الفصل الثامن
التفكير المفرق والتفكير المجمع
الذكاء والإبداع.
المعتبر صفة إن واحداً من الأمور التي أشغلت علماء النفس الذين تأثروا بما قال به ( غيلفورد ) ، ولكنهم لم يقتنعوا به تمام الاقتناع ، هو : هل الذكاء والإبداع صفتان متمايزتان ، أم هل يشمل مفهوم الذكاء ، موحدة ، ظاهرة الإبداع في ثناياه الواسعة ؟ وبما ان الذكاء قيس ، أكثر ما قيس ، بروائز مجمعة باستثناء بعض الاختبارات الثانوية في مقياس ( بينه ) فإن السؤال يمكن أن ينحل الى ما يلي : هل الاختبارات المجمعة والاختبارات المفرقة تقيس صفات متمايزة ؟ إن لهذا السؤال أهمية عملية لا سيما اذا كان حاصل الذكاء الذي يحصل عليه الانسان وبالتالي موقعه من جماعته أو انتسابه الى بعض المهن - يتوقف على إنجازه في الاختبارات المجمعة فقط . لقد استعملت طريقة التحليل العاملي لاكتشاف ما اذا كانت الاختبارات المجمعة والمفرقة تميل الى التجمع حول العديد من العوامل المختلفة ومن الممكن أيضاً أن نقارن مقدار الترابطات فيما بين الاختبارات المفرقة وفيما بين الاختبارات المجمعة بصورة منفصلة نقارنها الترابط بين الاختبارات المجمعة والمفرقة. فإذا كان هذان النوعان من الاختبارات يكونان مجالين منفصلين فإن الترابط بينها يجب أن يكون أدنى بكثير من الترابطات ضمن كل بطارية من مع حجم الاختبارات .
إن أحد أشهر البحوث التي حاولت أن تبرهن على استقلال مجال الإبداع عن مجال الذكاء هو البحث الذي قام بــه ( غتزلس وجاكسون Getzels and Jackson ) عام ١٩٦٢ . لقد أخذ هذان الباحثان عينتهم طلاباً من مدرسة خاصة في شيكاغو ومن أبناء الطبقة الوسطى والبيوت المهنية الذين كان حاصل ذكائهم المتوسط ۱۳۲ . وقد قاما بمقارنة فريقين متضادين : فريق ( أعلى الدنيئين High - Lows ) الذين جاءوا في أعلى العشرين بالمائة في حاصل الذكاء ( مبدعين عالين ) ، وفريق ( أدنى الأعلين Low Highs ) الذين جاءوا في عداد العشرين بالمائة الأعلى في حاصل الذكاء ولكن ليس في التفكير المفرق ( حاصل ذكاء عالي ) . ولقد كان من بين التضاد المعجب الذي وجده المجربان بين هذين الفريقين أموراً سنشير اليها فيما بعد. ثم ان المجربين حسبا الترابط بين قياسات الإبداع فيما بينها ومع حاصلات الذكاء مستعملين عينتها بكاملها من أجل . لقد كان متوسط الترابطات بين الاختبارات المفرقة المفردة و حاصل الذكاء ٠,٢٦ فقط من أجل الصبيان ولكن الترابطات بين الاختبارات المفرقة نفسها لم تكن أعلى بكثير اذ كان متوسطها ۲۸انية لقد نقدت هذه الدراسة نقداً قاسياً وبشيء من الحق وذلك لأنه أولاً لم تكن عينتهما ممثلة وثانياً لأنهما اختارا من هذه العينة ومن أجل الدراسة المفصلة أقلية من الحالات القصوى تاركين خارج الحساب الأكثرية التي كانت ستشتمل على ( أعلى الأعلين High Highs ) . انه من الصعب أن نذكر في بعض الأحيان من ان الفريق المسمى ( دنيء Low ) في الذكاء كان حاصل ذكائه المتوسط ۱۲۷ .
واقد وجد ( هدسون Hudson ) من انكلترا ترابطات بين اختباراته المجمعة واختباراته المفرقة مشابهة لما وجده ( غنزلس وجاكسون ) وقد كون أيضاً فريقين متضادين بصورة موازية ولكنه بني تمييزه على انجاه ما سجله كل مجرب عليه ( أي أنه فرق بين أصحاب التفك المفرق أصحاب التفكير المجمع العالي نسبياً ) أكثر مما فرق على أساس من مستوى مطلق ( هدسون ١٩٦٦ ) . وهو بتسمية فريقيه : فريق المجمعين وفريق المفرقين عالج مشكلات أقل مما عالجه (غتزلس وجاكسون) حين اهتما بالمبدعين ( العالين ) والمبدعين ( الدنيئين ) .
