فرنسا
اللغة
نشأة اللغة الفرنسية وتطورها: تنتمي اللغة الفرنسية la langue française إلى عائلة لغات الرومانس langues romanes المتفرّعة من اللاتينية العامية التي سادت في عهد الامبراطورية الرومانية، التي هي بدورها فرع من اللغات الهندية ـ الأوربية Indo-européennes. والفرنسية هي اللغة الغالية (لغة بلاد الغال) العامية، كما دوّنت في منطقة شمال نهر اللوار بدءاً من القرن التاسع الميلادي. ينطق بالفرنسية سكان فرنسا وجزء من سكان بلجيكا وسويسرا والمستعمرات الفرنسية السابقة والحالية بما فيها غويّانا الفرنسية وشمال غربي إفريقيا والهند الصينية وهاييتي ومدغشقر وأجزاء من كندا.
كان قدماء سكان بلاد الغال أو ما يعرف اليوم باسم فـرنسا يتكلمون اللغة السلتية Celtique، التي اشتقت منها اللغة الأيرلندية والويلزية والبروتون Breton وسواها من اللغات السلتية الحديثة. وقـد استعارت اللغـة الفرنسية الحديثـة ما يقارب الخمسين مفـردة، منها كلمـة «ألـويت» alouette (القبّرة) المشتقة من السلتية - اللاتينية alauda، وكلمة char (العربة) وأصلها carrus.
عندما غزا القائد الروماني يوليوس قيصر بلاد الغال نشر اللاتينية فيها، بعد أن كان استخدام هذه اللغة وتدريسها مقتصرين على المناطق الواقعة جنوبي فرنسا. كانت اللاتينية آنذاك متنوعة الأشكال وتختلف حسب المكانة الاجتماعية ودرجة ثقافة الناطقين بها. فكانت هناك اللاتينية العامية التي غدت آنذاك أداة التواصل بين أبناء فئات الشعب غير المثقفة، واللاتينية الفصحى لغة أهل الأدب والعلم والخطابة. وبعد مضي ثلاثة قرون على غزو قيصر حلّت اللاتينية تماماً محلّ السلتية لتصبح لغة العامة والمثقفين من خطباء وأدباء، وكانت اللغة التي تُلقى بها العظات والقداس الإلهي. ثم ما لبثت الهوة أن اتسعت وتعمّقت بين الفصحى والعامية، إلى أن تكوَّن ما يسمى باللغة الرومنسية (اللاتينية العامية) التي اختلفت عن الفصحى اختلافاً جوهرياً.
لم يكن أتباع الكنيسة من عامة الشعب قادرين على فهم اللغة اللاتينية الفصحى، مما دعا مجمع الأساقفة المجتمعين في مدينة تور Tours الفرنسية عام 816 إلى إلزام رجال الدين استخدام اللغة الرومنسية في الوعظ والتبشير، الأمر الذي أعطى هذه اللغة شرعية حقيقية وثبّت دعائمها. ولا عجب في أن اثنين من أقدم ثلاثة نصوص دوّنت باللغة الفرنسية هي نصوص دينية أحدها قصيدة قصيرة كتبت في تمجيد القديسة أولالي Sainte Eulalie، والآخر كناية عن ملاحظات دُوّن نصفها باللغة الرومنسية والنصف الآخر باللاتينية.
إن الفضل الحقيقي في ولادة الأدب الفرنسي يعود للملك شارلمان Charlemagne، من القرن الثامن، الذي فرض على رجال الكنيسة إلقاء عظاتهم باللغة العامية السائدة، فحرّض بذلك على تطوير اللغة الرومنسية أو اللاتينية العامية. وبما أن رجال الدين لم يكونوا على دراية كافية باللغة اللاتينية، فقد شكلت كتابة وتقعيد لغة محكية لهم صعوبة بالغة، لذا فقد أخضعوا اللغة الفرنسية القديمة للنماذج التي كانت توفرها اللاتينية وأغنوها بعدد كبير من المفردات، كما كيّفوا قواعد اللغة الجديدة مع قواعد اللاتينية.
في القرن التاسع الميلادي، كان نهر اللوار Loire يقسم فرنسا إلى منطقتين لغويتين، فقد أخذت اللهجات المحكية في شماله وتلك المحكية في جنوبه بالتطور على نحو منفصل لتتحول إلى لغتين مختلفتين: لغة الشمال وسميت «لغة الأويل» langue d’oïl، وشملت لهجات الوالون wallon، والبيكار picard، وأنجيه angevin والنورمندي le normand، ولهجة الجزيرة الفرنسية Ile de France أو باريس التي كانت تعرف باللغة الفرانسية le francien. أما لغة الجنوب فقد عرفت باسم « لغة الأوك» langue d'oc، وشملت الليموزانية limousin، والأوڤرنية auvergnat، والغاسكونية gascon، والبروڤنسية provençal.
