انجيليه (كنيسه)
evangelical church - Eglise évangélique
الإنجيلية (الكنيسة ـ)
ظهر اسم الكنائس الإنجيلية Eglises évangéliques عقب حركة الإصلاح الديني[ر] وما بعد، وقد أطلق زعيم هذه الحركة مارتن لوثر[ر] على أتباعه دعاة الإصلاح لقب «جماعة الكنيسة المصلحة» التي تتمسك بتعاليم الإنجيل وتتبع تعاليم الكتاب المقدس وحده، وترفض كل ما أضيف إلى العقائد المسيحية التي كانت أيام الرسل.
ودعا أتباعها إلى انفصال المصلحين عن الكنيسة الكاثوليكية وانفرادهم بإنشاء كنيسة وصفت بأنها جديدة، لأنها أتت باتجاهات ومفهومات جديدة، وبأنها قديمة، لأنها تعود بعقائدها إلى نصوص الكتاب المقدس، وترفض ما يخالفه.
وعندما طالب مجمع سبيرس Spires الذي عقد في نيسان 1529م بإعادة العمل بمقررات مجمع فورمس Worms (1521م) الذي حكم على مارتن لوثر بالطرد من الكنيسة وعده مهرطقاً، وحرمانه، ومطاردة مؤيديه، تقدم ستة أمراء من رجال الإصلاح، ومعهم ممثلو أربع عشرة مقاطعة ألمانية، باحتجاج protest على تلك المقررات. فقوبل احتجاجهم باستخفاف، ودعي مقدموه «بروتستنت» أي: محتجين. وعمم الاسم بعد ذلك ليشمل جميع مخالفي الكنيسة الكاثوليكية في الغرب.
إلا أن المصلحين رفضوا التسمية منذ البدء ودعوا أتباعهم «إنجيليين» ثم صارت الإنجيلية مرادفة للبروتستنتية حتى زاحمتها وطغت عليها منذ عام 1817 لأن كلمة البروتستنتية تحمل معنى الاحتجاج والسلبية في حين يسعى المسيحيون اليوم نحو التفاهم والاتحاد والوحدة. وغالبية الكنائس اليوم باستثناء الكاثوليكية والأرثوذكسية «مستقيمي الرأي» تحمل اسم «إنجيلية» مقروناً بالصفة التي تميزها من غيرها من الكنائس من مثل: الإنجيلية المشيخية الوطنية والإنجيلية المعمدانية والإنجيلية اللوثرية وكنيسة الناصري الإنجيلية وغيرها.
العقيدة
اتجه الإنجيليون نحو فهم العقائد المسيحية على أنها البساطة والطهارة والتقوى. وتقوم مبادئهم في الدرجة الأولى على الأخذ بتعاليم الكتاب المقدس (الإنجيل)، ورفض أي سلطة روحية أرضية على الكنيسة. فالسيد والرئيس الأعلى للكنيسة هو يسوع المسيح.
وتستمد الإنجيلية عقائدها من الإنجيل المقدس وتلخص بما يلي:
ـ الكهنوت في الإنجيلية هو من حق جميع المؤمنين، والجميع مدعو لخدمة الكنيسة، وحمل رسالة الإنجيل إلى العالم. وذلك بممارسة مواهبهم الروحية، وحقهم في الإيمان. وواجبهم أن يشتركوا في العبادتين: الجماعية والفردية، والخلاص.
ـ الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، عند الإنجيليين، وحده مصدر السيادة والتشريع الروحي والعقائد، ومبادىء العبادة.
ـ تؤمن الكنيسة المسيحية بأن الإنسان خاطئ وهو بحاجة إلى الخلاص من دنس الخطيئة وشرورها، وقد علّمت الكنيسة أن الخلاص يتم بالنعمة والفداء وأعمال التقوى كزيارة الأماكن المقدسة، وممارسة بعض الفرائض والشعائر، كالصوم والصلوات، والنذور، والأسرار، وما شابه ذلك. ولكن مارتن لوثر أدرك أن الخلاص هبة سماوية، وأنّ الأعمال الصالحة ثمرة لتلك النعمة يأتيها المؤمن بحرية واستعداد وفرح، لا نتيجة ترغيب أو ترهيب. فأهمية العمل في النية الدافعة إلى أدائه، وعلى الإنسان أن يغير دوافعه ويصفي نياته أولاً لتأتي أعماله نقية نافعة.
الأسرار المقدسة
يعترف الإنجيليون بسرين فقط هما: المعمودية، والعشاء الرباني.