وقد أعاد ( حسن بوتشر Hasan Butcher ) عام ١٩٦٨ إجراء جزء من دراسة ( غتزلس وجاكسون ) وذلك في اسكتلندا وأجرى تجربته على عينة غير مختارة فوجد ترابطات أعلى بين الاختبارات المفرقة وحاصل الذكاء حتى انه قال بأن الاختبارات المفرقة لا يمكن تمييزها إلا بصعوبة عن الاختبارات المجمعة . ورغماً عن ذلك فإن معظم الباحثين الذين يستعملون طريقة التحليل العاملي تمكنوا في الواقع من إيجاد عامل أو أكثر تتجمع حوله الاختبارات المفرقة وبصورة منفصلة عن عامل مجمع (كروبلي Cropley عام ١٩٦٦ ، وفرنون Vernon عام ١٩٦٧ ، وداسي ورفاقه Dacey عام ١٩٦٩ ) . ولكنهم في نفس الوقت لاحظوا جميعهم ترابطات ذات معنى بين الاختبارات المجمعة والاختبارات المفرقة ولم يعتبروا ان النوعين من العوامل كانا مستقلين تماماً واحدهما عن الآخر .
وفي عام ١٩٦٥ ابتكر ( والاش و كوغان Wallach and Kogan ) طريقة جديدة لمقاربة الأمر برمته . لقد انطلقا من الأمر المقبول عموماً بالنسبة لمستوى الارتباطات بين الاختبارات المفرقة والمجمعة فاقترحا ان هذا الأمر قد يكون مردوداً الى الجو الامتحاني والتوتر الذي يسود اجراء الاختبارات ، ولذلك فقد عمدا إلى إزالة جو التقدير وضغط الوقت الذي يسود قياس الانجاز وتطبيق روائز الذكاء وأخفيا اختباراتهما تحت ستار ( الألعاب ) وطلبا الى معلم الصف أن يعطي هذه ( الألعاب ) الى التلاميذ وفي أثناء وقت الدرس . وقد كانت الاختبارات اختبارات طلاقة فكرية واختبارات أفكار وحيدة من نوعها Uniqueness of Ideas ولقد جاءت . النتائج مدهشة : لقد كان متوسط الارتباط بين الاختبارات المفرقة ٠,٤٠، وبين قياسات الذكاء وقياسات الانجاز ٠,٥٠ كما كان الترابط المتوسط بين هاتين المجموعتين من الاختبارات ۰٫۱۰ . وهكذا فإن هذين العالمين أقرا وجود التفكير المفرق .
هذا وقد افترض انه فوق مستوى معين للقابلية ولنقل حاصل ذكاء قدره (۱۲۰) - لا تعود الكفايات المبدعة متوقفة على أية زيادة في حاصل الذكاء وان التفكير المفرق والتفكير المجمع فوق هذا المستوى يكونان منفصلين أحدهما عن الآخر . بيد انه في غياب مقدار معين من الذكاء العام لا يمكن حدوث الإبداع .
ما معنى هذا كله ؟ يقترح ( هدسون ) عام ١٩٦٨ ان الترابط الدنيء بين الاختبارات المفرقة يمكن تفسيره بميل المفرقين إلى أن يكونوا أكثر إرادة وحساسية وتذبذباً في جهدهم الذي يبذلونه في المهام المفرقة. والفروق بين المفرقين والمجمعين في المسائل التي لا تتصل بالاختبارات ، من مثل الشخصية أو الخلفية البيتية، تميل الى توكيد حقيقة التمييز بينها . والخلاصة فإنه بالرغم من ان التفكيرين المجمع والمفرق يتداخلان بوضوح فإن الدلائل تؤكد وجود منطقة للتفكير المفرق ، منفصلة عن اختبارات الذكاء المتفق عليها . وهذا ما تظهره العوامل المتمايزة. وقد يكون من المفيد أن نفكر فيهما كأسلوبين مختلفين من أساليب التفكير أو كوجهين متكاملين من القابلية العقلية حين ننظر اليها نظرة واسعة .