لم تختلف لغات الشمال والجنوب في خصائصها التركيبية بقدر اختلافها في خصائصها الصوتية، وخاصة في معالجة كل منها للصوت اللاتيني الحر غير المنبور/a/ الذي تحوّل في لغة الشمال إلى/e/، بينما ظل على حاله في الجنوب. وهكذا فإن الكلمة اللاتينية «ماريه» mare - وتعني البحر - تحوّلت إلى «مير» mer في لغة الشمال، وإلى «مار» mar في لغة الجنوب. وكانت لغة الجنوب الأهم بين اللغتين، إذ كتبت بها قصائد وأعمال أدبية كثيرة، حتى إنها بدت في القرن الثاني عشر الأقوى والأقدر على البقاء والسيطرة، لكن سرعان ما تراجعت أهميتها وخبا بريقها، وباتت الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة البروڤنسية نادرة علماً أن هذه اللغة تركت في اللغة الفرنسية الحديثة مخزوناً كبيراً من المفردات يقدرّ بنحو خمسمئة كلمة.
كان لقيام الملكية في فرنسا وتطورها وامتداد نفوذها انطلاقاً من العاصمة باريس الفضل الأكبر في تثبيت دعائم لغة الشمال ونشر إحدى لهجاتها، ألا وهي الفرانسية. ومنذ أن توّج دوق فرنسا هوغ الأوّل الملقّب هوغ كابيه Hugues Capet ملكاً على فرنسا في القرن العاشر، أصبحت باريس مركزاً للدولة، الأمر الذي سهّل انتشار اللغة الفرانسية. ومع بداية القرن الحادي عشر راودت بعضهم فكرة مفادها أن الفرانسية قادرة، شأنها في ذلك شأن اللاتينية، على التعبير عن كل شيء، بما في ذلك القانون والفلسفة والأدب وسواها من الحقول المعرفية. وما لبثت أن سيطرت تدريجياً بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر على سائر اللهجات الأخرى وغدت الأوسع انتشاراً في أوربا، فكانت لغة البلاط في نابولي، وكان الأمراء والبارونات الألمان يحتفظون بمربين وأوصياء من أصل فرنسي ليعلموها لأولادهم. وفي إنكلترا نافست الفرانسية اللغة الإنكليزية بقوة لغةً محكية طوال قرنين بعد الغزو النورمندي لها عام 1066، بل إنها كادت أن تحل محلّها لغةَ أدب.
أدّت حرب المئة عام التي نشبت بين فرنسا وإنكلترا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر دوراً كبيراً في تغذية النزعة القومية لدى الفرنسيين فتحوّلت الفرانسية، لهجة عاصمة المملكة، إلى لغة قومية فصحى وحلّت تماماً محل سائر لهجات الشمال والجنوب لتصبح ما يعرف اليوم باسم اللغة الفرنسية.
تأثرت اللغة الفرنسية في تلك الفترة من القرون الوسطى بعدد كبير من المفردات العربية، وذلك لمكانة العلوم العربية آنذاك، إذ أخذ طالبو العلم الفرنسيون يتعلمون العربية، فنقلوا إلى لغتهم الأم كثيراً من مفرداتها. كذلك الأمر فيما يخص الفرنسيين الذين شاركوا في الحملات الصليبية، فقد حمل هؤلاء إلى بلادهم كثيراً من المفردات العربية التي أغنوا بها لغتهم. من بين هذه المفردات على سبيل المثال لا الحصر «الكحول» alcool و«السكر» sucre و«الجبر» algèbre، وغيرها كثير.
حمل القرن السادس عشر للّغة الفرنسية تطوراً كبيراً. ففي عام 1539 أصدر ملك فرنسا فرانسوا الأول François I قراراً بعدِّ اللغة الفرنسية اللغة الرسمية للمملكة. وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر، وتحديداً في أثناء حكم الملك هنري الثالثHenri III ما بين (1574-1589)، عدََّت مجموعة من الشعراء الفرنسيين عرفت بجماعة البليّاد[ر] La Pléiade أو الثريا، أن اللغة الفرنسية لغة ترقى لأن تكون لغة النثر والشعر. وأقرّت هذه الجماعة بحاجة اللغة الفرنسية للتطوير، وأوصت بتطويرها استناداً إلى روائع الأدب الإغريقي واللاتيني.
في القرن السابع عشر، نجح الشاعر فرانسوا دي ماليرب François de Malherbe بفضل أعماله الشعرية والنقدية في وضع معايير تضبط استخدام اللغة الفرنسية بالشكل الصحيح مما جعل منها لغة أنيقة وأداة تعبير دقيقة عن خلجات النفس وثمار الفكر. ويعدّ معجم مجمع اللغة الفرنسية الذي أسسه الكاردينال ريشليو[ر] Richelieu عام 1635 أحد أهم الخطوات التي أدت إلى تطوير اللغة الفرنسية وتقييسها واستقرارها، إضافة إلى تطور الطباعة وانتشارها. شرع المجمع بالعمل على إصدار هذا المعجم رسمياً عام 1639 وصدرت الطبعة الأولى منه عام 1694، وما لبثت أن تبعتها سبع طبعات أخرى. وقد بلغت اللغة الفرنسية ذروة أهميتها في أثناء حكم الملك لويس الرابع عشر Louis XIV ما بين (1638- 1715)، إذ غدت لغة عالمية في أوربا وأصبحت لغة العلم والفكر والأدب والدبلوماسية.
