلة على المحيط الأطلسي، مقابل مسافة قدرها 4200كم بين مدينة سان فرانسيسكو على المحيط الهادئ ومدينة نيويورك على المحيط الأطلسي، في حين أن اتساعها من الشمال إلى الجنوب، أي من أقصى شمالي الأراضي الكندية إلى أقصى جنوبي المكسيك يبلغ 6000كم، مقابل 1050كم للمسافة بين الحدود البنميّة الكولُمبيَّة جنوباً والغواتيمالية المكسيكية شمالاً، وتمتد أمريكة الشمالية إلى الشمال من درجة العرض 83 درجة شمالاً وإلى الشمال من درجة العرض 7 درجة شمالاً مع أمريكة الوسطى، في حين أن القسم الأعظم من كتلة أراضيها محصور بين درجتي العرض 30 درجة و55 درجة شمالاً، أي إن معظمها واقع في المنطقة المعتدلة الباردة. وتتداخل مياه المحيط الأطلسي في الكتلة القارية، وخاصة في قطاعاتها الوسطى والجنوبية لمسافات بعيدة نسبياً، تصل أحياناً إلى نحو 2000كم، كما هي الحال في خليج هدسن وسان لوران وفي خليج المكسيك، وفي الوقت نفسه يتصف ساحلها الشرقي بشدة تسنُّنه وغناه بالمصبات النهرية وذلك بالمقارنة مع الساحل الغربي، كما تتبعثر قبالة سواحل أمريكة الشمالية مجموعة من الجزر وأشباه الجزر أهمها: كاليفورنية السفلى وفلوريدة ويوكاتان، والأرخبيلات والجزر المسننة السواحل ولاسيما تلك الواقعة شمالي كندا وغربي ألاسكة، ولا تزيد المسافة الفاصلة بين أراضي أمريكة الشمالية وأراضي القارة الآسيوية عن 200كم في مضيق برنغ الذي يفصل بين ألاسكة وأقصى شرقي آسيا، ولا يزيد عرض الممر المذكور على 92كم، ولا يتجاوز عمقه في أكثر نقاطه عمقاً الخمسين متراً، في حين أن المسافة بين نيويورك وميناء الهافر الفرنسي تصل إلى نحو 5700كم.
    أما حدود أمريكة الشمالية فإنها تتمثل بمجموعة من المسطحات المائية المهمة، إذ يحدُّها المحيط المتجمد الشمالي شمالاً، وبحر برنغ والمحيط المتجمد الشمالي من الشمال الغربي، والمحيط الهادئ من الغرب وأمريكة الجنوبية والمحيط الهادئ جنوباً، أمّا المحيط الأطلسي فإنه يكوِّن حدودها الشرقية، في حين أن بحر غرينلندة يحدها من الشمال الشرقي.
    ونظراً للامتداد الشاسع لأمريكة الشمالية بين درجتي العرض 7 درجة و83 درجة شمالاً، فإن أراضيها تتميز بتنوع أحوالها الطبيعية تنوعاً شديداً، وعلى رأسها المناخ، إذ إن توزع النطاقات المناخية وتوالي الفصول على مدار السنة هنا لا يتمان بالآلية المعهودة نفسها، وذلك بسبب المميزات النوعية الخاصة لتضاريسها ولتوزع البر والبحر فيها، إضافة إلى الدور الجوهري الذي تقوم به التيارات البحرية التي تمر قبالة سواحل أمريكة الشمالية، والتي تؤدي إلى تغيير ملحوظ في الشروط المناخية، وهذا ما يترتب عليه تبدل مهم على مستوى الإعمار البشري واستغلال الأراضي الزراعية وتوزع السكان عموماً، وأهم هذه التيارات تيار كاليفورنية البارد الذي يؤثر على طول سواحل شبه جزيرة كاليفورنية وعلى جزء من سواحل أمريكة الوسطى الغربية، في حين تتعرض الأجزاء الشمالية للسواحل الغربية من أمريكة الشمالية المطلة على المحيط الهادئ لتأثير التيارات البحرية الدافئة القادمة من الجنوب، ويمر قبالة السواحل الشرقية المشرفة على المحيط الأطلسي تيار لابرادور البارد الذي يمتد تأثيره حتى مدينة نيويورك، في حين تتأثر الأجزاء الجنوبية لهذا الساحل بتيارات فلوريدة والتيار الاستوائي الشمالي، إضافة إلى تيار البحر الكاريبي الدافئ، ولهذه الأسباب فإن توزع المجموعات النباتية الطبيعية هنا لايخضع للقواعد والنظم نفسها التي يخضع لها هذا التوزع في قارة أوربة مثلاً.
    اكتشاف القارة والتوسع العمراني - الاستيطاني
    يشير أقرب التقديرات إلى أن عدد الهنود الأمريكيين الحمر في مجمل القارة الأمريكية عند بداية عصر الاكتشافات الجغرافية وبناء المستعمرات في العالم الجديد كان بحدود 12 مليون نسمة، علماً بأن هنالك من يقدر عددهم في هذه الحقبة بأربعة ملايين فقط، وآخرون يقدرونه بنحو 50 مليون نسمة، ومهما يكن، فإن الحقائق الجيولوجية والجيومورفولوجية تشير إلى أن الاتصال بين العالمين القديم والجديد في حقبة ما قبل التاريخ، كان ممكناً عن طريق البر أو عن طريق البحر على حد سواء، ذلك أنه في الحِقَب الأكثر برودة من الحقب الجيولوجي الرابع، والتي رافقها زحوف جليدية ضخمة، كانت هناك مساحات مائية واسعة قد تحولت إلى جليد صلب، وهذا ما أدى إلى انخفاض مستوى سطح البحار والمحيطات (مستوى الأساس العام).
    وبعد آخر انحسار جليدي، وذوبان الجليد الذي كان يسد مدخل مضيق برنغ، عادت مياه البحر لتفصل بين القارتين، ولكن ذلك لم يمنع الأسكيمو من العبور إلى القارة الأمريكية على قواربهم الخاصة التي عرفت باسم كايّاك، ومع تطور وسائل الملاحة البحرية فيما بعد، جرت اتصالات مهمة بين شعوب أقصى شرقي آسيا وأوقيانوسية، وسكان سواحل المحيط الهادئ، ومع بدء الاكتشاف الفعلي الجديد الذي تقدم الحديث عنه في بحث أمريكة الجنوبية وصل الملاح البريطاني جون كابوت إلى اسكتلندة الجديدة في أمريكة الشمالية بين عامي 1497 و1498، كما بدأت حركة الإنكليز والفرنسيين المنظمة والهادفة إلى التوسع في أمريكة الشمالية خاصة وتمكن فيرازانو عام 1524م الذي كان يعمل لصالح ملك فرنسة من الإبحار على طول السواحل الشرقية للقارة ابتداءً من رأس هاتيراس حتى اسكتلندة الجديدة، كما تمكن جاك كارتييه من اكتشاف جزيرة الأمير إدوارد عام 1534م، وخليج سان لوران وشبه جزيرة غاسييه، ووصل إلى كويبك الكندية. كما انطلق الفرنسيون باتجاه منطقة البحيرات الكبرى لاكتشاف حوض الميسيسبي وشغلوا في هذه الحقبة بتجارة الفراء خاصة. أمّا الإنكليز فقد بدؤوا بتأسيس مستعمراتهم ومحطاتهم التجارية منذ عام 1541م، وذلك في جزر الأنتيل، وفي أمريكة الشمالية على حد سواء، فأنشئت أولى المستعمرات على السواحل الشمالية الشرقية وعانى المستوطنون الأوائل فيها البرد الشديد، وقساوة الأحوال الحياتية والمعيشية، ولكن المملكة الأم استمرت في إرسال المؤن والأدوية الضرورية لهم. وهكذا بدأ الفرنسيون والإنكليز يقيمون مستوطناتهم ومستعمراتهم الجديدة، وشجعتهم على ذلك جملة المشاكل الديموغرافية والاجتماعية والدينية في أوربة ودفعت الكثير منهم إلى الهجرة إلى العالم الجديد، وهكذا ثبتت فرنسة أقدامها في المناطق الآنفة الذكر، ووطدت إنكلترة نفوذها في فرجينية وكارولينة ومريلند وبوسطن وإنكلترة الجديدة. أمّا الهولنديون فقد استقروا على مداخل خليج هدسن وعلى طول خليج دِلاوَرْ، وقد قام المستوطنون الجدد بإرساء قواعد الحياة الديمقراطية في مناطقهم الجديدة، كما أنهم نقلوا زراعة أو تربية ما يزيد على 150 صنفاً نباتياً وحيوانياً إلى القارة الجديدة، وعلى رأس هذه المحاصيل قصب السكر والقمح والرز والزيتون والخضار وبعض الأشجار المثمرة. ولكن سرعان ما نشب النزاع بين فرنسة وإنكلترة على اقتسام القارة الجديدة، وانتهى بانتصار إنكلترة لقوتها البحرية من جهة وارتفاع أعداد الوافدين الإنكليز نسبياً إلى القارة الجديدة من جهة أخرى، مما اضطر فرنسة إلى التنازل عن شبه جزيرة أكادية وعن الأرض الجديدة وعن لويزيانة، كما فقدت كندا باستثناء كويبك.
    الموقع الجغرافي المكتشف جنسية المكتشف تاريخ الاكتشاف
    غرينلندة إيريك الأحمر نروجية 982ـ985م
    لابرادور نوفاسكوتية لايف إيريكسون نروجية 1000م
    جزر الهند الغربية كريستوف كولومبس إيطالية 1492م
    أمريكة الشمالية جون كابوت إنكليزية 1497م
    المحيط الهادئ فاسكو نيونيز البلباوي إسبانية 1513م
    فلوريدة بونس الليوني إسبانية 1513م
    المكسيك هيرناندو كورتيز إسبانية 1519ـ1521م
    نهر سان لورانس جاك كارتييه فرنسية 1534م
    جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية فرنسيسكو كورونادو إسبانية 1540ـ1542م
    نهو كولورادو هيرناندو ألاركون إسبانية 1540م
    نهر المسيسبي هيرناندو سوتو إسبانية 1541م
    خليج فروبشر مارتان فروبشر إنكليزية 1576م
    ساحل الماين صاموئيل شامبلين فرنسية 1604م
    جيمس تاون جون سميث إنكليزية 1607م
    نهر هدسون هنري هدسون إنكليزية 1609م
    خليج هدسون (كندا) هنري هدسون إنكليزية 1610م
    خليج بافن ويليام بافن إنكليزية 1616م
    بحيرة ميتشيغن جان نيوكوليه فرنسية 1634م
    نهر أركنساس جاك ماركت ولويس جولييه فرنسية 1673م
    نهر المسيسبي دولاسال فرنسية 1682م
    مضيق برنغ فيتوس برنغ دنماركية 1728م
    ألاسكة فيتوس برنغ دنماركية 1741م
    نهر ماكِنزي (كندا) ألكسندر ماكنزي اسكتلندية 1749م
    شمالي الولايات المتحدة الأمريكية ميرويزرلويس ووليم كلارك أمريكية 1804ـ1807م
    الممر الشمالي للمحيط المتجمد الشمالي نيل نوردنيسولد سويدية 1879م
    الأجزاء الداخلية من غرينلندة روبيرت بيري أمريكية 1892م
    الجدول (1) الاكتشافات الجغرافية الأولى في أمريكة الشمالية

  • #2
    أمّا الوافدون من شبه جزيرة إيبرية فقد تركزت جهودهم على استعمار أمريكة اللاتينية (أمريكة الجنوبية والوسطى)، وبعد أن وطدت إسبانية مناطق نفوذ واسعة لها هنا تدخلت فرنسة وأسست مستعمرتي هاييتي وغوادلوب، إضافة إلى المارتينيك، في حين أدت هزيمة الأسطول الإسباني أمام نظيره الإنكليزي إلى استيلاء الإنكليز على جمايكة وعلى مجموعة من جزر الأنتيل الصغرى، واستقر الهولنديون في كوراساو وأروبة، أمّا غويانة فقد تقاسمتها كل من فرنسة وإنكلترة وهولندة، كما قامت جالية دنماركية بتأسيس مستعمرة خاصة لها في غرينلندة. واعتمد الإنكليز منذ البداية على تنظيم مستعمراتهم ومناطق نفوذهم ببناء نظام اقتصادي متين يقوم على استغلال الثروات المختلفة واستثمارها، وعلى تطوير الحركة التجارية، في حين اقتصر نشاط الإسبان والبرتغاليين في مناطق نفوذهم الواقعة إلى الجنوب على البحث عن الذهب ونقله إلى الوطن الأم من دون الالتفات إلى دعم الاقتصاد المحلي أو إلى استثمار الأراضي الزراعية وفق طرق علمية مدروسة على غرار ما فعل الإنكليز والفرنسيون شمالاً.
    يوجد في أمريكة الشمالية قطاعات واسعة خالية من السكان، ويرتبط إعمارها التدريجي اليوم بالضغط الديموغرافي وبالتطور التقني الذي تشهده القارة. أمّا في بداية عصر الاكتشافات الجغرافية، فقد كان نشوء المراكز التجارية والموانئ البحرية من أهم عوامل تطور نوى المستعمرات ومراكز التجمع البشري المهمة وتطورها على طول السواحل الشرقية في البداية، ومنها اتجهت حركة الاستيطان والاستعمار إلى المناطق الداخلية، والسواحل الغربية التي قصدها المهاجرون من جنوب شرقي آسيا خاصة، ولاسيما في القرن التاسع عشر، وبُعيد الحربين العالميتين. وهكذا تضافرت مجموعة من الأحوال والعوامل الطبيعية والاقتصادية والبشرية والاجتماعية على التفريق بين أمريكة الشمالية الأنغلوسكسونية (كندا والولايات المتحدة الأمريكية) وبين أمريكة الجنوبية اللاتينية أو الهندية اللاتينية، والجدول1 يبين مراحل الاكتشافات المهمة وتواريخها وخطوط سيرها في العالم الجديد.
    بنية القارة الأمريكية
    1ـ التاريخ الجيولوجي والبنائي: تمثل القارة الأمريكية كتلة شديدة التعقيد من الناحية الجيولوجية والبنائية ويميز فيها بين ثلاثة أجزاء رئيسة، ينفرد كل منها بخصائص نوعية محددة، وهذه الأجزاء هي:
    آ - أمريكة الشمالية: تشمل كلاً من غرينلند وكندا والولايات المتحدة الأمريكية ومنها ألاسكة، إضافة إلى المكسيك، باستثناء شبه جزيرة يوكاتان، ويتميز هذا الجزء ببنية تشبه بنية أوربة الشمالية والوسطى.
    ب - الأقسام الشمالية لأمريكة الوسطى: وتشمل غواتيمالة وهندوراس والسلفادور ونيكاراغوة، وتماثل في خطوطها الجيولوجية العامة أمريكة الشمالية، باستثناء أقسامها الجنوبية التي تضم الأجزاء الجنوبية الغربية من نيكاراغوة إضافة إلى كوستاريكة وبنمة، وتنفرد هذه المنطقة بمميزات خاصة نظراً لحداثتها النسبية، إذ إنها لم ترتفع فوق سطح البحر ارتفاعاً نهائياً إلا في الحقب الجيولوجي الثالث، شأنها شأن جزر الأنتيل.
    جـ - أمريكة الجنوبية: تنفرد ببنية جيولوجية مماثلة تماماً لبنية الأقسام الجنوبية للقارة الإفريقية إذ إن هذه الكتلة كانت حتى الحقب الجيولوجي الثاني، تشكل جزءاً من قارة غوندوانة القديمة، التي كانت تضم كلاً من إفريقية الوسطى والجنوبية وشبه الجزيرة الهندية وأُسترالية والمنطقة القطبية الجنوبية وآسيا العربية.
    إن قرب الكتلة القارية الأمريكية الشمالية من آسيا ومن أوربة يفسر التشابه الكبير بين هذه القارات على الصعيد الجيولوجي، فلا يفصل الأقسام الغربية من ألاسكة عن آسيا إلا مضيق برنغ الناجم عن حركة انهدامية حديثة العهد نسبياً، أما المسافة بين أمريكة الشمالية وأوربة من الشرق فأكبر من ذلك بكثير، لكن وجود مجموعة من الجزر بين القارتين يسهم في تقليص هذه المسافة كما هي الحال في جزيرة غرينلندة التي تعدُّ قارة صغيرة تقع شمال المحيط الأطلسي وتصل مساحتها إلى نحو 2.175.000كم2، ولا يفصلها عن جزر سبيتزبرغ سوى مسافة 700كم، ولا تبعد عن إيسلندة أكثر من 300كم، وهي تشكل جزءاً لا يتجزأ من أمريكة الشمالية، وتمثل عتبة قارية مركزية محاطة بالسلاسل الجبلية (سلاسل جبال الأبالاش شرقاً والسلسلة الطويلة غرباً وسلاسل غرينلند شمالاً) في حين أن أراضي القاعدة القديمة التي تعرضت لنشاط حتي مهم تنكشف في الأجزاء الشمالية الشرقية وفي الوسط، حيث تكوِّن مجموعة السهول الداخلية في الجزيرة.
    أمّا مناطق تكشفات القاعدة القديمة في أمريكة التي تعود إلى ما قبل الكامبري، فقد شهدت نشاطاً حتياً واسعاً أدى إلى تسويتها نسبياً، بعد أن كانت مسرحاً لحركات التوائية عنيفة، وتشغل هذه القاعدة مساحات واسعة من شمالي كندا وشرقيها، وتنتشر على أطرافها الجنوبية والغربية مجموعة من البحيرات المتوضعة عند أقدام جروف شديدة الانحدار مؤلفة من توضعات جيولوجية أفقية تعود إلى الحقب الجيولوجي الأول، وقد تعرضت هذه التوضعات إلى نشاط حتي عنيف أدى إلى تقليص مساحة تكشفها على السطح. وعلى طول الأجزاء الشرقية والشمالية لغرينلند وفي مجموعة الأرخبيلات الواقعة إلى الغرب منها، تكوَّن مقعر التوائي في بداية الحقب الجيولوجي الأول، طمرته رسوبات سميكة تعرضت للحركات الالتوائية الكاليدونية التي حدثت إبّان العصر السيلوري من الحقب الجيولوجي الأول، تلتها حركة التوائية ثانية في بداية العصر الفحمي من الحقب نفسه، ثم شهدت المنطقة تكدساً للرسوبات من جديد في المدة الممتدة بين نهاية العصر الفحمي حتى الحقب الجيولوجي الثالث الذي شهد حدوث حركة التوائية قليلة الأهمية في هذه المناطق. أمّا منطقة السهول الأمريكية الكبرى، فإنها تتألف من صخور القاعدة القديمة التي غطتها رسوبيات قارية وبحرية بثخانات متباينة تعود إلى الأحقاب الجيولوجية الأول والثاني والثالث، ولم تتعرض لحركات بنائية مهمة باستثناء أجزائها الجنوبية التي شهدت حركات التوائية هرسينية أدت إلى نهوض سلاسل واشيتة Washita الجبلية التي تمتد من الغرب إلى الشرق حتى سواحل المحيط الأطلسي. أما سلسلة جبال الأبالاش[ر] الممتدة على سواحل المحيط الأطلسي وعلى الأطراف الشمالية الشرقية لخليج المكسيك، فقد تعرضت لحركات التوائية عنيفة في الحقب الجيولوجي الأول، وتتألف قطاعاتها الغربية من صخور رسوبية غنية جداً بمكامن الفحم الحجري، وقد شهدت هذه القطاعات حركات بنائية غاية في الأهمية. أما قطاعاتها الشرقية، فتغلب عليها الصخور البركانية والصخور المتحولة، وقد شهد المجموع عدة حركات مولدة للجبال، وخاصة في العصر الديفوني. وبين المحيط الأطلسي وهذه السلسلة تمتد مجموعة من السهول الساحلية التي تغطيها توضعات رسوبية حديثة نسبياً تعود إلى الحقب الجيولوجي الثالث ولم تشهد نشاطاً بنائياً يذكر. وهنالك مجموعة أخرى من السلاسل الجبلية التي تمتد على طول السواحل الغربية ابتداءً من ألاسكة حتى شبه جزيرة كاليفورنية السفلى والمكسيك، وتعد سلاسل غواتيمالة الوسطى وهندوراس ونيكاراغوة استطالة جنوبية للسلسلة الساحلية الغربية التي تستمر أيضاً في الأجزاء الجنوبية لأمريكة الوسطى، وكانت القطاعات الغربية لهذه الوحدة البنيوية تمثل في الحقبين الجيولوجيين الأول والثاني أرخبيلاً من الجزر البركانية التي تعرضت لحركات بنائية بالغة الأهمية في أواخر العصر الجوراسي وبداية العصر الكريتاسي، تسببت في توضُّع الصخور المتحولة على السطح. أما سلسلة جبال روكي (الجبال الصخرية) فإنها تمتد إلى الشرق من السلسلة الساحلية الغربية، وكانت هاتان السلسلتان سلسلة واحدة، وانفصلتا منذ بداية الحقب الجيولوجي الثاني، وتجد هذه السلسلة استمراراً لها باتجاه الجنوب في سلسلة الهضاب المكسيكية العليا. وتتميز القطاعات الغربية هذه بتوضُّع الرسوبيات السميكة في الحقبين الأول والثاني، ولكنها تعرضت فيما بعد، وفي نهاية الحقب الثاني وبداية الحقب الثالث إلى حركات التوائية عنيفة، وتكون الكثير من أغشية الجرف المهمة باتجاه الشرق، كما شهدت هذه المناطق حركات مولدة للجبال في عصر الميوسين، رافقها حدوث فوالق وصدوع كثيرة في أمريكة الشمالية والوسطى على حد سواء، وحدوث نشاط بركاني كذلك. وتتألف القطاعات الغربية لأمريكة الوسطى من قوس من الجبال التي تغلب عليها الصخور المتبلورة العائدة إلى الحقب الجيولوجي الأول، والتي شهدت حركات مولدة للجبال في الحقب نفسه، وتحد هذه الجبال شمالاً سلسلة آلتوس كوشوماتان ذات الصخور الكلسية العائدة للحقب الثاني، والتي تعرضت لحركات التوائية في عصر الميوسين. أما شبه جزيرة يوكاتان فهي جزء من القاعدة القديمة التي تكوِّن خليج المكسيك الحالي وتغطيه صخور ملحية وكلسية أفقية التوضع تعود للحقبين الجيولوجيين الثالث والرابع. أما الأجزاء الشرقية لشمالي أمريكة الوسطى فتتألف من سلسلة من الصخور البركانية التي توضعت على السطح في الحقب الجيولوجي الثالث تماماً كما حدث في المكسيك، في حين أن النشاط البركاني الرئيس الذي شهدته سواحل المحيط الهادئ هنا يعود إلى الحقب الرابع.
    أمّا الأجزاء الجنوبية لأمريكة الوسطى، فتغلب عليها صخور بركانية متحولة مختلفة الأعمار، تمتد من الحقب الثاني حتى الحقب الرابع، متناوبة أحياناً مع الصخور الرسوبية، وقد تعرض المجموع لحركات التوائية عنيفة إبّان الحقب الثالث، في حين أن مجموعة جزر الأنتيل الكبرى، كوبة وهاييتي والدومينيكان وبورتوريكو، تتألف من قاعدة من الصخور المتحولة التي تغطيها توضعات بركانية المنشأ بسماكات كبيرة، مع توضعات مكوِّنة من الصخور الكلسية الجوراسية والكريتاسية التي تعرضت لحركات بنائية مهمة في الحقبين الثالث والرابع، في حين أن جزر الأنتيل الصغرى تتألف من قوس خارجي مكوَّن من الصخور الكلسية بصورة رئيسة، إضافة إلى قوس داخلي مكوَّن من صخور بركانية المنشأ، وماتزال هذه الجزر تشهد نشاطاً بركانياً بين مدة وأخرى حتى الوقت الحالي.
