خلاف بين المنتجين والمخرجين والمؤلفين على أسبقية اختيار النص أو الممثل.
هيام بنوت..
يعتبر النجم هو الرقم الصعب في الدراما العربية اليوم، وغالباً ما يعترف المنتجون أنهم يتعاملون مع أسماء معينة كي يضمنوا بيع أعمالهم وتحقيق الأرباح وتجنب الوقوع في الخسارة.
وعادة يفضل المنتجون التعامل مع النجوم الذين يملكون رصيداً كبيراً من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي لضمان تحقيق نسب مشاهدة عالية للأعمال وتكون لهم الأولوية دائماً، بينما في الماضي كانت الأولوية للقصة المحبوكة بشكل جيد ومن ثم للمخرج الذي يختار مع الكاتب الممثلين المناسبين للأدوار، في حين أن الممثل يوافق اليوم على العمل قبل أن يقرأ السيناريو ويبدأ عرض المسلسل على الهواء، بينما الكاتب مشغول في كتابة حلقاته.
فهل سقطت دراما القصة بالضربة القاضية أمام النجوم؟ وكيف يتعامل القائمون عليها مع هذا الواقع؟
طلبات الممثل
الناقد المصري كمال رمزي رأى أن هذا النظام هو المعتمد في الاستوديوهات المصرية والسورية وكل استوديوهات العالم لأن "المنتج يهمه التعامل مع نجم قوي يضمن بيع العمل، وتكون طلباته كلها أقرب إلى الأوامر فتتم الاستعانة بأحد الكتاب لكتابة النص ولكن الممثل يرفضه بعد قراءته، مطالباً بحضور أكبر له وزيادة في عدد مشاهده".
وتابع "عادة الورق هو الذي يشكل العلاقة بين المشاهد والعمل ولكن في التلفزيون يختلف الوضع، والعلاقة تكون بين المشاهد والممثل لأنه المسيطر على العمل، إلا أن المخرجين الكبار يفرضون رؤيتهم كما يمكن أن يستبدلوا ممثلاً بآخر، وكل شيء يتوقف عند مركز الثقل في العمل، هل هو الممثل أو المخرج وحتى الكاتب دوره مؤثر وقد يرفض التغيير في الشخصية".
وأوضح أنه يميل إلى دراما المجتمع، لكن من الخطأ تفضيل نوع على نوع آخر لأن هناك أعمالاً راقية وأعمالاً هابطة في النوعين و"المعيار هو المضمون والمستوى والدقة والصدق، ولا يجوز أن يكون هناك حكم مطلق على الممثل لأن العمل نفسه هو الذي يبرهن عن الجودة".
متطلبات السوق
الكاتبة ريم حنا رأت أن ما يحدث أمر واقع فرضته متطلبات السوق، لافتة إلى أن "الزمن الماضي كان أفضل لأن القصة كانت الأساس، وما يحدث اليوم خارج عن إرادة المنتج نفسه، كنا نكتب الفكرة وننفذها بهدوء ثم نختار الشخصيات المناسبة للأدوار ولكن المقاييس اختلفت اليوم والوضع القديم لم يعد موجوداً، وكنا ككتاب نتعامل مع الكتابة كمهنة وليس هواية، وهناك مجموعة عناصر تتحكم بالقصة".
وأشارت إلى أنه "قبل الحديث عن تأثير دراما النجم في مستوى الدراما، يفترض أن نسأل أولاً عن تأثير المرحلة برمتها فيها من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والحروب، فـ"هناك ظروف كثيرة أثرت في الدراما وقد تكون دراما النجم من تداعيات كل ما يحدث، وحتى المفاهيم تغيرت ويتم تناولها اليوم من منظور آخر ومختلف".
تناسب قدرات
وتابعت حنا "اليوم يعدّ الممثل أهم عنصر في الدراما، إنه يفرض نفسه أكثر من المخرج والكاتب، فبعد اختياره يأخذ المؤلف في الاعتبار ما يناسب قدراته وما يبرع به وهو يكتب"، لافتة إلى أنه "عندما يُطلب عمل لممثل معين نختار قصة على مقاس إمكاناته، وهذه المسألة عالمية وتحدث حتى في هوليوود لأن الممثل هو الذي يؤمن المشاهدة وحتى كتابها يواجهون هذا الواقع".
