قبل البدء، لا تخلط بينها وبين المادة المظلمة، السائل المظلم، أو الطاقة المظلمة.
التدفق المظلم هو مصطلح في الفيزياء الفضائية يقوم بوصف المحتوى اللاعشوائي المحتمل للسرعة الغريبة لعنقوديات المجرة.
إن السرعة الفعلية المقاسة هي عبارة عن مجموع السرعة الذي تنبأ بها قانون هابل زائد سرعة صغيرة وغير متوقعة (مظلمة) محتملة تتدفق باتجاه مشترك.
ووفقًا لمعيار النماذج الكونية، ومع مراعاة الخلفية الموجية الميكروية للكون، فيجدر بحركة عنقوديات (متبعثرات) المجرّة أن تكون موزَّعة بشكل عشوائي بكافة الاتجاهات.
ولكن رغم ذلك، فعند تحليل بيانات مسبار ويلكينسون للتباين الموجي لمدة تمتد ثلاث سنوات باستخدام عامل سوناييف-زيلدوفيتش الحركي، فقد قام علماء الفلك أليكسند كاشلينسكي Alexander Kashlinsky، وF. Atrio-Barandela، وD. Kocevski، وH. Ebelingبإجياد دليل على تدفق عنقوديات منسجم ومتماشي بشكل يدعو للاستغراب على امتداد 600 وحتى 1000 كيلومترًا باتجاه رقعة من السماء بدرجة تبلغ 20 بين المجموعات الفلكية المعروفة باسم سينتاوروس وفيلا.
افترض الباحثون أن الحركة هذه قد تكون عبارة عمّا تبقّى من تأثيرات لمناطق كونية كانت موجودة قبل التضخم إلّا أنها لم تعد مرئية الآن.
لا تستطيع التلسكوبات والمراصد رؤية أحداث سبقت الـ 380000 سنة الأولى بعد الانفجار الكبير، عندما أصبح الكون مرئيًا.
إن ذلك يتوافق مع أفق الجزيئات على مسافة تبلغ 46 مليار سنة ضوئية تقريبًا. بما أن المادة المسببة لهذه الحركة الشبكية في هذا الطرح تكون خارج ذلك المجال، فمن المنطقي أن تكون
خارج كوننا المرئي، إلا أنها ستكون ضمن المخروط الضوئي الماضي (في الفيزياء الفلكية، مخروط الضوء هو عبارة عن المسار الذي يأخذهالضوء المنبعث من حدث وحيد بلحظة وحيدة بجميع الاتجاهات ضمن الزمكان المحيط).
هذا وظهرت النتائج في أوكتوبر عام 2008 بإصدار مجلة Astrophysical Journal Letters.
في عام 2013، لم تُظهر البيانات المستقبلة من مركبة بلانك الفضائية أية دليل على “التدفق المظلم” بهذه الضخامة، مما قلل من شأن الاتدعائات حول وجود دليل لأي من التأثيرات الجاذبية التي تصل إلى أبعد من الكون المرئي، أو وجود العديد من الأكوان.
ولكن رغم ذلك، ففي عام 2015، اتدعى كاشلينسكي أنه أوجد ما يدعم وجود عدة أكوان باستخدام بيانات مركبة بلانك الفضائية ومسبار ويلكينسون للتباين الموجي.
الموقع
تم التقدير بأن هذا التدفق المظلم يتدفق باتجاه تجمعات سينتاوروس وهيدرا الفلكية.
ذلك يتوافق مع اتجاه الجذب الكبير، الذي هو عبارة عن لغز جاذبي تم اكتشافه عام 1973.
ومع ذلك فكان من المعتقد أن مصدر جذب الجاذب الكبير هو العنقود الهائل للمجرات يُدعى عنقود نورما، الذي يقع على بعد حوالي 250 مليون سنة ضوئية من مجرة درب التبانة.
وفي دراسة تعود لشهر آذار من عام 2010، مدد كاشلينسكي عمله من عام 2008، باستخدام نتائج خمس سنوات لمسبار التباين الموجي بدلًا من نتائج ثلاث سنوات فقط، وبمضاعفة عدد العناقيد المجرية التي يتم مراقبتها بعد أن كان عددها 700.
