فراغونار (جان أونوريه -)
(1732-1806)
جان أونوريه فراغونار Jean-Honoré Fragonard مصور ورسام فرنسي من عصر الروكوكو، شُهر بلوحاته ذات المشاهد الرومانتية في محيط الحدائق.
ولد فراغونار في غراس Grasse لأب بائع للسلع. انتقلت أسرته إلى باريس عام 1738. وفي عام 1747 أُرسل ليتمرن لدى محام في باريس، لكنه أظهر موهبة وميلاً إلى الفن؛ فأُرسل في سن الثامنة عشرة إلى الفنان فرانسوا بوشيه F.Boucher الذي لمس موهبته النادرة لكنه لم يرد إضاعة وقته مع شاب بلا خبرة، فأرسله إلى محترف شاردان Chardin حيث درس مدة ستة شهور بإشرافه، ثم عاد إلى بوشيه وهو أكثر خبرة، وسرعان ما تعلم أسلوبه، مما حدا بالمعلم إلى منح تلميذه ثقة كاملة وسمح له بتنفيذ نسخ عن لوحاته.
ومع أن فراغونار لم يكن طالباً في الأكاديمية الفرنسية في روما، فقد حاز جائزة روما عام 1752 للوحته «كوريسوس يضحي بنفسه لإنقاذ كاليروي» Coresus Sacrifices Himself to Save Callirhoe. وقبل أن ينتقل إلى روما درس فراغونار مدة ثلاث سنوات بإشراف مشجعه شارل أندريه فان لوو Charles-André van Loo، ورسم لوحة «المسيح يغسل أقدام التلاميذ» Christ Washing the Feet of the Apostles الموجودة اليوم في كاتدرائية غراس. وفي عام 1755 مُنح مقراً في الأكاديمية الفرنسية في روما.
وفي الأكاديمية أفاد فراغونار من دراسة أعمال الأساتذة القدماء بنسخ أعمالهم آخذاً في الحسبان نصيحة أستاذه بوشيه بعدم الاهتمام جدياً بأعمال رافايلّو Raffaello وميكلانجلو Michelangelo. وقد نجح على التوالي في محترفات الأساتذة: شاردان وبوشيه وفان لو وناتوار Natoire، على اختلاف أهدافهم وتقاناتهم. كما أن إقامته الصيفية المؤقتة في دارة دست Villa d Este بحدائقها الخلابة كان لها أثر بالغ في صوغ أسلوبه الشخصي أكثر من أي تدريب سابق. ففي تلك الحدائق الرومنسية ببحيراتها وكهوفها وشرفاتها وضع تصوراً للأحلام التي قرر تجسيدها في فنه، وإضافة إلى هذا التأثر كان هناك الانطباع الذي استقاه من أعمال جوفاني باتيستا تيبولو Giovanni Battista Tiepolo التي كان قد درسها في البندقية قبل العودة إلى باريس. وحين انتهت مرحلة دراسته عام 1759 سمح له بالبقاء في الأكاديمية إلى أن التقى الفنانُ الهاوي الميسورُ سان - نون Saint-Non الذي صار أحد مشجعيه الرئيسيين. وفي عام 1760 اصطحبه سان- نون في رحلة طويلة عبر إيطاليا درس في أثنائها اللوحات والآثار الإيطالية القديمة، ووضع مئات من مخططات الرسم المتعلقة بالمشهد المحلي.
بعد عودته إلى باريس عام 1761 عرض فراغونار في إحدى قاعات باريس عدداً من لوحات المناظر الطبيعية إضافة إلى لوحة «كوريسوس يضحي بنفسه لإنقاذ كاليروي» التي لاقت مديحاً مدويِّاً، وأُحضرت إلى الملك لويس الخامس عشر Louis XV، ومن ثم طلب من فراغونار رسم لوحة ملحقة بتلك اللوحة؛ مما كفل له محترَفاً في قصر اللوڤر، وقبوله عضواً في الأكاديمية (1767). وبعد أن صار عضواً في الأكاديمية توقف عن عرض أعماله، وبدأ يتردد في اختيار موضوعاته، فَحَارَ بين الموضوعات الدينية والكلاسية والموضوعات الأخرى إلى أن قرر النزول عند مطالب مشجعي الفن الأثرياء من بلاط لويس الخامس عشر، فاتجه إلى تصوير مشاهد الحب والشهوانية الحسية التي ارتبط اسمه وفنه بها، والتي لاقت قبولاً لافتاً لجمالها ورهافة ألوانها، وبراعة فرشاته ورشاقتها، ومن هذه الأعمال «عهد الحب» The Love Vow و«السقوط» The Tumble و«الأرجوحة» The Swing.
تجلى إعجابه برمبرانت Rembrandt وبيتر روبنز P.P.Rubens وفرانس هالس Frans Hals ومعاصره الإيطالي جيوفاني باتيستا تيبولو في سلسلة صور رؤوس الرجال العجائز التي يعتقد أنه رسمها بين 1760-1767 مثل لوحة «رأس رجل عجوز» Head of an Old Man أتبعها بسلسلة من الصور الشخصية لأشخاص حقيقيين (1765-1772).
