الفصل الثالث
العوامل التي تعين الإبداع أو تعيقه
ما قدمناه في الفصل السابق كان فرضيات افترضها غيلفورد ومعاونوه عن عوامل الإبداع. وقد مضى على عمل غيلفورد في ميدان الإبداع قرابة ، لذلك فإنه محسن بنا أن نتوقف عند النتائج التي توصل اليها والعوامل التي قرر وجودها نتيجة لأبحاثه . ولا نحب أن نمضي في حديثنا هذا قبل أن نذكر بأنه في وقتنا الحاضر ما من موضوع يفوق بأهميته موضوع الإبداع . والحق ان الطلب على فهم الإبداع والحصول على المبدعين أمر يتعاظم يوماً بعد يوم . ، فأصحاب الأعمال سواء أكانوا من القطاع الخاص أو من القطاع العام - يتزايد طلبهم للعلماء المخترعين والمهندسين المبدعين ورجال الادارة الخلاقين. وقد عقدت عشرات المؤتمرات والندوات وألقيت مئات البحوث ونشرت أعداد كبيرة من الكتب والمجلات عن موضوع الإبداع كما أنشئت مؤسسات ومعاهد تعنى بالإبداع وتدرسه وتقترح الطرائق الأنسب لتربية المبدعين وإثارة الفكر الإبداعي عند الطلاب. والحق بعد ذلك ان الاهتمام عالمي لا يقتصر على غرب أو شرق . ذلك بأن العالم جميعه يواجه مشكلتين حادثين جداً ألا وهما : ١) كيفية إطعام السكان المتزايدين . ٢) كيفية الحفاظ على السلم ولقد قدر انه في العشرين سنة القادمة يحتاج الأمريكان مثلاً ثلاثة أمثال العدد الحالي من العلماء والمهندسين وان عليهم أن يبذلوا جميع الجهود التي يستطيعونها ليلبوا حاجات بلدهم . والأمر نفسه صحيح عن الآداب والفنون وغيرها من مجالات الحياة الأخرى .
ومن هنا كان هذا الاهتمام الفريد بالإبداع والمبدعين ، ولذلك فإن غيلفورد ومعاونيه الذين يعملون معه منذ قرابة ربع قرن في جامعة كاليفورنيا الجنوبية في مشروع الاستعدادات The Aptitudes Project اهتموا أول ما اهتموا في دراستهم للإبداع بالوصول الى الحقائق الأساسية فيما يخص طبيعة التفكير الإبداعي والأشخاص المبدعين مع الانتباه التطبيقية لكل ذلك .
ويشير غيلفورد الى ان الإبداع - شأنه في ذلك شأن جميع الصفات النفسية - يعود جزئياً الى الوراثة التي تحدد حدود النمو العقلي والى البيئة التي من عملها أن تفتح القابليات وتسمح لها لا بالازدهار فحسب بل وبالنمو أيضاً. كما انه يشير الى انه نادراً ما يصل الانسان الى نهاية الحدود التي ترسمها له وراثته، ولذلك فإن المجال فسيح أمام التربية لمزيد من العمل والتحسين والزيادة .
ويعتقد غيلفورد ان العلماء الذين يقولون بأن الإبداع بعد واحد منفرد من أبعاد الشخصية مخطئون وان الاستعداد الإبداعي على العكس مكون من مكونات عديدة وان تكوينه يتوقف على مكان وجودك له - وقد استعمل غيلفورد ومعاونوه التحليل العاملي وسيلة لتبين عوامل الإبداع . ووفقاً لفرضياتهم السابق ذكرها فقد توقعوا أن يجدوا الأشخاص الأكثر إبداعاً يفكرون بقدر أكبر من الطلاقة والمرونة والأصالة . وقد وضعوا لذلك اختبارات بسيطة تكشف عن هذه العوامل . لقد وضعوا مثلاً اختبارات لقياس الطلاقة مؤلفة من أعمال بسيطة وكانت كمية النتاج عندهم تحدد مقدار الطلاقة . وهكذا فإنه كان يطلب الى المجرب عليه أن يعطي قائمة من المعلومات من نوع معين وكانت الطلاقة تقاس وتحدد بعدد ما أعطي في وحدة زمنية معينة. أما الكيفية أو النوعية فلم يكن ينظر اليها وان كان يشترط في الاجابات أن تكون صحيحة .
أما المرونة في التفكير فتعني تغييراً من نوع ما : تغييراً في المعنى أو التفسير أو الاستعمال أو فهم المهمة أو استراتيجية العمل أو تغييراً في اتجاه التفكير الذي قد يعني تفسيراً جديداً للهدف .