    2 ـ الوحدات الجيولوجية الإقليمية في أمريكة الشمالية وهي:
    آ - تكشفات القاعدة الكندية القديمة (المجن الكندي): وهي تمثل أقدم الوحدات البنيوية في أمريكة الشمالية، وتصل مساحتها إلى نحو 4.850.000كم2 ويقع معظمها ضمن الأراضي الكندية، ويشغل خليج هدسن مركزها، وتتألف من توضعات جيولوجية تعود إلى ما قبل الكامبري، ويغلب عليها المظهر السهلي العام لشدة نشاط أعمال الحت والتعرية التي تعرضت لها. ومع ذلك، فإن الارتفاعات عن سطح البحر هنا ليست متجانسة إطلاقاً، وقد تعرضت أجزاؤها الوسطى لعمليات خسف وانهدام بنائية وإلى نهوض نسبي لأطرافها وخاصة على سواحل اللابرادور، حيث تصل أقصى ارتفاعاتها إلى 1675م. ويعد النشاط والعمل الجليديان اللذان سبّبهما زحف الجليديات وانحسارها في البلاستوسين خاصة العامل الرئيس الذي هندس مظاهر السطح فيها، إذ تكثر هنا التلال المدوّرة والصخور الغنميَّة إضافة إلى السطوح المصقولة والغنية بالحزوز الناجمة عن الزحف الجليدي، وأكداس الركاميات (المورينات) التي خلفها الانحسار الجليدي، وهذا ما أدى إلى تخريب كامل لمعالم الشبكة المائية السطحية التي تكوَّنت سابقاً، كما أدى إلى ظهور الكثير من البحيرات ذات الأصل الجليدي. وتقسم القاعدة الكندية القديمة إلى عدة مناطق متباينة نسبياً على الصعيدين البنائي والجيولوجي، وهذه المناطق هي: منطقة البحيرات الكبرى وتشرشل وغرينفيل ولابرادور وسكلاف وأورس والمنطقة الجنوبية، وتختلف أعمار التوضعات الجيولوجية التي تكوِّن هذه المناطق، وينتمي أقدمها إلى العصر الأركي الذي استمر نحو 2000 مليون سنة، ويقسم إلى طابقي الكيواتان والتيمسكاميان، وتتألف أقدم صخور القاعدة من توضعات رسوبية وأخرى بركانية المنشأ، تعرضت لحركات التوائية وغطتها صخور غرانيتية كما هي الحال في منطقة أونتاريو وفي شمال غربي كويبك، كما تظهر أيضاً صخور الريوليت وبعض الصخور البركانية المتفككة إلى عناصرها الأولية والرسوبات المكوَّنة من الرماد البركاني ومن بعض توضعات الطف وعروق الكوارتز والكونغلوميرات وذلك في أواسط القاعدة الكندية. وتتصف هذه التوضعات بسماكاتها الكبيرة التي تصل إلى نحو 7600م في منطقة نوراندة، أمّا الصخور العائدة للتيمسكاميان فإنها تتوضع توضعاً غير متوافق على سطح حتي تكوَّن في نهاية مدة الكيواتان، وتتألف من توضعات من الأردواز والأركوز والكوارتزيت والكونغلوميرات، إضافة إلى بعض الصخور الكلسية والميكاشيست والتالك شيست، أمّا توضعات عصر البروتيروزويك الذي يقسم إلى طابقي الهورونيان والكيونياويان، والتي تكدست فوق التشكلات الأركية، فإنها شديدة التباين، ويغلب عليها في البداية الصخور الكلسية والدولوميّة في منطقة جنوبي البحيرة العليا وفي متشيغن وويسكونسن، في حين أن توضعات منطقة غرينفيل والأرض الجديدة تتألف من صخور الغنايس والكلس المتبلور إضافة إلى الصخور البازلتية وصخور الشيست والغرانوليت والشارنوكيت والأنورتوزيت التي تكوَّنت ضمن منخفض يصل عمقه إلى 20كم. وتنفصل صخور غرينفيل عن صخور المناطق المجاورة بفضل وجود جبهة غرينفيل الناجمة عن سلسلة من الصدوع والفوالق المهمة التي تمتد باتجاه الشمال الشرقي ابتداءً من بحيرة هورون حتى بحيرة ميستاسيني أو حتى ساحل اللابرادور. وتوجد في جنوبي أُنتاريو سلسلة أخرى من التوضعات التي تقع فوق سطح حتي، وتتألف من الكلس والكونغلوميرات والغضار والدولوميت والميكاشيست، وتتخللها مسلات مهمة من الدياباز، بالإضافة إلى وجود بعض العروق والطبقات الرقيقة من الباتوليت ومن الغرانيت، وفوق توضعات الهورونيان تقبع في بعض المناطق صخور الحجر الرملي والشيست والبازلت العائدة للكيونياويان.
    إن التوضعات البركانية والرسوبية البريكامبرية الآنفة الذكر، كانت مسرحاً لثلاث حركات رئيسة مولدة للجبال هي:
    ـ الحركة الكينورانية التي تركت بصماتها في منطقة البحيرة العليا وفي منطقة سكلاف.
    ـ الحركة الهدسونية وترى آثارها في مناطق تشرشل وأورس وفي شمالي بحيرة هورون.
    ـ الحركة الغرينفيليّة التي أثرت في منطقة غرينفيل خاصة.
    ـ يضيف بعض الاختصاصيين حركة رابعة يدعونها بالحركة الإلزونية.
    ومهما يكن من أمر، فقد ترافقت هذه الحركات بسلسلة من الصدوع والفوالق والانهدامات البالغة الأهمية، مؤدية إلى تكوُّن الكونغلوميرات والأغوار والمنخفضات التي نشأت وتكوَّنت إبان البروتيروزويك أساساً، وأهم هذه المنخفضات والأغوار: هوّة اللابرادور التي يتجاوز طولها 950كم بعرض يتجاوز 60كم.
    ب - السلاسل الشمالية (الأنويسيانية): وتمتد على طول السواحل الشمالية لمجموعة الجزر الكندية القطبية إضافة إلى غرينلند، في حين أن الأجزاء الجنوبية لهذه الجزر تنتمي إلى توضعات القاعدة الكندية القديمة. أما الأجزاء الوسطى فتتألف من توضعات الباليوزويك التي تعرضت لانهدامات مهمة، وتزداد ثخانة هذه التوضعات باتجاه الشمال، حيث تشرف صخور الغنايس والشيست من ارتفاعات تتجاوز 3000م، أما الصخور الرسوبية هنا فيراوح عمرها بين الكامبري والسيلوري والديفوني.
    جـ - السهول الداخلية: تمتد إلى الجنوب وإلى الغرب من القاعدة الكنديّة حيث تتوضع سلسلة من الرسوبيات التي تصل ثخانتها إلى نحو 300م، وتزداد عند أقدام السلاسل الجبلية المشرفة على هذه السهول التي يتخللها الكثير من القباب والقمم والتلال التي يصل ارتفاعها إلى 2000م، وتغلب الكونغلوميرات والصخور الكربوناتية العائدة إلى الحقب الجيولوجي الأول على هذه الرسوبيات، إضافة إلى توضع اللحقيات النهرية الناتجة من نشاط الحت والتعرية الذي رافق الحركات المولدة للجبال، وقد تعرضت هذه الرسوبيات لسلسلة من الحركات البنائية القديمة التي عاودها النشاط ثانية فيما بعد، في حين أن النشاط البركاني كان قليل الأهمية ولقد بيَّنت دراسة المناخات القديمة والدراسة التحليلية الدقيقة لهذه الرسوبيات، أن هذين العنصرين (النشاط البركاني والمناخ) كانا شديدي التأثر بتبدل مواقع القارات وعلاقتهما بالقطبين، كما أن دراسة المغنطيسية القديمة، أثبتت أن خط الاستواء كان يعبر أو يجتاز أمريكة الشمالية من الشمال إلى الجنوب في العصر السيلوري.

    تعليق


    • #3
      - سلسلة جبال الأبالاش: وتمتد بين ألابامة ومصب نهر سان لوران، ويمكن تقسيمها إلى جزء شمالي وآخر جنوبي، وكل منهما يتألف من مجموعة من القطاعات، فالقسم الشمالي يتألف من:
      ـ قطاع قمم تاكونيك التي تتألف من توضعات عائدة للحقب الأول، تعرضت لحركات التوائية ولفوالق وصدوع مهمة.
      ـ هضبة إنكلترة الجديدة، وتتألف من صخور متحولة واندفاعية تعود للحقب الجيولوجي الأول.
      ـ بين المجموعتين الآنفتي الذكر، يمتد الغور الانهدامي المملوء بالرسوبيات، وفيه يجري نهر كُنكتيكت.
      أما القسم الجنوبي فيتألف من:
      ـ هضاب طلائع الأبالاش في أقصى الغرب، وتتألف من رسوبيات تعرضت لحركات التوائية خفيفة في الحقب الأول.
      ـ حاجز جبلي في الشرق، تتألف قممه من أغشية جرف قادمة من الشرق، كما تبرز صخور القاعدة القديمة على السطح في قطاعاتها الشمالية، في حين تغلب عليها الصخور البركانية والمتحولة باتجاه الجنوب.
      ـ منطقة الأعراف والأودية السحيقة في الوسط، وتغلب عليها توضعات عائدة للحقب الأول، تعرضت للحركات الالتوائية الهرسينية، وتزداد الارتفاعات هنا من الجنوب باتجاه الشمال.
      وعلى مقربة من السهول الساحلية الأطلسية تمتد مناطق البيدمونت ذات الصخور المتبلورة الغنية بمجموعة من الأحواض والمنخفضات التي تكوَّنت إبّان الحقب الجيولوجي الثاني بفعل الحركات البنائية التي أصابت المنطقة. ويتفق الجيولوجيون عامَّة على أن جبال الأبالاش جزء من أسرة كبرى تنتمي إليها جبال شرقي غرينلند وأوربة الغربية وإفريقية الشمالية، تجزأت في العصر الجوراسي من الحقب الجيولوجي الثاني.
      هـ - سلاسل واشيتة: تنتمي التوضعات الجيولوجية العائدة للحقب الأول والممتدة بين وادي الميسيسبي ومناطق شمالي المكسيك إلى المجموعة الأبالاشية على الرغم من وجود توضعات كريتاسية مهمة فوقها، خصوصاً منطقة مصب الميسيسبي. ففي الحقب الأول ظهرت مجموعة من الجزر في المكان الذي تحتله سهول خليج المكسيك الحالية، وقد تعرضت هذه الجزر لعمليات حت وتعرية نجم عنها توضعات رسوبية مهمة، رافقها نشاط بركاني محسوس، ومنذ العصر الديفوني أخذت التوضعات الكلسية بالظهور في حوض الميسيسبي الأدنى والأوسط، كما تميزت توضعات البرمي الأوسط والأعلى بوجود الرسوبيات القارية، في حين أن توضعات البرمي الأدنى اقتصرت على الحجر الرملي والكلس، ويعتقد الجيولوجيون أن أمريكة الجنوبية كانت متصلة بسواحل خليج المكسيك حتى بداية العصر الجوراسي الذي انفتح فيه خليج المكسيك على مياه المحيط الأطلسي.
      و - السهول الساحلية الأطلسية: تميل مجموعة من الجيولوجيين إلى اعتبار أمريكة الشمالية جزءاً من قارة قديمة انفصلت عنها نتيجة لمجموعة من الفوالق والصدوع العمودية المهمة في العصر الترياسي، رافقها ارتفاع مجموعة من النجود البنائية وحدوث اندفاعات بركانية مهمة على طول سلسلة جبلية تمتد من كارولينة إلى شمالي غرينلند، وتميزت هذه الحقبة بسيادة الرسوبيات القارية، وقد بدأت الرسوبيات البحرية بالظهور مع بداية الطغيانات البحرية المتتالية في أثناء الجوراسي الأوسط والأعلى، مما أدى إلى ترسيب توضعات سميكة من الصخور الملحية على أطراف خليج المكسيك الذي يبدو في هذه الحقبة بحيرةً داخلية شاطئية ينشط فيها البَخْر، كما ازدادت ثخانة التوضعات الرسوبية على سواحل هذا الخليج طوال الكريتاسي الأدنى، في حين أن الطغيان البحري في أثناء الكريتاسي الأعلى وصل إلى حدود نيوجرسي في أمريكة الشمالية، كما استمرت حركة بناء الهضاب الداخلية وهندستها طوال الحقب الجيولوجي الثالث، متعرضة لطغيانات بحرية ضئيلة الأهمية، وسادت عليها التوضعات والترسبات الدلتاوية الطبيعية التي ولَّدت ضغطاً على الصخور السفلية مما عرضها لحركات خسف مهمة.
      ز - السلاسل الجبلية الغربية: وتمثل أعقد المناطق الجيولوجية البنيوية في أمريكة الشمالية، وتتألف من سلسلتين جبليتين تضمان أُخدوداً أو منخفضاً تغلب عليه الصخور الرسوبية والبركانية العائدة للحقب الجيولوجي الثاني، وتماثل في وضعها إبان الحقبة السابقة للكريتاسي الوضع الحالي لبحر اليابان، وقد تكوَّن هذا الأُخدود نتيجة لالتحام كتلة السلاسل الغربية بأمريكة الشمالية في منتصف الكريتاسي، في حين أن الباحث ميلفيل R.Meleville يرى أن هذا الأخدود يمثل مناطق التحام الجوانب الشرقية لقارة المحيط الهادئ الأولية مع الجوانب الغربية لقارة الأطلسي الأولية، وذلك بعد انفصال القارات نتيجة لتكوُّن المحيطين الهادئ والأطلسي. وعلى هذا تكوِّن السلاسل الغربية والمنخفض الذي يفصلها عن سلسلة جبال روكي النظير الفعلي للسلسلة الجبلية التي تكوَّنت في الحقب الثاني على غرار تكوُّن جبال الأبالاش في الحقب الأول. وبعد التحام هذه السلسلة تكوَّن حوض داخلي معزول عن المحيط، فنشط فيه التبخر نشاطاً يشبه ما يجري في المناطق الصحراوية الحالية تماماً. أمّا النشاط الرئيس المولد للجبال هنا فقد استمر حتى نهاية الكريتاسي. وإلى الشرق من المنخفض الآنف الذكر تمتد سلسلة جبال روكي، حيث توضعت رسوبيات عظيمة من الكلس ومن الصخور الدولومية في عصور الأُردوفيسي والسيلوري والديفوني قبل أن تتعرض للحركات المولدة للجبال والتي رافقها حدوث الكثير من الفوالق والصدوع المهمة.
      ح - المكسيك: يعد مجمل الأراضي المكسيكية استمراراً للقطاعات الغربية الآنفة الذكر، حيث يوجد تماثل كامل بين التاريخ الجيولوجي لشبه جزيرة كاليفورنية السفلى المكسيكية والسلسلة الغربية المطلة على المحيط الهادئ شمالاً، في حين تعد جبال سييراماديرا استمراراً للسلسلة التي تحد جبال روكي غرباً في أمريكة الشمالية. أمّا جبال روكي فإنها تستمر في مجموعة الهضاب المركزية العليا في المكسيك، لكن الظاهرة الجديرة بالذكر هنا، هي وجود سلسلة معترضة ذات اتجاه شرق - غرب تقع عند حدود درجة العرض 20 درجة شمالاً. وقد كانت هذه السلسلة في الأساس حفرة انهدامية تكدست فيها التوضعات البركانية التي تعود إلى الباليوسين وإلى الحقب الرابع. وعموماً تعرضت غالبية الأراضي المكسيكية لتأثير الحركات الهرسينية العنيفة، وتلتها حركات التوائية أقل عنفاً في الحقب الجيولوجي الثاني، ومع ذلك، فقد أدت إلى ظهور أغشية جرف غاية في الأهمية في حين أن الحوادث البنائية المهمة التي حدثت في أواخر الحقب الثالث وبداية الحقب الرابع ذات الاتجاه شمال - جنوب كان لها الأثر الكبير في تحديد الملامح المورفولوجية الحالية للمكسيك.
      طـ - أمريكة الوسطى: تمثل صخور الغنايس والميكاشيست والرخام والكوارتزيت والغرانيت أقدم الصخور التي تكوِّن القاعدة في كل من غواتيمالة وهندوراس ونيكاراغوة، ويعود عمر هذه الصخور في غواتيمالة إلى الحقب الأول، في حين أنها تعود إلى الكريتاسي في هندوراس ونيكاراغوة. وتغطي مجموعة الصخور الأولى توضعات رسوبية مهمة تعود إلى أواخر الحقب الأول. وقد تعرضت هذه الصخور لحركات التوائية ذات شأن، في حين أن توضعات الحقب الثاني هنا تغلب عليها الصفة القارية وتغطيها أحياناً توضعات بحرية كريتاسية، إضافة إلى بعض الصخور الملحية، أما في هندوراس، فتوجد توضعات كريتاسية بحرية مهمة في الشمال، وتوضعات قارية وأخرى بركانية في الوسط والجنوب. وفي الحقب الثالث، سادت التوضعات الغضارية الشيستية الثخينة، إضافة إلى بعض الصخور الملحية والدولومية والكلسية، وقد ارتفعت هذه المناطق فوق مستوى سطح البحر ارتفاعاً نهائياً في أواخر الإيوسين. أمّا توضعات العصور التالية، وتوضعات الحقب الرابع، فتنحصر عملياً في المناطق الساحلية الشمالية الشرقية لشبه جزيرة يوكاتان حيث تنتشر الرسوبيات القارية والبحيرية، وتقسم الصخور البركانية هنا إلى:
      ـ توضعات ناجمة عن النشاط البركاني القديم الذي يعود إلى العصرين الجوراسي والكريتاسي واستمر حتى الإيوسين وحتى الميوسين في بعض القطاعات.
      ـ توضعات ناجمة عن النشاط البركاني الذي بدأ في الباليوسين، وما يزال ينشط بين حين وآخر.
      وتنفصل المجموعتان الآنفتا الذكر بطبقة مكوَّنة من تربة حمراء ناعمة، ناجمة عن نشاط الحت والتعرية الذي أصاب التوضعات البركانية القديمة. أما أهم الحركات المولدة للجبال التي شهدتها المنطقة فتتمثل بالالتواءات الهرسينية في أواخر الحقب الأول، وتلك التي بدأت في نهاية العصر الكريتاسي واستمرت على دفعات حتى الإيوسين الأعلى، وابتداءً من الباليوسين تعرضت المنطقة لمجموعة من الحركات البنائية المهمة المتمثلة بالصدوع وبالفوالق التي رافقتها اندفاعات بازلتية غاية في الأهمية.
      وتعود أقدم الصخور في أقصى جنوبي أمريكة الوسطى إلى أصول بركانية تحت البحر، تتناوب أحياناً مع توضعات رسوبية من الكلس والسيليس تغطيها طبقات رسوبية أخرى عائدة للكريتاسي الأعلى. أمّا توضعات الحقب الثالث فتتمثل بمجموعة من الصخور البركانية والرسوبية ذات الصفات القارية والبحرية على حد سواء كما شهدت هذه القطاعات نشاطاً بنائياً وبركانياً مهماً طوال الحقب الجيولوجي الرابع، أما أهم الحركات المولدة للجبال التي شهدتها هذه القطاعات فقد حدثت في الجوراسي الأعلى والكريتاسي الأدنى، تلتها حركة ثانية بدأت في الكريتاسي الأعلى واستمرت حتى نهاية الإيوسين، وقد كانت مصحوبة بنشاط بركاني على طول السواحل.
      ك - جزر الأنتيل وتقسم إلى:
      ـ جزر الأنتيل الكبرى الواقعة إلى الشمال الغربي لمجموعة جزر الأنتيل.
      ـ جزر الأنتيل الصغرى وتقع إلى الجنوب الشرقي وتقسم بدورها إلى:
      ـ جزر الأنتيل الشرقية التي تتألف من:
      1ًـ قوس داخلي ذي طبيعة بركانية.
      2ًـ قوس أوسط تغلب عليه الصخور الكلسية.
      3ًـ قوس خارجي جنوبي يشمل ترينداد وتوباغو وبربادوس التي يرتبط ظهورها بالتاريخ الجيولوجي لسلسلة الكاريبي الفنزويلية.
      ـ جزر الأنتيل الهولندية والفنزويلية التي تعد أجزاءً من السلسلة الساحلية الفنزويليَّة.
      وتتألف أقدم التوضعات الجيولوجية في جزر الأنتيل الكبرى من صخور الغنايس والميكاشيست والرخام والغرانيت، وتعود للحقب الجيولوجي الأول، في حين يعدها بعض الجيولوجيين تابعة للعصر الجوراسي، مع أن التوضعات العائدة للعصر المذكور لم تكتشف على وجه اليقين إلا في جزيرة كوبة. أما صخور الكريتاسي في هذه الجزر فتغلب عليها الصخور الاندفاعية البركانية، إضافة إلى بعض الصخور الكلسية التي تمثل الكريتاسي الأعلى. وفي الحقب الثالث، عادت الصخور البركانية القاريَّة التي منشؤها من تحت البحر على حد سواء للظهور ثانية، إضافة إلى الصخور الرسوبية المتمثلة بالصخور الكلسية والدولومية الناجمة عن عمليات طغيان بحري بدأ بها الحقب الثالث. أما في جزر الأنتيل الشرقية الصغرى، فقد توضعت بعض الصخور الرسوبية في الوقت الذي شهدت فيه هذه الجزر أول نشاط بركاني مهم إبّان الميوسين الأوسط.
      ولتفسير المظهر العام لجزر الأنتيل الممتدة على شكل واسع من جهة، ولتباين درجة التطور الجيولوجي لجزر الأنتيل الكبرى والصغرى من جهة أخرى، وضعت فرضيتان هما:
      ـ أن قوس جزر الأنتيل بدأ تطوره انطلاقاً من قاع محيطي من صخور السيما، من دون وجود طبقة السيال، إذ تقبع السيما فوق صخور البيريدوتيت مباشرة، وفي البداية، كان بحر الأنتيل يؤلّف جزءاً من المحيط الأطلسي، انفصل عنه تدريجياً بعد نهوض قوس الجزر الآنفة الذكر، وعلى هذا تكون جزر الأنتيل الصغرى نتيجة تطور أولي لسلاسل نشأت في قاع المحيط، في حين أن جزر الأنتيل الكبرى هي نتيجة تطور نهائي وكامل للطراز السابق من السلاسل تحت المحيط.
      ـ أمّا النظرية الثانية فترى أن قوس جزر الأنتيل كان يؤلف في الأساس الحدود الساحلية لقارة قديمة تعرضت لحركات بنائية أدت إلى حدوث عمليات انهدام كبرى أوجدت البحر الكاريبي، وربما يكون هذا الانهدام قد حدث في عصر الإيوسين، وهو المسؤول عن بداية ظهور النشاط البركاني المهم في جزر الأنتيل الصغرى التي تكوِّن الهوامش الشرقية للمنطقة المتهدمة.

      تعليق


      • #4
        الجغرافية الطبيعية
        1ـ الوصف التضريسي العام والوضع الجيومورفولوجي: تتميز أمريكة الشمالية بعدم التناظر التضاريسي بين أطرافها الشرقية والغربية، فعلى طول سواحل المحيط الهادئ، وابتداءً من أقصى شمال غربي ألاسكة تمتد سلسلة ساحلية مزدوجة تصل الارتفاعات فيها ضمن أراضي الولايات المتحدة الأمريكية إلى نحو 6300م شمالاً على السلسلة الساحلية الغربية وإلى نحو 4000م في جبال روكي لتنخفض في سلسلة هضاب روكي المشرفة على السهول الكبرى، ثمّ تعود فترتفع ثانية في المكسيك إلى نحو 5650م، وتتجه هذه السلسلة من الشمال إلى الجنوب في المنطقة المحصورة بين شمالي ألاسكة وحتى الحدود الكندية الأمريكية، حيث يصبح اتجاهها من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، من نقطة الحدود السابقة الذكر وحتى أواسط المكسيك، وفي أمريكة الوسطى تعترض هذه السلسلة مجموعة من الجبال ومن القمم البركانية ذات الاتجاه الشرقي - الغربي، يصل ارتفاعها إلى ما يزيد على 4000م أحياناً، ويصل عرض هذا القطاع الجبلي في الولايات المتحدة الأمريكية إلى نحو 1700كم، وتعد في مجموعها كتلة شديدة التخلع والتجزؤ وتضم الكثير من الكتل المرتفعة ومن المنخفضات والأغوار السحيقة، كجبال سييرا نيفادا ومنخفض ساكرامنتو وسان جاكان ووداي الموت الذي ينخفض عن سطح البحر نحو 86م، وتطل هذه السلسلة على المحيط الهادئ بسفوح شديدة الانحدار وتقابلها هوة محيطية عميقة على طول الساحل الغربي.
        وعلى سواحل الأطلسي، تمتد سلاسل جبال الأبالاش القديمة التكوُّن والتي لا يزيد ارتفاعها على 3000م ويصل الطول الإجمالي لهذه السلسلة إلى نحو 3600كم وذلك بدءاً من الأرض الجديدة شمالاً وحتى السواحل الشمالية لخليج المكسيك، والعرض الإجمالي لهذا القطاع التضريسي يراوح بين 200كم و400كم، ويفصل هذه السلسلة عن ساحل الأطلسي مجموعة سهول ساحلية تغطيها الرسوبيات الحديثة نسبياً، وتنتهي بساحل مسنن غني بالمصبات النهرية العميقة، وتتبعثر قبالتها مجموعة من الجزر الصغيرة. أما من جهة الغرب، فإن هذه السلسلة تشرف على الهضبة الأبالاشية التي تؤلف المناطق الشرقية لكندا، والتي تتبعثر عليها مجموعة من الجبال المنعزلة لا يتجاوز ارتفاعها 2000م. وإلى الغرب من هذه الهضبة تمتد مجموعة السهول الأمريكية الكبرى التي تغطيها الرسوبيات واللحقيات الحديثة التي تصل ثخانتها الإجمالية إلى 3000م، وهي ناجمة عن عمليات الحت الناشطة على السلسلتين الشرقية والغربية السالفتي الذكر. ومن السمات الرئيسة الكبرى على الصعيد الجيومورفولوجي، نشاط الحت والتعرية والانزلاقات الكتلية والانهيارات المتجددة باستمرار عبر مراحل التطور والتاريخ الجيولوجي، وذلك نظراً لتعدد أوجه النشاط والحركات البنيوية والبنائية، إضافة إلى تعدد أغشية الجرف الناجمة عن الالتواءات العنيفة التي تعرضت لها التوضعات الجيولوجية التي تكوِّن سلاسلها الجبلية، والنشاط البركاني الذي تجدد مراراً. ولقد أدت كل هذه الحركات إلى عمليات تصابٍ تضريسي، وإلى تجدد نشاط الحت والتعرية. يضاف إلى ذلك، الدور الجوهري الذي قامت به الجليديات التي عرفتها القارة في الحقب الرابع خاصة، إذ أدت زحوفها وانحساراتها المتتالية إلى ظهور آثار كبيرة لعمل جليدي واضح المعالم، امتدّ حتى درجة العرض 38 شمالاً، وذلك في مجمل المناطق الهضبية والسهلية على حدٍ سواء، حيث يعد النشاط الجليدي المسؤول الرئيس عن تحديد اتجاهات المجاري المائية، ولاسيما في الأجزاء الشمالية لأمريكة الشمالية، وقد تركت هذه الجليديات آثارها على شكل بحيرات وصخور غنمية وسطوح مصقولة وغنية بالحزوز الواضحة، فضلاً عن أكداس الركاميات المهمة الناجمة عن ذوبان الجليديات وتراجعها، أمّا في المناطق الجبلية، فإن المظاهر الجيومورفولوجية الناجمة عن الزحوف الجليدية تتوقف عند درجة العرض 46 شمالاً، لتبدأ بالظهور مجموعة من الأشكال والمظاهر الناجمة عن نشاط الجليديات والألسنة الجليدية الجبلية من الطراز الألبي، ولقد أدى نشاطها إلى نشوء الكثير من الحلبات الجليدية البسيطة منها والمركبة، ونشوء الأودية المعلفية الجليدية، في الوقت الذي تتعدد فيه الفيوردات (الخلجان الجليدية الأصل المغمورة بمياه البحر) المطلة على سواحلها الشمالية.