أما روائع فراغونار في تلك الحقبة فكانت سلسلة اللوحات الجدارية الكبيرة التي طُلب منه تنفيذها في عام 1770 لتزيين جناح مدام دو باري Mme du Barry في قصر لوفيسيين Louveciennes، وكانت أربع لوحات كبيرة عنوانها «رحلة الحبيب» The Progress of Lover، ولكن تلك اللوحات أعيدت له بسبب فقدان اهتمام العامة بأسلوب عصر الروكوكو وموضوعاته وتفضيلهم الكلاسية الحديثة Néo -Classicisme.
وافق فراغونار بعد مدة وجيزة من رفض مدام دو باري لوحاته على القيام برحلة ثانية إلى إيطاليا (1773-1774)، وفي تلك الرحلة ركز على تصوير المناظر الطبيعية الإيطالية. وفي طريق عودته إلى باريس وقع في حب مارغريت، شقيقة زوجته، التي كانت في الرابعة عشرة من عمرها، مما حدا بفراغونار إلى الاتجاه نحو موضوعات جديدة: مشاهد مستوحاة من الروايات الرومنسية مثل لوحة «الأسرة السعيدة» The Happy Family أو مشاهد تعنى بتربية الأطفال مثل لوحة «المعلمة» The Schoolmistress.
ومع أن فراغونار أمضى جزءاً من حياته العملية في عصر الكلاسية المحدثة فقد استمر في الرسم وفق أسلوب الروكوكو حتى سنوات قليلة قبل الثورة الفرنسية، ليتحول في النهاية إلى موضوعات الكلاسية الجديدة وأسلوبها، وحاول جاهداً تغليب أسلوبها السائد بتركيباته المستوية وسطوحه الناعمة، لكن مد التغيير كان صعباً شديد الوقع عليه فلم يستطع التأقلم معه. وبعد الثورة الفرنسية تسلم مناصب إدارية في اللوڤر، لكن مرسوم نابليون عام 1805 أبعد فراغونار وفنانين آخرين عن إقامتهم في اللوڤر، وبعد سنة توفي في ظروف غامضة مهملاً منسياً.
ترك فراغونار أعمالاً كثيرة منها: «ينبوع الحب» The Fountain of Love و«سيدة تنقش اسمها على شجرة» A Lady Carving her Name on a Tree و«الطفل ذو الشعر الأشقر» The Faired-haired Child و«كاهنة باخوس النائمة» The Sleeping Bacchante و«المستحمات» The Bathers و«ساعة الرعاة» The Shepherds Hour و«الإلهام» Inspiration.
فائق دحدوح
(1732-1806)
جان أونوريه فراغونار Jean-Honoré Fragonard مصور ورسام فرنسي من عصر الروكوكو، شُهر بلوحاته ذات المشاهد الرومانتية في محيط الحدائق.
ولد فراغونار في غراس Grasse لأب بائع للسلع. انتقلت أسرته إلى باريس عام 1738. وفي عام 1747 أُرسل ليتمرن لدى محام في باريس، لكنه أظهر موهبة وميلاً إلى الفن؛ فأُرسل في سن الثامنة عشرة إلى الفنان فرانسوا بوشيه F.Boucher الذي لمس موهبته النادرة لكنه لم يرد إضاعة وقته مع شاب بلا خبرة، فأرسله إلى محترف شاردان Chardin حيث درس مدة ستة شهور بإشرافه، ثم عاد إلى بوشيه وهو أكثر خبرة، وسرعان ما تعلم أسلوبه، مما حدا بالمعلم إلى منح تلميذه ثقة كاملة وسمح له بتنفيذ نسخ عن لوحاته.
ومع أن فراغونار لم يكن طالباً في الأكاديمية الفرنسية في روما، فقد حاز جائزة روما عام 1752 للوحته «كوريسوس يضحي بنفسه لإنقاذ كاليروي» Coresus Sacrifices Himself to Save Callirhoe. وقبل أن ينتقل إلى روما درس فراغونار مدة ثلاث سنوات بإشراف مشجعه شارل أندريه فان لوو Charles-André van Loo، ورسم لوحة «المسيح يغسل أقدام التلاميذ» Christ Washing the Feet of the Apostles الموجودة اليوم في كاتدرائية غراس. وفي عام 1755 مُنح مقراً في الأكاديمية الفرنسية في روما.