وكان ثمة نوع من النقاش فيما يخص معنى الاصالة ، ففي بحوث الاصالة إنتاج ما هو غير مألوف. هو بعيد المدى ، ما هو ذكي وحاذق من الاستجابات . ولكن هناك من يقولون ان الفكرة لا تكون أصيلة أو جديدة إلا حين لا يكون قد سبق اليها سابق من قبل : ان هذا القول غير ذي قيمة بالنسبة للعالم ، وذلك لأنه لا توجد طريقة للتأكد من ذلك أن نقول ان الفكرة. الجديدة تكون جديدة بالنسبة لصاحبها ، وهذا يقتضي بالطبع معرفة تاريخ الشخص صاحب الفكرة . ثم ان الفكرة يجب أن تكون غير عادية وبعيدة المدى وذات ارتباطات بعيدة وذكية .
وهناك مقياس شائع للفكرة الأصيلة وهو أن تكون نافعة اجتماعياً .
عوامل الطلاقة
ويوجه غيلفورد ومعاونوه اهتماماً شديداً ودقيقاً للعوامل المختلفة المكونة للطلاقة والمرونة والأصالة . وقد وجدوا انه في الاختبارات الكلامية وحدها توجد ثلاثة عوامل متميزة للطلاقة وهي : الطلاقة الفكرية والطلاقة الترابطية والطلاقة التعبيرية .
أما الطلاقة الفكرية Ideational Fluency فعلى علاقة بنسبة توليد كمية من الأفكار . والفكرة المولدة قد تكون بسيطة ككلمة مفردة أو قد تكون مركبة معقدة كعنوان لصورة أو قصة ، أو جملة تعطي أفكاراً موحدة .
وأما الطلاقة الترابطية Associational Fluency فتنتمي الى اكمال العلاقات وذلك تمييزاً لها عن النوع السابق من الطلاقة ، وهكذا فقد نطلب الى الممتحن أن يعطي قائمة بالكلمات التي يستطيع أن يفكر فيها والتي تعطي معنى معاكساً ، أو معاكساً تقريباً ، لكلمة (جيد) . ومثال هذه الطلاقة أيضاً مطالبة الممتحن بالتفكير بالماثلة Thinking by Analogy .
وأما الطلاقة التعبيرية فهي على علاقة بسهولة بناء الجمل وهكذا فنحن نطلب الى الممتحن أن يكتب العدد الذي يستطيعه من الجمل ذات الأربع كلمات على أن تكون جميعها مختلفة بعضها عن بعض وعلى أن لا تستعمل أية كلمة مرتين .
ولا يعرف غيلفورد ومعاونوه مقدار عمومية هذا العامل وما إذا كان قاصراً على المهمات من نوع كتابة الجمل أو ما إذا كان واسعاً لدرجــة تشمل تنظيم الأفكار في منظومات . فإذا كان الغرض الأخير صحيحاً فإنه يكون ذا أهمية بالغة .
عوامل المرونة
أول ما ميز غيلفورد من أنواع المرونة هي المرونة العفوية Spontaneous Flexibility ، وذلك على اعتبار ان الاختبارات التي تقيسه بأن الممتحن مرن أو غير مرن . والممتحن قد يحصل على درجات عالية في هذا النوع من العوامل دون أن يعرف وذلك حين ينوع استجاباته. وهكذا فإذا طلب الى الممتحن أن يعطي قائمة بكل الاستعمالات الممكنة لقرميدة عادية فإن مجموع الاستعمالات التي يعطيها يعتبر مقياساً لعامل الطلاقة الفكرية عنده . ولكن المجرب في الوقت نفسه يأخذ بعين الاعتبار عدد المرات التي يغير فيها زمرة الاستعمالات. وهكذا فإذا قال الممتحن ان القرميدة تستعمل لبناء مدرسة وبناء معمل وبناء بيت فإنه لا يكون قد غير زمرة الاستعمال . ولكنه حين يقول انها تستعمل كثقل لمنع الورق من التطاير وكمطرقة لدق المسامير أو لضرب قطة شاردة أو غير ذلك فإنه يكون قد غير الزمرة في كل استجابة جديدة ، ويكون بذلك قـد أظهر قدرة على مرونة التفكير .
والنوع الثاني من المرونة سماه غيلفورد وأعوانه المرونة التكيفية Adaptive Flexibility وذلك لأنه يتحتم على الممتحن في الاختبارات التي وجد فيها هذا النوع من أجل أن ينجح أن يقوم ببعض التغييرات من نوع ما : : تغييرات في تفسير المهمة ، تغييرات في الستراتيجية أو طريقة المقاربة ، أو تغييرات في الحلول الممكنة. وتفسير غيلفورد الحاضر لعامل الاصالة هو انه مرونة تكيفية في التعامل المعلومات اللفظية .