تطورت اللغة الفرنسية في القرن السابع عشر لتأخذ شكلها الحالي فلم تعد لغة إلحاقية، إذ تخلت عن معظم نهاياتها الصرفية ولم تعد اللاحقات الصرفية désinences flexionnelles (أي الزائدات التي تضاف إلى آخر الكلمة كعلامات الإعراب) هي التي يعتمد عليها في إظهار العلاقات النحوية في الجملة خلافاً لما هو عليه الحال في اللاتينية واليونانية. وهكذا تحوّلت الفرنسية إلى لغة تعتمد في إظهار العلاقات النحوية بين مكونات الجملة على موقع هذه المكونات، فغدا موقع الكلمات في الجملة ordre des mots شبه ثابت في حين كان حراً في اللاتينية، كذلك ازداد الاعتماد على شبه جملة الجر المؤلفة من الجار والمجرور syntagmes prépositionnels للتعبير عن العلاقة النحوية التركيبية بين المفردات.
اقتصرت التطورات الطفيفة والبطيئة التي طرأت على اللغة الفرنسية منذ إصدار معجم مجمع اللغة الفرنسية على بعض الخصائص اللفظية وعلى إضافة بعض المفردات. فقد نتج من الحروب التي نشبت بين فرنسا وإيطاليا في النصف الأول من القرن السادس عشر إضافة ما يزيد على 800 كلمة جديدة معظمها مرتبط بحقل الفنون مثل كلمة «أوبرا» opéra، أو مفردات عسكرية مثل كلمة «كولونيل» colonel و«سولدا» soldat (جندي). وفي بداية القرن السابع عشر، أغنت الحروب التي خاضتها فرنسا ضد إسبانيا اللغة الفرنسية بما يقارب مئتي كلمة، من بينها «سيغار» cigare و«نيغر» nègre (زنجي). أما الحروب التي نشبت بين فرنسا وألمانيا فقد أدت إلى دخول بضع كلمات ألمانية إلى اللغة الفرنسية مثل كلمة «بلوكوس» blocus (حصار).
خصائصها العامة الصوتية والنحوية والصرفية: يمتاز النظام الصوتي للغة الفرنسية بالوضوح والدقة والقياس. فهو يحتوي على أكثر من ستة وثلاثين صوتاً كلامياً (فهناك مثلاً ثلاثة أصوات لكل من الأحرف [a] و[é] و[o] و[e]، واثنان لكل من [i] و[u]). وهي تنقسم إلى ستة عشر صائتاً voyelle (منها 12 فموي داخلي مثل [o]، وفموي خارجي مثل [u]، وفموي متوسط مثل [a]) وسبعة عشر صامتاً consonne. وينتج من ارتباط الصوامت بالصوائت تراكيب صوتية غاية في الغنى تقسم إلى مقاطع صوتية syllabe. تتألف الكلمات من ارتباط صامت بصائت، ويختلف طول الكلمة بحسب عدد الصواتم phonèmes أو الوحدات الصوتية الصغرى التي تدخل في تركيبها. ويمكن أن تتألف الكلمة من صائت واحد (كما هي الحال بالنسبة لحرفي الجر «à» و «en») أو من ارتباط صامت واحد بصائت واحد كما هي الحال في ضمير المتكلم الفاعل «je». وهناك تراكيب معجمية أكثر غنى تنتج من ارتباط الصامت بالصائت مثل «haute» (مرتفعة)، و«âge» (عمر). ويمكن أن يصل عدد الصوامت في الكلمة الواحدة إلى ستة مثل «arrivage» (وصول). ويمكن أن يوجد في الفرنسية كلمات أطول من ذلك، على الرغم من أنها لغة تؤثر الكلمات القصيرة على الكلمات الطويلة. وبمقارنة الفرنسية باللغات الأخرى، كالإنكليزية والإسبانية والألمانية، فإنها لا تحتوي على أصوات رطبة mouillé كما هي الحال في الإسبانية باستثناء الصوت «نيو» gn. كما أنها لا تحتوي على أصوات قاسية، وليس فيها أصوات شبه انسدادية semi-occlusives مثل «tch» و«ts»، كما في الألمانية والإنكليزية.
من الناحية المعجمية، تندرج اللغة الفرنسية ضمن اللغات التأليفية كونها تعتمد في نظامها الاشتقاقي على دمج الزوائد بجذور الكلمات، وتشتق مفرداتها حسب مبدأ الزيادة affixation القائم على الإسباق préfixation والإلحاق suffixation. فكلمة مثل النعت impardonnable (لا يغتفر) مؤلفة من الجذر الاسمي «pardon» (العفو)، والسابقة «im» للدلالة على النفي، واللاحقة «able» للدلالة على الاحتمال أو القابلية.
ومن الناحية الصرفية، أسقطت اللغة الفرنسية، بخلاف اللاتينية التي تفرعت منها، اللاحقات الصرفية للتعبير عن العلاقات النحوية، فهي تفتقر لعلامات الإعراب التي تميز الفاعل من المفعول والمسند من المسند إليه، لكنها بالمقابل استعاضت من ذلك باعتماد مبدأ توضّع مكوّنات الجملة في موقع ثابت فيما يخص الأمر الذي يسهّل معرفة محل الاسم من الإعراب في غياب علامات الإعراب. إلا أن علامات الإعراب لم تغب على نحو كامل، إذ إنها تظهر جلية في الضمائر المتصلة التي يمكن التمييز فيها بين حالات الرفع nominatif والنصب accusatif والجر génitif والمفعولية غير المباشرة datif.