وفي الأكاديمية أفاد فراغونار من دراسة أعمال الأساتذة القدماء بنسخ أعمالهم آخذاً في الحسبان نصيحة أستاذه بوشيه بعدم الاهتمام جدياً بأعمال رافايلّو Raffaello وميكلانجلو Michelangelo. وقد نجح على التوالي في محترفات الأساتذة: شاردان وبوشيه وفان لو وناتوار Natoire، على اختلاف أهدافهم وتقاناتهم. كما أن إقامته الصيفية المؤقتة في دارة دست Villa d Este بحدائقها الخلابة كان لها أثر بالغ في صوغ أسلوبه الشخصي أكثر من أي تدريب سابق. ففي تلك الحدائق الرومنسية ببحيراتها وكهوفها وشرفاتها وضع تصوراً للأحلام التي قرر تجسيدها في فنه، وإضافة إلى هذا التأثر كان هناك الانطباع الذي استقاه من أعمال جوفاني باتيستا تيبولو Giovanni Battista Tiepolo التي كان قد درسها في البندقية قبل العودة إلى باريس. وحين انتهت مرحلة دراسته عام 1759 سمح له بالبقاء في الأكاديمية إلى أن التقى الفنانُ الهاوي الميسورُ سان - نون Saint-Non الذي صار أحد مشجعيه الرئيسيين. وفي عام 1760 اصطحبه سان- نون في رحلة طويلة عبر إيطاليا درس في أثنائها اللوحات والآثار الإيطالية القديمة، ووضع مئات من مخططات الرسم المتعلقة بالمشهد المحلي.
بعد عودته إلى باريس عام 1761 عرض فراغونار في إحدى قاعات باريس عدداً من لوحات المناظر الطبيعية إضافة إلى لوحة «كوريسوس يضحي بنفسه لإنقاذ كاليروي» التي لاقت مديحاً مدويِّاً، وأُحضرت إلى الملك لويس الخامس عشر Louis XV، ومن ثم طلب من فراغونار رسم لوحة ملحقة بتلك اللوحة؛ مما كفل له محترَفاً في قصر اللوڤر، وقبوله عضواً في الأكاديمية (1767). وبعد أن صار عضواً في الأكاديمية توقف عن عرض أعماله، وبدأ يتردد في اختيار موضوعاته، فَحَارَ بين الموضوعات الدينية والكلاسية والموضوعات الأخرى إلى أن قرر النزول عند مطالب مشجعي الفن الأثرياء من بلاط لويس الخامس عشر، فاتجه إلى تصوير مشاهد الحب والشهوانية الحسية التي ارتبط اسمه وفنه بها، والتي لاقت قبولاً لافتاً لجمالها ورهافة ألوانها، وبراعة فرشاته ورشاقتها، ومن هذه الأعمال «عهد الحب» The Love Vow و«السقوط» The Tumble و«الأرجوحة» The Swing.
جان أونوريه فراغونار: «الأرجوحة» | جان أونوريه فراغونار: «القارئة» |
أما روائع فراغونار في تلك الحقبة فكانت سلسلة اللوحات الجدارية الكبيرة التي طُلب منه تنفيذها في عام 1770 لتزيين جناح مدام دو باري Mme du Barry في قصر لوفيسيين Louveciennes، وكانت أربع لوحات كبيرة عنوانها «رحلة الحبيب» The Progress of Lover، ولكن تلك اللوحات أعيدت له بسبب فقدان اهتمام العامة بأسلوب عصر الروكوكو وموضوعاته وتفضيلهم الكلاسية الحديثة Néo -Classicisme.
وافق فراغونار بعد مدة وجيزة من رفض مدام دو باري لوحاته على القيام برحلة ثانية إلى إيطاليا (1773-1774)، وفي تلك الرحلة ركز على تصوير المناظر الطبيعية الإيطالية. وفي طريق عودته إلى باريس وقع في حب مارغريت، شقيقة زوجته، التي كانت في الرابعة عشرة من عمرها، مما حدا بفراغونار إلى الاتجاه نحو موضوعات جديدة: مشاهد مستوحاة من الروايات الرومنسية مثل لوحة «الأسرة السعيدة» The Happy Family أو مشاهد تعنى بتربية الأطفال مثل لوحة «المعلمة» The Schoolmistress.
ومع أن فراغونار أمضى جزءاً من حياته العملية في عصر الكلاسية المحدثة فقد استمر في الرسم وفق أسلوب الروكوكو حتى سنوات قليلة قبل الثورة الفرنسية، ليتحول في النهاية إلى موضوعات الكلاسية الجديدة وأسلوبها، وحاول جاهداً تغليب أسلوبها السائد بتركيباته المستوية وسطوحه الناعمة، لكن مد التغيير كان صعباً شديد الوقع عليه فلم يستطع التأقلم معه. وبعد الثورة الفرنسية تسلم مناصب إدارية في اللوڤر، لكن مرسوم نابليون عام 1805 أبعد فراغونار وفنانين آخرين عن إقامتهم في اللوڤر، وبعد سنة توفي في ظروف غامضة مهملاً منسياً.
ترك فراغونار أعمالاً كثيرة منها: «ينبوع الحب» The Fountain of Love و«سيدة تنقش اسمها على شجرة» A Lady Carving her Name on a Tree و«الطفل ذو الشعر الأشقر» The Faired-haired Child و«كاهنة باخوس النائمة» The Sleeping Bacchante و«المستحمات» The Bathers و«ساعة الرعاة» The Shepherds Hour و«الإلهام» Inspiration.
فائق دحدوح