        2ـ المناخ: تتصف الأحوال المناخية هنا بتنوعها الشديد، بصفتها نتيجة حتمية للامتداد الشاسع لأمريكة الشمالية والوسطى بين درجتي العرض 7 و83 شمالاً، فمقابل المناخ المسبب لتكوُّن الترب الدائمة التجلُّد في أقصى الشمال، تغلب الأحوال المناخية المدارية في أمريكة الوسطى وجنوبي المكسيك، لكنّ الموقع الفلكي لا يمثل العامل الوحيد المسؤول عن التنوع المناخي الكبير في أمريكة الشمالية، بل تتضافر معه مجموعة من العوامل الأخرى وعلى رأسها الأوضاع التضريسية الخاصة في القارة، إذ تقف الحواجز الجبلية العالية على طول السواحل الغربية والشرقية على حد سواء عقبة فعلية تمنع تغلغل المؤثرات المحيطية إلى الأجزاء الداخلية، في حين أن السلاسل البركانية في جزر الأنتيل وفي أمريكة الوسطى ذات الاتجاه الشرقي - الغربي تجعل من السفوح الشمالية التي تتلقى الصدمة الأولى للرياح التجارية الشمالية الشرقية سفوحاً ذات هطولات مهمة بالمقارنة مع السفوح الجنوبية الواقعة في ظل الأمطار، ثم إن هبوب الرياح الموسمية على مناطق خليج المكسيك نتيجة لتباينات الضغط الجوي السائد على المحيط وعلى الكتلة القارية، يؤدي إلى تعقيد مناخي بالغ الأهمية، من دون إغفال دور التباينات الطبوغرافية في المناطق الجبلية، وهذه التباينات هي المسؤولة إلى حد بعيد عن وجود نوع من التدرُّج المناخي (على غرار النطاقات المناخية) على السفوح الجبلية تبعاً لتباينات كميات الهطل السنوية ودرجة الإشعاع الشمسي والرطوبة الجوية والضغوط المحلية، كما تؤثر التيارات البحرية الباردة والدافئة التي تمر بمحاذاة سواحل أمريكة الشمالية والوسطى تأثيراً خطيراً في تبديل الأحوال المناخية السائدة على طول هذه السواحل. والواقع أن تفاعل العناصر السابقة يؤدي إلى تمييز الكثير من النماذج المناخية الرئيسة في أمريكة الشمالية مع وجود تباينات أُخرى ذات طُرز وأهمية محليّة.
        ومع أن التيارات البحرية الباردة تمر قرب السواحل الجنوبية الغربية للولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك فإن كميات الهطل تتناقص على طول السواحل الغربية لوجود السلاسل الجبلية، في الوقت الذي تمتد فيه صحارى نيفادا وكولورادو في المناطق الداخلية المحصورة بين السلاسل الجبلية، في حين أن الهضاب المكسيكية الواقعة في الجنوب تتلقى هطولات سنوية مهمة تماماً كحال السفوح الشرقية للسلاسل الجبلية، وفي الأجزاء الغربية للسهول الكبرى في أمريكة الشمالية كافة. كما أن خط تساوي الأمطار 500ملم يجتاز أمريكة الشمالية بين مناطق غربي خليج المكسيك حتى السواحل الغربية لخليج هدسن، أما المناطق الشرقية الواقعة إلى الشرق من خط الطول 100 درجة غرباً، فإن نطاقاتها المناخية تتعاقب تعاقباً أفقياً تبعاً للموقع الفلكي أي وفق درجات العرض. وإلى الغرب، تتعاقب النطاقات المناخية على شكل أشرطة طولية، فعلى طول سواحل المحيط الهادئ تمتد منطقة تتميز بأحوالها المناخية المحيطية الرطبة على مدار السنة، يليها جنوباً نطاق تسوده الأحوال المناخية المتوسطية، ويمتد حتى درجة العرض 35 شمالاً، ثمّ نطاق المناخ الجاف، فالمناخ المداري الرطب، فنطاق المناخ المداري الشديد الرطوبة. أمّا السلاسل الجبلية، فإنها تتمتع بمناخات جبلية مميزة وخاصة حيث تتزايد هطولاتها وتتناقص درجات الحرارة فيها مع ازدياد الارتفاع عن سطح البحر في السفوح المواجهة لهبوب الرياح الرطبة القادمة من المحيطات، في حين أن السفوح المقابلة تكون جافة نسبياً. وفي أقصى الشمال تسود الأحوال المناخية القطبية الشديدة البرودة، يليها جنوباً الأحوال المناخية تحت القطبية (التوندرة). أمّا مناطق جنوبي كندا ومنطقة البحيرات الكبرى فتسود فيها أحوال مناخية قارية رطبة، والصيف فيها معتدل الحرارة. وإلى جنوبيها نطاق يسود فيه المناخ القاري الرطب شتاءً والحار والجاف صيفاً، أمّا أقصى جنوبي شبه جزيرة فلوريدة فيتمتع بأحوال مناخية مدارية شديدة الرطوبة، يليها شمالاً نطاق يسوده مناخ فوق مداري صيفه طويل جاف وحار.
        3ـ المياه: تعد أمريكة الشمالية أغنى الكتل القارية في العالم بالبحيرات، ففي الشمال تقع بحيرة أورس (بير = الدب الكبير) (31.000كم2) وبحيرة سكلاف (سليف) (24.400كم2) وبحيرتا أتاباسكة وكاريبو، إضافة إلى عدة مئات من البحيرات الصغيرة التي يقوم نهر ماكِنزي (4200كم) بتصريف مياهها باتجاه المحيط المتجمد الشمالي، ويستمد النهر المذكور منابعه الأولى من سلسلة جبال روكي تحت اسم نهر أتاباسكة، كما يعد نهر يوكون الذي ينبع من جبال روكي أيضاً ويصب في بحر برنغ بعد أن يقطع مسافة طولها 3290كم من أهم أنهار هذه المنطقة.
        أما بحيرة وينيبينغ (24.400كم2) فإنها تتلقى مياه نهر ساسكاتشوان الذي يصل طوله إلى نحو 560كم، في حين يصرف نهر نلسون (560كم) مياه هذه البحيرة باتجاه خليج هدسن، أما البحيرات الكبرى التي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 245222كم2 فإنها تتألف من خمس بحيرات هي: البحيرة العليا التي تعد أكبر البحيرات في العالم (82414كم2) وبحيرة هورون (59596كم2) وبحيرة متشيغن (57757كم2) وبحيرة إيريه (25719كم2) وبحيرة أونتاريو (19477كم2) وهي غير صالحة للملاحة عملياً مع اتساعها لسيطرة الضباب فيها على مدار السنة. وتتصل هذه البحيرات بعضها ببعض، ولاسيما بحيرتي إيرية وأونتاريو عن طريق نهر نياغارا الذي يزيد طوله على 60كم، ويكوِّن شلالاً يصل ارتفاعه إلى 47م بجبهة يزيد عرضها على 330م حيث تسقط كمية مياه تعادل 12000م3/ثا مؤدية إلى تكوين حفرة يصل عمقها إلى نحو 50م في قاع المجرى، وتتراجع جبهة هذا الشلال سنوياً بمعدل متر واحد تقريباً، وتعد منطقة الشلال هذه من أعظم المناطق السياحية شهرة في العالم. ويقوم نهر سان لوران (3800كم) ابتداءً من خروجه من البحيرة العليا بتصريف مياه هذه البحيرات باتجاه المحيط الأطلسي، وفيه قطاع صالح للملاحة طوله نحو 1210كم، لكن تجلُّد مياهه بين شهري تشرين الثاني وآذار من كل عام يقف حائلاً دونها، ويصل معدل صبيبه السنوي إلى نحو 6500م3/ثا ترتفع إلى 15000م3/ثا في فصل الربيع ولاسيما في أعالي النهر.
        أما مجموعة الأنهار التي تستمد منابعها من سلسلة جبال الأبالاش لتتجه شرقاً فإنها تتميز بقصر مجاريها وبعمق أوديتها وارتفاع معدل انحدارها وبالانتظام النسبي لمعدلات جريانها، ويؤلف نهر الميسيسبي (3780كم) مع رافده الميسوري (3726كم) أهم شبكة نهرية في أمريكة الشمالية، وينبع الميسيسبي من منطقة لا يزيد ارتفاعها على 500م، وهو ذو جريان بطيء وهادئ، ويرفده نهر إلِّنوي الذي يصله بالبحيرة العليا وذلك في المجرى الأعلى لنهر سان لويس، في حين أن نهر الميسوري ذو جريان غير منتظم نسبياً، وغير صالح للملاحة، ويتميز بارتفاع حجم مجروفاته ومنقولاته الجبلية المنشأ، في حين أن قطاعاته الواقعة باتجاه أعلى النهر تتعرض لفيضانات مدمرة في شهر نيسان من كل عام بسبب ذوبان الثلوج، ولفيضانات أخرى تحدث في شهر حزيران تسببها الأمطار الغزيرة، ويصل المعدل الوسطي لصبيب النهر إلى نحو 6000م3/ثا، أمّا رافده نهر أوهايو الذي يصله ببحيرة إيريه فهو بمنزلة قناة صالحة للملاحة ويبلغ طوله 1579كم، ويكتنف النهرين في القطاعات الجنوبية مجموعة من السهول يصل طولها نحو 800كم ويزيد عرضها على 120كم، ويصبان أخيراً في خليج المكسيك مكونين دلتا ناشطة غاية في الأهمية. هذا ويفرض نهر أوهايو نظام جريانه الخاص على شبكة الميسيسبي كلها إذ يصل وسطي صبيبه إلى 8000م3/ثا، ويمتاز بفيضاناته التي تحدث في أواخر الشتاء، وبشح مياهه في فصل الخريف.
        أمّا مجموعة الأنهار التي تنبع من السلاسل الغربية فتشمل النهر الكبير (ريوغرانده) Rio Grande الذي يصل طوله إلى 2800كم ونهر كولورادو (2333كم) ويصب في خليج كاليفورنية قبل أن يجتاز هضبة كولورادو الجافة ليحفر فيها خانقاً شهيراً يزيد طوله على 300كم ويتجاوز عمقه 1500م، يشتمل أحياناً على جروف عمودية تماماً، يزيد ارتفاعها على 600م. كما يتجه نهرا سَكْرامنتو وجواكان إلى المحيط الهادئ بعد أن يستمدا منابعهما الأولية من سلسلة سييرانيفادا، وثمة مجموعة أخرى من الأنهار القصيرة السريعة الجريان والشديدة الانحدار، وذات نظام جريان خاص، يرافقه تكرار حدوث الفيضانات المدمّرة العنيفة وقت الهطولات الأعظمية، في حين أن نهر كولومبية (1953كم) الذي ينبع من جبال روكي الكندية يمتاز بمعدل صبيب سنوي يصل إلى 4000م3/ثا، وجريان منتظم نسبياً، ويصب في المحيط الهادئ. وفي الجنوب، تتصف أنهار المكسيك وأمريكة الوسطى وجزر الأنتيل بقصرها النسبي وبانتظام معدل جريانها وصبيبها السنوي عامة، أما مجموعة الأنهار الكندية الواقعة في أقصى الشمال، فتتجمد مياهها لمدة طويلة من العام، وتمتاز بنظام تغذيتها الثلجي وتحدث فيها فيضانات ربيعية تدعمها فيضانات صيفية مع ذوبان الجليد، وارتفاع معدلات الأمطار نسبياً في هذا الفصل، إضافة إلى تناقص معدلات التبخر في المدة نفسها.
        4 ـ النبيت: يتنوع الغطاء النباتي في أمريكة الشمالية تنوعاً كبيراً نتيجة لامتدادها الواسع على درجات العرض من المنطقة المدارية حتى القطبية الشمالية، يضاف إلى ذلك التنوع الكبير لمظاهر السطح، وتباين الارتفاعات عن سطح البحر، وتنوع الغطاء التربي فيها، وأهم المجموعات النباتية هي:
        آ - غطاء التوندرة: يسود هذا الغطاء في المناطق الشمالية الباردة، حيث الترب دائمة التجلد، وتغطي هذه النباتات أجزاء واسعة جداً من ألاسكة وشمالي كندا ومجموعة الجزر الواقعة في المحيط المتجمد الشمالي، وسواحل غرينلند، ويتمثل هذا الغطاء النباتي الذي ينمو في المناطق المرزغية والمستنقعيّة التي تظهر صيفاً، بالنجيليات الفصلية وبالطحالب والأشنيات والنباتات العشبية الفقيرة، كما تظهر فيها بعض الشجيرات القزمة، ولاسيما على الأطراف الجنوبية لهذا الغطاء النطاقي.
        ب - غابات التايغا: تمتد على الأطراف الجنوبية للنطاق السابق مغطية مناطق جنوبي ألاسكة وكندا حتى السواحل الشمالية الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية، وتتألف من أشجار دائمة الخضرة، تغلب عليها الصنوبريات وبعض أشجار الصفصاف الذي ينمو على أطراف الموارد المائية، والحور الذي يزدهر بكثرة في المناطق التي قام الإنسان فيها بحرق الغطاء النباتي الأولي. أما الغطاء تحت الغابة هنا فيتألف من الأعشاب المختلفة، وفي القطاعات الجنوبية من هذا النطاق تمتزج الأشجار الآنفة الذكر بأشجار الغابات المتساقطة الأوراق ويزداد فقر الغطاء الشجري هذا باتجاه الشمال، وخاصة في المناطق المتاخمة لغطاء التوندرة.

        تعليق


        • #5
          هـ - في جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية: تمتد غابات الصنوبر الشهيرة وبعض أشجار البلوط، وذلك باستثناء القطاعات الغربية ذات الطبيعة الهضبية التي يكسوها غطاء من أعشاب المروج والمراعي الغنية، ولاسيما المناطق التي بقيت في منأى عن الحرائق المصطنعة، أما في فلوريدة وفي جزر الكاريبي فتنمو أشجار النخيل، ويتألف الغطاء تحت الغابة هنا من أشجار النخيل القزمة، ومن الأعشاب والحشائش المختلفة، وعند توافر كميات عالية من التهطال تنمو هنا أنواع خاصة من الطحالب الإسبانية.
          و - وفي سهول الميسيسبي: تنمو حشائش السافانا والمروج والمراعي السهبية وتوت العلِّيق وبعض الأشجار القزمة، وقد تعرض هذا النطاق النباتي لسلسلة من الحرائق المصطنعة لتوفير السهول اللازمة لزراعة المحاصيل الغذائية، ولاسيما بعد تزايد أعداد المهاجرين القادمين إلى أمريكة الشمالية.
          زـ النطاق الصحراوي: تسود نباتات هذا القطاع في المناطق التي يقل معدل هطلها السنوي عن 250مم، وتتمثل هنا بصحراء كولورادو وبصحراء سونورا، والغطاء النباتي هذا متوافق تماماً مع أحوال الجفاف ومتأقلم معها، ويضم ما يزيد على 1700 صنف من النباتات ذوات الأوراق والسيقان ذات الطبيعة الشمعية وأنواع النخيل المختلفة.
          ج - الغابة المدارية الدائمة الخضرة: وتنمو في المناطق التي تتلقى معدلات هطل سنوية تزيد على 2500مم؛ ولهذا فإنها تنتشر على طول السواحل الشرقية لجنوبي أمريكة الوسطى. إن وفرة الحرارة والرطوبة والضوء على مدار السنة هنا يؤدي إلى نمو غطاء غابي ذي طبقات تتباين فيه ارتفاعات الأشجار وقد تصل إلى ما يزيد على 70م، أما الغطاء تحت الغابة فهو عشبي كثيف جداً، وعلى السواحل الغربية لهذه القطاعات يسود فصل جفاف طويل نسبياً وينمو فيها غطاء غابي متساقط الأوراق أو متبدل الأوراق.
          ط - المناطق الجبلية: يتميز نبيتها بتنوعه الكبير، لتباين الأحوال المناخية والتربة مع الارتفاع عن سطح البحر لدرجة تتاح معها الفرصة لنباتات المناطق الباردة، كالتوندرة مثلاً، بالظهور في درجات العرض المعتدلة، ولكن على سويات طبوغرافية مرتفعة نسبياً، وينعدم الغطاء النباتي عملياً في المناطق الجبلية لأمريكة الشمالية، بدءاً من ارتفاع 4000م حيث يسود الثلج الدائم الذي لا يحمل سوى بعض النباتات المتفرقة التي تعرف بالنباتات الناقبة للثلج.
          5 - الوحيش: لا يقل الوحيش تنوعاً عن النبيت في أمريكة الشمالية، ففي كل نطاق نباتي طبيعي تعيش مجموعة من الحيوانات المتوافقة مع الأحوال الطبيعية السائدة، ففي المناطق القطبية الشمالية، تعيش الدببة والثعالب والذئاب البيضاء وحيوانات الفقمة وطيور البطريق (البنغوان) الشهيرة التي تهاجر جنوباً في الفصل البارد من السنة. وتعيش في نطاق التوندرة أنواع خاصة من الذباب الذي يتكاثر في فصل الصيف إضافة إلى مجموعات متنوعة من الطيور والقوارض الصغيرة، وحيوانات الرنة والبقر الوحشي، وتهاجر هذه الحيوانات في الفصل البارد إلى الحدود الجنوبية للتوندرة، حيث يبدأ ظهور الشجيرات التي توفر لها الوقاية الكافية من البرد. أمّا نطاق التايغا فإنه يضم مجموعة ضخمة من الطيور التي تعشق الأحوال المناخية المعتدلة الباردة، في الوقت الذي تكون فيه مقصداً لهجرات أنواع أخرى من الطيور التي تعيش في المناطق الشمالية الباردة عادة، وتَفِدُ إلى هذا النطاق هرباً من البرد القارس وطلباً لغذائها المكوَّن من أنواع من الحشرات والديدان التي تتكاثر في هذا النطاق، كما تعيش هنا مجموعات كبيرة من الثدييات الكبيرة ومن القوارض الصغيرة. لقد كان نطاق الغابة المخروطية الأشجار يتميز وقت وصول المهاجرين والمستوطنين الأوائل بصمت مخيف في النهار، في حين كان الليل يشهد تغريد آلاف الأصناف من الطيور وزقزقتها المختلطة بعواء الذئاب، وبأصوات أصناف خاصة من أنواع البوم الأمريكي الشهير، ويعيش فيها حالياً أعداد كبيرة من الخنازير البرية والماعز الجبلي الوحشي وعدة أنواع من الفهود ومجموعة ضخمة من القوارض وعلى رأسها الأرانب وفئران الحقل وجرذانه والمناجذ (ج. الخلد) وعدة أنواع من السناجب، أمّا الحيوان المميز لمناطق الغابات الصنوبرية فهو التمساح الأمريكي الذي تنفرد الولايات المتحدة الأمريكية ومقاطعة يانغ تسو الصينية بامتلاكه في الوقت الحالي، إضافة إلى مجموعة من الطيور والثدييات المختلفة كالصقر والوطواط مثلاً. أمّا مناطق المراعي والسهوب فتتصف بوفرة الأبقار الوحشية والأرانب البرية وآلاف الأنواع من القوارض والحشرات وقطعان الخيول البرية وحمير الوحش. أمّا حيوانات المناطق الصحراوية فأهمها الجرذان وبعض أنواع القوارض الأخرى، كجربوع الكنغر المقاوم للعطش، والعقارب والصراصير وعدة أنواع من الجراد، أما أهم ما يميز الغابات المدارية فأنواع الطيور المختلفة وخاصة الببغاوات الشهيرة والزواحف بأنواعها المختلفة وبعض الحيوانات المفترسة.
          وتمتلك أمريكة الشمالية أكبر مصائد أسماك المياه العذبة في العالم، وتتركز في منطقة البحيرات الكبرى التي تضم مياهها ما يزيد على600 نوع من السمك، منها نحو 260 صنفاً يعيش في حوض الميسيسبي وحده.
          6ـ الأقاليم الطبيعية في أمريكة الشمالية: يبلغ وسطي الارتفاعات في أمريكة الشمالية نحو 610م، وهذا ما يعادل ضعف نظيره الأوربي، ووفقاً للشروط الطبيعية السائدة يمكن تمييز الأقاليم الطبيعية التالية:
          آ - الهضبة الكندية: وتمتد من ألاسكة حتى نهر سان لوران والبحيرة العليا، وتشغل مساحة تزيد على سبعة ملايين كيلو متر مربع، وسطي ارتفاعها عن سطح البحر نحو 500م، علماً أن أقصى الارتفاعات هنا يمكن أن يزيد على 1600م في أجزائها الشمالية الشرقية، ولم تتعرض هذه المناطق لحركات بنائية مهمة منذ الحقب الجيولوجي الأول، لكنها تعرضت لعمليات حت عادي (حت المياه الجارية) وجليدي غاية في الأهمية. وتتصف بأحوالها المناخية الشديدة البرودة ذلك أن مياه المحيط المتجمد الشمالي تبقى متجمدة أكثر من تسعة أشهر في العام، وتصل معدلات درجة حرارة فصل الشتاء فيها إلى نحو -12 درجة مئوية في كويبك وإلى -30 درجة مئوية في المناطق الشمالية والوسطى. وباستثناء كويبك التي تصل درجة الحرارة فيها صيفاً إلى +19 درجة مئوية فإن درجة حرارة الفصل الحار في هذه المناطق لا تتجاوز +10 درجة مئوية إطلاقاً.
          ب - سلسلة جبال الأبالاش: تمتد على طول سواحل الأطلسي، وقد تعرضت لحركات بنائية مهمة على عدة مراحل في التاريخ الجيولوجي، ولا تنخفض هذه السلسلة عن 1000م علماً بأن الارتفاعات فيها يمكن أن تتجاوز 2000م كما في القمة السوداء الواقعة في الجنوب، ومناخها قاري نسبياً على السواحل، حيث يصل وسطي درجة حرارة الصيف في بوسطن إلى 22 درجة مئوية مقابل -2 درجة مئوية لفصل الشتاء، في حين تتجمد مياه نهر هدسن الذي يصب في المحيط الأطلسي قرب نيويورك على مدى ثلاثة أشهر سنوياً، أما الأجزاء الجنوبية للإقليم فتتمتع بأحوال مناخية أكثر دفئاً لدرجة يمكن معها زراعة النخيل في فلوريدة الواقعة على درجة العرض 25 شمالاً.
          حـ - إقليم السهوب والمراعي الوسطى التي تمتد من بحيرتي مانيتوبا ووينيبيغ حتى حدود خليج المكسيك: وهو إقليم متموج نسبياً باستثناء منطقة أوزارك المضرّسة، الواقعة بين الميسوري وأركنساس، ويقوم نهر الميسيسبي بتصريف مياه هذا الإقليم الغني جداً بالبحيرات ذات الأصل البنائي أو الجليدي، وأهمها مجموعة البحيرات الكبرى، وتتزايد الارتفاعات عموماً باتجاه الجنوب إلى أن يصل أقصاها إلى نحو 1700م. ومناخ المنطقة قارّي تتناقص فيه الأمطار من الشرق إلى الغرب، كما تتعرض السهول المذكورة لعواصف ثلجية شديدة، تعرف عادة باسم بليزاردس، أما معدل حرارة الشتاء فيصل إلى -19 درجة مئوية في وينيبيغ وإلى -12 درجة مئوية في سان بول مقابل +20 درجة مئوية و+25 درجة مئوية على التوالي لفصل الصيف الحار نسبياً وتنتهي هذه السهوب جنوباً في الوادي الأدنى للميسيسبي حيث تسود الأحوال المناخية المدارية.