من جـهة أخـرى، تمتاز الفرنسية بنظام صرفي غني للأفعال التي تصنّف في أربع مجموعات: أفعال الفئة الأولى مثل «manger»، وأفعال الفئة الثانية مثل «partir»، وأفعال الفئة الثالثة مثل «finir» وأفعال الفئة الرابعة أو الأفعال الشاذة مثل «faire». تصرّف الأفعال بحسب الفئة التي تنتمي إليها وفق أربع صيغ مختلفة هي: الصيغة الإخبارية indicatif، وصيغة النصب subjonctif التي تستخدم للربط أو التمني، والصيغة الشرطية conditionnel، وصيغة الأمر، وتبعاً لموقعها على محور الزمن. يصرّف الفعل في الصيغة الدلالية إلى عدد كبير من الأزمنة، أكثرها استخداماً الحاضر والمستقبل البسيط والمستقبل المركّب والماضي البسيط والماضي المركب والماضي غير المكتمل والماضي غير المكتمل الزائد.
تصرّف الأفعال في الأزمنة المركبة باستخدام فعل مساعد واسم مفعول الفعل المراد تصريفه. ويصرّف المبني للمجهول في الأزمنة البسيطة باستخدام الفعل المساعد «être» واسم مفعول الفعل. وتقسم الأفعال في الفرنسية إلى فئتين بحسب استخدامها لأحد فعلين مساعدين في تصريف الأزمنة المركبة لمختلف الصيغ، وهما فعل الكون être ، وفعل التملك avoir. فعلى سبيل المثال تصرّف كلّ من الأفعال الدالة على الحركة في الاتجاهات الأربعة والأفعال الضمائرية verbe pronominalوالأفعال الحالية مثل «paraître» و «sembler» و«devenir» والأفعال المبنية للمجهول باستخدام فعل الكون «être» كفعل مساعد للدلالة على الزمن المركب كأن يقال: «Jean est descendu» (نزل جان) و«Jean s’est couché» (نام جان). أمّا باقي الأفعال فتصرّف في الأزمنة المركبة باستخدام «avoir» مثل «Elle a acheté des livres» (اشترت كتباً).
أمّا من الناحية النحوية، فتتألف الجملة الفرنسية الفعلية من فاعل وفعل تليه التتمة. والفعل في اللغة الفرنسية شأنه في ذلك شأن سائر اللغات الأخرى المألوفة السامية منها (كالعربية) والرومنسية (كالإسبانية والإيطالية) والجرمانية (كالإنكليزية) لازم أو متعد. ويمكن أن يتعدى إلى مفعول واحد أو أكثر. وتكون تتمة الفعل اسماً أو شبه جملة أو جملة أو كليهما أو كل ذلك معاً. والجملة الفرنسية تقريرية أو استفهامية أو طلبية أو تعجبية، وتكون إمّا في صيغة الإثبات أو النفي. يكون الفعل المركزي الذي يكوّن نواة الجملة متصرّفاً حتماً، ويتبع الفعل المتصرّف الفاعل دوماً في حالة الإفراد أو الجمع، كما يتبعه في حالة المتكلم أو المخاطب أو الغائب، في حين لا يتبعه في حالتي التأنيث والتذكير. لا يصرّف الفعل في الجملة بل يبقى في صيغة المصدر infinitif إذا أتى بعد الأحرف «à» و«de» و«pour»، أو إذا لحق بفعل آخر.
أما الأسماء في الفرنسية فهي مؤنثة أو مذكرة، وهناك تطابق في الجنس genre بين الاسم والنعت وبين الاسم وأداة التعريف أو التنكير وأسماء الإشارة وضمائر الملكية التي تتقدم على الاسم من حيث موقعها في الجملة. وتكون الأسماء مسبوقة بأداة تعريف أو تنكير تختلف في صيغتها بحسب جنس الاسم الذي تسبقه (مؤنث أو مذكر) وعدده (مفرد أو جمع). وحدها أسماء الأعلام والأسماء التي تدخل في بعض التعابير الاصطلاحية expressions idiomatiques ترد مجرّدة من أدوات التعريف والتنكير.
الضمائر في الفرنسية نوعان : ضمائر منفصلة لا تحمل علامة إعراب ولا يستدل على وظيفتها النحوية إلاّ من موقعها في الجملة، وضمائر متصلة تركيبياً بالفعل، منفصلة معجمياً عنه، تتبدل صيغتها بحسب حالتها الإعرابية. فهناك الضمائر المتصلة المرفوعة والمنصوبة والمجرورة وتلك التي تدلّ على مفعول غير مباشر وتحل محل اسم مسبوق بحرف الجر «à». تحمل الضمائر بنوعيها المنفصل والمتصل صيغة المتكلم أو المخاطب أو الغائب، ويختلف تصريفها بحسب صيغة العدد (الإفراد والجمع)، ولا يحمل صيغتي التذكير أو التأنيث إلاّ ضمير الغائب، في حين لا وجود لصيغة المثنى في الفرنسية.