كما قام الفريق بفرز فهرس العنقود إلى أربع “شرائح” تُمثل مجالات مسافة مختلفة. بعد ذلك قاموا بتفحص ومعاينة اتجاه التدفق المُفَضَّل للعنقودات ضمن كل شريحة.
وفي حين أن حجم هذا الاتجاه وموقعه المحدد تُظهر بعض الاختلاف، إلا أن ميول الشرائح بشكل عام تَعرُض توافق رائع.
وقال كاشلينسكي: “نحن نكشف الحركة على امتداد هذا المحور، لكن حاليًا فإن بياناتنا عن التصريح بقوة عمّا إذا كانت هذه العنقودات ذاهبة أم قادمة”.
قام الفريق إلى حد الآن بفهرسة التأثير المذكور حتى مسافات تصل إلى 2.5 مليار سنة ضوئية، كما يأمل الفريق بتوسيع هذا الفهرس إلى أبعد من ذلك وحتى ضعف المسافة الحالية.
الإنتقادات
نشر عالم الفيزياء الفلكية نيد رايت Ned Wrightعلى شبكة الإنترنت ردًّا على هذه الدراسة بأن الطرائق التي اتبعتها الدراسة مَعيبة ومشوبة.
وقام ناشروا دراسة “التدفق المظلم” بدورهم بنشر تصريح دحضوا فيه ثلاث من حجج رايت الخمسة، وقاموا بتحديد الحجتين المتبقيتين على أنهم خطأ مطبعي و مشاكلة تقنية ليس من شأنها التأثير على القياسات وتفسير البيانات.
وتم القيام بعمل أكثرإحصائي إضافي حديث من قِبَل راين كايزلر Ryan Keisler، اتدعى فيه باستبعاد احتمالية أن التدفق المظلم هو ظاهرة فيزيائية لأن كاشلينسكي لا يعيرالاعتمادية الاتجاهية الأولية للخلفية الموجية الكونية الأهمية الكافية.
اعتبر مركز غودارد الفضائي التابع لناسا أن ذلك يمكن أن يكون بتأثير من كون نسيب أو منطقة من الزمكان مختلفة بشكل أساسي عن الكون المرئي.
وأُخذت البيانات من أكثر من 1000 عنقودات مجرّية تم قياسها، ومن ضمنها بعض العنقودات التي تبعد حوالي 3 مليار سنة ضوئية.
ويتدعي أليكسندر كاشلينسكي بأن هذه القياسات تُظهِر بشكل واضح أن التدفق المستقر للكون ليس محض صدفة إحصائية.
وقال كاشلينسكي: “الآن ليس لدينا ما يكفي من المعلومات لنتمكّن من رؤية ماهيّتها، أو حتى لتقييدها.
نستطيع فقط القول بثقة بأن مكان بعيد جدًا من الكون يكون مختلف كثيرًا عمّا نراه محليًا. إن كان ذلك كون آخر، أو إن كان نسيج مختلف ومجهول من الزمكان”.
ويُلاحظ كل من لورا ميرسيني-هاوتن وريتش هولمان Laura Mersini-Houghton and Rich Holman أن بعض الاعتمادية الاتجاهية تُنُبئَ بها من قِبَل نظريات تتضمن تفاعل مع كون آخر، أو عندما لا يتزامن إطار المرجع الخاص بالخلفية الموجية للكون مع إطار المرجع الخاص بتوسع الكون.
في 2013، اتدُعِيَ بأن بيانات من القمر الصناعي بلانك التابع لوكالة الفضاء الأوروبية لا تُظهِر دليل مهم إحصائيًا على وجود التدفق المظلم.
ورغم ذلك، فإن تحليل آخر من قِبَل العضو بتعاونية بلانك فيرناندو أتريو-بارانديلا افترض بأن البيانات كانت متناسق مع إيجادات ونتائج سابقة لمسبار ويلكينسون للتباين الموجي.
وإن اهتمام وسائل الإعلام الشعبية بالفكرة استمر، مع اتدعاء ميرسيني-هاوتن بأن نتائج بلانك تدعم فكرة وجود تعددية أكوان أو تعددية كونية.