          د - وإلى الغرب يمتد إقليم سلاسل جبال روكي والسلاسل الغربية الأخرى على طول سواحل المحيط الهادئ وهي سلسلة مزدوجة شديدة التخلع بفعل الحركات البنائية التي رافقتها البراكين الشديدة، فكوّنت تلالاً وقمماً يزيد ارتفاعها على 4000م كما في كنساس، ويتناقص إلى نحو 2000م على الحدود المكسيكية جنوباً. وتستمر هذه السلاسل في الجنوب باسم سييرا ماديرا وفيها قمم بركانية المنشأ يصل ارتفاعها في أوريزابا إلى نحو 5700م، وتتصف القطاعات الغربية هذه بأحوال مناخية قاسية، إذ يصل وسطي درجة حرارة الشتاء في سان فرانسيسكو إلى 10 درجات مئوية مقابل +15 درجة مئوية للصيف، في حين تصل حرارة الشتاء في دنفر الواقعة على درجة العرض نفسها إلى -3 درجات مئوية شتاءً وإلى +22 درجة مئوية صيفاً.
          هـ - المكسيك: وتعد المكسيك استمراراً للمناطق الطبيعية في الولايات المتحدة الأمريكية، ففي شبه جزيرة كاليفورنية تنهض مجموعة من القمم تعد امتداداً للسلاسل الساحلية الغربية للولايات المتحدة الأمريكية، في حين تعد سلاسل سييرا ماديرا امتداداً لجبال روكي، وإلى الشرق من هذه السلاسل، تمتد مجموعة من الهضاب لا يزيد ارتفاعها على 1000م إلا نادراً، وهي غنية بالمنخفضات التي تشكل بحيرات مالحة وتعد المنطقة محرومة من التصريف الخارجي. ونحو درجة العرض 20 شمالاً تنهض مجموعة من التلال البركانية ترتفع إلى 5384م (5452م) في بوبو كاتيبتل، وإلى 5700م في أوريزابا، أما يوكاتان فتمثل هضبة كلسية لا يتجاوز ارتفاعها 200م، تنتهي بساحل غني بالبحيرات المغلقة شمالاً. ويتمتع إقليم المكسيك بأحوال مناخية مدارية، ويزداد الجفاف فيه باتجاه الشمال غالباً.
          و - أمريكة الوسطى: تعرضت السلاسل الجبلية في أمريكة الوسطى لتجزؤ شديد بفعل الحركات البنائية المصحوبة باندفاعات بركانية مهمة، وتمتد السلاسل هنا من الغرب إلى الشرق، وتصل ارتفاعاتها إلى نحو 3500م، ولهذا تكثر الممرات الطبيعية بين المحيطين الأطلسي شرقاً والهادئ غرباً، وأعلى القمم البركانية في أمريكة الوسطى تصل إلى 4117م في بركان تاكانا على الحدود المكسيكية الغواتيماليّة، وقد نشط هذا البركان آخر مرة عام 1902م. وتعد سواحل المحيط الأطلسي هنا سهلية وفيرة البحيرات الساحلية على العكس من سواحل المحيط الهادئ ذات الطبيعة الصخرية. أمّا جزر الأنتيل فتضم مجموعة جزر مستوية السطوح تقريباً ذات طبيعة مرجانية غالباً، ومجموعة من الجزر البركانية حديثة المنشأ. وبسبب هبوب الرياح التجارية الشمالية الشرقية على مدار السنة فإن الفروق الحرارية في أمريكة الوسطى قليلة، ولا يزيد معدل الحرارة السنوي في تامبيكو الواقعة على خليج المكسيك على 24درجة مئوية في حين أن المدى الحراري السنوي فيها لا يزيد على 8درجات مئوية، كما تتلقى غواتيمالة الواقعة على درجة العرض 16 أمطاراً سنوية تعادل مايتلقاه حوض الأمازون الاستوائي بفعل الرياح المذكورة، أما في جزر الأنتيل فالمعدل الحراري السنوي يرتفع إلى 25 درجة مئوية، ولا يزيد المعدل الحراري السنوي على 3 – 4 درجات مئوية، ولكن المنطقة تتعرض دورياً لعواصف وأعاصير، من نوع هوريكان، عنيفة، تتجه من الشرق إلى الغرب، مسببة خسائر مادية وبشرية فادحة.
          الجغرافية البشرية
          تشكل أمريكة الشمالية فسيفساء متعددة الألوان من العناصر البشرية، فهي تضم مجموعات تنتمي إلى كل العروق والسلالات البشرية، كما تضم مجموعات لغوية ودينية من كل الأنواع لتعدد المناطق التي قدم منها المهاجرون الأوائل ومن جاء بعدهم، وبسبب الأوضاع الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبشرية التي شهدتها القارة في مراحل تطورها المختلفة.
          1ـ السكان الأصليون والمهاجرون الأوائل والمستعمرون: لا يمكن التحدث عن وجود سكان أصليين بمعنى الكلمة على مجمل أراضي القارة الأمريكية، لأنها كانت شبه خالية من السكان، باستثناء الأسكيمو والهنود الحمر الذين يعدون أقدم المجموعات البشرية فيها، فهم أقوام وصلوا إلى القارة عبر مضيق برنغ الذي كانت تغطيه الجليديات كما ورد آنفاً، وتشير السحنة المنغولية الغالبة عليهم إلى أصولهم الآسيوية من دون أدنى شك. وكان توزعهم متبايناً من منطقة إلى أخرى عند بداية عصر الاكتشافات الجغرافيّة للقارة، كما كانت أنماط معيشتهم ودرجات رقيهم مختلفة، وقد أرسى هؤلاء في هذه المناطق حضارات تاريخية راقية غاية في الأهمية هي:
          آ - حضارة الإنكا في كل من البيرو وبوليفية في أمريكة الجنوبية.
          ب - حضارة الأزتيك في هضاب المكسيك العليا وفي أواسط البلاد.
          حـ - حضارة المايا في شبه جزيرة يوكاتان.
          ولم يعرف هؤلاء استخدام الحصان ولا حرفة الرعي وتربية الحيوان، ولكنهم استخدموا كلاب الحراسة وأدوات خاصة مصنوعة من الأخشاب والعظام والحجارة وبعض المعادن، كما أنهم اعتمدوا على الصيد والقنص البري خاصة، فكان مورداً غذائياً لهم من جهة، وكسوة يتخذونها من جلود الحيوانات المصيدة من جهة ثانية، وكانوا ينقسمون أحياناً إلى مجموعات بشرية يضمها نوع من الاتحادات الفيدرالية، وأهم مجموعات الهنود الحمر التي عرفتها أمريكة الشمالية هي:
          ـ الإيروكوا Iroquois الذين كانوا يعيشون على أطراف البحيرات العظمى وعلى سواحل المحيط الأطلسي، وقد عرفوا زراعة الذرة والفاصولياء والتبغ وبنوا بيوتهم ومساكنهم باستخدام جذوع الأشجار المختلفة وأهم قبائلهم الإيرييس والهورون والموهاوك والشيروكي.
          ـ الألغونكان Algonkin وكانوا يستوطنون المناطق الوسطى الممتدة حتى أقدام جبال روكي، وقد عرفوا زراعة القمح والذرة، وكانوا يسكنون الخيام، وأهم قبائلهم: الأوتاوا والمساشوستس والموهيكان والمياميس، إضافة إلى الإيللونيين، وتزيد أعداد الألغونكان في أمريكة الشمالية اليوم على 120000 نسمة.
          ـ الأتاباسكانيون: وقد كانوا يقطنون المناطق الغربية والقطبية الشمالية، إضافة إلى بعض الأجزاء الداخلية الممتدة حتى حدود المكسيك الحالية، وأهم قبائلهم: السلاف (أي العبيد) والكاستور في كندا، والأباتشي في مناطق جبال روكي والنافاجو في أريزونة والهوبي في المناطق الجنوبية الغربية.
          ـ السوكس أو الداكوتا Dakota وهم جماعات كانت تعيش حياة بداوة متنقلة في المناطق الجنوبية، وأهم قبائلهم: الكوربو والأيوا والأوماها والأوزاج.
          ـ الموسكوجيس والشوشون والمايا، وكانوا أكثر المجموعات رقياً حضارياً، أما الكريك والسيمينول والأوتيس والأزتيك فقد كانوا رجال حرب من الطراز النادر، وقد ابتدع المايا في شبه جزيرة يوكاتان أبجدية خاصة، وعرفوا رقم الصفر، وأوجدوا نظام تقويم خاصاً بهم، وبنوا مجموعة من المعابد المهمة وعرفوا الحلي وأدوات الزينة.
          ويتكلم الهنود الحمر أكثر من 60 لغة تنتمي إلى أسرة اللغات المنغولية غير المكتوبة، وقد قام الوافدون من أوربة بعد الاكتشافات الجغرافية باستخدام اليد العاملة من الهنود الحمر، وتسخيرها في أغراض الاستثمار الاقتصادي المختلفة، وبسبب قساوة المعاملة، انتفض الهنود الحمر عليهم، ولهذا فقد تعرضوا للكثير من المذابح ولنوع من الإبادة الجماعية، وأصبحت بنيتهم الفيزيولوجية لا تمكنهم من مقاومة الأمراض التي حملها الوافدون الجدد، حتى إنها كادت تستأصل شأفتهم، في مناطق الأنتيل وعلى طول السواحل الغربية في مدة لم تتجاوز 150 عاماً. ويدين العالم اليوم للهنود الحمر بمعرفة زراعة الذرة والبطاطا والفاصولياء والبندورة والقطن والتبغ، كما أنهم كانوا أول من دجّن الديك الرومي، وقد استخدم المستعمرون الأوائل المسالك والطرق التي اختطها وسلكها الهنود الحمر وذلك بغية تعرف مجاهل العالم الجديد، كما أنهم استغلوا المراكز والتجمعات البشرية والمواقع الهندية القديمة بغية إشادة مجموعة من المدن المهمة في هذه المواقع، فمدينتا شيكاغو ومكسيكو مثلاً ليستا سوى موقعين هنديين قديمين. ويتمركز الهنود الحمر الأصليون اليوم في جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، محتفظين بسماتهم وملامحهم وخصائصهم النوعية المميزة، مؤلفين محميات وطنية على شكل متاحف بشرية - إن جاز التعبير – ولا يمتزجون ببقية السكان، وقد وصلت أعدادهم في هذه المحميات عام 1985م إلى نحو 446212 نسمة، وتشرف على تنظيم أمورهم مكاتب خاصة ترتبط بالحكومة المركزية (الجدول2).
          المحميّة الولاية العدد تبعاً لإحصائيات
          عام 1985م
          نافاجو أريزونة+نيومكسيكو+يوتاه 166665
          تشيروكي أوكلاهومة 42992
          كريك أوكلاهومة 42519
          باباغو أريزونة 22501
          تشوكتاو أوكلاهومة 20054
          بين ريدج داكوتة الجنوبية 18191
          بوبلوس الجنوبية نيومكسيكو 16375
          روسبود داكوتة الجنوبية 11685
          جيلياريفر أريزونة 10556
          تورتل مونتين داكوتة الشمالية 9583
          تشيكاساو أوكلاهومة 9020
          هوبي أريزونة 8952
          ستاندينغ روك داكوتة الشمالية + داكوتة الجنوبية 8443
          فورت أباش أريزونة 8311
          ياكيمة واشنطن 7987
          زوني نيومكسيكو 7754
          بوبلوس الشمالية نيومكسيكو 7705
          شاوني أوكلاهومة 7615
          باوني أوكلاهومة 7335
          بلاكفيت مونتانة 6715
          ويندريفر وايومنغ 5254
          المجموع 446212
          الجدول (2) محميات الهنود الحمر الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية
          ويصل إجمالي عدد الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية إلى مليوني نسمة (2.200.000 تقريباً عام 1997)، علماً بأنّ هذا العدد لم يتجاوز 1.418.195 نسمة عام 1980م، يضاف إلى ذلك نحو13.200.000 من الهنود الحمر الذين يعيشون في المكسيك ونحو 187.000 نسمة في نيكاراغوة ونحو 800.000 نسمة يقطنون مناطق الغابات الشمالية الباردة في كندا.
          أما الأسكيمو الذين يعيشون على الصيد البري والمائي فيتركزون في غرينلند وألاسكة وفي أقصى شمالي كندا إلى الشمال من خط العرض 60 درجة شمالاً علماً بأنهم كانوا يقطنون السواحل الشمالية لسان لوران وجزءاً من الأرض الجديدة، وتصل أعدادهم في أمريكة الشمالية اليوم إلى أكثر من 20000 نسمة، ويتزايد الأسكيمو والهنود الحمر بسرعة فائقة نظراً للارتفاع النسبي لمعدل تزايدهم الطبيعي، إضافة إلى ارتفاع معدلات أعمارهم عموماً.
          الموطن الأصلي للمهاجرين أعداد المهاجرين
          بين عامي 1820ـ1985م عام 1985م
          دول القارة الأوربية(ألمانية الاتحادية سابقاً والمملكة المتحدة وفرنسة خاصة) 36.659.826 63.043
          القارة الآسيوية 4.649.126 264.691
          بقية دول القارة الأمريكية بما فيها كندا والمكسيك وجزر الهند الغربية 10.521.805 221.103
          القارة الإفريقية (هجرة طوعية) 234.336 17.117
          بقية أنحاء العالم (أوقيانوسية والجزر المتفرقة) 455.265 4.055
          المجموع 52.520.358 570.009
          الجدول (3) أعداد المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1820 ونهاية عام 1985 مع مواطنهم الأصلية
          2ـ الزنوج الأمريكيون: يرجع الزنوج الأمريكيون في أصولهم إلى الزنوج الأفارقة الذين اختطفوا من مواطنهم ونقلهم تجار الرقيق إلى القارة الجديدة لتوفير اليد العاملة والقيام بأعمال السخرة ولاسيما بعد تناقص أعداد الهنود الحمر نتيجة المذابح والإبادة الجماعية والأوبئة، وكان الإسبان أول من أدخل تجارة العبيد إلى أمريكة سنة 1501م وكان من نتائج ترويج هذه التجارة أن تزايدت أعداد الزنوج في القارة الجديدة إلى درجة كبيرة في القرنين السادس عشر والسابع عشر على يد تجار الرقيق من الإسبان والبرتغاليين والإنكليز والهولنديين، وقدرت أعداد الزنوج العبيد الذين تمّ نقلهم إلى العالم الجديد عنوة بنحو 20 مليون زنجي (منهم نحو سبعة ملايين في البرازيل وحدها) قبل أن تتوقف تجارة الرقيق تماماً في أواسط القرن التاسع عشر، وقد تركز أكثرهم في الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة وفي أمريكة الوسطى والبحر الكاريبي وأمريكة الجنوبية وهم يؤلفون اليوم الغالبية العظمى في جزر الأنتيل.
          3ـ العناصر الخلاسية: تؤلف هذه العناصر الغالبية الساحقة لسكان المكسيك وهندوراس وغواتيمالة ونيكاراغوة والدومينيكان وكوستاريكة خاصة، علماً بأن القارة قد شهدت وصول أعداد مهمة من المالينيزيين والبولينيزيين.
          إن التزايد الحقيقي لأعداد السكان في أمريكة الشمالية بدأ منذ عام 1820م، أي في المرحلة التي شهدت فيها أوربة ضغطاً سكانياً متزايداً، دفع بالكثير من الأوربيين إلى الهجرة إلى العالم الجديد، وبدأت بذلك نسبة العناصر البيضاء بالتزايد الكبير، فبعد أن كان عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً نحو أربعة ملايين نسمة عام 1790م، مقابل تسعة ملايين لأمريكة الجنوبية بمجملها ونحو 20 مليوناً فقط للقارة الأمريكية عامة، أي نحو 2% فقط من سكان الكرة الأرضية في تلك الحقبة التاريخية، قفز عدد السكان في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 9.638.453 نسمة عام 1820م وإلى 23.191.876 نسمة عام 1850م وإلى 50 مليوناً عام 1880م، وإلى 122.775.046 نسمة عام 1930م، وإلى نحو 226.545.805 نسمة عام 1980م، و275.500.000 نسمة عام2000. وتعزى هذه الزيادة إلى الأعداد الضخمة من المهاجرين الذين وصلوا إلى العالم الجديد، إذ قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها نحو 52.5 مليون نسمة في المدة الواقعة بين عامي 1820م و1985م، وقد قدم هؤلاء المهاجرون من أنحاء الكرة الأرضية كافة (الجدول3).
          وبين عامي 1931م و1939م وصل إلى أمريكة الشمالية نحو 5.9 مليون مهاجر أوربي، باستثناء المهاجرين القادمين من الشطر الأوربي مما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي، كما شهدت القارة وصول 11 مليوناً من الأوربيين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، منهم 3.3 ملايين من الألمان والإيطاليين والإنكليز الذين استقروا في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أكثر من مليونين من الإنكليز والإيطاليين والألمان والهولنديين الذين استقروا في كندا، وقد عملت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحقبة خاصة على احتكار انتقاء العلماء الفارين من ألمانية الهتلرية إثر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. وقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية قدوم أعداد مهمة من أقطار جنوبي شرقي آسيا ومن بقية أنحاء العالم، وكانت أعداد الوافدين إليها تتباين من حين إلى آخر، فبين عامي 1820 و1930م وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية 32.121.210 من الأوربيين و1.058.331 مهاجراً آسيوياً و4.241.429 مهاجراً من دول القارة الأمريكية مقابل 316.732 مهاجراً من بقية أنحاء العالم. ثم بدأت أعداد المهاجرين بالتناقص نتيجة للقيود التي وضعتها الحكومة بغية تحديد أعداد الوافدين إليها، فبين عامي 1931م و1940م لم يصل إليها سوى 528.341 مهاجراً ارتفع هذا العدد إلى 1.035.039 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1941م و1950م، مقابل 2.515.479 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1951م و1960م ونحو 3.321.677 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1961م و1970م، ونحو 4.493.314 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1971م و1980م. و7.605.066 مهاجراً بين عامي 1991 ـ1998.
          إنّ الهجرات الكبرى التي وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية تمت قبل صدور قرارات الحكومة الفدرالية بتحديد أعداد المهاجرين ابتداءً من عام 1921، وفي الوقت الحالي حددت أعداد المهاجرين بنحو 290000 مهاجر سنوياً يخصص منهم 12000 مهاجر لدول القارة الأمريكية و170000 مهاجر فقط لبقية أنحاء العالم. كما قامت الحكومة بوضع قيود مشددة على دخول اللاجئين السياسيين الفيتناميين والكوبيين، وأدت الثورة التقنية التي شهدتها الولايات المتحدة إلى ظهور نوع جديد من الهجرة التي شجعتها الحكومة تماماً كما فعلت كندا، إذ تم اجتذاب الاختصاصيين ذوي التأهيل والخبرة العالية القادمين من الدول النامية، فبين عامي 1960 و1980م وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ما يزيد على 300000 متخصص مؤهل، وإلى جانب ذلك يشهد كل من كندا والولايات المتحدة الأمريكية، نوعاً من الهجرة الموسمية الخاصة التي تتمثل بوصول أعداد ضخمة من العمال الموسميين (أكثر من مليون مكسيكي) سنوياً في أوقات جمع المحاصيل الزراعية.
          إنّ غالبية المهاجرين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا قبل عام 1840م كانوا من الإنكليز والفرنسيين، ثم جاء وقت توازنت فيه أعداد الفرنسيين والإنكليز والألمان والهولنديين والاسكندنافيين والسويسريين البروتستنت إلى جانب مجموعات أيرلندية كاثوليكية. وقد استقر الألمان في مدن سان لويس وشيكاغو وميلووكي والغرب الأوسط بصورة خاصة، في حين استقر الاسكندنافيون في المناطق الوسطى والشمالية والأيرلنديون في نيويورك وبوسطن والفرنسيون على طول السواحل الشرقية وفي منطقة كويبك الكندية، أمّا أعداد السكان الحاليين من أصل إسباني في الولايات المتحدة الأمريكية فيصل إلى 14.6 مليون نسمة. وبعد عام 1890م بدأ وصول المجموعات البشرية غير الأنغلوسكسونية قادمة من دول أوربة الشرقية ومن دول حوض البحر المتوسط، وقد كان السلاف والرومانيون والإيطاليون عماد هذه الهجرات، إضافة إلى أعداد ضخمة من اليونانيين والعرب الذين يتوزعون على دول القارة الأمريكية كافة، ويتمتعون اليوم بقوة اقتصادية ملحوظة، كما تمكنت أجيالهم التالية من التغلغل في مرافق الحياة الثقافية والفكرية والسياسية كلها. وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأ وصول العناصر الآسيوية التي استقرت على طول السواحل الغربية، وخاصة في كاليفورنية، وامتهنت هذه العناصر صناعة السكك الحديدية إلى جانب الأعمال المنجمية والتجارة، كما وصلت إلى أمريكة الشمالية أفواج كبيرة من اللاجئين الكوبيين والفيتناميين والمكسيكيين، وأعداد مهمة من اليهود القادمين من أنحاء العالم كافة، ويؤلف هؤلاء حالياً قوة اقتصادية وسياسية بالغة الأهمية، ويسكن أغلب الجاليات من المجموعات الآنفة الذكر أحياء سكنية خاصة بهم، وتحتفظ هذه الجاليات بعاداتها وتقاليدها ولغاتها الأم وبطابع معيشتها الذي نقلته معها من الموطن الأصلي. ومع حلول السبعينات من القرن العشرين، تبدلت نسب المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، فبعد أن وصلت نسبة العناصر الأوربية في أوائل هذا القرن إلى 95% من أعداد المهاجرين الإجمالية تناقصت إلى 70% بين عامي 1920م و1940م وإلى 40% فقط بين عامي 1950م و1970م، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة العناصر القادمة من بقية دول القارة الأمريكية إلى 46.5% يقابلها 15.1% للعناصر الآسيوية.
          أمّا كندا فقد تلقت أعداداً من المهاجرين أقل بكثير مما تلقته الولايات المتحدة الأمريكية ويؤلف الفرنسيون والإنكليز العنصر الرئيس فيها، وللحفاظ على التوازن بين أعداد كل من هاتين المجموعتين بعد توقف وصول العناصر الفرنسية، فقد حرصت الجالية الفرنسية على أن يكون معدل تزايدها الطبيعي مرتفعاً وذلك للحفاظ على نسبة 30% من إجمالي عدد السكان الذين تمثلهم هذه الجالية، ومع ذلك فقد انخفضت نسبتهم عام 1960م إلى 28%، ويتركزون اليوم في كويبك حيث يؤلفون 80% من سكانها، أما الإنكليز الذين استوطنوا سواحل المحيط الأطلسي فيؤلفون نحو 45% من إجمالي عدد السكان بعد أن كانوا يمثلون 60% عام 1871م، ويتألف الباقي من مزيج من الألمان والإيطاليين والأوكرانيين والهولنديين والعرب، إلى جانب مجموعات من الهنود الحمر ومن الأسكيمو. وفي الوقت الحالي هنالك أعداد مهمة من الكنديين الذين يهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
          أما القادمون من شبه جزيرة إيبرية فإنهم يؤلفون عماد المهاجرين إلى دول أمريكة الوسطى، إذ بلغت أعداد الإسبان الذين قدموا إلى المكسيك عام 1550م نحو 15000 نسمة مقابل 18000 إسباني آخر قدموا من منطقة قشتالة وحدها واستقروا على طول سواحل المحيط الهادئ في كل من أمريكة الوسطى والجنوبية، حيث أسسوا مستعمرات زراعية اقتصر دخولها على العناصر الأرثوذكسية، كما حظر على النساء غير المتزوجات الدخول إليها، هذا ويعد التزايد السكاني الكبير في أمريكة الوسطى وجزر الكاريبي ظاهرة معاصرة، بعد أن تناقصت أعدادهم في القرنين السابع عشر والثامن عشر، بسبب المصاعب الاقتصادية الناجمة عن سوء استثمار الموارد الطبيعية فيها، ومحاولة نقل الموارد الاقتصادية إلى الوطن الأم، مما أدى إلى تقويض الدعائم التي بنيت عليها حضارتا الأزتيك والإنكا القديمتان. وفيما بعد، بدأ التزايد السكاني ثانية نتيجة لوصول أعداد مهمة من الزنوج الأفارقة عن طريق تجارة الرقيق، بغية تسخيرهم في الأعمال الزراعية في ظل الأحوال المناخية المدارية والاستوائية الحارة الرطبة، التي اعتادوا على العمل فيها، ثمّ تزايدت أعداد الوافدين الجدد من شبه جزيرة إيبرية ومن بقية دول أوربة الغربية ومن الأقطار العربية.
          4ـ العرب في أمريكة الشمالية: انظر الفصل الخاص بالعرب في أمريكة.
          5 - الأوضاع الديموغرافية: يتميز الوضع الديموغرافي في أمريكة الشمالية بتبايناته المهمة، ففي حين أن المعدل الطبيعي لتزايد السكان في أمريكة الوسطى وفي جزر الأنتيل يصل وسطياً إلى 29 بالألف فإنه لا يتجاوز 7 بالألف في أمريكة الأنغلوسكسونية، علماً بأن هذا المعدل يصل إلى 22 بالألف في إفريقية و19 بالألف في آسيا، ونحو 12 بالألف في شرقي القارة الأوربية و7 بالألف في أوربة الغربية، وهذا الارتفاع الكبير في أمريكة الوسطى وفي جزر الأنتيل أدى إلى ارتفاع نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة إذ تصل نسبتهم إلى 44% من السكان في أمريكة الوسطى وإلى 36% من السكان في جزر الأنتيل مقابل 23% فقط في أمريكة الأنغلوسكسونية، كما تبين الدراسات الإحصائية التفصيلية وجود تباين بالغ الأهمية في مستوى المعدلات السنوية للولادات والوفيات والنسب المئوية للرجال والنساء بين دول أمريكة الشمالية كما يبدو من الجدول4.