واستطردت "الدراما السورية نجحت وانتشرت لأنها كانت تعتمد على البطولات الجماعية ومن دون تفضيل لممثل على آخر، وكانت مساحة الأدوار متفاوتة ولكل دور فاعلية في العمل، وهذا الشرط لم يعد موجوداً، وبالنسبة إلى الأعمال التي تسوق على اسم الممثل فلا بد من أن تتوافر فيها عناصر أخرى قوية لكي تنجح".
ذكاء المحطات
الممثلة رنا شميس قالت إنها كممثلة لا يمكن أن تعتبره سلباً أو إيجاباً لأنها مغلوب على أمرها، مضيفة "لا يمكنني أن أضع نفسي مكان المنتج لأنه صاحب رأس المال ويرفض الخسارة، بينما الوضع يمكن أن يتغير عندما يصبح الإنتاج بيد الدولة".
وأكدت أنها تفضل دراما القصة على دراما الممثل "لكن المحطات ذكية جداً في خياراتها وفي توقيت عرض المسلسلات لأنها عندما تعرض عملاً واحداً فلا شك في أنه سيحظى بالمتابعة مع أن نسب المشاهدة ليست هي التي تحدد قيمة العمل، وهناك أعمال يتابعها الجمهور لأن فيها ما هو خارج عن المألوف مثل الملابس المختلفة مع أن الممثل ليس عارض أزياء أو مدوّناً، لكن المهنة بدأت تتجرد من إنسانيتها"، مشيرة إلى أن دراما القصة تبقى لأنها تجسد حقيقة وليست مجرد مادة للتسلية".
في الدراما كل شيء يبدأ من الممثل بسبب عدم توافر النصوص كما ترى شميس، موضحة "توجد أزمة نصوص بدليل التركيز على إنتاج الدراما المعربة ولست ضدها، لكن التنويع ضروري، إذ إن الشوارع كانت تخلو من الناس عند عرض عمل محبوك بشكل جيد ويضم مجموعة جميلة من الممثلين، إلا أن هذه الحال لم تعد موجودة اليوم وربما مسلسل ’الزند‘ هو العمل الوحيد الذي كان هناك إجماع حوله في الموسم الرمضاني الماضي".
قصة مفقودة
المخرجة إيناس الدغيدي قالت إن الممثل هو الرقم واحد من حيث الأهمية في الدراما التلفزيونية ويليه المخرج لأن "التركيز يكون على اسم الممثل القادر على تسويق المسلسل من دون الالتفات إلى جودته، وهو يوافق عادة على قصة غير مكتوبة، وفي الأساس كل الأعمال تكتب خلال التصوير وعند عرض المسلسل على الهواء".
ونفت الدغيدي دور الـ"سوشيال ميديا" في هذه الحالة، موضحة أن "الجمهور يحب بعض النجوم ويتابع أعمالهم وإذا أعجبه العمل ترتفع أسهم النجم أكثر، حتى إن بعضهم لا يملكون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعود السبب في انتشار هذه الظاهرة إلى أن المنتجين يبيعون أعمال هؤلاء النجوم للمحطات قبل إنجازها".
طريقة تجارية
وأشارت إلى أنه "يمكن أن يفشل العمل لأن بعض الممثلين غير ملائمين للأدوار، كما أن العمل الفني جماعي وليس فردياً، ومع أن النجوم يخافون على أسمائهم ولكنهم يوافقون على بطولة مسلسل نصفه غير مكتوب لأن السوق تعتمد هذه الطريقة، وهذا أمر مرفوض عندي كمخرجة لأن نهاية العمل هي الأهم بالنسبة لي، كما يهمني أن أعرف طريقة سير الأحداث ولا أعتقد بأن أي أحد في العالم يرضى بالعمل بهذه الطريقة".
ودراما النجم تركت آثارها السلبية على الدراما المصرية بحسب الدغيدي، فـ"كل الإنتاجات تنحصر في الموسم الرمضاني بسبب ازدهار سوق الإعلانات، كما أن أسعار الأعمال في رمضان تكون أعلى مع أن الكلفة هي واحدة خلال الشهر الفضيل وخارجه".
إلى ذلك فإن "المنتجين يبدأون بالتصوير قبل بدء هذا الموسم بشهرين كي لا تتجمد أموالهم لفترة طويلة وكل هذا يتم على حساب النوعية فيصوّر المسلسل وينفذ بسرعة قياسية للحاق بالسباق الرمضاني" وفق ما قالت الدغيدي، لافتة إلى أن هذا الضغط الزمني يتسبب في عدم الراحة لكل فريق العمل، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على الدراما، كما أن الأولوية أصبحت للمال وليس للنوعية".