سر المعمودية: لم يحدد الكتاب طريقة خاصة لممارسة سر العماد، ولكن المسيحيين يختلفون في كيفية ممارسته. فمنهم من يمارس عماد أعضاء الكنيسة من الأعمار كافة وهم: الكاثوليك، والأرثوذكس، والإنجيليون الأنغليكان، واللوثريون، والكالفنيون وأتباعهم. ومنهم من يقصر العماد على البالغين بعد أن يعلنوا إيمانهم ويقدموا شهاداتهم أمام الكنيسة وهم: المعمدانيون ومن تفرع عنهم.
تكون ممارسة العماد، بالتغطيس الكامل في الماء عند الأرثوذكس والمعمدانيين، وبالرش أو المسح عند الباقين، وهناك فرق إنجيلية لا تهتم بالعماد المائي، ويتم طقس العماد عندهم بالإيمان بيسوع المسيح.
العشاء الرباني: تقوم ممارسة هذا السر على أربعة مبادئ أساسية هي:
ـ مبدأ الاستحالة: وتؤمن به الكنائس غير الإنجيلية ويتلخص هذا المبدأ بالاعتقاد بأن الخبز والخمر يستحيلان إلى جسد يسوع ذاته ودمه وذلك عندما يلفظ الكاهن الكلام الجوهري: «خذوا كلوا هذا هو جسدي الذي يكسر لأجلكم» (كورنثوس الأولى11: 24) وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: «اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي» (متى 26: 27- 28).
ـ مبدأ الحلول: وهو مبدأ إيمان اللوثريين وخلاصته: أن الخبز والخمر يحل بهما جسد يسوع ودمه بطريقة عجائبية بعد لفظ الكلام الجوهري، ويبقى الخبز خبزاً والخمر خمراً بدون استحالة. ولم يوضح لوثر ولا أتباعه الكيفية التي يحل بها جسد يسوع ودمه في الخبز والخمر.
ـ الحضور الإلهي الروحي: وهو رأي الكالفنيين المشيخيين القائل: إن روح الرب يحضر في الاجتماع الذي يمارس فيه سر القربان المقدس، ويبارك الخبز والخمر فيصبحان مقدسين ويبعدان عن كل استعمال مادي بسبب ذلك الحضور. وتحتفظ المادة بقوامها من دون استحالة ولا حلول.
ـ مبدأ الذكرى والتذكر رمزياً: وهو رأي زفنغلي Zwingli والكنائس المدققة «الراديكالية". فممارسة العشاء الرباني عندهم عمل يذكر بتجسد يسوع وصلبه وموته وقيامته وانتظار مجيئه الثاني.
وهناك من لا يتقيد بممارسة هذه الأسرار مثل: اتحاد الأصدقاء الإنجيليين الذين يرون أن لا ضرورة تدعو لذلك ويكتفون بالاشتراك الروحي.
الطقوس والعبادات
ـ الوعظ: يحتل الوعظ القسم الأكبر من طقس العبادة عند الإنجيليين كافة، وتستقى موضوعاته من الكتاب المقدس بعهديه. وقد يستعين الواعظ بأقوال الحكماء والأدباء. ويجب أن يكون الوعظ باللغة المعروفة عند المؤمنين .
ـ الترنيم: نظم الإنجيليون - ومارتن لوثر خاصة - أشعاراً تلحن وأنشدوها في عباداتهم فحلت هذه الترانيم مكان الألحان الغريغورية والبيزنطية، واحتفظت الكنيسة الأنغلكانية وبعض اللوثريين بشيء من الصلوات المكتوبة تمثلت في كتاب التعليم المسيحي للوثر ونسج كثيرون على منواله.
كذلك اهتم الإنجيليون بالموسيقى، وقلما توجد كنيسة إنجيلية من دون آلة أو آلات موسيقية. يضاف إلى الترانيم التي ينشدها الجمهور بعض القراءات المختارة من الكتاب المقدس - المزامير - قوانين الإيمان - الصلاة الربانية - اعترافات وابتهالات مكتوبة.
وتمارس في مناسبات الجناز والعماد والزواج والأعياد طقوس خاصة. تحمل جميعها طابع البساطة والتقوى من دون الزينات.
أما ألبسة القسس فلا تختلف عن عامة الناس وبعضهم يحتفظ بطوق خاص يميزه، وبعض الفرق لا تؤيد ذلك.
وقد ألغت الإنجيلية نظام الرهبنة والرتب الكهنوتية، وسمحت للقسس بالزواج، وجميع المؤمنين أعضاء عاملون في كيان الكنيسة، وتسند الرعاية الروحية إلى أشخاص مؤهلين ثقافياً ولاهوتياً، ولهم شهادة حسنة من الجماعة، وهم موظفون لخدمة الكنيسة والرعية، ويعاونهم في العادة مجلس شمامسه «عمدة» يقومون بتدبير الأمور المادية والإدارية في الكنيسة، لكي يتفرغ الرؤساء الروحيون «القسس» للوعظ والإرشاد والزيارات الرعوية.
تعليق