          الدول عدد السكان (إحصاء 2000) معدل الولادات السنوية بالألف (لعام 2000) معدل الوفيات السنوية بالألف (لعام 2000) معدل التزايد الطبيعي بالألف (إحصاء 1983) المعدل الطبيعي للتزايد السكاني بالألف بين عامي 1990-2000
          بنمة 2.808.000 23 5 23 18
          ترينداد وتوباغو 1.175.500 17 6 19 8
          جمايكة 2.652.600 22 6 21 1
          الدومينيك 71.540 19 8 16 0
          الدومينيكان 8.442.500 24 5 26 19
          السلفادور 6.122.500 28 6 26 23
          غواتيمالة 12.640.000 37 7 32 29
          كندا 31.281.000 12 7 8 11
          كوبة 11.142.000 13 7 8 6
          كوستاريكة 3.710.000 24 4 26 23
          المكسيك 100.350.000 25 5 25 18
          نيكاراغوة 4.812.000 34 6 36 28
          هاييتي 6.867.000 34 13 27 19
          هندوراس 6.250.000 34 5 35 29
          الولايات المتحدة الأمريكية 275.562.000 14 9 7 10
          الجدول (4) الأوضاع الديمغرافية في أمريكة الشمالية
          أمّا توزع السكان تبعاً لفئات الأعمار فإنه أيضاً شديد التباين كما يبدو من الجدول5.
          المنطقة فئات الأعمار
          0ـ14 سنة 15ـ60 سنة أكثر من 60 سنة
          كندا والولايات المتحدة الأمريكية 23% 62% 15%
          أمريكة الوسطى 44% 51% 5%
          جزر البحر الكاريبي 36% 56% 8%
          الجدول (5) توزع السكان تبعاً لفئات الأعمار في أمريكة الشمالية
          يعزى التزايد الكبير لأعداد السكان في أمريكة الأنغلوسكسونية إلى الهجرات التي تلقتها المنطقة بالدرجة الأولى، فقد ارتفع عدد سكان كندا مثلاً من 3.8 ملايين نسمة عام 1871م إلى 7.2 ملايين نسمة عام 1911م وإلى 14 مليوناً عام 1951م، ليقفز إلى 23 مليوناً عام 1976م وإلى 25.6 مليوناً عام 1986م وإلى 25.88 مليوناً عام 1988م، وذلك مع تناقص المعدل الطبيعي لتزايد السكان فيها من 25 بالألف عام 1950م إلى 17.4 بالألف عام 1960م وإلى 15 بالألف عام 1970م قبل أن يستقر في حدود 8 بالألف عام 1983م ثمّ يرتفع قليلاً ليستقر في حدود 9 بالألف، وهذا ما يقابل زيادة سنوية صافية تقدر بنحو 232920 نسمة سنوياً تقريباً، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وصل المعدل السنوي للتزايد الطبيعي للسكان إلى 30 بالألف في مطلع القرن العشرين، ثم أخذ بالتراجع التدريجي ليستقر في حدود 6.5 بالألف فقط عام 1986م وليرتفع في العامين التاليين إلى حدود 8 بالألف، مع وجود تناقضات واضحة ضمن المجموعات البشرية المختلفة التي يتكون منها الشعب الأمريكي، إذ يرتفع المعدل السنوي للولادات لدى الزنوج إلى 25 بالألف، في الوقت الذي لا يزيد فيه هذا المعدل على 15 بالألف لدى البيض عموماً، ويقابل ذلك ارتفاع نسبي لمعدلات وفيات الزنوج، إذ يصل المعدل السنوي لوفيات الأطفال الزنوج إلى ضعف نظيره لدى البيض، كما أن وفيات الأمهات في أثناء الولادة لدى الزنوج تصل إلى أربعة أضعاف وفيات الأمهات البيض.
          6 - أعداد السكان والكثافة والهجرة الداخلية والتوزع السكاني: وفقاً لمعطيات الجدول 6 وصل عدد سكان أمريكة الشمالية عام 1988م إلى نحو 408.301.300 نسمة (يرتفع العدد إلى نحو 410.349.800 إذا أضيفت أعداد سكان الجزر التابعة للدول الأوربية المختلفة) يعيشون على رقعة مساحيّة تصل إلى 21.818.106 كم2، يرتفع العدد إلى أكثر من 22 مليون كم2 إذا أضيفت مساحة غرينلند، وعلى هذا تكون الكثافة السكانية العامة بحدود 18.7 نسمة/ كم2، علماً بأن هذه الكثافة تختلف بشدة من دولة إلى أخرى، ليس هذا فحسب، بل توجد هناك تباينات مذهلة ضمن كل دولة، وخاصة في أمريكة الأنغلوسكسونية، ففي كندا مثلاً، هنالك ما يزيد على 90% من المساحة العامة للبلاد شبه خالية من السكان الذين يتركزون على طول السواحل الجنوبية، وفي كولومبية البريطانية، وفي السهول الأطلسية، والسهوب الداخلية، ويقطن 70% من سكان كندا (باستثناء جزيرة الأمير إدوارد) في المدن الكبرى ولاسيما الساحلية منها، حيث تستقطب وينيبيغ ما يزيد على 50% من سكان منطقة مانيتوبه، في حين أن وايدمونتون وكاليفاري تستقطبان ما يزيد على 50% من سكان منطقة ألبرته في حين تستقطب فانكوفر أكثر من ثلثي سكان منطقة كولومبية البريطانية، وتظهر هذه التناقضات أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث توجد بعض الولايات التي لا تزيد الكثافة السكانية العامة فيها على 2 نسمة/كم2 كما في ولاية وايومنغ، في حين ترتفع الكثافة إلى 300 نسمة/كم2 في رود آيلاند وإلى 360نسمة/كم2 في نيوجرسي، وترتفع الكثافة على سواحل المحيط الأطلسي وفي كاليفورنية وتكساس وبنسلفانية وإلِّنوي وأوهايو، وفي مناطق الأودية الداخلية. وللأحوال الطبيعية وخاصة عامل الارتفاع عن سطح البحر أثر بالغ في توزع سكان أمريكة الشمالية، إذ إن المعدل الوسطي لارتفاع المناطق المأهولة جداً هنا لا يتجاوز 430م، وتستقطب المناطق التي يقل معدل ارتفاعها العام عن 200م فوق سطح البحر نحو 46.9% من السكان، مقابل 33.3% من السكان للمناطق التي يراوح معدل ارتفاعها بين 200م و500م، ونحو 7.9% من السكان للمناطق التي يراوح معدل ارتفاعها العام بين 500م و1000م، و4.1% من السكان للمناطق التي يراوح معدل ارتفاعها العام بين 1000م و1500م، أمّا باقي السكان فيقيمون في مناطق يزيد معدل ارتفاعها العام عن سطح البحر على 1500م. وتستقطب المناطق الساحلية التي لا يزيد بعدها عن سواحل البحار والمحيطات على 50كم ما يقرب من 31.5% من السكان، مقابل 19.8% من السكان للمناطق التي يراوح بعدها عن البحار والمحيطات بين 50كم و200كم وما يقرب من 20.1% من السكان للمناطق المحصورة بين 200كم و500كم عن البحار والمحيطات و18.5% من السكان التي يراوح بعدها عن البحار والمحيطات بين 500كم و1000كم و10.1% من السكان للمناطق التي يزيد بعدها عن البحار والمحيطات على 1000كم، علماً بأن البعد الوسطي للمناطق المأهولة بالسكان في أمريكة الشمالية يقع في حدود 384كم عن ساحل البحار والمحيطات.
          والهجرة الداخلية ناشطة جداً في أمريكة الشمالية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يعيش 30% من سكانها في ولايات لم يولدوا فيها، كما يقوم أكثر من ثمانية ملايين أمريكي بتغيير ولايتهم سنوياً، وتقوم الإدارة المركزية بتنظيم حركة استيطان مناطق غربي وجنوب غربي البلاد واستثمارها. وأهم الهجرات الداخلية هي هجرات الزنوج باتجاه الشمال الشرقي هرباً من البطالة المزمنة التي يعانون منها في الجنوب، وهم يتجهون إلى تلك المناطق حيث تتركز أهم الصناعات الأمريكية ومراكزها الرئيسة. وفي الوقت نفسه، يهاجر أبناء المنطقة الأصليون باتجاه الجنوب والغرب، ولهذا فإن منطقة نيفادا مثلاً، شهدت تزايداً في أعداد سكانها وصل إلى نحو 400% مقابل 345% لسكان فلوريدة و260% لأريزونة وذلك في المدة الواقعة بين عامي 1970 و1980 واستمر التزايد حتى اليوم.
          أما نسبة سكان المدن في أمريكة الشمالية الأنغلوسكسونية فقد تطورت من 64% من إجمالي أعداد السكان عام 1950م إلى 77% من السكان عام 1998م، في حين أن عدد سكان المدن في أمريكة الوسطى تطور من 28% من السكان عام 1950م إلى 63% من السكان عام 1998م، وتراوح نسبة سكان المدن في أمريكة الشمالية (إحصائيات عام 1988م) بين حد أدنى قدره 23% من السكان في ترينداد وتوباغو وحد أعلى قدره 76% من السكان في كندا وبين 32% في هاييتي و77% في كندا عام 1998 (الجدول6). ولكن الظاهرة الجديرة بالاهتمام هنا هي الارتفاع الكبير لسكان المدن في رود آيلاند التي تصل النسبة فيها إلى 88% وتنخفض إلى 44% في كل من داكوته الشمالية والجنوبية. وتضم أمريكة الشمالية اليوم أكثر من 45 مدينة يقطن كلاً منها أكثر من مليون نسمة.
          الجدول (6) الأوضاع الديمغرافية في أمريكة الشمالية
          7ـ اللغة والأديان: يتكلم 95.4% من سكان أمريكة الأنغلوسكسونية اللغة الإنكليزية، مقابل 3.83% يتكلمون الفرنسية، ويتكلم الباقي لغة الهنود الحمر والأسكيمو، أمّا على صعيد أمريكة الشمالية بمجملها فإن 65.06% من السكان يتكلمون الإنكليزية مقابل23.72% من السكان يتكلمون الإسبانية و4.37% من السكان يتكلمون الفرنسية، ويتكلم الباقي وقدره 6.85% من السكان لغات الهنود الحمر، ولغات أخرى يزيد عددها على 80 لغة مختلفة.
          وفيما يتعلق بالمعتقدات الدينية فإن 52.65% من سكان أمريكة الشمالية مسيحيون يعتنقون المذهب الكاثوليكي مقابل 1.95% للمذهب الأرثوذكسي و41.61% للمذهب البروتستنتي، ويدين 2.79% باليهودية، و0.67% بالإسلام و0.13% بالبوذية و0.14% بالهندوسية، وفيها أقليات ملحدة وأهـ - في جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية: تمتد غابات الصنوبر الشهيرة وبعض أشجار البلوط، وذلك باستثناء القطاعات الغربية ذات الطبيعة الهضبية التي يكسوها غطاء من أعشاب المروج والمراعي الغنية، ولاسيما المناطق التي بقيت في منأى عن الحرائق المصطنعة، أما في فلوريدة وفي جزر الكاريبي فتنمو أشجار النخيل، ويتألف الغطاء تحت الغابة هنا من أشجار النخيل القزمة، ومن الأعشاب والحشائش المختلفة، وعند توافر كميات عالية من التهطال تنمو هنا أنواع خاصة من الطحالب الإسبانية.
          و - وفي سهول الميسيسبي: تنمو حشائش السافانا والمروج والمراعي السهبية وتوت العلِّيق وبعض الأشجار القزمة، وقد تعرض هذا النطاق النباتي لسلسلة من الحرائق المصطنعة لتوفير السهول اللازمة لزراعة المحاصيل الغذائية، ولاسيما بعد تزايد أعداد المهاجرين القادمين إلى أمريكة الشمالية.
          زـ النطاق الصحراوي: تسود نباتات هذا القطاع في المناطق التي يقل معدل هطلها السنوي عن 250مم، وتتمثل هنا بصحراء كولورادو وبصحراء سونورا، والغطاء النباتي هذا متوافق تماماً مع أحوال الجفاف ومتأقلم معها، ويضم ما يزيد على 1700 صنف من النباتات ذوات الأوراق والسيقان ذات الطبيعة الشمعية وأنواع النخيل المختلفة.
          ج - الغابة المدارية الدائمة الخضرة: وتنمو في المناطق التي تتلقى معدلات هطل سنوية تزيد على 2500مم؛ ولهذا فإنها تنتشر على طول السواحل الشرقية لجنوبي أمريكة الوسطى. إن وفرة الحرارة والرطوبة والضوء على مدار السنة هنا يؤدي إلى نمو غطاء غابي ذي طبقات تتباين فيه ارتفاعات الأشجار وقد تصل إلى ما يزيد على 70م، أما الغطاء تحت الغابة فهو عشبي كثيف جداً، وعلى السواحل الغربية لهذه القطاعات يسود فصل جفاف طويل نسبياً وينمو فيها غطاء غابي متساقط الأوراق أو متبدل الأوراق.
          ط - المناطق الجبلية: يتميز نبيتها بتنوعه الكبير، لتباين الأحوال المناخية والتربة مع الارتفاع عن سطح البحر لدرجة تتاح معها الفرصة لنباتات المناطق الباردة، كالتوندرة مثلاً، بالظهور في درجات العرض المعتدلة، ولكن على سويات طبوغرافية مرتفعة نسبياً، وينعدم الغطاء النباتي عملياً في المناطق الجبلية لأمريكة الشمالية، بدءاً من ارتفاع 4000م حيث يسود الثلج الدائم الذي لا يحمل سوى بعض النباتات المتفرقة التي تعرف بالنباتات الناقبة للثلج.
          5 - الوحيش: لا يقل الوحيش تنوعاً عن النبيت في أمريكة الشمالية، ففي كل نطاق نباتي طبيعي تعيش مجموعة من الحيوانات المتوافقة مع الأحوال الطبيعية السائدة، ففي المناطق القطبية الشمالية، تعيش الدببة والثعالب والذئاب البيضاء وحيوانات الفقمة وطيور البطريق (البنغوان) الشهيرة التي تهاجر جنوباً في الفصل البارد من السنة. وتعيش في نطاق التوندرة أنواع خاصة من الذباب الذي يتكاثر في فصل الصيف إضافة إلى مجموعات متنوعة من الطيور والقوارض الصغيرة، وحيوانات الرنة والبقر الوحشي، وتهاجر هذه الحيوانات في الفصل البارد إلى الحدود الجنوبية للتوندرة، حيث يبدأ ظهور الشجيرات التي توفر لها الوقاية الكافية من البرد. أمّا نطاق التايغا فإنه يضم مجموعة ضخمة من الطيور التي تعشق الأحوال المناخية المعتدلة الباردة، في الوقت الذي تكون فيه مقصداً لهجرات أنواع أخرى من الطيور التي تعيش في المناطق الشمالية الباردة عادة، وتَفِدُ إلى هذا النطاق هرباً من البرد القارس وطلباً لغذائها المكوَّن من أنواع من الحشرات والديدان التي تتكاثر في هذا النطاق، كما تعيش هنا مجموعات كبيرة من الثدييات الكبيرة ومن القوارض الصغيرة. لقد كان نطاق الغابة المخروطية الأشجار يتميز وقت وصول المهاجرين والمستوطنين الأوائل بصمت مخيف في النهار، في حين كان الليل يشهد تغريد آلاف الأصناف من الطيور وزقزقتها المختلطة بعواء الذئاب، وبأصوات أصناف خاصة من أنواع البوم الأمريكي الشهير، ويعيش فيها حالياً أعداد كبيرة من الخنازير البرية والماعز الجبلي الوحشي وعدة أنواع من الفهود ومجموعة ضخمة من القوارض وعلى رأسها الأرانب وفئران الحقل وجرذانه والمناجذ (ج. الخلد) وعدة أنواع من السناجب، أمّا الحيوان المميز لمناطق الغابات الصنوبرية فهو التمساح الأمريكي الذي تنفرد الولايات المتحدة الأمريكية ومقاطعة يانغ تسو الصينية بامتلاكه في الوقت الحالي، إضافة إلى مجموعة من الطيور والثدييات المختلفة كالصقر والوطواط مثلاً. أمّا مناطق المراعي والسهوب فتتصف بوفرة الأبقار الوحشية والأرانب البرية وآلاف الأنواع من القوارض والحشرات وقطعان الخيول البرية وحمير الوحش. أمّا حيوانات المناطق الصحراوية فأهمها الجرذان وبعض أنواع القوارض الأخرى، كجربوع الكنغر المقاوم للعطش، والعقارب والصراصير وعدة أنواع من الجراد، أما أهم ما يميز الغابات المدارية فأنواع الطيور المختلفة وخاصة الببغاوات الشهيرة والزواحف بأنواعها المختلفة وبعض الحيوانات المفترسة.
          وتمتلك أمريكة الشمالية أكبر مصائد أسماك المياه العذبة في العالم، وتتركز في منطقة البحيرات الكبرى التي تضم مياهها ما يزيد على600 نوع من السمك، منها نحو 260 صنفاً يعيش في حوض الميسيسبي وحده.
          6ـ الأقاليم الطبيعية في أمريكة الشمالية: يبلغ وسطي الارتفاعات في أمريكة الشمالية نحو 610م، وهذا ما يعادل ضعف نظيره الأوربي، ووفقاً للشروط الطبيعية السائدة يمكن تمييز الأقاليم الطبيعية التالية:
          آ - الهضبة الكندية: وتمتد من ألاسكة حتى نهر سان لوران والبحيرة العليا، وتشغل مساحة تزيد على سبعة ملايين كيلو متر مربع، وسطي ارتفاعها عن سطح البحر نحو 500م، علماً أن أقصى الارتفاعات هنا يمكن أن يزيد على 1600م في أجزائها الشمالية الشرقية، ولم تتعرض هذه المناطق لحركات بنائية مهمة منذ الحقب الجيولوجي الأول، لكنها تعرضت لعمليات حت عادي (حت المياه الجارية) وجليدي غاية في الأهمية. وتتصف بأحوالها المناخية الشديدة البرودة ذلك أن مياه المحيط المتجمد الشمالي تبقى متجمدة أكثر من تسعة أشهر في العام، وتصل معدلات درجة حرارة فصل الشتاء فيها إلى نحو -12 درجة مئوية في كويبك وإلى -30 درجة مئوية في المناطق الشمالية والوسطى. وباستثناء كويبك التي تصل درجة الحرارة فيها صيفاً إلى +19 درجة مئوية فإن درجة حرارة الفصل الحار في هذه المناطق لا تتجاوز +10 درجة مئوية إطلاقاً.
          ب - سلسلة جبال الأبالاش: تمتد على طول سواحل الأطلسي، وقد تعرضت لحركات بنائية مهمة على عدة مراحل في التاريخ الجيولوجي، ولا تنخفض هذه السلسلة عن 1000م علماً بأن الارتفاعات فيها يمكن أن تتجاوز 2000م كما في القمة السوداء الواقعة في الجنوب، ومناخها قاري نسبياً على السواحل، حيث يصل وسطي درجة حرارة الصيف في بوسطن إلى 22 درجة مئوية مقابل -2 درجة مئوية لفصل الشتاء، في حين تتجمد مياه نهر هدسن الذي يصب في المحيط الأطلسي قرب نيويورك على مدى ثلاثة أشهر سنوياً، أما الأجزاء الجنوبية للإقليم فتتمتع بأحوال مناخية أكثر دفئاً لدرجة يمكن معها زراعة النخيل في فلوريدة الواقعة على درجة العرض 25 شمالاً.
          حـ - إقليم السهوب والمراعي الوسطى التي تمتد من بحيرتي مانيتوبا ووينيبيغ حتى حدود خليج المكسيك: وهو إقليم متموج نسبياً باستثناء منطقة أوزارك المضرّسة، الواقعة بين الميسوري وأركنساس، ويقوم نهر الميسيسبي بتصريف مياه هذا الإقليم الغني جداً بالبحيرات ذات الأصل البنائي أو الجليدي، وأهمها مجموعة البحيرات الكبرى، وتتزايد الارتفاعات عموماً باتجاه الجنوب إلى أن يصل أقصاها إلى نحو 1700م. ومناخ المنطقة قارّي تتناقص فيه الأمطار من الشرق إلى الغرب، كما تتعرض السهول المذكورة لعواصف ثلجية شديدة، تعرف عادة باسم بليزاردس، أما معدل حرارة الشتاء فيصل إلى -19 درجة مئوية في وينيبيغ وإلى -12 درجة مئوية في سان بول مقابل +20 درجة مئوية و+25 درجة مئوية على التوالي لفصل الصيف الحار نسبياً وتنتهي هذه السهوب جنوباً في الوادي الأدنى للميسيسبي حيث تسود الأحوال المناخية المدارية.
          د - وإلى الغرب يمتد إقليم سلاسل جبال روكي والسلاسل الغربية الأخرى على طول سواحل المحيط الهادئ وهي سلسلة مزدوجة شديدة التخلع بفعل الحركات البنائية التي رافقتها البراكين الشديدة، فكوّنت تلالاً وقمماً يزيد ارتفاعها على 4000م كما في كنساس، ويتناقص إلى نحو 2000م على الحدود المكسيكية جنوباً. وتستمر هذه السلاسل في الجنوب باسم سييرا ماديرا وفيها قمم بركانية المنشأ يصل ارتفاعها في أوريزابا إلى نحو 5700م، وتتصف القطاعات الغربية هذه بأحوال مناخية قاسية، إذ يصل وسطي درجة حرارة الشتاء في سان فرانسيسكو إلى 10 درجات مئوية مقابل +15 درجة مئوية للصيف، في حين تصل حرارة الشتاء في دنفر الواقعة على درجة العرض نفسها إلى -3 درجات مئوية شتاءً وإلى +22 درجة مئوية صيفاً.
          هـ - المكسيك: وتعد المكسيك استمراراً للمناطق الطبيعية في الولايات المتحدة الأمريكية، ففي شبه جزيرة كاليفورنية تنهض مجموعة من القمم تعد امتداداً للسلاسل الساحلية الغربية للولايات المتحدة الأمريكية، في حين تعد سلاسل سييرا ماديرا امتداداً لجبال روكي، وإلى الشرق من هذه السلاسل، تمتد مجموعة من الهضاب لا يزيد ارتفاعها على 1000م إلا نادراً، وهي غنية بالمنخفضات التي تشكل بحيرات مالحة وتعد المنطقة محرومة من التصريف الخارجي. ونحو درجة العرض 20 شمالاً تنهض مجموعة من التلال البركانية ترتفع إلى 5384م (5452م) في بوبو كاتيبتل، وإلى 5700م في أوريزابا، أما يوكاتان فتمثل هضبة كلسية لا يتجاوز ارتفاعها 200م، تنتهي بساحل غني بالبحيرات المغلقة شمالاً. ويتمتع إقليم المكسيك بأحوال مناخية مدارية، ويزداد الجفاف فيه باتجاه الشمال غالباً.
          و - أمريكة الوسطى: تعرضت السلاسل الجبلية في أمريكة الوسطى لتجزؤ شديد بفعل الحركات البنائية المصحوبة باندفاعات بركانية مهمة، وتمتد السلاسل هنا من الغرب إلى الشرق، وتصل ارتفاعاتها إلى نحو 3500م، ولهذا تكثر الممرات الطبيعية بين المحيطين الأطلسي شرقاً والهادئ غرباً، وأعلى القمم البركانية في أمريكة الوسطى تصل إلى 4117م في بركان تاكانا على الحدود المكسيكية الغواتيماليّة، وقد نشط هذا البركان آخر مرة عام 1902م. وتعد سواحل المحيط الأطلسي هنا سهلية وفيرة البحيرات الساحلية على العكس من سواحل المحيط الهادئ ذات الطبيعة الصخرية. أمّا جزر الأنتيل فتضم مجموعة جزر مستوية السطوح تقريباً ذات طبيعة مرجانية غالباً، ومجموعة من الجزر البركانية حديثة المنشأ. وبسبب هبوب الرياح التجارية الشمالية الشرقية على مدار السنة فإن الفروق الحرارية في أمريكة الوسطى قليلة، ولا يزيد معدل الحرارة السنوي في تامبيكو الواقعة على خليج المكسيك على 24درجة مئوية في حين أن المدى الحراري السنوي فيها لا يزيد على 8درجات مئوية، كما تتلقى غواتيمالة الواقعة على درجة العرض 16 أمطاراً سنوية تعادل مايتلقاه حوض الأمازون الاستوائي بفعل الرياح المذكورة، أما في جزر الأنتيل فالمعدل الحراري السنوي يرتفع إلى 25 درجة مئوية، ولا يزيد المعدل الحراري السنوي على 3 – 4 درجات مئوية، ولكن المنطقة تتعرض دورياً لعواصف وأعاصير، من نوع هوريكان، عنيفة، تتجه من الشرق إلى الغرب، مسببة خسائر مادية وبشرية فادحة.
          الجغرافية البشرية
          تشكل أمريكة الشمالية فسيفساء متعددة الألوان من العناصر البشرية، فهي تضم مجموعات تنتمي إلى كل العروق والسلالات البشرية، كما تضم مجموعات لغوية ودينية من كل الأنواع لتعدد المناطق التي قدم منها المهاجرون الأوائل ومن جاء بعدهم، وبسبب الأوضاع الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبشرية التي شهدتها القارة في مراحل تطورها المختلفة.