هيام بنوت..
يعتبر النجم هو الرقم الصعب في الدراما العربية اليوم، وغالباً ما يعترف المنتجون أنهم يتعاملون مع أسماء معينة كي يضمنوا بيع أعمالهم وتحقيق الأرباح وتجنب الوقوع في الخسارة.
وعادة يفضل المنتجون التعامل مع النجوم الذين يملكون رصيداً كبيراً من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي لضمان تحقيق نسب مشاهدة عالية للأعمال وتكون لهم الأولوية دائماً، بينما في الماضي كانت الأولوية للقصة المحبوكة بشكل جيد ومن ثم للمخرج الذي يختار مع الكاتب الممثلين المناسبين للأدوار، في حين أن الممثل يوافق اليوم على العمل قبل أن يقرأ السيناريو ويبدأ عرض المسلسل على الهواء، بينما الكاتب مشغول في كتابة حلقاته.
فهل سقطت دراما القصة بالضربة القاضية أمام النجوم؟ وكيف يتعامل القائمون عليها مع هذا الواقع؟
طلبات الممثل
الناقد المصري كمال رمزي رأى أن هذا النظام هو المعتمد في الاستوديوهات المصرية والسورية وكل استوديوهات العالم لأن "المنتج يهمه التعامل مع نجم قوي يضمن بيع العمل، وتكون طلباته كلها أقرب إلى الأوامر فتتم الاستعانة بأحد الكتاب لكتابة النص ولكن الممثل يرفضه بعد قراءته، مطالباً بحضور أكبر له وزيادة في عدد مشاهده".
وتابع "عادة الورق هو الذي يشكل العلاقة بين المشاهد والعمل ولكن في التلفزيون يختلف الوضع، والعلاقة تكون بين المشاهد والممثل لأنه المسيطر على العمل، إلا أن المخرجين الكبار يفرضون رؤيتهم كما يمكن أن يستبدلوا ممثلاً بآخر، وكل شيء يتوقف عند مركز الثقل في العمل، هل هو الممثل أو المخرج وحتى الكاتب دوره مؤثر وقد يرفض التغيير في الشخصية".
وأوضح أنه يميل إلى دراما المجتمع، لكن من الخطأ تفضيل نوع على نوع آخر لأن هناك أعمالاً راقية وأعمالاً هابطة في النوعين و"المعيار هو المضمون والمستوى والدقة والصدق، ولا يجوز أن يكون هناك حكم مطلق على الممثل لأن العمل نفسه هو الذي يبرهن عن الجودة".
متطلبات السوق
الكاتبة ريم حنا رأت أن ما يحدث أمر واقع فرضته متطلبات السوق، لافتة إلى أن "الزمن الماضي كان أفضل لأن القصة كانت الأساس، وما يحدث اليوم خارج عن إرادة المنتج نفسه، كنا نكتب الفكرة وننفذها بهدوء ثم نختار الشخصيات المناسبة للأدوار ولكن المقاييس اختلفت اليوم والوضع القديم لم يعد موجوداً، وكنا ككتاب نتعامل مع الكتابة كمهنة وليس هواية، وهناك مجموعة عناصر تتحكم بالقصة".
وأشارت إلى أنه "قبل الحديث عن تأثير دراما النجم في مستوى الدراما، يفترض أن نسأل أولاً عن تأثير المرحلة برمتها فيها من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والحروب، فـ"هناك ظروف كثيرة أثرت في الدراما وقد تكون دراما النجم من تداعيات كل ما يحدث، وحتى المفاهيم تغيرت ويتم تناولها اليوم من منظور آخر ومختلف".
تناسب قدرات
وتابعت حنا "اليوم يعدّ الممثل أهم عنصر في الدراما، إنه يفرض نفسه أكثر من المخرج والكاتب، فبعد اختياره يأخذ المؤلف في الاعتبار ما يناسب قدراته وما يبرع به وهو يكتب"، لافتة إلى أنه "عندما يُطلب عمل لممثل معين نختار قصة على مقاس إمكاناته، وهذه المسألة عالمية وتحدث حتى في هوليوود لأن الممثل هو الذي يؤمن المشاهدة وحتى كتابها يواجهون هذا الواقع".