لبانة مشوّح
اللغة
نشأة اللغة الفرنسية وتطورها: تنتمي اللغة الفرنسية la langue française إلى عائلة لغات الرومانس langues romanes المتفرّعة من اللاتينية العامية التي سادت في عهد الامبراطورية الرومانية، التي هي بدورها فرع من اللغات الهندية ـ الأوربية Indo-européennes. والفرنسية هي اللغة الغالية (لغة بلاد الغال) العامية، كما دوّنت في منطقة شمال نهر اللوار بدءاً من القرن التاسع الميلادي. ينطق بالفرنسية سكان فرنسا وجزء من سكان بلجيكا وسويسرا والمستعمرات الفرنسية السابقة والحالية بما فيها غويّانا الفرنسية وشمال غربي إفريقيا والهند الصينية وهاييتي ومدغشقر وأجزاء من كندا.
كان قدماء سكان بلاد الغال أو ما يعرف اليوم باسم فـرنسا يتكلمون اللغة السلتية Celtique، التي اشتقت منها اللغة الأيرلندية والويلزية والبروتون Breton وسواها من اللغات السلتية الحديثة. وقـد استعارت اللغـة الفرنسية الحديثـة ما يقارب الخمسين مفـردة، منها كلمـة «ألـويت» alouette (القبّرة) المشتقة من السلتية - اللاتينية alauda، وكلمة char (العربة) وأصلها carrus.
عندما غزا القائد الروماني يوليوس قيصر بلاد الغال نشر اللاتينية فيها، بعد أن كان استخدام هذه اللغة وتدريسها مقتصرين على المناطق الواقعة جنوبي فرنسا. كانت اللاتينية آنذاك متنوعة الأشكال وتختلف حسب المكانة الاجتماعية ودرجة ثقافة الناطقين بها. فكانت هناك اللاتينية العامية التي غدت آنذاك أداة التواصل بين أبناء فئات الشعب غير المثقفة، واللاتينية الفصحى لغة أهل الأدب والعلم والخطابة. وبعد مضي ثلاثة قرون على غزو قيصر حلّت اللاتينية تماماً محلّ السلتية لتصبح لغة العامة والمثقفين من خطباء وأدباء، وكانت اللغة التي تُلقى بها العظات والقداس الإلهي. ثم ما لبثت الهوة أن اتسعت وتعمّقت بين الفصحى والعامية، إلى أن تكوَّن ما يسمى باللغة الرومنسية (اللاتينية العامية) التي اختلفت عن الفصحى اختلافاً جوهرياً.
لم يكن أتباع الكنيسة من عامة الشعب قادرين على فهم اللغة اللاتينية الفصحى، مما دعا مجمع الأساقفة المجتمعين في مدينة تور Tours الفرنسية عام 816 إلى إلزام رجال الدين استخدام اللغة الرومنسية في الوعظ والتبشير، الأمر الذي أعطى هذه اللغة شرعية حقيقية وثبّت دعائمها. ولا عجب في أن اثنين من أقدم ثلاثة نصوص دوّنت باللغة الفرنسية هي نصوص دينية أحدها قصيدة قصيرة كتبت في تمجيد القديسة أولالي Sainte Eulalie، والآخر كناية عن ملاحظات دُوّن نصفها باللغة الرومنسية والنصف الآخر باللاتينية.
إن الفضل الحقيقي في ولادة الأدب الفرنسي يعود للملك شارلمان Charlemagne، من القرن الثامن، الذي فرض على رجال الكنيسة إلقاء عظاتهم باللغة العامية السائدة، فحرّض بذلك على تطوير اللغة الرومنسية أو اللاتينية العامية. وبما أن رجال الدين لم يكونوا على دراية كافية باللغة اللاتينية، فقد شكلت كتابة وتقعيد لغة محكية لهم صعوبة بالغة، لذا فقد أخضعوا اللغة الفرنسية القديمة للنماذج التي كانت توفرها اللاتينية وأغنوها بعدد كبير من المفردات، كما كيّفوا قواعد اللغة الجديدة مع قواعد اللاتينية.
في القرن التاسع الميلادي، كان نهر اللوار Loire يقسم فرنسا إلى منطقتين لغويتين، فقد أخذت اللهجات المحكية في شماله وتلك المحكية في جنوبه بالتطور على نحو منفصل لتتحول إلى لغتين مختلفتين: لغة الشمال وسميت «لغة الأويل» langue d’oïl، وشملت لهجات الوالون wallon، والبيكار picard، وأنجيه angevin والنورمندي le normand، ولهجة الجزيرة الفرنسية Ile de France أو باريس التي كانت تعرف باللغة الفرانسية le francien. أما لغة الجنوب فقد عرفت باسم « لغة الأوك» langue d'oc، وشملت الليموزانية limousin، والأوڤرنية auvergnat، والغاسكونية gascon، والبروڤنسية provençal.