العوامل التي تعين الإبداع أو تعيقه
ما قدمناه في الفصل السابق كان فرضيات افترضها غيلفورد ومعاونوه عن عوامل الإبداع. وقد مضى على عمل غيلفورد في ميدان الإبداع قرابة ، لذلك فإنه محسن بنا أن نتوقف عند النتائج التي توصل اليها والعوامل التي قرر وجودها نتيجة لأبحاثه . ولا نحب أن نمضي في حديثنا هذا قبل أن نذكر بأنه في وقتنا الحاضر ما من موضوع يفوق بأهميته موضوع الإبداع . والحق ان الطلب على فهم الإبداع والحصول على المبدعين أمر يتعاظم يوماً بعد يوم . ، فأصحاب الأعمال سواء أكانوا من القطاع الخاص أو من القطاع العام - يتزايد طلبهم للعلماء المخترعين والمهندسين المبدعين ورجال الادارة الخلاقين. وقد عقدت عشرات المؤتمرات والندوات وألقيت مئات البحوث ونشرت أعداد كبيرة من الكتب والمجلات عن موضوع الإبداع كما أنشئت مؤسسات ومعاهد تعنى بالإبداع وتدرسه وتقترح الطرائق الأنسب لتربية المبدعين وإثارة الفكر الإبداعي عند الطلاب. والحق بعد ذلك ان الاهتمام عالمي لا يقتصر على غرب أو شرق . ذلك بأن العالم جميعه يواجه مشكلتين حادثين جداً ألا وهما : ١) كيفية إطعام السكان المتزايدين . ٢) كيفية الحفاظ على السلم ولقد قدر انه في العشرين سنة القادمة يحتاج الأمريكان مثلاً ثلاثة أمثال العدد الحالي من العلماء والمهندسين وان عليهم أن يبذلوا جميع الجهود التي يستطيعونها ليلبوا حاجات بلدهم . والأمر نفسه صحيح عن الآداب والفنون وغيرها من مجالات الحياة الأخرى .
ومن هنا كان هذا الاهتمام الفريد بالإبداع والمبدعين ، ولذلك فإن غيلفورد ومعاونيه الذين يعملون معه منذ قرابة ربع قرن في جامعة كاليفورنيا الجنوبية في مشروع الاستعدادات The Aptitudes Project اهتموا أول ما اهتموا في دراستهم للإبداع بالوصول الى الحقائق الأساسية فيما يخص طبيعة التفكير الإبداعي والأشخاص المبدعين مع الانتباه التطبيقية لكل ذلك .
ويشير غيلفورد الى ان الإبداع - شأنه في ذلك شأن جميع الصفات النفسية - يعود جزئياً الى الوراثة التي تحدد حدود النمو العقلي والى البيئة التي من عملها أن تفتح القابليات وتسمح لها لا بالازدهار فحسب بل وبالنمو أيضاً. كما انه يشير الى انه نادراً ما يصل الانسان الى نهاية الحدود التي ترسمها له وراثته، ولذلك فإن المجال فسيح أمام التربية لمزيد من العمل والتحسين والزيادة .
ويعتقد غيلفورد ان العلماء الذين يقولون بأن الإبداع بعد واحد منفرد من أبعاد الشخصية مخطئون وان الاستعداد الإبداعي على العكس مكون من مكونات عديدة وان تكوينه يتوقف على مكان وجودك له - وقد استعمل غيلفورد ومعاونوه التحليل العاملي وسيلة لتبين عوامل الإبداع . ووفقاً لفرضياتهم السابق ذكرها فقد توقعوا أن يجدوا الأشخاص الأكثر إبداعاً يفكرون بقدر أكبر من الطلاقة والمرونة والأصالة . وقد وضعوا لذلك اختبارات بسيطة تكشف عن هذه العوامل . لقد وضعوا مثلاً اختبارات لقياس الطلاقة مؤلفة من أعمال بسيطة وكانت كمية النتاج عندهم تحدد مقدار الطلاقة . وهكذا فإنه كان يطلب الى المجرب عليه أن يعطي قائمة من المعلومات من نوع معين وكانت الطلاقة تقاس وتحدد بعدد ما أعطي في وحدة زمنية معينة. أما الكيفية أو النوعية فلم يكن ينظر اليها وان كان يشترط في الاجابات أن تكون صحيحة .
أما المرونة في التفكير فتعني تغييراً من نوع ما : تغييراً في المعنى أو التفسير أو الاستعمال أو فهم المهمة أو استراتيجية العمل أو تغييراً في اتجاه التفكير الذي قد يعني تفسيراً جديداً للهدف .