واستطردت "الدراما السورية نجحت وانتشرت لأنها كانت تعتمد على البطولات الجماعية ومن دون تفضيل لممثل على آخر، وكانت مساحة الأدوار متفاوتة ولكل دور فاعلية في العمل، وهذا الشرط لم يعد موجوداً، وبالنسبة إلى الأعمال التي تسوق على اسم الممثل فلا بد من أن تتوافر فيها عناصر أخرى قوية لكي تنجح".
ذكاء المحطات
الممثلة رنا شميس قالت إنها كممثلة لا يمكن أن تعتبره سلباً أو إيجاباً لأنها مغلوب على أمرها، مضيفة "لا يمكنني أن أضع نفسي مكان المنتج لأنه صاحب رأس المال ويرفض الخسارة، بينما الوضع يمكن أن يتغير عندما يصبح الإنتاج بيد الدولة".
وأكدت أنها تفضل دراما القصة على دراما الممثل "لكن المحطات ذكية جداً في خياراتها وفي توقيت عرض المسلسلات لأنها عندما تعرض عملاً واحداً فلا شك في أنه سيحظى بالمتابعة مع أن نسب المشاهدة ليست هي التي تحدد قيمة العمل، وهناك أعمال يتابعها الجمهور لأن فيها ما هو خارج عن المألوف مثل الملابس المختلفة مع أن الممثل ليس عارض أزياء أو مدوّناً، لكن المهنة بدأت تتجرد من إنسانيتها"، مشيرة إلى أن دراما القصة تبقى لأنها تجسد حقيقة وليست مجرد مادة للتسلية".
في الدراما كل شيء يبدأ من الممثل بسبب عدم توافر النصوص كما ترى شميس، موضحة "توجد أزمة نصوص بدليل التركيز على إنتاج الدراما المعربة ولست ضدها، لكن التنويع ضروري، إذ إن الشوارع كانت تخلو من الناس عند عرض عمل محبوك بشكل جيد ويضم مجموعة جميلة من الممثلين، إلا أن هذه الحال لم تعد موجودة اليوم وربما مسلسل ’الزند‘ هو العمل الوحيد الذي كان هناك إجماع حوله في الموسم الرمضاني الماضي".
قصة مفقودة
المخرجة إيناس الدغيدي قالت إن الممثل هو الرقم واحد من حيث الأهمية في الدراما التلفزيونية ويليه المخرج لأن "التركيز يكون على اسم الممثل القادر على تسويق المسلسل من دون الالتفات إلى جودته، وهو يوافق عادة على قصة غير مكتوبة، وفي الأساس كل الأعمال تكتب خلال التصوير وعند عرض المسلسل على الهواء".
ونفت الدغيدي دور الـ"سوشيال ميديا" في هذه الحالة، موضحة أن "الجمهور يحب بعض النجوم ويتابع أعمالهم وإذا أعجبه العمل ترتفع أسهم النجم أكثر، حتى إن بعضهم لا يملكون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعود السبب في انتشار هذه الظاهرة إلى أن المنتجين يبيعون أعمال هؤلاء النجوم للمحطات قبل إنجازها".
طريقة تجارية
وأشارت إلى أنه "يمكن أن يفشل العمل لأن بعض الممثلين غير ملائمين للأدوار، كما أن العمل الفني جماعي وليس فردياً، ومع أن النجوم يخافون على أسمائهم ولكنهم يوافقون على بطولة مسلسل نصفه غير مكتوب لأن السوق تعتمد هذه الطريقة، وهذا أمر مرفوض عندي كمخرجة لأن نهاية العمل هي الأهم بالنسبة لي، كما يهمني أن أعرف طريقة سير الأحداث ولا أعتقد بأن أي أحد في العالم يرضى بالعمل بهذه الطريقة".
ودراما النجم تركت آثارها السلبية على الدراما المصرية بحسب الدغيدي، فـ"كل الإنتاجات تنحصر في الموسم الرمضاني بسبب ازدهار سوق الإعلانات، كما أن أسعار الأعمال في رمضان تكون أعلى مع أن الكلفة هي واحدة خلال الشهر الفضيل وخارجه".
إلى ذلك فإن "المنتجين يبدأون بالتصوير قبل بدء هذا الموسم بشهرين كي لا تتجمد أموالهم لفترة طويلة وكل هذا يتم على حساب النوعية فيصوّر المسلسل وينفذ بسرعة قياسية للحاق بالسباق الرمضاني" وفق ما قالت الدغيدي، لافتة إلى أن هذا الضغط الزمني يتسبب في عدم الراحة لكل فريق العمل، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع على الدراما، كما أن الأولوية أصبحت للمال وليس للنوعية".