الإصطخري (إبراهيم بن محمد-)
اصطخري (ابراهيم محمد)
Al-Istakhri (Ibrahim bin Mohammad-) - Al-Istakhri (Ibrahim ben Mohammad-)
الإصطخري (إبراهيم بن محمد ـ )
(ت نحو 346هـ/957م)
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطخري، ويعرف بالكرخي أيضاً، جغرافي ورحالة، ينسب إلى مدينة إصطخر، في جنوب غربي إيران، وتُعرف اليوم بـ «تخت جمشيد». عاش في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، ولايعرف على وجه الدقة متى ولد، ولا كيف تقلبت به الحياة حتى وفاته. وتدل القرائن على أنه كان حياً يرزق في العقد الخامس من القرن الرابع الهجري، من ذلك ما يرويه ابن حوقل في كتابه «المسالك والممالك» أنه التقى بالإصطخري في بغداد سنة 340هـ/951م . ومنها ما يذكره الإصطخري عن فتنة وقعت في سمرقند في زمن عبد الملك بن نوح بن نصر الساماني المتوفَّى سنة 350هـ. فعلى هذا يُرجَّح أن وفاة الإصطخري كانت بعد سنة 345هـ.
يُعدُّ الإصطخري في الجغرافيين الذين جمعوا مادتهم العلمية عن طريق المشاهدة بمعاينة الأماكن الجغرافية ووصفها إضافة إلى ما قرأه في مصنفات من سبقه. وقد طاف بلاداً كثيرة مبتدئاً بديار العرب، من الخليج إلى المحيط الأطلسي كما زار بعض بلاد الهند، إضافة إلى بلاد فارس، موطنه الأصلي، التي خَبِرها جيداً، ودَلَّ على ذلك وصفه المفصل لكورها ومدنها وأحيائها وحصونها وأنهارها وبحارها.
وفي جملة ما قام به الإصطخري أنه قسم ديار الإسلام إلى عشرين إقليماً بوصف الإقليم منطقة جغرافية واسعة أو ولاية، ورسم خريطة لكل إقليم، ثم وضع خريطة شاملة لهذه الأقاليم سماها «صورة الكل» وعُنِيَ بدراستها ودراسة الأقسام المهمّة منها إضافة إلى المظاهر الطبيعية والأحوال الاقتصادية والمدن الكبرى والطرق فيها، وقد استعان الإصطخري بكتاب «صور الأقاليم» لأبي زيد البلخي (ت 322هـ) في الوقت الذي لم تكن مصادر علم البلدان متوافرة في عصره. وألف كتابه «صور الأقاليم» محاكياً عنوان كتاب البلخي وصوره، ومن كتبه أيضاً كتاب «مسالك الممالك» بدأه بشرح منهجه الذي اختطه يقول: «فإني ذكرت في كتابي هذا أقاليم الأرض على الممالك، وقصدت منها بلاد الإسلام وتفصيل مدنها، وتقسيم ما يعود بالأعمال المجموعة إليها، ولم أقصد الأقاليم السبعة التي عليها قسمة الأرض، بل جعلت كل قطعة أفردتها مفردة مصورة، ثم ذكرت ما يحيط بالإقليم من الأماكن، وما في أصقاعه من المدن والبقاع المشهورة والبحار والأنهار وما يحتاج إلى معرفته من جوامع ما يشتمل عليه ذلك الإقليمة. لأن الغرض من كتابي هذا تصوير هذه الأقاليم التي لم يذكرها أحدٌ علْمتُه».
ولعل من أهم مميزات كتاب «مسالك الممالك» مواز نته بين المدن، فقد كان يترك التحديد، ويكتفي بالموازنة رغبة في الاختصار. وتحدث في كتابه كذلك عن الخراج في العصر العباسي وعن جبايات أخرى بإيراد تفصيلات عن ثراء بعض المدن وعدد السكان فيها. ونقل ياقوت عن كتابي الإصطخري أو عن أحدهما في معجم البلدان.
ومما يسجل للإصطخري سبقه في إثبات ما كان يعاينه بنفسه، ويجتهد فيه، فلم يكتفِ بما ورد في مصنفات أسلافه، ويبدو هذا النهج في مواضيع عدة من كتابه ومنها كلامه عن النبات والمباني، فقد كان يتقصى أصناف النباتات ولا يهمل المبتذل منها، فكان على سبيل المثال، أوّل من ذكر قصب السكر والأرز في عداد مزروعات خوزستان الخاصة، وأول من تحدث عن صناعات هذا البلد، ويلاحظ في كل صفحة من كتاب «مسالك الممالك» صحة معلومات المؤلف ودقة عرضه.
أما لغة الإصطخري فقد ابتعدت عن الطابع الإنشائي وضروب التكلف، مع صياغة لغوية راقية نحو قوله: «وبحر القلزم (الأحمر) مثل الوادي، به جبال كثيرة قد طغى الماء عليها، وطُرُق السفن بها معروفة لا يهتدي فيها إلا بربّان يتخلل بالسفينة في أضعاف تلك الجبال بالنهار، فأما بالليل فلا يُسْلَك، وماؤه صاف ترى تلك الجبال فيه».
لقي كتاب «مسالك الممالك» عناية كبيرة، فقد كان مرجعاً مهماً لكل من جاء بعده، وترجم إلى الفارسية والتركية، ونشر المستشرق موللر Moller الكتاب سنة 1830م، كما نشره دي غويه De Geoie سنة 1870م ضمن سلسلة مكتبة الجغرافيين العرب. وفي عام 1961م أعادت وزارة الثقافة المصرية نشر الكتاب في السلسلة التي تصدرها بعنوان «تراثنا» وحققه الدكتور عبد العال الحيني.