          1ـ السكان الأصليون والمهاجرون الأوائل والمستعمرون: لا يمكن التحدث عن وجود سكان أصليين بمعنى الكلمة على مجمل أراضي القارة الأمريكية، لأنها كانت شبه خالية من السكان، باستثناء الأسكيمو والهنود الحمر الذين يعدون أقدم المجموعات البشرية فيها، فهم أقوام وصلوا إلى القارة عبر مضيق برنغ الذي كانت تغطيه الجليديات كما ورد آنفاً، وتشير السحنة المنغولية الغالبة عليهم إلى أصولهم الآسيوية من دون أدنى شك. وكان توزعهم متبايناً من منطقة إلى أخرى عند بداية عصر الاكتشافات الجغرافيّة للقارة، كما كانت أنماط معيشتهم ودرجات رقيهم مختلفة، وقد أرسى هؤلاء في هذه المناطق حضارات تاريخية راقية غاية في الأهمية هي:
          آ - حضارة الإنكا في كل من البيرو وبوليفية في أمريكة الجنوبية.
          ب - حضارة الأزتيك في هضاب المكسيك العليا وفي أواسط البلاد.
          حـ - حضارة المايا في شبه جزيرة يوكاتان.
          ولم يعرف هؤلاء استخدام الحصان ولا حرفة الرعي وتربية الحيوان، ولكنهم استخدموا كلاب الحراسة وأدوات خاصة مصنوعة من الأخشاب والعظام والحجارة وبعض المعادن، كما أنهم اعتمدوا على الصيد والقنص البري خاصة، فكان مورداً غذائياً لهم من جهة، وكسوة يتخذونها من جلود الحيوانات المصيدة من جهة ثانية، وكانوا ينقسمون أحياناً إلى مجموعات بشرية يضمها نوع من الاتحادات الفيدرالية، وأهم مجموعات الهنود الحمر التي عرفتها أمريكة الشمالية هي:
          ـ الإيروكوا Iroquois الذين كانوا يعيشون على أطراف البحيرات العظمى وعلى سواحل المحيط الأطلسي، وقد عرفوا زراعة الذرة والفاصولياء والتبغ وبنوا بيوتهم ومساكنهم باستخدام جذوع الأشجار المختلفة وأهم قبائلهم الإيرييس والهورون والموهاوك والشيروكي.
          ـ الألغونكان Algonkin وكانوا يستوطنون المناطق الوسطى الممتدة حتى أقدام جبال روكي، وقد عرفوا زراعة القمح والذرة، وكانوا يسكنون الخيام، وأهم قبائلهم: الأوتاوا والمساشوستس والموهيكان والمياميس، إضافة إلى الإيللونيين، وتزيد أعداد الألغونكان في أمريكة الشمالية اليوم على 120000 نسمة.
          ـ الأتاباسكانيون: وقد كانوا يقطنون المناطق الغربية والقطبية الشمالية، إضافة إلى بعض الأجزاء الداخلية الممتدة حتى حدود المكسيك الحالية، وأهم قبائلهم: السلاف (أي العبيد) والكاستور في كندا، والأباتشي في مناطق جبال روكي والنافاجو في أريزونة والهوبي في المناطق الجنوبية الغربية.
          ـ السوكس أو الداكوتا Dakota وهم جماعات كانت تعيش حياة بداوة متنقلة في المناطق الجنوبية، وأهم قبائلهم: الكوربو والأيوا والأوماها والأوزاج.
          ـ الموسكوجيس والشوشون والمايا، وكانوا أكثر المجموعات رقياً حضارياً، أما الكريك والسيمينول والأوتيس والأزتيك فقد كانوا رجال حرب من الطراز النادر، وقد ابتدع المايا في شبه جزيرة يوكاتان أبجدية خاصة، وعرفوا رقم الصفر، وأوجدوا نظام تقويم خاصاً بهم، وبنوا مجموعة من المعابد المهمة وعرفوا الحلي وأدوات الزينة.
          ويتكلم الهنود الحمر أكثر من 60 لغة تنتمي إلى أسرة اللغات المنغولية غير المكتوبة، وقد قام الوافدون من أوربة بعد الاكتشافات الجغرافية باستخدام اليد العاملة من الهنود الحمر، وتسخيرها في أغراض الاستثمار الاقتصادي المختلفة، وبسبب قساوة المعاملة، انتفض الهنود الحمر عليهم، ولهذا فقد تعرضوا للكثير من المذابح ولنوع من الإبادة الجماعية، وأصبحت بنيتهم الفيزيولوجية لا تمكنهم من مقاومة الأمراض التي حملها الوافدون الجدد، حتى إنها كادت تستأصل شأفتهم، في مناطق الأنتيل وعلى طول السواحل الغربية في مدة لم تتجاوز 150 عاماً. ويدين العالم اليوم للهنود الحمر بمعرفة زراعة الذرة والبطاطا والفاصولياء والبندورة والقطن والتبغ، كما أنهم كانوا أول من دجّن الديك الرومي، وقد استخدم المستعمرون الأوائل المسالك والطرق التي اختطها وسلكها الهنود الحمر وذلك بغية تعرف مجاهل العالم الجديد، كما أنهم استغلوا المراكز والتجمعات البشرية والمواقع الهندية القديمة بغية إشادة مجموعة من المدن المهمة في هذه المواقع، فمدينتا شيكاغو ومكسيكو مثلاً ليستا سوى موقعين هنديين قديمين. ويتمركز الهنود الحمر الأصليون اليوم في جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، محتفظين بسماتهم وملامحهم وخصائصهم النوعية المميزة، مؤلفين محميات وطنية على شكل متاحف بشرية - إن جاز التعبير – ولا يمتزجون ببقية السكان، وقد وصلت أعدادهم في هذه المحميات عام 1985م إلى نحو 446212 نسمة، وتشرف على تنظيم أمورهم مكاتب خاصة ترتبط بالحكومة المركزية (الجدول2).
          المحميّة الولاية العدد تبعاً لإحصائيات
          عام 1985م
          نافاجو أريزونة+نيومكسيكو+يوتاه 166665
          تشيروكي أوكلاهومة 42992
          كريك أوكلاهومة 42519
          باباغو أريزونة 22501
          تشوكتاو أوكلاهومة 20054
          بين ريدج داكوتة الجنوبية 18191
          بوبلوس الجنوبية نيومكسيكو 16375
          روسبود داكوتة الجنوبية 11685
          جيلياريفر أريزونة 10556
          تورتل مونتين داكوتة الشمالية 9583
          تشيكاساو أوكلاهومة 9020
          هوبي أريزونة 8952
          ستاندينغ روك داكوتة الشمالية + داكوتة الجنوبية 8443
          فورت أباش أريزونة 8311
          ياكيمة واشنطن 7987
          زوني نيومكسيكو 7754
          بوبلوس الشمالية نيومكسيكو 7705
          شاوني أوكلاهومة 7615
          باوني أوكلاهومة 7335
          بلاكفيت مونتانة 6715
          ويندريفر وايومنغ 5254
          المجموع 446212
          الجدول (2) محميات الهنود الحمر الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية
          ويصل إجمالي عدد الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية إلى مليوني نسمة (2.200.000 تقريباً عام 1997)، علماً بأنّ هذا العدد لم يتجاوز 1.418.195 نسمة عام 1980م، يضاف إلى ذلك نحو13.200.000 من الهنود الحمر الذين يعيشون في المكسيك ونحو 187.000 نسمة في نيكاراغوة ونحو 800.000 نسمة يقطنون مناطق الغابات الشمالية الباردة في كندا.
          أما الأسكيمو الذين يعيشون على الصيد البري والمائي فيتركزون في غرينلند وألاسكة وفي أقصى شمالي كندا إلى الشمال من خط العرض 60 درجة شمالاً علماً بأنهم كانوا يقطنون السواحل الشمالية لسان لوران وجزءاً من الأرض الجديدة، وتصل أعدادهم في أمريكة الشمالية اليوم إلى أكثر من 20000 نسمة، ويتزايد الأسكيمو والهنود الحمر بسرعة فائقة نظراً للارتفاع النسبي لمعدل تزايدهم الطبيعي، إضافة إلى ارتفاع معدلات أعمارهم عموماً.
          الموطن الأصلي للمهاجرين أعداد المهاجرين
          بين عامي 1820ـ1985م عام 1985م
          دول القارة الأوربية(ألمانية الاتحادية سابقاً والمملكة المتحدة وفرنسة خاصة) 36.659.826 63.043
          القارة الآسيوية 4.649.126 264.691
          بقية دول القارة الأمريكية بما فيها كندا والمكسيك وجزر الهند الغربية 10.521.805 221.103
          القارة الإفريقية (هجرة طوعية) 234.336 17.117
          بقية أنحاء العالم (أوقيانوسية والجزر المتفرقة) 455.265 4.055
          المجموع 52.520.358 570.009
          الجدول (3) أعداد المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1820 ونهاية عام 1985 مع مواطنهم الأصلية
          2ـ الزنوج الأمريكيون: يرجع الزنوج الأمريكيون في أصولهم إلى الزنوج الأفارقة الذين اختطفوا من مواطنهم ونقلهم تجار الرقيق إلى القارة الجديدة لتوفير اليد العاملة والقيام بأعمال السخرة ولاسيما بعد تناقص أعداد الهنود الحمر نتيجة المذابح والإبادة الجماعية والأوبئة، وكان الإسبان أول من أدخل تجارة العبيد إلى أمريكة سنة 1501م وكان من نتائج ترويج هذه التجارة أن تزايدت أعداد الزنوج في القارة الجديدة إلى درجة كبيرة في القرنين السادس عشر والسابع عشر على يد تجار الرقيق من الإسبان والبرتغاليين والإنكليز والهولنديين، وقدرت أعداد الزنوج العبيد الذين تمّ نقلهم إلى العالم الجديد عنوة بنحو 20 مليون زنجي (منهم نحو سبعة ملايين في البرازيل وحدها) قبل أن تتوقف تجارة الرقيق تماماً في أواسط القرن التاسع عشر، وقد تركز أكثرهم في الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة وفي أمريكة الوسطى والبحر الكاريبي وأمريكة الجنوبية وهم يؤلفون اليوم الغالبية العظمى في جزر الأنتيل.
          3ـ العناصر الخلاسية: تؤلف هذه العناصر الغالبية الساحقة لسكان المكسيك وهندوراس وغواتيمالة ونيكاراغوة والدومينيكان وكوستاريكة خاصة، علماً بأن القارة قد شهدت وصول أعداد مهمة من المالينيزيين والبولينيزيين.
          إن التزايد الحقيقي لأعداد السكان في أمريكة الشمالية بدأ منذ عام 1820م، أي في المرحلة التي شهدت فيها أوربة ضغطاً سكانياً متزايداً، دفع بالكثير من الأوربيين إلى الهجرة إلى العالم الجديد، وبدأت بذلك نسبة العناصر البيضاء بالتزايد الكبير، فبعد أن كان عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً نحو أربعة ملايين نسمة عام 1790م، مقابل تسعة ملايين لأمريكة الجنوبية بمجملها ونحو 20 مليوناً فقط للقارة الأمريكية عامة، أي نحو 2% فقط من سكان الكرة الأرضية في تلك الحقبة التاريخية، قفز عدد السكان في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 9.638.453 نسمة عام 1820م وإلى 23.191.876 نسمة عام 1850م وإلى 50 مليوناً عام 1880م، وإلى 122.775.046 نسمة عام 1930م، وإلى نحو 226.545.805 نسمة عام 1980م، و275.500.000 نسمة عام2000. وتعزى هذه الزيادة إلى الأعداد الضخمة من المهاجرين الذين وصلوا إلى العالم الجديد، إذ قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحدها نحو 52.5 مليون نسمة في المدة الواقعة بين عامي 1820م و1985م، وقد قدم هؤلاء المهاجرون من أنحاء الكرة الأرضية كافة (الجدول3).
          وبين عامي 1931م و1939م وصل إلى أمريكة الشمالية نحو 5.9 مليون مهاجر أوربي، باستثناء المهاجرين القادمين من الشطر الأوربي مما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي، كما شهدت القارة وصول 11 مليوناً من الأوربيين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، منهم 3.3 ملايين من الألمان والإيطاليين والإنكليز الذين استقروا في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى أكثر من مليونين من الإنكليز والإيطاليين والألمان والهولنديين الذين استقروا في كندا، وقد عملت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحقبة خاصة على احتكار انتقاء العلماء الفارين من ألمانية الهتلرية إثر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. وقد شهدت الولايات المتحدة الأمريكية قدوم أعداد مهمة من أقطار جنوبي شرقي آسيا ومن بقية أنحاء العالم، وكانت أعداد الوافدين إليها تتباين من حين إلى آخر، فبين عامي 1820 و1930م وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية 32.121.210 من الأوربيين و1.058.331 مهاجراً آسيوياً و4.241.429 مهاجراً من دول القارة الأمريكية مقابل 316.732 مهاجراً من بقية أنحاء العالم. ثم بدأت أعداد المهاجرين بالتناقص نتيجة للقيود التي وضعتها الحكومة بغية تحديد أعداد الوافدين إليها، فبين عامي 1931م و1940م لم يصل إليها سوى 528.341 مهاجراً ارتفع هذا العدد إلى 1.035.039 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1941م و1950م، مقابل 2.515.479 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1951م و1960م ونحو 3.321.677 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1961م و1970م، ونحو 4.493.314 مهاجراً للمدة الواقعة بين عامي 1971م و1980م. و7.605.066 مهاجراً بين عامي 1991 ـ1998.
          إنّ الهجرات الكبرى التي وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية تمت قبل صدور قرارات الحكومة الفدرالية بتحديد أعداد المهاجرين ابتداءً من عام 1921، وفي الوقت الحالي حددت أعداد المهاجرين بنحو 290000 مهاجر سنوياً يخصص منهم 12000 مهاجر لدول القارة الأمريكية و170000 مهاجر فقط لبقية أنحاء العالم. كما قامت الحكومة بوضع قيود مشددة على دخول اللاجئين السياسيين الفيتناميين والكوبيين، وأدت الثورة التقنية التي شهدتها الولايات المتحدة إلى ظهور نوع جديد من الهجرة التي شجعتها الحكومة تماماً كما فعلت كندا، إذ تم اجتذاب الاختصاصيين ذوي التأهيل والخبرة العالية القادمين من الدول النامية، فبين عامي 1960 و1980م وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ما يزيد على 300000 متخصص مؤهل، وإلى جانب ذلك يشهد كل من كندا والولايات المتحدة الأمريكية، نوعاً من الهجرة الموسمية الخاصة التي تتمثل بوصول أعداد ضخمة من العمال الموسميين (أكثر من مليون مكسيكي) سنوياً في أوقات جمع المحاصيل الزراعية.
          إنّ غالبية المهاجرين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا قبل عام 1840م كانوا من الإنكليز والفرنسيين، ثم جاء وقت توازنت فيه أعداد الفرنسيين والإنكليز والألمان والهولنديين والاسكندنافيين والسويسريين البروتستنت إلى جانب مجموعات أيرلندية كاثوليكية. وقد استقر الألمان في مدن سان لويس وشيكاغو وميلووكي والغرب الأوسط بصورة خاصة، في حين استقر الاسكندنافيون في المناطق الوسطى والشمالية والأيرلنديون في نيويورك وبوسطن والفرنسيون على طول السواحل الشرقية وفي منطقة كويبك الكندية، أمّا أعداد السكان الحاليين من أصل إسباني في الولايات المتحدة الأمريكية فيصل إلى 14.6 مليون نسمة. وبعد عام 1890م بدأ وصول المجموعات البشرية غير الأنغلوسكسونية قادمة من دول أوربة الشرقية ومن دول حوض البحر المتوسط، وقد كان السلاف والرومانيون والإيطاليون عماد هذه الهجرات، إضافة إلى أعداد ضخمة من اليونانيين والعرب الذين يتوزعون على دول القارة الأمريكية كافة، ويتمتعون اليوم بقوة اقتصادية ملحوظة، كما تمكنت أجيالهم التالية من التغلغل في مرافق الحياة الثقافية والفكرية والسياسية كلها. وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأ وصول العناصر الآسيوية التي استقرت على طول السواحل الغربية، وخاصة في كاليفورنية، وامتهنت هذه العناصر صناعة السكك الحديدية إلى جانب الأعمال المنجمية والتجارة، كما وصلت إلى أمريكة الشمالية أفواج كبيرة من اللاجئين الكوبيين والفيتناميين والمكسيكيين، وأعداد مهمة من اليهود القادمين من أنحاء العالم كافة، ويؤلف هؤلاء حالياً قوة اقتصادية وسياسية بالغة الأهمية، ويسكن أغلب الجاليات من المجموعات الآنفة الذكر أحياء سكنية خاصة بهم، وتحتفظ هذه الجاليات بعاداتها وتقاليدها ولغاتها الأم وبطابع معيشتها الذي نقلته معها من الموطن الأصلي. ومع حلول السبعينات من القرن العشرين، تبدلت نسب المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، فبعد أن وصلت نسبة العناصر الأوربية في أوائل هذا القرن إلى 95% من أعداد المهاجرين الإجمالية تناقصت إلى 70% بين عامي 1920م و1940م وإلى 40% فقط بين عامي 1950م و1970م، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة العناصر القادمة من بقية دول القارة الأمريكية إلى 46.5% يقابلها 15.1% للعناصر الآسيوية.
          أمّا كندا فقد تلقت أعداداً من المهاجرين أقل بكثير مما تلقته الولايات المتحدة الأمريكية ويؤلف الفرنسيون والإنكليز العنصر الرئيس فيها، وللحفاظ على التوازن بين أعداد كل من هاتين المجموعتين بعد توقف وصول العناصر الفرنسية، فقد حرصت الجالية الفرنسية على أن يكون معدل تزايدها الطبيعي مرتفعاً وذلك للحفاظ على نسبة 30% من إجمالي عدد السكان الذين تمثلهم هذه الجالية، ومع ذلك فقد انخفضت نسبتهم عام 1960م إلى 28%، ويتركزون اليوم في كويبك حيث يؤلفون 80% من سكانها، أما الإنكليز الذين استوطنوا سواحل المحيط الأطلسي فيؤلفون نحو 45% من إجمالي عدد السكان بعد أن كانوا يمثلون 60% عام 1871م، ويتألف الباقي من مزيج من الألمان والإيطاليين والأوكرانيين والهولنديين والعرب، إلى جانب مجموعات من الهنود الحمر ومن الأسكيمو. وفي الوقت الحالي هنالك أعداد مهمة من الكنديين الذين يهاجرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
          أما القادمون من شبه جزيرة إيبرية فإنهم يؤلفون عماد المهاجرين إلى دول أمريكة الوسطى، إذ بلغت أعداد الإسبان الذين قدموا إلى المكسيك عام 1550م نحو 15000 نسمة مقابل 18000 إسباني آخر قدموا من منطقة قشتالة وحدها واستقروا على طول سواحل المحيط الهادئ في كل من أمريكة الوسطى والجنوبية، حيث أسسوا مستعمرات زراعية اقتصر دخولها على العناصر الأرثوذكسية، كما حظر على النساء غير المتزوجات الدخول إليها، هذا ويعد التزايد السكاني الكبير في أمريكة الوسطى وجزر الكاريبي ظاهرة معاصرة، بعد أن تناقصت أعدادهم في القرنين السابع عشر والثامن عشر، بسبب المصاعب الاقتصادية الناجمة عن سوء استثمار الموارد الطبيعية فيها، ومحاولة نقل الموارد الاقتصادية إلى الوطن الأم، مما أدى إلى تقويض الدعائم التي بنيت عليها حضارتا الأزتيك والإنكا القديمتان. وفيما بعد، بدأ التزايد السكاني ثانية نتيجة لوصول أعداد مهمة من الزنوج الأفارقة عن طريق تجارة الرقيق، بغية تسخيرهم في الأعمال الزراعية في ظل الأحوال المناخية المدارية والاستوائية الحارة الرطبة، التي اعتادوا على العمل فيها، ثمّ تزايدت أعداد الوافدين الجدد من شبه جزيرة إيبرية ومن بقية دول أوربة الغربية ومن الأقطار العربية.
          4ـ العرب في أمريكة الشمالية: انظر الفصل الخاص بالعرب في أمريكة.
          5 - الأوضاع الديموغرافية: يتميز الوضع الديموغرافي في أمريكة الشمالية بتبايناته المهمة، ففي حين أن المعدل الطبيعي لتزايد السكان في أمريكة الوسطى وفي جزر الأنتيل يصل وسطياً إلى 29 بالألف فإنه لا يتجاوز 7 بالألف في أمريكة الأنغلوسكسونية، علماً بأن هذا المعدل يصل إلى 22 بالألف في إفريقية و19 بالألف في آسيا، ونحو 12 بالألف في شرقي القارة الأوربية و7 بالألف في أوربة الغربية، وهذا الارتفاع الكبير في أمريكة الوسطى وفي جزر الأنتيل أدى إلى ارتفاع نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة إذ تصل نسبتهم إلى 44% من السكان في أمريكة الوسطى وإلى 36% من السكان في جزر الأنتيل مقابل 23% فقط في أمريكة الأنغلوسكسونية، كما تبين الدراسات الإحصائية التفصيلية وجود تباين بالغ الأهمية في مستوى المعدلات السنوية للولادات والوفيات والنسب المئوية للرجال والنساء بين دول أمريكة الشمالية كما يبدو من الجدول4.
          الدول عدد السكان (إحصاء 2000) معدل الولادات السنوية بالألف (لعام 2000) معدل الوفيات السنوية بالألف (لعام 2000) معدل التزايد الطبيعي بالألف (إحصاء 1983) المعدل الطبيعي للتزايد السكاني بالألف بين عامي 1990-2000
          بنمة 2.808.000 23 5 23 18
          ترينداد وتوباغو 1.175.500 17 6 19 8
          جمايكة 2.652.600 22 6 21 1
          الدومينيك 71.540 19 8 16 0
          الدومينيكان 8.442.500 24 5 26 19
          السلفادور 6.122.500 28 6 26 23
          غواتيمالة 12.640.000 37 7 32 29
          كندا 31.281.000 12 7 8 11
          كوبة 11.142.000 13 7 8 6
          كوستاريكة 3.710.000 24 4 26 23
          المكسيك 100.350.000 25 5 25 18
          نيكاراغوة 4.812.000 34 6 36 28
          هاييتي 6.867.000 34 13 27 19
          هندوراس 6.250.000 34 5 35 29
          الولايات المتحدة الأمريكية 275.562.000 14 9 7 10
          الجدول (4) الأوضاع الديمغرافية في أمريكة الشمالية
          أمّا توزع السكان تبعاً لفئات الأعمار فإنه أيضاً شديد التباين كما يبدو من الجدول5.
          المنطقة فئات الأعمار
          0ـ14 سنة 15ـ60 سنة أكثر من 60 سنة
          كندا والولايات المتحدة الأمريكية 23% 62% 15%
          أمريكة الوسطى 44% 51% 5%
          جزر البحر الكاريبي 36% 56% 8%
          الجدول (5) توزع السكان تبعاً لفئات الأعمار في أمريكة الشمالية
          يعزى التزايد الكبير لأعداد السكان في أمريكة الأنغلوسكسونية إلى الهجرات التي تلقتها المنطقة بالدرجة الأولى، فقد ارتفع عدد سكان كندا مثلاً من 3.8 ملايين نسمة عام 1871م إلى 7.2 ملايين نسمة عام 1911م وإلى 14 مليوناً عام 1951م، ليقفز إلى 23 مليوناً عام 1976م وإلى 25.6 مليوناً عام 1986م وإلى 25.88 مليوناً عام 1988م، وذلك مع تناقص المعدل الطبيعي لتزايد السكان فيها من 25 بالألف عام 1950م إلى 17.4 بالألف عام 1960م وإلى 15 بالألف عام 1970م قبل أن يستقر في حدود 8 بالألف عام 1983م ثمّ يرتفع قليلاً ليستقر في حدود 9 بالألف، وهذا ما يقابل زيادة سنوية صافية تقدر بنحو 232920 نسمة سنوياً تقريباً، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وصل المعدل السنوي للتزايد الطبيعي للسكان إلى 30 بالألف في مطلع القرن العشرين، ثم أخذ بالتراجع التدريجي ليستقر في حدود 6.5 بالألف فقط عام 1986م وليرتفع في العامين التاليين إلى حدود 8 بالألف، مع وجود تناقضات واضحة ضمن المجموعات البشرية المختلفة التي يتكون منها الشعب الأمريكي، إذ يرتفع المعدل السنوي للولادات لدى الزنوج إلى 25 بالألف، في الوقت الذي لا يزيد فيه هذا المعدل على 15 بالألف لدى البيض عموماً، ويقابل ذلك ارتفاع نسبي لمعدلات وفيات الزنوج، إذ يصل المعدل السنوي لوفيات الأطفال الزنوج إلى ضعف نظيره لدى البيض، كما أن وفيات الأمهات في أثناء الولادة لدى الزنوج تصل إلى أربعة أضعاف وفيات الأمهات البيض.