لم تختلف لغات الشمال والجنوب في خصائصها التركيبية بقدر اختلافها في خصائصها الصوتية، وخاصة في معالجة كل منها للصوت اللاتيني الحر غير المنبور/a/ الذي تحوّل في لغة الشمال إلى/e/، بينما ظل على حاله في الجنوب. وهكذا فإن الكلمة اللاتينية «ماريه» mare - وتعني البحر - تحوّلت إلى «مير» mer في لغة الشمال، وإلى «مار» mar في لغة الجنوب. وكانت لغة الجنوب الأهم بين اللغتين، إذ كتبت بها قصائد وأعمال أدبية كثيرة، حتى إنها بدت في القرن الثاني عشر الأقوى والأقدر على البقاء والسيطرة، لكن سرعان ما تراجعت أهميتها وخبا بريقها، وباتت الأعمال الأدبية المكتوبة باللغة البروڤنسية نادرة علماً أن هذه اللغة تركت في اللغة الفرنسية الحديثة مخزوناً كبيراً من المفردات يقدرّ بنحو خمسمئة كلمة.
كان لقيام الملكية في فرنسا وتطورها وامتداد نفوذها انطلاقاً من العاصمة باريس الفضل الأكبر في تثبيت دعائم لغة الشمال ونشر إحدى لهجاتها، ألا وهي الفرانسية. ومنذ أن توّج دوق فرنسا هوغ الأوّل الملقّب هوغ كابيه Hugues Capet ملكاً على فرنسا في القرن العاشر، أصبحت باريس مركزاً للدولة، الأمر الذي سهّل انتشار اللغة الفرانسية. ومع بداية القرن الحادي عشر راودت بعضهم فكرة مفادها أن الفرانسية قادرة، شأنها في ذلك شأن اللاتينية، على التعبير عن كل شيء، بما في ذلك القانون والفلسفة والأدب وسواها من الحقول المعرفية. وما لبثت أن سيطرت تدريجياً بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر على سائر اللهجات الأخرى وغدت الأوسع انتشاراً في أوربا، فكانت لغة البلاط في نابولي، وكان الأمراء والبارونات الألمان يحتفظون بمربين وأوصياء من أصل فرنسي ليعلموها لأولادهم. وفي إنكلترا نافست الفرانسية اللغة الإنكليزية بقوة لغةً محكية طوال قرنين بعد الغزو النورمندي لها عام 1066، بل إنها كادت أن تحل محلّها لغةَ أدب.
أدّت حرب المئة عام التي نشبت بين فرنسا وإنكلترا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر دوراً كبيراً في تغذية النزعة القومية لدى الفرنسيين فتحوّلت الفرانسية، لهجة عاصمة المملكة، إلى لغة قومية فصحى وحلّت تماماً محل سائر لهجات الشمال والجنوب لتصبح ما يعرف اليوم باسم اللغة الفرنسية.
تأثرت اللغة الفرنسية في تلك الفترة من القرون الوسطى بعدد كبير من المفردات العربية، وذلك لمكانة العلوم العربية آنذاك، إذ أخذ طالبو العلم الفرنسيون يتعلمون العربية، فنقلوا إلى لغتهم الأم كثيراً من مفرداتها. كذلك الأمر فيما يخص الفرنسيين الذين شاركوا في الحملات الصليبية، فقد حمل هؤلاء إلى بلادهم كثيراً من المفردات العربية التي أغنوا بها لغتهم. من بين هذه المفردات على سبيل المثال لا الحصر «الكحول» alcool و«السكر» sucre و«الجبر» algèbre، وغيرها كثير.
حمل القرن السادس عشر للّغة الفرنسية تطوراً كبيراً. ففي عام 1539 أصدر ملك فرنسا فرانسوا الأول François I قراراً بعدِّ اللغة الفرنسية اللغة الرسمية للمملكة. وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر، وتحديداً في أثناء حكم الملك هنري الثالثHenri III ما بين (1574-1589)، عدََّت مجموعة من الشعراء الفرنسيين عرفت بجماعة البليّاد[ر] La Pléiade أو الثريا، أن اللغة الفرنسية لغة ترقى لأن تكون لغة النثر والشعر. وأقرّت هذه الجماعة بحاجة اللغة الفرنسية للتطوير، وأوصت بتطويرها استناداً إلى روائع الأدب الإغريقي واللاتيني.
في القرن السابع عشر، نجح الشاعر فرانسوا دي ماليرب François de Malherbe بفضل أعماله الشعرية والنقدية في وضع معايير تضبط استخدام اللغة الفرنسية بالشكل الصحيح مما جعل منها لغة أنيقة وأداة تعبير دقيقة عن خلجات النفس وثمار الفكر. ويعدّ معجم مجمع اللغة الفرنسية الذي أسسه الكاردينال ريشليو[ر] Richelieu عام 1635 أحد أهم الخطوات التي أدت إلى تطوير اللغة الفرنسية وتقييسها واستقرارها، إضافة إلى تطور الطباعة وانتشارها. شرع المجمع بالعمل على إصدار هذا المعجم رسمياً عام 1639 وصدرت الطبعة الأولى منه عام 1694، وما لبثت أن تبعتها سبع طبعات أخرى. وقد بلغت اللغة الفرنسية ذروة أهميتها في أثناء حكم الملك لويس الرابع عشر Louis XIV ما بين (1638- 1715)، إذ غدت لغة عالمية في أوربا وأصبحت لغة العلم والفكر والأدب والدبلوماسية.