ج.ت
اصطخري (ابراهيم محمد)
Al-Istakhri (Ibrahim bin Mohammad-) - Al-Istakhri (Ibrahim ben Mohammad-)
الإصطخري (إبراهيم بن محمد ـ )
(ت نحو 346هـ/957م)
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطخري، ويعرف بالكرخي أيضاً، جغرافي ورحالة، ينسب إلى مدينة إصطخر، في جنوب غربي إيران، وتُعرف اليوم بـ «تخت جمشيد». عاش في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، ولايعرف على وجه الدقة متى ولد، ولا كيف تقلبت به الحياة حتى وفاته. وتدل القرائن على أنه كان حياً يرزق في العقد الخامس من القرن الرابع الهجري، من ذلك ما يرويه ابن حوقل في كتابه «المسالك والممالك» أنه التقى بالإصطخري في بغداد سنة 340هـ/951م . ومنها ما يذكره الإصطخري عن فتنة وقعت في سمرقند في زمن عبد الملك بن نوح بن نصر الساماني المتوفَّى سنة 350هـ. فعلى هذا يُرجَّح أن وفاة الإصطخري كانت بعد سنة 345هـ.
يُعدُّ الإصطخري في الجغرافيين الذين جمعوا مادتهم العلمية عن طريق المشاهدة بمعاينة الأماكن الجغرافية ووصفها إضافة إلى ما قرأه في مصنفات من سبقه. وقد طاف بلاداً كثيرة مبتدئاً بديار العرب، من الخليج إلى المحيط الأطلسي كما زار بعض بلاد الهند، إضافة إلى بلاد فارس، موطنه الأصلي، التي خَبِرها جيداً، ودَلَّ على ذلك وصفه المفصل لكورها ومدنها وأحيائها وحصونها وأنهارها وبحارها.
وفي جملة ما قام به الإصطخري أنه قسم ديار الإسلام إلى عشرين إقليماً بوصف الإقليم منطقة جغرافية واسعة أو ولاية، ورسم خريطة لكل إقليم، ثم وضع خريطة شاملة لهذه الأقاليم سماها «صورة الكل» وعُنِيَ بدراستها ودراسة الأقسام المهمّة منها إضافة إلى المظاهر الطبيعية والأحوال الاقتصادية والمدن الكبرى والطرق فيها، وقد استعان الإصطخري بكتاب «صور الأقاليم» لأبي زيد البلخي (ت 322هـ) في الوقت الذي لم تكن مصادر علم البلدان متوافرة في عصره. وألف كتابه «صور الأقاليم» محاكياً عنوان كتاب البلخي وصوره، ومن كتبه أيضاً كتاب «مسالك الممالك» بدأه بشرح منهجه الذي اختطه يقول: «فإني ذكرت في كتابي هذا أقاليم الأرض على الممالك، وقصدت منها بلاد الإسلام وتفصيل مدنها، وتقسيم ما يعود بالأعمال المجموعة إليها، ولم أقصد الأقاليم السبعة التي عليها قسمة الأرض، بل جعلت كل قطعة أفردتها مفردة مصورة، ثم ذكرت ما يحيط بالإقليم من الأماكن، وما في أصقاعه من المدن والبقاع المشهورة والبحار والأنهار وما يحتاج إلى معرفته من جوامع ما يشتمل عليه ذلك الإقليمة. لأن الغرض من كتابي هذا تصوير هذه الأقاليم التي لم يذكرها أحدٌ علْمتُه».
ولعل من أهم مميزات كتاب «مسالك الممالك» مواز نته بين المدن، فقد كان يترك التحديد، ويكتفي بالموازنة رغبة في الاختصار. وتحدث في كتابه كذلك عن الخراج في العصر العباسي وعن جبايات أخرى بإيراد تفصيلات عن ثراء بعض المدن وعدد السكان فيها. ونقل ياقوت عن كتابي الإصطخري أو عن أحدهما في معجم البلدان.
ومما يسجل للإصطخري سبقه في إثبات ما كان يعاينه بنفسه، ويجتهد فيه، فلم يكتفِ بما ورد في مصنفات أسلافه، ويبدو هذا النهج في مواضيع عدة من كتابه ومنها كلامه عن النبات والمباني، فقد كان يتقصى أصناف النباتات ولا يهمل المبتذل منها، فكان على سبيل المثال، أوّل من ذكر قصب السكر والأرز في عداد مزروعات خوزستان الخاصة، وأول من تحدث عن صناعات هذا البلد، ويلاحظ في كل صفحة من كتاب «مسالك الممالك» صحة معلومات المؤلف ودقة عرضه.
أما لغة الإصطخري فقد ابتعدت عن الطابع الإنشائي وضروب التكلف، مع صياغة لغوية راقية نحو قوله: «وبحر القلزم (الأحمر) مثل الوادي، به جبال كثيرة قد طغى الماء عليها، وطُرُق السفن بها معروفة لا يهتدي فيها إلا بربّان يتخلل بالسفينة في أضعاف تلك الجبال بالنهار، فأما بالليل فلا يُسْلَك، وماؤه صاف ترى تلك الجبال فيه».
لقي كتاب «مسالك الممالك» عناية كبيرة، فقد كان مرجعاً مهماً لكل من جاء بعده، وترجم إلى الفارسية والتركية، ونشر المستشرق موللر Moller الكتاب سنة 1830م، كما نشره دي غويه De Geoie سنة 1870م ضمن سلسلة مكتبة الجغرافيين العرب. وفي عام 1961م أعادت وزارة الثقافة المصرية نشر الكتاب في السلسلة التي تصدرها بعنوان «تراثنا» وحققه الدكتور عبد العال الحيني.
ج.ت