          6 - أعداد السكان والكثافة والهجرة الداخلية والتوزع السكاني: وفقاً لمعطيات الجدول 6 وصل عدد سكان أمريكة الشمالية عام 1988م إلى نحو 408.301.300 نسمة (يرتفع العدد إلى نحو 410.349.800 إذا أضيفت أعداد سكان الجزر التابعة للدول الأوربية المختلفة) يعيشون على رقعة مساحيّة تصل إلى 21.818.106 كم2، يرتفع العدد إلى أكثر من 22 مليون كم2 إذا أضيفت مساحة غرينلند، وعلى هذا تكون الكثافة السكانية العامة بحدود 18.7 نسمة/ كم2، علماً بأن هذه الكثافة تختلف بشدة من دولة إلى أخرى، ليس هذا فحسب، بل توجد هناك تباينات مذهلة ضمن كل دولة، وخاصة في أمريكة الأنغلوسكسونية، ففي كندا مثلاً، هنالك ما يزيد على 90% من المساحة العامة للبلاد شبه خالية من السكان الذين يتركزون على طول السواحل الجنوبية، وفي كولومبية البريطانية، وفي السهول الأطلسية، والسهوب الداخلية، ويقطن 70% من سكان كندا (باستثناء جزيرة الأمير إدوارد) في المدن الكبرى ولاسيما الساحلية منها، حيث تستقطب وينيبيغ ما يزيد على 50% من سكان منطقة مانيتوبه، في حين أن وايدمونتون وكاليفاري تستقطبان ما يزيد على 50% من سكان منطقة ألبرته في حين تستقطب فانكوفر أكثر من ثلثي سكان منطقة كولومبية البريطانية، وتظهر هذه التناقضات أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث توجد بعض الولايات التي لا تزيد الكثافة السكانية العامة فيها على 2 نسمة/كم2 كما في ولاية وايومنغ، في حين ترتفع الكثافة إلى 300 نسمة/كم2 في رود آيلاند وإلى 360نسمة/كم2 في نيوجرسي، وترتفع الكثافة على سواحل المحيط الأطلسي وفي كاليفورنية وتكساس وبنسلفانية وإلِّنوي وأوهايو، وفي مناطق الأودية الداخلية. وللأحوال الطبيعية وخاصة عامل الارتفاع عن سطح البحر أثر بالغ في توزع سكان أمريكة الشمالية، إذ إن المعدل الوسطي لارتفاع المناطق المأهولة جداً هنا لا يتجاوز 430م، وتستقطب المناطق التي يقل معدل ارتفاعها العام عن 200م فوق سطح البحر نحو 46.9% من السكان، مقابل 33.3% من السكان للمناطق التي يراوح معدل ارتفاعها بين 200م و500م، ونحو 7.9% من السكان للمناطق التي يراوح معدل ارتفاعها العام بين 500م و1000م، و4.1% من السكان للمناطق التي يراوح معدل ارتفاعها العام بين 1000م و1500م، أمّا باقي السكان فيقيمون في مناطق يزيد معدل ارتفاعها العام عن سطح البحر على 1500م. وتستقطب المناطق الساحلية التي لا يزيد بعدها عن سواحل البحار والمحيطات على 50كم ما يقرب من 31.5% من السكان، مقابل 19.8% من السكان للمناطق التي يراوح بعدها عن البحار والمحيطات بين 50كم و200كم وما يقرب من 20.1% من السكان للمناطق المحصورة بين 200كم و500كم عن البحار والمحيطات و18.5% من السكان التي يراوح بعدها عن البحار والمحيطات بين 500كم و1000كم و10.1% من السكان للمناطق التي يزيد بعدها عن البحار والمحيطات على 1000كم، علماً بأن البعد الوسطي للمناطق المأهولة بالسكان في أمريكة الشمالية يقع في حدود 384كم عن ساحل البحار والمحيطات.
          والهجرة الداخلية ناشطة جداً في أمريكة الشمالية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يعيش 30% من سكانها في ولايات لم يولدوا فيها، كما يقوم أكثر من ثمانية ملايين أمريكي بتغيير ولايتهم سنوياً، وتقوم الإدارة المركزية بتنظيم حركة استيطان مناطق غربي وجنوب غربي البلاد واستثمارها. وأهم الهجرات الداخلية هي هجرات الزنوج باتجاه الشمال الشرقي هرباً من البطالة المزمنة التي يعانون منها في الجنوب، وهم يتجهون إلى تلك المناطق حيث تتركز أهم الصناعات الأمريكية ومراكزها الرئيسة. وفي الوقت نفسه، يهاجر أبناء المنطقة الأصليون باتجاه الجنوب والغرب، ولهذا فإن منطقة نيفادا مثلاً، شهدت تزايداً في أعداد سكانها وصل إلى نحو 400% مقابل 345% لسكان فلوريدة و260% لأريزونة وذلك في المدة الواقعة بين عامي 1970 و1980 واستمر التزايد حتى اليوم.
          أما نسبة سكان المدن في أمريكة الشمالية الأنغلوسكسونية فقد تطورت من 64% من إجمالي أعداد السكان عام 1950م إلى 77% من السكان عام 1998م، في حين أن عدد سكان المدن في أمريكة الوسطى تطور من 28% من السكان عام 1950م إلى 63% من السكان عام 1998م، وتراوح نسبة سكان المدن في أمريكة الشمالية (إحصائيات عام 1988م) بين حد أدنى قدره 23% من السكان في ترينداد وتوباغو وحد أعلى قدره 76% من السكان في كندا وبين 32% في هاييتي و77% في كندا عام 1998 (الجدول6). ولكن الظاهرة الجديرة بالاهتمام هنا هي الارتفاع الكبير لسكان المدن في رود آيلاند التي تصل النسبة فيها إلى 88% وتنخفض إلى 44% في كل من داكوته الشمالية والجنوبية. وتضم أمريكة الشمالية اليوم أكثر من 45 مدينة يقطن كلاً منها أكثر من مليون نسمة.
          الجدول (6) الأوضاع الديمغرافية في أمريكة الشمالية
          7ـ اللغة والأديان: يتكلم 95.4% من سكان أمريكة الأنغلوسكسونية اللغة الإنكليزية، مقابل 3.83% يتكلمون الفرنسية، ويتكلم الباقي لغة الهنود الحمر والأسكيمو، أمّا على صعيد أمريكة الشمالية بمجملها فإن 65.06% من السكان يتكلمون الإنكليزية مقابل23.72% من السكان يتكلمون الإسبانية و4.37% من السكان يتكلمون الفرنسية، ويتكلم الباقي وقدره 6.85% من السكان لغات الهنود الحمر، ولغات أخرى يزيد عددها على 80 لغة مختلفة.
          وفيما يتعلق بالمعتقدات الدينية فإن 52.65% من سكان أمريكة الشمالية مسيحيون يعتنقون المذهب الكاثوليكي مقابل 1.95% للمذهب الأرثوذكسي و41.61% للمذهب البروتستنتي، ويدين 2.79% باليهودية، و0.67% بالإسلام و0.13% بالبوذية و0.14% بالهندوسية، وفيها أقليات ملحدة وأخرى تعتنق معتقدات بدائية ووثنية ولا تزيد نسبة هؤلاء على 0.06% من السكان.
          أمّا نسبة المتعلمين في أمريكة الشمالية فهي عالية جداً باستثناء كل من هاييتي وغواتيمالة وهندوراس وجمهورية الدومينيكان.
          خرى تعتنق معتقدات بدائية ووثنية ولا تزيد نسبة هؤلاء على 0.06% من السكان.
          أمّا نسبة المتعلمين في أمريكة الشمالية فهي عالية جداً باستثناء كل من هاييتي وغواتيمالة وهندوراس وجمهورية الدومينيكان.

          تعليق


          • #6
            الجغرافية الاقتصادية
            تضافرت مجموعة من الشروط الطبيعية مع الأحوال التاريخية والبشرية، لتجعل من أمريكة الشمالية رقعة مساحية تعد من أكبر القوى الاقتصادية العالمية، ولاسيما أن الثروات الطبيعية قد وُظِّفت في استثمارات واحتكارات خارجية جعلت من أمريكة الأنغلوسكسونية، القوة الاحتكارية الرئيسة التي تتحكم في مقدرات الاقتصاد العالمي، عن طريق شركاتها الضخمة التي افتتحت فروعاً لها في معظم أنحاء الكرة الأرضية كشركات جنرال موتورز وستاندرد أويل أوف كاليفورنية وجنرال إلكتريك وفورد وغيرها، إضافة إلى الفوائد الطائلة التي تجنيها من الدولار، بوصفه وحدة النقد العالمية التي تتعامل بها الغالبية العظمى للشركات والدول الصناعية الكبرى. كما أن مبيعات الأسلحة، والفوائد التي تجنيها من توظيف رؤوس الأموال الأجنبية فيها تضمن دخلاً كبيراً يوظَّف في استثمارات اقتصادية مختلفة تجني منها أرباحاً طائلة، تضاف إلى الدخل الكبير الناجم عن توريد وسائل التقنية المعاصرة، وهذا ما أتاح لها فرصة التحكم بالمقدرات الاقتصادية والسياسية والفكرية في أنحاء واسعة جداً من الكرة الأرضية، إضافة إلى سيطرتها وهيمنتها شبه المطلقة على القوى الاقتصادية الكبرى ومنها دول أوربة الغربية واليابان. ولقد تعاظم دورها القيادي بعد أن غدت القوة العسكرية العظمى الوحيدة في العالم في أعقاب تفكك منظومة الدول الاشتراكية في أوربة الشرقية والاتحاد السوفييتي السابق.
            ولقد مر اقتصاد أمريكة الشمالية بمراحل عدة قبل أن يتمكن من احتلال مركز الصدارة في العالم، إذ كانت أمريكة الشمالية تمثل في البداية سوقاً لتصدير المواد الخام الزراعية والمعدنية إلى الدول الأوربية، لكن جهود المستعمرين الأوائل وحسن التخطيط الاقتصادي وتنظيمه، وهجرة العقول وكبار الاختصاصيين والعمال الفنيين المدربين، من مختلف أنحاء العالم إلى تلك القارة الجديدة، مكنها من اللحاق بركب الدول المتقدمة، ومالبثت أن تجاوزتها بأشواط بعيدة جداً، ذلك أنها لم تتعرض للكوارث الفعلية التي شهدتها أوربة في الحربين العالميتين. ومع ذلك، يُعدُّ التناقض الاقتصادي المذهل بين أمريكة الأنغلوسكسونية، حيث الغنى الفاحش والإمكانيات والموارد الكبيرة، وبين دول أمريكة الوسطى وجزر الأنتيل حيث يسود الفقر المدقع من المميزات الرئيسة لاقتصاد أمريكة الشمالية، والجدول 7 يعكس هذه التناقضات، كما يعكس التفاوت الكبير في معدلات الدخل القومي ومعدلات دخل الفرد السنوي في دول أمريكة الشمالية.
            1 - مصادر الطاقة والثروات الباطنية والصناعة: يعتمد اقتصاد أمريكة الشمالية أصلاً على القطاع الصناعي وما يرتبط به من أوجه نشاط مختلف، وتتباين نسبة العاملين بهذا القطاع الإنتاجي من دولة إلى أخرى (الجدول8).
            الــدول إجمالي الدخل القومي مقدراً بمليارات الدولارات (إحصاء 1997) المتوسط السنوي لدخل الفرد مقدراً بالدولار (1997) معدل النمو الاقتصادي (%) 1990ـ1997
            بنمة 8.3 3080 4.8
            ترينداد وتوباغو 5.5 4250 1.2
            جمايكة 3.9 1550 0.4
            الدومينيك 0.225 3040 -
            الدومينيكان 14.1 1750 5.1
            السلفادور 10.7 1810 5.6
            غواتيمالة 16.5 1580 4.1
            كندا 595 19640 2.2
            كوبة 13.9 3126 7.8
            كوستاريكة 9.2 2680 3.8
            المكسيك 348.6 3700 2.2
            نيكاراغوة 1.9 410 2.1
            هاييتي 2.8 380 2.5
            هندوراس 4.4 740 3.3
            الولايات المتحدة الأمريكية 7783 29080 3
            الجدول (7) معدلات الدخل القومي ودخل الفرد السنوي في أمريكة الشمالية
            الــدول النسبة المئوية للعاملين بالقطاع الصناعي من إجمالي القوى العاملة
            بنمة 18
            ترينداد وتوباغو 25.5
            جمايكة 20
            الدومينيك 22
            الدومينيكان 23
            السلفادور 24.9
            غواتيمالة 20
            كندا 23.2
            كوبة 21
            كوستاريكة 23.9
            المكسيك 22.4
            نيكاراغوة 17.4
            هاييتي 7
            هندوراس 22
            الولايات المتحدة الأمريكية 23.9
            الجدول (8) نسب العاملين في القطاع الصناعي في دول أمريكة الشمالية
            وتحتل أمريكة الشمالية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، المرتبة الأولى في العالم من حيث حجم الإنتاج الصناعي ونوعيته، ومن حيث تنوعه وحجم رؤوس الأموال الموظفة في الاستثمارات الصناعية، وفي تمويل الأبحاث العلمية الهادفة إلى تحسين مواصفات الإنتاج باستمرار، إذ لا تكاد توجد شركة صناعية أمريكية إلا ويتبعها هيئة علمية مسؤولة عن مواصلة الأبحاث والتجارب العلمية، فضلاً عن أن هذه الشركات تمول غالباً البحوث التي تقوم بها بعض الجامعات والمعاهد العليا مقابل الحصول على المشورة العلمية التي تتطلبها محاولات تحسين الإنتاج الصناعي كماً وكيفاً. ويعتمد النشاط الصناعي على مجموعة من الشركات الضخمة التي تمتلك فروعاً في أنحاء متفرقة من العالم، وخاصة في أوربة الغربية، فشركتا فورد وبوينغ مثلاً تقومان بتشغيل مئات الآلاف من العمال ومن المهندسين والتقنيين، كما أن نصف إنتاج الفولاذ الأمريكي يأتي من أربع شركات فقط، في حين أن 75% من إجمالي إنتاجها من الجرارات والمعدات الزراعية تنتجه أربع شركات متخصصة في هذا المجال، ولا يعني هذا غياب الشركات الصناعية الصغيرة أو المصانع الصغيرة المتفرقة في أنحاء أمريكة الأنغلوسكسونية كافة، إذ إن ثلثي المصانع هنا لا تستخدم أكثر من عشرين عاملاً للمصنع الواحد، وذلك نتيجة حتمية للاعتماد على وسائل الأتمتة والمكننة في الميدان الصناعي. وتتدخل الحكومة المركزية في الولايات المتحدة الأمريكية في تنشيط هذا القطاع عن طريق تقديم القروض والمساعدات المالية، كما أنها تفرض الحماية الجمركية لمقاومة منافسة المصنوعات والبضائع القادمة من أوربة الغربية ومن اليابان خاصة، وتتدخل في تحديد أسعار السلع الصناعية في محاولة منها للحفاظ على مكان الصدارة الصناعية في العالم. وتمتلك أمريكة الشمالية مقومات التطور الصناعي كافة، وعلى رأسها الأيدي العاملة الخبيرة والسوق الواسعة لتصريف الإنتاج، والمواد الخام الطبيعية، والفلزات المعدنية، ومصادر الطاقة الضرورية، وعلى رأسها الطاقة الكهربائية التي يزيد معدل إنتاجها السنوي منها على 3183.891 مليار كيلو واط/ساعي.
            ويوفر إنتاج أمريكة الشمالية من النفط الخام ما يقرب من 70% من الاستهلاك الإجمالي للطاقة إذ يزيد معدل إنتاجه على 4637 مليون برميل سنوياً 65.4% منها للولايات المتحدة الأمريكية مقابل 20% للمكسيك و12.1% لكندا، وتتقاسم الباقي كل من ترينداد وتوباغو وكوبة وغواتيمالة، وبهذا تتبوأ أمريكة الشمالية مكان الصدارة بإنتاج النفط في العالم، ثم إن أراضيها تضم أضخم احتياطي عالمي منه، وتتوضع مكامنه الرئيسة ضمن الرمال البيتومينية الكندية القديمة، وضمن صخور الشيست البيتوميني في الكولورادو، ويجري تكرير ما يزيد على 30% من إجمالي الإنتاج العالمي من النفط الخام في أمريكة الشمالية. ومع ارتفاع معدلات الإنتاج هذه، فإن الولايات المتحدة الأمريكية خاصة تضطر لاستيراد ما يزيد على 5% من حاجة استهلاكها السنوي، من الأقطار العربية المنتجة له ومن نيجيرية وفنزويلة. وأهم مكامنه في الولايات المتحدة الأمريكية تقع في ولايات كاليفورنية وتكساس ولويزيانة وألاسكة والمناطق الشمالية عامة، كما أن شركات النفط الاحتكارية الأمريكية موزعة في معظم أنحاء العالم، هذا وتنتج أمريكة الشمالية نحو 75% من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي.
            كما يزيد معدل إنتاجها من الفحم الحجري على 871.218 مليون طن تنتج الولايات المتحدة الأمريكية منها 92.5%، وتنتج كميات مهمة جداً من اللينيت، ويقدر الاختصاصيون أن أراضي أمريكة الشمالية تحوي مكامن فحم حجري توفر حاجات الاستهلاك المحلي لعدة قرون أخرى، وأهم مناطق الإنتاج هي: كندا وولايات كنتكي وفيرجينية الغربية وبنسلفانية ووايومنغ وإلِّنوي الأمريكية.
            وتحتل أمريكة الشمالية مكان الصدارة العالمية باستخراج مختلف أنواع الثروات الباطنية، وعلى رأسها الحديد الخام الذي يستخرج فيها منه نحو 35% من إجمالي الإنتاج العالمي (تنتج الولايات المتحدة الأمريكية منه نحو 62 مليون طن مقابل 37 مليون طن لكندا)، ويستثمر الحديد الخام في الولايات المتحدة الأمريكية من مكامن مكشوفة قرب البحيرة العليا التي تقدم ما يقرب من 85% من الإنتاج الكلي، ومن مكامن أخرى موزعة في ألابامة وميسوري، كما تنتج أمريكة الشمالية أكثر من 17 مليون طن من البوكسيت، تنتج منها جمايكة 12 مليون والباقي من ولايات أركنساس وألابامة وجورجية في الولايات المتحدة الأمريكية، يضاف إليها كميات كبيرة منه تُنتج من هاييتي ومن جمهورية الدومينيكان، وتنتج أمريكة الشمالية أكثر من خمسة ملايين طن من النحاس الذي يستخرج من يوتاه وأريزونة ومونتانة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا غير ما تنتجه كل من كندا والمكسيك وحدهما، كما تحتل أمريكة الشمالية المرتبة الأولى في العالم بإنتاج الفضة وخاصة من المكسيك وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، يضاف إليها كميات مهمة جداً من الذهب والمنغنيز والزئبق والتنغستين والرصاص المستخرج من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك وبنمة، وتنتج كميات مهمة جداً من النيكل والكوبالت في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وكوبة، والفوسفات الذي يستخرج من فلوريدة والبوتاسيوم المستخرج من كندا ومن ولايتي نيومكسيكو وتكساس في الولايات المتحدة الأمريكية، ويستخرج الكبريت من لويزيانة وتكساس ويستخرج الزنك من كندا، ويزيد معدل الإنتاج السنوي لأمريكة الشمالية من الأورانيوم على 13.600 طن موزعة بالتساوي بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية، وتستخدم هذه الكميات لإنتاج الطاقة الكهرذرية.
            ولوفرة المقومات الضرورية للصناعة (مصادر الطاقة والفلزات المعدنية والموارد الخام الزراعية والأيدي العاملة الخبيرة ورؤوس الأموال اللازمة الموظفة ضمن إطار من التقنية العالية) قامت في أمريكة الشمالية، ولاسيما في كندا والولايات المتحدة الأمريكية، أضخم المجمعات الصناعية المتكاملة في العالم، وخاصة في المنطقة الممتدة بين سان لوران والبحيرات العظمى والمسيسبي وأوهايو وعلى طول سواحل المحيط الأطلسي، يضاف إليها بعض المراكز الموزعة في جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، وقد قامت أنواع الصناعات المعروفة جميعها، وعلى رأسها الصناعات التحويلية والمعدنية الثقيلة التي تستقطب أكثر من 40% من إجمالي رؤوس الأموال الموظفة في القطاع الصناعي. ويزيد معدل الإنتاج السنوي لأمريكة الشمالية من الفولاذ على 135 مليون طن موزعة على المكسيك (14 مليون طن) وكندا (15 مليون طن) والولايات المتحدة الأمريكية خاصة، كما ينتج في أمريكة الشمالية نحو 30% من الإنتاج العالمي من الحديد الصلب، وتتركز هذه الصناعات الثقيلة في منطقة البحيرات العظمى وفي بنسلفانية وألابامة وأوهايو، وهنالك، المحور الصناعي الممتد بين كويبك في الشمال الشرقي وويندسور في جنوب غربي كندا يضاف إليها نحو سبعة ملايين طن من الألمنيوم ومثلها من النحاس، وتتركز صناعتهما على السواحل الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية وفي جمايكة وكندا والمكسيك. وتتبوأ أمريكة الشمالية مكان الصدارة في العالم بإنتاج السيارات السياحية وصناعتها بمعدل يزيد على 15مليون سيارة سياحية، وأكثر من خمسة ملايين حافلة لنقل الركاب، ومثلها من الشاحنات الضخمة للنقل عبر القارات سنوياً. علماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تمتلك أكثر من ثلث عدد السيارات الإجمالي في العالم، كما أن كل 1000 شخص في أمريكة الأنغلوسكسونية يمتلكون أكثر من530 سيارة، وينخفض الرقم انخفاضاً ملحوظاً في بقية أنحاء أمريكة الشمالية.
            وتحتل أمريكة الشمالية أيضاً المرتبة الأولى في العالم بإنتاج طائرات نقل الركاب، بمعدل إنتاج شهري يتجاوز 50 طائرة، وخاصة من نوع بوينغ ذات الشهرة العالمية، ويتم إنتاجها في مصانع ضخمة، تستخدم أكثر من مليوني عامل ومهندس وباحث علمي، وتتركز صناعتها في منطقة سياتل. وإلى جانب هذه الشركات، هنالك مجموعة أخرى متخصصة بصناعة الطائرات الحربية بأنواعها المختلفة، عدا شركات صناعة المركبات الفضائية، وأهمها: شركة ماكدونالد - ودوغلاس في سان لويس، وروكهيل ولوكهيد في منطقة لوس أنجلوس، ويونايتد إيركرافت في برايت، وويتلي وهارفورد. كما تزدهر صناعة السكك الحديدية والقطارات والبواخر والجرارات والمعدات الزراعية المختلفة، والولايات المتحدة الأمريكية متخصصة في هذه الصناعات الرئيسة، وتتوضع مراكزها الكبرى في كل من شيكاغو وأوهايو وبنسلفانية ولوس أنجلوس ونيويورك ونيوجرسي ومراكز كويبك ومونتريال وأوتاوة وأونتاريو وسيدني وسانت مارية وهاميلتون وسورِلْ وتورنتو وكيتشنر ولندن في كندا، كما أن الصناعات البتروكيمياوية وتكرير النفط الخام التي تطورت تطوراً ملحوظاً منذ عام 1950م تتوضع على طول السواحل الأمريكية، وفي المكسيك وكوبة وترينداد وتوباغو وكندا. أمّا أهم مراكز الصناعات الكيمياوية المختلفة ومنها الأدوية والمبيدات الحشرية، فإنها تتوضع في نيويورك وويلمنغتون وشيكاغو ودالاس وتكساس، وأما الأدوات والمعدات الكهربائية والأدوات الإلكترونية فتنتجها شركتا جنرال إلكتريك في فيلادلفية وجنرال ديناميك في نيويورك. وتنتج أمريكة الشمالية أكثر من ثلثي الإنتاج العالمي من الورق، كما تصنع فيها أنواع المنسوجات والصناعات الغذائية كافة، وخاصة حفظ اللحوم وتعليب الأسماك والجبن والألبان والزبدة والمشروبات المختلفة وحفظ الخضار والفواكه، والصناعات الخشبية، والإسمنت والزجاج وتصنيع التبغ، وصناعة إطارات السيارات، وقطع التبديل والسلاسل الحديدية التي تتركز صناعاتها في ديترويت وجنوبي ميتشغن وكليفلاند وأتلانتة وسان لويس، كما تضم أراضيها فروعاً لشركات فولكس فاكن الألمانية ورينو الفرنسية لصناعة السيارات، ومع ذلك فقد تمكنت اليابان من اقتحام سوق السيارات الأمريكية وباعت عام 1984م 30% من إجمالي مبيعات السيارات الأمريكية، مما اضطر شركة كرايزلر إلى إغلاق مجموعة من مصانعها وتسريح أكثر من 300000 عامل.
            2ـ الزراعة وتربية الحيوان: يعمل بهذا القطاع الإنتاجي ما يزيد على 50% من إجمالي القوى العاملة في دول أمريكة الوسطى وفي جزر الأنتيل مقابل 3% وسطياً في أمريكة الأنغلوسكسونية، مع وجود تباينات مهمة جداً في نسبة الأراضي الزراعية ونسب العاملين في القطاع الزراعي وحجم الإنتاج الزراعي ومعدلاته بين دول أمريكة الشمالية المختلفة (الجدول9).
