شكري الكبير للقاصة رانيا عبدالله التي قدمت مطالعة شائقة لكتابي الموسوم " قامات فكرية وإبداعية سامقة " .
ذات مرة كتبت عنها :
(رانيا عبدالله قلم قصصي أنيق في طريقه للتألق ، بقدميها مشت فوق صفيح ساخن وتجاوزت الأشواك والمنغصات بعلو الهمة وبحس فني ومهارة رائعة .
لقد أتقنت اللغة القصصية والترطين بها بصورة جميلة وبألتقاط ذكي للإشارات والتوقعات والتفاعلات الإنسانية بمتع روحية ورمزية عذبة .
اتقنت التكنيك القصصي واعتمدت على التكثيف والاختزال وعمق الفكرة والتعبير الشعري والتعدد الدلالي والمشاهد السردية والاستبطان النفسي ، ولامست بأصابعها جروح الواقع ) .
.................................................. ...........................
رانيا عبدالله
قامات فكرية وإبداعية سامقة
كتاب للبرفيسور سمير عبدالرحمن الشميري، انتخب فيه مجموعة من الأسماء اللامعة في ريادة الفكر والإبداع اليمني، يأخذ من خلاله القارىء جرعة تثقيفية مهمة لمن يهوى الثقافة، وأساسًا معرفيًا ينطلق منه هواة البحث، وحاملو راية الدراسات في فضاء الفكر والإبداع.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول تولى الأول منها مهمة تسليط الضوء على قامتين فكريتين تقفان في وضح الساحة التنويرية اليمنية وهما: الأستاذ محمد علي لقمان، والأستاذ أحمد محمد نعمان.
يضع د. الشميري بين أيدينا صورة عامة عن توجهات لقمان الفكرية واهتماماته، المحطات المؤثرة في فكره، همومه التي صنعت ثورته التنويرية، طبيعة ذلك الفكر وتكوينه، وأهم المفردات لخطابه التنويري، والبصمات التي تركها ذلك الخطاب مما يعطي القارىء صورة واضحة تجيب عن تساؤله (من هو محمد علي لقمان؟)
ينتقل بنا بعد ذلك إلى دراسة شاملة للأستاذ أحمد محمد نعمان بدءً من نشأته، ومرورًا بالمراحل السياسية والاجتماعية التي عاصرها وعصرته، وانتهاءً بخصائص خطابه التنويري ومفرداته، يغوص خلالها في نقلاته التنويرية بتفاصيلها ومسبباتها وانعكاساتها، وهي أيضا رؤية شاملة تجيب القارىء عن سؤاله (من هو أحمد محمد نعمان؟)
يأتي الفصل الثاني بثلاث قامات إبداعية استهلها د. الشميري بالشاعر الكبير لطفي جعفر أمان، والذي شعرت حقيقة من خلال السطور التي نسجها بمدى شغفه بإبداعه، وقربه المتأمل للَبْنات تَكَون ذلك الإبداع.
يقرأ الكاتب الشاعر لطفي جعفر أمان بعين أستاذ علم الاجتماع، فهو يقرب صورته بعدسة إجتماعية ونفسية تتيح للقارىء فهم التكوين الذي خلق هذا المبدع بصورة متميزة مما قد يجعله نموذجًا لدراسة البيئة الخصبة لتربية الإبداع وبلوغه الرقي المطلوب، ويتخلل كل ذلك همسات شعرية من روائع أمان مع وقفات تأملية لتلك الروائع.
ثم ينتقل هذا الفصل للتعريف بالشاعر عبدالرحمن فخري، والذي أعترف أنني لم أكن أعرف عنه قبل قراءة الكتاب سوى اسم مر علي مرور الكرام؛ مع أن الشاعر رحمه الله عاش بيننا حتى عام 2016، ولست أدري هل في ذلك تقصير معرفي من قبلي، أم هو ظلم إعلامي وثقافي طال إبداعه...؟
يتخلل المنحى الخاص بالشاعر عبدالرحمن فخري بعض من نصوصه بالإضافة لبعض الإراء حول تلك النصوص أو حول أسلوب الشاعر وقلمه.
يختم الكاتب هذا الفصل برائد القصة اليمنية وأحد أهم محطات تطويرها وهو القاص أحمد محفوظ عمر. يغرس د. شميري قلمه في قلب إبداع أحمد محفوظ، ويستقي مداد حديثه عنه من تفاصيل إبداعه بدراسة فاحصه لتفاصيله بقراءتين تأخذان القارىء على أكفٍّ مريحة، فلا يجد نفسه أمام فحص نقدي، ولا رأي مزاجي لهذا المبدع الذي يصفه الكاتب بالمبدع الذي يحاصره الصمت وهو صادق في ذلك.
يحتوي الفصل الأخير للكتاب على مقالات تضامنية كان قد خطها د. الشميري في فترة حجب صحيفة الأيام بالإضافة لنصوص تتضمن مكانة ودور صحيفة الأيام كوسيلة إعلام وكمنبر للتغيير والإصلاح والثقافة حينها...
للأيام مكانة خاصة في نفوس القراء الذين عاصروا ذروة عطائها وأشهد بأنني كنت ممن نشأوا في وقت مبكر على ماتقدمه صحيفة الأيام خاصة صفحاتها الثقافية، و لا أخفي أن أول عهدي بالقصة القصيرة كفن أدبي كان على صفحاتها؛ كما أن أول لقائي بقلم البرفيسور سمير الشميري كان أيضا على صفحات الأيام.
لايحرمنا د. شميري من إسقاطاته الفذة في كل باب يطرقه بلغة شيقة وجميلة وواضحة؛ مما يجعل من الكتاب منهل ثقافي سلس للمسائل المدرجة فيه؛ كما أن له وخزات ذهنية لذيذة تفتح فكر ووجدان القارىء على نوافذ جديدة؛ أو على الأقل لرؤيتها بصورة مغايرة.
خالص امتناني للبرفيسور الذي منحني فرصة اللقاء بهذا الكتاب القيم حين أهدانيه برفقة مجموعة من مؤلفاته التي لاشك أنها لاتقل عنه قيمة؛ إن لم تزد.
رانيا عبدالله