وكان ثمة نوع من النقاش فيما يخص معنى الاصالة ، ففي بحوث الاصالة إنتاج ما هو غير مألوف. هو بعيد المدى ، ما هو ذكي وحاذق من الاستجابات . ولكن هناك من يقولون ان الفكرة لا تكون أصيلة أو جديدة إلا حين لا يكون قد سبق اليها سابق من قبل : ان هذا القول غير ذي قيمة بالنسبة للعالم ، وذلك لأنه لا توجد طريقة للتأكد من ذلك أن نقول ان الفكرة. الجديدة تكون جديدة بالنسبة لصاحبها ، وهذا يقتضي بالطبع معرفة تاريخ الشخص صاحب الفكرة . ثم ان الفكرة يجب أن تكون غير عادية وبعيدة المدى وذات ارتباطات بعيدة وذكية .
وهناك مقياس شائع للفكرة الأصيلة وهو أن تكون نافعة اجتماعياً .
عوامل الطلاقة
ويوجه غيلفورد ومعاونوه اهتماماً شديداً ودقيقاً للعوامل المختلفة المكونة للطلاقة والمرونة والأصالة . وقد وجدوا انه في الاختبارات الكلامية وحدها توجد ثلاثة عوامل متميزة للطلاقة وهي : الطلاقة الفكرية والطلاقة الترابطية والطلاقة التعبيرية .
أما الطلاقة الفكرية Ideational Fluency فعلى علاقة بنسبة توليد كمية من الأفكار . والفكرة المولدة قد تكون بسيطة ككلمة مفردة أو قد تكون مركبة معقدة كعنوان لصورة أو قصة ، أو جملة تعطي أفكاراً موحدة .
وأما الطلاقة الترابطية Associational Fluency فتنتمي الى اكمال العلاقات وذلك تمييزاً لها عن النوع السابق من الطلاقة ، وهكذا فقد نطلب الى الممتحن أن يعطي قائمة بالكلمات التي يستطيع أن يفكر فيها والتي تعطي معنى معاكساً ، أو معاكساً تقريباً ، لكلمة (جيد) . ومثال هذه الطلاقة أيضاً مطالبة الممتحن بالتفكير بالماثلة Thinking by Analogy .
وأما الطلاقة التعبيرية فهي على علاقة بسهولة بناء الجمل وهكذا فنحن نطلب الى الممتحن أن يكتب العدد الذي يستطيعه من الجمل ذات الأربع كلمات على أن تكون جميعها مختلفة بعضها عن بعض وعلى أن لا تستعمل أية كلمة مرتين .
ولا يعرف غيلفورد ومعاونوه مقدار عمومية هذا العامل وما إذا كان قاصراً على المهمات من نوع كتابة الجمل أو ما إذا كان واسعاً لدرجــة تشمل تنظيم الأفكار في منظومات . فإذا كان الغرض الأخير صحيحاً فإنه يكون ذا أهمية بالغة .
عوامل المرونة
أول ما ميز غيلفورد من أنواع المرونة هي المرونة العفوية Spontaneous Flexibility ، وذلك على اعتبار ان الاختبارات التي تقيسه بأن الممتحن مرن أو غير مرن . والممتحن قد يحصل على درجات عالية في هذا النوع من العوامل دون أن يعرف وذلك حين ينوع استجاباته. وهكذا فإذا طلب الى الممتحن أن يعطي قائمة بكل الاستعمالات الممكنة لقرميدة عادية فإن مجموع الاستعمالات التي يعطيها يعتبر مقياساً لعامل الطلاقة الفكرية عنده . ولكن المجرب في الوقت نفسه يأخذ بعين الاعتبار عدد المرات التي يغير فيها زمرة الاستعمالات. وهكذا فإذا قال الممتحن ان القرميدة تستعمل لبناء مدرسة وبناء معمل وبناء بيت فإنه لا يكون قد غير زمرة الاستعمال . ولكنه حين يقول انها تستعمل كثقل لمنع الورق من التطاير وكمطرقة لدق المسامير أو لضرب قطة شاردة أو غير ذلك فإنه يكون قد غير الزمرة في كل استجابة جديدة ، ويكون بذلك قـد أظهر قدرة على مرونة التفكير .
والنوع الثاني من المرونة سماه غيلفورد وأعوانه المرونة التكيفية Adaptive Flexibility وذلك لأنه يتحتم على الممتحن في الاختبارات التي وجد فيها هذا النوع من أجل أن ينجح أن يقوم ببعض التغييرات من نوع ما : : تغييرات في تفسير المهمة ، تغييرات في الستراتيجية أو طريقة المقاربة ، أو تغييرات في الحلول الممكنة. وتفسير غيلفورد الحاضر لعامل الاصالة هو انه مرونة تكيفية في التعامل المعلومات اللفظية .
تعليق