تطورت اللغة الفرنسية في القرن السابع عشر لتأخذ شكلها الحالي فلم تعد لغة إلحاقية، إذ تخلت عن معظم نهاياتها الصرفية ولم تعد اللاحقات الصرفية désinences flexionnelles (أي الزائدات التي تضاف إلى آخر الكلمة كعلامات الإعراب) هي التي يعتمد عليها في إظهار العلاقات النحوية في الجملة خلافاً لما هو عليه الحال في اللاتينية واليونانية. وهكذا تحوّلت الفرنسية إلى لغة تعتمد في إظهار العلاقات النحوية بين مكونات الجملة على موقع هذه المكونات، فغدا موقع الكلمات في الجملة ordre des mots شبه ثابت في حين كان حراً في اللاتينية، كذلك ازداد الاعتماد على شبه جملة الجر المؤلفة من الجار والمجرور syntagmes prépositionnels للتعبير عن العلاقة النحوية التركيبية بين المفردات.
اقتصرت التطورات الطفيفة والبطيئة التي طرأت على اللغة الفرنسية منذ إصدار معجم مجمع اللغة الفرنسية على بعض الخصائص اللفظية وعلى إضافة بعض المفردات. فقد نتج من الحروب التي نشبت بين فرنسا وإيطاليا في النصف الأول من القرن السادس عشر إضافة ما يزيد على 800 كلمة جديدة معظمها مرتبط بحقل الفنون مثل كلمة «أوبرا» opéra، أو مفردات عسكرية مثل كلمة «كولونيل» colonel و«سولدا» soldat (جندي). وفي بداية القرن السابع عشر، أغنت الحروب التي خاضتها فرنسا ضد إسبانيا اللغة الفرنسية بما يقارب مئتي كلمة، من بينها «سيغار» cigare و«نيغر» nègre (زنجي). أما الحروب التي نشبت بين فرنسا وألمانيا فقد أدت إلى دخول بضع كلمات ألمانية إلى اللغة الفرنسية مثل كلمة «بلوكوس» blocus (حصار).
خصائصها العامة الصوتية والنحوية والصرفية: يمتاز النظام الصوتي للغة الفرنسية بالوضوح والدقة والقياس. فهو يحتوي على أكثر من ستة وثلاثين صوتاً كلامياً (فهناك مثلاً ثلاثة أصوات لكل من الأحرف [a] و[é] و[o] و[e]، واثنان لكل من [i] و[u]). وهي تنقسم إلى ستة عشر صائتاً voyelle (منها 12 فموي داخلي مثل [o]، وفموي خارجي مثل [u]، وفموي متوسط مثل [a]) وسبعة عشر صامتاً consonne. وينتج من ارتباط الصوامت بالصوائت تراكيب صوتية غاية في الغنى تقسم إلى مقاطع صوتية syllabe. تتألف الكلمات من ارتباط صامت بصائت، ويختلف طول الكلمة بحسب عدد الصواتم phonèmes أو الوحدات الصوتية الصغرى التي تدخل في تركيبها. ويمكن أن تتألف الكلمة من صائت واحد (كما هي الحال بالنسبة لحرفي الجر «à» و «en») أو من ارتباط صامت واحد بصائت واحد كما هي الحال في ضمير المتكلم الفاعل «je». وهناك تراكيب معجمية أكثر غنى تنتج من ارتباط الصامت بالصائت مثل «haute» (مرتفعة)، و«âge» (عمر). ويمكن أن يصل عدد الصوامت في الكلمة الواحدة إلى ستة مثل «arrivage» (وصول). ويمكن أن يوجد في الفرنسية كلمات أطول من ذلك، على الرغم من أنها لغة تؤثر الكلمات القصيرة على الكلمات الطويلة. وبمقارنة الفرنسية باللغات الأخرى، كالإنكليزية والإسبانية والألمانية، فإنها لا تحتوي على أصوات رطبة mouillé كما هي الحال في الإسبانية باستثناء الصوت «نيو» gn. كما أنها لا تحتوي على أصوات قاسية، وليس فيها أصوات شبه انسدادية semi-occlusives مثل «tch» و«ts»، كما في الألمانية والإنكليزية.
من الناحية المعجمية، تندرج اللغة الفرنسية ضمن اللغات التأليفية كونها تعتمد في نظامها الاشتقاقي على دمج الزوائد بجذور الكلمات، وتشتق مفرداتها حسب مبدأ الزيادة affixation القائم على الإسباق préfixation والإلحاق suffixation. فكلمة مثل النعت impardonnable (لا يغتفر) مؤلفة من الجذر الاسمي «pardon» (العفو)، والسابقة «im» للدلالة على النفي، واللاحقة «able» للدلالة على الاحتمال أو القابلية.
ومن الناحية الصرفية، أسقطت اللغة الفرنسية، بخلاف اللاتينية التي تفرعت منها، اللاحقات الصرفية للتعبير عن العلاقات النحوية، فهي تفتقر لعلامات الإعراب التي تميز الفاعل من المفعول والمسند من المسند إليه، لكنها بالمقابل استعاضت من ذلك باعتماد مبدأ توضّع مكوّنات الجملة في موقع ثابت فيما يخص الأمر الذي يسهّل معرفة محل الاسم من الإعراب في غياب علامات الإعراب. إلا أن علامات الإعراب لم تغب على نحو كامل، إذ إنها تظهر جلية في الضمائر المتصلة التي يمكن التمييز فيها بين حالات الرفع nominatif والنصب accusatif والجر génitif والمفعولية غير المباشرة datif.