            الدول نسبة الأراضي الزراعية إلى المساحة العام
            (1999) من دون مراعي
            نسبة العاملين في القطاع الزراعي بالموازنة مع إجمالي القوى العاملة (1999) المتوسط السنوي لإنتاج الحبوب المتوسط السنوي لإنتاج الدرنات
            الإنتاج 1000 طن متري المردود 1000 كغ/هكتار الإنتاج 1000 طن متري المردود 1000 كغ/هكتار
            بنمة 29 18% 275 1455 87 8549
            ترينداد وتـوبـاغــو 24 9.5% 8 2548 8 9391
            جمايكة 9 21% 13 2117 248 12222
            الدومينيك 22 4% - - 26 9792
            الدومينيكان 30 17% 563 3559 227 7708
            السلفادور 35 30% 640 1540 33 14145
            غواتيمالة 21 50% 1108 1541 53 4565
            كندا 5 3% 52450 2425 2972 26420
            كوبة 31 23% 562 2430 1020 6559
            كوستاريكة 11 20% 265 2094 56 7115
            المكسيك 13 24% 21484 1764 1081 14021
            نيكاراغوة 10 42% 486 1837 88 12097
            هاييتي 33 66% 475 1267 863 4190
            هندوراس 18 29% 517 1569 26 7461
            الولايــــات المتحدة الأمريكيـــة 45 2.7% 279122 4725 18050 32414
            الجدول (9) نسب الأراضي الزراعية والعاملين بالقطاع الزراعي وإنتاج الحبوب والدرنيات في دول أمريكة الشمالية
            إن تطبيق الأساليب العلمية الحديثة في الزراعة ووسائلها المستخدمة في الدول الأنغلوسكسونية، واستخدام الأسمدة، وتطبيق الدورات الزراعية، وانتقاء أصناف البذور الممتازة كل هذا يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإنتاج، وتَبوُّؤ الولايات المتحدة الأمريكية خاصة مكان الصدارة العالمية على الصعيد الزراعي. ومع الهجرة الريفية فإن مساحة الأراضي الزراعية فيها تزايدت إلى أن استقرت في حدود 40% من المساحة العامة، علماً بأن المساحة المزروعة في أمريكة الشمالية، عامة لا تتجاوز 20% من المساحة الإجمالية. وتتباين هنا طبيعة الإنتاج الزراعي وأساليبه، ودرجة الاعتماد على وسائل التقنية والبحث العلمي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا تنتشر المزارع الواسعة جداً، وبعد أن كان عدد المزارع في كندا مثلاً نحو 788600 مزرعة عام 1931م، تجمعت في مزارع أكبر لا يزيد عددها الحالي على 300000 مزرعة، وتناقصت أعداد المزارع في الولايات المتحدة الأمريكية من خمسة ملايين مزرعة عام 1950م إلى 2.4 مليون مزرعة اليوم، وتصل المساحة الوسطية لكل منها إلى نحو 150 هكتاراً، وهذا ما يساعد على انتشار أسلوب الزراعة الواسعة ذات المردود العالي. وتعود ملكية هذه المزارع إلى كبار الأسر المالكة، ويعد ثلثا المزارعين الأمريكيين من ملاّك الأراضي الواسعة، أمّا المزارع ذات المساحة الكبيرة في تكساس وكاليفورنية خاصة، فتعتمد على المزارعين المأجورين براتب شهري. وإلى الشرق من السهول العظمى، تميز مجموعة من المناطق الزراعية التي تتوالى من الشمال إلى الجنوب، ابتداءً من نطاق تسود فيه تربية الحيوانات وخاصة أبقار الحليب. أمّا القطاع الممتد بين مينسوتة ونيوإنكلند فهو نطاق زراعة الذرة وفول الصويا، في حين أن زراعة القطن والشوندر تسود بين أيوا وأوهايو، وعباد الشمس في جورجية وتكساس والرز في أقصى الجنوب الذي تجود فيه زراعة قصب السكر أيضاً (لويزيانة وتكساس)، والخضار في فلوريدة، والنباتات العلفية في فلوريدة وتكساس ووينتر. أما المناطق نصف الجافة من السهول العظمى والهضاب الداخلية فتشتهر بحرفة تربية الحيوان (أبقار وأغنام) وزراعة القمح القاسي، ويساعد الري واستخدام الأسمدة على زيادة المردود الإنتاجي ولاسيما في مناطق الواحات (سولت ليك سيتي، فيونكس) حيث يزرع القمح والفواكه والشوندر السكري. في حين تعاني دول أمريكة الوسطى وجزر الأنتيل عامة، مشاكل البؤس والفقر التي تنعكس سلباً على القطاع الزراعي في مزارع صغيرة أو في مزارع متوسطة يمتلكها كبار الإقطاعيين، ولا تطبق هنا الوسائل العلمية إلا في المزارع التي يمتلكها الإقطاعيون الكبار. ففي المكسيك مثلاً هنالك نحو 31 مليون هكتار يمتلكها 200 إقطاعي فقط معظمهم من الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تفلح محاولات الحكومة المكسيكية في انتهاج سياسة إصلاح زراعي، على تحسين الأحوال الزراعية، بسبب مقاومة كبار الملاك لسياسة الإصلاح هذه. وعلى الرغم من ذلك فقد قامت الحكومة بإعادة توزيع 25 مليون هكتار على مليوني مزارع، وعلى الرغم من ذلك فإن القطاع الزراعي هنا يعاني ضعف المردود الإنتاجي عموماً على خلاف نظيره في أمريكة الأنغلوسكسونية. وتحتل الذرة الصفراء رأس قائمة المحاصيل الزراعية في أمريكة الشمالية بمعدل إنتاج سنوي يزيد على 235 مليون طن، أما معدل إنتاج القمح فإنه يتجاوز 125 مليون طن كما تنتج كميات مماثلة من الشعير والشوفان.
            وتأتي أمريكة الشمالية في المرتبة الأولى من دول العالم بإنتاج الخضار المختلفة بمعدل إنتاج سنوي يزيد على 30 مليون طن، يضاف إليها أصناف الفواكه المدارية والبن وقصب السكر الذي ينتج خاصة في جزر الكاريبي وفي أمريكة الوسطى وجنوبي الولايات المتحدة الأمريكية، كما تنتج كميات كبيرة من فول الصويا والتبغ والشوندر السكري. وتأتي أمريكة الشمالية في المرتبة الثانية عالمياً بإنتاج القطن، إضافة إلى إنتاج 30 مليون طن من الرز، منها نحو 8 ملايين طن لكوبة وحدها، يضاف إلى ما تقدم، كميات مهمة جداً من المطاط والفاصولياء والمانغا والأفوكادو.
            أمّا تربية الحيوان، فإنها تسهم عملياً بثلث الدخل الزراعي، والقطيع الحيواني في أمريكة الشمالية كبير جداً.
            وعلى هذا تصل أعداد الأبقار في أمريكة الشمالية إلى أكثر من 165 مليون رأس منها 102 مليون رأس في الولايات المتحدة الأمريكية المتخصصة بتربية أبقار الحليب خاصة. على خلاف كندا المتخصصة بتربية أبقار اللحم. أمّا قطيع الأغنام فإنه يزيد على 181.2 مليون رأس (57.03% منها للولايات المتحدة الأمريكية مقابل 32% للمكسيك و3.8% لكندا)، أما قطيع الخنازير فتصل أعداده إلى أكثر من 92 مليون رأس تربى في مناطق زراعة الذرة خاصة، كما تسهم موارد الصيد البحري والنهري بنصيب وافر في الدخل القومي، ويزيد الإنتاج السنوي على 7.5 مليون طن تنتج الولايات المتحدة وحدها 3.5 مليون طن من الأسماك المختلفة، ويأتي 56% من الإنتاج الأمريكي من ولايتي لويزيانة وكاليفورنية، وأهم الأنواع هي: أسماك الطون والسلمون والقواقع المختلفة، وتتراجع حرفة الصيد المائي تدريجياً نظراً للتلوث الكبير الذي تعانيه مصائد الأسماك الأمريكية، أمّا معدل الإنتاج السنوي من الأسماك في كندا فإنه يصل إلى نحو مليوني طن.
            وتستغل الثروة الغابية في أمريكة الشمالية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، استغلالاً منظماً، ويزيد المعدل السنوي لإنتاج الأخشاب المختلفة على560 مليون م3، وقد قامت صناعات خشبية راقية اعتماداً على هذه الثروة الخشبية، لغابات المناطق الشمالية الشرقية والشمالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد استُعيض عنها اليوم بغابات سلاسل الكاسكاد وسييرانيفادا وجبال روكي التي تقدم نحو 58% من إجمالي إنتاج الأخشاب في الولايات المتحدة الأمريكية. أما غابات الأبالاش وجورجية وألابامة ولويزيانة وأركنساس فإنها تقدم نحو 33% من حجم الإنتاج الكلي من أخشاب الولايات المتحدة الأمريكية.
            3 - التجارة والمواصلات: لقد قامت شبكة المواصلات الكثيفة في أمريكة الشمالية وخاصة على طول سواحل المحيط الأطلسي، بدور جوهري في استغلال الموارد الطبيعية على أكمل وجه. وقد تمّ تنظيم خطوط شبكة المواصلات بأنواعها المختلفة بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية، حتى إن كندا تجري نحو 70% من إجمالي تجارتها مع الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق شبكة من الخطوط الحديدية ومن طرق السيارات الحسنة، وخطوط الملاحة المائية، كما أن خطوط الطيران كثيرة جداً. قد حلت مشكلة المواصلات في كندا بإنشاء شبكة معقدة من خطوط السكك الحديدية العابرة للقارة، وشبكة من طرق السيارات امتدت حتى المناطق التي ظلت عسيرة الاجتياز ردحاً طويلاً من الزمن (يوكون - ماكِنزي - أنغافة) وعززت فيما بعد بخطوط الملاحة البحرية التي تغطي أنحاء أمريكة الشمالية كافة. ويتم نحو 15% من تجارة كندا الخارجية مع دول أوربة الغربية مقابل 8% لليابان، معتمدة في تجارتها هذه على أسطول تجاري بحري تزيد حمولته السنوية على 3.2 ملايين طن، وأهم موانئها: فانكوفر الذي يتصل بأنحاء العالم كافة، أمّا الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تضم أعقد شبكة مواصلات وأكثرها كثافة في العالم. وتتألف هذه الشبكة من 80000كم من الأوتوسترادات، ونحو ستة ملايين كيلو متر من طرق السيارات التي لا تقل جودة عن الأوتوسترادات، وتستخدم هذه الشبكة إضافة إلى السيارات السياحية أكثر من 100 مليون شاحنة لنقل البضائع، كما أن أراضيها تضم نحو 350000كم من خطوط السكك الحديدية التي تضم شبكة خاصة لتسيير القطارات السريعة جداً (أكثر من 250كم/سا) التي بدأت تنافس الطائرات. ومع ذلك تبقى شركات الطيران مسؤولة عن توفير وسائل النقل الرئيسة، ويستخدم المسافرون الطائرات أكثر من استخدامهم للقطارات والسيارات العادية، وتضم الولايات المتحدة الأمريكية وحدها أكثر من 12000 مطار، أمّا حمولة أسطولها التجاري، فإنها تزيد على 350 مليون طن سنوياً، وأهم موانئها هي نيوأورليانز وهوستون وفيلادلفية ونيويورك ولوس أنجلوس. كما تضم أراضيها شبكة ممتازة النوعية من أنابيب نقل النفط الخام والغاز الطبيعي، أمّا الشبكات البرية في بقية دول أمريكة الشمالية فهي أقل تطوراً وكثافة مقارنة بكثير من الشبكات الأنغلوسكسونية.
            ولا تسهم التجارة الخارجية بأكثر من 7% من إجمالي الدخل في أمريكة الشمالية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن موارد السياحة والمشورات العلمية التي تقدمها مع غيرها من الخدمات المصرفية المقدمة عبر شبكة من المصارف يصل عددها إلى نحو 15000 مصرف تقدم دخولاً بالغة الأهمية. ولأمريكة الشمالية علاقات تجارية مع دول العالم كافة، وخاصة مع اليابان وأُسترالية ودول أوربة الغربية والكيان الإسرائيلي، ودول جنوب شرقي آسيا، ودول أمريكة الجنوبية، كما كانت لها علاقات وثيقة مع الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان يعد سوقاً مهمة لتصريف الحبوب الفائضة عن الاستهلاك في أمريكة الشمالية. ويأتي النفط الخام والموارد الزراعية والخضار والفواكه المدارية والفلزات المعدنية في طليعة واردات القارة الأمريكية، في حين تقوم أمريكة الأنغلوسكسونية بتصدير الحبوب والآلات والمعدات والأدوات المعدنية الثقيلة والسيارات والطائرات واللحوم والمنتجات الحيوانية المختلفة، والأسلحة والمعدات الإلكترونية، والأدوات الكهربائية والورق. وتقوم دول أمريكة الوسطى وجزر البحر الكاريبي باستيراد هذه المواد، وبتصدير المحاصيل المدارية وعلى رأسها البن والموز والقطن وقصب السكر.
            قيمة الصادرات قيمة الواردات
            الـــدول مقدرة بملايين الدولارات
            (1997)
            مقدرة بملايين الدولارات
            (1997)
            بنمة 6676 7377
            ترينداد وتوباغو 2427 3037
            جمايكة 1397 3104
            الدومينيك 139 363
            الدومينيكان 889 4897
            السلفادور 2430 4037
            غواتيمالة 2562 4651
            كندا 323000 304000
            كوبة 2015 3205
            كوستاريكة 5511 6233
            المكسيك 118000 125000
            نيكاراغوة 746 1421
            هاييتي 195.5 706.6
            هندوراس (1) 1600 2700
            الولايات المتحدة الأمريكية 663000 912000
            الجدول (10) القيم الإجمالي للصادرات والواردات لدول أمريكة الشمالية
            والميزان التجاري لدول أمريكة الشمالية خاسر عموماً (الجدول10)
            وتسد الولايات المتحدة الأمريكية عجزها، من الدخل الكبير لخدماتها المصرفية الآنفة الذكر، ومن عائدات استثمارات رؤوس أموالها في مشاريع مختلفة في أنحاء العالم كافة، حيث تسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على مقدرات الحياة الاقتصادية في أنحاء واسعة من الكرة الأرضية، وخاصة في دول أمريكة الوسطى وجزر البحر الكاريبي. ولهذا السبب فإن ميزان المدفوعات فيها عاجز مع أن ميزانها التجاري رابح باستمرار عملياً، ولهذا السبب أيضاً فإن ميزانيات دول أمريكة الوسطى والبحر الكاريبي، ترزح تحت وطأة الديون الخارجية وفوائدها العالية، والجدول 11 يبين حجم تطور الديون الخارجية المترتبة على بعض دول أمريكة الشمالية.
            ديـون عـام 1975 ديـون عـام 1997م
            الـــدول مقدرة بملايين الدولارات مقدرة بملايين الدولارات
            بنمة 1187 6338
            الدومينيكان 506 4239
            السلفادور 391 3282
            غواتيمالة 314 4086
            كوستاريكة 663 3548
            المكسيك 17265 149690
            نيكاراغوة 735 5677
            هاييتي 79 1057
            هندوراس 431 4698
            الجدول (11) الديون الخارجية المترتبة على بعض دول أمريكة الشمالية
            4ـ مشاكل تلوث البيئة: وهي ناجمة عن التطور الصناعي الملحوظ خاصة، وعن وجود مئات الآلاف من المصانع التي تطلق غازات سامّة، إلى جانب فضلات الاحتراق التي تلوث الغلاف الغازي. يضاف إلى ذلك مخاطر التلوث النووي الناجم عن تعدد المفاعلات النووية، ومراكز توليد الطاقة الكهرذريّة ومصانع الأسلحة النووية والجرثومية، التي تصطدم باستمرار بمقاومة عنيفة من مجموعات «الخضر» من أصدقاء الطبيعة.
            ويضاف إلى ما سبق نواتج احتراق وقود المنازل ومئات الملايين من السيارات بأنواعها المختلفة مما يؤدي إلى تزايد نسبة غازي أول وثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت، وهي غازات مسؤولة عن تزايد معدل حموضة الأمطار الهاطلة؛ وتسبب أضراراً بالغة للغطاء النباتي كما أن الازدحام السكاني الكبير في المدن الضخمة يسهم بدور كبير في تلوث البيئة، وتسهم أمريكة الشمالية عموماً بنحو ثلث التلوث العالمي للبيئة، وهذا ما ينعكس سلباً على الصعيد البيئي عموماً، وعلى صعيد الصحة العامة خصوصاً، وهذا ما يضطر الحكومتين الأمريكية والكندية إلى تخصيص نفقات طائلة ومتزايدة باستمرار لمعالجة الأمراض الناجمة عن هذا التلوث، وعلى رأسها السرطانات بأنواعها المختلفة كسرطان الجهاز التنفسي وسرطانات الدم.
            التطورات السياسية والاجتماعية
            تضم أمريكة الشمالية، مجموعة من الدول المستقلة، ومن الجزر المتفاوتة المساحة التي تكوِّن مقاطعات وأقاليم تابعة لبعض دول أوربة الغربية (الجدول12).
            وتتباين الأوضاع بشدة ضمن مجموعة الدول الآنفة الذكر، إذ بلغت كندا والولايات المتحدة الأمريكية درجة عالية من التطور فيما يتعلق بنمو رأسمالية الدولة الاحتكارية على المستوى العالمي، وتتدخل الدولة هنا في جميع مرافق الحياة الاقتصادية، وتسهم في تخطيط الإنتاج وبرمجة تركيبه وبنيته وتوزيعه. ومع ذلك تتحكم أقلية سكانية ضئيلة في المقدرات الاقتصادية لهذين البلدين؛ إذ تستغل 250 أسرة أمريكية فقط من أصحاب المليارات مثلاً جهود الملايين من العمال والموظفين وصغار المزارعين، وهذه الطبقة عاجزة أحياناً عن توفير نفقات السكن والتعليم والخدمات الضرورية، لهذا ترتفع نسبة الجرائم وتعاطي المخدرات ولاسيما بين الزنوج الذين مازالوا يعانون مشاكل التفرقة العنصرية في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد العصابات المسلحة التي تسعى إلى الثراء السريع وغير المشروع عن طريق السلب والنهب، والقتل وتهريب المخدرات وتجارة الأسلحة، متحدية سلطات الأمن المركزية. كما تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية صراحة في السياسة الداخلية للغالبية العظمى من دول العالم الثالث، ولاسيما في أمريكة الوسطى والجنوبية، إذ تعد نفسها شرطياً مسؤولة عن حفظ الأمن وتوجيه دفة السياسة الاجتماعية والاقتصادية لدول القارة بكاملها، ولقد تزايد نفوذها بعد انهيار الكتلة الاشتراكية وانفراط عقد الاتحاد السوفييتي، وغدت تنفذ ما تريد. ومقابل الثراء الفاحش في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، تعيش مجموعة دول أمريكة الوسطى والبحر الكاريبي في فقر مدقع، رازحة تحت ضغط الديون الخارجية، ولاسيما الأمريكية، وتعاني أشكال السيطرة الرأسمالية على مقدراتها جميعاً، وهذا ما حدا ببعض دول المنطقة للقيام بثورات تحررية، وانتهاج الخط الاشتراكي طريقاً للخلاص من الهيمنة الأمريكية، يضاف إلى ذلك أن مجموعة الدول الخمس التي تشكل أمريكة الوسطى، قررت بعيد الحرب العالمية الثانية إنشاء أو تأسيس نوع من الاتحاد الاقتصادي والجمركي يسمح بحرية حركة المنتجات فيها من دولة إلى أخرى، واتفقت على إعطاء الأولوية في الحركة التجارية للمواد والمصنوعات والمنتجات ضمن مجموعة الدول هذه، التي تهدف إلى سد حاجات السوق المحلية بالدرجة الأولى، بعيداً عن سياسة الاحتكارات الامبريالية، وفي عام 1959م تمَّ الاتفاق على توحيد التعرفة الجمركية للبضائع المستوردة من خارج أمريكة الوسطى، وفي عام 1960 أُعلن تحويل سوق التبادل الحر التي تمّ الاتفاق عليها عام 1958 إلى سوق مشتركة لدول أمريكة الوسطى، مما يسمح بتنقل رؤوس الأموال والبضائع المختلفة، كما تم تأسيس مجلس اقتصادي يتألف من وزراء الاقتصاد والتجارة، يشرف في الوقت نفسه على الشؤون المصرفية وعلى قضايا النقد فيها، وقد أدت هذه الاتفاقيات إلى قيام مجموعة من المؤسسات ذات المنفعة الإقليمية، وعلى رأسها المعهد الإداري العالي ومركزه سان خوزيه في كوستاريكة، والمعهد التقني الصناعي ومركزه في غواتيمالة، ومصرف تطوير أمريكة الوسطى ومركزه في السلفادور، كما وجهت الجهود مؤخراً لتطوير شبكة نقل ومواصلات تربط بين مجموعة الدول المذكورة، وقد أدت هذه الجهود بمجملها إلى مضاعفة معدلات النمو الاقتصادي أو وتائره بين عامي 1950و1960م، ولكن المشاكل الإقليمية الناجمة عن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في السبعينات وما سببه ذلك من حروب إقليمية في المنطقة، أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية من جديد.
            وتنفرد كوبة في المنطقة بانتهاج نظام اشتراكي ذي أسس متينة، تمكنت من إرسائها، ومن بناء قواعد اقتصادها وكيانها الوطني بفضل المساعدات الضخمة التي تلقتها من منظومة الدول الاشتراكية ومن الاتحاد السوفييتي، وتمكنت الدولة الفتية من بناء اقتصاد متين، ومن إلغاء الفروق الطبقية والعرقية، ومن استغلال عقلاني للموارد الاقتصادية للجزيرة، وذلك على الرغم من الضغوط الهائلة والصعوبات الضخمة التي عانت منها نتيجة للحصار الاقتصادي الذي فرضته عليها الولايات المتحدة الأمريكية. وتنعكس الأوضاع الاقتصادية المتباينة في دول أمريكة الشمالية على نسب المتعلمين من سكانها وعلى نسب امتلاك أجهزة الرفاه ووسائله، كأجهزة الهاتف وعدد الصحف اليومية ومعدلات توزيعها وعلى عدد محطات البث الإذاعي والتلفزيوني وعلى نسب امتلاك أجهزة الراديو والتلفزيون وغير ذلك.
            الدول والجزر والمحافظات نظـام الحكـم العاصمـة تاريخ الاسـتقلال تاريخ الانتساب إلى الأمم المتحدة
            أروَبةْ جزء من الأنتيل الهولندية ويلمستاد احتُلَّت منذ 29/12/1954
            أنتيغوة ـ بربودة عضو في الكومنولث البريطاني سان جونز 1/11/1981 1981
            الأنتيل الهولندية جزء من هولندة ويلمستاد احتُلَّت منذ 29/12/1954
            أنغويلة تابعة للمملكة المتحدة فالي منذ 1/4/1982
            بربادوس عضو في الكومنولث بريدج تاون 30/11/1966 1966
            برمودة مستعمرة إنكليزية هاملتون منذ 8/6/1968
            بنمة جمهوري بنمة سيتي 3/11/1903 1945
            البهامة عضو في كومنولث نسّاو 10/7/1973 1973
            بورتوريكو تابعة للولايات المتحدة الأمريكية سان خوان 25/7/1952
            بيلِيز الكومنولث البريطاني بيلموبان 21/9/1981 1981
            ترينداد وتوباغو جمهوري وعضو كومنولث بورت أوف سبين 31/8/1962 1962
            جمايكة كومنولث بريطاني كينغستون 6/8/1962 1962
            جمهورية دومينيكة جمهوري روسو 3/11/1978 1978
            الدومينيكان جمهوري سانت دومينيغو 27/2/1844 1945
            سان فانسان والغرينادنيز كومنولث بريطاني كينغستاون 27/10/1979 1980
            سان كيتس ـ نيفيس كومنولث بريطاني باس تير 19/9/1983 1983
            سانت لوسية كومنولث بريطاني كاستريس 22/2/1979 1979
            السلفادور جمهوري سان سلفادور 30/11/1841 1945
            غرنادة كومنولث بريطاني سانت جورج 7/2/1974 1974
            غرينلند تابعة للدنمارك غود تاب منذ 1/5/1979
            غواتيمالة جمهوري غواتيمالة سيتي 15/9/1821 1945
            غوادلوب محافظة فرنسية باس تير احتُلَّت منذ 19/3/1946
            الجزر العذراء مستعمرة إنكليزية رود تاون احتُلَّت منذ 1/6/1977
            الجزر العذراء مستعمرة أمريكية شارلوت أمالي
            كايمان مستعمرة إنكليزية منذ 22/8/1972
            كندا اتحادي (كومنولث بريطاني) أوتاوة 1/7/1867 1945
            كوبة جمهوري هافانة 20/5/1902 1945
            كوستاريكة جمهوري سان خوزيه 15/9/1821 1945
            مارتينيك محافظة فرنسية فورت دو فرانس منذ19/3/1946
            المكسيك جمهوري اتحادي مكسيكو سيتي 16/9/1810 1945
            نيكاراغوة جمهوري ماناغوة 30/4/1838 1945
            هاييتي جمهوري بورت أوبرنس 1/1/1804 1945
            هندوراس جمهوري تغسيغالبة 5/11/1838 1945
            الولايات المتحدة الأمريكية جمهوري اتحادي

            تعليق

            يعمل...
            X