التفكير المفرق والتفكير المجمع
الذكاء والإبداع.
المعتبر صفة إن واحداً من الأمور التي أشغلت علماء النفس الذين تأثروا بما قال به ( غيلفورد ) ، ولكنهم لم يقتنعوا به تمام الاقتناع ، هو : هل الذكاء والإبداع صفتان متمايزتان ، أم هل يشمل مفهوم الذكاء ، موحدة ، ظاهرة الإبداع في ثناياه الواسعة ؟ وبما ان الذكاء قيس ، أكثر ما قيس ، بروائز مجمعة باستثناء بعض الاختبارات الثانوية في مقياس ( بينه ) فإن السؤال يمكن أن ينحل الى ما يلي : هل الاختبارات المجمعة والاختبارات المفرقة تقيس صفات متمايزة ؟ إن لهذا السؤال أهمية عملية لا سيما اذا كان حاصل الذكاء الذي يحصل عليه الانسان وبالتالي موقعه من جماعته أو انتسابه الى بعض المهن - يتوقف على إنجازه في الاختبارات المجمعة فقط . لقد استعملت طريقة التحليل العاملي لاكتشاف ما اذا كانت الاختبارات المجمعة والمفرقة تميل الى التجمع حول العديد من العوامل المختلفة ومن الممكن أيضاً أن نقارن مقدار الترابطات فيما بين الاختبارات المفرقة وفيما بين الاختبارات المجمعة بصورة منفصلة نقارنها الترابط بين الاختبارات المجمعة والمفرقة. فإذا كان هذان النوعان من الاختبارات يكونان مجالين منفصلين فإن الترابط بينها يجب أن يكون أدنى بكثير من الترابطات ضمن كل بطارية من مع حجم الاختبارات .
إن أحد أشهر البحوث التي حاولت أن تبرهن على استقلال مجال الإبداع عن مجال الذكاء هو البحث الذي قام بــه ( غتزلس وجاكسون Getzels and Jackson ) عام ١٩٦٢ . لقد أخذ هذان الباحثان عينتهم طلاباً من مدرسة خاصة في شيكاغو ومن أبناء الطبقة الوسطى والبيوت المهنية الذين كان حاصل ذكائهم المتوسط ۱۳۲ . وقد قاما بمقارنة فريقين متضادين : فريق ( أعلى الدنيئين High - Lows ) الذين جاءوا في أعلى العشرين بالمائة في حاصل الذكاء ( مبدعين عالين ) ، وفريق ( أدنى الأعلين Low Highs ) الذين جاءوا في عداد العشرين بالمائة الأعلى في حاصل الذكاء ولكن ليس في التفكير المفرق ( حاصل ذكاء عالي ) . ولقد كان من بين التضاد المعجب الذي وجده المجربان بين هذين الفريقين أموراً سنشير اليها فيما بعد. ثم ان المجربين حسبا الترابط بين قياسات الإبداع فيما بينها ومع حاصلات الذكاء مستعملين عينتها بكاملها من أجل . لقد كان متوسط الترابطات بين الاختبارات المفرقة المفردة و حاصل الذكاء ٠,٢٦ فقط من أجل الصبيان ولكن الترابطات بين الاختبارات المفرقة نفسها لم تكن أعلى بكثير اذ كان متوسطها ۲۸انية لقد نقدت هذه الدراسة نقداً قاسياً وبشيء من الحق وذلك لأنه أولاً لم تكن عينتهما ممثلة وثانياً لأنهما اختارا من هذه العينة ومن أجل الدراسة المفصلة أقلية من الحالات القصوى تاركين خارج الحساب الأكثرية التي كانت ستشتمل على ( أعلى الأعلين High Highs ) . انه من الصعب أن نذكر في بعض الأحيان من ان الفريق المسمى ( دنيء Low ) في الذكاء كان حاصل ذكائه المتوسط ۱۲۷ .
واقد وجد ( هدسون Hudson ) من انكلترا ترابطات بين اختباراته المجمعة واختباراته المفرقة مشابهة لما وجده ( غنزلس وجاكسون ) وقد كون أيضاً فريقين متضادين بصورة موازية ولكنه بني تمييزه على انجاه ما سجله كل مجرب عليه ( أي أنه فرق بين أصحاب التفك المفرق أصحاب التفكير المجمع العالي نسبياً ) أكثر مما فرق على أساس من مستوى مطلق ( هدسون ١٩٦٦ ) . وهو بتسمية فريقيه : فريق المجمعين وفريق المفرقين عالج مشكلات أقل مما عالجه (غتزلس وجاكسون) حين اهتما بالمبدعين ( العالين ) والمبدعين ( الدنيئين ) .