من جـهة أخـرى، تمتاز الفرنسية بنظام صرفي غني للأفعال التي تصنّف في أربع مجموعات: أفعال الفئة الأولى مثل «manger»، وأفعال الفئة الثانية مثل «partir»، وأفعال الفئة الثالثة مثل «finir» وأفعال الفئة الرابعة أو الأفعال الشاذة مثل «faire». تصرّف الأفعال بحسب الفئة التي تنتمي إليها وفق أربع صيغ مختلفة هي: الصيغة الإخبارية indicatif، وصيغة النصب subjonctif التي تستخدم للربط أو التمني، والصيغة الشرطية conditionnel، وصيغة الأمر، وتبعاً لموقعها على محور الزمن. يصرّف الفعل في الصيغة الدلالية إلى عدد كبير من الأزمنة، أكثرها استخداماً الحاضر والمستقبل البسيط والمستقبل المركّب والماضي البسيط والماضي المركب والماضي غير المكتمل والماضي غير المكتمل الزائد.
تصرّف الأفعال في الأزمنة المركبة باستخدام فعل مساعد واسم مفعول الفعل المراد تصريفه. ويصرّف المبني للمجهول في الأزمنة البسيطة باستخدام الفعل المساعد «être» واسم مفعول الفعل. وتقسم الأفعال في الفرنسية إلى فئتين بحسب استخدامها لأحد فعلين مساعدين في تصريف الأزمنة المركبة لمختلف الصيغ، وهما فعل الكون être ، وفعل التملك avoir. فعلى سبيل المثال تصرّف كلّ من الأفعال الدالة على الحركة في الاتجاهات الأربعة والأفعال الضمائرية verbe pronominalوالأفعال الحالية مثل «paraître» و «sembler» و«devenir» والأفعال المبنية للمجهول باستخدام فعل الكون «être» كفعل مساعد للدلالة على الزمن المركب كأن يقال: «Jean est descendu» (نزل جان) و«Jean s’est couché» (نام جان). أمّا باقي الأفعال فتصرّف في الأزمنة المركبة باستخدام «avoir» مثل «Elle a acheté des livres» (اشترت كتباً).
أمّا من الناحية النحوية، فتتألف الجملة الفرنسية الفعلية من فاعل وفعل تليه التتمة. والفعل في اللغة الفرنسية شأنه في ذلك شأن سائر اللغات الأخرى المألوفة السامية منها (كالعربية) والرومنسية (كالإسبانية والإيطالية) والجرمانية (كالإنكليزية) لازم أو متعد. ويمكن أن يتعدى إلى مفعول واحد أو أكثر. وتكون تتمة الفعل اسماً أو شبه جملة أو جملة أو كليهما أو كل ذلك معاً. والجملة الفرنسية تقريرية أو استفهامية أو طلبية أو تعجبية، وتكون إمّا في صيغة الإثبات أو النفي. يكون الفعل المركزي الذي يكوّن نواة الجملة متصرّفاً حتماً، ويتبع الفعل المتصرّف الفاعل دوماً في حالة الإفراد أو الجمع، كما يتبعه في حالة المتكلم أو المخاطب أو الغائب، في حين لا يتبعه في حالتي التأنيث والتذكير. لا يصرّف الفعل في الجملة بل يبقى في صيغة المصدر infinitif إذا أتى بعد الأحرف «à» و«de» و«pour»، أو إذا لحق بفعل آخر.
أما الأسماء في الفرنسية فهي مؤنثة أو مذكرة، وهناك تطابق في الجنس genre بين الاسم والنعت وبين الاسم وأداة التعريف أو التنكير وأسماء الإشارة وضمائر الملكية التي تتقدم على الاسم من حيث موقعها في الجملة. وتكون الأسماء مسبوقة بأداة تعريف أو تنكير تختلف في صيغتها بحسب جنس الاسم الذي تسبقه (مؤنث أو مذكر) وعدده (مفرد أو جمع). وحدها أسماء الأعلام والأسماء التي تدخل في بعض التعابير الاصطلاحية expressions idiomatiques ترد مجرّدة من أدوات التعريف والتنكير.
الضمائر في الفرنسية نوعان : ضمائر منفصلة لا تحمل علامة إعراب ولا يستدل على وظيفتها النحوية إلاّ من موقعها في الجملة، وضمائر متصلة تركيبياً بالفعل، منفصلة معجمياً عنه، تتبدل صيغتها بحسب حالتها الإعرابية. فهناك الضمائر المتصلة المرفوعة والمنصوبة والمجرورة وتلك التي تدلّ على مفعول غير مباشر وتحل محل اسم مسبوق بحرف الجر «à». تحمل الضمائر بنوعيها المنفصل والمتصل صيغة المتكلم أو المخاطب أو الغائب، ويختلف تصريفها بحسب صيغة العدد (الإفراد والجمع)، ولا يحمل صيغتي التذكير أو التأنيث إلاّ ضمير الغائب، في حين لا وجود لصيغة المثنى في الفرنسية.
لبانة مشوّح