وقد أعاد ( حسن بوتشر Hasan Butcher ) عام ١٩٦٨ إجراء جزء من دراسة ( غتزلس وجاكسون ) وذلك في اسكتلندا وأجرى تجربته على عينة غير مختارة فوجد ترابطات أعلى بين الاختبارات المفرقة وحاصل الذكاء حتى انه قال بأن الاختبارات المفرقة لا يمكن تمييزها إلا بصعوبة عن الاختبارات المجمعة . ورغماً عن ذلك فإن معظم الباحثين الذين يستعملون طريقة التحليل العاملي تمكنوا في الواقع من إيجاد عامل أو أكثر تتجمع حوله الاختبارات المفرقة وبصورة منفصلة عن عامل مجمع (كروبلي Cropley عام ١٩٦٦ ، وفرنون Vernon عام ١٩٦٧ ، وداسي ورفاقه Dacey عام ١٩٦٩ ) . ولكنهم في نفس الوقت لاحظوا جميعهم ترابطات ذات معنى بين الاختبارات المجمعة والاختبارات المفرقة ولم يعتبروا ان النوعين من العوامل كانا مستقلين تماماً واحدهما عن الآخر .
وفي عام ١٩٦٥ ابتكر ( والاش و كوغان Wallach and Kogan ) طريقة جديدة لمقاربة الأمر برمته . لقد انطلقا من الأمر المقبول عموماً بالنسبة لمستوى الارتباطات بين الاختبارات المفرقة والمجمعة فاقترحا ان هذا الأمر قد يكون مردوداً الى الجو الامتحاني والتوتر الذي يسود اجراء الاختبارات ، ولذلك فقد عمدا إلى إزالة جو التقدير وضغط الوقت الذي يسود قياس الانجاز وتطبيق روائز الذكاء وأخفيا اختباراتهما تحت ستار ( الألعاب ) وطلبا الى معلم الصف أن يعطي هذه ( الألعاب ) الى التلاميذ وفي أثناء وقت الدرس . وقد كانت الاختبارات اختبارات طلاقة فكرية واختبارات أفكار وحيدة من نوعها Uniqueness of Ideas ولقد جاءت . النتائج مدهشة : لقد كان متوسط الارتباط بين الاختبارات المفرقة ٠,٤٠، وبين قياسات الذكاء وقياسات الانجاز ٠,٥٠ كما كان الترابط المتوسط بين هاتين المجموعتين من الاختبارات ۰٫۱۰ . وهكذا فإن هذين العالمين أقرا وجود التفكير المفرق .
هذا وقد افترض انه فوق مستوى معين للقابلية ولنقل حاصل ذكاء قدره (۱۲۰) - لا تعود الكفايات المبدعة متوقفة على أية زيادة في حاصل الذكاء وان التفكير المفرق والتفكير المجمع فوق هذا المستوى يكونان منفصلين أحدهما عن الآخر . بيد انه في غياب مقدار معين من الذكاء العام لا يمكن حدوث الإبداع .
ما معنى هذا كله ؟ يقترح ( هدسون ) عام ١٩٦٨ ان الترابط الدنيء بين الاختبارات المفرقة يمكن تفسيره بميل المفرقين إلى أن يكونوا أكثر إرادة وحساسية وتذبذباً في جهدهم الذي يبذلونه في المهام المفرقة. والفروق بين المفرقين والمجمعين في المسائل التي لا تتصل بالاختبارات ، من مثل الشخصية أو الخلفية البيتية، تميل الى توكيد حقيقة التمييز بينها . والخلاصة فإنه بالرغم من ان التفكيرين المجمع والمفرق يتداخلان بوضوح فإن الدلائل تؤكد وجود منطقة للتفكير المفرق ، منفصلة عن اختبارات الذكاء المتفق عليها . وهذا ما تظهره العوامل المتمايزة. وقد يكون من المفيد أن نفكر فيهما كأسلوبين مختلفين من أساليب التفكير أو كوجهين متكاملين من القابلية العقلية حين ننظر اليها نظرة واسعة .
تعليق